البنك الدولي يوافق على تقديم تمويل قيمته 600 مليون دولار
لتمويل برنامجين يرومان دعم أداء القطاع العام
وتحسين الخدمات العامة وشموليتها في المغرب
وافق البنك الدولي على تقديم تمويل قيمته 600 مليون دولار لتمويل برنامجين يرومان دعم أداء القطاع العام وتحسين الخدمات العامة وشموليتها في المغرب. وحسب بيان صدر في واشنطن، يهدف المشروع الأول، الذي يدعم تنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية في المغرب بقيمة 350 مليون دولار، إلى تحسين الحكامة وإعادة الهيكلة والحياد التنافسي ومراقبة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية.
وأضاف المصدر ذاته أن التمويل الإضافي لبرنامج «النجاعة» (250 مليون دولار) سيواصل دعم جهود الحكومة المغربية لتعزيز الأداء والشفافية، مع التركيز على تحديث الإدارة العمومية، ولا سيما من خلال الرقمنة والإصلاحات في إدارة المالية العامة.
وأورد البيان نقلاً عن جيسكو هنتشل، المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا في البنك الدولي، أن «الهدف النهائي لهذين المشروعين هو تعزيز أداء القطاع العام، ورفع جودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين المغاربة، وهذا يتماشى مع النموذج الجديد للتنمية في المغرب».
وسيدعم البنك الدولي الحكومة المغربية في المراحل الأولية، وتنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، من خلال التركيز على النتائج، وتعزيز قدرات تنفيذ الإصلاح لدى الوكالتين التنفيذيتين: وزارة الاقتصاد والمالية، لا سيما مديرية المنشآت العامة والخصخصة، والوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة، وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية المنشأة حديثاً، وتشجيع التنسيق.
وأضاف جيسكو هنتشل أن «إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، يحتل أولوية قصوى في جدول أعمال المغرب، كما أبرز ذلك مجلس الوزراء الأخير الذي ترأسه الملك محمد السادس مؤخراً. وإنطلاقاً من رؤية مغرب مزدهر، فإن الهدف هو إعادة تشكيل المحفظة العامة وتحسين أدائها وإجراء إصلاحات لضمان تقديم خدمات عامة عالية الجودة ومتاحة للساكنة».
وفي ما يتعلق بأداء القطاع العام، وبعد عامين تقريباً من التنفيذ، أظهر برنامج النجاعة الأولي نتائج بالفعل، بما في ذلك زيادة نحو 7 % في الإيرادات الضريبية الإضافية من خلال تحسين الإمتثال على المستوى الوطني، وزيادة بنسبة 22 % في الإيرادات التي تحصلها أكبر 10 بلديات على المستوى المحلي.
وحسب البنك الدولي، فإن هذا التمويل الإضافي لبرنامج النجاعة، سيُعطي الأولوية لتحسين كفاءة الإنفاق العام وإدارة الإيرادات، بما في ذلك زيادة شفافية الميزانية للمواطنين حيال الإنفاق العام.
وسُيمكّن المشروع أيضاً من اعتماد ميزانيات مراعية للمناخ، وهي الأولى من نوعها في المغرب، وإعداد ميزانيات تراعي الفوارق بين الجنسين لثماني إدارات وزارية في نهاية المشروع في العام 2028.
تقوم المصارف والحكومات بدور كبير في سوق الإسكان، وهناك جهود مكثّفة على المستوى العالمي لمعالجة أزمات الإسكان ولضمان حصول الجميع على مكان آمن للعيش فيه. ويساهم الإسكان المستدام في توفير صحة ونوعية حياة أفضل للسكان. كما وأن التصميم المستدام يعود بالفائدة للسكان والعالم، علماً أن الجهود التعاونية بين المصارف والحكومات والمجتمعات ضرورية لحل أزمات الإسكان.
يساهم تمويل الإسكان المستدام في حماية البيئة والقدرة على تحمل التكاليف ورفاهية المجتمع. كما وأن الشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص تتطلب إتفاقيات واضحة وشفافية ومواءمة الأهداف للمساهمة في تعزيز ديناميكيات سوق الإسكان.
ونعرض في هذا المقال، أحدث الإتجاهات في سوق الإسكان في العام 2024، وتقديرات أسعار المساكن المتوسطة في العام 2024، ودور المصارف في سوق الإسكان وفي حل أزمات الإسكان وتمويل الإسكان المستدام، وسياسات الإسكان، والتدخل الحكومي لحل أزمات الإسكان، وإستدامة الإسكان، وتصميم المنازل المستدامة المبتكرة، ونختتم بالتوقعات المستقبلية لسوق الإسكان في العام 2024، والنصائح لأخذ التدابير المناسبة لشراء المنازل، وأهمية دور الشراكات بين المصارف والحكومات وبين القطاعين العام والخاص لدعم سوق الإسكان وتطويره وإستدامته.
سوق الإسكان في العام 2024
شهدت ديناميكيات سوق الإسكان تطورات مختلفة في العام 2024، مدفوعة بالتضخُّم وإرتفاع أسعار الفائدة والهجرة وعدم الإستقرار الجيوسياسي. ومن أهم التطورات الرئيسية في سوق الإسكان في العام 2024 التالي:
أسعار المساكن ومعدلات الرهن العقاري: إرتفعت أسعار المساكن على أساس سنوي في العام 2024 في معظم الدول في العالم. ويتوقع العديد من الخبراء أن تستمر الأسعار في الإرتفاع طوال العام. كما إرتفعت أسعار الرهن العقاري، مما أثّر على قدرة المشترين على تحمل التكاليف. ومع ذلك، تزدهر مبيعات المساكن المبنية حديثاً، في حين تشهد مبيعات المساكن القديمة ركوداً. وتختلف تقلبات الأسعار في جميع أنحاء العالم، اعتماداً على العرض في السوق المحلية.
ديناميكيات السوق: إن إنتعاش سوق الإسكان يحدث عندما يزيد عدد المساكن المعروضة للبيع بشكل كبير، وهذا من شأنه أن يخفف الضغط التصاعدي على الأسعار، كما وأن خفض أسعار الرهن العقاري يعود بالفائدة على سوق الاسكان.
تنظيم الإسكان: وضعت الولايات المتحدة في أبريل/ نيسان 2024 تشريعات جديدة لعمولة سماسرة العقارات تنص على قواعد جديدة وتدخل تغييرات كبيرة في نموذج الشراء والبيع في سوق الإسكان.
التوقعات طويلة الأجل: يُواجه سوق الإسكان في مختلف البلدان تحديات لها تأثير كبير على ديناميكيات السوق واتجاهات الإسكان.
أسعار المنازل
تشير إحصاءات فوربس Forbes الى أن متوسط سعر المنازل المبنية حديثاً في الولايات المتحدة في مارس/ آذار 2024 تبلغ 430.700 دولار مقارنة مع 438.900 دولار في العام 2023.
دور المصارف في سوق الإسكان
تلعب المصارف دوراً حاسماً في سوق الإسكان، حيث تقدم المصارف قروض الرهن العقاري لمشتري المنازل، مما يسمح لهم بشراء العقارات. هذه القروض مضمونة بالعقار نفسه. وتقوم المصارف بتقييم الجدارة الإئتمانية للمقترضين ودخلهم وعوامل أخرى تحدد الأهلية وأسعار الفائدة. وتساهم المصارف في سيولة السوق من خلال تقديم قروض الإسكان. وتدعم هذه السيولة معاملات العقارات. وتجمع المصارف الأموال من خلال الودائع والسندات والأدوات المالية الأخرى التي تفرضها بعد ذلك على مشتري المنازل. تدير المصارف أيضاً المخاطر المرتبطة بقروض الإسكان، حيث تقوم بتقييم قدرة المقترضين على السداد وتحديد الشروط المناسبة، كما وتراقب ظروف السوق وتعدل ممارسات الإقراض وفقاً لذلك. تشارك المصارف في سوق الرهن العقاري الثانوي من خلال بيع الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، مما يسمح لها بتحرير رأس المال للإقراض الإضافي، بينما يحتفظ المستثمرون بالأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
تحدد البنوك المركزية أسعار الفائدة، مما يؤثر على أسعار الرهن العقاري وتعدّل المصارف أسعار الإقراض وفقاً لذلك. وتؤثر التغيُّرات في السياسة النقدية على القدرة على تحمل تكاليف الإسكان والطلب عليه. عندما يتخلّف المقترضون عن السداد، تقوم المصارف بعمليات الحجز، وقد تبيع العقارات المتعثرة لتعويض الخسائر، وبذلك تؤثر نشاطات المصارف على العرض والتسعير في سوق الاسكان.
سياسات الإسكان
تؤثر سياسات الحكومة بشكل كبير على سوق الإسكان، وتسنّ الحكومات القوانين واللوائح لضمان الممارسات العادلة وحماية المستهلك والإستقرار. وتشرف الهيئات التنظيمية على الإقراض العقاري ومعاملات الملكية ووكلاء العقارات، وقد تقدم الحكومات إعانات أو حوافز ضريبية لتشجيع امتلاك المساكن.
وتهدف برامج الإسكان الميسور إلى مساعدة الأفراد والأسر ذات الدخل المنخفض، وتحدد البنوك المركزية أسعار الفائدة، مما يؤثر على أسعار الرهن العقاري. وتشجع أسعار الفائدة المنخفضة الإقتراض وتحفز الطلب على الإسكان.
تنظم الحكومات إستخدام الأراضي من خلال قوانين تقسيم المناطق. ويؤثر تقسيم المناطق على تطوير الممتلكات والكثافة وطبيعة الاحياء السكنية، ويُمكن للسياسات أن تؤثر على العرض السكني من خلال تشجيع البناء أو الحفاظ عليه.
المواد والبناء: يستخدم الإسكان المستدام مواد صديقة للبيئة، مثل المنتجات المعاد تدويرها أو التي يتم الحصول عليها محلياً، وتركز ممارسات البناء المستدام على تقليل النفايات والتلوث.
خلال الأزمات الاقتصادية، قد تتدخل الحكومات لتثبيت استقرار سوق الإسكان، وتشمل التدابير منع الحجز العقاري، وضوابط الإيجار، ومساعدة الإسكان. وتختلف السياسات الحكومية باختلاف الدول والمناطق، ويمكن أن يكون تأثيرها على سوق الإسكان متعدد الأوجه.
أزمة الإسكان العالمية والتدخل الحكومي
تلعب التدخلات الحكومية دوراً حيوياً في معالجة أزمات الإسكان، وتتطلّب التدخلات الحكومية الناجحة في سوق الإسكان اتباع نهج متعدد الأوجه، يأخذ في الإعتبار الإغاثة القصيرة الأجل والحلول الطويلة الأجل.
إن أزمة الإسكان العالمية تشكل قضية ملحَّة تؤثر على ملايين البشر، وتشير التقديرات العالمية إلى أن نحو 3 مليارات شخص سيحتاجون إلى الحصول على سكن ملائم في حلول العام 2030. وفي حلول العام 2025، قد تؤثر الأزمة على 1.6 مليار شخص في جميع أنحاء العالم. ويساهم نقص الأراضي والقروض والعمالة والمواد في أزمات الإسكان. منذ الأزمة المالية في العام 2008، أدّت عوامل مثل ندرة الأراضي، وتقليص الإقراض، ونقص العمالة، والقيود المادية إلى إرتفاع تكاليف الاسكان. وقد أدت أسعار الفائدة المنخفضة في السابق إلى تحفيز الطلب على الاسكان مما جعله أقل تكلفة. وأدى الإغلاق خلال جائحة كوفيد-19 إلى زيادة الطلب على مساكن أكثر اتساعاً. وعلى مستوى العالم، إرتفعت أسعار المساكن بأسرع معدل لها منذ أربعين عاماً بسبب إختلال التوازن بين العرض والطلب. كما إرتفعت الإيجارات لمختلف أنواع المساكن بشكل ملحوظ في مناطق مثل أوروبا وآسيا. وأصبحت تكاليف السكن باهظة الثمن في العديد من المدن، حيث تتجاوز تكاليف الإسكان متوسط الدخل للأفراد.
يُمكن إتخاذ تدابير مختلفة لمعالجة أزمات السكن، ومنها:
زيادة العرض من المساكن من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص وإتباع طرق البناء المبتكرة.
وضع سياسات جديدة لجعل السكن أكثر سهولة في الوصول إليه، مثل الإعانات، والحوافز الضريبية، وإصلاحات تقسيم المناطق.
بناء مساكن مقاومة للتغيُّرات المناخية ومعالجة آثار تغيُّر المناخ من خلال تحفيز البناء المستدام.
السكن المستدام
إن بناء السكن المستدام يلتزم بمبادئ البناء الأخضر، بهدف تقليل التأثير البيئي الناجم عن المنازل التقليدية، وتشمل الجوانب الرئيسية للسكن المستدام التالي:
كفاءة الطاقة: تعمل التصميمات والتقنيات الموفرة للطاقة على تقليل إستهلاك الطاقة، وتساهم مصادر الطاقة المتجددة في تحقيق الإستدامة.
المواد والبناء: إن بناء السكن المستدام يستخدم مواد صديقة للبيئة، مثل المنتجات المعاد تدويرها والمنتجات التي يتم الحصول عليها محلياً. وتركز ممارسات البناء المستدام على تقليل النفايات والتلوث.
الحفاظ على المياه: تعمل التركيبات المنخفضة التدفق، وتجميع مياه الأمطار، وأنظمة الري الفعّالة على تقليل إستخدام المياه. كما تعمل المناظر الطبيعية المستدامة على تعزيز الحفاظ على المياه.
جودة الهواء الداخلي: تعمل التهوية المناسبة والدهانات غير السامة والمواد الطبيعية على تحسين جودة الهواء الداخلي. كما أن المساحات المعيشية الصحية تعود بالنفع على السكان.
إختيار الموقع والتصميم: إختيار المواقع المناسبة للبناء يقلل من التأثير البيئي. كما وأن التصميم الذكي يأخذ في الاعتبار اتجاه الشمس والضوء الطبيعي والمساحات الخضراء.
المتانة على المدى الطويل: تعمل المواد المتينة والصيانة المستمرة على إطالة عمر المنازل، إذ إن تقليل الحاجة إلى الإصلاحات المتكررة يعود بالنفع على أصحاب المنازل والبيئة.
التصميم المبتكر للسكن المستدام
إن التصميم المبتكر للسكن المستدام أمر ضروري لتقليل التأثير وتوفير مساحات معيشية مريحة. وهناك العديد من الاعتبارات المتعلقة بالتصميم المستدام منها:
تصميم موارد الطاقة الشمسية: يضمن هذا التصميم حصول المنزل على أقصى قدر من الضوء الطبيعي والحرارة في البلدان الباردة. ويتم استخدام النوافذ التي تساعد على التقاط ضوء الشمس في الشتاء، مما يقلل من إحتياجات التدفئة. ويُمكن للأشجار حجب أشعة الشمس الزائدة في الصيف.
كفاءة الطاقة: يعمل العزل المناسب على تقليل إستهلاك الطاقة. يُمكن أن تكون حلول الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية أو توربينات الرياح حلولاً فعّالة لتوليد الطاقة. ويُمكن إستخدام الأجهزة الذكية والموفّرة للطاقة.
المواد الخضراء: يُمكن إستخدام المواد المعاد تدويرها والمواد المحلية ذات التأثير البيئي الأدنى لأغراض الإستدامة.
المنازل المعيارية: تساعد المنازل المعيارية الجاهزة من تقليل النفايات ووقت البناء. ومن الأمثلة على ذلك المنزل الخالي من الكربون ZeroCabin.
الحدائق العمودية والأسطح الخضراء: زراعة النباتات هي من أهم الممارسات في تصميم المنازل المستدامة. وتعمل الحدائق العمودية والأسطح الخضراء على تحسين جودة الهواء والعزل.
المنازل الخالية من الإنبعاثات: تولد هذه المنازل قدراً من الطاقة يساوي ما تستهلكه.
دور المصارف في تمويل الإسكان المستدام
تلعب المصارف دوراً حاسماً في تمويل الإسكان المستدام. إن البنوك الخضراء Green Banks هي كيانات عامة أو شبه عامة أو غير ربحية تعمل على تعزيز الإستدامة، وتستخدم الأموال العامة لتشجيع الإستثمار الخاص في البنية التحتية المنخفضة الكربون والمقاومة للمناخ. من خلال خفض المخاطر للمستثمرين من القطاع الخاص، تسهل البنوك الخضراء مشاريع مثل الإسكان بأسعار معقولة والطاقة المتجددة.
وتقدم البنوك الخضراء شروطاً مواتية لقروض الإسكان المستدام، وتتعاون مع الحكومات والمطورين لتمويل المنازل الموفرة للطاقة والبنية التحتية الخضراء. كما وتتعاون البنوك الخضراء مع الحكومات والمؤسسات غير الربحية لمعالجة نقص الإسكان.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص
إن الشراكات بين القطاعين العام والخاص هي جهود تعاونية بين الكيانات الحكومية والمنظمات الخاصة، بما في ذلك المصارف، لمعالجة تحديات الإسكان. يوفر القطاع الخاص رأس المال والخبرة والموارد. في حين تقدم الحكومات الأراضي والحوافز الضريبية والدعم التنظيمي. وتساعد هذه الشراكات على تمويل مشاريع الإسكان والبنية الأساسية ومبادرات الإسكان بأسعار معقولة.يتولى القطاع الخاص تطوير وتنفيذ وإدارة مشاريع الإسكان. وتتولى الحكومات وضع السياسات وضمان الإمتثال ومراقبة التقدم. وتعمل الشراكات بين القطاعين العام والخاص على تبسيط العمليات وتحسين الكفاءة.
يقدم القطاع الخاص الإبتكار والتكنولوجيا ورؤى السوق. وتوفر الحكومات المعرفة المحلية والمشاركة المجتمعية والرؤية الطويلة الأجل. ويؤدي التعاون بين القطاع العام والخاص إلى حلول سكنية أفضل تصميماً وأكثر إستدامة.
يتحمّل القطاع الخاص المخاطر المالية، وتتولى الحكومات إدارة المخاطر الاجتماعية والتنظيمية. وتعمل الشراكات بين القطاعين العام والخاص على توزيع المخاطر، مما يجعل المشاريع أكثر قابلية للتطبيق. إن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تساعد في القيام بمشاريع تنموية، وتوازن بين الربح والتأثير الاجتماعي، وهي تعالج مشكلة نقص المساكن، والتشرد، والتجديد الحضري.
شراء وبيع المنازل في عام 2024
إن سوق العقارات يمتاز بالديناميكية الفائقة، مما يستوجب على المشترين والبائعين للمنازل أن يأخذوا في الاعتبار العديد من الامور ومنها:
الميزانية: يجب على المشترين تقدير المبلغ الذي يمكنهم تحمله كدفعة شهرية. وتتأثر الدفعات الشهرية للسكن بسعر المنزل والدفعة المقدمة ومعدل الرهن العقاري ومدة القرض والتأمين على المنزل وضرائب الملكية.
الحجم والموقع: إن فهم الأولويات والمرونة تساعد في طرح المنازل المناسبة في سوق الاسكان.
أبحاث السوق: يمكن للمشترين والبائعين إجراء أبحاث حول العرض المتاح ومستويات الأسعار والانتباه إلى سرعة بيع المنازل مع إستشارة وكلاء العقارات.
توقعات سوق الإسكان للعام 2024
مع إستمرار ارتفاع أسعار المساكن في جميع أنحاء العالم، يشعر الناس بالقلق إزاء قلة العرض للمساكن الجديدة. ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أن إحتمال إنهيار سوق الإسكان يظل منخفضاً في حلول العام 2024. وعلاوة على ذلك، يشير الخبراء إلى أن أصحاب المنازل اليوم هم أكثر أماناً من الذين تعرضوا للأزمة المالية في العام 2008 وذلك بفضل الدور التعاوني للمصارف والحكومات.
نظرة مستقبلية
إن شراء منزل في أي سوق هو قرار فردي خاص، ولأن المنازل تمثل أكبر عملية شراء يقوم بها غالبية الناس في حياتهم، فمن الأهمية بمكان أن يكون على إطلاع على تطوُّرات سوق الإسكان قبل أن يشرع في الشراء. تُستخدم حاسبة الرهن العقاري أحياناً لتقدير تكاليف الإسكان الشهرية. وسوق الإسكان، مثل العديد من الأسواق الأخرى، دائمة التقلب. وأفضل وقت للمشترين المحتملين هو عندما يجدون منزلاً يعجبهم ويلبي إحتياجات أسرهم الحالية والمتوقعة ويمكنهم تحمُّل أعبائه، وتلعب المصارف والحكومات دوراً كبيراً في دعم وتطوير سوق الإسكان.
ولا يزال الإسكان والبناء المستدام مجالاً ناشئاً، وهناك حاجة كبيرة للمزيد من البحث والإبتكار في حقل البناء والتشييد المستدام، ويُمكن للمصارف والحكومات التدخل في أشكال مختلفة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص. أزمة الإسكان أمر لا مفرّ منه في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، ومع ذلك، يُمكن للمصارف والحكومات التعاون للتخفيف من تأثير التوترات الجيوسياسية وتعزيز سوق الإسكان.
تصاعُد أزمة الجوع وإتساعُ دائرة المعاناة وتزاحُم مئات الملايين من الجائعين على ساحات البؤس
تحدّيات 2024..
الأمن الغذائي مهدّد والزراعة المستدامة في حالة مأساوية
في أعماق العام 2024، ترتسم صورة مرّة لواقع الأمن الغذائي والزراعة المستدامة، إنها قصة مقلقة ترويها الأرقام والنسب القاحلة، تحكي عن وجع الجوع الذي يعترض طريق البشرية، وعن نداء الأرض المنهكة تحت عبء التجاوزات.
وتتصاعد أزمة الجوع وتتسع دائرة المعاناة وتتزاحم مئات الملايين من الأرواح الجائعة على ساحات البؤس، حيث يعاني أكثر من 820 مليون شخص حول العالم سوء التغذية المزمنة.
وفي هذا العام 2024، يبرز تحدّي توفير الغذاء، نسبة إلى إرتفاع الأسعار في الأعوام السابقة، ففي العام 2023 إرتفع سعر القمح بنسبة 50 %، وإرتفعت أسعار الأرز والذرة بنسبة 40 %، ما يحجب أمام فقراء العالم الأكثر حاجة إمكانية الوصول إلى الغذاء الصحي والمغذي.
إنها الحقيقة المرّة التي تعكس الظلم وعدم المساواة في العالم، حيث تتّسع الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وتتلاشى آمال الأبرياء في قلب الظلمات.
ومن زاوية أخرى، تحتضر الأرض تحت وطأة إستغلالها المفرط وسوء المعاملة، وتتصادم الزلازل والفيضانات والجفاف في مشهد مروّع يُهدّد الحياة على سطح الكوكب، وفي ظل تدهور التربة وتغيُّر المناخ، تتضاءل مساحات الأراضي الصالحة للزراعة وتتراجع الإمكانات الزراعية.
وفي هذا العام (2024)، تزداد الأزمة فينحسر المنظر الخضري وتتراجع المساحات الزراعية المستدامة بنسبة 30 % عالمياً، إنه تراجع يحمل في جوفه صرخة الأرض المنهكة، وهي تلوح بإنهيار نظام الزراعة المستدامة وتدمير البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية. إنه تحذير حقيقي يتطلب تدخلاً عاجلاً وجاداً للحفاظ على مستقبلنا ومستقبل الأجيال المقبلة.
ورغم هذا الواقع المرّ، هناك بصيص أمل، فالإعتراف بأهمية الأمن الغذائي والزراعة المستدامة أصبح أمراً لا غنى عنه، وتعمل الجهات المعنية على وضع إستراتيجيات جادة لمواجهة هذه التحديات العالمية، وفي العام 2024، إرتفعت الإستثمارات في الزراعة المستدامة بنسبة 25 %، ما أدى إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة على تلبية الإحتياجات الغذائية، بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود متواصلة لتعزيز التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة العضوية والحلول الذكية، التي تعمل على تحسين الكفاءة وتقليل الإعتماد على الموارد الطبيعية، كما يوجد تعاون دولي متنامٍ لتعزيز الزراعة المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي.
وفي العام 2024، يصادف العالم صراعاً مروّعاً بين الجوع والأمن الغذائي، بين الإستغلال والزراعة المستدامة، إنه صراع يحتاج إلى تفكير عميق وتحرك جاد لتغيير الواقع، صراع يدعونا إلى التعاون والتضامن، والعمل المشترك لبناء عالم أكثر عدالة وإستدامة.
الإقتصاد الزراعي والتنمية الإقتصادية
يقول الخبير الإقتصادي، خالد الشافعي: «إن الإقتصاد الزراعي هو القطاع الذي يتعامل مع إنتاج وتجارة المنتجات الزراعية، ويلعب دوراً حيوياً في تلبية الإحتياجات الغذائية للسكان وتوفير فرص العمل وتعزيز التنمية الإقتصادية في العديد من الدول، ومع ذلك، فإن الإقتصاد الزراعي يُواجه تحدّيات كبيرة في ظل التحدّيات الإقتصادية والعالمية المتردّية التي قد تُواجهها في العام 2024، مثل تقلُّبات أسعار المنتجات الزراعية، التي يُمكن أن تؤثر سلباً على الإقتصاد الزراعي، حيث يعتمد الفلاحون والمزارعون على أسعار مستدامة لتحقيق الربحية، وتعتبر عوامل مثل التغيُّرات المناخية والتوترات الجيوسياسية وتقلُّبات سوق المنتجات العالمية من بين العوامل التي تؤثر على إستقرار الأسعار، لذا يجب على القطاع الزراعي العمل على تطوير إستراتيجيات للتعامل مع تلك التقلُّبات وتنويع مصادر الدخل».
ويُضيف الشافعي: «يزداد الطلب على الموارد الطبيعية مثل الماء والتربة الزراعية، في حين أن تلك الموارد تتراجع بسبب التغيُّر المناخي وتدهور البيئة، ويتطلّب مستقبل الإقتصاد الزراعي الإستدامة في إستخدام الموارد الطبيعية وتبنّي تقنيات فلاحية مبتكرة تقلل من إستهلاك المياه وتحسّن كفاءة إستخدام الأراضي الزراعية، ويُمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تلعب دوراً هاماً في تعزيز الإقتصاد الزراعي وتحسين الإنتاجية، وتطور التقنيات مثل الزراعة الذكية والإستشعار عن بُعد والتحليل الضوئي، ما يُساهم في تحسين إدارة المحاصيل والإنتاج والتوزيع، ويجب على الدول والمزارعين الإستثمار في البحث والتطوير وتبني التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الإقتصاد الزراعي.
ويستدرك الشافعي قائلاً: «تلعب السياسات الحكومية دوراً حاسماً في دعم الإقتصاد الزراعي، ويجب أن تتبنّى الحكومات السياسات التي تُعزّز الإستثمار في الزراعة، وتوفّر الدعم المالي والتقني للمزارعين، وتشجّع على التجارة الزراعية العادلة، كما يجب أن تتعاون الحكومات مع المنظّمات الدولية والقطاع الخاص للتعاون في تنفيذ برامج تعزز الإقتصاد الزراعي وتحسن مستقبله، ورغم التحديّات المذكورة، فإن للقطاع الزراعي إمكانات كبيرة للتطوُّر والنمو في المستقبل، ويُمكن أن يُساهم في توفير فرص العمل وتحسين الأمن الغذائي وتعزيز التنمية المستدامة.
أزمة جوع
بدوره، يقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير: «إن من حقوق الإنسان توفير مأكله وهذا لا فصال فيه، ورغم ذلك يشهد العالم أزمة جوع تشهد تفاقماً مقلقاً خلال العام 2024، حيث يتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية والجوع المزمن، ويعيش ملايين الجائعين حول العالم، وغيرهم يعيشون في حالة سوء التغذية، وتتركز هذه المشكلة بشكل خاص في المناطق النامية، هذا المشهد المأساوي يشمل الأطفال الذين يعانون تأثيرات الجوع على نموهم وتطوُّرهم، والنساء الحوامل اللاتي يُواجهن خطر الجوع المرتبط بتأثيرات سلبية على صحّتهن وصحّة أجنتهن، وهذا بالطبع لأسباب إقتصادية، والجوع هو حالة طبيعية وشائعة يعانيها ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، ويُعتبر الجوع مشكلة إنسانية تؤثر على صحة الإنسان بشكل شامل، سواء على المستوى البدني أو العقلي أو الإجتماعي، وينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل بجدّ للتصدّي لهذه المشكلة العالمية والعمل على توفير الغذاء الكافي للجميع».
ويضيف عبدالكبير: «هناك آثار خطيرة تترتب على الجوع، منها النقص الغذائي والتغذية غير المتوازنة، ويعاني الأشخاص الذين يعانون الجوع من نقص حادّ في العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات والفيتامينات والمعادن، ويؤدي هذا النقص إلى تدهور الحالة الصحية وضعف جهاز المناعة، وتالياً زيادة عرضة الأشخاص للأمراض والإصابات، كما يتسبّب الجوع في ضعف القدرة الجسمية والتراجع في الطاقة والقوة العضلية، ويزيد الجوع من خطر حدوث ضعف النمو وفقر الدم والتوتر العصبي والإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
ويتابع عبدالكبير قائلاً: «تؤثر حالات الجوع المستمرة على الصحة العقلية والنفسية للأشخاص، ويعاني الأفراد في المجاعة من القلق والاكتئاب والتشتت التركيزي وإنخفاض الحالة المزاجية، وقد يكون للجوع تأثيرات طويلة الأمد على القدرة العقلية والتعلُّم وتطوُّر الدماغ لدى الأطفال، كما يؤثر الجوع أيضاً على النواحي الإجتماعية والإقتصادية للفرد والمجتمع بشكل عام، ويزيد من فرص الفقر والبطالة وتفاقم التفاوت الإجتماعي، ويُمكن أن يؤدي الجوع إلى تفشي الجريمة والإضطرابات الإجتماعية والإضطرابات السياسية في المجتمعات المتأثرة».
وعن التدابير المتخذة للتصدّي للجوع، يقول عبدالكبير: «يجب على المجتمع الدولي العمل على تعزيز الأمن الغذائي من خلال تحسين إنتاج الغذاء وتوزيعه ووصوله، وأن تركز الجهود على دعم الزراعة المستدامة وتحسين البنية التحتية الزراعية، وتطوير نظم الري والمحافظة على التنوع البيولوجي، أيضاً الوصول إلى التغذية الأساسية حق لجميع الأفراد، لذا من المهم تعزيز الجهود لتوفير الغذاء الكافي والمغذّي للأشخاص المتضرّرين من الجوع، بما في ذلك توفير المساعدات الغذائية وتطوير البرامج الغذائية المدعومة من الحكومة».
حلول مبتكرة
ويقول الأكاديمي وعضو منظمة الفاو، الدكتور نادر نورالدين: «إن هناك حلولاً يتم إستخدامها لمواجهة تحدّيات الأمن الغذائي والزراعة المستدامة، تشمل تقنيات مثل الزراعة من دون تربة والزراعة المائية المعتمدة على الأنظمة المغلقة، حيث يتم زراعة النباتات من دون تربة تقريباً وبإستخدام محاليل غذائية غنية، وتساعد هذه التقنيات في تحقيق كفاءة أعلى في إستخدام الماء والموارد الأخرى، وتقليل التلوث والتأثير البيئي، أيضاً الزراعة العمودية والأفقية، وتعتمد هذه التقنيّات على زراعة النباتات في طبقات متعددة عمودياً أو أفقياً، ما يسمح بزيادة كفاءة إستخدام المساحة وزيادة الإنتاجية، ويتم إستخدام الإضاءة الإصطناعية ونظم الري المتقدمة لتوفير الظروف المثلى لنمو النباتات».
ويضيف نورالدين: «إن إستخدام الحساسات، وأنظمة الأتمتة والذكاء الإصطناعي لمراقبة وإدارة المحاصيل بشكل فعّال، يساهم في الحلول أيضاً، حيث يُمكن جمع البيانات الزراعية المتعلّقة بالتربة والمناخ والماء والنباتات، وتحليلها لإتخاذ قرارات مستنيرة حول الري والتسميد ومكافحة الآفات، وتزداد شعبية الزراعة العضوية والمستدامة التي تستخدم ممارسات طبيعية وتتجنّب إستخدام المبيدات الكيميائية الضارة والأسمدة الإصطناعية القوية. وتساعد هذه الطرق في الحفاظ على التنوُّع البيولوجي وصحّة التربة وتقليل التأثيرات البيئية السلبية، كذلك تستخدم التكنولوجيا الحيوية لتحسين صفات المحاصيل مثل المقاومة للآفات والأمراض والتحمُّل البيئي، ويمكن أن تساهم المحاصيل المعدلة وراثياً في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل».
ويتابع نور الدين: «يتطلب التركيز على تحسين إدارة الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والغابات، بحيث يتم تعزيز دمج الممارسات المستدامة في الزراعة مثل التحويل إلى طرق الري الفعّالة وإستخدام تقنيات الحفاظ على المياه، وتحسين جودة التربة والتربية الإصطناعية للأسمدة، وتعتبر توعية المزارعين والمجتمعات المحلية بأفضل الممارسات الزراعية، وأهمية الزراعة المستدامة جزء أساسي في مواجهة تحدّيات الأمن الغذائي، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال برامج التدريب والتثقيف والتوعية المستهدفة، كما يُمكن تعزيز الأمن الغذائي والزراعة المستدامة من خلال دعم المبادرات المحلية وتعزيز التجارة العادلة والمستدامة للمنتجات الزراعية، ويُساعد ذلك في تحقيق العدالة الإقتصادية وتعزيز قدرة المزارعين على تحقيق دخل مستدام».
مصر لديها مقوّمات جيدة لتحقيق النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة
أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أن مصر لديها مقوّمات متميّزة لتحقيق أهداف النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة وتحسين معدّلات الإستثمار والتصدير.
وقال د. محيي الدين، في مؤتمر نظمته غرفة التجارة الأميركية في العاصمة المصرية القاهرة: «إن مصر تتمتع بأهم شروط النجاح الإقتصادي وهو الإستقرار، حيث تتمتع مصر بالإستقرار السياسي والإقتصاد القادر على الصمود رغم التحدّيات التي تفرضها الحروب والصراعات الإقليمية المحيطة بها، والأزمات الدولية التي تؤثر بالسلب على الإقتصاد العالمي ككل».
وأضاف د. محيي الدين: «أن مصر لديها رؤى للعمل التنموي والنمو الإقتصادي ستعمل على تنفيذها من خلال الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي»، موضحاً «أن هذه الرؤى لا تقتصر على المستوى الوطني، بل تمتد لتشمل المستويات الدولية والإقليمية، في ظل ما تتمتع به مصر من جذور وعلاقات وطيدة مع إقليمها المتوسطي والعربي والأفريقي، وتقارب الرؤى والعمل المشترك مع دول الجنوب بشكل عام، مع إيلاء البُعد المحلي للنمو الإقتصادي والإجتماعي والتنمية المستدامة إهتماماً خاصاً ليشعر المواطن المصري في مختلف القرى والمدن بثمار هذا العمل».
وأشار د. محيي الدين، في هذا السياق، إلى المراجعة الأخيرة الصادرة عن صندوق النقد الدولي، والتي أفاد خلالها الصندوق بأن مصر ستكون في نهاية البرنامج أقل تضخماً وأكثر نمواً وأقل مديونية، وهو ما يُمكن البناء عليه في فرص أعلى للإستثمار والتصدير والتطور.
وأوضح د. محيي الدين «أن طبيعة الأعمال والأنشطة الإقتصادية تتغيّر في عالم سريع التغيُّر يمرُّ بالعديد من الأزمات التي تتسبّب في حالة من عدم اليقين، والتي تعوّق بدورها الإستثمارات والنشاط الإقتصادي ككل وتدفع صنّاع القرار في مختلف القطاعات لعدم المجازفة»، مشيراً إلى «أن البُعد الدولي للنشاط الإقتصادي يتأثر بشدّة بالصراعات والحروب والأزمات السياسية التي يشهدها العالم حالياً».
وأفاد د. محيي الدين «أن الحروب التجارية والقيود التي تفرض على تدفق رؤوس الأموال، تضيف إلى التحدّيات التي يُواجهها الإقتصاد العالمي، كما يمثل تغيُّر المناخ تحدياً كبيراً أمام تحقيق النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة، ويؤثر سلباً على حياة البشر وسبل معيشتهم، كما يتطلب حشد الموارد وتعزيز الإستثمار في أوجه العمل المناخي المختلفة، بما يخفف من الإنبعاثات الضارة ويُحقق الصمود في مواجهة تغيُّر المناخ».
وختم د. محيي الدين: «إن الدول تحتاج في مساعيها لتحقيق أهداف النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة بشكل عام إلى تحسين بيئة الأعمال والإستثمار لديها، وحشد الموارد والإستغلال الأمثل لها، وتعزيز الإستثمارات العامة ومضاعفة معدّلات مشاركة القطاع الخاص، والإعتماد على الشباب والإستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز السياسات الصناعية، والإستثمار في الرقمنة والحلول التكنولوجية المتقدمة والذكاء الإصطناعي وتطوير البنى التحتية»، مشدّداً على «أن تمويل العمل التنموي في الدول النامية والإقتصادات الناشئة على وجه التحديد، يجب ألاّ يعتمد على الإستدانة التي تعوّق النمو الإقتصادي لهذه الدول».
