تغير المناخ والاقتصادات .. تأثيرات ومبادرات
(العربية)-11/12/2024
*صالح السلطان
ما شهده العالم عبر أكثر من قرن من تطورات صناعية وتقنية ليست بدون آثار غير مرغوبة. من أحدث الآثار أن العالم يمر بتغيرات مناخية سلبية، تتركز بزيادة تركز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وحدوث تغيرات سلبية في الغطاء النباتي الأرضي. طبعا لهذه التغيرات تكاليف وتأثيرات سلبية متنوعة في صحة الناس ونمو اقتصادات الدول بمختلف مستوياتها. يتطلب الحد من الأضرار الاقتصادية لتلك لتغيرات المناخية بالمنطقة العربية، يتطلب تبني مجموعة شاملة من السياسات والإستراتيجيات التي تستهدف التخفيف من آثار هذه التغيرات المناخية والتكيف معها.
على رأس السياسات والإستراتيجيات تعزيز التطوير والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وتشجيع استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، وإطلاق مبادرات لزيادة الغطاء الأخضر والبنية الزراعية قليلة الاعتماد على الموارد الضارة بالمناخ.
وقد أطلقت الحكومة السعودية مبادرة السعودية الخضاء عام 2021. وتبنى هذه المبادرة على تحقيق 3 أهداف: تقليل الانبعاثات الكربونية، والتوسع القوي في التشجير واستصلاح الأراضي، وحماية المناطق البرية والبحرية. وتحت مبادرة السعودية الخضراء تم إطلاق أكثر من 80 مبادرة متفرعة.
وقامت الدولة بتعيين وزير الدولة عادل الجبير مبعوثا لشؤون المناخ، وقامت بخطوات فعالة كثيرة لمواجهة التغير المناخي، والحفاظ على البيئة والتشجير وتحسين جودة الحياة. كان هذا موضوع حوار للجبير قبل أيام قليلة مع “اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”، أجراه الأخ محمد البيشي رئيس تحرير الاقتصادية، على هامش منتدى مبادرة “السعودية الخضراء”. بيّن الجبير أن السعودية من أكبر المستثمرين عالميا في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وفي موضوع التشجير، كما تعمل مع دول أخرى في دعمها في مواجهة هذه التغيرات المناخية.”
يشهد العالم توسعا في عدد السكان والاقتصاد، يرافقه ارتفاع في الطلب على الطاقة. وتبعا، يتطلب الأمر حسن تعامل مع التغيرات، وليس مباراة في رمي التهم على الدول وخاصة النفطية. مطلوب التغير التدريجي نحو الطاقة المتجددة، ومطلوب دعم بحوثها وتحسين البناء الصناعي القائم، وليس جعله فريسة للمشكلة.
تلك أمور نبه عليها عادل الجبير في الحوار: “إذا أردنا مواجهة التحديات فإنه يجب علينا التعاون والعمل بعقلانية والابتعاد عن الأمور السياسية، والعالم يواجه خطرًا كبيرًا”، مبينا أن السعودية من الدول الرائدة في التعامل مع هذه التحديات والداعمة للعمل الجماعي والعلمي.”
يعقد في الرياض هذه الأيام الدورة 16 لمؤتمر أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر، والمعروف اختصارا بكوب cop 16. ويُعد هذا المؤتمر، أكبر مؤتمر لكافة الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وتدهور الأراضي. وأعطت السعودية اهتماما بقيام رؤية مشتركة فيما يتعلق بأهمية التعامل مع موضوع التصحر، وتقليل ملموس من الأضرار على عناصر البيئة الخمسة؛ النبات، والحيوان، والماء، والهواء، والتربة، والخروج باتجاهات منطقية علمية مبنية على التعاون وليس توجيه الاتهامات ولوم الآخر.
إن اهتمام بلادنا بالبيئة والحفاظ عليها قديم، ويتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. وقد أكد نظام الحكم على مسؤولية الدولة عن المحافظة على البيئة والعناية بها وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث. وزاد الاهتمام في رؤية 2030.
توصلت دراسات في دول عديدة إلى أن توقع تراجع دخل الفرد في مختلف أنحاء العالم خلال الـ20 سنة المقبلة، بسبب مستوى الانبعاثات المستمرة التي تتسبب برفع درجة حرارة الكوكب، فتضررت الاقتصادات.
وقد أصدر قبل سنوات صندوق النقد العربي دراسة بعنوان “التغير المناخي والنمو الاقتصادي في العالم العربي”، تناولت الدراسة تأثير التغيرات المناخية في النمو الاقتصادي في عدد من الدول العربية.
أكدت دراسة الصندوق على أهمية تنفيذ مجموعة شاملة من السياسات والإستراتيجيات التي قد تساعد على التخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة. تشمل هذه السياسات تعزيز الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، والتوسع في إنشاء بنية تحتية لطاقة أكثر استدامة، وتشجيع استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، وإطلاق مبادرات لزيادة الغطاء الأخضر من خلال برامج التشجير وإعادة التشجير، إضافة إلى تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة التي تحافظ على المياه، وتحد من تآكل التربة، وتشجع الاستخدام المسؤول للأراضي.هذه الأمور تحت اهتمام الحكومة السعودية، وتشملها المبادرات.