الذكاء الاصطناعي.. وبوصلة القيادة
(العربية)-31/07/2025
د. خالد رمضان
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هذا الأسبوع، عن خطة استراتيجية جديدة لتأمين صدارة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، واصفًا إياه بالمعركة المقدسة التي لا مجال فيها للتهاون أو الهزيمة أمام الصين عدوه اللدود.. الخطة، التي تحمل عنوان «الفوز بالسباق: خارطة طريق أميركا للذكاء الاصطناعي»، تمتد على 28 صفحة، وتضم أكثر من 90 توصية، مرتكزة على ثلاث ركائز أساسية: تبسيط اللوائح التنظيمية لتجنب اختناقات البيروقراطية، وتسريع إصدار التصاريح وتعزيز إمدادات الطاقة لمراكز البيانات وصناعة أشباه الموصلات، ودفع الدول الحليفة لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي الأميركية بدلاً من نظيرتها الصينية.
الخطة الترمبية، التي أثارت جدلاً واسعًا، تدعو إلى قطع التمويل الفيدرالي عن الولايات التي تفرض قيودًا «مرهقة» على الذكاء الاصطناعي، في محاولة لتحرير الابتكار من قبضة التنظيمات المحلية.. وهو مقترح يعيد إلى الأذهان محاولات جمهورية سابقة لم تكتمل، يهدف إلى توحيد المعايير عبر الولايات، والواقع، أن خطة ترامب لم تفاجئ الرأي العام الأميركي، فقد استندت إلى حوار مجتمعي موسع، بعدما تلقت الحكومة الفيدرالية أكثر من 10 آلاف تعليق ورأي، من الجمهور وقادة الصناعة، حول كيفية تعزيز الاستثمار في البنية التحتية والحوسبة فائقة السرعة.
لا يعني هذا أن الخطة بلا ثغرات، فقد انتقد البعض غياب رؤية واضحة لتعزيز الثقة بين المستخدمين، والمطورين، وصناع السياسات، مما أثار تساؤلات حول جدوى الخطة خارج الحدود الأميركية، وعلى سبيل المثال، يرى اليساريون، في الخطة مخاطر تتعلق بالتسرع في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي دون ضمانات كافية لحماية المستهلكين، وحقوق العمال، أو البيئة، ويحذر هؤلاء من أن أمرًا تنفيذيًا واحدًا قد يفتح الباب أمام إنشاء مراكز بيانات عملاقة تستهلك الطاقة دون رقابة بيئية أو مشاركة مجتمعية، في المقابل، يحتفي رواد الأعمال ومنظمات الصناعة التكنولوجية وخاصة في وادي السيلكون بهذه الخطوة «الجبارة»، معتبرين إياها التزامًا قويًا بتثبيت الريادة الأميركية في تقنية الذكاء الاصطناعي، التي يرونها محركًا لتحولات العصر المقبل.
إجمالاً، تعني الخطة الأميركية للفوز بمعركة الذكاء الاصطناعي، عدم فرض قوانين أو لوائح مُرهِقة، باعتبار أن القواعد العملية موجودة بالفعل، بالإضافة إلى اعتماد متطلبات مُصممة خصيصًا لحالات استخدام مُحددة للذكاء الاصطناعي، وعلينا أن نتوقع من الآن فصاعداً، لوائح تنظيمية مُبسطة تُحد من تكاليف الامتثال بالنسبة للشركات، بحيث لا تُستبعد الشركات المُصنعة الصغيرة والمتوسطة من هذه التقنية الفائقة، وعلاوة على ذلك، تعزز الخطة من الإسهامات الاقتصادية لعمالقة التكنولوجيا الكبرى، ومقدمي خدمات الأمن السيبراني، وشركات أشباه الموصلات والبنية التحتية للطاقة، وشركات التعليم والقوى العاملة التي تركز على الذكاء الاصطناعي، وباختصار، فإن خطة ترامب هي رهان على الابتكار السريع والقيادة العالمية، مع وعد بتقليص العوائق وتعزيز القدرات الاقتصادية. لكن السؤال يبقى: هل ستتمكن هذه الرؤية من تحقيق التوازن بين الطموح التكنولوجي وحماية المصالح العامة؟