نمو الإقتصاد الوطني يسجل تراجعاً إلى 2.8 % خلال العام 2024
ليصل إلى 4.5 % في العام 2025
أفاد بنك المغرب، أن المبلغ الجاري للقروض البنكية بلغ 1.096,9 مليار درهم في العام 2024، بإرتفاع سنوي نسبته 4,6 %. وكشفت لوحة القيادة المتعلقة بـ «القروض والودائع البنكية»، حيال المقاولات غير المالية الخاصة، أن القروض البنكية سجّلت تراجعاً سنوياً بنسبة 1,2 % يرتبط أساساً بتسهيلات الخزينة التي إنخفضت بنسبة 6,4 %.
وفي المقابل، أوضح بنك المغرب، أن قروض التجهيز إرتفعت بنسبة 5,4 %، بينما ظلت قروض الإنعاش العقاري عند المستوى ذاته المسجل في العام 2023.
من جهة أخرى، أفاد بنك المغرب المركزي أن نمو الإقتصاد الوطني، سيُسجل تراجعاً إلى 2.8 % خلال العام 2024، قبل أن يتسارع ليصل إلى 4.5 % في العام 2025، مؤكداً أن النمو سجل في العام 2022 معدّلاً بـ1.5 % و3.4 % في العام 2023، وذلك نتيجة تحسن القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 3.5 %، وإنتعاش طفيف في القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 1.4 % بعد إنكماش بواقع 11.3 %.
وتوقع بنك المغرب المركزي، أن يصل إنتاج الحبوب إلى 55 مليون قنطار في المتوسط في العام 2025، مشيراً إلى أنه على المدى المتوسط، يُرتقب أن تتعزّز الأنشطة غير الفلاحية بوتيرة 3.8 % في العام 2024 وبواقع 4.1 % في العام 2025، مشيراً إلى أن الإنتاج الفلاحي سيظل رهيناً بالظروف المناخية، وآخذاً في الإعتبار محصول حبوب بـ 31.2 مليون قنطار وفق تقديرات وزارة الفلاحة، إذ ستتراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 6.9 % هذه السنة قبل أن تنتعش بواقع 8.6 % في العام 2025 بناء على فرضية العودة إلى محصول حبوب بـ55 مليون قنطار. علماً أن بنك المغرب المركزي كان قد خفّض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.75 %، معتبراً أن القرار يتماشى مع إنخفاض معدّل التضخُّم.
وتوقع بنك المغرب المركزي أن ينخفض التضخُّم إلى 1.5 % هذا العام (2024)، من 6.1 % في العام الماضي (2023)، بسبب إنحسار ضغوط التضخم الخارجية، مقدراً أن يرتفع التضخم إلى مستوى نسبته 2.7 % في العام 2025.
رقم قياسي جديد في تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج خلال العام 2024
على صعيد آخر، أفادت توقعات بنك المغرب، بأن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ستواصل منحاها التصاعدي لتسجل رقماً قياسياً قدره 117,5 مليار درهم في العام 2024، في تحسُّن نسبته 1,9 %، موضحاً في تقريره حول السياسة النقدية في العام 2024، أن «المعطيات المتوافرة تشير إلى إستمرار المنحى التصاعدي لتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، مع تحسُّن بنسبة 1,9 % في العام 2024 إلى 117,5 مليار درهم، وبنسبة 5,3 % في العام 2025 إلى 123,7 مليار درهم»، متوقعاً أن تواصل مداخيل السفر، من جانبها، أداءها مع إرتفاع بنسبة 5,8 % إلى 110,8 مليار درهم، مبرزاً أنها سترتفع في العام 2025 بنسبة 5,8 % إلى 117,2 مليار درهم.
الكل يترقب تفاصيل خطة البنك المركزي لتقليص مشترياته من السندات
تراجع إثنان من خبراء الإقتصاد عن توقعاتهما حيال نمو الإقتصاد الياباني في العام 2024، بعد يوم من تعديل بيانات إجمالي الناتج المحلي في البلاد خلال الربع الأول من العام الجاري بشكل حاد، مما يسلّط الضوء على المأزق الذي يُواجهه بنك اليابان بينما يدرس قضية رفع أسعار الفائدة.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن خبيرَي الإقتصاد اللذين يعملان في كلٍّ من بنك «بي إن بي باريبا» وشركة «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية، خفّضا توقعاتهما للنمو، حيث توقّعا أن يشهد العام 2024 حدوث أول إنكماش سنوي في اليابان منذ تفشّي جائحة فيروس كورونا في العام 2020.
وتوقع الخبير الاقتصادي ريوتارو كونو، الذي يعمل في بنك «بي إن بي باريبا»، أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي في اليابان بنسبة 0.4 %، فيما قال خبراء الاقتصاد في «إس إم بي سي نيكو»، بقيادة يوشيماسا ماروياما، إن التراجع سيكون بنسبة 0.3 %. وكان كلاهما قد توقع من قبل حدوث توسعات طفيفة.
من جانبه، قال ماساهيكو كاتو، الرئيس التنفيذي لمجموعة «ميزوهو» المالية: «إن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية مارس/ آذار 2025، لتصل إلى 0.5 %، وهو ما يعكس معدّل النمو الحقيقي للإقتصاد الياباني».
لكنَّ كاتو قال في مقابلة مع «رويترز»: «إن رفع أسعار الفائدة بسرعة لن يكون أداة لوقف ضعف الين الذي هبط إلى أدنى مستوى في 38 عاماً مقابل الدولار».
وأضاف كاتو: «إذا رفع بنك اليابان أسعار الفائدة بقوة شديدة، فإن النمو الإقتصادي الذي بدأ أخيراً سيتدهور، وليس لديَّ إنطباع بأنهم سيرفعون أسعار الفائدة على عجل».
وقال كاتو إنه «في حين أن التضخم يُترجَم تكاليف أعلى للشركات التي يتعيّن عليها رفع الأجور، فإن هذا بدوره يُحفّزها على تبنّي إستراتيجيات نمو جديدة مثل عمليات الدمج والإستحواذ، والتقسيم والتوسع في الخارج لتعزيز الأرباح».
والي المغرب عبد اللطيف الجواهري يعرض تطوُّرات مشروع «الدرهم الإلكتروني»:
تداول الكاش داخل الأسواق من أهم الإشكالات التي نُحاول تجاوزها
كشف والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، «أن البنك عمل على تشكيل لجنة من أجل دراسة عملية طرح «الدرهم الإلكتروني»، وهي تعمل منذ ما يزيد عن سنة»، مسجّلاً «أن الخطوة الأولى التي يجب تحديدها هي الهدف من طرح هذه العملة، وهل يتعلق الأمر بمحاربة تداول الكاش أو الشمول المالي أو غيرها؟».
وأوضح الجواهري «أن بنك المغرب قام بتجربة داخلية، كما تم عرض تجربة من الناحية التقنية، متعلقة بالتعامل بـ «الدرهم الإلكتروني»، مشيراً إلى أن «الأصعب يتعلق بما هو آت، وخصوصاً عند الحديث عن الجوانب القانونية والتنظيمية وإنعكاساتها على السياسة النقدية»، مشيراً إثر إجتماع مجلس البنك المركزي، إلى «أن طرح المشروع يتم على المستويين المتوسط والبعيد، ولا سيما أن الأمر يعتمد على تطوير الموارد البشرية».
التعامل الإلكتروني
ورأى الجواهري خلال الإجتماع الفصلي لبنك المغرب، «أن التعامل الإلكتروني سريع، وبأثمان منخفضة، مع وجود خدمات من دون تكلفة، كما أنه حيال المعاملات السريعة أكثر، حيث تتم المعاملات بشكل مباشر، كما أن هذه الخطوة أظهرت نتائج إيجابية على مستوى الدول التي تبنّت هذا القرار».
وأكد والي بنك المغرب، «أن تداول الكاش داخل الأسواق المحلية، يُعتبر من أهم الإشكالات التي يُحاول بنك المغرب تجاوزها»، مسجلاً «أن تداول الكاش داخل الأسواق المغربية قد بلغ أكثر من 430 مليار درهم، أي ما يعادل 30 %، وهو رقم مرتفع على المستوى العالمي»، مشدّداً على «أن البنك عمل على تشكيل لجنة تشمل البنوك والوزارات والباحثين من أجل الكشف عن الأسباب وتقديم الحلول»، مشيراً إلى «العديد من الدول التي يُعتبر فيها تداول الكاش شبه منعدم، حيث تتم المعاملات من خلال الآليات الرقمية فقط، ما يؤكد وجود الحدّ من هذه المعاملات وتركها معقولة».
غاز البوتان
وإستبعد الجواهري، حصول إنكماش اقتصادي خلال الأيام المتبقية من السنة، «وخصوصاً أنه خلال فترة عيد الأضحى يشهد الإقتصاد المغربي إزدهاراً كبيراً»، معتبراً «أن الإشكال المطروح خلال العيد، هو تداول الكاش بشكل كبير داخل الأسواق».
وفي ما يتعلق بقرار الحكومة المتعلق برفع الدعم عن غاز البوتان، أشاد الجواهري بهذه الخطوة، معتبراً «أن الأُسر ليست وحدها من تحصل على الدعم، وإنما توجد بعض القطاعات الزراعية وغيرها، التي تستهلك هذا المنتج بشكل جد كبير، ما يؤكد أن الأسر ما هي إلاّ شريحة بسيطة تستفيد من هذا الإمتياز»، مؤكداً «أن توقيت القرار مناسب، ولا سيما أنه يأتي بشكل تدريجي، ما يعني أن يأخذ في الإعتبار وضعية الأسر، فضلاً عن عمل الحكومة حيال تقديم الدعم الإجتماعي للأسر محدودة الدخل».
خفض سعر الفائدة
وعن الأسباب الكامنة وراء قرار خفض سعر الفائدة، أشار الجواهري إلى «أن القرار إتخذ خلال إجتماع أعضاء المجلس»، معلّلاً قراره بأن «معدّل التضخُّم خلال الفترة الحالية تراجع، مع توقُّع بأن يصل هذا المعدّل إلى 2.7 %، وهو معدّل يشمل أيضاً الزيادات في أسعار قوارير الغاز»، لافتاً إلى أننا «حققنا الهدف المنشود، كما أن معدّل النمو يُرجّح أن يصل إلى 4.8 % في العام 2025، مع تصاعد نسبة النمو الإقتصادي المتعلق بالقطاع غير الزراعي».
وفي ما يتعلق بوضعية مالية الدولة، أوضح الجواهري، «أن الميزانية برسم الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024 شهدت تحسُّناً بواقع 10.8 %، فيما بلغ سقف الدين نحو 70 %، وتراجع إلى 68 % من الناتج الإجمالي. علماً أن العجز الخارجي، قد وصل إلى ما بين 0.6 % و0.7 %. كما أنه من بين العوامل الأخرى التي جعلت بنك المغرب يتخذ قرار خفض نسبة الفائدة هو الجانب الإستثماري، ولا سيما أن المغرب يسير في إتجاه تدشين مجموعة من المشاريع، وخصوصاً ما يتعلق بتنظيم كأس العالم والمجال السياحي».
وختم الجواهري قائلاً: «إن خفض نسبة الفائدة سينعكس لا محال على قطاع التشغيل، ولا سيما أن القرار سيكون له إنعكاسات مباشرة على قطاع المقاولات، ما سيؤدي إلى تزايد الطلب على اليد العاملة، كما أن القرار سيُسهّل المأمورية حيال المستثمرين والقطاع الخاص. علماً أنه من غير المستبعد أن تتم مراجعة هذه المعطيات، خلال إجتماع المجلس المقبل، ولا سيما أن مختلف دول العالم على عتبة الإنتخابات».
عددهم الأكبر في تركيا وأوضاعهم منظمة في الأردن وفوضى عارمة في لبنان
النازحون السوريون إلى دول الجوار:
كلفة عالية تتفاوت بحسب متانة إقتصادات الدول المضيفة
بعد نحو 13 عاماً على النزوح السوري إلى دول الجوار، لبنان والأردن وتركيا، بسبب الحرب السورية التي إندلعت في العام 2011، يُجمع المختصون الإقتصاديون على أن لبنان لم يعد يتحمّل عبء هذا النزوح، وخصوصاً بعد الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي يعانيه منذ العام 2019، والتلكؤ الحاصل لإيجاد الحلول للخروج منه. بمعنى آخر، أنّ الشروط التي يتطلّبها إستقبال النازحين باتت غير متوافرة في لبنان لأسباب عدّة أهمها، أولاً لأنه يعاني نقصاً ديموغرافياً وخصوصاً في فئة الشباب الذين يتركون لبنان بحثاً عن فرص عمل أفضل، وثانياً لأنه لا يتمتع بإقتصادٍ قوي يُساهم في حلٍ عادل لأزمة النازحين، والثالث هو أنه يجب ألّا تتخطى نسبة النازحين 1% من عدد السكان الأصليين، وهو أيضاً ما لا يتوافر في الواقع الحالي للأزمة، بسبب الأعداد الهائلة للنازحين التي فاقت المتوقع، وأدّت من ناحية أخرى إلى أزمة في سوق العمل، بدأت مع ما يُسمّى بمضاربة اليد العاملة السورية لنظيرتها اللبنانية، ثم المنافسة بين أرباب العمل اللبنانيين والسوريين، فضلاً عن إنتهاك قانون العمل اللبناني الذي يضع شروطاً ومعايير خاصة بالعمّال الأجانب، ويُحدّد الأعمال التي يُمكن لهم أن يقوموا بها.
إذاً، ثمّة كلفة مالية وإقتصادية يدفعها لبنان جرّاء أزمة النزوح السوري، وهي أكبر بالتأكيد من الكلفة التي يتكبّدها كل من الأردن والعراق وتركيا، بسبب أزمته المالية. وبحسب معطيات صدرت عن مختصين في العام 2023، تُقدّر الكلفة الماليّة للنازحين على الإقتصاد اللبناني بمليار و700 مليون دولار سنوياً تتضمّن مساهمة الدولة بالطبابة، الكهرباء، الصرف الصحي وإستهلاك البنى التحتية، بالإضافة إلى خسائر على الإقتصاد وعلى خزينة الدولة، وتقدّر بما لا يقل عن 40 مليار دولار منذ العام 2011 وصولاً إلى العام 2023، في حين أن المساعدات الدولية للبنان تُقدر بأنها بلغت حوالي 9 مليارات دولار، وغطّت جزءاً بسيطاً من الخسائر المباشرة. وفي الإطار نفسه، يُقدّر البنك الدولي كلفة النزوح بين 2 و3.5 % من الناتج المحلي.
وأوضحت الدراسات، أن تكاليف النزوح السوري بلغت على البنية التحتية للقطاع الصحي: 954 مليون و112 ألف دولار. وبلغت إستفادة النازحين السوريين من دعم الدواء بين عامي 2015 و2024 ما يفوق 2 مليار و372 مليوناً و500 ألف دولار. أما بالنسبة إلى الأكلاف غير المباشرة فهي إرتفاع نسبة البطالة 35 %، وخسارة الترانزيت (معبر نصيب)، وتراجع الصادرات بنسبة 30 %، إضافة إلى حاجة لبنان لأكثر من 4 مليارات دولار لإعادة البنى التحتية إلى ما كانت عليه قبل الحرب السورية.
ويُفصّل الخبراء هذه الخسائر، فيشيرون إلى أنه «لم تقتصر تأثيرات الحرب في سوريا على لبنان على أزمة النزوح، بل تجاوزتها إلى حدود أبعد، فقد تضرّرت خطوط النقل والتجارة مع الدول المجاورة والخليج، بالأخص تلك التي كانت تمرُّ عبر سوريا، حيث إرتفعت تكاليفها بسبب الحاجة إلى شحن البضائع بحراً أو براً عبر طرق أخرى. كما إرتفعت تكاليف التأمين على الشحن الذي يمر عبر سوريا»، لافتين إلى «منافسة اليد العاملة اللبنانية بشكل كبير بسبب الكلفة المتدنية لليد العاملة السورية، فالنازحون يعيشون في ظروف معيشية ومستوى معيشي أقل من العائلة اللبنانية التي تتكبّد أعباء حياتية مرتفعة، وهذه المنافسة لا تقتصر فقط على اليد العاملة، بل تطاول أيضاً منافسة المؤسسات الصغيرة والتي يُمكن أن تكون محالاً تجارية وحرفية وصناعات غذائية صغيرة، مما يكبّد خسائر وتداعيات كبيرة في الحاضر والمستقبل، وليس فقط على أرباب العمل، إنما أيضاً على العائدات الضريبية للدولة اللبنانية، حيث إن صاحب المحل سوري والموظفين أيضاً من الجنسية السورية غير مسجّلين في الضمان الإجتماعي، ولا يدفعون الضرائب والرسوم، وتالياً كلفتها أقل من كلفة تشغيل المؤسسات اللبنانية الصغيرة، وهنا تكون المنافسة غير عادلة وغير شرعية وغير شريفة».
ونشرت الدولية للمعلومات، دراسة وأرقاماً صادمة عن وضع النازحين السوريين في لبنان في 24 حزيران/ يونيو 2022 جاء فيها: «ثمّة نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري يستهلكون يوميا:ً أكثر من 400 ألف ربطة خبز، و350 ميغاواط كهرباء، وأكثر من 130 مليون ليتر ماء، وأكثر من 100 ألف فرصة عمل في مختلف قطاعات الإنتاج في لبنان، والإستشفاء في المرافق الصحية اللبنانية، 90 % منها على حساب الأمم المحتدة، وتحويلات مالية إلى الخارج بنحو 65 مليون دولار شهرياً»..
وكان البنك الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي، قد أعدّ في أواخر أيلول/ سبتمبر 2013 تقريراً بناء على طلب الحكومة اللبنانية آنذاك، جاء في ملخّصه التنفيذي تأكيد على تأثر لبنان بشكل سلبي وكبير ومتنامٍ جرّاء الأزمة السورية على كافة الصعد، ولا سيما في الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2014». وقد قدّر البنك الدولي خسائر لبنان من تدّفق النازحين آنذاك بما يقارب 7.5 مليارات دولار.
الأردن: يوجد في الأردن نحو 1.3 مليون سوري، نصفهم تقريباً مسجلون بصفة «لاجئ» في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن نحو 750 ألفاً منهم يقيمون في البلاد قبل إندلاع الثورة السورية في العام 2011، بسبب النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين. وقد وصل عدد اللاجئين السوريين العائدين من الأردن إلى سوريا في العام الماضي (2023) نحو 3325 شخصاً، رغم إصرار الأمم المتحدة على أن الظروف في سوريا لا تسمح بعودة اللاجئين على نطاقٍ واسع.
العراق: يعيش معظم السوريين الذين لجأوا إلى العراق في إقليم كردستان، ويبلغ عددهم نحو 260 ألف شخص، وتدعو العراق إلى مضاعفة الجهود لتسريع آلية العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى بلادهم، والعمل على إعمار المناطق المتضرّرة وفق قرار مجلس الأمن 2254.
تركيا: تشير التقارير الى أن تركيا، التي إستقبلت أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، أكثر من أي دولة أخرى، لن تظل «بلداً هدفاً أو ترانزيت» للهجرة. فعند بدء الثورة السوريّة، في العام 2011، إضطر أكثر من نصف السكان، إما إلى النزوح داخلياً (أي في الداخل السوري)، أو إلى الهجرة إلى خارجها، وبالتحديد إلى تركيا التي تُعدّ أكبر دولة مستضيفة للمهاجرين السوريين على مستوى العالم. وفي نهاية العام 2015، بلغت نسبة المهاجرين السوريين إلى السكان الأصليين في تركيا أكثر من 3 %. ومع نهاية العام 2022، بلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 4 ملايين، في حين بلغ عدد سكان تركيا 84 مليوناً.
ويعتمد أكثر من 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا، ممّن يحملون ما يسمّى «وثيقة حماية مؤقتة»، عبر العمل في السوق التركية، ويكسبون دخلاً محدوداً، ويسدّدون الضرائب والإيجارات. وتُعد هذه الوثيقة بمنزلة وثيقة لجوء غير معترف بها دولياً، أي إنّهم لم يحصلوا على وضعية اللاجئ قانونياً.
أما الموقف الرسمي التركي من النازحين، فيمكن تلخيصه بالتالي: «ينبغي تخفيف الكثافة السكانية للسوريين، حتى لا يؤدي إلى تدهور التركيبة السكانية في تركيا»، ومؤخّراً شدّدت الحكومة التركية الإجراءات تجاه المهاجرين السوريين، من خلال تعليق بطاقات الحماية المؤقتة، وإبطال تسجيل قيودهم في النفوس العامة في بعض المناطق، حيث لا يُمكنهم إستئجار منازل سكنية، وبالتالي يتوجّب عليهم التفكير في حلول بديلة مثل «العودة الطوعية» إلى أوطانهم. وأُعلن في 22 شباط/ فبراير 2022، أنه في حال تجاوز عدد السوريين 25 % من السكان في منطقة ما، تُغلق أماكن الإقامة لإستقبال طلبات تقييد النفوس فيها.
وفي منتصف العام 2022، أصدرت وزارة الداخلية التركية قراراً ينص على منع كل الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت الحماية المؤقتة من قيد نفوسهم في 16 ولاية تركية و800 حي تركي. علماً أن تلك القوانين كانت نقطة البداية لسير عملية «العودة الطوعية» للمهاجرين السوريين إلى المناطق الآمنة.
د. وهبه: خسائر لبنان بعشرات المليارات
في ميزان الخبراء، يشرح الخبير الإقتصادي والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد وهبه لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أنه «منذ العام 2011 الى اليوم، يُكلّف النزوح إلى لبنان عشرات مليارات الدولارات، فيما المجتمع الدولي لم يغط منها سوى 5 % على الأكثر، لدعم بقاء السوريين، فلبنان يتكبّد كلفة تأمين الخبز (المدعوم) والمواد الغذائية، وتحمّل التلوث والمنافسة في فرص العمل (المحال التجارية والحرفية، باتت رهن مزاحمة اليد العاملة السورية، كذلك في قطاع الزراعة والافران)».
ويشدّد د. وهبه على أن «كلفة النزوح السوري على صعيد المياه والتربة والبنى التحتية، عالية جداً، فيما هذه المقوّمات لا تكفي إلاّ لنحو ثلاثة ملايين شخص على الأكثر، في حين يتم إستخدامها من قبل 6 ملايين شخص، مما يزيد الضغوط عليها، بالإضافة إلى التلوُّث على صعيد الصرف الصحي والأنهار»، معتبراً أن «الكارثة الكبيرة تكمن على الصعيد الإجتماعي، إذ إن هناك زيادة لأعدادهم في لبنان، نتيجة زيادة الولادات من دون تسجيلها، مما يشكل تهديداً ديموغرافياً للبنان في المرحلة المقبلة، فضلاً عن الإكتظاظ في السجون والحوادث الأمنية بسبب إرتكابات بعض النازحين، مما يزيد الكلفة على لبنان، ويُقلّل من فرص الإستثمار فيه، وكلّها تكاليف باهظة وتُقدّر بعشرات مليارات الدولارات، بينما يدعم المجتمع الدولي لبنان بمليار دولار سنوياً على الأكثر»..
ويوضح د. وهبه قائلاً: «في الأردن وتركيا، هناك تنظيم لوجود النازحين في مكان جغرافي واحد، وتتقاضى كل من الأردن وتركيا كلفة النازحين على أراضيهما، في حين أن لبنان لم ينظم هذا الأمر بشكل تقني يصبُّ في مصلحته، كتحويل الأموال التي يتقاضونها عبر مصرف لبنان، للإستفادة من العملات الاجنبية، وتأسيس محطات تكرير للصرف الصحي في أماكن تواجدهم، وتسجيل الولادات كي لا تُشكل خطراً ديموغرافياً على لبنان».
حبيقة: كلفة النزوح أكبر على لبنان
يُشدّد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة لمجلة «إتحاد المصارف العربية» على أن «كلفة النزوح على لبنان أكثر من غيره من الدول، لأنه دولة صغيرة مقارنة بالدول المجاورة، فضلاً عن أنه يعيش حالة إنهيار إقتصادي منذ أكثر من 4 سنوات، وقد جاء النزوح السوري ليزيد من الطين بلّة، وهذا ما جعل وضعنا أصعب بكثير مقارنة بالبلدان المجاورة، وخصوصاً أن الأوضاع السياسية وحالة الفراغ الرئاسي تزيد من حجم هذه التداعيات»، لافتاً إلى «أن الأردن الذي يستقبل النازحين السوريين، كما هي حال لبنان، يسمح نظامه السياسي في معالجة هذا الموضوع، كما أن الأمر عينه في تركيا، أما في لبنان فالخلافات بين الأفرقاء على كل المواضيع ومنها ملف النزوح، تحول دون إيجاد أي حل في الأفق في هذا الشأن».
ويضيف د. حبيقة: «الفاتورة الإقتصادية التي دفعناها تُعدّ الأكبر في دول المنطقة، نسبة إلى حجم الإقتصاد اللبناني، من دون أن ننسى القُرب الجغرافي مع سوريا والفوضى على المعابر، إذ ليس في لبنان أي ضبط للأعداد أو المصاريف أو الكلفة كما الخسائر التي تتكبّدها البنية التحتية»، شارحاً أن «إقتصادنا مأزوم، وهذه الكلفة هي نفسها بالنسبة إلى قيمتها بالدولار، لكن لم يكن مظاهر تأثيرها كبيراً قبل الإنهيار، لأن حجم الإقتصاد كان 55 مليار دولار، في حين أنه لا يتعدى 22 ملياراً في الوقت الحالي».
ويختم د. حبيقة: «في العام 2018، كان الناتج المحلي الإجمالي يبلغ نحو 60 مليار دولار، في حين أنه بات يبلغ راهناً نحو 20 ملياراً. علماً أن كلفة النزوح السوري على الإقتصاد اللبناني، تبلغ نحو 20 ملياراً، ومن الصعب تحمُّلها في الوقت الحالي».
«الملتقى السنوي لمديري الإلتزام في المصارف العربية» في شرم الشيخ
جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية لـ «الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية» بعنوان: «تعـزيز الإمتثال لتشريعات وضوابط مكافحة غسـل الأمـوال وتمويل الإرهاب وضمان حماية البيانات المصـرفية»، تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، بالتعاون مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر، والبنك المركزي المصري، وإتحاد بنوك مصر، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، في شرم الشيخ، مصر، على مدار ثلاثة أيام، لمناقشة أفضل الممارسات في مجال إستخدام النظم التكنولوجية الحديثة لضمان حماية البيانات في المصارف، وأبرز ملامح منهجيات إعداد التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الافتراضية، فضلاً عن الإستفادة من تجارب الدول العربية في تنظيم التعامل بالأصول الإفتراضية.
وشارك في الملتقى د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري، الذي ألقى كلمة المحافظ حسن عبدالله، ورئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر، محمد الإتربي، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، ومحافظ جنوب سيناء اللواء الدكتور خالد فودة، في حضور سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، والدكتور حاتم علي، رئيس البعثة، الممثل الإقليمي، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، الإمارات، ونخبة من الخبراء والمتخصّصين المصريين والعرب والأجانب. وتخلل الملتقى معرض للمؤسسات والشركات الراعية.
د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري ممثلاً المحافظ حسن عبد الله:
أصدرنا العديد من الضوابط والقرارات التنظيمية لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الارهاب
أعلن د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري ممثلاً المحافظ حسن عبد الله: «أن التكنولوجيا المالية الرقمية ساهمت في وصول الخدمات المصرفية لشرائح المجتمع، بما يدعم مفهوم الشمول المالي»، لافتاً إلى «أهمية دعم جهود التعاون الدولي لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز فاعليتها».
وقال وكيل المحافظ: «إن البنك المركزي المصري أصدر العديد من الضوابط والقرارات التنظيمية لمكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الارهاب، بما يتواكب مع جميع المعايير والإشتراطات والمتطلّبات الدولية في هذا الشأن».
الإتربي: تدفقات الأموال غير المشروعة عبر النظام المالي العالمي خلال العام 2023
معظمها تجسّد في عمليات غسل أموال وتمويل عدد من الجرائم المدمّرة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر، محمد الإتربي: «إن الناظر للأرقام التي تضمّنها التقرير العالمي الصادر من وكالة Nasdaq لعام 2024، والتي تشير إلى تدفقات الأموال غير المشروعة عبر النظام المالي العالمي خلال العام 2023 والبالغة قيمتها 3.1 تريليون دولار، يجد أن معظمها تجسَّد في عمليات غسل أموال وتمويل عدد من الجرائم المدمرة، إلى جانب تمويل عمليات الإتجار بالبشر والذي بلغ حجم تمويله وفق التقرير عينه نحو 346.7 مليار دولار، فضلاً عن تمويل تجارة المخدّرات والذي بلغ نحو 782.9 مليار دولار. أيضاً هناك نحو 11.5 مليار دولار تم إستخدامها في تمويل الإرهاب، فيما بلغ إجمالي عمليات الإحتيال المصرفي على مستوى العالم نحو 485.6 مليار دولار خلال العام 2023. وكلنا نعلم أن جرائم غسل الأموال قد أودت بسمعة عدد من البنوك الكبرى على مستوى العالم».
د. فتوح: مصر أثبتت قدرتها على مواجهة التحدّيات الدولية والإقليمية وتحقيق معدّلات نمو مهمة
وقال الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، د. وسام فتوح: «إن مصر تمكّنت منذ قرار تحرير سعر الصرف الصادر في 6 مارس/ آذار 2024، من جذب نحو 50 مليار دولار إستثمارات وتدفُّقات دولارية»، مشيراً إلى «أن إجراءات تحرير سعر الصرف ساهمت في توحيد سعر الصرف، وتهيئة المناخ لجذب تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر»، مشدّداً على «أن مصر نجحت خلال العقد الماضي في تحقيق إنجازات مهمة وأثبتت قدرتها على مواجهة التحدّيات الدولية والإقليمية وتحقيق معدّلات نمو مهمة».
وقال د. فتوح: «فيما العالم يشهد نزاعات جيوسياسية، وتجارية غير مسبوقة، وبعض من دولنا العربية تعاني ضغوطاً سياسية وأمنية وإقتصادية هائلة، كانت مصر تُثبت أنها وحتى في ظل أصعب الظروف الدولية والإقليمية، قادرة على مواجهة تداعيات ما يحدث حول العالم، وفي الإقليم، بل وأثبتت أنها قادرة على تحويل التحدّيات إلى فرص وذلك في ظل حكمة وبصيرة قياداتها»، مشيراً إلى «أن مصر أثبتت قدرتها ببراعة على أنها أهل للثقة ومدركة ومتبصّرة ولديها بُعد نظر، ونتيجة ذلك، تلقت مصر خلال الأشهر الماضية، نحو 50 مليار دولار من التدفقات المالية، بشكل إستثمارات مباشرة، أو حزم تمويلية، ومن المؤكد أنه سيكون لهذه التدفقات المالية تأثيرات إيجابية على مختلف النواحي الإقتصادية والمالية والمصرفية».
أضاف د. فتوح: «إن من أهم أعمدة الإقتصاد المصري، الذي كان له مساهمة كبيرة، هو بنك مصر، هذا البنك العريق، الذي خدم الإقتصاد والمواطن المصري، لأكثر من 100 عام، وتأكيداً لنجاحه، نال هذا البنك الكثير من جوائز التقدير من أرقى وكالات التصنيف العالمية، وبشكل خاص خلال السنوات العشر الأخيرة»، مشيراً إلى أنه «للدلالة على التقدُّم الكبير الذي حقّقه بنك مصر، فإن حجم موجوداته في نهاية العام 2014 (أي يناير/ كانون الثاني 2015) قد بلغت نحو 38 مليار دولار، فيما إرتفعت إلى 80.9 مليار في نهاية العام 2023، محققاً زيادة بلغت 111 %. كما بلغت ودائعه نحو 60 مليار دولار، بزيادة 79 % خلال الفترة المذكورة، فيما شهد توسعاً كبيراً في الإقراض، فوصل مجمل قروضه التي ضخّها في الإقتصاد المصري إلى 28.4 مليار دولار، بزيادة 279 % خلال الفترة عينها».
وخلص د. فتوح إلى «أن بنك مصر يلتزم أفضل ممارسات الإستدامة والذي أدى إلى تعزيز الموقع الريادي المميّز في الأسواق التي يعمل فيها، كما يُعطي بنك مصر الأولوية بشكل واضح لأهداف التنمية المستدامة، حيث يُعد بنك مصر من أوائل البنوك التي تبنّت إستراتيجية الشمول المالي، والتي تهدف إلى تمكين كافة شرائح المجتمع من الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية والمصرفية والتي تلبي إحتياجاتهم المختلفة وبالأخص فئة الشباب»، موجّهاً التحية إلى رئيس مجلس إدارة بنك مصر محمد الإتربي وفريق عمله، منوهاً بالإنجازات الكبيرة التي حققها البنك الأهلي المصري الذي يحمل شعار «بنك أهل مصر»، معتبراً أنه «بنك المصريين جميعاً، ويستحق هذا الشعار بجدارة، وهو أول بنك مصري يخدم الإقتصاد المصري، حيث تأسس منذ أكثر من 125 عاماً، عاملاً بكل إخلاص وتفان لأهل مصر جميعاً، وعلى إمتداد جمهورية مصر العربية، ويحتل المرتبة السادسة عربياً من حيث حجم الموجودات التي تزيد عن 163 مليار دولار، وبقاعدة ودائع تزيد عن 116 ملياراً، وبقاعدة رأسمالية تقارب الـ 9 مليارات دولار».
اللواء فودة: محافظة سيناء حصلت على لقب أفضل مسؤول عربي وقائد للتنمية في مدينة سياحية
وأبدى محافظ جنوب سيناء اللواء الدكتور خالد فودة سعادته بإنعقاد الملتقى في مدينة شرم الشيخ، «التي تُعد مقصداً عالمياً للسياحة والمؤتمرات»، مشيراً إلى «أن إنعقاد هذا الملتقى، يعكس حرص القيادة السياسية والدولة المصرية على تنظيم وإستضافة مثل هذه الفعّاليات».
وأكد اللواء فودة «أن محاور الملتقى تهدف إلى إلقاء الضوء على مبادئ وأسباب المراجعة الشاملة للموجودات المحفوفة بالمخاطر، مع مناقشة أهم الإجراءات المتخذة لتأسيس نتائج تقييم المخاطر المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الإفتراضية».
وأوضح فودة «أن مدينة شرم الشيخ حصلت على العديد من الجوائز، من أبرزها شهادة الأمم المتحدة كأول مركز للمرونة والقدرة على الصمود في مواجهة الكوارث والأزمات في إفريقيا في العام 2022، وجائزة أفضل مدينة سياحية عربية في تنظيم الأحداث والفعّاليات السياحية في العام 2023، والميدالية البرونزية كثالث أفضل مدينة قابلة للعيش والتعايش على مستوى العالم. كما حصلت على شهادة أفضل وجهة سياحية آمنة على مستوى العالم والجائزة الذهبية كأفضل مدينة سياحية».
وأضاف فودة «أن المحافظة حصلت على لقب أفضل مسؤول عربي وقائد للتنمية في مدينة سياحية من الأمم المتحدة في العام 2023، ودرع رجل العام 2024 نتيجة مسابقة دولية نظّمتها منظمة الإتحاد الأفريقي – الآسيوي».
سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وهنّأ سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، مصر لـ «جهودها في مواصلة تعزيز مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب وإنتشار التسلُّح»، كما هنّأها بـ «قرار مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF مؤخراً برفع درجات الإلتزام الفني بالعديد من التوصيات، منها المتعلّق بخدمات تحويل الأموال، والتقنيات الجديدة والمهن والأعمال غير المحددة، وبهذا تكون جمهورية مصر العربية قد حقّقت درجات تقييم ملتزم، وإلى حد كبير بدرجة 90 % من التوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي».
وقال بن رشيد الجبرين: «لا تزال السوق الإفتراضية والتقنيات الحديثة تشكل خطراً على المنظومة الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإساءة إستغلالها من قبل المجرمين الإرهابيين، حسب آخر تقارير مجموعة العمل المالي. لذا قررت المجموعة إصدار بيانات بشكل دوري تتضمن جهود الدول وتقييم مستوى الإلتزام، بالتوصية 15 المتعلقة بالتقنيات الحديثة»، مؤكداً «أن الدور الذي تقوم به المنظمات غير الهادفة للربح وخصوصاً في الوقت الراهن في ظل المتغيّرات الحالية في المنطقة، هو دور حيوي في الإقتصادات الوطنية والمجتمعات والإغاثة ودعم الأشخاص ذوي الإحتياج»، داعياً المصارف إلى «التنسيق مع الجهات الإشرافية والرقابية لمعرفة المنظمات غير الهادفة للربح الأكثر عرضة للإستغلال ووضع تدابير مركّزة ومتناسبة وقائمة على المخاطر».
