الرئيس الأميركي القادم.. هل سيمنع احتمالية نزاعات جديدة تهز الاقتصاد العالمي في 2025؟
(العربية)-25/10/2024
*د. جمال عبدالرحمن العقاد
لم يبق على التصويت لاختيار الرئيس الأميركي القادم سوى أيام، والعالم في انتظاره لما للولايات المتحدة من دور هو الأهم والأكبر في توازن العالم الذي شهد الغرائب في ظل مواقف الإدارة الأميركية الحالية، ومع استمرار النزاع في أوكرانيا والشرق الأوسط، ربما يشهد العالم في عام 2025 (تظل احتمالات ولكن واردة) بداية توترات جيوسياسية جديدة في مناطق عدة وإلى اشتعال نزاعات قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
في منطقة آسيا والمحيط الهادئ – على سبيل المثال – نجد أن الخلافات الإقليمية تتصاعد بسبب النزاع السيادي في بحر الصين الجنوبي والشرقي بين الصين التي وسعت من تواجدها العسكري من جهة والفلبين وفيتنام الرافضتين لما يحصل، خاصة أنها مناطق غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، وأيضا بين الصين واليابان (بسبب جزر “سينكاكو” ومشاعر العداء التاريخية والقومية المتصاعدة)، وربما تتفاقم التوترات بين الصين وتايوان، وهذه الحالة يمكن لها أن تعطل سلاسل الإمداد العالمية، خاصة في الصناعات التكنولوجية مثل أشباه الموصلات، وتباعا سترتفع تكاليف الإنتاج، وزيادة التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وقريبا منها نجد احتمالية لزيادة التوترات بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، والمدفوعة بالقلق الحاصل من برنامج بيونغ يانغ النووي، وهذا قد يؤدي إلى نزاع إقليمي، وكنتيجة سيكون هناك تأثير على الأسواق المالية في آسيا، مع تعطيل للتجارة الإقليمية، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الأسواق العالمية كنتيجة لانخفاض الثقة وزيادة التقلبات.
أما في القارة السمراء، فإن منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا تتدافع فيها النزاعات الداخلية والإرهاب خاصة في نيجيريا، وإثيوبيا، والكونغو، مما سيؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وانخفاض الاستثمارات الخارجية فيها، وانخفاض الإنتاج الزراعي، واضطراب أسواق السلع الأساسية، خاصة المعادن والموارد الطبيعية.
حتى أميركا اللاتينية ليست في منأىً عن التوترات السياسية والاقتصادية التي قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية في دول مثل فنزويلا، والأرجنتين، والبرازيل، فأزماتها الاقتصادية في تصاعد وهذا يرفع من التوتر الاجتماعي والاضطرابات، مما قد يؤدي إلى ارتباكات في سوق الطاقة والغذاء، حيث أن هذه المنطقة مصدر مهم جدا للموارد الزراعية والنفطية.
التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي في 2025 – كنتيجة لما يمكن أن يحصل – ستنعكس في شكل المزيد من التقلبات في الأسواق المالية والذي سيفضي إلى تراجع في ثقة المستثمرين ومن ثمّ تباطؤ الاستثمارات، وأيضا سيشهد العالم ارتفاعا في أسعار السلع والطاقة بسبب تواجد النزاعات في مناطق الإنتاج الرئيسية التي قد تتعطل الإمدادات فيها، وهذا الارتفاع في الأسعار يعني زيادة في التضخم، وبكل تأكيد ستزداد النفقات العسكرية لهذه الدول وغيرها من الدول المتواجدة في نطاق هذه المناطق على حساب تنمية قطاعاتها الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، وهذا يعني مزيدا من ضغوط الديون العامة.
الاحتمالات التي يمكن لها أن تجعل 2025 سنة اقتصادية حرجة واردة، لأن مثل هذه النزاعات الجديدة ستزيد من التحديات العالمية وتعمق أزماتها القائمة، ولذلك فإن العالم ينتظر مجيء الرئيس الأميركي الجديد – الذي سيقدمه الناخب الأميركي للعالم في غضون أيام معدودة من الآن – بجدية، لأهمية دوره في نزع فتيل التوترات المحتملة.