ما المفهوم الأوسع لعلم الاقتصاد ؟
(العربية)-03/06/2024
*ويندي كارلين
عندما تطلب من أفراد جمهور ما أن يمثلوا علم الاقتصاد بأيديهم أو أذرعهم، يعرض أغلبيتهم تقاطع منحنى العرض مع منحنى الطلب. وإذا سألتهم عن الكلمة التي تتبادر إلى أذهانهم عندما يسمعون كلمة “علم الاقتصاد”، فإنها غالبا ما تكون كلمة “المال”، والصورة المرتبطة بها هي رجل أبيض يرتدي بدلة ويشير إلى لوحة جدولية أو إلى شاشة تعرض أسعار الأسهم. ويمكن تلخيص التصور العام للنماذج الاقتصادية التقليدية في أن “علم اقتصاد يدور بشكل أساسي حول أسواق تعمل بشكل جيد”، وهو ما يتسق مع الطريقة التقليدية لتدريس مبادئ الاقتصاد.
وليس ذلك سوى تمثيل محدود لما يفعله الاقتصاديون، وإذا كان هذا هو رأيك، فإنك تتوقع أن علم الاقتصاد ليس لديه كثير ليسهم به في معالجة أي جائحة أو مواجهة أزمة المناخ.
توسع النظرة تجاه علم الاقتصاد تعكس صلته بالمشكلات الرئيسة في الحياة الواقعية التي تتجاوز كثيرا انشغال خبراء الاقتصاد التقليدي بالكفاءة.
ومع ذلك، فإن التطورات التي طرأت على النظرية الاقتصادية، والأدوات التجريبية، وتوافر البيانات على مدى عقود عدة مضت جذبت انتباه الاقتصاديين بعيدا عن المناقشات المحدودة حول ما إذا كان ينبغي للحكومات أن تتدخل بشكل أكبر أو أقل لمعالجة الأسواق ضعيفة الأداء. وقد فتحت الأدوات الجديدة حيزا جديدا لعلم الاقتصاد. لنفكر في المنهج التقليدي على أنه خط توجد الدولة عند أحد طرفيه والسوق عند الطرف الآخر. ويمكن تمثيل الاختلافات بين الاقتصاديين بموقعهم على امتداد ذلك الطيف الممتد بين “الدولة”، حيث تكون الإجراءات مدفوعة بالحاجة إلى الانصياع للوائح الحكومية وحيث تخصص السلع والخدمات بموجب القرارات الملزمة قانونا أو المنافسة الانتخابية، و”السوق”، حيث توجه الحوافز المادية السلوك، ويتم تخصيص الموارد من خلال المنافسة.
وتوسع النظرة تجاه علم الاقتصاد تعكس صلته بالمشكلات الرئيسة في الحياة الواقعية التي تنطوي على تفاعلات غير سوقية وتتجاوز كثيرا انشغال خبراء الاقتصاد التقليدي بالكفاءة. الأكثر مراعاة للبيئة أن تكمل تدابير كل من الدولة والسوق.
بمجرد أن يشمل علم الاقتصاد سلوكا أكثر تعقيدا من سلوك الإنسان الاقتصادي ويغطي دراسة المؤسسات، التي تعرف بأنها قواعد اللعبة التي تحدد من يفعل ماذا ومن يحصل على ماذا، لا يمكن تجاهل إسهامات علم النفس وعلم الأحياء التطوري وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والتاريخ. وقد استند خبراء الاقتصاد السلوكي في أفكارهم إلى علماء النفس الاجتماعي وعلماء الأحياء التطورية وطوروا أساليب تجريبية في المختبر والميدان.
وفي إطار هذا المفهوم الأوسع لعلم الاقتصاد، يستطيع الاقتصاديون أن يستفيدوا من قوتهم التقليدية في اختبار الفرضيات بدقة مستخدمين آليات أكثر تطورا وبيانات أفضل. ويمكنهم أن يسهموا بنماذج تختبر حدسنا وتصقله مع دراسة تأثيرات التوازن العام (التي غالبا ما تكون غير مقصودة) الناجمة عن تدخلات السياسات حسنة النية.
ليس من واجبنا أن نقول ما هو عادل، ولكن يمكننا أن نزود طلابنا بأدوات تحليلية للربط بين دراستهم المتعلقة بكيفية عمل العالم والمبادئ المعيارية. ويأتي كثير من الطلاب لدراسة علم الاقتصاد راغبين في الحصول على هذه المعرفة. غير أنه غالبا ما يقال لهم إن الأسئلة المعيارية تخرج عن نطاق علم الاقتصاد، ويؤدي ذلك إلى التركيز على تقييم النتائج والسياسات الاقتصادية من حيث الكفاءة فقط، والتركيز في كثير من الأحيان على تحسين معيار باريتو المحدود للغاية.
وهناك أيضا مشكلات اقتصادية -مثل أزمات الإسكان والأسواق المالية، ونقاط التحول البيئي، وديناميكيات اعتماد التكنولوجيات الجديدة مثل السيارات الكهربائية- تتطلب من الطلاب التفكير على أساس نماذج تشمل عدم استقرار وتوازنات متعددة. ويعلمنا هذا التنوع درسا أوسع بشأن كيف يمكن الاستفادة من النماذج الاقتصادية في تسليط الضوء على أنواع مختلفة من المشكلات المعقدة.