الدكتور حاتم علي
وقال الدكتور حاتم علي، رئيس البعثة، الممثل الإقليمي، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، الإمارات: «إن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة هو الأمانة العامة لإتفاقيات الأمم المتحدة بآلياتها القانونية لمكافحة الجريمة والوقاية منها، ومن أهم هذه الإتفاقيات: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود الوطنية وبروتوكولاتها الموثقة، وإتفاقيات مكافحة الفساد، والمخدّرات والإرهاب وغيرها»، مشيراً إلى «أن التدفُّقات المالية ذات مشروع هي العمود الفقري لأي جريمة من الجرائم التي تناولناها، والتي تعمل منظماتنا جاهدة مع الدول الأطراف في مكافحتها، لأننا لا ننتظر أبداً أن يكون هناك جريمة فساد، أو أن يكون هناك تجار مخدّرات، أو تجارة الأسلحة، أو تنظيمات إرهابية، دون أن تكون لهذه الكيانات الإجرامية، تمويل (أي تم تمويلها بالفعل)، وعائدات غير مشروعة، وأين تذهب هذه العائدات ومن أين تأتي، وهي بالطبع تأتي من المنظومة المالية والمصرفية العالمية».
على هامش «الملتقى السنوي لمديري الإلتزام في المصارف العربية»
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
حجم الإقتصاد المصري إرتفع إلى 10 تريليونات جنيه بمتوسط نمو 4.4 %
ونتوقع 10 % نمواً بتدفقات النقد الأجنبي لمصر بعد إجراءات 6 مارس 2024
توقّع الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، تحقيق نمو نسبته 10 % لموارد النقد الأجنبي للإقتصاد المصري، خلال العام المقبل، ومن مصادره الرئيسية وهي: السياحة والإستثمار الأجنبي المباشر، وإيرادات قناة السويس والصادرات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج وذلك بسبب الإجراءات الإقتصادية التي إتخذتها الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري في 6 مارس/ آذار 2024.
في الوقت الذي تنشط الأمم المتحدة في مبادرتها لتحقيق رؤية 2030 للتنمية المستدامة وحماية البيئة، تكثر في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، مساعي البنوك لإنتقال أفضل نحو تمويل مشاريع صديقة للبيئة، لكن مقياس مخاطر المناخ يبقى من أبرز التحدّيات في وجه البنوك الراغبة في تمويل مستدام لمشاريع تدخل ضمن أهداف الأمم المتحدة في هذا الإتجاه، ولا سيما الهدف رقم 17 الذي يتعلّق بتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، حيث لا يُمكن تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية إلاّ من خلال إلتزام الدول ومؤسساتها المعنية بالشراكة والتعاون العالميين لضمان عدم تخلُّف أحد عن المساهمة في الوصول إلى الأهداف المرجوّة.
فمن أجل الدخول في هذه الورشة العملاقة ومواكبة متطلّباتها، وإحترام معاييرها، وجدت المصارف عموماً نفسها في عمق المسألة، لأن التمويل المستدام جزء لا يتجزأ من مهام البنوك، ولا سيما أن إدارة المخاطر من أبرز أدوار هذه المؤسسات التمويلية.
من الواضح والمؤكد اليوم، أن الآثار الضارة لتقلُّبات المناخ باتت تؤثر سلباً على مجمل عالم الإقتصاد، بما في ذلك قطاع البنوك. فبعد سنوات من المماطلة، قرّرت البنوك الأوروبية أن تُبادر إلى إتخاذ إجراءات ومواقف من هذه الحالة البيئية الكونية، مدفوعة من قبل زبائنها، وأيضاً من قبل البنك الأم (البنك المركزي الأوروبي).
فمنذ العام 2020، إتخذ البنك المركزي الأوروبي على عاتقه، القيام بورشة هائلة ومهمة، ألا وهي تقييم مدى تأثير مخاطر المناخ على المحافظ المالية للبنوك الخاصة الاوروبية. وباتت البنوك الأوروبية الكبرى أمام إمتحان لمعرفة إن كانت تأخذ في الحسبان مخاطر الطقس، والمناخ في إدارة أصولها المالية. تجدر الإشارة إلى أن هذه المسألة طرحتها في نيسان/ إبريل الماضي المجالس العامة السنوية للشركات الكبرى التي يتألف منها مؤشر بورصة باريس CAC 40))، الذي يضم تحت لوائه أكبر 40 شركة مدرجة. هذه المسألة مهمة للغاية ومركزية.
فالمؤسسات البنكية تنخرط في تمويل الأنشطة الإقتصادية، وبالتالي تمويل الشركات بما فيها الشركات التي تعمل على التحوُّل نحو نماذج الشركات الصديقة للبيئة. لكن معرفة قياس هذه المشاكل يشكل التحدّي الاكبر.
فمن أجل مواكبة الشركات الراغبة في التحوُّل نحو نموذج صديق للبيئة، يدفع الإتحاد الأوروبي نحو جبهات مختلفة، ولا سيما معرفة قياس حصّة الأصول المصرفية الحالية والمستقبلية لدى البنك، ومتطابقة مع هدف الحفاظ على حماية المناخ من التقلُّب من خلال معرفة حصة الإستثمارات في الطاقات المشبّعة بالكربون مثل البترول، أو الفحم، أو حصّة الإستثمارات في الطاقات المتجدّدة…
في هذا المجال تحديداً، بيّنت دراسة لمكتب الإستشارات في المحاسبة والتدقيق الحسابي العالمي KPMG، وله فرع أساسي في باريس، صدرت في أيار/ مايو الماضي، أن أسلوب الحسابات الذي تعتمده السلطة اللمصرفية الأوروبية لقياس مجهود البنوك لصالح حماية المناخ والببيئة، يستدعي إعادة النظر في المعايير، حيث إن الأسلوب الحسابي المتبع بحسب الشركة KPMG، لا يعطي صورة حقيقية للأصول البنكية الموجهة للإستثمار في مشاريع تهدف إلى الحفاظ على سلامة المناخ، ولا سيما إستثمارات في مجال الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
بحسب الدراسة، فإن نسبة 3 % من الأصول المالية لدى البنوك الأوروبية، تستجيب لما يُسمّى التصنيف الاخضر للتمويل المستدام والذي دخل حيّز التطبيق مطلع العام 2023، ويعمل على تطبيق النشاطات الإقتصادية التي لا تشكل أزمة للبيئة.
إن هدف هذا التصنيف الأخضر هو توجيه الإستثمارات نحو أنشطة مستدامة. إن نسبة 3 % بحسب KPMG، منخفضة جداً، وذلك يعود إلى عدم التقدير الصحيح، الأمر الذي يأسف له العديد من البنوك الاوروبية، من دون أن تشير إلى دراسة الشركة إلى أسماء هذه البنوك.
نتيجة ذلك، قرّر بعض المصارف في أوروبا، أن يستخدم أساليبها الحسابية الخاصة به، رغم إحتمال عدم التقييم والحساب الدقيق.
فبحسب البنك المركزي الأوروبي، والذي أخذ على عاتقه منذ أربعة أعوام ورشة التمويل الأخضر، «فإن كل مخزون من رأس مال لا يُعتبر مرناً في مواجهة مخاطر المناخ، سيُعرّض مدته الزمنية أو الحياتية للتراجع». وهذا سيأخذ شكل تدهور مرتفع، وتنتج عنه مخاطر مالية كبيرة جداً. فالبنك المركزي الأوروبي يعمل منذ العام 2020 على تقييم تأثير تقلُّب المناخ على خط المالية للبنوك الأوروبية الخاصة وغير الأوروبية التي لديها أنشطة مالية مهمة في منطقة الإتحاد الأوروبي. علماً أن مؤسسة النقد الأوروبية لم تتأخر في إتخاذ موقف حازم ولهجة صارمة في وجه البنوك ودعتها إلى تسليمها معطيات جديدة أي التمويل الإضافي مثل أرقام تحدّد نسبة الأصول البنكية المتّصلة بالكربون على سبيل المثال.
وبحسب البنك المركزي الأوروبي نسبة 6 % فقط من البنوك الأوروبية كشفت عن معطيات ومعلومات كافية ضمن الفئات الخمس من تقييم مخاطر تقلبات المناخ، ولا سيما إرتفاع منسوب المياه، الفيضانات، الجفاف، وتُعتبر من المخاطر الرئيسية.
إنطلاقاً من هنا، دعا مجلس الإستشراف الإحترازي التابع للبنك المركزي الاوروبي، البنوك في الإتحاد إلى معالجة الثغرات، وبلوغ إستراتيجيته من خلالها يُمكنها أن تساعد في إحترام المعايير الجديدة، والتأقلم معها، ولا سيما في مجال المناخ والتي تشدد عليها السلطة المصرفية الاوروبية.
خلافاً لذلك، تقوم السلطة المصرفية الأوروبية بفرض عقوبات على البنوك، من بينها غرامة قد تصل إلى نسبة 5 % من الناتج البنكي اليومي للبنك المعني. أضف إلى ذلك، أن العقوبة هذه قد تصل إلى عشرات ملايين اليوروهات في مدة ستة أشهر على سبيل المثال.
* الحالة الفرنسية
البنوك الفرنسية ومنذ العام 2022 تراجعت بشكل ملحوظ في تمويلها لقطاع الطاقة الملوّث للبيئة مثل الوقود الأحفوري (نفط وغاز)، وذلك بحسب التقرير الـ 15 الذي يحمل عنوان Bankingonclimatchaos والذي يصدر سنوياً بالتعاون مع منظمات غير حكومية مدافعة عن المناخ.
أبرزُ البنوك الفرنسية التي إنخرطت في هذا الإتجاه، BNPParibas الذي كان من أبرز المموّلين للصناعة البترولية، إلاّ أنه نشط في التقليل من هذا الدعم. ومع ذلك ظل هذا البنك في مرمى أهداف المنظمات غير الحكومية NGO هذه، ورفعت على هذا المصرف العام الماضي دعاوى في المحاكم تحت شعار عدم إحترامه لحقوق أخذ الحيطة في مجال إحترام البيئة والمناخ.
فبحسب التقرير المشار إليه، BNPParibas، قدم تمويلاً لقطاع الوقود الأحفوري بقيمة 187 مليار يورو منذ العام 2016. وهذا القطاع الملوث الأول للبيئة الكونية.
في الإجمال، إمتثلت بنوك فرنسية عدة في إحترام المساعي الأممية لحماية البيئة والحفاظ على سلامة المناخ، ولو بنسب قليلة أمام ملياراتها وأرباحها، وهذا جزء يسير مما يُمكن أن تقوم به من مجهود فعلي.
فالبنوك، ورغم ما تقدم، لا تزال تدعم وتموّل قطاع النفط والغاز في العالم، إنما مساهمة البنوك الفرنسية في هذا التمويل ولا سيما البنوك الأربعة الكبرى مثل BPCE،CreditAgricole، SocieteGeneraleوBNPParibas تراجعت في العام 2023 قياساً للعام 2022 بنحو 10 مليارات يورو لتصل إلى 40 ملياراً بحسب التقرير. وهذا التراجع يمثل نسبة 6 % من التمويل العالمي، وهذا أيضاً أقل بكثير من حصّة هذه البنوك في السوق العادية.
في الإجمال، فإن 60 مصرفاً الأكبر حول العالم، أقرضت أو سهّلت تمويل بقيمة 706 مليارات دولار (بتراجع 10 %)، لصالح مشاريع الوقود الأحفوري. وفي طليعة هذه البنوك، نجد مصارف من الوزن الثقيل مثل JPMorgan، مع تمويل لقطاع النفط والغاز في العام 2023، بحجم 41 مليار دولار، بنك Mizuho بحجم 37 مليار دولار، وBankofAmerica بحجم 34 مليار دولار. أما في أوروبا فيأتي بنك Barclays البريطاني في طليعة البنوك المموّلة للقطاع الملوث للبيئة والمناخ، وبحجم 24 ملياراً، يليه الفرنسي BNPParibas، بحجم 12.2 مليار، يتبعه بنكان فرنسيان أيضاً CreditAgricole، بتمويل حجمه 11.7 ملياراً و SocieteGenerale بحجم 8.7 مليارات.
منذ إتفاقيات باريس 2015، حول البيئة والتي تهدف إلى الحد من الإحتباس الحراري والوصول إلى 1.5 درجة، أقرّت البنوك قروضاً بقيمة 7 آلاف مليار دولار لتمويل مشاريع في قطاع الوقود الأحفوري. ومنذ العام 2021 أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى أنه لا يُمكن القيام بمشاريع نفط وغاز وفحم جديدة إذا كان الهدف هو بلوغ إنبعاثات شبه معدومة (صفر إنبعاثات)، في حلول العام 2050 إلتزاماً بإتفاقيات باريس.
المنظمات غير الحكومية NGO، المدافعة عن حقوق البيئة وحماية المناخ، تتخذ من دراسة الوكالة الدولية للطاقة درعاً في هجومها على المصارف كي تتوقف عن تمويل القطاع الأكثر تلويثاً للبيئة.
وفي العودة إلى المصارف الفرنسية، حدّد BNPParibas، هدفاً لتخفيض حجم تمويله لقطاع النفط والغاز والفحم بنسبة 70 %، في حلول العام 2030 ضمن مسعى لتخفيض هذا التمويل والإستعاضة عنه بتمويل 90 % مشاريع طاقة قليلة إنبعاثات الكربون. بمعنى أن كل يورو يستثمر في الوقود الأحفوري يقابله إستثمار بقيمة 11 يورو في الطاقات المتجددة، خطوة رحبت بها NGO، ولو أنها أي هذه المنظمات لم تقتنع كلياً بنوايا البنوك في هذا الإتجاه.
يتعيّن على المصارف المركزية التحضير لتأثيرات الذكاء الاصطناعي العميقة، وفق ما ذكره بنك التسويات الدولية (بي آي إس)، مشدّداً على أن التكنولوجيا لا ينبغي أن تحل محل البشر في تحديد أسعار الفائدة.
وفي أول تقرير رئيسي لها عن عالم الذكاء الإصطناعي الذي يتقدم بسرعة، أفادت المجموعة الشاملة للمصارف المركزية: «إن صناع السياسات بحاجة إلى تسخير قوتها الهائلة لمراقبة البيانات في الوقت الفعلي من أجل «تحسين» قدراتهم على التنبؤ بالتضخُّم». علماً أن ذلك كان ناقصاً بشدّة في أعقاب أزمة «كوفيد – 19» والغزو الروسي لأوكرانيا عندما فشل الإحتياطي الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي وغيرهما من المصارف المركزية الكبرى في فهم قوة إرتفاع التضخُّم العالمي.
ومع ذلك، أكدت كبيرة المسؤولين في «بي آي إس»، سيسيليا سكينغسلي، «أن النماذج الجديدة للذكاء الإصطناعي، تقلّل من خطر تكرار ذلك، رغم طبيعتها غير المجربة، وحقيقة أنها يمكن أن «تتوهّم»، مما يعني أنها لا ينبغي أن تتحوّل إلى آلات لتحديد أسعار الفائدة»، مشيرة إلى الدور الحاسم الذي تلعبه تكاليف الإقتراض في المجتمع والحاجة إلى الحكم: «نحن نحب مساءلة البشر. لذلك لا أستطيع حقاً أن أتخيّل مستقبلاً يضع فيه الذكاء الإصطناعي أسعار (الفائدة)».
وأكد بنك التسويات الدولية، الذي يُطلق عليه غالباً «بنك المصارف المركزية» بسبب العمل المشترك الذي يقوم به، أنه لديه بالفعل ثمانية مشاريع تتضمن إستخدام الذكاء الإصطناعي.
وقال رئيس قسم الأبحاث والمستشار الاقتصادي الأعلى في «بي آي إس»، هيون سون شين: «إن صانعي السياسات لا ينبغي أن يعدونه «شيئاً سحرياً»، لكنه قال إنه «يمكن أن يساعد في إكتشاف الضوابط في أنظمة البيانات المالية ورصد الضعف فيها».
ومن المرجح أيضاً أن يعيد إبتكار أسواق العمل بشكل جذري، مما يؤثر على الإنتاجية والنمو الإقتصادي. ويُمكن أن يؤدي التبني الواسع النطاق إلى قيام الشركات بتعديل الأسعار بشكل أسرع إستجابة للتغييرات الاقتصادية الكلية مع تداعيات على التضخُّم.
وحذّر بنك التسويات الدولية من أن الذكاء الإصطناعي يقدم أيضاً مخاطر، مثل أنواع جديدة من الهجمات الإلكترونية، وقد يضخّم المخاطر الموجودة بالفعل، مثل بيع الأصول المالية.
وختم شين قائلاً: «إن الدعوة للعمل للمصارف المركزية هي لتعزيز مجتمع الممارسة، لمشاركة التجارب وأفضل الممارسات، وأيضاً لمشاركة البيانات والنماذج ذاتها».
توقّع البنك الدولي في تقرير عن «الآفاق الاقتصادية العالمية»، أن يُحقق الإقتصاد العالمي معدّلات نمو مستقرة للمرة الأولى منذ 3 سنوات في العام 2024، لكن عند مستويات ضعيفة بالمقاييس التاريخية الحديثة، إذ توقع أن يظل ثابتاً عند 2.6 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 2.7 % في المتوسط لعامي 2025 – 2026، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق على تفشي جائحة كورونا. وجاءت توقعاته هذه أعلى مما كان توقعه في يناير/ كانون الثاني 2024 عند 2.4 %، بينما بقيت توقعاته نفسها بالنسبة للعام المقبل. وفي ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خفّض البنك الدولي توقعاته لنموها هذا العام إلى 2.8 % من 3.5 %، «ما يعكس أثر تمديد تخفيضات إنتاج النفط والصراع الدائر في المنطقة»، بينما رفعها إلى 4.2 % في العام المقبل من 3.5 %.
وتشير التوقعات إلى أنه على مدار 2024 – 2026، فإن البلدان التي تشكل مجتمعة أكثر من 80 % من سكان العالم وإجمالي الناتج المحلي العالمي، ستواصل النمو بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقد السابق للجائحة.
وبشكل عام، من المتوقع أن تنمو الاقتصادات النامية بنسبة 4 % في المتوسط خلال 2024 – 2025، وهو أبطأ قليلاً مما كانت عليه في العام 2023. ويُتوقع أن يتسارع النمو في الإقتصادات منخفضة الدخل ليصل إلى 5 % في العام 2024، إرتفاعاً من 3.8 % في العام 2023. ومع ذلك، فإن توقعات النمو لعام 2024 تعكس تعديل التوقعات بالنقصان في 3 من كل 4 إقتصادات منخفضة الدخل منذ يناير. أما في الإقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يظل معدل النمو ثابتاً عند 1.5 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 1.7 % في العام 2025.
ويُتوقع أن يتراجع معدل التضخم العالمي إلى 3.5 % في العام 2024، وإلى 2.9 % في العام 2025، ولكن بوتيرة إنخفاض أبطأ مما كان متوقعاً قبل 6 أشهر فقط. وعلى أثر ذلك، من المتوقع أن يظل كثير من المصارف المركزية حذراً في خفض أسعار الفائدة الأساسية. ومن المرجّح أن تظل أسعار الفائدة العالمية مرتفعة وفقاً لمعايير العقود الأخيرة – بمتوسط يبلغ نحو 4 % خلال 2025 – 2026، أي ضعف متوسط عامي 2019 – 2000 تقريباً.
الشرق الأوسط
وبالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفاد البنك الدولي أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين حيال السياسات يتصاعدان في المنطقة، وأن هناك معاناة إنسانية هائلة وتدميراً لرأس المال المادي في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الصراع الدائر. كما أدت الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر إلى تراجع حركة العبور عبر قناة السويس، وتعطيل التجارة الدولية، وزيادة حالة عدم اليقين بشأن السياسات، لا سيما في البلدان المجاورة. وظل نشاط كل من البلدان المصدرة والمستوردة للنفط في المنطقة ضعيفاً حتى منتصف العام 2024. وفي الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، شهد النشاط النفطي حالة من الركود، حيث تم تمديد تخفيضات إنتاج النفط في يونيو/ حزيران 2024 حتى نهاية العام 2025، وتم الاتفاق على الإبقاء على التعديلات الإضافية الطوعية في الإنتاج حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، قبل إلغائها التدريجي بدءاً من أكتوبر/ تشرين الأول. وإنتعش النشاط في البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي التي كانت معفاة من إتفاقيات خفض الإنتاج.
السعودية
وفي المملكة العربية السعودية، توقع البنك الدولي أن تدعم الأنشطة غير النفطية معدلات النمو في عام 2024، وأن يؤدي الاستئناف التدريجي للنشاط النفطي إلى زيادة النمو في عام 2025. وأبقى توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي هذا العام عند 2.5 %، كما توقع في أبريل/ نيسان وأقل من توقعات يناير/ كانون الثاني (4.2 %)، لكنه رفعها إلى 5.9 % لعام 2025 من 4.2 %.
البلدانالمستوردةللنفط
وفي البلدان المستوردة للنفط، توقع البنك الدولي أن يزيد معدل النمو في العام 2024 إلى 2.9 % ثم إلى 4 % سنوياً في 2025 – 2026. وفي مصر، من المتوقع أن يزيد معدل النمو بسبب نمو الإستثمار الذي حفّزته جزئياً الصفقة الكبرى التي تم إبرامها مع الإمارات. ومن المتوقع أن يظل النمو مستقراً في الأردن، رغم أن الأنشطة المرتبطة بالسياحة ستعاني في الأمد القصير. وفي تونس، يُتوقع أن ينتعش النمو، لكن من المتوقع أن يتراجع النشاط في جيبوتي والمغرب في العام 2024.
الآفاقالمستقبلية
يتوقع البنك الدولي أن ينتعش النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليصل إلى 2.8 % في العام 2024 و4.2 % في العام 2025، ويرجع ذلك أساساً إلى الزيادة التدريجية في إنتاج النفط وتحسن النشاط مع الربع الأخير من العام 2024. كما يتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 2.8 % في العام 2024 و4.7 % في العام 2025.
أما من بين البلدان المصدّرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي، فسيساعد الانتعاش المتوقع في قطاع النفط في العام 2025 على تعزيز النمو في الجزائر والعراق.
المخاطر
تتمثل إحدى المخاطر السلبية الشديدة التي تهدد المنطقة في إمكانية تصاعد الصراعات المسلحة فيها. وبالنسبة إلى البلدان المستوردة للنفط، فقد يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية إلى خروج رؤوس الأموال وانخفاض سعر الصرف. وستشهد البلدان التي تعاني إرتفاع الديون الحكومية زيادة في أعباء خدمة الديون بسبب إرتفاع تكاليف الإقتراض وإرتفاع مخاطر عدم الإستقرار المالي. ولا تزال الظواهر المناخية الشديدة الناجمة عن تغيُّر المناخ، فضلاً عن الأنواع الأخرى من الكوارث الطبيعية، تشكل مخاطر كبيرة في المنطقة. ومن المرجح أن تؤثر التداعيات السلبية غير المباشرة بسبب تراجع النمو في الصين مقارنة بما كان متوقعاً، على البلدان المصدرة للنفط بسبب انخفاض الطلب وتراجع أسعار النفط.
نمو إقتصاد الإمارات
في السياق عينه، أكد البنك الدولي في تقريره الأخير «الآفاق الإقتصادية العالمية» على توقعاته الإيجابية لنمو اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى إستمرار مسار النمو القوي.
وتوقع البنك الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 3.9 % في العام 2024، مع تسارع وتيرة النمو لتصل إلى 4.1 % في العام 2025.
وكان البنك الدولي رفع في أبريل/ نيسان الماضي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى 3.9 % في العام 2024 مقارنة بتوقعاته في يناير/ كانون الثاني الماضي البالغة 3.7 %.
سلّط إنعقاد المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024 في الدوحة، قطر تحت عنوان «متطلّبات التنمية المستدامة ودور المصارف»، في دورته الـ 25، برعاية محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، والذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف قطر المركزي، على مدار يومين، الضوء على دور المصارف والمؤسسات المالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، متزامناً مع إحتفالات اليوبيل الذهبي لمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس إتحاد المصارف العربية.
ويُعد هذا الحدث من أبرز الفعّاليات المالية في المنطقة، حيث جمع نخبة من المتخصّصين في القطاع المصرفي والمالي من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحدّيات والفرص التي تواجهها المنطقة العربية في إطار التنمية المستدامة، مركّزا على أهمية توجيه إستراتيجيات القطاع المصرفي نحو دعم المشاريع والمبادرات التي تُسهم في الحفاظ على البيئة وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، كما عكس إنعقاد هذا المؤتمر في الدوحة، إلتزام دولة قطر في تعزيز دورها كمركز مالي دولي ومساهم رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة.
وشارك في الإفتتاح الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، ومحمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، والدكتور وسام فتوح، الأمين العام للإتحاد، والدكتور فهد بن محمد التركي، مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، والدكتورة رولا دشتي، وكيل الأمين العام والأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
المحافظ الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني
في الكلمات، شدّد الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي على ركائز أساسية لتحقيق إستدامة القطاع المالي منها إدارةُ المخاطر المُناخيَّة والبيئيَّة والإجتماعيَّة في القطاع المالي، وتشجيع الإستثمارات الرأسمالية في التمويل المستدامِ، داعياً إلى «العمل الجماعي؛ لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة التي تظلُّ هدفًاً راسخاً ومُشتركاً من أجل مستقبل أكثر مرونة وازدهاراً».
وأشار المحافظ آل ثاني إلى «أهمية عقد هذا المؤتمر؛ لمناقشة قضايا التنمية المستدامة، كونها تمثّلُ بوابةً لتشكيل مستقبل عالمنا»، مشيراً إلى «ما حققه المجتمع العالمي من نقلة نوعية في ظِلّ تَطور العُلوم وتَقدُم التِكنولوجيا، وما يشهده العالم من ثورة صناعيّة وتطور غير مسبوق في الخِدمات الصحيّة، ما إنعكس على جودة حياة الإنسان، حيث تضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من عشرة أضعاف على إمتداد المئتَي عام الماضية».
وأوضح الشَّيخ بندر بن محمد بن سعود أنه «رغم من هذا التطور لا يُمكن إنْكَارُ حقيقة أن هذا النمو أدّى إلى حدوث تغييرات مناخية ملموسة في حياتنا اليوميَّة»، وقال: «في الوقت الذي يواصل فيه العالم بذل الجهود من أجل إحراز تقدم ملموس في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، لا تزال توجد بعض التحدّيات التي قد تبطِّئ الوصول إلى الأهداف المرجوّة، وتحدّ من مسيرة نموّ الإقتصاد العالمي».
الإتربي
بدوره أكد محمد الأتربي رئيس اتحاد المصارف العربية، «أهمية المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، في التأسيس لمستقبل مستدام لدى الدول العربية»، مشيراً إلى إنه «بإمكانها تحقيق العديد من المكاسب الفردية والجماعية إذا تمكنت من التغلُّب على التحدّيات الإنمائية المتزايدة، والإستفادة من هذا المؤتمر بالشكل اللازم».
وطالب الأتربي بـ «ضرورة العمل على تعزيز وسائل التنفيذ عبر توطيد التعاون العالمي والإقليمي، والتضافر بين الدول، مع الإستناد على التكنولوجيا والمعارف في تعزيز الشراكات وترسيخ التنمية المستدامة في الأوساط العربية بشكل حقيقي وفعّال»
وأشار الإتربي إلى «أن متطلبات التنمية المستدامة للدول العربية تقتضي العمل على إيجاد سياسات استثمارية أكثر جاذبية»، موضحاً «دور القطاع الخاص في تمويل التنمية المستدامة على المستوى الدولي، مقارنة بالجانب العربي الذي لا يزال بحاجة إلى زيادة فعّالية القطاع الخاص، ما يستدعي فعلاً الحرص على بحث سبل الإستمرار وتحقيق أواصر التعاون عبر هذا المؤتمر، والذي يأتي في الوقت المناسب للوصول إلى مستويات مقبولة من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية».
التركي
وقال الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، «إن القطاع المصرفي القطري حقق مرتبة متقدمة بين الدول العربية من حيث نسبة معدل كفاية رأس المال إذ بلغت 19.2%، مما يعكس مكانة القطاع وقدرته على إستيعاب الصدمات».
وأشاد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي بالقطاع المصرفي القطري، مشيراً إلى أنه «إستأثر بنسبة 11.9% من موجودات القطاع المصرفي العربي، محققاً بذلك المرتبة الثالثة على مستوى الدول العربية».
ولفت التركي إلى «أن نسبة التسهيلات غير العاملة بالنسبة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع القطري لاتزال منخفضة مقارنة بالمتوسط في الدول العربية، إذ بلغت النسبة حوالي 3.9% مع نهاية العام الماضي (2023)، مقابل متوسط 7.9% في القطاع المصرفي القطري».
د. دشتي
من جهتها، إعتبرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا «إسكوا»، رولا دشتي، «أن الإستثمارات المستدامة حيوية للنمو الإقتصادي والإستدامة المالية»، مؤكدة «أن على المصارف العربية الإستمرار بوتيرة أسرع في إعتماد الأدوات المالية الجديدة والإرتقاء بها، مثل السندات الخضراء»، مشيرة إلى «أن قيمة سوق السندات البيئية والمجتمع والحوكمة تبلغ تريليوناً و700 مليار دولار، وحصة المنطقة العربية منها لا تتجاوز 5.50 مليارات دولار».
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح
يكرّم محافظ مصرف قطر المركزي
الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني
وألقى الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية كلمة بإسم الإتحاد في مراسم التكريم الخاص لمحافظ مصرف قطر المركزي، راعي المؤتمر، الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، مشيداً بالمحافظ ومعدّداً ميزاته المهنية.
أعلن بنك السلام، رائد المؤسسات المالية المدرجة في بورصة البحرين، وسوق دبي المالي، عن إتمام عملية الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي – البحرين («بيت التمويل الكويتي-البحرين») من مجموعة بيت التمويل الكويتي. تُعتبر هذه الصفقة الإستراتيجية خامس صفقة إندماج وإستحواذ لبنك السلام في رحلة نموه، مما يُعزّز مكانته بإعتباره البنك الأسرع نمواً والأكثر نشاطاً في عمليات الإندماج والإستحواذ في مملكة البحرين.
ويأتي الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي البحرين مواصلة لمسيرة عمليات الإندماج والإستحواذ الناجحة لبنك السلام، والتي تضمّنت بنك البحرين السعودي في العام 2009، و«بي إم آي بنك» – BMI bank في العام 2014، وقطاع الخدمات المصرفية للأفراد التابع لبنك الإثمار في العام 2022 وإستحواذه على حصة الأغلبية المطلقة في مصرف السلام – الجزائر في العام 2023، وهو ما يدل على تمكُّنه من تحقيق نمو غير ذاتي قوي، وضمان الإنتقال السلس لزبائنه. وسيؤدي الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي – البحرين، والذي تتجاوز قاعدة أصوله 1.49 مليار دينار بحريني، إلى زيادة الميزانية العمومية لبنك السلام بشكل كبير بنسبة 28%، وتسريع عملية الإستحواذ على حصة أكبر في السوق وتحسين العروض والخدمات المصرفية.
وتعاون بنك السلام مع مجموعة بيت التمويل الكويتي على نطاق واسع لتسهيل وتسريع الإنتهاء من الإجراءات المالية، وسيُواصلان العمل معاً لتنفيذ خطة متكاملة وسلسة للحفاظ على التجربة المصرفية للزبائن دون أي تأثير. كما ستستمر علاقات الزبائن والعمليات المصرفية والخدمات المقدمة في الفروع تعمل بكل كفاءتها بشكل طبيعي.
وقال الشيخ خالد بن مستهيل المعشني رئيس مجلس إدارة بنك السلام: «يعد الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي-البحرين خطوة إستراتيجية في مسيرة نموّنا، كونه يضع معياراً جديدًا للتميُّز في عمليات الإندماج والإستحواذ في المنطقة، وهو يؤكد على إلتزامنا تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز مالي إسلامي رائد. وسنواصل تنفيذ المبادرات الهادفة إلى توسيع محفظتنا الإستثمارية التي تعزّز مكانتنا كأسرع البنوك نمواً، وتلبي تطلعاتنا لزيادة الربحية وتعزيز قيمة حقوق المساهمين».
من جهته، أوضح رفيق النايض الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك السلام: «يُمثل هذا الإستحواذ أكثر من مجرد نمو، فهو يعد علامة بارزة ضمن جهودنا لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية المتمثلة في الوصول إلى نطاق عالٍ وتحقيق أقصى قيمة ممكنة للمساهمين. وسيستمر زبائننا بالإستفادة من أفضل الخدمات والمنتجات المصرفية عالية المستوى، والتي ستكون معزّزة الآن بخبرتنا وتجاربنا المشتركة وقدراتنا الرقمية وشبكة واسعة من الخدمات المصرفية».
هل يُعطى أصحاب الإرادة الطيبة الفرصة ليصلحوا ما أفسدته السياسة؟
كتب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف، في إفتتاحيته في التقرير الشهري للجمعية، بعنوان «المركزي بين الحاضر والتحدّيات»، جاء فيها: «تبدّلت مقاربة مصرف لبنان للأزمة المالية وطريقة التعامل معها منذ بداية آب (أغسطس) 2023، فأين ظهر التمايز في سياسات مصرف لبنان ما بعد هذا التاريخ المفصلي وما هي تحدياته المستقبلية؟
يُمكن إستخلاص النتائج على أرض الواقع من خلال الحقائق التالية:
1–بين الأمس واليوم
– المعالجات أصبحت ترتكز أكثر على نقاش تقني بين المصرف المركزي والمصارف (وإن لم تتطابق وجهات النظر في عددٍ من المجالات).
– إقرار المصرف المركزي بمبدأ الأزمة النظامية، إذ إن الدولة هي المسؤول الأول عن الأزمة وقد بدّدت الأموال وعليها مسؤولية إعادتها، على أن تتم دراسة السبل المناسبة للتسديد في المراحل المقبلة، نظراً إلى ضعف إمكانات الدولة حالياً.
– إن أي حلول لا تأخذ في الإعتبار إستمرارية القطاع المصرفي، هي غير قابلة للحياة وتقضي على أي أمل بإعادة بناء هذا القطاع، وبالتالي على أي إمكانية لإطلاق الإقتصاد من جديد.
– ما من أحد يعتقد اليوم بإمكانية إعادة الودائع بشكل آني وفوري، لكن هذا لا يتعارض مع ضرورة إعادة الحقوق تدريجاً لأصحابها في كافة الطرق المتاحة.
– غربلة الودائع بحسب مصدرها، وتصنيف المودعين بين مودع ومستثمر ومَن إستفاد من الفوائد المرتفعة.
– فصل الودائع الناجمة عن عمليات إستفاد أصحابها من الأزمة على حساب المودعين، عبر تجارة الشيكات وعبر صيرفة.
– دراسة وضع المقترضين الذين أثروا على حساب المودعين، كما والمتعاملين الذين استفادوا من عمليات الدعم والتهريب.
– تنقية ميزانيات المصارف وإظهار الفرص الإستثمارية فيها، كما والتصدّي لمحاولات القضاء على القطاع.
– توحيد سعر الصرف دون المس بإحتياطات المركزي من العملات الأجنبية.
– تطبيق المعايير المحاسبية عينها على ميزانيات المصارف وعلى ودائعها لدى مصرف لبنان. فزمن الكيل بمكيالين قد إنتهى.
– الإقرار بأن التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان هي ملك المصارف.
– عدم جواز تمويل أي عجز للدولة من قبل المصرف المركزي خارج الأطر القانونية، مهما علا الصراخ وكَثُرت الضغوطات السياسية.
– عدم القبول بالعودة إلى الحلول الجزئية التي تهدف إلى كسب الوقت.
– عاد مصرف لبنان إلى لعب دوره الطبيعي المنصوص عنه في قانون النقد والتسليف، لا أكثر ولا أقل.
– تم تصحيح ميزانية مصرف لبنان وتوضيح جزء مهم من بنودها، بإنتظار إستكمال ما تبقّى من توضيحات.
– للمرة الأولى منذ عقود تتسلم جمعية مصارف لبنان أرقاماً إحصائية، كانت تطالب بها منذ سنين، تُبيِّن حقيقة الوضع القائم.
– التوقف عن إستعمال إمتياز مصرف لبنان بطبع الليرةSeignorage لتغطية خسائره عبر إعتبارها خسائر مؤجلة.
2–التحدّيات المستقبلية
-ضبط الإقتصاد النقدي من التفلُّت وتوجيهه نحو القطاع المصرفي.
-المواءمة بين ضبط الكتلة النقدية وحاجات من ليس له مداخيل سوى حسابه المصرفي (الدولار المصرفي).
-حماية السيولة المخصصة لصغار المودعين في الداخل من إمكانات كبار المودعين في الخارج.
-حماية موجودات مصرف لبنان (ذهب وعملات) من الدعاوى القضائية في الخارج.
-العمل على ضمان المصاريف التشغيلية للمصارف، بإنتظار عودة القطاع إلى نشاطه الطبيعي.
-العمل على عودة المصارف إلى ممارسة دورها المتعارف عليه في الإقتصاد.
-التأكيد على جلوس كافة المعنيين في مشروع إعادة هيكلة المصارف على الطاولة.
ما سبق، هو إحدى القراءات للسياسات الحالية لمصرف لبنان وتحدياته المستقبلية، فهل يُعطى أصحاب الإرادة الطيبة الفرصة ليصلحوا ما أفسدته السياسة؟ أم تبقى مقولة «لا يُصلِحُ العطار ما أفسده الدهر» قائمة، في بلد شبَّ بعضهم على شيء فشيَّبونا عليه».
