(القبس)-29/05/2025
قد تشهد منطقة الخليج تسارعاً في وتيرة اندماجات البنوك، إذا ما استمرت أسعار النفط المنخفضة في زيادة الضغوط التنافسية، بحسب ما أفادت به وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية.
وأوضحت الوكالة أن استمرار انخفاض أسعار النفط، وتراجع الطلب العالمي، قد يؤديان إلى ضغوط على بيئات عمل البنوك الخليجية، مما قد ينعكس سلباً على ربحيتها، ويدفعها نحو الاندماج كمحاولة لتنويع مصادر الدخل وتوسيع قاعدة العمليات. وتعد البنوك الصغيرة الأكثر عرضة لأن تصبح أهدافاً محتملة لعمليات الاستحواذ، نظراً لضعف انتشارها في السوق وارتفاع تكاليف تمويلها وقلة احتياطياتها الرأسمالية.
وأشارت «فيتش» إلى أن معظم قطاعات البنوك في الخليج تعاني من ظاهرة «التخمة المصرفية»، حيث يوجد عدد كبير من البنوك مقارنة بحجم السكان. ويبلغ عدد البنوك العاملة في دول الخليج أكثر من 150 بنكاً، منها 75 بنكاً تجارياً محلياً. ورغم أن العديد من هذه البنوك تشترك في المساهمين انفسهم، مما قد يسهل بعض عمليات الاندماج، فإن الكثير من هؤلاء المساهمين لا يمتلكون حصصًا كبيرة بما يكفي للتأثير الفعّال.
البحرين في الصدارة
وكشفت «فيتش» أن البحرين تعد السوق الأكثر عرضة للاندماجات، بسبب كثافة عدد البنوك وضعف الربحية والتوقعات المستقبلية للنمو في قطاعها المصرفي. ورغم دعم السلطات البحرينية لفكرة الاندماج، فإن قلة البنوك التي تمتلك مساهمين مشتركين قد يعيق تنفيذ مثل هذه الصفقات.
وأضافت: «أما في الكويت وعُمان، فإن القطاع المصرفي يعاني من مستويات ربحية متواضعة أيضاً، إلا أن الضغوط نحو الاندماج في الكويت قد تتراجع في حال أسفرت الإصلاحات الاقتصادية عن تحسين النمو وزيادة الأرباح، فيما قد يشهد القطاع المصرفي في عُمان توسعاً نتيجة لانخفاض نسبة أصوله إلى الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بباقي دول الخليج».
وفي الإمارات، قد تجد بعض البنوك الصغيرة، التي تعاني من ضعف في قدرتها التنافسية والعائدات، نفسها مضطرة إلى اللجوء للاندماج كخيار إستراتيجي لضمان الاستمرارية، خاصة إذا استمرت ضغوط الربحية على المدى الطويل. ومع ذلك، قد تؤدي توقعات النمو القوية إلى تقليل الحاجة العاجلة لمثل هذه الخطوة في المدى القصير.
اندماجات أقل ترجيحاً
على الجانب الآخر، أكدت الوكالة أن احتمالات الاندماج تبدو أقل حدة في قطر والسعودية. ورغم العدد الكبير للبنوك في قطر مقارنة بعدد السكان، فإن ربحية القطاع لا تزال قوية، مما يقلل الحاجة للاندماجات بهدف تنويع الإيرادات. أما السعودية، فهي السوق الخليجي الوحيد الذي لا يمكن وصفه بأنه «مكتظ مصرفياً»، بفضل عدد سكانها الكبير، وانخفاض نسبة أصول القطاع المصرفي إلى الناتج المحلي، إلى جانب آفاق النمو القوية.
وتابعت: «قد تمحورت صفقات الدمج والاستحواذ في قطاع البنوك الخليجي خلال السنوات الأخيرة حول تعزيز قيمة المساهمين، من خلال تقوية المواقع السوقية وتحقيق وفورات الحجم، مما أدى إلى ظهور كيانات مصرفية ضخمة مثل (بنك أبوظبي الأول) و(البنك الأهلي السعودي). وتُعد صفقة اندماج (بيت التمويل الكويتي) مع (بنك الأهلي المتحد) البحريني مثالاً على هذا التوجه نحو تأسيس كيانات مصرفية إسلامية إقليمية كبرى».
صفقات عابرة للحدود
ورغم أن معظم صفقات الاندماج كانت حتى الآن محلية، فإن «فيتش» تتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تزايداً تدريجياً في صفقات الاندماج العابرة للحدود داخل المنطقة، كما حدث في استحواذ «بيت التمويل الكويتي» على «الأهلي المتحد». كما أبدت بعض البنوك الخليجية اهتماماً بالتوسع خارج المنطقة، رغم المخاطر الإضافية المرتبطة بالدخول إلى أسواق ذات ظروف اقتصادية كلية متقلبة، مثل تركيا ومصر.
الدافع الرقمي وموجة الاندماج المقبلة
تتوقع «فيتش» أن يكون التحول الرقمي والمنافسون الجدد في مجال الخدمات المصرفية الرقمية محركاً مهماً لموجة جديدة من الاندماجات، مع سعي البنوك إلى الدخول في شراكات تكنولوجية لتعزيز تنافسيتها. كما أن توسع مفهوم «البنوك المفتوحة» من شأنه أن يساهم في رسم إستراتيجيات اندماجية جديدة، تشمل تحالفات بين شركات التكنولوجيا والاتصالات والمؤسسات المالية.
كما أن البنوك الإسلامية باتت لاعباً فاعلاً في موجة الاندماجات، كما حدث في استحواذ «بنك دبي الإسلامي» على «بنك نور». وتشير الإستراتيجية الوطنية الطموحة للإمارات في قطاع التمويل الإسلامي إلى إمكانية مزيد من هذه العمليات في المستقبل. وقد استحوذت بنوك، مثل «الإمارات دبي الوطني» و«بنك أبوظبي التجاري»، على وحدات إسلامية محلية لدعم نمو التمويل والودائع. وفي سلطنة عمان، أتم «البنك عمان العربي» صفقات استحواذ على بنوك إسلامية، أو يسعى إلى ذلك، ضمن مساعيه لتعزيز مكانته السوقية.