ماذا ننتظر من “أوابك” بعد تغيير اسمها إلى المنظمة العربية للطاقة (AEO)؟
(العربية)-30/12/2024
*د. فيصل الفايق
منظمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول “أوابك” – (OAPEC) تأسست عام 1968 وتتألف من عشر دول عربية هي: المملكة العربية السعودية، الكويت، ليبيا، الجزائر، قطر، الإمارات، البحرين، العراق، مصر، سوريا – وبالتالي يوجد 6 أعضاء مشتركين مع “منظمة أوبك” (منظمة الدول المصدرة للبترول).
الاجتماع الوزاري الاخير رقم ال 113 للمنظمة المنعقد في شهر ديسمبر عام 2024 جاء بالموافقة على مقترح المملكة العربية السعودية الاستراتيجي بتغيير اسم “منظمة أوابك” إلى “المنظمة العربية للطاقة (AEO)” Arab Energy Organization، وبذلك جاء اسمها الجديد بطابع عالمي لمواكبة التحولات الإقليمية والدولية في قطاع الطاقة، وتعزيز التعاون المشترك بين الدول العربية الأعضاء في مواجهة التحديات المستقبلية.
إعادة الهيكلة وتعديل الاسم إلى “المنظمة العربية للطاقة” (AEO) من المفترض ان يُرجع الروح من جديد الى جسد المنظمة الاعلامي الميت سريرياً، وبذلك من المفترض أن تبدأ بلعب دور كبير في تشكيل مستقبل الطاقة العربي، وأن لاتكون مجرد منظمة لها تاريخ متعلق باسم له تاريخ فقط بدون جهود بحثية او اعلامية مؤثرة، او حتى تقارير او دراسات في الطاقة تعكس هذا الوجود التاريخي العريق.
التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع الطاقة الإقليمي والعالمي تفرض على المنظمة العربية للطاقة” (AEO) اعادة ترتيب أوراقها لتحتل مكانة في الإعلام الدولي في الطاقة والبدء في تغذية العالم بمستجدات وتطورات أسواق الطاقة بشكل دوري ووقتي بواقعية، بعيدا عن أخبار الطاقة النمطية المؤدلجة التي تأتي من مصادر اخبارية غير موثوقة يتصدر مشهدها وكالات الأنباء العالمية، مما سيفيد أيضا العالم بأن يُعيد النظر في منهجية تناول اخبار أسواق الطاقة بشكل واقعي ودوري بعيداً عن الأدلجة والتضليل الاعلامي لخدمة اجندات خفية او لمجرد فرقعات اعلامية ذات اهداف مادية بحتة، فكل الاقتصادات سواء الانتاجية او الاستهلاكية يحق لها ان تعرف حقائق الأمور لكي تعمل بشيء من الاستقرار مما ينتج عنه نمو اقتصادي حقيقي وصلب بعيدا عن حالة عدم اليقين التي تُخيم على أسواق الطاقة.
تستطيع المنظمة العربية للطاقة” (AEO) مواجهة اعلام الطاقة العالمي المتهجّم والمتهكم، وأمامها فرصة كبيرة بعد إعادة هيكلتها في وقت سئم العالم من تضارب وتناقض المتناولين لمعلومات وبيانات الطاقة، وهذه الفرصة قد لا تتكرر خاصة انها تُعطي المنظمة الريادة بعيداً عن هيمنة وكالات الأنباء العالمية وبذلك تكون هي المرجع الموثوق الأول (المصدر) الذي تنتج عنه الاخبار وتحليلات وتوقعات الطاقة.
فبعد أن استثمر مُشيطني النفط بشكل مكثف في وسائل الإعلام بأشكالها المتنوعة لتوجيه الرأي العام والمؤثرين لتشويه صورة الصناعة النفطية، تستطيع “المنظمة العربية للطاقة” أن تقلب السحر على الساحر، لذلك لم يعد مقبولاً تموضع الموت السريري الاعلامي للمنظمة، وقد حان الوقت لبناء ذراع اعلامي قوي بعد تأهيله احترافياً ومهنياً لكي يتواجد في موضع متقدم نحو اختراق صفوف الجهة المقابلة التي لطالما هاجمت ومازالت تهاجم النفط ومنتجيه بلا رحمة، ليس حرباً على النفط بقدر حربها لمصالح المستهلكين واقتصاداتهم.
بعد تغيير الاسم وإعادة الهيكلة، من المفترض أن تُقدم “المنظمة العربية للطاقة” (AEO) دراسات للطاقة تُفنّد توقعات حاجات مزيج قطاع الطاقة والمواصلات في ظل المتغيرات الديموغرافية والنمو الاقتصادي، لأن المواجهة مطلوبة لشرح ان سرعة الانتقال الغير مدروس في قطاع الطاقة ستؤدي الى انهيار اقتصادات الدول المستهلكة للنفط قبل الدول المنتجة، حيث لم يعد من المقبول بقاء المنظمة في موقف المُتلقي، حيث حان الوقت للإنطلاق باستباقية اعلامية تقطع الطريق على أصحاب الأجندات المناهضة للنفط في تمرير مغالطات وأكاذيب لخدمة اجنداتهم دون أي اعتبار لمستقبل الاقتصادات ورفاهية المجتمعات وحاجتهم المستمرة للنفط، وقد رأينا كيف تأثرت مشاريع صناعة المنبع بعد المحاربة المستمرة على النفط نتيجة لمحتوى الإعلام النفطي العالمي المُغالط والمتناقض، بينما العالم سيواجه نقص امدادات كارثي على المدى البعيد نتيجة لاطروحات الإعلام النفطي العالمي المغالطة، والتي رأيناها تغض الطرف عن تناقضات “وكالة الطاقة الدولية” الصارخة والتي استخدمتها كثيرا لتمرير الكثير من اجنداتها في الهجوم على النفط.
ننتظر من “المنظمة العربية للطاقة” (AEO) تقديم دراسات يعتمد عليها صانعي القرار بقطاع الطاقة، وبالتالي مساعدة صانعي سياسات الطاقة على اتخاد القرارات الرشيدة، وأن تكون صاحبة ريادة وسبق في مجالها، من خلال طرق غير تقليدية تعكس فكر يتلاءم مع مكانة الدول العربية الأعضاء في قطاع الطاقة وان تكون منصة لنقل الأفكار والمفاهيم البنّاءة الجديدة في مجال خفض الانبعاثات الكربونية، وتحويلها إلى سياسات إنمائية سليمة بدلا من كونها مجرد سياسات لمحاربة الدول المُصدرة للنفط.
دراسات الطاقة المؤثرة من “المنظمة العربية للطاقة” (AEO) ضرورة إستراتيجية فليس من المنطق ان نكون مُجرّد ناقلين لمعلومات وتحاليل وتوقعات الطاقة وليس صانعين لها، بل ليس من المنطق أن لانستفيد من مكانتنا وامتلاكنا لمراكز كبيرة للطاقة كمراكز تأثير عربية في الرأي العام العالمي للطاقة.