نظّم إتحاد المصارف العربية دورات تدريبية في عدد من البلدان العربية:
«المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) (الأدوات المالية)»
في هذا السياق، عقد الإتحاد برنامجاً تدريبياً تعاقديا لمصرف الجمهورية (ليبيا) بعنوان «المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) (الأدوات المالية)»، في طرابلس لمدة خمسة أيام (ما بين 19 أيار/ مايو و23 منه 2024).
وحاضر في الدورة، الدكتور أحمد نبيل، الرئيس التنفيذي المالي، بنك قطر الوطني، مصر، حيث إفتتح البرنامج هاني علي، المدير الإقليمي، مكتب مصر، الذي ثمّن الجهود التي يقوم بها قيادات مصرف الجمهورية، والإهتمام المتزايد بتنمية وتطوير مهارات العاملين في المصرف، لمواكبة العمل المصرفي الحديث، حيث يحقق البرنامج أهدافه المرجوة منه.
ثم أكدت مدير إدارة تنمية الموارد البشرية، أهمية هذه الدورة، والتي ستُسهم في تزويد المشاركين بمعرفة الأزمة، للمساعدة في التطبيق الفعلي للمعيار.
وتطرّقت الدورة التدريبية إلى المحاور التالية: نموذج الأعمال (التصنيف والقياس)، نموذج الخسائر الإئتمانية المتوقعة، إعتبارات التطبيق الأولى، إعتبارات التطبيق اللاحق والإفصاحات المقترحة. علماً بأن البرنامج يستهدف أعضاء لجنة تطبيق المعيار المحاسبي الدولي رقم (9) التي تم تكوينها وفق متطلّبات مصرف ليبيا المركزي لتفيذ المعيار.
«أساسيات الذكاء الإصطناعي للعاملين في القطاع المصرفي»
ونظّم الإتحاد دورة تدريبية مصرفية بالتعاون مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب، لمدة ثلاثة أيام (ما بين 28 أيار/ مايو و30 منه 2024)، تحت عنوان: «أساسيات الذكاء الإصطناعي للعاملين في القطاع المصرفي»، في مدينة كازابلانكا، المملكة المغربية.
وإفتتح هذه الدورة المدير العام للمجموعة المهنية لبنوك المغرب الدكتور الهادي شايب عينو، وشارك في هذه الورشة 20 مشاركاً من المصارف المغربية، التي قام بتغطيتها الدكتور أندريه غلام المدير العام لشركة لوجيكا ش.م.ل وخبير في مجال الذكاء الإصطناعي.
«مخاطر أسعار الفائدة الجديدة في البنوك (IRRBB) وفقا لمتطلّبات لجنة بازل»
ونظّم الإتحاد، دورة تدريبية في الدوحة، دولة قطر لمدة ثلاثة أيام (ما بين 3 جزيران/ يونيو و5 منه 2024)، تحت عنوان: «مخاطر أسعار الفائدة الجديدة في البنوك (IRRBB) وفق متطلّبات لجنة بازل» NEW INTEREST RATE RISK IN THE BANKING BOOK (IRRBB) BASEL COMMITTEE REQUIREMENTS، وقام بتغطية هذه الورشة روجيه ابي الحسن، كبير محللي البيانات المالية، إدارة المال والرقابة المالية في لبنان. وشارك فيها 26 مشاركاً من من دولة قطر ومصر والأردن.
ويكتسب المشاركون من هذه الدورة، فهماً متعمقًاً لإدارةIRRBB ، حيث تغطي مجموعة من المواضيع الرئيسية، بما في ذلك طرق تنفيذ حلول القياس وإعداد التقارير ومعالجة التحدّيات الرئيسية لإجراء تمارين إختبار التحمُّل ودراسة متطلّبات الإفصاح المعزّزة، بالإضافة إلى التحدّيات الرئيسية التي تواجه البنوك في ضوء بيئة أسعار الفائدة الحالية.
وتوجهت الدورة إلى رجال القانون والتشريع، وكبار مسؤولي المخاطر CROs ومديري المخاطر، والمراجعين الداخليين، والمسؤولين الماليين، ومديري الإمتثال، ومديري الخزانة، ومدراء أسواق رأس المال والمدقّّقين الخارجيين.
«الإدارة الفعّالة لمخاطر الجرائم المالية في الصيرفة المعاصرة»
ونظّم الإتحاد دورة تدريبية في دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة، لمدة ثلاثة أيام (ما بين 3 حزيران/ يونيو و5 منه 2024)، تحت عنوان: «الإدارة الفعّالة لمخاطر الجرائم المالية في الصيرفة المعاصرة» THE EFFECTIVE MANAGEMENT OF FINANCIAL CRIME RISKS IN MODERN BANKING. وقد قام بتغطية هذه الورشة كميل بارخو، خبير مصرفي ورئيس سابق لإدارة الإمتثال في احد المصارف الكبرى، ومستشار أعمال في القطاع المالي والتجاري/ لبنان. وشارك فيها 21 مشاركاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، مصر، الأردن، السودان، العراق ودولة الكويت.
وهدفت الدورة إلى مناقشة الحوكمة الرشيدة ضمن المؤسسات المالية، وكيفية تأثيرها على مكافحة الجرائم المالية، ومناقشة آلية المخاطر وتفصيلها، ومناقشة مخاطر العقوبات الدولية على المؤسسات المالية وعملائها، وإستعمال التكنولوجيا في عملية مكافحة الجرائم المالية: الحسنات والسيئات.
وتوجهت الدورة إلى كافة الموظفين العاملين في البنوك والمؤسسات المالية وغير المالية، وموظفي الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وموظفي المراجعة المحاسبية، والموظفين المختصين في الخدمات المصرفية الخاصة وخدمات العملاء الأخرى.
تم تكريم مجموعة «جي إف إتش المالية» لأدائها الإستثنائي في القطاع المالي، حيث حصلت على المركز الخامس ضمن قائمة فوربس لأفضل 30 مديراً للأصول لعام 2024. يعكس هذا التكريم إستراتيجيات «جي إف إتش» المتميّزة وسجّلها القوي من الإستثمارات وعمليات التخارج الهامة، وقدرتها على تحقيق عوائد كبيرة للمساهمين. مع أصول خاضعة للإدارة تزيد قيمتها عن 20 مليار دولار، تطوّرت مجموعة «جي إف إتش» من بنك إستثماري إلى مجموعة مالية إقليمية رائدة، مع مجموعة واسعة من الإستثمارات العالمية والشركات التابعة.
ومما يبرز مكانة «جي إف إتش» في هذا القطاع، تكريمها أيضاً كأفضل بنك إستثماري إسلامي في العالم من قبل مجلة غلوبال فاينانس للعام الثاني على التوالي. يُسلّط هذا التكريم الضوء على النهج المبتكر الذي تتبعه مجموعة «جي إف إتش» المالية في مجال التمويل الإسلامي، والذي يعمل على مواءمة الحلول المالية الحديثة مع مبادئ الشريعة الإسلامية. تعكس هذه الإنجازات دور مجموعة «جي إف إتش» المالية كمؤسسة رائدة في مجال الخدمات المصرفية الإستثمارية والتمويل الإسلامي، كما أنها تُمثل علامة بارزة في نموّها المستمر ونجاحها.
في الربع الأول من العام 2024 بدعم من إيرادات التمويل
نمت الأرباح الصافية لبنك دخَان القطري في الربع الأول من العام 2024 بنسبة 2% على أساس سنوي إلى 423 مليون ريال.
ودعم نمو ربحية البنك ارتفاع إجمالي الايرادات بنسبة 15% إلى نحو 1.4 مليار ريال، بينما ساهم إنخفاض قيمة الايرادات غير التشغيلية بنسبة 93% في تقلص صافي الربح.
وأظهرت البيانات المالية للبنك في نهاية مارس/ آذار 2024 إنخفاض قيمة التمويلات المتعثرة إلى 4.3 مليار ريال، وبما يمثل 5.1% من إجمالي موجودات التمويل، في حين إرتفع إجمالي مخصص إنخفاض قيمة التمويل إلى نحو 25 مليون ريال قياساً بـ 7.4 ملايين ريال في الربع المقابل من العام 2023.
جائزتا «أفضل بنك إسلامي للخدمات المصرفية الخاصة في العالم 2024»
و«أفضل مؤسسة مالية إسلامية في قطر لعام 2024»
من جهة أخرى، أعلن بنك دخان فوزه بجائزة «أفضل مؤسسة مالية إسلامية في قطر 2024»، وفق مجلة «غلوبال فاينانس» إحدى المجلات العالمية الرائدة المتخصصة في إجراء تقييمات دقيقة للمؤسسات المصرفية والمالية في أكثر من 150 دولة لتحديد أفضلها من حيث الأداء وثبات معدّلات النمو، في إنجاز جديد يعكس التميُّز المستمر والريادة التي يتمتع بها البنك في قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية على المستوى العالمي، وإلتزامه الأوسع بتلبية المتطلّبات المتزايدة لعملائه، لا سيما في ما يخص الخدمات الرقمية، مما يُعزّز مكانته كخيار مصرفي مفضل للعملاء الراغبين في الإستفادة من خدمات بنكية متقدّمة ومتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
كما حصد بنك دخان أيضاً وفق المجلة عينها، جائزة «أفضل بنك إسلامي للخدمات المصرفية الخاصة في العالم 2024» للعام الثالث توالياً، والتي تسلّط بدورها الضوء على مدى مرونته وما يقدّمه من محفظة واسعة من الخدمات المصرفية والحلول والخدمات التمويلية والمصرفية والإستثمارية الأكثر تطوّراً والمصمّمة خصيصاً وفق تطلعات وطموحات واحتياجات المتغيّرة باستمرار عملائه كافة، وبخاصة ذوي الملاءة المالية العالية.
وأبدى أحمد هاشم، الرئيس التنفيذي بالوكالة لبنك دخان، ترحيبه بتتويج بنك دخان بهاتين الجائزتين قائلاً:
«نفخر جداً لحصول بنك دخان على جائزة «أفضل مؤسسة مالية إسلامية في قطر 2024» والتي تُمنح للمؤسسات المالية الرائدة بعد تقييم شامل يجريه كوكبة من خبراء تقييم أداء المؤسسات المصرفية والمالية في العالم في «غلوبال فاينانس»، مشيراً إلى أن هذا الفوز «يُبرز إلتزام بنك دخان الراسخ بتقديم منتجات وخدمات مبتكرة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، تُعزّز تجربة العملاء، وتحافظ على مكانته الرائدة في مجال الخدمات المصرفية الخاصة الذي يتغير بوتيرة متسارعة، لا سيما في مجال الإبتكار الرقمي».
من جانبه، أكد شوقي ضاهر، مدير عام الخدمات المصرفية الخاصة في بنك دخان: «سعادتنا البالغة للتتويج بهاتين الجائزتين، وخصوصاً أن هذا العام الثالث توالياً الذي يحصد فيه بنك دخان جائزة «أفضل بنك إسلامي للخدمات المصرفية الخاصة في العالم 2024». إنها صفحة جديدة في مسيرتنا الحافلة تتحدث عن تفاني فريقنا ومضيه بخطى ثابتة نحو التميّز والثقة الكبيرة التي نتمتع بها من قبل عملائنا، كما أنها في الوقت ذاته، تظل حافزاً قوياً لنا لمواصلة البحث عن أفضل الإبتكارات المتطوّرة في هذا المجال للإرتقاء بمكانتنا الرائدة في قطاع الصيرفة الإسلامية وتحسن معاييرنا التشغيلية».
يشار إلى أن بنك دخان يحتل مكانة متميّزة في القطاع المصرفي القطري بفضل خبرته الواسعة في إدارة الثروات، وفهمه العميق للأسواق المحلية والإقليمية، والإبتكار المستمر في التكنولوجيا المالية. ويلتزم البنك بالمُضي في تنفيذ إستراتيجيته الطموحة للتحوّل الرقمي الشامل والتي تهدف إلى إثراء محفظته من الخدمات المصرفية الخاصة بما يواكب الإحتياجات المتطوّرة لمختلف شرائح عملائه، ولا سيما ذوي الملاءة المالية العالية. ويُدرك بنك دخان أهمية تلبية إحتياجات عملائه المتنوعة في مجال إدارة الثروات، لذلك يقدم خدمات شاملة ومصممة خصيصًا تشمل خدمات إدارة الثروات العائلية كجزء أساسي من عروض الخدمات المصرفية الخاصة. وتهدف هذه الخدمات إلى مساعدة العملاء على حماية ثرواتهم وضمان إستمرارها للأجيال القادمة وزيادة ثقتهم، وتالياً المساهمة في تعزيز مسار نمو بنك دخان.
حساب التوفير «ثراء»
من جهة أخرى، أعلن بنك دخان عن أسماء الفائزين في السحب الخاص في حساب التوفير «ثراء» المتوافق مع أحكام الشريعة، والذي تم إجراؤه في المقر الرئيسي للبنك تحت إشراف ممثل إدارة التراخيص النوعية ومراقبة الأسواق بوزارة التجارة والصناعة.
وأسفر السحب عن فوز العملاء ليلى علي توكلي، فاي شان، عبدلله جمعة الكبيسي، خلود علي الشيب، نعيمة أحمد الأنصاري، وسام رزق دلول، فاطمه جاسم العبيدان، الشيخ عبدالله آل ثاني، عامر عبدالرزاق ضفار، محمد عبدالحميد عبدالعليم، هالة عبدالله المطوع، عائشة راشد الهاجري، يوسف حسين بو صباح، منصور أسد يادكارفرد، أمل عبدالرضا اللنجاوي، مزبا مازيد، فاطمة عبدالحافظ العمري، عبدالهادي ذياب السهلي، محمد الرحمن، تركي محمد السبيعي، علاء محمد أبو الرب، وضحى راشد الكواري، بول كارل آدمز، موضي محمد المهندي، محمد سالم القحطاني، استبرق ثابت، منى ياسين أبوزور، محمد علوي اليافعي، بثينة سعد الأحمد و إلهام أحمد ناصر بجوائز نقدية قيمة كل منها 5,000 ريال قطري.
السوق المالية الإسلامية الدولية ورابطة بنوك المشاركة التركية
يطلقان إصدارات إتفاقيات السوق المالية الإسلامية الدولية باللغة التركية
أعلنت السوق المالية الإسلامية الدولية ورابطة بنوك المشاركة التركية عن إطلاق نسخ مترجمة إلى اللغة التركية لستة إتفاقيات رئيسة، تتعلق بالتحوط الإسلامي وإدارة السيولة المنشورة من قبل السوق المالية الإسلامية الدولية.
تأتي هذه الخطوة ضمن إطار التعاون المستمر بين السوق المالية الإسلامية الدولية ورابطة بنوك المشاركة التركية لتعزيز وتطوير قطاع الخدمات المصرفية التشاركية في تركيا والعالم. مما لا شك فيه، أن هذه الإتفاقيات المترجمة إلى اللغة التركية، ستساهم في تمكين بنوك المشاركة في تركيا من إجراء معاملات مالية بكفاءة وفعّالية إعتماداً على هذه الوثائق الرئيسة وقوالب تأكيد المنتجات عالية المستوى والمعترف بها عالمياً.
وقد تم إختيار ترجمة الإتفاقيات الرئيسة للتحوُّط الإسلامي وإدارة السيولة نتيجة لعملية تشاورية موسعة أجرتها رابطة بنوك المشاركة التركية بالتنسيق مع السوق المالية الإسلامية الدولية، إستجابةً للمتطلبات المحلية في تخفيف مخاطر العملة والحاجة إلى أدوات بديلة لإدارة السيولة.
وقال خالد حمد الحمد، رئيس مجلس إدارة السوق المالية الإسلامية الدولية: «لقد إكتسبت الإتفاقيات الرئيسة المنشورة من قبل السوق المالية الإسلامية الدولية إعترافًا في جميع أنحاء العالم، حيث يتم إستخدامها من قبل المؤسسات المصرفية والمالية والبنوك المركزية وغيرها من الأطراف الفاعلة في السوق في أكثر من عشرين دولة. تساهم هذه الإتفاقيات في التطوير المنظم وتوحيد الأسواق عبر الحدود وكذلك الأسواق المحلية، فضلاً عن تعزيز بناء القدرات المهنية اللازمة للمساهمة في تقدم ونهوض الصناعة المالية الإسلامية».
بدوره أوضح إسماعيل فورال، الأمين العام لرابطة بنوك المشاركة التركية «لقد تم إطلاق مشروع الترجمة هذا بالتعاون مع السوق المالية الإسلامية الدولية، بهدف تطوير نماذج تطبيقية متقدمة لقطاع التمويل للمؤسسات التشاركية في تركيا وللمستفيدين الآخرين. هذه المجموعة القيّمة من الوثائق المالية المترجمة إلى اللغة التركية ستفيد المؤسسات الراغبة في تنويع محافظها المالية وتعزيز سرعة عملياتها، وتعد مرجعاً دولياً مهماً للعديد من الأطراف المعنية في القطاع. نعتبر هذا التعاون خطوة كبيرة نحو تعزيز منظومة التمويل للمؤسسات التشاركية ونتطلع إلى استمرار التعاون المثمر مع السوق المالية الإسلامية الدولية».
وأبدى إجلال أحمد ألفي، الرئيس التنفيذي للسوق المالية الإسلامية الدولية تفاؤله بـ «إستمرارية هذا التعاون، الذي آمل في أن لا يقتصر على ترجمة الإتفاقيات الرئيسة الأخرى المنشورة من قبل السوق المالية الإسلامية الدولية فحسب، بل سيمتد أيضاً إلى مجالات أخرى، لدعم تقدم الصناعة المالية الإسلامية حول العالم بما في ذلك قطاع الخدمات المصرفية التشاركية التركية، الذي تُعتبر سوقاً حيوية وهامة على الصعيد العالمي».
أما فاطمة جنار، مديرة رابطة بنوك المشاركة التركية، فأكدت «أن مشروع ترجمة الإتفاقيات الرئيسة المنشورة من قبل السوق المالية الإسلامية الدولية، التي قامت به رابطة بنوك المشاركة التركية، ضرورياً لتعزيز التعاون مع المؤسسات المالية المحلية والدولية، ضمن النظام الإيكولوجي لصناعة التمويل الإسلامي، وسيكون نموذجاً يُحتذى به للبلدان الأخرى. الوثائق المترجمة التي تم نشرها ستسهم أيضاً بشكل كبير في تعزيز معرفة وتجهيز الموظفين في مجال إدارة السيولة للتعامل مع العمليات والتواصل مع الأطراف المعنية. يسعدنا جداً توفير هذه الوثائق المتقدمة لجميع الأطراف المعنية في بلدنا».
الإتفاقيات الرئيسة المترجمة إلى اللغة التركية هي:
الإتفاقية الرئيسة رقم 1 – إتفاقية مرابحة رئيسة (لمعاملات الخزينة).
الإتفاقية الرئيسة رقم 2 – إتفاقية التحوط الرئيسة للاتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات/ السوق المالية الإسلامية الدولية.
الإتفاقية الرئيسة رقم 5 – إتفاقية وكالة بالإستثمار رئيسة مطلقة بين المصارف.
الإتفاقية الرئيسة رقم 6– إتفاقية مرابحة رئيسة مع الرهن.
الإتفاقية رقم 8 – الشروط والأحكام الرئيسة لإتفاقية الوعد بالصرف في المستقبل (وقاية من تقلب أسعار الصرف) القائم على وعد ملزم من طرف واحد.
الإتفاقية رقم 15 – حلول هيكلية لمؤشر خالي المخاطر (أر إف أر) المتوافق مع أحكام الشريعة لمعاملات المرابحة والإجارة.
باكستان ماضية في التحوّل للإقتصاد الإسلامي في العام 2027
تسير باكستان بخطوات حثيثة للتحول بالاقتصاد الوطني إلى نموذج خال من الفوائد يتوافق مع الأحكام الشرعية الإسلامية، وكانت المحكمة الشرعية الإتحادية الباكستانية قد أقرّت ذلك في أبريل/ نيسان 2022 ومنحت الجهات المعنية فرصة للتحول الكامل خلال 5 سنوات.
وأعرب البنك المركزي الباكستاني، عن ثقته في الوفاء بالموعد النهائي الذي حددته المحكمة الشرعية الفدرالية لتحويل إقتصاد البلاد، بما في ذلك القطاع المصرفي، إلى نموذج خال من الفوائد، إذ قال مسؤول كبير إن الجهود تتقدم بسرعة في هذا المضمار.
ويقضي قرار المحكمة الشرعية الإتحادية بإزالة مصطلح الفائدة من جميع البنود القانونية المعمول بها، ويتطلّب إجراء تعديلات على جميع القوانين ذات الصلة بما يتوافق مع الحكم.
وعلى هامش إنعقاد المنتدى الاقتصادي الإسلامي الوطني الثاني في مدينة كراتشي مؤخراً، أعلن البنك المركزي الباكستاني أنه يتم تنفيذ القرار الذي أصدرته المحكمة الشرعية الإتحادية، وأنه يتم العمل على نطاق كامل قبل حلول الموعد الذي حددته المحكمة، مشيراً إلى القيام بتطوير وتشكيل لجان مختلفة لهذا الغرض.
وأضاف «المركزي الباكستاني» أنه يجري تنفيذ العمل لمراجعة الأطر القانونية والتنظيمية إلى جانب تطوير المنتجات المالية الجديدة المطلوبة لتحويل الدين العام إلى ديون متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ووفق أحدث الإحصاءات، بلغت الحصة السوقية لأصول وودائع الصناعة المصرفية الإسلامية في القطاع المالي العام 19.6% و22.5% توالياً، في نهاية سبتمبر/أيلول 2023. ومع ذلك، حدد البنك المركزي هدفاً لزيادة حصة النظام المصرفي الإسلامي إلى 35% في حلول العام 2025.
وقد وجّهت المحكمة مذكّرة إلى الحكومة الباكستانية في قرارها بتعاطي تحويلاتها الداخلية والخارجية حسب النظام اللاربوي من دون فوائد، لأنّ تعاطي الزيادة على رأس المال يدخل تحت مسمى الربا.يديو 06 minutes 26 seconds06:26
رقابة شرعية
ويقول المستشار الشرعي في بنك إخلاص عسكري الإسلامي الدكتور محمد طاهر منصوري: «إن الإقتصاد الإسلامي نظام مالي ينظم النشاط الإقتصادي للفرد والمجتمع طبقاً للتعليمات الإسلامية، فيقوم على إستبعاد الربا أو تركيز الثروة بيد فئة قليلة والحرص على تداولها، في حين يقوم النظام الرأسمالي على تركز الثروة بيد أشخاص محدودين والإستغلال والإحتكار».
وعن المصارف الإسلامية، قال منصوري إنها «بدأت في باكستان بشكل عملي في العام 2003، وكان أولها بنك ميزان في مدينة كراتشي (جنوبي البلاد)، ثم بعده 5 بنوك أخرى حتى العام 2010. وبعد ذلك، أخذت معظم البنوك التقليدية بفتح فروع لها كبنوك إسلامية، برأسمال مستقل، وتحت رقابة شرعية، حتى أصبح في باكستان 20 مصرفاً إسلامياً. وهناك توّجه لتحوّل عدد من البنوك من تقليدية إلى إسلامية، ولعل أوضحها تحوّل بنك فيصل، في العام الماضي من بنك تقليدي إلى إسلامي».
تحوُّل البنوك إلى إسلامية
وعن سبب تحول البنوك التقليدية إلى إسلامية أو فتح فرع إسلامي، يقول منصوري، إنه «توجه الدولة للتحوُّل إلى أسلمة الإقتصاد وأسلمة المصارف، أضف إلى ذلك أن البنوك الإسلامية تجد إقبالاً أكبر من الباكستانيين إلى جانب تحقيق البنوك الإسلامية أرباحاً أكثر من البنوك التقليدية».
ومثال على الربحية العالية، يوضح منصوري «أن بنك ميزان الإسلامي الذي أنشئ في العام 2003 حقق أرباحاً بنحو 70 مليار روبية منذ نشأته أي قبل 20 عاماً، في حين أن أكبر بنك تقليدي، وهو بنك حبيب، والذي أنشئ منذ أكثر من 75 عاماً، قد حقق أرباحاً بنحو 45 مليار روبية».
البنوك الإسلامية أظهرت معدل نمو أعلى بكثير مقارنة بالبنوك التقليدية
إمكانات هائلة
وعن تجربة البنوك الإسلامية في باكستان، تقول المحللة الإقتصادية والكاتبة السياسية عاصمة ودود: «إن الخدمات المصرفية الإسلامية أظهرت إمكانات هائلة في باكستان، وهو ما إنعكس في نموها السريع».
وأضافت ودود: «أن البنوك الإسلامية أظهرت معدل نمو أعلى بكثير مقارنة بالبنوك التقليدية»، مشيرة إلى «أن الباكستانيين يفضلون البنوك الإسلامية، لأنها تتوافق مع معتقداتهم وتفضيلاتهم الدينية».
وأعربت ودود عن تفاؤلها تجاه تجربة البنوك الإسلامية، موضحة «أن هذه البنوك لو إتبعت الإستراتيجية الصحيحة، فسوف تكون لديها إمكانات أكبر للنمو في الإقتصاد الباكستاني مقارنة بغيرها من البنوك».
ولفتت ودود إلى «أن صناعة البنوك الإسلامية تجاوز حجمها 53 مليار دولار حتى نهاية العام 2023، إذ تتوقع وكالة «فيتش» أن تصل الصيرفة الإسلامية، على المدى المتوسط، إلى 25% من أصول الصناعة، في حين ستصل الصكوك (السندات الإسلامية) إلى 20% من سوق رأس مال الدين».
وأشارت ودود إلى «أن بنك باكستان المركزي يهدف إلى أن تمتلك البنوك الإسلامية 30% من إجمالي الأصول والودائع المصرفية في حلول العام 2025. ويحتاج النظام المصرفي في باكستان إلى أن يكون أكثر فاعلية حتى يتمكن من التحول إلى تقاسم الأرباح بشكل كامل».
إكرام الحق: التجربة الباكستانية لتفعيل البنوك الإسلامية لا تعتمد على قوانين مدروسة بشكل جيد
إنتقاد التجربة
أما الخبير المالي والإقتصادي الدكتور إكرام الحق، فانتقد التجربة الباكستانية لتفعيل البنوك الإسلامية، وقال: «إن التجربة لا تعتمد على قوانين مدروسة بشكل جيد»، معتبراً «أن النظام المصرفي الإسلامي الذي يتبنّاه البنك المركزي الباكستاني نظام مصرفي تقليدي أكثر إستغلالاً».
وعن إصدار المحكمة الشرعية الفدرالية في باكستان قراراً بحظر الربا في جميع أشكاله في العام 2022، قال إكرام الحق: «إن الأمر يتم الطعن فيه أمام هيئة الإستئناف الشرعية بالمحكمة العليا».
وعن مستقبل البنوك الإسلامية، يرى إكرام الحق «أن أي حكومة لن تنفذ أمر المحكمة الشرعية، حيث إن بنك الدولة نفسه يحصل على دخل ضخم من الفوائد، كذلك يدير البنك الوطني الباكستاني المملوك للحكومة ماليته معتمدا على الفوائد بنسبة 100%».
نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع المركزي العماني
ملتقى مسقط الدولي لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية
عبد الحكيم بن عمر العجيلي رئيس مجلس إدارة جمعية المصارف العُمانية: البنوك العُمانية في مستوى متماسك وتتعامل مع المخاطر بمعايير عالمية عالية
الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية: لم نشهد في القطاع المصرفي العُماني أي تأثير سلبي على أدائه
طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني: القطاع المصرفي العُماني مستقر جداً ونتفادى أي مخاطر
شكّل ملتقى مسقط الدولي لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية، الذي نظّمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي العُماني، تحت رعاية طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني وحضوره، في مدينة مسقط، سلطنة عُمان، فرصة للمختصين في إدارة المخاطر لتبادل الخبرات والمعرفة في ما بين هذه النخب والمشاركين أيضاً، وذلك بهدف تعزيز ثقافة إدارة المخاطر الحديثة في أوساط المصرفيين العرب، والتعرُّف على أحدث المتطلبات الرقابية في هذا المجال في ظلّ التطورات الجيوسياسية التي تعصف في المنطقة وما تفرزه من مخاطر.
وشارك في الملتقى، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح، وعبد الحكيم بن عمر العجيلي رئيس مجلس ادارة جمعية المصارف العُمانية، في جلسة نقاشية بعنوان «إدارة سليمة للمخاطر ونمو اقتصادي مستدام»، في حضور ومشاركة أكثر من 250 مشاركاً من المصارف العُمانية والعربية.
كما حضر الملتقى نحو 250 مشاركاً من المصارف العُمانية والعربية، وخبراء من الأمانة العامة للجنة بازل للرقابة المصرفية، بالإضافة إلى نخبة مميّزة من الخبراء العالميين والعرب في إدارة المخاطر، ومدراء التدقيق، والسلطات الرقابية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، بهدف رفع مستوى الوعي بين عامة الجمهور حول أهمية هذه القضايا والتدابير الوقائية الممكنة للحد من المخاطر.
وقد تطرّق الملتقى إلى موضوعات عدة مثل نهاية طريق بازل III، وكيفية ضمان قابلية بقاء وإستدامة المصارف، ومخاطر الإئتمان وضمان جودة القروض في بيئة اقتصادية غير مؤكدة، ورقمنة عالم المال، والتمويل الإسلامي.
كما تناول الملتقى أحدث المستجدات العالمية في إدارة المخاطر المصرفية في ظل تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، والإجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى، والصراع في منطقة البحر الأحمر وأثره على التجارة الدولية وأثر كل ذلك على المصارف العربية.
نظّمها إتحاد المصارف العربية تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
القمّة المصرفية العربية – الدولية 2024 في إسطنبول تركيا
والعالم العربي يتعهّدان بتعزيز التعاون المالي
وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك: الحل الشامل لتعزيز العلاقات الجيدة بين تركيا والدول العربية هو إبرام إتفاقيات للتجارة الحرة
رئيس اتحاد المصارف العربية محمد الإتربي: تركيا تُعتبر جهة إستثمارية رئيسية دولية
رئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية شهاب قاوجي أوغلو: العلاقات العميقة والمتجذرة بين تركيا والعالم العربي تكتسب قوة من خلال القطاعين المصرفي والمالي
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح: تركيا تتمتع بنظام مصرفي قوي وإقتصادها يتطوّر بشكل دائم
رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية وديع الحنظل: زيارة الرئيس التركي إلى العراق مؤخراً ستنعكس إيجاباً على المنطقة العربية بدءاً من مشروع طريق التنمية
حقّقت القمّة المصرفية العربية – الدولية 2024 في إسطنبول، تركيا، تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي نظمها إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف تركيا المركزي وجمعية المصارف التركية، على مدار يومين، التواصل وتبادل الخبرات بين الجانبين العربي والتركي، بدليل تعهد تركيا والعالم العربي خلال القمّة، تعزيز تعاونهما المالي.
وشارك في إفتتاح القمة، كل من وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، ووزيرة الدولة الإماراتية ميثاء بنت سالم الشامسي، ورئيس إتحاد المصارف العربية محمد الإتربي، والأمين العام للإتحاد الدكتور وسام فتوح، ورئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية شهاب قاوجي أوغلو، ورئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي زياد خلف، وألبسلان ساكار رئيس جمعية المصارف التركية، ورئيس مجلس إدارة بنك تنمية الصادرات في مصر أحمد جلال، في حضور وزراء مال وإقتصاد ومحافظي مصارف مركزية عربية وهيئات ومؤسسات مصرفية ومالية وإقتصادية إقليمية.
الإتربي
في الكلمات، أكد رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية محمد الإتربي، «أهمية علاقات التعاون الإقتصادي مع تركيا، التي تنتمي إلى مجموعة دول العشرين»،
الصيرفة الإسلامية… إقبال واسع على منتجاتها الموثوقة
لا شك في أن قطاع الصيرفة الإسلامية هو الأكثر تناغماً مع معتقدات وإحتياجات العملاء من الأفراد والشركات، ذلك لأنه يُعتبر الأكثر إلتصاقاً بهذه الإحتياجات والخدمات، مثل الودائع والتمويل والإستثمارات وخصم الأوراق التجارية وغيرها، والتي تم تكييفها لتتفق مع الشريعة الإسلامية.
وفي ما يخص أهمية الصيرفة الاسلامية، تشهد هذه الصناعة نمواً سريعاً على إمتداد العقود الأربعة الماضية، حيث لم يكن هناك قبلاً سوى مصرف إسلامي واحد، بينما يُقارب عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية العاملة اليوم في أكثر من 60 دولة في القارات الخمس نحو 450 مؤسسة ومصرف إسلامي في العالم، يتركز نحو 40% منها في الدول العربية، وتحديداً في دول الخليج العربي. ويُتوقع أن يصل حجم أصول التمويل الإسلامي عالمياً إلى حوالي 3.5 تريليونات دولار في العام 2024.
وتُشكل حصة دول مجلس التعاون الخليجي منها نحو 90% من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية، وأن المملكة العربية السعودية تُشكل حصة نسبتها 49.5% من إجمالي حصة دول المجلس، ودولة الإمارات العربية المتحدة نحو 20% ثم دولة الكويت نحو 17.4% من هذه الأصول، ومملكة البحرين نحو 11%. وتبلغ قاعدة حقوق المساهمين للمصارف الإسلامية العربية نحو 32.7 مليار دولار، مما يشير إلى مواصلتها تعزيز قواعدها الرأسمالية لمواجهة نشاطها وحجم أعمالها المتزايد.
عدنان أحمد يوسف
رئيس جمعية مصارف البحرين
رئيس إتحاد المصارف العربية (سابقا)
وتشير كافة الأرقام أعلاه، بأن الصناعة المصرفية الإسلامية باتت تحظى بقبول واسع عربياً وإسلامياً وعالمياً، حيث تتسابق العديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا على فتح الأبواب أمام تأسيس المصارف الإسلامية، علاوة على إصدار الصكوك الإسلامية للإستفادة من السيولة الكبيرة المتوافرة لدى البنوك الإسلامية.
لنتحدث عن أسباب إنتشار الصيرفة الإسلامية:
لقد دقت نواقيس الخطر، منذ بدأت أزمة قروض الرهن العقاري خلال صيف العام 2007، وظلّت تتفاقم لتقوّض سوق المساكن في الولايات المتحدة، إحدى الركائز الهامة للإقتصاد الأكبر في العالم، والذي يمثل 40% من إقتصاد العالم، في وقت إختلفت الآراء حول الأسباب الحقيقية للأزمة الناتجة عن التخلُّف عن تسديد القروض العالية المخاطر التي قدرت بنحو تريليوني دولار.
ولكون تلك القروض تم إدخالها في سلسلة مركبة ومعقدة من المنتجات والمشتقات المالية التي مثلت إستثمارات ضخمة تصل إلى مبالغ أضعاف الحجم المالي للقروض العالية المخاطر، فإن إنهيار تلك القروض أدى بدوره إلى إنهيار كافة المنتجات والمشتقات المرتبطة بها في محافظ البنوك العالمية، مما أدّى إلى نشوب الأزمة المالية بقوة في في أواخر العام الماضي، وإلى إفلاس عدد من البنوك وتأميم أخرى، كان أولها بنك ليمان بروذرز.
لقد جاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وما نجم عنها من تداعيات خطرة على النظام المالي العالمي، وتأثر العديد من المؤسسات المالية في المنطقة بهذه الأزمة، لتؤكد مجدداً سلامة المبادئ التي تقوم عليها الصناعة المالية الإسلامية، كونها تمتلك العديد من المقومات التي تحقق لها الأمن والأمان وتقليل المخاطر مثل الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن، فلا إقتصاد إسلامياً من دون أخلاق ومثل.
وتُحقق هذه المنظومة من الضمانات الأمن والأمان والإستقرار لكافة المتعاملين، وفي الوقت عينه تحرّم الشريعة الإسلامية المعاملات المالية والاقتصادية التي تقوم على الكذب والمقامرة والتدليس والغرر والجهالة والإحتكار والإستغلال والجشع والظلم.
ومن المقوّمات الرئيسية هي أن النظام المالي والإقتصادي الإسلامي يقوم على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة، وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات، كما حرّمت الشريعة الإسلامية نظام المشتقات المالية والتي تقوم على معاملات وهمية يسودها الغرر والجهالة.
ونحن نرى أن هذه المقوّمات تعطي ثقة أكبر في النظام المالي الإسلامي، وتزيد الإقبال على خدماته ومنتجاته، كما هو واضح من معدلات نمو الصناعة المصرفية الإسلامية التي تحدثنا عنها.
مستقبل الصيرفة الإسلامية
لقد أثبت التمويل المالي الإسلامي قدرته على دعم الإستقرار العالمي والمساهمة في معالجة إختلالات التمويل العالمي وذلك من خلال نقاط عدة، منها تعديل أسلوب التمويل العقاري، ليكون بإحدى الصيغ الإسلامية، ومنها أسلوب المشاركة التأجيرية، بالإضافة إلى ضبط عملية التوريق لتكون لأصول عينية وليس للديون، وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية في صورة صكوك الإجارة والمشاركة والمضاربة، أما الديون فيُمكن توريقها عند الإنشاء ولا تتداول، وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية بصكوك المرابحة والسلم والإستصناع، والتي يزيد حجم التعامل بها رغم حداثتها، على 180 مليار دولار، وتتوسّع يوماً بعد يوم وتتعامل بها بعض الدول الغربية.
