الرياض عاصمة التأمين العالمي
(العربية)-10/12/2025
*طلال الحربي
أثبت مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (إن جيت)، الذي نظمته هيئة التأمين في الرياض مؤخرا، أنه أكثر من مجرد فعالية مهنية عابرة، بل كان محطة تاريخية تعكس التحول الجذري الذي يشهده قطاع التأمين في المملكة. تحت شعار “خطوة للمستقبل”، وبرعاية وزير المالية محمد الجدعان، تجمعت نخبة من الخبراء العالميين وصناع القرار، مما أسهم في نقل الخبرات الدولية ووضع أسلم لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
يأتي تنظيم هذا المؤتمر في إطار دعم التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع المالي والتأميني ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث يمثل المؤتمر منصة عالمية تجمع الجهات التنظيمية وشركات التأمين وإعادة التأمين والمستثمرين وخبراء التقنية والابتكار. يعكس هذا التوجه الالتزام الوطني لتسريع تطوير صناعة التأمين في المملكة، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي رائد في التأمين وإعادة التأمين، من خلال دعم الابتكار والاستدامة، وتوسيع الشراكات الاستثمارية، وبناء منظومة تأمينية متكاملة تواكب تطلعات المستقبل.
شكل المؤتمر فرصة فريدة لنقل الخبرات العالمية إلى السوق المحلية، حيث شارك أكثر من 100 متحدث دولي و150 جهة محلية ودولية، وناقشوا آفاق النمو المستدام وتعزيز التكامل بين الأسواق الإقليمية والعالمية، من خلال أكثر من 40 جلسة حوارية وورشة عمل متخصصة، تم تناول أحدث الممارسات العالمية في مجالات التنظيم الرقابي، والتحول الذكي في التأمين، والاستدامة البشرية والبيئية.. وتناولت محاور النقاش:
إعادة تصوّر التنظيم الرقابي لتعزيز الثقة كقيمة مالية عالمية جديدة.
التأمين كوجهة استثمارية واعدة من خلال تطوير أدوات التمويل الرأسمالي.
التحول الذكي في التأمين وإعادة ابتكار مستقبل الحماية عبر التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
محور “الإنسان والكوكب” الذي يركّز على الاستدامة البشرية والبيئية وتنمية رأس المال البشري.
وتكمن أهمية قطاع التأمين في كونه ركيزة أساسية للاستقرار المالي والاجتماعي، وقاطرة للنمو الاقتصادي. وقد عبر عبدالعزيز البوق، رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين، عن تفاؤله بمستقبل القطاع، مؤكداً توقع تضاعف حجم السوق وأقساط التأمين خلال السنوات الخمس المقبلة، مدعوماً بفرص النمو الكبيرة التي يتمتع بها القطاع.
وتدعم هذه التوقعات التقديرات التي تشير إلى أن إجمالي الأقساط المكتتبة في السوق السعودية سترتفع من 75.9 مليار ريال في 2024، إلى أكثر من 129 مليار ريال بحلول 2030، مدفوعة بعدة محركات اقتصادية وتنظيمية، أبرزها التوسع في التأمين الصحي الذي يستحوذ حالياً على 55 % من إجمالي الأقساط.
برزت القيادة الملهمة لمجلس إدارة هيئة التأمين، التي تقف وراء هذا النجاح الكبير. فقد أكد معالي عبدالعزيز البوق أن الهيئة تعمل على وضع نظام جديد للتأمين انتهت من مراجعاته الأولية، وهو نظام “يستشرف المستقبل ويواكب تطلعات النمو والتوسع في السوق”.. كما كشف عن تنفيذ الهيئة أكثر من 72 مبادرة لتنمية القطاع وجذب الاستثمارات، مؤكداً أن السوق المحلي واعد وجاذب للمستثمرين المحليين والدوليين، نظراً لحجم الفرص المتاحة في مختلف أنواع التأمين.
وتعمل هيئة التأمين على جذب رؤوس الأموال الدولية من خلال وضع تنظيم جديد لشركات التأمين مقيدة النشاط في السعودية، بهدف استقطاب استثمارات أجنبية في هذا المجال وتوطينه. ووفقاً لعبدالله طه، وكيل الهيئة للإستراتيجية وتطوير القطاع، فإن الهيئة تسعى إلى “وضع تنظيم واضح وجاذب يأخذ بعين الاعتبار أفضل الممارسات الدولية”، يتضمن متطلبات رأس المال والمتطلبات الأخرى ذات العلاقة، إلى جانب تبسيط إجراءات ومسارات الترخيص، ودراسة إمكانية تقديم حوافز لجذب الاستثمار.
كما تهدف إحدى المبادرات إلى تعزيز دمج المواهب الدولية ونقل المعرفة في قطاع التأمين، من خلال تسهيل توظيف الكفاءات الدولية من قبل شركات التأمين العالمية، وهو ما سيسهم في رفع مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسريع تطوير الكفاءات المحلية في المجالات المتخصصة، وتعزيز تنافسية سوق التأمين في المملكة.
يمثل مؤتمر (إن جيت) العالمي للتأمين نقطة تحول فارقة في مسيرة تطور قطاع التأمين السعودي، حيث يجسد نجاحه التميز التنظيمي والرؤية الاستشرافية للقيادة، ويسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي رائد في قطاع التأمين.. إن الدعم المتواصل من القيادة، والجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للهيئة والكوادر الوطنية، تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التطلعات المستقبلية ودفع عجلة النمو والازدهار في هذا القطاع الحيوي، بما يخدم أهداف رؤية المملكة الطموحة 2030.
