وقفة سعودية اقتصادية لنهضة سورية
(العربية)-31/10/2025
*محمد البيشي
لاشك أن منح سورية هذا الزخم في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام وإدراج جلسة رئيسية خاصة للرئيس السوري أحمد الشرع ضمن أعمال المنتدى هو امتداد لمبادرات السعودية الداعمة لتعافي الاقتصاد السوري، والتي شملت دعم الرواتب، والإسهام في سداد متأخرات سورية لدى مجموعة البنك الدولي، البالغة نحو 15 مليون دولار، وكذلك الدعم المقدم من السعودية لقطاع الطاقة السوري، البالغ مليونا و650 ألف برميل من النفط الخام لسورية.
وكان سبق ذلك كما نتذكر جهوداً دبلوماسية سعودية منذ اليوم الأول لسقوط النظام السابق لدعوة الأطراف الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سورية، وتكللت جهودها بإعلان الرئيس الأميركي ومن الرياض أيضا برفع العقوبات الأميركية المفروضة على سورية، تلبيةً لطلب الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
الحقيقة أن مشاركة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في جلسة الرئيس السوري يؤكد رغبة القيادة في السعودية بدعم تنمية الاقتصاد السوري، ودعم المبادرات الرامية لمساندة حكومة الشرع والشعب السوري.
قال الشرع خلال الجلسة: إن الشركات السعودية تعمل اليوم في سورية وهناك استثمارات متدفقة من السعودية تجاوزت 7 مليارات دولار حتى الآن، مؤكدا أيضا “أن سورية لا تريد أن تكون عبئا على أحد أو مدمنة على المعونات” وهذا نهج مميز لإعادة إعمار سورية وإعادة دمجها في الاقتصاد العالمي بطريقة صحية.
عنوان الجلسة لوحده محفز وينم عن اختيار ذكي “آفاق سورية الجديدة.. هل تكون سورية نموذجا للتعاون الدولي؟ .. التعاون الدولي من خلال الاستثمار في إعادة إعمار سورية التي تحتاج إلى بنية تحتية جديدة في كل المجالات الإسكان والاتصالات والدفاع والأمن والتعليم والصحة، وهي فرصة جاذبة لكبار المستثمرين في العالم متى ما تحقق الاستقرار السياسي المطلوب وهو مايسعى إليه الرئيس السوري منذ اليوم الاول.
لقد تحدث الرئيس السوري بإعجاب عن الرؤية السعودية وأكد أنها رؤية طموحة ويمتد أثرها في المنطقة ككل، مشيرا إلى أن سورية تريد الاستفادة من هذا النموذج ولا تريد إن يعاد إعمار سورية من خلال التبرعات والمعونات.
يمتلك الاقتصاد السوري مقومات متعددة ومتنوعة، وتشمل: العوامل الطبيعية والبشرية والموارد المتاحة، وهي الأسس التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد لتحقيق النمو والتنمية. أبرزها الزراعة حيث تتمتع سورية بتربة خصبة ومناخ متنوع، إلى جانب الثروات المعدنية مثل الفوسفات، والملح، والحديد، والرصاص، والزئبق.
ويتميز الاقتصاد السوري بتوافر قوة عاملة كبيرة ومتنوعة في كافة القطاعات، تتراوح بين الفلاحين، والعمال في الصناعة، والخدمات، مع وجود نسبة من الأيدي العاملة الماهرة المدربة.
الموقع الجغرافي المميز الذي تحدث عنه الرئيس الشرع بإسهاب خلال الجلسة، تقع سورية في قلب الشرق الأوسط، وتتمتع بموقع إستراتيجي على طرق التجارة بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، ما يسهم في حركة التجارة والنقل، وهناك أيضا قطاع صناعي جيد في سورية ناهيك عن وجود النفط والغاز الطبيعي، رغم أن الإنتاج تأثر بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إلا أنه يمكن إعادة تأهليه واليوم تعمل شركات سعودية مع شركات طاقة سورية لهذا الغرض.
السياحة أيضا عنصر مهم في الاقتصاد السوري، ويمكن أن تحقق إيرادات جيدة لها في المستقبل لما تتمتع به من آثار تاريخيّة ومواقع جذب سياحية متعددة.
رغم وجود كل هذه المقومات، إلا أن الأزمة السورية المستمرة منذ 2011 أدت إلى تدهور كبير في البنى التحتية، وانخفاض الإنتاج، وتدمير الكثير من الموارد، وتأثيرات سلبية في القطاعين الزراعي والصناعي، ما يتطلب جهدا كبيرا لإعادتها إلى خارطة الإنتاجية.

 
  
  
 