كما يُمكن منع أساليب المضاربات قصيرة الأجل من البيع على المكشوف والشراء بالهامش، وهو ما تم إثر الأزمة في أميركا وإنكلترا، بالإضافة إلى عدم التعامل بالمشتقات مثل المستقبليات والتعامل بدلاً منها بأسلوب بيع السلم، وجعل الخيارات من دون مقابل كما قرّر الفقه الإسلامي، والإنتهاء من التعامل في المؤشرات بيعاً وشراء، والإنتهاء من الفوائد الربوية وإستخدام أساليب المشاركات والبيوع، ووضع ضوابط للمعاملات، ووجود هيئات متخصّصة للإشراف والرقابة على الأسواق والمؤسسات، في إطار الحرّية المنضبطة التي يقوم عليها الإقتصاد الإسلامي، وفوق ذلك كلّه العمل على جعل الإقتصاد أخلاقياً، ووضع السبل التي تساند الإلتزام بالأخلاق الحميدة في التطبيق.
ونحن نطالب هنا بالإسراع في إنشاء السوق العربية والإسلامية المشتركة لإنقاذ الدول العربية والإسلامية، وخصوصاً أن التقارير الدولية تشير إلى أن 113 أزمة وقعت خلال السنوات الثلاثين الماضية في 17 دولة في العالم.
وبالتأكيد، فإن إختلالات التمويل العالمي حالياً سوف تُسهم في تعزيز الثقة بقوة في النموذج المالي الإسلامي وقدرته على الإستدامة، حيث أظهر قدرته على تجنُّب التعرُّض الواسع لأزمات الأسواق العالمية، ومشاكل الديون المتعثّرة التي عانت منها الأسواق المصرفية التقليدية.
لذلك، نحن نتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول، ولا سيما إذا ما توجّهت الحكومات العربية والإسلامية لهيكلة تمويل المشاريع الضخمة في بلدانها، من خلال إصدار مثل تلك الصكوك ليتم تغطيتها من خلال البنوك الإسلامية.
وسوف لن يقتصر النمو في قطاع البنوك الإسلامية فحسب، بل سيطال قطاع التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية، أو ما يطلق عليه بــ «التكافل»، حيث بدأت العديد من الشركات بما فيها شركات التأمين الأجنبية في توجيه إهتمامها إلى الدول الإسلامية، وعلى رأسها دول الخليج العربي. وقد نمت المنتجات التأمينية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بمعدّل سنوي بلغ 20% في السنوات الأخيرة، ومعها يُتوقع أيضاً تأسيس شركات إعادة تأمين تكافلي متوافقة مع الشريعة الإسلامية لمواصلة التطور الناجح لسوق التكافل.
كما يُتوقع أن تلاقي المصارف الإسلامية المزيد من الإقبال من المجتمعات غير المسلمة من أنحاء مختلفة، ويعود ذلك إلى شفافيتها وقيمها ومستوى خدماتها، بالإضافة إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نوعاً ما، مما يؤدي إلى إرتفاع التدفق النقدي وتمويل المشاريع، وبالتالي زيادة الطلب على طرق الإستثمار الإسلامية.
ومع ذلك، نحن لا ندّعي أن المصارف الإسلامية، لا تُواجه تحدّيات كثيرة، وخصوصاً تلك التي ربطت نموذج أعمالها بأنشطة مكشوفة مباشرة على التقلّبات العالمية مثل العقارات والإستثمارات العالمية.
كما أن المؤسسات المالية الإسلامية لم تكن بمنأى كلّية عن تداعيات الأزمة، ولا سيما تأثرها بشح السيولة في الأسواق والضغوط المتصاعدة على سوق العقار في دول مجلس التعاون الخليجي، وحركة التصحيح الحادة في أسواق الأسهم الإقليمية، وبعض الإستثمارات التي قامت بها المؤسسات المالية الإسلامية في شركات وعقارات أميركية أو أوروبية.
لا شك في أن البنوك الإسلامية، حالها حال البنوك العربية التقليدية، تقف اليوم في مواجهة تحدّيات معايير بازل (3) على صعيد تقوية مواردها الرأسمالية، وإتباع مزيد من الشفافية والإلتزام بالقواعد والمعايير المصرفية العالمية، وخصوصاً معايير الحوكمة، علاوة على تنوّع المخاطر في بيئة العمل، وإدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة وتصاعد المنافسة بفعل تحرير الأسواق، والتعامل مع جميع ذلك في إطار مبادئ العمل المصرفي الإسلامي.
كما توجد حاجة ماسة ودائمة إلى تطوير الكوادر البشرية، مع توسيع صناعة المصرفية الإسلامية ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي أيضاً، وخصوصاً في الجوانب المتصلة بالفتاوى التي تختص بهذه الصناعة، وهذا يدعونا إلى التأكيد على مسألة التدريب والتوسع فيه على المستويين المحلي والدولي.
المصارف الإسلامية تُسجّل تقدماً مضّطرداً عالمياً وإسلامياً
وتُواكب التطوُّر في الأدوات المالية والحوكمة
* غبريل: المصارف الإسلامية تملك حصة في السوق النقدية العالمية وأثبتت أنها صناعة مالية مصرفية لا يُمكن إنكارها
* وهبه: «الإسلاموفوبيا» منع كثيراً من المودعين من التوجُّه إلى المصارف الإسلامية فقط للتسمية
* سرُّوع: ميزات الصيرفة الإسلامية إستنادُها دائماً إلى أصول وهذا يشكل ضمانة للعميل
لم تعد مصطلحات مثل «صيرفة إسلامية»، و«تمويل إسلامي»، و«المصارف الإسلامية»، و«التكافل»، و«الصكوك»، جديدة على مسامع العملاء في المصارف والمهتمين بالقطاع المصرفي ككل، بل باتت من علامات العمل المصرفي ومنتجات التمويل، ليس فقط على الصعيد العربي والإسلامي بل أيضاً على الصعيد العالمي.
وبحسب تقرير نشرته شبكة CNN الإقتصادية، فإن التجربة بدأت في مصر في العام 1962، إذ دُعيت حينها «بنوك الإدخار المحلية»، ثم توسعت وإنتشرت، ليصل إجمالي موجودات البنوك الإسلامية في أنحاء العالم إلى حوالي أربعة تريليونات دولار في العام 2022.
بلغة الأرقام، بلغ حجم قاعدة عملاء المصارف الإسلامية 100 مليون عميل، فيما بلغ عدد الدول التي لديها خدمات مالية عالمية، 80 دولة في العالم، وعدد المصارف عالمياً 600 مصرف. صحيح أن مصر شهدت إنطلاقة الصيرفة الإسلامية عبر تأسيس أول مصرف يتعامل وفق الشريعة الاسلامية، لكن ثمّة محطّات أخرى شهدتها الدول العربية والاسلامية مع المصارف الإسلامية، إذ في العام 1975 تأسس مصرف دبي الاسلامي، وفي العام 1979 تأسّست شركة التأمين الإسلامية المحدودة في السودان، وهي أول شركة تأمين إسلامية. وفي العام 1986 تأسست أمانة أول صندوق إستثماري في إنديانا في الولايات المتحدة، وفي العام 1990 نشأ في السودان قطاع مصرفي إسلامي كامل، وفي العام 1996 تأسست أول نافذة مصرفية إسلامية (سيتي بنك) في البحرين، وفي العام 1999 صدرت أول صكوك إسلامية في ماليزيا من قبل SHELL MDS، وفي العام 2001 صدرت أول بطاقة إئتمان إسلامية من قبل AMbank، وفي العام 2004 تأسس أول بنك إسلامي في بريطانيا (خارج الدول الاسلامية)، وفي العام 2005 تأسست الوكالة الاسلامية الدولية للتصنيف في البحرين.
كل هذه المحطات المشرقة، تدفعنا للبحث عن أهمية المصارف الاسلامية بعد نحو 60 عاماً على إنطلاقها، خصوصاً أن هناك مَن يراها محاكاة لمعاملات البنوك التقليدية، وهناك من يعتبرها حلاً للحرصاء على الإلتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، بل ويقدم بديلاً «أخلاقياً» لمعاملات البنوك التقليدية. علماً أن الضوابط الشرعية والمصرفية التي تحكم المصارف الإسلامية، تختلف عن القوانين والأحكام التي تنظم عمل الصيرفة التقليدية، ففي المصارف الإسلامية كل أمور التمويل لديها حلول، وهي تتمتع بالقوة لجهة أن أي تمويل لا بد وأن يكون مبنياً على أساس وجود أصل معيّن لشرائه، وإستئجاره أو إستصناعه، وأن نقاط القوة في المصارف الإسلامية هي أنها مرغوبة من قبل شريحة من العملاء، يهمُّها التعامل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، ولا تخضع هذه الشريحة للجذب من قبل المصارف التقليدية، مما يحدّ من تأثير عوامل المنافسة عليها.
إن إستقرار وتطوُّر إقتصاد أيّ بلد مهما كانت درجة تقدّمه، مرهون بإستقرار وتطوُّر الجهاز المصرفي، بإعتباره العمود الفقري لإقتصاد البلد. ونظراً إلى التقدُّم العلمي والتكنولوجي والذكاء الإصطناعي، وما يتطلّب ذلك من رفع قدرات العاملين، ليتمكّنوا من مواكبة هذه التطوُّرات، كذلك نمو الأسواق المالية وتنوُّع الأدوات المالية وإزدياد حدّة المنافسة بين المصارف والتحرُّر المالي، ورغم حداثة تجربة المصارف الإسلامية ومقارنتها بالتاريخ الطويل للمصارف التقليدية (التجارية)، وما إكتنفته تلك التجربة من المصاعب والعقبات الكثيرة التي واجهت العمل المصرفي الإسلامي، فقد إستطاعت المصارف الإسلامية تحقيق نجاحات واسعة وواضحة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، والدليل على ذلك هو زيادة عدد هذه المصارف وإنتشارها الجغرافي والنمو في حجم أنشطتها.
لقد ثبت بالملموس، أن نشاط الصيرفة الإسلامية فرضَ حضوراً منقطع النظير ومتميّزاً منذ بدايات نشاطاتها الفعلية في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وهذا يدلُّ على إرتفاع الطلب على منتجاتها من قبل الزبائن، وإرتفاع أرباح المصارف الإسلامية، كونها أكثر مخاطرة. علماً أنه كلّما إرتفعت المخاطر زادت العوائد. كما ثبت أيضاً فساد آلية سعر الفائدة في إدارة النشاط الإقتصادي المعاصر والجدوى العملية الفاعلة والرشيدة لمعدّل الربح. فالمفهوم الإسلامي كآلية لإدارة مناسبة لهذا النشاط، هو البديل السهل والفاعل والميسور، والذي يتمثّل في إحلال المشاركة في «الغنم بالغرم»، الربح والخسارة محل المداينة بفائـدة.
لذلك أصبح من الضروري والملحّ، تحويل المصارف التقليدية إلى مصارف تعمل وفق صيغ تتعلّق بآلية الربح والخسارة، بإعتبارها آلية فاعلة ورشيدة لإدارة النشاط الإقتصادي المعاصر.
البروفسور الشمري يهدي مؤلفاته
لمعالي الدكتور علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي
الخبير في الصيرفة الإسلامية الدكتور أسامة قيس الدريعي:
منظومة التمويل الإسلامي إستطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها
من السقوط والتعثُّر خلال الأزمات المالية العالمية
يُشبّه الدكتور أسامة قيس الدريعي الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للإستشارات المالية، مقره قطر، البنوك الإسلامية في العالم بـ «تاجر»، في سوق مالية ضخمة، وسط تجار آخرين عمالقة (البنوك التقليدية)، وهذا التاجر يتعامل وفق ضوابطه وضوابط الآخرين في الوقت ذاته، لكن دون أن يتنازل عن أي من أصول شريعته المالية الإسلامية.
ويؤكد الدريعي، في حوار صحافي بثته «الجزيرة نت»، أن منظومة التمويل الإسلامي، إستطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها من السقوط والتعثُّر خلال الأزمات المالية العالمية، لأنها محمية بقوة «الضوابط الشرعية»، وهي القوة التي حمت المنظومة المالية الإسلامية من الإنهيار خلال أزمة «بيع الرهون» أو الديون في العام 2008، فمنظومة التمويل الإسلامي لا تدخل في عالم «بيع الديون» لأنها حرام.
ويوضح الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة، الفرق بين البطاقات الإئتمانية في البنوك الإسلامية والبنوك والتقليدية، ففي البنوك التقليدية تعتمد على «الربا»، أما في البنوك الإسلامية فهي بعيدة عن «الربا»، وإنما تعتمد على عقود ربحية وفق الشرعية الإسلامية، معتبراً «التكنولوجيا المالية» هي الإختبار الأصعب للبنوك الإسلامية خلال الفترة المقبلة.
وفي ما يلي نص الحوار:
*ما الذي يُميّز المفهوم الإسلامي للمال والمحافظة عليه عن بقية التشريعات الوضعية الأخرى؟
-الإسلام أولى اهتماماً بالغاً بالمال وأعطاه قيمة حقيقية في حياة الإنسان. ولم يعط الإسلام المال الأولوية في حياة الإنسان كما فعلت التشريعات والأنظمة الأخرى التي جعلت من المال الأساس، وما هو دون المال لا يساوي شيئاً، لأن المال لديها هو الغاية والوسائل الأخرى متمّمة أو موصلة لهذه الغاية، في حين أن المال في الشريعة الإسلامية ليس غاية في حد ذاته، ولذلك نجد أن الفقه الإسلامي قد قُسّم إلى قسمين:
قطر خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم بأصول تفوق 174 مليار دولار
مؤتمر المال الإسلامي ناقش توسيع نطاق تطبيق التكنولوجيا الحديثة
أكد مسؤولون ومتخصصون في الشؤون المالية شاركوا في مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي، أهمية العمل على توسيع نطاق تطبيق التكنولوجيا الحديثة في مجال الصيرفة الإسلامية، بما يُسهم في زيادة الخدمات والمنتجات المالية للعملاء.
وأضاف المتخصّصون: أن مؤسسات التمويل الإسلامي تُحاول العمل على إعادة تموضعها في المشهد المالي العالمي الحديث، في وقت تشير فيه التقديرات إلى إمكانية إضافة الذكاء الإصطناعي التوليدي ما يُراوح بين 200 و340 مليار دولار في القيمة للقطاع المصرفي.
وتحت عنوان «التمويل الإسلامي.. إندماج المبادئ والتكنولوجيا»، إنطلقت أعمال مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي الذي يهدف إلى التعرُّف على تطورات تقنية الذكاء الإصطناعي التوليدي، وأثرها على الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
كما يهدف المؤتمر إلى بيان أثر تطبيقات الذكاء الإصطناعي على أداء المؤسسات المالية الإسلامية، وإستكشاف فرص وتحدّيات المؤسسات الوقفية في عالم الذكاء الإصطناعي والوقوف على الإعتبارات الأخلاقية والقانونية للتمويل الإسلامي في ظل الأنظمة الذكية.
وقال خالد السليطي رئيس اللجنة المنظمة ونائب رئيس مجلس إدارة شركة بيت المشورة للإستشارات المالية، التي تنظم المؤتمر: إنه «لا يُخفى على الجميع ما نعايشه اليوم من ثورة هائلة في عالم التكنولوجيا، إزدادت حِدّتها مع ظهور تقنية الذكاء الإصطناعي التوليدي»، موضحاً «أن هذا التحول يؤذن بمرحلة جديدة في مسيرة البشرية والتمويل الإسلامي».
توسع السوق
وأوضح «أن دولة قطر تُعتبر من أهم الدول الرائدة في مجال التمويل الإسلامي وإعتماد تقنيات الذكاء الإصطناعي، إذ تصنف كخامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم بأصول تجاوزت 174 مليار دولار، كما أسهمت التوجهات الحكومية في توسُّع سوق الذكاء الإصطناعي في دولة قطر، حيث بلغ في العام الماضي 2023 حسب التقديرات 38 مليون دولار»، متوقعاً «أن يرتفع المبلغ إلى 58.8 مليون دولار في العام 2026، بنمو سنوي يتجاوز 17%»، لافتاً إلى «أن قطر تأتي بالمرتبة الثالثة عربياً في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الإصطناعي، والثامنة عالمياً في التشريعات والسياسات الرقمية».
إعادة التموضع
وقال عميد الدراسات العليا في جامعة قطر أحمد العون: «إن التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها في رفع كفاءة المؤسسات المالية، يُعتبر أحد أهم الأمور التي تواجه المصرفية الإسلامية في العصر الحديث، وخصوصاً في السنوات الأخيرة».
وأضاف العون: «أن تحليل هذه التوجهات والأهداف الإقتصادية حول العالم، يحتاج إلى عنصر السرعة في تناول هذه الأمور، ويحتاج إلى عمل متواصل وطاقات وقدرات كبيرة جداً من المؤسسات المالية لتواكب متغيّرات السوق المالية والاقتصادية وجميع الإحتياجات»، موضحاً «أن من الميزات الكبيرة حالياً، هي تطور التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجيات المختلفة التي تقوم على تحليل البيانات والتوجهات، والتي أصبحت متاحة وواقعاً يمكن للمؤسسات المالية حول العالم أن تستفيد منه».
وأشار العون إلى أن المؤتمر «ركز على هذا المحور بهدف معرفة قدرة المؤسسات المالية الإسلامية على الإستفادة من التكنولوجيا الحديثة، ومحاولة إستكشاف التحديات والمعوقات التي قد تمنعها من الإستفادة من هذه التكنولوجيا، وإيجاد الحلول العملية في مجال استحداث المنتجات المالية الإسلامية، للوصول إلى إجابات لهذه الأسئلة»، لافتاً إلى أنه «أصبح لزاماً على الجميع السعي نحو التطور، وخصوصاً في ظل السرعة الكبيرة في الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال في العالم، مما يجعل المؤسسات المالية في مواجهة صعوبات تلزمها بضرورة الإنخراط في هذا المجال التكنولوجي الكبير»، موضحاً «أن مؤسسات التمويل الإسلامي تحاول العمل على إعادة تموضعها في المشهد المالي الحديث، إذ تشير التقديرات إلى إمكانية إضافة الذكاء الاصطناعي التوليدي ما يُراوح بين 200 و340 مليار دولار في القيمة للقطاع المصرفي».
وسلّط د. أسامة الدريعي، الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة في مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي، الضوء على إستخدام الذكاء الإصطناعي التوليدي في تطوير أعمال الصيرفة المالية الإسلامية.
فتاوى وتحكيم
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للاستشارات المالية في قطر أسامة قيس الدرعي: «إن المؤتمر يهدف إلى تعزيز عمل المصارف الإسلامية ومسايرتها للطفرة التكنولوجية الحديثة، من خلال الدمج بين هذه التكنولوجيا والتمويل الإسلامي».
وأضاف الدرعي: «أن هذا الدمج قد يؤدي إلى طفرة كبيرة في عالم الصيرفة الإسلامية، قد يُستغنى فيها عن الأفراد في عمليات مثل الإفتاء أو التدقيق الشرعي أو التحكيم وجودة المنتجات، إعتماداً على تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي التوليدي»، موضحاً «أن أعمال المؤتمر ناقشت بشكل مستفيض هذه الأمور للوصول إلى مخرجات تعطي دفعة قوية للصناعة المالية الإسلامية، بما فيها من مخاطر ومسائل قد تكون مؤثرة على مبادئ الشريعة الإسلامية في التمويل الإسلامي».
معالجة لغة البرمجيات
وقال أستاذ الإقتصاد والتمويل الإسلامي المشارك في جامعة الملك عبد العزيز في السعودية فضل البشير: «إن المؤتمر ناقش مسألة تطوير المنتجات المالية من خلال معالجة اللغة الطبيعية، المقصود بها لغة الحديث سواء عربية أو إنكليزية أو فرنسية، بمعنى كيفية تطوير أجهزة الكومبيوتر للتعرف على هذه اللغة».
ولفت البشير، إلى أنه «في حال النجاح في هذا الأمر فسوف يسهم بشكل كبير في تطوير المنتجات المالية الإسلامية وتحسين خدمات العملاء والتواصل معهم، من خلال الشفافية والحوكمة وتحليل الفتاوى الشرعية وغيرها من المجالات».
وأضاف البشير أنه «يجب التركيز خلال الفترة المقبلة على كيفية إستخدام هذه التقنية في تطوير المنتجات المالية الإسلامية، خصوصاً أنه تم إستخدامها في عدد من المصارف الإسلامية على مستوى دول الخليج وعلى مستوى الإقليم، حيث إن المرحلة والتطور التكنولوجي العالمي الحالي يتطلّبان توسيع التطبيق ليشمل أكبر عدد ممكن من البنوك الإسلامية حول العالم»، مؤكداً أنه «من دون شك، سوف تُسهم هذه التقنية في تحسين وتطوير المنتجات»، موضحاً أنه على «سبيل المثال، نجد أن خدمة العملاء من خلال الهاتف المصرفي هي جزء من هذه التقنية، ولكنها لا تطبق بشكل واسع»، لافتاً إلى أن «المصارف الإسلامية بالتأكيد تملك القدرات على تطويع اللغة والتقنيات بما يُسهم في زيادة المنتجات المالية الإسلامية».
مخاطر التطور
وقال أستاذ المالية المشارك بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة قطر رامي زيتون: «إن التكنولوجيا الحديثة لها تأثير إيجابي ومهم على كفاءة المؤسسات المالية، من خلال تحسين نوعية الخدمات وتوسيع نطاقها وابتكار سلع وخدمات جديدة تقدم للعملاء والوصول لأكبر عدد ممكن منهم، وذلك من خلال ما يعرف بالبنوك الرقمية»، لافتاً إلى «أن التكنولوجيا لها تأثير إيجابي كبير أيضاً من خلال تقليل تكلفة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء، مما يساعد على سهولة وصولها لأكبر عدد منهم».
غير أن أستاذ المالية في جامعة قطر «حذر من مخاطر محفوفة بالتطور التكنولوجي، ومنها المخاطر السيبرانية ومخاطر السوق وكذلك مخاطر تتعلق بالتشريعات والقوانين، مما يتطلب ضرورة أن يكون هناك قوانين وتشريعات من أجل سرعة التكيُّف مع هذه الإبتكارات، وتطوير التشريعات الخاصة بإدارة المخاطر في البنوك الإسلامية، لتكون قادرة على المنافسة مع البنوك والمؤسسات الأخرى».
تركُّز كبير لموجودات المصارف الإسلامية العربية في دول الخليج العربي الست
«الراجحي» يحتل المرتبة الأولى بين المصارف العربية الإسلامية من حيث حجم الموجودات
أظهرت البيانات المالية المتوافرة للمصارف الإسلامية العربية، أن مجموع موجودات أكبر 50 مصرفاً إسلامياً عربياً (والتي تتوافر البيانات المالية لها)، قد بلغ قرابة 959 مليار دولار في نهاية العام 2023. كما أن مجموع ودائعها قد بلغ نحو 670 ملياراً، ومجموع القروض الممنوحة من قبلها قرابة 606 مليارات، والقاعدة الرأسمالية لها قرابة 130 ملياراً. أما بالنسبة إلى صافي الأرباح المجمّعة لهذه المصارف، فقد بلغ قرابة 17 مليار دولار في نهاية العام 2023.
البيانات المجمعة والإنتشار الجغرافي
بالنسبة إلى توزع المصارف الإسلامية الخمسين بين الدول العربية، يحتل العراق المركز الأول في عدد تلك المصارف (8 مصارف)، يليه البحرين (7 مصارف)، فقطر (5 مصارف)، فالسعودية والكويت والإمارات (4 مصارف لكل منها)، فالأردن ومصر وسوريا (3 مصارف)، فسلطنة عُمان وفلسطين واليمن (مصرفين لكل منها)، وأخيراً تونس، والجزائر، والمغرب، بمصرف واحد لكل منها.
مقابلة مع الدكتورعبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك
والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAFI:
دليل الإستدامة الذي وضعه المجلس يعالج الأهداف البيئية
والإجتماعية والإقتصادية الخاصة بالتمويل الاسلامي
تحدث الدكتور عبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAF لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، متناولاً موضوع دليل الإستدامة الخاص بالمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، والذي «تم تصميمه بعناية لمعالجة الأهداف البيئية والإجتماعية والإقتصادية في سياق التمويل الإسلامي»، مشيراً إلى التحدّيات التي تواجهها البنوك الإسلامية في دمج الإستدامة، بالإضافة إلى المبادرات الإستراتيجية المبينة في خطة المجلس العام 2022-2025 التي تهدف إلى بناء مستقبل مبتكر ومستدام، والتعرُّف على الإستراتيجيات والمعالم الرئيسية والمبادرات المستقبلية التي تدفع الإستدامة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية».
في ما يلي الحوار مع الدكتور عبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAF:
*هل يُمكن أن تشرحوا لنا دليل الإستدامة والذي يُعالج أهدافاً بيئية وإجتماعية وإقتصادية محدّدة في سياق التمويل الإسلامي؟
ودائع المصريين بالعملات الأجنبية تقفز إلى أكثر من ملياري دولار
في النصف الأول من العام 2024
إرتفعت الودائع بالعملات الأجنبية غير الحكومية في بنوك مصر بنحو 2.41 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي 2024، لتصل إلى 53.03 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران 2024، مقابل 50.61 مليار دولار في نهاية 2023، وفق أحدث بيانات عن البنك المركزي المصري.
وبحسب البيانات، فإن البنوك المصرية إستقبلت مدخرات أجنبية بقيمة 1.36 مليار دولار خلال يونيو/ حزيران 2024 فقط، لترتفع أرصدة الودائع بالعملة الأجنبية من 51.67 مليار دولار في مايو/ أيار 2024، إلى 53.03 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي، وهي الزيادة الأعلى منذ بداية العام الحالي.
وكشف البنك المركزي المصري، في تقريره الشهري، عن وصول حجم الودائع تحت الطلب بالعملات الأجنبية لنحو 12.92 مليار دولار، فيما بلغ حجم الودائع لأجل وشهادات الإدّخار إلى نحو 40.11 مليار دولار.
سعر الفائدة
ورفعت البنوك المصرية سعر الفائدة على الودائع بالدولار بعد إتجاه الإحتياطي الفيدرالي الأميركي على مدار آخر عامين، بإتباع سياسة نقدية تشددية وزيادة سعر الفائدة على الدولار إلى 5.5 % بدلاً من 0.25 % قبل الزيادات بهدف كبح جماح التضخُّم.
وقال مسؤول خزانة في أحد البنوك، إن تضاعف تحويلات المصريين في الخارج، أكثر من مرة، منذ مايو/ أيار 2024، مقارنة بالشهور السابقة للتعويم، أسهم في النمو الملحوظ للمدخرات الأجنبية في البنوك، مؤكداً أن العديد من العملاء بدأت تعيد إستثماراتها للودائع والشهادات البنكية بالعملات الأجنبية، مع إقتراب مرحلة خفض سعر الفائدة خلال الشهور المقبلة. وقفزت تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال مايو/ أيار 2024 بمعدّل نمو 73.8 % على أساس سنوي، لتصل إلى 2.7 مليار دولار، مقابل 1.6 مليار دولار خلال مايو/ أيار 2023.
القمة السعودية للبنية التحتية نحو تشكيل رؤية للمستقبل
تستضيفها الرياض في أواخر سبتمبر/أيلول 2024
تستضيف العاصمة السعودية الرياض «القمة السعودية للبنية التحتية»، ما بين 24 و26 سبتمبر/ أيلول 2024، برعاية الأمير الدكتور فيصل بن عياف، رئيس مجلس إدارة مركز مشاريع البنية التحتية في منطقة الرياض، وفي حضور عدد من الوزراء والمسؤولين المحليين والدوليين.
وأوضح المهندس فهد البداح، الرئيس التنفيذي للمركز، «أن القمة تهدف إلى تشكيل رؤية طَموحة لمستقبل البنية التحتية، ورسم قواعد أساسية تعزز تطوير المدن لتحقيق تنمية حضرية مستدامة، بما يُسهم في رفع مستوى الكفاءة، والإستدامة البيئية، وجودة الحياة وفق «رؤية السعودية 2030».
وتشمل القمة جلسات وورش عمل يشارك فيها مسؤولون ونخبة من الخبراء الدوليين؛ لتبادل الخبرات، ومناقشة التحدّيات، وإيجاد حلول مبتكرة، وعرض قصص النجاح، فضلاً عن تعزيز الشراكات مع كبرى الجهات والمنظمات المحلية والدولية. كما تتضمّن إقامة المعرض السعودي للبنية التحتية، الذي يعرض الجهود المبذولة، وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. ويأتي هذا الحدث الدولي ضمن جهود المركز بوصفه الجهة المختصة بأعمال البنية التحتية في منطقة الرياض؛ للإرتقاء بالمشاريع، بالشراكة مع شُركاء النجاح، والمساهمة في تحقيق كفاءة الإنفاق، وتحسين المشهد الحضري؛ لبنية تحتية مستدامة.
إرتفاع أرباح «الأهلي السعودي» 4% خلال الربع الثاني من العام 2024
نما صافي أرباح «البنك الأهلي السعودي» بمقدار 4 %، إلى 5.2 مليار ريال (1.38 مليار دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي (2024)، مقارنة مع 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام السابق.
وأرجع البنك أسباب النمو، في بيان على موقع سوق الأسهم السعودية الرئيسية «تداول»، إلى إرتفاع إجمالي دخل العمليات التشغيلية بنسبة 5 % إلى 8.9 مليار ريال؛ نتيجة الزيادة في صافي الدخل من العمولات الخاصة بنسبة 8 %، وإرتفاع رسوم الخدمات المصرفية بنسبة 1.8 %، بالإضافة إلى نمو إجمالي الدخل من الإستثمارات بنسبة 14 %.
وعلى أساس فصلي، إرتفع صافي الدخل العائد لحقوق المساهمين بنسبة 3.8 %، حيث بلغ 5 مليارات ريال، في الربع الأول من العام الحالي (2024)، نتيجة إنخفاض صافي مخصّص خسائر الإئتمان المتوقعة بنسبة 81.6 %.
ونوّه البنك بأن إجمالي الأصول ارتفع بنسبة 4.9 %، خلال الفترة، مقارنة بالسنة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول) من العام السابق (2023)، وذلك حصيلة إرتفاع محفظة التمويل بنسبة 5.9 %؛ بسبب نمو محفظة تمويل الأفراد بـ4%؛ معتمِدة بشكل أساسي على الإرتفاع في التمويل العقاري بمعدل 7 %، بالإضافة إلى نمو محفظة تمويل الشركات بنسبة 7.9 %.
وبلغت ربحية السهم، خلال النصف الأول من العام الحالي (2024)، 1.66 ريال، مقارنة مع 1.62 ريال في الفترة نفسها من العام السابق (2023).
وزيرة الإستثمار الأردنية ورئيسة هيئة تمكين المرأة العربية في الأردن خلود السقاف، في ورشة «تمكين المرأة العربية في الخدمات المصرفية»
في حضور مدير عام البنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي والزميل في إتحاد المصارف العربية أنور صياح ومن اليسار الزميلة نانسي الهندي
نظّمت هيئة تمكين المرأة العربية التابعة لإتحاد المصارف العربية، بالتعاون مع البنك العربي الإسلامي الدولي، ورشة عمل بعنوان «تمكين المرأة العربية في الخدمات المصرفية – نحو وعي مالي متكامل»، في العاصمة الاردنية عمّان، بمشاركة 100 سيدة من مختلف القطاعات. وهدفت الورشة التي إفتتحتها وزيرة الإستثمار الأردنية ورئيسة هيئة تمكين المرأة العربية خلود السقاف، إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع من خلال تزويدها بالمعرفة والمهارات المالية اللازمة للتعامل مع الأمور المالية بفعالية وإستقلالية. وتم التركيز خلال الورشة على محاور أساسية عدة منها: تعزيز الوعي المالي، التعرُّف على الخدمات المصرفية الأساسية، وتمكين النساء من اتخاذ القرارات المالية السليمة. وفي نهاية الورشة، جرى تكريم البنك العربي الإسلامي الدولي كراعٍ أساسي لهذا الحدث، تقديراً لدعمه لتمكين المرأة العربية في المجال المالي.
كرّم إتحاد المصارف العربية، بنك الإسكان تقديراً للمساندة المتواصلة من البنك للإتحاد في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الطرفين، وتثميناً لمشاركة البنك كراعٍ ذهبي في منتدى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في القطاع المالي الذي أقامه الإتحاد بالتعاون مع جمعية البنوك الأردنية على مدار يومين في العاصمة الأردنية عمّان، تحت رعاية محافظ البنك المركزي الأردني. وجاءت هذه الرعاية ضمن إطار حرص بنك الإسكان على دعم الفعّاليات والنشاطات التي يقيمها الإتحاد بهدف دفع مسيرة البنوك المحلية والعربية وتعزيز إلتزامها في مجال العمل المناخي والتحوُّل للاقتصاد الأخضر، وإلتزاماً من البنك بصفته بنكاً عريقاً ومسؤولاً إجتماعياً وبيئياً بمواكبة المستجدات على صعيد تشريعات وإستراتيجيات وممارسات حوكمة الشركات والحوكمة البيئية والإجتماعية. يشار إلى أن بنك الإسكان قد حافظ منذ تأسيسه على مكانته المتميّزة في تحقيق الاستدامة عبر مواصلة تطبيق نهج استراتيجي في سياساته وممارساته العامة التي تدمج إعتبارات الإستدامة ضمن نطاق إفصاحاته وأعماله الرئيسية.
«المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة في القطاع المالي»
الدكتور خلدون الوشاح يقدم درعاً تكريمياً للدكتور محمد فهمي الجعبري في حضور الزميل في إتحاد المصارف العربية أنور صياح
قدم البنك الإسلامي الأردني الرعاية لفعّاليات المنتدى المصرفي بعنوان «المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة في القطاع المالي» الذي أُقيم تحت رعاية مندوب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور خلدون الوشاح نائب المحافظ، وبتنظيم من إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي الأردني وجمعية البنوك في الأردن، وبمشاركة ممثلين للقطاع المصرفي والجهات الرقابية والتنظيمية وخبراء دوليين لمناقشة الإستراتيجيات والتحدّيات وأفضل الممارسات لتنفيذ أطر الحوكمة البيئية والإجتماعية، والذي إنعقد على مدار يومين في العاصمة الأردنية عمّان.
وقال الدكتور محمد فهمي الجعبري، رئيس قطاع الخدمات المساندة في البنك الاسلامي الأردني «تأتي رعاية مصرفنا لهذا المنتدى إنطلاقاً من حرص البنك المتواصل على التواجد ضمن مختلف اللقاءات التي تهدف إلى الإرتقاء بأداء القطاع المصرفي والمعايير الناظمة لأُطر العمل ومواكبة التطورات ومواجهة التحديات والمخاطر».
وأكد الدكتورالجعبري «أهمية تعزيز التعاون المشترك والمستدام ما بين البنك الإسلامي الأردني والبنك المركزي الأردني وإتحاد المصارف العربية، وتحقيق المنتدى لأهدافه وجلساته الحوارية التي تضمّنت مواضيع هامة تتعلق بكيفية التنفيذ الفعّال للأطر البيئية والاجتماعية وتقييم المخاطر المناخية وكيفية إدماجها في قرارات الإستثمار والتمويل، إضافة إلى الحوكمة في الخدمات المالية والممارسات الاخلاقية ».
وخلال الجلسة الإفتتاحية للمنتدى، سلّم الدكتور الوشاح نائب محافظ البنك المركزي درعاً تكريمياً للدكتور الجعبري تقديراً لرعاية البنك للمنتدى وللدعم والرعاية المستمرة لنشاطات ومنتديات إتحاد المصارف العربية .
كما أقام البنك جناحاً خاصاً في المعرض للتعريف بخدمات ومنتجات البنك المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
لإستضافة القمة العربية الثالثة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
في خطوة جديدة لتعزيز ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطر والمنطقة العربية، وقّع بنك قطر للتنمية مذكرة تفاهم مع لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، للإعلان عن إستضافة «القمة العربية الثالثة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة»بالشراكة مع مؤتمر «روّاد» قطر 2024 في حدث مشترك تحت شعار «آفاق العصر الرقمي» من 17 إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات (DECC).
وتُشكّل القمة العربية لريادة الأعمال مساحة تفاعلية مهمة لروّاد ورائدات الأعمال في المنطقة العربيّة، حيث إستضافت في نسختيها السابقتين أكثر من 2000 مشارك ومشاركة من البلدان العربية والمنظمات الإقليمية والدولية، والجهات المتخصّصة في ريادة الأعمال والتنمية المستدامة، إلى جانب روّاد ورائدات الأعمال، ومستثمرين، وجهات إعلامية. وتتيح القمّة لمشاركيها الاطلاع على أهم نماذج الأعمال الموجودة في الأسواق العربية والتعرّف على قصص نجاح ملهمة، وإستكشاف أفق العمل المشترك، مع التركيز على توفير الفرص الاستثمارية وتعزيز سبل التواصل بين صانعي السياسات والخبراء عربياً وإقليمياً.
وقال عبد الرحمن هشام السويدي، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية: «تعكس هذه الشراكة الجديدة مع الإسكوا إلتزامنا في بنك قطر للتنمية بالعمل الريادي المشترك، والتعاون بما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني، ويدعم تطور ريادة الأعمال في قطر».
وأضاف السويدي: «نفخر باستضافة الدوحة لفعّاليات القمّة العربية الثالثة لريادة الأعمال بعد إستضافة عمّان ومراكش للنسختين السابقتين، ويُسعدنا أن تكون هذه الإستضافة في إطار تنظيمنا للنسخة العاشرة من مؤتمر «روّاد» قطر 2024، ما يجعل نسخة هذا العام الأكبر من نوعها حتى اليوم، ونؤمن بأهمية وجود مثل هذه الفعاليات لدعم الإقتصادات العربية والنهوض بروّادها وفاعليها، وإننا في بنك قطر للتنمية على استعداد دائم لتقديم أفضل المبادرات الهادفة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتنمية دورها في ازدهار الاقتصاد الوطني واستدامة مصادره».
ويُتوقع أن يشارك في هذه النسخة من القمة العربية أكثر من 1300 مشارك ومشاركة من مختلف البلدان والقطاعات، لتكون مصدراً للإلهام والتحفيز على المستوى الإقليمي. وسيتضمن جدول أعمال القمة فعّاليات مختلفة مخصّصة لصنّاع القرار والسياسات، لمناقشة تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحسين بيئة ريادة الأعمال في المنطقة العربية لدعم التنمية المستدامة. وستركّز النقاشات على الفرص والتحديات التي يطرحها العصر الرقمي، بما في ذلك التحول الرقمي للأعمال، والإبتكار التكنولوجي، والتعاون الإقليمي لتعزيز الإقتصاد الرقمي.
وقالت رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا: «نحن سعداء بهذه الشراكة مع بنك قطر للتنمية، والذي يُعتبر من الجهات الرائدة عربياً في دعم رائدات وروّاد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، ونثق بأنّ هذه الشراكة ستفتح آفاقاً جديدة لدعم ريادة الأعمال في المنطقة. ونتطلع إلى العمل معاً لتعزيز الابتكار وخلق فرص العمل وتحفيز النمو الإقتصادي الشامل».
وأضافت دشتي: «تتميّز القمة العربيّة لريادة الأعمال بحضور نخبة من المبتكرين ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وصانعي السياسات والقادة في مختلف قطاعات الأعمال من مختلف الدول العربية، وإنّ دمج القمّة مع مؤتمر روّاد قطر يعتبر فرصة إستثنائيّة لتنظيم نسخة غير مسبوقة على مستوى التنظيم وعدد المشاركين والشركاء والمستثمرين في قطاع ريادة الأعمال عربيّاً».
ويهدف هذا التعاون إلى توفير الدعم اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير الوصول إلى التمويل والمعرفة وبناء القدرات، مع التركيز على الإبتكار والإستدامة.
في خطوة تاريخية نحو التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة العربية، أطلقت لجنة الأمم المتحدة الإقتصاديّة والإجتماعيّة لغربي آسيا (الإسكوا)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية – المكتب الإقليمي للدول العربية، أكاديمية قادة المدن العربية التي تسعى إلى تزويد قادة المدن بالمعرفة والأدوات المبتكرة لمعالجة التحديات الحضرية بشكل فعّال والإستفادة من الفرص التي تقدمّها مدنهم.
وتُعقَد النسخة الأولى من البرنامج بالشراكة مع منظمة المدن المتحدة والإدارات المحلية – فرع الشرق الأوسط وغرب آسيا بمشاركة 13 محافظاً ورؤساء بلديات وقادة مدن من مختلف أنحاء المنطقة العربية، بما في ذلك الأردن وتونس والعراق ودولة فلسطين ولبنان ومصر والمغرب. أما البرنامج التدريبي، الذي يُنظم بجزئه الأول بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحدّ من مخاطر الكوارث، فقد أُعِدَّ بالتعاون مع قادة المدن المشاركين لتلبية احتياجاتهم وفق الأولوية.
في كلمة إفتتاحية، قالت الممثلة الإقليمية للمكتب الإقليمي للمنطقة العربية لبرنامج المستوطنات البشرية رانيا هدية:
«إنّ المدن العربية تتأثر بالتمدن السريع، وتأثيرات تغيُّر المناخ، إضافة إلى الكوارث الطبيعية والصدمات الإقتصادية والنزاعات»، مؤكدة «أنّ السلطات المحلية تجد نفسها أكثر فأكثر في الخط الأمامي بمواجهة هذه التحديات وتلعب دوراً محورياً في التصدّي لها. من هنا، ضرورة تزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لمعالجة هذه المشاكل». ومن الأولويات التي إختار قادة المدن الإقليميون التطرُّق إليها، الأطر الدولية بما فيها الخطة الحضرية الجديدة، خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى بناء مرونة المدن في مواجهة الكوارث، والشراكات، والقدرة على التعافي إقتصادياً، والنقل، والإدارة القائمة على النتائج.
من جهتها، قالت المسؤولة عن ملف التنمية الحضرية المستدامة في الإسكوا سكينة النصراوي إنّ «المشهد التنموي يتغيّر بسرعة مع التوجهات العالمية نحو اللامركزية والتقدُّم التكنولوجي المتسارع».
وأضافت النصراوي: «لم تعد مسألة التخطيط من أجل التنمية المستدامة حكراً على السلطات الوطنية بل أصبح للسلطات والمجتمعات المحلية دور في تفعيل العجلة التنموية وصل إلى مستويات غير مسبوقة في ظل هذه الأوقات المفصلية».
وبحث المشاركون في الأطر العالمية وتبادلوا حيال الممارسات الفضلى لتقوية حسّ القيادة والصمود في مدنهم فيشكّلون شبكة «قادة من أجل الإستدامة» التي تقود الجهود لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة.
وعلى الأثر، جرى تنظيم برنامج تدريبيّ تنفيذيّ على مدى يومين، على أن يستمرّ طوال الأشهر الأربعة المقبلة عبر إجتماعات إفتراضية ودورات تدريبية عبر الإنترنت وقراءات أساسيّة، وتختتم بفعاّلية على هامش النسخة الـ 12 للمنتدى الحضري العالمي الذي سينعقد في العاصمة المصرية القاهرة ما بين 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 و8 منه.
رغم أن شبح خفض أسعار الفائدة قد يطارد الإقتصاد العالمي، فإن بنوك دول الخليج لا تزال تتمتع ببعض أفضل الظروف، التي شهدتها منذ سنوات، وفق تقرير نشرته مجلة ميد.
وأشار التقرير إلى أن بنوك المنطقة تستفيد أيضاً من القرارات المتخذة في أماكن أخرى، إذ يؤدي تأخير بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة المتوقعة إلى زيادة ربحيتها هذا العام (2024)، حيث تظل هوامش الفائدة الصافية أكبر من المتوقع.
وتابع التقرير: «هناك ما هو أكثر من الظروف الخارجية المواتية، فقد برزت دول التعاون كواحدة من أكثر البقع إشراقاً في النظام المصرفي العالمي، لأسباب تتجاوز بيئة أسعار الفائدة المواتية».
ونقل التقرير عن رئيس تصنيفات البنوك في الشرق الأوسط لدى فيتش للتصنيف الإئتماني، ريدموند رامسديل، قوله: «هناك إنفاق حكومي قوي في دول الخليج، والإقتصاد غير النفطي قوي أيضاً، وهذا يُترجم ثقة قوية للمستثمرين والمستهلكين وظروف عمل مواتية، ولا سيما أن نمو الإقراض في معظم دول المنطقة معقول جداً عند حوالي 5 % و6 %»، وفق ما ذكرت «ميد».
من جانبه، قال كبير المحللين الماليين في موديز للتصنيف الإئتماني، باديس شبيلات: «بينما كانت معظم دول العالم تكافح التضخم المرتفع والمخاوف من الركود خلال السنوات الثلاث الماضية، برزت منطقة الخليج، على النقيض من ذلك، كدول شديدة المرونة في ما يتعلق بأسعار الطاقة والتضخم وأسعار الفائدة».
مرونة قوية
وأوضح التقرير أن البنوك الخليجية تواصل إظهار مرونة قوية بفضل اقتصاداتها الداعمة – ولا سيما في السعودية والإمارات – والتضخُّم المنخفض نسبياً.
ويقول كبير المحللين الماليين في وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف العالمية، غلوبل للتصنيف الإئتماني، محمد داماك: «تستفيد معظم البنوك من أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، ونتوقع الآن أن يبدأ «الإحتياطي الفدرالي» في الخفض فقط في ديسمبر/ كانون الأول 2024، مما يعني أن الربحية ستستمر هذا العام، وسيكون التأثير السلبي لأسعار الفائدة المنخفضة على الربحية قصة العام 2025».
وتابع داماك: «إن إصدار الدولار عند مستوى قياسي في المنطقة، يعكس ظروف التسعير الجيدة ونمو الإقراض وإحتياجات إعادة التمويل القوية».
رياح معاكسة
ولفت تقرير «ميد» إلى «أن بنوك دول الخليج لا تزال تشعر ببعض الرياح المعاكسة، وخصوصاً عندما تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة أخيراً خلال النصف الثاني من العام 2024.
ويتوقع داماك من «ستاندرد آند بورز» ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة، بإجمالي 75 نقطة أساس في النصف الثاني من العام، تليها تخفيضات أخرى بمقدار 125 نقطة أساس في العام 2025.
وأوضح التقرير أنه نظراً إلى أن البنوك المركزية في دول الخليج قد واكبت تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، والذي كان له تأثير على تعزيز أرباح البنوك، فإن هذا يعني أن الأرباح سوف يتم تقليصها، إذ تشير «ستاندرد آند بورز»، إلى أن كل انخفاض بمقدار 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة، يخفض في المتوسط نحو 9 % من صافي أرباح البنوك الخليجية.
ومع ذلك، يرى التقرير أن هناك عوامل عدّة قد تخفّف من التأثير الإجمالي، حيث من المرجَّح أيضاً أن تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تقليص حجم الخسائر غير المحققة، التي تراكمت على البنوك الخليجية على مدى العامين الماضيين.
إرتفاع صافي الدخل في القطاع المصرفي الكويتي
وذكر التقرير أن القطاع المصرفي في الكويت شهد إرتفاع صافي الدخل إلى 1.34 مليار دولار في الربع الأول من العام 2024، مقارنة بـ1.26 مليار دولار في الربع الأول من العام 2023، بعد أن عزّزت البنوك جهودها لجمع ودائع القطاع الخاص المحلي، بهدف إنشاء تمويل أقل تكلفة تحسباً لزيادة النشاط الإقتصادي.
ولفت التقرير إلى أنه رغم نمو القروض في السعودية والإمارات يظل قوياً بفضل الإطار الإقتصادي الداعم، فإن هذا ليس هي الحال بالنسبة إلى جميع دول الخليج.
ومع ذلك، يتسارع نمو الإئتمان في قطر، حيث تتوقع فيتش سوليوشنز أن يتسارع من أدنى مستوى تاريخي بلغ 2.8 % في بداية العام 2023 إلى 4 % في حلول نهاية العام 2024، بسبب الطلب الأقوى عبر العديد من القطاعات وتباطؤ وتيرة سداد القروض. ويُتوقع أن يزيد نمو القروض إلى 5%على أساس سنوي في حلول نهاية العام 2025، بسبب إنخفاض تكلفة الاقتراض. علماً أن النمو الإئتماني الأقوى في قطر سيدفع نمو الأصول إلى الإرتفاع في عامي 2024 و2025.
وفي البحرين، تتوقع «ستاندرد آند بورز» نمو الإئتمان في القطاع الخاص بنسبة 4 % في الفترة 2024 ــ 2026، مدعوماً في المقام الأول ببرامج الإسكان الحكومية.
وفي عُمان، من ناحية أخرى، ستكافح البنوك لمواكبة التحسن الكبير في الأرباح، الذي شهدناه في العام 2023، عندما أعلنت المؤسسات المدرجة عن زيادة إجمالية بنسبة 18.6 % على أساس سنوي في صافي الأرباح إلى 1.17 مليار دولار. وتتوقع «فيتش» تحسن مقاييس جودة الأصول بشكل طفيف هذا العام (2024) بسبب الظروف التشغيلية المواتية، في حين ستعمل عمليات الشطب على خفض نسبة القروض المتعثرة في القطاع.
تفاؤلمشروع
وكشفت «ميد» أنه وبشكل عام، يُمكن للمقرضين في منطقة الخليج أن يكونوا متفائلين بموقفهم الحالي حتى لو لم تتكرر الظروف الحميدة لعامي 2022 و2023، في عالم يركز فيه بنك الإحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة.
تمويلات مواتية
وشدَّد التقرير على أن البنوك الخليجية تتمتع عادة بتمويلات مواتية للغاية ومنخفضة التكلفة، وقد يستمر هذا في الأنظمة المصرفية الكبيرة، مثل تلك الموجودة في السعودية والإمارات، والتي تشكل ثلثي أصول النظام المصرفي في المنطقة. كما تشير الظروف التشغيلية المواتية في الخليج إلى أن تكاليف الإئتمان ستظل منخفضة، مما يدعم الربحية القوية، ومع ذلك تظهر نتائج الربع الأول من العام 2024 إنخفاضاً في الإيرادات للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
«أونكتاد»: إتجاهات التجارة العالمية تحوّلت إلى إيجابية
في الربع الأول من العام 2024
أكّدت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة «أونكتاد» أن إتجاهات التجارة العالمية تحوّلت إلى إيجابية في الربع الأول من العام 2024 مع زيادة قيمة التجارة في السلع بنحو 1 % على أساس ربع سنوي والخدمات بنحو 1.5 %.
وتوقعت المنظمة الدولية في تقرير صدر في جنيف أن تضيف هذه الطفرة، التي تغذيها ديناميكيات التجارة الإيجابية للولايات المتحدة والدول النامية، ولا سيما الإقتصادات الآسيوية النامية الكبيرة، نحو 250 مليار دولار إلى تجارة السلع، و100 مليار دولار إلى تجارة الخدمات في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالنصف الثاني من العام 2023.
وأشارت «أونكتاد» إلى أن التوقعات العالمية لنمو الإنتاج المحلي الإجمالي لا تزال عند نحو 3 % لعام 2024 مع تفاؤل حذر حيال التجارة على المدى القصير.
وأضافت «أونكتاد»: أنه «إذا استمرت الإتجاهات الإيجابية، فقد تصل التجارة العالمية في العام 2024 إلى نحو 32 تريليون دولار»، لكنها أفادت أنه من «غير المرجّح أن تتجاوز مستواها القياسي المسجل في العام 2022».
وأكد التقرير «أن الصين والهند والولايات المتحدة تقود التجارة العالمية»، موضحاً «أن نمو التجارة العالمية في الربع الأول من العام 2024 كان مدفوعاً بشكل أساسي بزيادة الصادرات من الصين
«9 %»، والهند «7 %»، والولايات المتحدة «3 %»، وأفاد أنه على العكس من ذلك «فلم تظهر صادرات أوروبا أي نمو، وإنخفضت صادرات أفريقيا بنسبة 5 %».
من ناحية أخرى وفي الوقت الذي أكد التقرير أن التجارة بين الجنوب والجنوب هي التي تحدد الوتيرة، أشار إلى «أن التجارة في البلدان النامية قد زادت، بينما بين بلدان الجنوب بنحو 2 % في كل من الواردات والصادرات خلال الربع الأول من العام 2024، وبالمقارنة شهدت الدول المتقدمة إستقراراً في الواردات وإرتفاعاً متواضعاً بنسبة 1% في الصادرات»، لافتاً إلى أنه «على أساس سنوي، فقد إنخفضت التجارة بين بلدان الجنوب بنسبة 5 % عند مقارنة الربع الأول من العام 2023 بالربع الأول من العام 2024».
وذكر التقرير «أن قطاعات الطاقة الخضراء والذكاء الإصطناعي تشهد طفرة قوية»، مشيراً إلى «أن نمو التجارة تباين بشكل كبير عبر القطاعات، حيث شهدت المنتجات المرتبطة بالطاقة الخضراء والذكاء الإصطناعي زيادات أقوى»، مشيراً إلى «أن القيمة التجارية للخوادم عالية الأداء ارتفعت بنسبة 25 % مقارنة بالربع الأول من العام 2023، بينما شهدت أجهزة الكومبيوتر ووحدات التخزين الأخرى زيادة بنسبة 8 %، كما نمت القيمة التجارية للسيارات الكهربائية بشكل ملحوظ، حيث زادت بنحو 25 % أو أكثر».
تباطؤ نمو الأجور، وإنخفاض القوة التسعيرية من قبل الشركات
«وول ستريت جورنال»: مسؤولون في «الإحتياطي الفيدرالي»
يحذّرون من تعثُّر سوق العمل في الولايات المتحدة
نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن محضر آخر إجتماع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي»، أن بعض مسؤولي البنك المركزي دعوا في إجتماعهم للإنتباه بعناية لأي مؤشرات تشير إلى أن سوق العمل قد يضعف بصورة أكبر من المتوقع.
وجاء في محضر إجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، أن عدداً من المشاركين أشاروا إلى أن السياسة النقدية يجب أن تكون جاهزة للرد على الضعف الإقتصادي غير المتوقع.
وأطلقت ماري دالي رئيسة بنك الإحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو تحذيراً في وقت سابق بأن «سوق العمل في الولايات المتحدة يقترب من نقطة التحوُّل، بحيث أن العمل على المزيد من إبطائه سينتج عنه إرتفاع معدّلات البطالة لتكون هذه مشكلة جديدة إلى جانب التضخُّم».
كما نقلت الصحيفة الأميركية عن محضر الإجتماع، أن المجتمعين أشاروا إلى العديد من التطوُّرات الإقتصادية في الولايات المتحدة، بما في ذلك تباطؤ نمو الأجور، وإنخفاض القوة التسعيرية من قبل الشركات، وزيادة حساسية المستهلك لزيادات الأسعار، وأضاف المحضر أن هذه التطورات إعتبروها بأنها تدعم توقعاتهم بأن التضخُّم سيستمر في الإنخفاض خلال العام 2025.
وذكر المحضر أن بعض المسؤولين عبّروا عن إعتقادهم أن زيادة معدّلات الهجرة لبلادهم تسمح للإقتصاد بإضافة المزيد من الوظائف، مع الحفاظ على معدّل البطالة ثابتاً، مما يُخفّف الإختلالات في سوق العمل الذي بدا محموماً للغاية قبل عامين.
وفي ما يتعلق بالهجرة وسوق العمل، أشار مختصون إلى أن الإقتصاد بشكل عام إنتهى به الأمر إلى الإنتعاش بقوّة بعد عمليات الإغلاق المفاجئة والواسعة النطاق لعام 2020، مدعومة بالتحفيز الحكومي التاريخي واللقاحات التي ظهرت للمرة الأولى بشكل أسرع من المتوقع.
وأضافوا «أن نقص العمالة حينها أسهم في إرتفاع التضخُّم، مما ترتب عليه من تدافع أصحاب العمل للعثور على عمال ودفع أجور مرتفعة لهم، ليتحمّلها المستهلك بعد ذلك على شكل أسعار مرتفعة للسلع».
وأظهر المحضر، أن المسؤولين عبّروا عن إرتياحهم لسياسة الإنتظار والترقب قبل الإقدام على تغيير أسعار الفائدة، حيث شدّد مسؤولو الإحتياطي الفيدرالي على أنهم ينتظرون أدلّة إضافية على أن التضخُّم يتراجع، مع وجود انقسام حول المدة التي سيستغرقها إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة حتى تظهر معلومات إضافية لمنحهم ثقة أكبر في أن التضخُّم يسير نحو هدفهم البالغ 2 %.
وكان قد رفع «الإحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ 40 عاماً في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخُّم الذي إرتفع أيضاً إلى أعلى مستوى له منذ أربعة عقود. وقد حافظوا على سعر الفائدة القياسي في نطاق يُراوح بين 5.25 % و5.5 % منذ يوليو/ تموز 2023.
وقلّص مسؤولو الإحتياطي الفيدرالي في إجتماعهم عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي يتوقعونها هذا العام إلى خفض واحد فقط، مشيرين في الوقت نفسه إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بالتوقعات الإقتصادية والمدة التي سيكون من المناسب فيها الحفاظ على سياسة التشديد النقدي، ففي حين أكد البعض على الحاجة إلى الصبر، أشار آخرون إلى أن المزيد من إضعاف الطلب قد يؤدي إلى زيادة أكبر في البطالة.
وبعد أن بيّنت سلسلة من البيانات في أوائل العام 2024 إلى توقف تقدم التضخُّم، بدأت الصورة في التحسُّن، وسجّل المقياس المفضّل لدى «الإحتياطي الفيدرالي» للتضخُّم الأساسي، والذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة، أقل تقدماً له خلال ستة أشهر في مايو/ أيار 2024.
وقال جيروم باول رئيس البنك المركزي الأميركي: «إن البيانات الأخيرة أوضحت، أن التضخُّم يعود إلى المسار الهبوطي»، لكنه أكد «أن صنّاع السياسات بحاجة إلى مزيد من الأدلّة قبل أن يبدأوا في خفض أسعار الفائدة».
وذكرت «وول ستريت جورنال» أن مسؤولي «الإحتياطي الفيدرالي»، أظهروا بما في ذلك رئيسه جيروم باول، رضاهم على نطاق واسع عن كيفية إستئناف التضخُّم للإتجاه الهبوطي بعد قراءات مرتفعة عدة للتضخُّم في بداية العام الجاري، مما يشير إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام الخفض في سبتمبر/ أيلول 2024.
وجاء مقياس التضخُّم المفضّل لدى «الإحتياطي الفيدرالي» وفق التنبوءات حيال التضخُّم في مايو/ أيار 2024، مما أنعش التوقعات بأن أسعار الفائدة قد تنخفض بشكل أسرع مما توقعه صنّاع السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
وأظهرت أحدث بيانات وزارة التجارة الأميركية، تباطؤاً في مؤشّر التضخُّم المفضل لدى البنك المركزي خلال مايو/ أيار 2024، حيث إن مؤشر أسعار نفقات الإستهلاك الشخصي الأساسي السنوي، والذي يستثني مكوّنات الغذاء والطاقة المتقلبة، قد تباطأ إلى 2.6 % في ذلك الشهر، بما يتوافق مع التوقعات.
كما تباطأ مؤشّر أسعار نفقات الإستهلاك الشخصي الأساسي الشهري في مايو/ أيار إلى 0.1 %، بما يتماشى مع التوقعات أيضاً. وعدّلت بيانات وزارة التجارة النسبة المسجّلة لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي الشهري في أبريل/ نيسان 2024 بالرفع إلى 0.3 %.
يهدف إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية
لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع
«الممرُّ الإقتصادي».. كيف سيُغيّر شكل التجارة العالمية؟
يُتيح مشروع الممرّ الإقتصادي، الذي أعلنه قادة عالميون، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، (خريف 2023)، والهادف إلى الربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، عدداً من الفرص الواعدة للدول المشاركة، عبر خلق طريق تجارية موثوقة وأكثر فعّالية من حيث التكلفة، وبما يُعزّز مرونة سلاسل التوريد، مما ينعكس بدوره على عديد من دول العالم، في خلاف الدول التي يشملها الممر.
الإتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه «سوف يُغيّر قواعد اللعبة»، يضمُّ دولاً عدة، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين وكابلات نقل البيانات.
وقد تم التوقيع على الإتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والإتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ويُعدّ الممرّ المرتقب دفعة جديدة على طريق التنمية العالمية.
يهدف المشروع إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وربط الموانئ البحرية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع.
كما يهدف الممر الجديد إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجدّدة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة.
المشروع يهدف أيضاً، إلى تنمية الإقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، فإن المشروع يتألف من ممرّين منفصلين هما «الممر الشرقي» الذي يربط الهند مع الخليج العربي و«الممر الشمالي» الذي يربط الخليج بأوروبا، مضيفة أن الممرّات تشمل سكة حديد ستُشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات.
فيما ذكرت تقارير صحافية غربية، أن المشروع الجديد، المدعوم من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي وصفه بـ «الإتفاق التاريخي»، يمثل بالنسبة إلى واشنطن، مواجهة لنفوذ بيجينغ المتصاعد في المنطقة، في ضوء المساعي الغربية في تقليل الإعتماد على الإمدادات من بيجينغ. ومن شأن الممرّ الإقتصادي بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط IMEC أن يُعزّز المنافسة، ويُتيح فرصاً وطرقاً أوسع، وبما يُعزّز من ديناميكية الإقتصاد العالمي.
أهمية الممرّ الإقتصادي
من الولايات المتحدة، يقول الأستاذ في جامعتي كاليفورنيا وبافالو، نالان سواريش، لموقع «إقتصاد سكاي نيوز عربية»:
إن الممرّ الإقتصادي الجديد بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، (IMEC) سيربط بين دول الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا. وسيكون له مساران: الممر الشرقي (الهند – الخليج العربي) والممر الشمالي (الخليج العربي – أوروبا).
ستكون هنالك شبكة عبور وطرق الشحن منوعة ما بين السفن والسكك الحديدية، علاوة على شبكات الطرق الموجودة بالفعل. ولكن سيكون هناك توسُّع كبير في القدرات، ويتم التخطيط لتطبيقات التكنولوجيا الرقمية الحديثة في جميع القطاعات الحالية.
التطلُّع إلى أن تُوفر IMEC طريقاً تجارية موثوقة وأكثر فعّالية من حيث التكلفة، وتزود العالم بطريق تجاري منافس آخر وممر إقتصادي يُضيف إلى شبكة مبادرة الحزام والطريق (BRI) التي تصوّرها الصينيون.
من المفترض أن تساعد إضافة طريق التجارة IMEC في سلاسل التوريد الأكثر مرونة، والتي سوف تفيد عديداً من الدول على مستوى العالم (بما في ذلك تلك التي هي خارج الهند وأوروبا).
وسيعوّض ذلك الإعتماد المفرط على مصادر الإمداد الصينية وطرق التجارة التي تسيطر عليها الصين، وفي وقت سابق من هذا العام.
ويلفت الأستاذ الجامعي المتخصّص في إدارة العمليات والإستراتيجيات، إلى مساعي أوروبا إلى تقليل الإعتماد على الإمدادات الصينية، قائلاً: «لقد تحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن إزالة المخاطر التي تُواجه أوروبا من الإعتماد المفرط على مصادر الإمداد الصينية وطرق التجارة، والآن تعيد إيطاليا النظر في أفكارها حيال مبادرة الحزام والطريق، بعدما شهدت علاقة تجارية غير متكافئة مع الصين. وبالمثل، بالنسبة إلى العديد من البلدان الأخرى».
وتبعاً لذلك، فإن «هذا الممر الإقتصادي الجديد والطريق التجارية، سيُوفر مزيداً من المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بها».
وسيقوم الممر أيضاً بإدخال المنافسة مع مبادرة الحزام والطريق في القطاعات المتأثرة، لكن في هذه المرحلة، وفق سواريش: «إن الصينيين يتمتّعون بميزة كبيرة في قدرات البنية التحتية، ولا تزال لديهم ميزة إمتلاك عديد من مصادر توريد التصنيع، والوصول إلى المواد الخام والمعادن النادرة وغيرها». لذا، على المدى القصير (حتى 4 أو 5 سنوات) ليس لديهم الكثير مما يدعو إلى القلق من IMEC وبدلاً من ذلك، فإنهم يُواجهون مشاكل ملحة أخرى راهناً في ما يتعلق بإقتصادهم.
مبادرة واعدة تحظى بدعم أميركي
ويضيف سواريش: «يبدو أن مبادرة IMEC واعدة للغاية؛ لأنها تحظى بمباركة وإلتزامات الولايات المتحدة، وهي (واشنطن) حريصة على تقليل الإعتماد على الصين».
الإمارات تدعو إلى إعتماد نظام تجارة عالمي منفتح وشامل
لا شك في أن IMEC يتوافق بشكل جيد مع أهداف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي هذا السياق، يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: إنه «يطمح إلى تحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة، وبالتالي فإن IMEC سوف تتمتع بدعم قوي من السعودية والإمارات، بما لهما من ثقل في منطقة الشرق الأوسط».
على نحو مماثل، تطمح الهند إلى التحوُّل إلى قوة تصنيعية كبرى، وتأمل الهند، في الحصول على حصّة من الإنتاج العالمي من السلع، فيما سيتعيّن عليها رفع مستوى قدراتها البحرية من أجل هذا الممر، وهي لديها الآن موانئ ذات مستوى عالمي، مثل موانئ موندرا وJNPT على ساحلها الغربي، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من البنية التحتية للشحن في هذا القطاع.
وكان رئيس وزراء الهند المضيفة لقمّة العشرين التي إنعقدت في مطلع خريف 2023، ناريندرا مودي، قد علق على المشروع قائلاً: «بينما نشرع في مبادرة الربط الكبيرة هذه، فإننا نضع بذوراً تجعل أحلام الأجيال المقبلة أكبر».
ويشير الأكاديمي المتخصّص في الإستراتيجيات والتخطيط، إلى «أن العلاقة الشخصية بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ومسؤولي الإتحاد الأوروبي مثل أورسولا فون دير لاين، قد أصبحت قوية جداً الآن، كما كانت في السابق. يعكس ذلك، الإجتماع الأخير لمجموعة العشرين في نيودلهي»، مبدياً إعتقاده بأن مشروع IMEC سيؤدي أيضاً إلى نشاط شحن تجاري أكثر حيوية في بحر العرب في السنوات المقبلة، كما ستستفيد الدول الأفريقية أيضاً من هذه المبادرة. لذلك، بشكل عام، ليس لدى مبادرة الحزام والطريق الصينية الكثير مما يدعو إلى القلق على المدى القريب، ولكن إذا إنطلقت IMEC، فإنها ستُحقق بالتأكيد تأثيراً كبيراً على التصنيع في الصين، والوصول إلى المواد الخام وطرق التجارة الخاصة بمبادرة الحزام والطريق.
منافسة الصين
لا شك في أن هذا الممر سيُعزّز المنافسة في الإقتصاد العالمي بين ممرّات ومحاور مختلفة، وبما يخلق مزيداً من الفرص والخيارات على طريق التنمية العالمية.
وفي هذا السياق، ذكر تقرير نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن «المشروع الذي تم الاتفاق عليه على هامش مجموعة العشرين، سيُواجه النفوذ الصيني المتزايد في الدول العربية».
وقد جرت المحادثات حول مثل هذا المشروع، الذي شمل أيضاً كابلاً بحرياً جديداً، وبنية تحتية لنقل الطاقة، خلف الكواليس بين الدول المعنية مؤخراً، لكنها ستستمر الآن على أساس أكثر رسمية. ولم يتم تقديم أي إلتزامات مالية ملزمة، لكن الأطراف إتفقت على التوصل إلى «خطة عمل» تُعرض مستقبلاً.
بايدن: الممر سيُوفر فرصاً لا نهاية لها
قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الممر سيُوفر «فرصاً لا نهاية لها» للدول المعنية، «مما يجعل التجارة وتصدير الطاقة النظيفة أسهل بكثير، ومدّ الكابلات التي تربط المجتمعات»، مشيراً إلى أن ذلك «سيُسهم في جعل الشرق الأوسط أكثر إستقراراً وإزدهاراً».
وقال البيت الأبيض في وثيقة نشرتها إدارة بايدن حيال إعلان «الممر» الكبير بين الهند وأوروبا: «نريد إطلاق حقبة جديدة متصلة عبر شبكة سكك حديد، وربط الموانئ في أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا».
كما علّقت رئيسة المفوضية الأوروبية: «هذه خطوة تاريخية، وسيكون هذا الرابط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج العربي وأوروبا، إنه جسر أخضر ورقمي عبر القارات والحضارات، إنه خط السكك الحديدية الذي سيجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40 %».
قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، في وقت سابق، إن تطوير الممر يتماشى مع مساعي إدارة بايدن لـ «خفض درجة الحرارة» و«تهدئة الصراعات» في المنطقة، مع زيادة «الإتصالات».
وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإنه «بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يُمكن أن يكون المشروع بمثابة مواجهة لنفوذ بيجينغ المتزايد في المنطقة، في وقت يعمل فيه شركاء واشنطن، العرب التقليديون، على تعميق العلاقات مع الصين والهند والقوى الآسيوية الأخرى».
يتفق مع ذلك، الخبير الإقتصادي المتخصّص في الشؤون الصينية، جعفر الحسيناوي قائلاً: «إن الولايات المتحدة دأبت على العمل لمحاصرة الصين إقتصادياً من خلال وضع العراقيل أمام مبادرة الحزام والطريق الصينية في شتى الطرق»، مشيراً إلى «أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، كانت قد طرحت من ذي قبل مبادرة طريق منافس لمبادرة الحزام والطريق». وقد خصّص الإتحاد الأوروبي إنفاق ما يصل إلى 300 مليار يورو على إستثمارات البنية التحتية في الخارج بين عامي 2021 و2027 من خلال مشروع البوابة العالمية، الذي تم إطلاقه جزئياً لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية والدفاع عن المصالح الأوروبية.
علماً أن كلاً من من المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات العربية المتحدة، المركز المالي المهيمن في الشرق الأوسط، تسعيان إلى إبراز نفسيهما كمراكز لوجستية وتجارية رئيسية بين الشرق والغرب.
كيف ينظر صندوق النقد الدولي لـ «الممر الإقتصادي»؟
من جانبها، ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أنه «لا ينبغي للممر الإقتصادي أن يكون إقصائياً، بل ينبغي أن ينخرط في روح الإقتصاد العالمي المتكامل».
ونقلت شبكة CNBC عن غورغييفا، قولها: «إذا أردنا أن تكون التجارة محرّكاً للنمو، فعلينا أن نخلق ممرات وفرصاً. ومن المهم أن نفعل ذلك لصالح الجميع، وليس لإقصاء الآخرين. وبهذا المعنى، أُشجع جميع البلدان التي تعمل بشكل تعاوني مع بعضها البعض على القيام بذلك بروح الإقتصاد المتكامل».
وبحسب التقرير، فإن هذه الصفقة (خطة تطوير شبكة من السكك الحديدية والطرق البحرية التي ستربط الهند والإتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط) لا تؤكد على الشراكة المزدهرة بين الهند والولايات المتحدة فحسب، بل تؤكد أيضاً على إلحاحهما وتصميمهما على إقناع العالم بأنهما يُمثلان إقتراحاً إستراتيجياً أكثر قابلية للتطبيق في تسهيل الإحتياجات التنموية للجنوب العالمي.
ومن شأن هذا الممر الإقتصادي المدعوم من بايدن، أن يُضيف إلى الإستثمار الحالي في البنية التحتية للمناطق المعنية، وستجتمع البلدان المعنية لاحقاً لوضع خطة عمل ذات جداول زمنية ذات صلة والإلتزام بها، وهي جميعها غير متوافرة في هذه المرحلة.
في المحصّلة، لا يُمكن الحديث عن أي مشروعاتِ طرقٍ برية أو ممرّاتٍ بحرية للربط التجاري بين دولِ وقاراتِ العالم، بمنأى عن تأثيرها على قناة السويس المصرية التي تستحوذ على 12 % من حركة التجارة العالمية، وخصوصاً أن معظم المشاريع يُقاس بحسب مدى جدواها الإقتصادية وبقدرتها على منافسة القناة زمنياً ومادياً.
ويُعتبر أحدث المشاريع الضخمة المطروحة، مشروع الممر الإقتصادي، الذي تم الإعلان عنه مؤخراً في قمة مجموعة العشرين بالهند، والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط. فالمشروع الذي تحمّست له ودعمته واشنطن، بدا أنه منافس لمشروع الحزام والطريق الذي أطلقته الصين قبل 10 سنوات. ويتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين، أحدهما يربط الهند بالخليج العربي والآخر يربط الخليج العربي بأوروبا.
وتنجز هذه المشاريع عادة لتعزيز التجارة العالمية، وفي هذا السياق، قال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، على هامش قمة العشرين: «إن الإتفاق يهدف إلى البحث في مشروع للنقل البحري والسكك الحديد، وسيسمح بتدفق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند، عبر الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا».
بين نهاية العام 2019 ونهاية الربع الأول من العام 2024
يضمُّ القطاع المصرفي الليبي 20 مصرفاً و12 مكتباً تمثيلياً لمصارف عربية، وستة مكاتب تمثيلية لمصارف أجنبية. ويتضمن الجدول رقم 1 قائمة المصارف العاملة في ليبيا.
تطورات البيانات المالية للقطاع المصرفي الليبي
بلغ حجم موجودات القطاع المصرفي الليبي قرابة 36.8 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، محققاً نسبة نمو 10.4% مقارنة بنهاية العام 2023. علماً أن نسبة نمو هذه الموجودات قد بلغت 3.9% خلال العام 2022 و8.0% خلال العام 2023. أما بالنسبة إلى الودائع، فقد بلغت نحو 28.6 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، محققة نسبة زيادة عن نهاية العام 2023 بلغت 8.1%. وكانت هذه الودائع قد زادت بنسبة 5.4% في العام 2022 وبنسبة 24.5% في العام 2023.
وقد بلغ مجموع الإئتمان المقدم من قبل القطاع المصرفي الليبي نحو 6.1 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، بزيادة 1.9 % عن نهاية العام 2023. فيما بلغت نسب نمو الإئتمان 11.3 % في العام 2022، و25.5 % في العام 2023، ووصل مجموع رأسمال القطاع المصرفي الليبي إلى قرابة 1.8 مليار دولار بزيادة 50.8 % عن نهاية العام 2023.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي الليبي يحوز على نسبة سيولة عالية جداً، إذ بلغ حجم الموجودات السائلة نحو 21.8 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، ما يُشكل نسبة 59 % من إجمالي الموجودات. وتدل هذه الأرقام على أن مساهمة القطاع المصرفي في تمويل النشاط الإقتصادي لا تزال محدودة بسبب ما تحوزه المصارف الليبية من أصول سائلة، وعدم التوسُّع في منح التسهيلات والقروض لمختلف القطاعات الإقتصادية. ورغم معدّلات النمو العالية التي حققها القطاع، فإن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال ضئيلة.
للمزيد الاطلاع على المرفق: https://uabonline.org/wp-content/uploads/2024/09/المصارف-الليبية-تحوز-على-نسبة-سيولة-عالية-جدا.pdf
إستراتيجيات التحوُّل نحو بنوك أكثر إستدامة وكفاءة في إستخدام الطاقة
إن التحوّل الى بنوك أكثر إستدامة وكفاءة في إستخدام الطاقة بات أمراً بالغ الأهمية مع شحّ الموارد، وشدة المنافسة التي تواجهها البنوك. إن مفهوم الخدمات المصرفية المستدامة هو نهج إستراتيجي حيث تأخذ المؤسسات المالية في الإعتبار التأثيرات البيئية والإجتماعية والحوكمة في عملياتها وأنشطتها التجارية.
ونعرض في هذا المقال، ممارسات وإستراتيجيات الخدمات المصرفية المستدامة، والتحدّيات التي تواجه إستدامة البنوك، والتقنيات لتعزيز إستدامة البنوك، والتحدّيات التي تواجه تبني تقنيات الخدمات المصرفية المستدامة. كما ونتناول خصائص البنوك الموفّرة للطاقة، ونماذج كفاءة الطاقة، والتقنيات لتعزيز كفاءة الطاقة في البنوك والتحدّيات التي تواجهها. ونسلّط الضوء على التشريعات الخاصة بكفاءة الطاقة والبنوك المستدامة وتوجيهات الطاقة في الاتحاد الأوروبي، ومعايير كفاءة الطاقة وشهادات كفاءة الطاقة. ونختم بطرح الإستراتيجيات للتحوُّل الى بنوك مستدامة وأكثر كفاءة في إستخدام الطاقة.
ماهية البنوك المستدامة
الخدمات المصرفية المستدامة هي الممارسات المصرفية والإستثمارية التي تسعى إلى تحقيق الربح مع مراعاة الإستدامة البيئية والمسؤولية الإجتماعية وإعتماد الحوكمة الجديرة بالثقة. وتشمل هذه الخدمات برامج الإقراض المسؤولة والشاملة والمنتجات التي تركز على العملاء مع تعزيز الشفافية والإستهلاك الواعي.
لقد تحوّل مفهوم الخدمات المصرفية اليوم، إذ إنه في السابق كان مفهوم الإستدامة يعني القيام بالشيء الأقل ربحية، أما اليوم فقد تغيّر هذا المفهوم. إن آلية الخدمات المصرفية والمالية العالمية معرّضة لخطر من أزمة مناخية إذا لم تع أن تقييد إستراتيجية الإستثمار على الربح فقط سوف يؤدي بالبنوك الى التوجُّه بشكل أعمى نحو كارثة بيئية وخراب إقتصادي.
في العام 2015، أدرك العالم الحاجة الملحّة الى وضع أهداف التنمية المستدامة، التي تضع مساراً للإزدهار والإستدامة، وتهدف إلى تلبية إحتياجات الناس اليوم دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية إحتياجاتها. ويشكل العمل المصرفي المستدام جزءاً لا يتجزأ من تحقيق هذه الأهداف.
إن غياب الإستثمارات المستدامة من جانب المؤسسات المالية الخاصة يضيّع فرص تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هناك العديد من العملاء اليوم الذين يبحثون عن البنوك التي تقدم خدمات تراعي أهداف الإستدامة. كما وأن الشفافية التي تُوفرها الخدمات المصرفية المستدامة تزيد ثقة العملاء في القدرة على تقديم الأفضل للعالم المحيط. وهناك العديد من الطرق التي يُمكن للبنوك من خلالها أن تكون أكثر إستدامة. على سبيل المثال، تستطيع المؤسسات المالية أن تقدم للعملاء حسابات شفافة للكربون حول إنفاقهم وتدعمهم في اختيار البدائل. وكلّما زادت المعلومات التي يُمكن للبنك أن يزوّد بها عملاءه، كلما أصبحت الخدمات التي يقدمها أكثر قوة.
وبدلاً من التركيز فقط على الربح، تُدرك البنوك المستدامة أن التكاليف الإجتماعية والبيئية لا بد من أن تؤخذ في الإعتبار في سياساتها المالية وتصميم منتجاتها. وللبنوك المستدامة دور حاسم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة من خلال تعزيز الممارسات المسؤولة والمساهمة في مستقبل أكثر إستدامة.
وتُدرك البنوك الصديقة للبيئة أن خيارات الإقراض والإستثمار التي تتخذها تؤثر على العالم. وعليه تتخذ البنوك المسؤولة إجراءات لتقليل التمويل للمشاريع التي تضر بالبيئة. إلاّ أنه يجب على البنوك أن تتجنّب التضليل البيئي. قد تزعم بعض البنوك بذل جهود في مجال الإستدامة إلاّ أن هذه الجهود لا تحقق أهداف الإستدامة.
التحدّيات التي تواجه البنوك في مسيرتها نحو الإستدامة
يُواجه العمل المصرفي المستدام العديد من التحدّيات في سعيه إلى دمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة، وتشمل التحديات الرئيسية التالي:
موازنة الربحية والإستدامة: يجب على البنوك إيجاد توازن دقيق بين الربحية المالية والممارسات المستدامة. في حين تساهم مبادرات الإستدامة في المرونة طويلة الأجل، إلاّ أنها قد تؤثر في البداية على الأرباح قصيرة الأجل.
الإمتثال التنظيمي وإعداد التقارير: إن الإمتثال للتنظيمات والتشريعات البيئية والإجتماعية والحوكمة المتطوّرة يستلزم مراقبة مستمرة ومرونة عالية في الأداء، ويجب على البنوك الإبلاغ عن جهودها في مجال الإستدامة بشفافية وذلك يتطلّب الكثير من الموارد.
تقييم المخاطر وإدارتها: إن تقييم المخاطر البيئية والإجتماعية هو أمر معقّد. وتحتاج البنوك إلى أطر قوية لإدارة ومعالجة المخاطر المتعلقة بالمناخ وضمان الإستقرار المالي.
الأنظمة القديمة وتبنّي التكنولوجيا: غالباً ما يتعارض الإنتقال إلى الممارسات المستدامة مع الأنظمة التكنولوجية القديمة. إن دمج التقنيات الجديدة مع الحفاظ على البنية التحتية القائمة للبنوك يشكل تحدّيات كبيرة.
تثقيف العملاء وتوعيتهم: إن تثقيف العملاء حول المنتجات والممارسات المصرفية المستدامة أمر ضروري. قد يفتقر بعض العملاء الى معرفة الخيارات المستدامة وعليه يتوجب نشر الوعي حول المنتجات المصرفية المستدامة.
التنسيق والتعاون العالمي: يتطلب تحقيق أهداف الإستدامة التعاون الدولي. يجب على البنوك العمل معاً على الصعيد العالمي ومشاركة أفضل الممارسات ومواءمة الجهود.
يتطلّب التغلّب على هذه التحديات التخطيط الإستراتيجي والإبتكار والإلتزام بمستقبل أكثر إخضراراً.
تقنيات لتعزيز إستدامة البنوك
الخدمات المصرفية المستدامة هي نهج تحويلي يدمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة في العمليات المصرفية. وتلعب التكنولوجيا دوراً حاسماً في تشكيل ممارسات الخدمات المصرفية المستدامة ومنها:
تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي: تستفيد المؤسسات المالية من تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي لتعزيز فهمها للتأثيرات البيئية ومقاييس الإستدامة. من خلال تسخير قوة البيانات الضخمة، يُمكن للبنوك إتخاذ قرارات مستنيرة تدعم مبادرات التمويل المستدام وتضمن الإمتثال للأطر التنظيمية الصارمة.
الرقمنة وممارسات الخدمات المصرفية الأخلاقية: إن الرقمنة تمكّن البنوك من تقديم منتجات مالية صديقة للبيئة مثل قروض السيارات الخضراء وحسابات التوفير الخضراء والسندات الخضراء والرهن العقاري الأخضر. تُظهِر ممارسات الخدمات المصرفية الأخلاقية قدرة النظام البيئي المالي على التكيُّف، مع التركيز على الشفافية والإقراض المسؤول.
ممارسات الخدمات المصرفية المحايدة للكربون: تُوفر التكنولوجيا أدوات لقياس وتقليل البصمة الكربونية للعمليات المصرفية. يُمكن للبنوك المساهمة في الحفاظ على البيئة من خلال تبنّي ممارسات محايدة للكربون.
نماذج التمويل المستدام: تتضمن الخدمات المصرفية المستدامة إعطاء الأولوية للإستثمارات في الطاقات المتجدّدة والشركات المسؤولة إجتماعياً. من خلال التطلُّع الى تمويل إقتصاد منخفض الكربون، تخفف البنوك من آثار تغيُّر المناخ.
إن الخدمات المصرفية المستدامة التي تعتمد على التكنولوجيا البيئية تعود بالفائدة على المصارف والعملاء، وتتوافق أيضاً مع المعايير الأخلاقية والربحية طويلة الأجل.
التحدّيات التي تواجه تبنّي تقنيات الخدمات المصرفيةالمستدامة
إن تبنّي التقنيات المستدامة والفعّالة ولا سيما في إستخدام الطاقة في الخدمات المصرفية يُواجه العديد من التحدّيات:
التكلفة والإستثمار: يتطلّب إدخال التقنيات الجديدة إستثماراً أولياً كبيراً. يجب على البنوك أن تزن التكاليف مقابل الفوائد طويلة الأجل، بما في ذلك توفير الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
الأنظمة القديمة: لا تزال العديد من البنوك تعتمد على الأنظمة القديمة التي قد لا تكون متوافقة مع تقنيات الطاقة الحديثة. إن دمج الحلول الجديدة مع الحفاظ على البنية الأساسية القائمة للبنوك قد يكون معقّداً ومكلفاً.
إدارة المخاطر: ينطوي التحوُّل إلى الممارسات المستدامة على مخاطر. تحتاج البنوك إلى إستراتيجيات قوية لإدارة المخاطر لمعالجة الإضطرابات المحتملة أثناء تبنّي التكنولوجيا.
أمن البيانات والخصوصية: إن الرقمنة تُعرّض البنوك لتهديدات الأمن السيبراني، وعليه فإن حماية بيانات العملاء وضمان الخصوصية أمر مهم جداً.
إدارة التغيير والتدريب: يحتاج الموظفون إلى التدريب للتكيّف مع التقنيات الجديدة، كما وأن إدارة التغيير ضرورية لضمان إنتقالات سلسة من دون تعطيل العمليات اليومية للمصارف.
الإمتثال التنظيمي: يجب على البنوك الإمتثال للتشريعات الدولية المتعلقة بالبيئة. قد يكون التكيُّف مع التقنيات الجديدة مع تلبية المتطلّبات القانونية أمراً صعباً.
إن البنوك تحتاج إلى تثقيف العملاء حول الممارسات المستدامة، وقد يقاوم بعض العملاء هذه الخطوات أو ينظرون إليها بشكل سلبي. وعليه فإن التغلُّب على هذه التحدّيات يستوجب التخطيط الإستراتيجي والتعاون والإلتزام بالتحوُّل المستدام.
ترشيد إستخدام الطاقة في البنوك
إن إستخدام الطاقة يشكل جزءاً لا يتجزأ من معظم الأنظمة الإقتصادية، وترتبط تقنيات كفاءة الطاقة إرتباطاً وثيقاً بالإبتكارات اللازمة لبناء إقتصادات وطنية تنافسية وديناميكية وخلق فرص عمل مجزية. ونتيجة لهذا، فإن السياسات التي تؤثر على كفاءة الطاقة أو إنتاجيتها تشكل عنصراً أساسياً في أي إستراتيجية لتحقيق الأهداف الإقتصادية والطاقة والبيئة العالمية والوطنية والمحلية. وتبحث المؤسسات الناجحة بإستمرار عن سبل للحدّ من تكاليف الإنتاج، بما في ذلك تكلفة الطاقة.
إن تلوث الهواء في المناطق الحضرية، وتغيُّر المناخ، وغير ذلك من التكاليف البيئية، والتكاليف الخفية للأمن الدولي، ليست مدرجة في الأسعار التي يدفعها المستهلكون والشركات مقابل الطاقة، وهذا فشل كبير في مجتمع اليوم لأن إنتاج وإستخدام الطاقة الأحفورية مسؤولان عن جزء كبير من الإنبعاثات التي تساهم في تلوث الهواء في المناطق الحضرية والإحتباس الحراري العالمي، والتكاليف الإجتماعية الناجمة عن هذه الإنبعاثات.
ولا يمكن تصحيح تسعير الطاقة بأقل من قيمتها الحقيقية إلاّ من خلال السياسات العامة. والحل الأكثر وضوحاً، والذي يدعمه خبراء الإقتصاد على نطاق واسع، يتلخّص ببساطة في رفع سعر الطاقة إلى مستوى يسمح بضم التكاليف البيئية وغيرها إلى السعر وبالتالي إلى القرارات التي تتخذها المؤسسات. والصعوبة السياسية المترتبة على القيام بذلك واضحة، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان أي تغيير سياسي مجدٍ في الأسعار سيكون كافياً لإحداث التغييرات السريعة في إستخدام الطاقة اللازمة لتحقيق الأهداف التي حددتها باريس في ما يتصل بالإنبعاثات المسبّبة للإنحباس الحراري العالمي في المستقبل. والواقع أن القرارات المستمرة الرامية إلى إبقاء الطاقة غير المكلفة أدّت إلى تشوّهات عميقة في الإقتصادات في مختلف أنحاء العالم.
ورغم القيود، فقد حقّقت الإستثمارات في كفاءة إستخدام الطاقة نتائج مذهلة. وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أن تحسينات كفاءة الطاقة التي حدثت بين عامي 2000 و2017 أدّت إلى خفض الطلب على الطاقة في العام 2017 بنسبة 12 %.
نماذج كفاءة الطاقة
هناك ثلاثة نماذج رئيسية لتقييم كفاءة الطاقة وفق كيفية معالجة المعلومات:
نموذج الصندوق الأبيض: يعتمد هذا النموذج على الفيزياء وخصائص النظام.
نموذج الصندوق الأسود: يعتمد هذا النموذج على البيانات التاريخية والتحليل الإحصائي.
نموذج الصندوق الرمادي: يستخدم هذا النموذج مزيجاً من الفيزياء المبسطة والبيانات التاريخية.
التقنيات لتعزيز كفاءة الطاقة في البنوك
إن تعزيز كفاءة الطاقة في القطاع المصرفي أمر بالغ الأهمية لتمكين العمليات المستدامة. تشمل التقنيات والاستراتيجيات الرئيسية التالي:
الرقمنة وإنترنت الأشياء: يعتمد تنفيذ الإستراتيجيات لتحقيق كفاءة الطاقة على إستخدام أجهزة إستشعار إنترنت الأشياء. يُمكن للعدّادات الذكية والإضاءة الآلية وأنظمة التحكم البيئي تحسين إستهلاك الطاقة في فروع ومكاتب البنوك.
التمويل الأخضر: يُوجّه التمويل الأخضر الأموال على وجه التحديد نحو المشاريع الصديقة للبيئة. يُمكن للبنوك أن تلعب دوراً محورياً من خلال منح التمويل الأخضر لأنظمة الطاقة ودعم الطاقة المتجدّدة ومبادرات كفاءة الطاقة.
التكنولوجيا المالية: تساعد البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الإصطناعي وسلسلة الكتل على تعزيز كفاءة الطاقة، حيث يُمكنها معالجة القيود المالية وعدم تناسق المعلومات الذي يعوّق تحسينات كفاءة الطاقة.
الشبكات الذكية والكهرباء: إعادة هندسة البنية التحتية لإنشاء شبكات ذكية تمكّن من توزيع الطاقة بكفاءة.
تتمتع البنوك بفرصة فريدة لدفع التغيير الإيجابي من خلال تبنّي هذه التقنيات وتعزيز كفاءة الطاقة.
التحدّيات التي تواجه كفاءة الطاقة في البنوك تواجه كفاءة الطاقة في البنوك العديد من التحدّيات منها:
التحوُّل الرقمي وتوافر البيانات: مع تبنّي البنوك للتقنيات الرقمية، تُصبح إدارة كفاءة الطاقة معقّدة. إن جمع البيانات الدقيقة حول إستهلاك الطاقة عبر الفروع والمكاتب أمر بالغ الأهمية ولكنه صعب.
تعقيد أداء الطاقة في المباني: تعمل البنوك في مبانٍ متنوّعة ذات إحتياجات طاقة متفاوتة. يتطلّب تحسين أداء الطاقة حلولاً مخصصة.
التحوُّلات في نموذج العمل وتوقعات العملاء: يُفضل العملاء الأصغر سناًّّ الخدمات المصرفية الرقمية. ويتعيّن على البنوك التكيُّف مع تفضيلاتهم والإستثمار في المنصّات الرقمية وتقديم تجارب مخصصة مع مراعاة إستخدام الطاقة.
المسؤولية الإجتماعية والتوافق البيئي: يتوقع العملاء من البنوك أن تعمل بشكل مستدام. إن التوافق مع القيم الاجتماعية والبيئية، بما في ذلك المبادرات الخضراء، أمر ضروري.
التشريعات الخاصة بكفاءة الطاقة والبنوك المستدامة
تكتسب الخدمات المصرفية المستدامة أهمية كبيرة، حيث تدرك المؤسسات المالية ضرورة دمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة في عملياتها. تعالج اللوائح التنظيمية العديد من القضايا بما في ذلك:
قياس الإنبعاثات الممولة: تلتزم العديد من البنوك بخفض «إنبعاثاتها الممولة» وهي الإنبعاثات التي تُموّلها في الإقتصاد الحقيقي.
المبادرات العالمية: يسعى برنامج الأمم المتحدة للبيئة لوضع مبادئ الخدمات المصرفية المسؤولة. تتماشى هذه المبادئ مع اتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على تحسينات الحوكمة وقياس الأثر المجتمعي.
تعمل تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلُّم الآلي على تعزيز ممارسات الخدمات المصرفية المستدامة. يتوجب على البنوك تصميم منتجات مالية صديقة للبيئة، وتحسين إدارة المخاطر، وإشراك العملاء عبر القطاعات. إن الخدمات المصرفية المستدامة لا تحمي البيئة فحسب، بل إنها تعزز أيضاً التنمية المستدامة العالمية، كما أنها تعزّز مرونة وإستقرار محافظ الإستثمار مع معالجة التحدّيات المجتمعية. إن الخدمات المصرفية المستدامة ليست مجرد اتجاه، بل هي نهج تحويلي يشكل إقتصاداً عالمياً أكثر مرونة وأخلاقية.
توجيهات الطاقة في الإتحاد الأوروبي
أنشأ الإتحاد الأوروبي توجيه أداء الطاقة للمباني 2010/31/EU وتوجيه كفاءة الطاقة 2012/27/EU. تهدف هذه التوجيهات إلى إنشاء مبان عالية الكفاءة في إستخدام الطاقة وخالية من الكربون في حلول العام 2050.
كما أنها تعزّز الإختيارات المستنيرة للمستهلكين والشركات مع تحفيز الإستثمارات في كفاءة الطاقة، مما يساعد الشركات على وضع إستراتيجية جادة لكفاءة الطاقة. وتلعب شهادات كفاءة الطاقة دوراً حيوياً في توجيهنا نحو إنشاء مبان للبنوك مستدامة. وتعتبر معايير استهلاك الطاقة أدوات أساسية في تقييم وتحسين أداء الطاقة، وتوفر هذه المعايير أساساً لمقارنة أداء الطاقة الفعلي. والأغراض الأساسية لمعايير استهلاك الطاقة هي:
1) تقييم الأداء: تساعد المعايير في تحديد ما إذا كان أداء الطاقة استثنائياً أو متوسطاً أو دون المستوى.
2) تحديد فرص التوفير: يكشف التباين بين بيانات استهلاك الطاقة الفعلية والمعايير عن فرص التحسين وتوفير التكاليف.
تأتي المعايير في فئتين رئيسيتين هما المعايير النموذجية والمعايير التجريبية:
1) المعايير النموذجية: يتم تحديد هذه المعايير عادةً بإستخدام نماذج المحاكاة. تحسب نماذج المحاكاة إستهلاك الطاقة المتوقع بناءً على عوامل مختلفة.
2) المعايير التجريبية: تعتمد المعايير التجريبية على البيانات الإحصائية التي يتم جمعها من دراسات مفصلة. وهي تتضمّن الحد الأدنى من المعلومات المطلوبة لمعايير الإستهلاك السنوي للطاقة.
إستراتيجيات البنوك المستدامة والموفرة للطاقة
تمثل الخدمات المصرفية المستدامة تحولاً محورياً في القطاع المالي، حيث تدمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية في العمليات المصرفية. وتشمل الإستراتيجيات الرئيسية لتحقيق الإستدامة وكفاءة الطاقة التالي:
التأثير عبر سلسلة التوريد: يمتد العمل المصرفي المستدام إلى ما هو أبعد من العمليات الداخلية ليشمل سلسلة التوريد بأكملها. ومن خلال تعزيز التعاون في مبادرات الإستدامة الخارجية، تساهم البنوك في إقتصاد عالمي أكثر مرونة وأخلاقية.
دفع التغيير الإيجابي في الصناعات: يتضمن ذلك توجيه الإستثمارات إلى مشاريع الطاقة المتجددة وإصدار السندات الخضراء. تعمل مبادرات تمويل السندات الخضراء على تقليل إنبعاثات الغازات المسببة للإنحباس الحراري وتعزيز إدارة المخاطر المتعلقة بالطبيعة.
الإستعداد للمستقبل والإبتكار: يُعزّز العمل المصرفي المستدام ثقافة المسؤولية والإبتكار. ويمكّن البنوك من التغلّب على التحدّيات وإغتنام الفرص في ظلّ التطورات الراهنة.
يُعدّ العمل المصرفي المستدام نهجاً تحويلياً يحقق فوائد كبيرة لكل من الصناعة المصرفية وقطاع الخدمات المالية الأوسع.
يُمكن للبنوك التعاون مع الصناعات الأخرى لتعزيز الإستدامة بطرق مختلفة:
الشراكات وتبادل المعرفة: تتعاون البنوك المستدامة بنشاط مع المؤسسات المالية الأخرى والهيئات التنظيمية وجمعيات الصناعة والمنظمات غير الحكومية. تمكن هذه الشراكات من تبادل المعرفة وتجميع الموارد والعمل الجماعي لمعالجة تحديات الإستدامة النظامية.
مبادرات التمويل الأخضر: يمكن للبنوك إعطاء الأولوية لمعايير الإستدامة في قرارات الإقراض والإستثمار. إن تقديم المنتجات المالية الصديقة للبيئة (مثل القروض الخضراء، والسندات الخضراء، والقروض العقارية الخضراء) يشجع الممارسات المستدامة في مختلف القطاعات.
تكامل التكنولوجيا: تعمل تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي على تعزيز المنتجات الحالية بميزات الإستدامة.
الشفافية وقياس الأثر: يُمكن للبنوك قياس التأثير المجتمعي لأنشطتها. من خلال تحسين هياكل الحوكمة والشفافية، فإنها تُظهر التزامها بأهداف الإستدامة.
ويشكل التعاون بين الصناعات المختلفة ضرورة أساسية لخلق مستقبل أكثر إخضراراً ومرونة.
خدمات الاستدامة وكفاءة الطاقة المقدمة من إتحاد المصارف العربية للبنوك
تلعب المؤسسات المالية دوراً حاسماً في تعزيز المسؤولية البيئية ومواءمة ممارساتها مع مستقبل خالٍ من الإنبعاثات. وتدرك البنوك الرائدة أهمية الإستدامة وتضع خططاً جريئة لتحقيق صافي صفر في حلول العام 2030 أو 2040 أو 2050. ومع ذلك، يتم إنتقاد بعض البنوك لكونها بطيئة للغاية في الإستجابة لمطالب الإستدامة مما يستوجب إتخاذ إجراءات أكثر تأثيراً.
وبذلك يقدم إتحاد المصارف العربية خدمات لإدارة التغيير بشكل فعّال في البنوك تتضمن نهجاً مدروساً لإستراتيجيات كفاءة الطاقة والإستدامة. تتضمن هذه الخدمات:
خدمات وضع أسس حوكمة الإستدامة وتنفيذها.
خدمات وضع رؤية واضحة للتغيير وتوصيلها بشفافية للموظفين وأصحاب المصلحة والعملاء ومعالجة المخاوف وتقديم تحديثات منتظمة.
تدريب الموظفين على الممارسات المستدامة وكيفية رفع كفاءة الطاقة.
دعم التنفيذ التدريجي ويتضمّن ذلك تقسيم التغيير إلى مراحل يُمكن إدارتها وتنفيذ تدريجي يقلل من الإضطراب ويسمح بالتعديلات حسب الحاجة لتحقيق الإستدامة ورفع كفاءة الطاقة.
المساعدة في تطوير آليات لمراقبة تحقيق الاستدامة من خلال إنشاء قنوات رقمية للمراقبة والتكيّف حسب الضرورة.
تحديد مقاييس النجاح وتقييم التقدم بانتظام وتعديل الاستراتيجيات وفقاً لذلك.
نحو بنوك مستدامة وكفوءة في استخدام الطاقة
إن البنوك الخضراء مصمّمة خصيصاً لتسريع التحوُّل إلى مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة وخال من الإنبعاثات، وهي تستفيد من التمويل العام لجذب رأس المال الخاص لمشاريع مختلفة، بما في ذلك كفاءة الطاقة، والطاقة المتجدّدة، وغيرها من الإستثمارات المفيدة للبيئة. ومن خلال إستخدام الأموال العامة بشكل فعاّل، فإنها تساهم في خفض الإنبعاثات الكربونية، وخلق فرص العمل، وتعزيز المجتمعات المحلية.
من خلال الإستراتيجيات والحلول الصحيحة، فإن تحقيق الإستدامة وكفاءة إستخدام الطاقة في البنوك ليس ممكناً فحسب، بل إنه مجدٍ إقتصادياً أيضاً. ومن خلال تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة وتبنّي إستراتيجيات حكيمة، يُمكن للبنوك المساهمة في مستقبل أكثر إستدامة.
في الأسواق والمصارف نتيجة تطوّر الاتصالات حول العالم
لا يُمكن الفصل بين ما تشهده الصناعة المصرفية من تطوُّرات، ولا سيما على صعيد الصيرفة الرقمية أوdigital baking والصيرفة الخضراء، وما يشهده العالم من تطوُّرات هائلة في مجال تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، بل من البديهي القول إن التطور الأول هو نتيجة تلقائية للتطور الثاني، إذ نتج عن ثورة الإتصالات والمعلومات ظهور إقتصاد رقمي فتح الباب واسعاً أمام جذب إستثمارات خارجية وفيرة، وخلق فرص عمل جديدة وتحقيق إنتعاش إقتصادي، ليصبح عنصراً أساسياً لا غنى عنه لتحقيق التنافسية والنمو المستدام.
ويُعد التحوُّل الرقمي محرّكاً قوياً لنمو الإقتصاد العالمي، بحيث يُساهم الإقتصاد الرقمي في أكثر من 15 % من الناتج المحلي الاجمالي العالمي. وبحسب تقديرات البنك الدولي، يُتوقع أن يتضاعف حجم الاقتصاد الرقمي ليصل إلى 23 تريليون دولار في العام 2025، أي ما يقارب الـ 24 % من حجم الإقتصاد العالمي.
إذاً، مع إنتشار ظاهرة التحوُّل الرقمي، والتطوُّر الذي يشهده عالم التواصل الإجتماعي وما صاحبه من عمليات إستخدام الموبايل في إجراء المعاملات المالية (الموبايل بانكنغ)،Mobile Banking سواء في المنزل أو في مقر العمل، لم تعد هناك حاجة للتوجُّه إلى البنك، وتالياً بات لزاماً على المصارف أن تتجاوب مع التطوُّر العالمي وتلبّي الخدمات المصرفية عبر الهاتف والتطبيقات التكنولوجية، مما أدى إلى ظهور ما يُسمّى بالـ digital baking أو «الصيرفة الرقمية»، ولا سيما في دول أوروبا، حيث ظهرت المصارف الرقمية وهو ما جعل الموجة تسير بشكل عكسي، عمّا كان متبعاً في السنوات العشرين الأخيرة، وذلك بتقليص عدد الفروع وبالتالي خفض عدد الموظفين، ليس لترشيد الإنفاق، لكن لتلبية التفاعل مع الظاهرة الجديدة في العمل المصرفي.
ما هي الصيرفة الخضراء؟
بحسب الخبراء، «تقوم عمليات الصيرفة الخضراء على منهجين رئيسيين هما: إدخال مفهوم الصيرفة الخضراء وتطبيقه في العمليات الداخلية للبنك، بالإضافة إلى التمويل المسؤول بيئياً، وتضم أنشطة الصيرفة الخضراء من خلال العمليات الداخلية، وإعتماد الطرق المناسبة لإستخدام الطاقة المتجددة وتقليل البصمة الكربونية. وفي العمليات المصرفية اليومية، تقوم البنوك عادة بتوليد إنبعاثات الكربون من خلال إستخدام الورق والكهرباء والإضاءة وتكييف الهواء والمعدّات الإلكترونية، وكمثال لتطبيق خدمات الصيرفة الخضراء، يجب على البنوك دمج التقنيات غير الورقية في عملياتها الداخلية لمساعدة البيئة كذلك توفير خدمات فعّالة لعملائها».
يضيف الخبراء: «أما التمويل الأخضر، فهو تقديم البنوك المساعدات المالية للمشاريع المسؤولة بيئياً. والغرض من ذلك هو توفير المساعدة المالية للتكنولوجيا الخضراء ومشاريع الحدّ من التلوُّث، وذلك لتقليل إنبعاثات الكربون الخارجية، كما يدعم البنك الصناعات ذات الكفاءة في إستخدام الموارد وتنبعث منها إنبعاثات كربونية منخفضة، حيث إن الأولوية تكون لتمويل الأنشطة التجارية الصديقة للبيئة والصناعات الموفرة للطاقة مثل مشاريع الطاقة المتجدّدة».
ويرى الخبراء أن من «فوائد البنوك الخضراء للعملاء، هي أنها بسيطة وفعّالة من حيث التكلفة والوقت، إذ لا يحتاج العميل إلى الذهاب للمصرف لإجراء المعاملات المصرفية، وبالتالي يُمكنه توفير الوقت كذلك المال. كما يُمكن للخدمات المصرفية الخضراء أن تُقلل من الحاجة إلى فروع باهظة الثمن للبنوك، ومن منظور البنك، يُمكن أن يُقلّل من التكاليف، ويزيد من سرعة الخدمة، ويُوسع نطاقه في السوق، ويُحسّن خدمة العملاء بشكل عام. وبالنسبة إلى البيئة، فإن إعتماد الممارسات المصرفية الخضراء، سيُفيد البيئة بطرق عديدة، ويُمكن للبنوك أن تُفعّل المزيد لمساعدة البيئة من خلال الترويج للخدمات المصرفية الخضراء، وسوف يؤدي إستخدام الممارسات المصرفية الخضراء إلى توفير الطاقة والوقود والورق كذلك الماء».
في الشرح التقني لأهمية وميزات الصيرفة الرقمية والخضراء، يرى الخبراء أنها «تمكّن العميل من إستخدام أحد تطبيقات الهاتف المحمول، للإطّلاع على أرصدة حساباته ومعاملاته البنكية وإنجاز بعض المهام المالية البسيطة عندما يواجه صعوبة في الوصول إلى البنك، غير أن هناك العديد من المزايا التي يُمكنه الحصول عليها من خلال تطبيق الخدمات البنكية عبر الهاتف المحمول، والتي تتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، سهولة الوصول إلى حساباته على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وإجراء المعاملات البنكية بأمان، وتحويل الأموال، وطلب المعلومات من البنك الخاص به، وإيقاف بطاقة الإئتمان المفقودة أو المسروقة، وغيرها من الميزات».
وإلى جانب سهولة إنجاز المعاملات من خلال الخدمات المصرفية الرقمية، فهي وسيلة أفضل في الحفاظ على السلامة الشخصية وتجنُّب الأمراض، حيث نجد أن المدن المزدحمة بالسكان يكثر فيها إنتشار البكتيريا بمعدّلات عالية. فقد أظهرت دراسة أجريت في العام 2016، أن لوحات مفاتيح ماكينات الصرّاف الآلي في مدينة نيويورك كانت مغطاة بالبكتيريا، حيث تأتي معظم الميكروبات من جلد الإنسان أو الطعام.
كما تُعتبر النقود الورقية إحدى الوسائل الأخرى لنقل البكتيريا، حيث يُمكنها أن تحمل آلاف الميكروبات من خلال إنتقالها من بيئة لأخرى. وفي ظل الإتجاه السائد نحو تحويل الأموال من حساب مصرفي أو بطاقة إئتمانية إلى حسابات فرد آخر، يقل التعامل مع النقود الورقية. ومع زيادة إستخدام محفظة الهاتف المحمول والبطاقات الإئتمانية أو الخصم المباشر، سيقل إستخدام المبالغ النقدية بوجه عام، وهو ما سيؤدي إلى تقليل إحتمالية الإصابة بالأمراض.
وبحسب الخبراء أيضاً، هناك العديد من الميزات التابعة لإستخدام الخدمات المصرفية إلكترونياً، وإطلاق هذا التحوّل الكبير إلى المصارف الرقمية، لتلبية إحتياجات المستخدمين الماليّة المتنوعة نذكر بعضها: إرسال وإستلام الأموال، دفع الفواتير، ودفع رواتب الموظفين، والقيام بعمليات الإيداع والسحب، وبيع وشراء الخدمات والمنتجات، والإستثمار، والتمويل، إنشَاء محفظة رقمية، وتداول العملات الرقمية، والسرعة وتوفير الوقت، ورسوم أقل، إذ من أبرز ميزات تطبيقات الخدمات المصرفية الرقمية أنّها تُتيح رسوماً أقل للخَدمات المصرفية مقارنةً بالبنوك التقليدية، فكل منصّة إلكترونية تطلب رسوماً مختلفة عن غيرها، وبعضها ينافس على تَقديم الرسوم الأقل تكلفة بالنسبة إلى العميل.
في الاطار نفسه، أدرك القطاع المصرفي حول العالم مدى أهمية إستحداث نظم تمويل، تختص بتقديم الدعم المادي للمشروعات الاقتصادية الصديقة للبيئة أو ما تُعرف بمشروعات الإقتصاد الأخضر على الصعيد الإقتصادي، والصيرفة الخضراء على الصعيد المصرفي، وذلك في ظل تصاعد الإهتمام العالمي بالنظام البيئي والتغيُّرات المناخية. وتعني الصيرفة الخضراء تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة وتخفيض البصمة الكربونية في الأنشطة المصرفية، والهدف منها هو حماية البيئة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. وتهدف الصيرفة الخضراء إلى تحسين العمليات والتقنيات إلى جانب جعل عادات العملاء صديقة للبيئة في ما يتعلق بالأنشطة المصرفية. وبدأ العديد من البنوك حول العالم إتخاذ خطوات إيجابية نحو الصيرفة الخضراء، وذلك عن طريق تقديم مجموعة من المنتجات والأنشطة التي تدعم البيئة، مثل الودائع الخضراء والبطاقات الإئتمانية الخضراء، والحساب الجاري الأخضر، وحساب التوفير الأخضر، والرهون العقارية الخضراء، والتمويلات الخضراء مثل مشروعات الزراعة والثروة السمكية والأمن الغذائي.
كل ما تقدم يجعل السؤال التالي مشروعاً: هل ستكون الصيرفة الرقميةbanking digital والصيرفة الخضراء سبباً في تقليص حجم التداول والتعامل مع الصيرفة التقليدية عالمياً وإقليمياً في المستقبل القريب والبعيد، أم أن الإختلاف في المستوى التنموي والإستثماري والإقتصادي والتعليمي والثقافي لدول العالم سيجعل العلاقة بينهما تكاملية من دون أن تلغي إحداهما الأخرى؟
البواب: الصيرفة الرقمية تتطلب أنظمة حماية
يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «الصيرفة الرقمية المنتشرة خصوصاً على الهواتف الذكية، ستحل بالتأكيد مكان قسم كبير من العمليات المصرفية التجارية التقليدية وخصوصا لدى الافراد. أما بالنسبة إلى الشركات فلن تتمكن الصيرفة الرقمية من تلبية الإحتياجات التي تؤمّنها الصيرفة التقليدية بسبب كبر حجم اعمالها، وبسبب إرتباطها بعمليات كبرى مع الخارج يلزمها تقديم تفاصيل لن تتمكن الصيرفة الرقمية من تأمينها».
يضيف البواب: «هذه الأخيرة يُمكن أن تُلبّي التحويلات بين شخص وآخر، بين أب وأولاده في داخل البلد أو خارجه، لكنها ستكون محصورة وهي لن تلغي دور المصارف، ولكن مع الوقت، وبسبب تفضيل الجيل الجديد التعامل وتأدية الخدمات عبر (الأونلاين)، فلا شك في أنها ستأخذ إهتمام وأرباح قسم كبير من السوق التجارية، ولكن على مراحل وشيئاً فشيئاً»، مشدّداً على أن «هذا الأمر لا ينطبق على الشركات، ويُمكن القول إنه من المبكر أن تحل الصيرفة الرقمية مكان الصيرفة التقليدية، خصوصاً أن معاملاتها تمّر عبر المصارف المراسلة، ولكن لا شك في أنه مع مرور الزمن والتطوُّر التكنولوجي، وبعد تطوُّر أنظمة الحماية ضد التزوير والإختلاس، يُمكن أن يتسع نطاق الصيرفة الرقمية، ولكن يمكن الجزم بأن المستقبل هو للصيرفة الرقمية حتى في الدول الفقيرة، لأن التطورات التقنية ولا سيما عبر الهواتف الذكية تمكّن كل طبقات المجتمع من التعامل مع الخدمات المصرفية لسهولتها. فالأجيال المقبلة ستتعاطى مع الإتصال بطريقة تلقائياً مهما كان المستوى التعليمي والمعيشي».
ويرى البواب أن «الأهم في إنتشار الصيرفة الرقمية، التطور التكنولوجي والمستوى الثقافي، والرقابة وحماية البيانات عبر الرقابة التقنية والمصرفية. وحالياً هناك عمليات نصب تحصل ولم تتوقف أو تحاصر رغم الإجراءات القانونية والتقنية المشدّدة».
وفي ما يتعلق بالصيرفة الخضراء يقول البواب: «كلّما زادت نسبة الخدمات الرقمية والمصرفية على الوجه الخصوص، كلّما توسّعت الصيرفة الخضراء، لأن الصيرفة الرقمية تُساهم في تخفيف الفاتورة التشغيلية لإتمام المعاملات المصرفية بشكل تقليدي (توفير وقود، أوراق، حبر)، مما يزيد التوفير على البيئة، وهذا هو التوجه العالمي، لأن إعتماد الحكومة الإلكترونية يُخفف عن الحكومات أعباء وظيفية وتكاليف تشغيلية».
راشد: علاقة تكامل
من جهته، يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور منير راشد أنه «بحسب تجربته الخاصة، الصيرفة الرقمية هي إتمام الخدمات المصرفية من دون إستعمال الورق».
يضيف د. راشد: «شخصياً، حين كنتُ أعيش في الولايات المتحدة، كان المصرف الذي أتعامل معه يُرسل لي المعاملات بطريقتين: الإلكترونية وعبر البريد العادي، وهذا الأمر مستمر حتى اليوم، وهذا يعني أن المصارف تتيح للزبائن خيارين، الخدمة الرقمية والخدمة التقليدية وهذا أمر جيد».
ويشير د. راشد الى أنه «في لندن حيث عانت لفترة، هناك خدمات رقمية مصرفية حتى للخدمات العامة مثل التنقل والسوبرماركت. وفي لبنان هناك مشكلة مع المصارف. وبالتالي العلاقة بين الصيرفة التقليدية والرقمية تكاملية، وهذا ما نشهده في أكثر من مؤسسة، لأن هناك أجيالاً لا تعرف كيف تتعامل مع الخدمات الرقمية، وهذا أمر يحصل في كل دول العالم وفي الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنه «في لبنان الوضع مربك ومختلف، فدفع الضريبة العقارية مثلاً يتوجب على المكلف الحضور شخصياً الى وزارة المالية للحصول على «كود» و«باسوورد» لدفع الضريبة العقارية المالية، ولهذا يحتاج لبنان إلى أن تكون الخدمتان متاحتين، وهذا ينطبق على كل الدول العربية لإختلاف الثقافات والمستوى التعليمي، إلى حين الإنتقال إلى الصيرفة الرقمية بشكل كلي».
ويختم د. راشد قائلاً: «إن المعاملات الخضراء هي جزء من الصيرفة الرقمية، وتُوفر على البيئة كلفة أكبر، لكن الخطر يكمن بحصول فيروسات أو أن تكون معرّضة للسرقة، لذلك يحتاج الأمر الى مزيد من التحصينات الحقوقية والتقنية للحفاظ على الداتا وحفظ المعلومات».
القراصنة أكثر تطوراً من أنظمة حماية الأمن السيبراني
حول العالم رغم الجهود المبذولة
يُعد تنفيذ تدابير الأمن السيبراني تحدياً كبيراً لكل دول العالم، لأن القراصنة – hukers باتوا أكثر ابتكاراً، فضلاً عن أن إختراق الأمن السيبراني لأي دولة، تحوّل إلى أداة من أدوات الحرب والمواجهة القائمة، وهذا ما نشهده مثلاً في الإنتخابات الأميركية التي يجري التحضير لها حالياً، والحرب الروسية – الأوكرانية كذلك الحرب بين لبنان وإسرائيل والتي إشتعلت منذ بدء حرب غزة.
في التعريف العلمي، الأمن السيبراني هو عملية حماية الأنظمة والشبكات والبرامج ضد الهجمات الرقمية التي ينفذها القراصنة hukers. وتهدف هذه الهجمات عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو تدميرها، بغرض الإستيلاء على المال من المستخدمين أو مقاطعة عمليات الأعمال العادية.
ووفق تعريف الباحثين، فإن مصطلح «مواجهة الخرق في الأمن السيبراني» يشير إلى «التحدّيات والمخاطر التي تواجهها المؤسسات والحكومات، في تأمين بنيتها التحتية الرقمية وبياناتها في المنطقة السيبيرية، وتشمل هذه التحدّيات محاولات إختراق الأنظمة الحاسوبية، وسرقة المعلومات الحساسة، والتجسس الإلكتروني، وإنتشار البرامج الضارة، والهجمات السيبرانية الأخرى التي يُمكن أن تؤدي إلى تعطيل الأنظمة، أو سرقة البيانات أو حتى تخريب البنية التحتية الرقمية بشكل عام».
ويسجل الباحثون «وجود فجوات كبيرة في قدرات توفير وإتاحة الأمن السيبراني على مستوى العالم»، مشدّدين على أن «هناك حاجة إلى برامج مستدامة ومطوّرة من قبل البلدان، لضمان أن تظل كافة البرامج والحلول الرقمية آمنة وموثوقة وجديرة بالثقة، كما أن تزايد إعتماد البشرية جمعاء على خدمات الإتصالات والتقنية، إلى جانب التحوُّل الرقمي الذي تشهده معظم القطاعات والمؤسسات والحكومات حول العالم، سيُلزم بالإستعداد والتجهيز والإهتمام بالبنى التحتية الرقمية والعنصر البشري المؤهل، مع عدم إغفال تطبيق أقصى وأرقى المعايير الأمنية».
بناء على ما تقدم، تنقسم مقاربتنا للأمن السيبراني الى قسمين، الأول يتعلق بالأمن السيبراني العالمي وسبل حمايته والتحديات التي تحوّل دون ذلك، والقسم الثاني يتعلق بالأمن السيبراني في لبنان، كونه شهد خروقات عدة منذ إندلاع أحداث غزة في تشرين الأول/ أوكتوبر 2023.
الخروقات السيبرانية باتت سلاحاً عالمياً
يشرح العميد المتقاعد إدمون حاكمة مدير شركة إبسيغا في مصر (أمن سيبراني) لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، أن «خرق الأمن السيبراني للدول والشركات والأشخاص الذين يتعاطون الشأن العام، بات عنصراً أساسياً في خوض أي خلاف أو معركة على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وباتت الدول والمجموعات الخاصة تستعمل الهجمات السيبرانية، كوسيلة إستراتيجية لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية والإقتصادية»، لافتاً إلى أن «هذه الهجمات تشمل أنشطة مثل التجسُّس الإلكتروني، وتخريب البنية التحتية الحيوية، وسرقة المعلومات الحساسة، بالإضافة إلى التأثير على الرأي العام من خلال نشر المعلومات المضلّلة. وتوفر الهجمات السيبرانية وسائل غير تقليدية لمواجهة الخصوم دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر، مما يجعلها أداة فعّالة في الصراعات المعاصرة، إضافة الى ذلك، فإن تكلفة هذه الهجمات تكون عادة أقل مقارنة بالتكاليف البشرية والمادية للحروب التقليدية. علماً أن الأحداث الأخيرة على الساحة الدولية توضح كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تؤثر بشكل كبير على سياسات الدول وإستقرارها، وبالتالي، أصبح الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجيات الدفاع الوطني للدول».
تاريخ من الخروقات
يضيف حاكمة: «هناك العديد من الأمثلة على الهجمات السيبرانية التي أصبحت جزءاً من الصراعات العالمية والإقليمية، منها هجوم (2009 – 2010) Stuxnet الذي كان أحد أولى الهجمات السيبرانية المعروفة التي إستهدفت بنية تحتية حيوية في إيران. ويُعتقد أن فيروس Stuxnet، الذي يُشتبه في أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما من طوّراه، إستهدف أجهزة الطرد المركزي في منشأة نَطْنَزْ النووية الإيرانية، حيث أدى الهجوم إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي وتأخير برنامج إيران النووي بشكل كبير. وهذه الحادثة أبرزت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تكون بديلاً للهجمات العسكرية التقليدية لتحقيق أهداف إستراتيجية».
ويتابع حاكمة: «من الأمثلة الاخرى هجمات DDoS على إستونيا (2007)، إذ في العام 2007، تعرّضت إستونيا لهجوم واسع النطاق على الإنترنت بعد قرارها بإزالة تمثال سوفييتي من العاصمة تالين. هذا الهجوم، الذي إشتُبه في أنه تم برعاية روسيا، شل مؤسسات حكومية، وبنوك، ووسائل إعلام في البلاد عبر هجمات حجب الخدمة الموزعة ((DDoS. وقد كانت هذه الحادثة من أولى الأمثلة البارزة على إستخدام الهجمات السيبرانية كجزء من صراع سياسي بين دولتين، بعدها إستونيا دعت إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني، إضافة إلى الهجمات السيبرانية الروسية على أوكرانيا (2015 – 2017) خلال الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، حيث تعرّضت الأخيرة لهجمات سيبرانية متعددة. وفي العام 2015، أدّى هجوم سيبراني إلى قطع الكهرباء عن أجزاء واسعة من أوكرانيا. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان مدعوماً من قبل روسيا. وفي العام 2017، تعرّضت أوكرانيا لهجوم آخر بإستخدام فيروس NotPetya الذي شلّ العديد من القطاعات الحيوية بما في ذلك النقل والمصارف. هذه الهجمات أظهرت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تكون جزءاً من إستراتيجية عسكرية أكبر لزعزعة إستقرار دولة ما، وإستخدام البنية التحتية الحيوية كأهداف في الحروب الحديثة».
ويذكر حاكمة أمثلة أخرى مثل «التدخلات الروسية في الإنتخابات الأميركية في العام 2016، ويُتهم عملاء روس بمحاولة التأثير على الإنتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2016 من خلال هجمات سيبرانية وحملات تضليل عبر الإنترنت. وقد قامت مجموعة تُسمّى بالـ Cozy Bear والـ Fancy Bear بإختراق البريد الإلكتروني للحزب الديموقراطي وتسريب معلومات حساسة، بالإضافة إلى نشر معلومات مضلّلة على وسائل التواصل الإجتماعي. هذا التدخل أثار قلقاً عالمياً حول مدى قدرة الهجمات السيبرانية على التأثير في الديموقراطيات، مما أدى إلى تشديد السياسات والإجراءات الأمنية للإنتخابات في العديد من الدول».
يضيف حاكمة: «كذلك الهجوم على شركة SolarWinds (2020) في العام 2020، حيث تعرّضت شركة SolarWinds، وهي مزوّدة لبرامج تكنولوجيا المعلومات، هذا الإختراق أدّى إلى إصابة برمجياتها ببرمجيات خبيثة. هذا الهجوم سمح للمهاجمين بالوصول إلى بيانات العديد من الوكالات الحكومية الأميركية والشركات الخاصة. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان جزءاً من عملية تجسُّس مدعومة من قبل روسيا .هذا الهجوم كان له تأثير كبير على الأمن القومي الأميركي، وأدى إلى إعادة تقييم سياسات الأمن السيبراني وتوجيه إهتمام أكبر لحماية سلسلة التوريد التكنولوجية».
ويشير حاكمة الى أن «منطقة الشرق الأوسط شهدت العديد من الهجمات السيبرانية البارزة. على سبيل المثال، الهجوم على شركة أرامكو السعودية في العام 2012 بإستخدام فيروس Shamoon، والذي أدى إلى تدمير حوالي 30,000 جهاز كومبيوتر في الشركة. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان مدعوماً من قبل إيران كرد فعل على توترات في ما بين البلدين. هذه الهجمات أظهرت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تستهدف بنية تحتية حيوية في المنطقة، مما يزيد من التوترات الإقليمية ويضع الأمن السيبراني في قلب الإستراتيجيات الأمنية للدول»، لافتاً الى «أن الهجمات السيبرانية أصبحت وسيلة رئيسية في الحروب الحديثة، حيث تستخدم الدول هذه الهجمات لتعطيل الخصوم، تحقيق أهداف سياسية، وتأثير على النزاعات دون الحاجة إلى إستخدام القوة العسكرية التقليدية. فالأمن السيبراني حالياً لا يُمكن تجزئته حالياً عن أي إستراتيجية دفاعية لأي دول متطورة».
أثمان باهظة على الإقتصاد والأمن القومي
السؤال الذي يطرح هنا ما هي مخاطر هذه الخروقات حيال إقتصادات الدول وأمنها القومي؟
يجيب حاكمة: «يُعتبر خرق الأمن السيبراني تهديداً بالغ الخطورة على إقتصادات الدول وأمنها القومي. تشمل المخاطر الناتجة عن هذه الخروقات جوانب إقتصادية، وأمن قومي، وتأثيرات معنوية على المواطنين، بالإضافة إلى تأثيرها على الإبتكار والتطور التكنولوجي.
الإقتصاد
– خسائر مالية كبيرة: الهجمات السيبرانية يُمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية هائلة، سواء من خلال سرقة الأموال مباشرة أو تعطيل الأعمال. على سبيل المثال، هجمات الفدية (Ransomware) قد تجبر الشركات والحكومات على دفع مبالغ ضخمة لاستعادة البيانات المخترقة.
– تعطل الأعمال والبنية التحتية: الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء أو أنظمة النقل، يُمكن أن تشل النشاط الإقتصادي في الدول المتأثرة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاجية وزيادة التكاليف.
– فقدان الثقة: الخروقات السيبرانية يمكن أن تؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات المالية والشركات الكبرى، مما يؤثر سلباً على الأسواق المالية وقد يؤدي إلى تراجع الإستثمارات.
– تكاليف التعافي من الأزمة: بعد تعرُّض أي مؤسسة أو دولة لهجوم سيبراني، تتطلّب عملية التعافي جهوداً وموارد كبيرة لإصلاح الأضرار، تعزيز الدفاعات وضمان عدم تكرار الهجمات.
– المخاطر على الإقتصاد: الخرق السيبراني هو تهديد للأمن القومي للدول، والمردود السلبي لها يكون على الصعيد الإقتصادي والمعنوي والأمن القومي. إقتصادياً، تكبّد هذه الخروقات الدول خسائر كبيرة والشركات أيضاً، ويُمكن أن تُعطل البنى التحتية كما حصل في المملكة العربية السعودية عند الهجوم على اوراسكوم. وقد تم تعطيل نحو 30 جهازاً فيها، وأيضاً فقدان الثقة بالدولة التي تتعرّض لهجمات سيبرانية، ومنها ما حصل في إستونيا حيث شلّت كل المؤسسات الحكومية ووسائل الاعلام وأيضاً تكاليف التعافي التي غالباً ما تكون كبيرة.
الأمن القوم
– تعريض البنية التحتية الحيوية للخطر: الهجمات السيبرانية يُمكن أن تستهدف البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة، المياه، النقل والإتصالات، تعطل هذه الأنظمة يمكن أن يشل البلاد ويؤدي إلى فوضى.
– التجسُّس وسرقة المعلومات الحساسة: يُمكن للمهاجمين سرقة معلومات سرية تتعلق بالدفاع الوطني، الإستراتيجيات العسكرية، والقدرات التكنولوجية. هذه المعلومات يُمكن أن تستخدم من قبل أعداء الدولة لتحقيق تفوق إستراتيجي.
– تأثير على إستقرار الحكومات: الهجمات السيبرانية، يُمكن أن تُستغل لتعزيز عدم الإستقرار السياسي من خلال نشر المعلومات المضلّلة، التأثير على الإنتخابات، أو تعطيل المؤسسات الحكومية.
التأثير على المواطنين
– إنتهاك الخصوصية: سرقة البيانات الشخصية، يُمكن أن تؤدي إلى إنتهاك خصوصية المواطنين وإستخدام بياناتهم في أنشطة غير قانونية مثل سرقة الهوية (Facebook).
– تعطيل الخدمات العامة: الهجمات على الخدمات العامة مثل المستشفيات أو شبكات الإتصالات، يُمكن أن تؤدي إلى تعطل الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون.
– إنتشار الخوف وعدم الأمان: تكرار الهجمات السيبرانية، يُمكن أن ينشر الخوف بين المواطنين ويؤدي إلى شعور عام بعدم الأمان.
تأثير على الإبتكار وحماية الملكية الفكرية
– تعطيل الإبتكار: الهجمات على الشركات التكنولوجية، قد تؤدي إلى سرقة الملكية الفكرية، مما يُقلّل من الحافز للإبتكار والتقدم التكنولوجي في البلاد المتضرّرة.
– سباق التسلُّح السيبراني: ويشير حاكمة الى أن هناك «ما يُسمّى بـ «سباق التسلُّح السيبراني»، أي أن الدول قد تستثمر بشكل مكثف في تعزيز قدراتها السيبرانية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلُّح سيبراني يزيد من التوترات ويؤدي إلى المزيد من الهجمات والإختراقات.
إذاً، تُعد الخروقات السيبرانية تهديداً متعدد الأبعاد يضر بالإقتصاد، إذ يُقوّض الأمن القومي، ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وإستقرار الدول، فتعزيز الدفاعات السيبرانية قد أصبح أولوية قصوى للدول في جميع أنحاء العالم لمواجهة هذه التحدّيات».
هل يمكن تجنُّب الخروقات؟
عن إمكانية تجنُّب هذه الخروقات أم أن قدرات القراصنة باتت أقوى من قدرات الحماية؟ يجيب حاكمة: «يُمكن تقليل مخاطر الهجمات السيبرانية بشكل ملحوظ، إلاّ أنه من الصعب تجنُّبها بشكل كامل نظراً إلى التطور المستمر في مهارات القراصنة. ومن هنا تبرز التحدّيات المرتبطة بتفادي هذه الهجمات.
تطور قدرات القراصنة
القراصنة يبتكرون بإستمرار أدوات وتقنيات جديدة لإختراق الأنظمة. الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر تعقيداً وتنظيماً، وغالباً ما تكون مدعومة من قبل دول أو منظمات ذات موارد كبيرة.
– الهجمات من الداخل: لا تقتصر التهديدات السيبرانية على الهجمات الخارجية فقط، فالتهديدات الداخلية (من موظفين أو شركاء) تشكل خطراً كبيراً أيضاً، حيث قد يمتلك هؤلاء الأشخاص وصولاً مباشراً إلى الأنظمة الحساسة.
– الإنتشار الواسع للتكنولوجيا: الإعتماد المتزايد على التكنولوجيا والإتصال بالإنترنت، يُوسع من نطاق الهجمات المحتملة. إنترنت الأشياء (IoT) على سبيل المثال يزيد من عدد الأجهزة المتصلة وبالتالي يزيد من فرص الإختراق.
– نقاط ضعف في الموارد البشرية: العامل البشري هو غالباً الحلقة الأضعف في سلسلة الأمن السيبراني. الأخطاء البشرية مثل فتح روابط خبيثة، أو إستخدام كلمات مرور ضعيفة، يُمكن أن تكون سبباً رئيسياً للخروقات».
ولتجنب هذه الخروقات والتدابير الوقائية، يرى حاكمة أن «هذا الأمر يُمكن عبر تعزيز الدفاعات السيبرانية، أي يُمكن للدول والمؤسسات الإستثمار في تقنيات دفاعية متقدمة مثل الذكاء الإصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine learning) للكشف عن الهجمات المحتملة والرد عليها بسرعة. كما أن إستخدام تقنيات التشفير المتقدمة يُساعد في حماية البيانات الحساسة، والتوعية والتدريب (Awareness) أي تعزيز الوعي بالأمن السيبراني بين الموظفين والمواطنين، حيث يُمكن أن يقلل من المخاطر البشرية، وبرامج التدريب على الأمن السيبراني حيث يُمكن أن تساعد في تقليل الأخطاء التي قد تؤدي إلى إختراق، ويمكن تضمين هكذا نوع من التعليم في المدارس إبتداء من الصفوف الاساسية. كذلك تطبيق تدابير أمان صارمة، أي تبنّي سياسات صارمة مثل إدارة الهوية والوصول إلى (IAM)، وإستخدام المصادقة متعدّدة العوامل (MFA)، حيث يُمكن أن يُعزّز من أمان الأنظمة. كذلك، إجراء تحديثات دورية للأنظمة لسدّ الثغرات الأمنية المعروفة، والتعاون الدولي، أي التعاون بين الدول لمواجهة التهديدات السيبرانية حيث يُمكن أن يكون فعّالًا، وتبادل المعلومات حول التهديدات والتنسيق في الرد على الهجمات حيث يمكن أن يقلّل من فعّالية القراصنة».
ويشدّد حاكمة على «أن من أساليب المواجهة، التكيُّف مع التهديدات الجديدة، بمعنى التحديث المستمر. فرغم صعوبة تفادي جميع الهجمات السيبرانية، يُمكن للمؤسسات والدول أن تتكيّف مع التهديدات الجديدة من خلال الإبتكار المستمر في مجال الأمن السيبراني، إضافة إلى أن تطوير الأدوات الدفاعية الجديدة وإستراتيجيات الأمان يساعد في تقليل تأثير الهجمات، والإستجابة السريعة والفعّالة للخروقات عند حدوثها يُمكن أن تقلل من الأضرار، ووضع خطط الطوارئ والبنية التحتية للإستجابة للأزمات السيبرانية التي تعتبر عنصراً أساسياً في أي إستراتيجية أمنية. ويُمكن تقليل مخاطر الخروقات السيبرانية بشكل ملحوظ أيضاً من خلال الإستثمار في التكنولوجيا المتطورة، وزيادة الوعي لدى الأفراد، وتطبيق سياسات أمان صارمة. ومع ذلك، بسبب التطور المستمر في مهارات القراصنة، يبقى من الصعب تجنُّب هذه الخروقات بشكل كامل، والتحدّي الرئيسي هو تقليل تأثيرها وتعزيز القدرة على التعافي منها بسرعة».
يضيف حاكمة: «كما أن هناك بعض الجوانب الأساسية الإضافية المتعلقة بالأمن السيبراني وتأثيره على الإقتصاد والأمن القومي منها:
– الحاجة إلى تشريعات وسياسات قوية وواضحة، أي إطار تشريعي وتنظيمي قوي: تتطلب مكافحة الخروقات السيبرانية إطاراً تشريعياً وتنظيمياً قوياً. يجب أن تضع الدول سياسات واضحة حول حماية البيانات، وتنظيم الإنترنت، وضمان الإمتثال لمعايير الأمان. هذه القوانين تساعد في تحديد المسؤوليات والعقوبات المتعلقة بالإختراقات.
– التعاون بين القطاعين العام والخاص: التعاون بين الحكومات والشركات الخاصة ضروري لتعزيز الدفاعات السيبرانية. الشركات، غالباً ما تكون في الخط الأمامي للهجمات، وبالتالي فإن تبادل المعلومات والخبرات بين القطاعات المختلفة يُمكن أن يُسهم في تطوير إستراتيجيات أمان فعّالة».
ويرى حاكمة «أن الأهمية الإستراتيجية للأمن السيبراني تكمن في دمجه في الإستراتيجيات الوطنية، إذ إن الدول بحاجة إلى دمج الأمن السيبراني في إستراتيجياتها الوطنية للأمن والدفاع. هذا يتضمّن تطوير وحدات متخصّصة في الأمن السيبراني داخل الجيش والأمن الداخلي، الأمن العام وأمن الدولة، كذلك في الوكالات الحكومية الأخرى»، مشدّداً على أن «الحرب السيبرانية أصبحت جزءاً من الصراعات المستقبلية، فمع تزايد الإعتماد على التكنولوجيا، من المتوقع أن تصبح الحرب السيبرانية جزءاً أكبر من النزاعات المستقبلية. فالدول قد تستخدم الهجمات السيبرانية لتعطيل خصومها دون الحاجة إلى الإشتباك المباشر، مما يجعل الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من أي إستراتيجية دفاعية حديثة».
ويشير حاكمة الى أن «الحماية من الهجمات السيبرانية على سلاسل التوريد (Supply Chain)، كون الهجمات على سلاسل التوريد أصبحت مصدر قلق كبير، حيث يُمكن إستهداف مقدّمي الخدمات أو موردي التكنولوجيا لاختراق أنظمة أكبر وأكثر تعقيداً. فهجوم SolarWinds هو مثال على ذلك، حيث تم إستغلال الشركة لإستهداف العديد من الوكالات الحكومية والشركات، بالإضافة تأمين سلاسل التوريد، فالمؤسسات تحتاج إلى تقييم أمن مورديها بشكل دوري لضمان عدم وجود نقاط ضعف يمكن إستغلالها من قبل القراصنة، وإستخدام العقود والسياسات التي تفرض معايير أمان صارمة على الموردين يعتبر خطوة ضرورية».
ويشرح حاكمة «أهمية البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني (Research and development) ، لأن الإستثمار في البحث والتطوير يساعد على إكتشاف أساليب جديدة للتصدي للهجمات السيبرانية. فتقنيات مثل الذكاء الإصطناعي، التعلم الآلي، وتحليل البيانات الضخمة يُمكن أن تساعد في التنبؤ بالهجمات وتطوير وسائل للدفاع عنها».
ويقترح حاكمة «الابتكار في الدفاع السيبراني من تطوير حلول مبتكرة للأمان السيبراني والذي يُمكن أن يتضمّن تقنيات جديدة مثل الشبكات اللامركزية، والتشفير المتقدم. هذه التقنيات يُمكن أن تجعل من الصعب على القراصنة إختراق الأنظمة».
الدور المتنامي للذكاء الإصطناعي
– الكشف عن التهديدات: الذكاء الإصطناعي يُمكن أن يكون أداة قوية للكشف عن التهديدات السيبرانية بشكل أسرع وأكثر دقة. فالأنظمة الذكية يُمكن أن تحلّل كميات كبيرة من البيانات للتعرُّف على الأنماط التي تشير إلى نشاط مشبوه.
– الهجمات بإستخدام الذكاء الإصطناعي: في الوقت نفسه، قد يستغل القراصنة الذكاء الإصطناعي لتطوير هجمات أكثر تعقيداً. لذلك، يجب أن تكون المؤسسات مستعدة لمواجهة هذا التهديد بإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي الخاصة بها.
التثقيف والتوعية المستمرة
– التثقيف المستمر: الأمن السيبراني ليس مسؤولية العاملين بتكنولوجيا المعلومات فقط، بل هو مسؤولية الجميع. ويجب على المؤسسات الإستثمار في برامج تدريب وتوعية دورية لضمان أن جميع الموظفين يفهمون أهمية الأمان السيبراني وكيفية حماية أنفسهم والمؤسسة.
التثقيف العام: تعزيز الوعي العام حول الأمن السيبراني يُمكن أن يقلّل من نجاح الهجمات التي تعتمد على الهندسة الاجتماعية، مثل التصيُّد الإحتيالي (Phishing).
ويختم حاكمة: «يُمكن التقليل من الخروقات السيبرانية بشكل كبير، ولكن لا يُمكن السيطرة عليها تماماً، وذلك بسبب تطور قدرات القراصنة التي غالباً ما تتفوّق على أنظمة الحماية، لذلك هناك عملية كرّ وفرّ بين أنظمة الحماية والقراصنة، وهي حرب مستمرة ومن التحدّيات التي تعوّق السيطرة على الخروقات والمخاطر السيبرانية، هي تطوُّر قدرات القراصنة وقدرتهم على الهجوم على دولة أو مؤسسة معيّنة بأعداد كبيرة جداً ومن أماكن متفرّقة من العالم مما يضعف أنظمة الحماية. والخطر لا يقتصر على الهجمات من الخارج بل هناك هجمات داخلية وهي الأخطر، لأنها يُمكن أن تخترق الأنظمة بسهولة أكبر، لأن نظم الحماية من الداخل غالباً ما تكون أقل، كما أن التطوّر التكنولوجي الذي يدخل في كل أساليب حياتنا يجعل هذه الخروقات أكبر وأكثر فعّالية كما أن عدم الإدراك والمعرفة لدى الشركات والموظفين يساعدان كثيراً على حدوث الخرق».
لبنان وخروقات الأمن السيبراني
في لبنان إزدادت حوادث خرق الإتصالات من قبل العدو الاسرائيلي منذ إندلاع الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، مستفيدة من ضعف البنية التحتية للأمن السيبراني فيه، وشهدت المؤسسات الرسمية اللبنانية، أي المطار ومجلس النواب ووزارة الشؤون الاجتماعية موجة من الإختراقات الإلكترونية، بالإضافة إلى هواتف مواطنين في جنوب البلاد. ويرجع الخبراء هذا الإختراق للأمن السيبراني اللبناني إلى الإهمال في صيانة وتحديث المواقع، ونقص التمويل لتحسين الأمن الإلكتروني، بالإضافة إلى إنتهاء عقود الصيانة للأجهزة في المؤسسات الحكومية. فعلى سبيل المثال أن الثغرة في المطار تتعلق بنظام التشغيل Windows XP الذي توقفت تحديثاته وصيانته منذ حوالي 10 سنوات. وفي دراسة أجراها مركز بحوث تعزيز الحماية السيبرانية في لبنان CERT في العام 2022، تبيّن أن الأنظمة المعلوماتية في القطاعات المختلفة، تعرّضت لأكثر من مليونين و500 ألف محاولة إختراق خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر يناير/ كانون الثاني 2022. وهذه الاختراقات تعرض بيانات الأنظمة المتأثرة للخسارة إذا لم يتم تحديثها وحمايتها. وفي العام 2012، تعرض 16 موقعاً إلكترونياً تابعاً للإدارات الرسمية والوزارات اللبنانية للقرصنة على يد جماعة تعرف بـ «إرفع صوتك». ورغم إعتماد لبنان على إستراتيجية الأمن السيبراني في العام 2018، إلاّ أن عدم إقرار المراسيم التنفيذية جعلها مجرّد حبر على ورق، وفق الخبراء التقنيين. وهذا الواقع، يجعل الإختراقات الإلكترونية أمراً متوقعاً ومفهوماً بالنسبة إلى الخبراء حيال سهولة إختراق المواقع الرسمية، إذ يصبح الوصول إلى مثل هذه المواقع متاحاً لأي مجموعة hukers، ولا سيما مع عدم وجود بنية تحتية قوية للأمن السيبراني.
في يونيو/حزيران 2019، صدرت نسخة حول تفاصيل تلك الإستراتيجية، ووضعت بعنوانها الثانوي هدفا لأن يكون لبنان فضاء سيبرانياً أكثر أمناً وإستقراراً في الداخل الوطني، أو في التبادلات الدولية، بعدما فصلت نوع التهديدات الرقمية التي تواجهها داخلياً وخارجياً.
الأمن السيبراني ظهر مع سقوط جدار برلين!
يشرح الخبير والباحث في الذكاء الاصطناعي الدكتور أنطوان حرفوش أنه «تاريخياً، بدأت تتجلى أهمية الامن السيبراني منذ العام 1993 بعد سقوط جدار برلين، حينها إجتمع الرئيس الأميركي بيل كلينتون وزوجته هيلاري مع قيادات وكالة الإستخبارات الاميركية (CIA) ومخابرات الجيش وناقشوا كيفية حصاد نتائج الإنتصار الذي حققته الولايات المتحدة في الحرب الباردة إقتصادياً، فكانت الفكرة إستخدام التقنية السرية التي كانت تستعمل لربط الاجهزة مع بعضها البعض، لتكون متاحة لعموم الشعب الاميركي وشعوب العالم وإقناع الشركات الخاصة في الإستثمار فيها لخلق إقتصاد المعلوماتية وتحضير الشركات والجامعات الأميركية لهذا النوع من الإقتصاد وتمويلها ليتمكنوا لاحقاً من السيطرة على الإقتصاد العالمي».
يضيف حرفوش: «الاقتصاد الرقمي قائم على المعلوماتية لأنه فكرة CIA بالتكامل مع الذكاء الإصطناعي، وبدأ منذ ذلك الوقت تحضير الأرضية الأكاديمية والجامعية لتعليم الطلاب، على كيفية صناعة شركات المستقبل القائمة على المعلوماتية من خلال الإختراع الذي إسمه الإنترنت، وهكذا إكتشفت الكرة الأرضية الإنترنت وبدأت العديد من الشركات الاميركية في الإستثمار فيه بدعم من وكالة الإستخبارات الأميركية»، لافتاً إلى أنه «في العام 2003 إنفتحت السوق وصار كل العالم يستخدم المعلوماتية، وصارت الجامعات الاميركية تدرس هذا الإختصاص بدعم من الـ CIA، وإستخدمت وكالة الإستخبارات نظام IN-Q-Tel الذي تملكه وتستعمله لتطوير الشركات التي تهمها، مثلاً شركة linked inقد تم دعمها بملايين الدولارات لأنها تطلب من كل مَن يشارك فيها الإفشاء عن معلومات شخصية عنه» لافتاً إلى أنه «منذ ذلك الوقت دخل الروس والصينيون على هذه السوق لمواجهتها من خلال خلق مجموعة hukers (قراصنة) يعملون من خلال ما يسمى بالـ dark web مهمته خرق الـ deep web الذي خلقه الأميركيون، وهو ويب مشفّر لا يمكن الدخول إليه من قبل العامة بعكس الـ web )الويب( الذي يُمكن للجميع الدخول إليه. وهؤلاء خلقوا بنى تحتية كبيرة في dark web حيث لا وجود للإنتربول والسي أي إيه ويمكن من خلالها القيام بعمليات مالية ومصرفية مشفّرة. بمعنى آخر الأمن السيبراني بات همّ الجميع في العالم، لأن هناك مَن يستعمل الويب بطريقة ظاهرة وشرعية مقابل مجموعة تستعمل الدارك ويب والعملات المشفّرة والمرقمة للقيام بعمليات غير قانونية».
خطر سيبراني يومي على لبنان!
يوضح حرفوش أنه «حالياً هناك من يدافع عن الأمن السيبراني، وهناك مَن يُحاربه من خلال القراصنة لتدمير المعلوماتية وسرقة المعلومات. وبعد الحرب الأوكرانية إنقسمت كل من روسيا وأوكرانيا في منطقة dark web بسبب الحرب بينهما، حيث يحصل بينهما هجوم على web الويب، مواز للهجوم العسكري الذي يحصل على الأرض، فيما أوروبا في المنتصف»، شارحاً أنه «في لبنان، يكمن الخطر اليومي عليه، من إسرائيل التي تملك 3 مؤسسات تعمل في هذا المجال وهي: شاباك وآمان والموساد، هذه المؤسسات لم تكن تتعاون مع بعضها البعض إلى حين وقوع هجوم 7 أوكتوبر من قبل حماس في العام 2023، وكانت لديهم قاعدة أمنية تُسمى قاعدة رقم 1 تمنع التنسيق بينهما، بعدها تم تغيير طريقة عملها، وبدأ التنسيق الكامل بين الأجهزة الثلاثة هذه، والاكثر فعّالية بينها، وهي جهار آمار التي تملك المجموعة 8200 وهي المسؤولة عن الهجوم السيبراني الذي يحصل في لبنان، كما حصل في المطار ومهمتها متابعة البنى التحتية السيبرانية في لبنان ومتابعة تدميرها. وينقسم عملها بين مجموعات تعمل من وراء أجهزة الكومبيتر (مجموعة 8200) عبر الويب أي ضرب ويب سات، نشر معلومة خطأ، السيطرة على النظام المعلوماتي في مطار بيروت وبث رسائل كاذبة عبره كما حصل سابقأ.
وهناك مجموعة أخرى تُسمّى بالـ (504) ومهمتها جلب معلومات من شخص لآخر، وهناك جموعة أخرى تسمى بالـ (81 ) وهي secret technology وقد قامت بتغيير قواعد اللعبة، ووضعت قواعد جديدة، والقاعدة الرقم واحد بالنسبة إليهم هي جمع المعلومات من أكثر من مصدر ومقاربتها أو معالجتها من خلال نظام OPEN SOURCE INTELIGENT (OSINT) أي كل المعلومات والصور والكاميرات الذكية في الشوارع والموصولة على الويب أو الإنترنت والمعلومات الموجودة على وسائل التواصل الإجتماعي، يعني أنه يُمكن للمقرصنين وأجهزة الاستخبارات العالمية أن تصل إليها وهذه المعلومات يتم جمعها وتحليلها من خلال الذكاء الإصطناعي الذي يرسل النتيجة الى الأجهزة المختصّة خلال دقائق معدودة وارسالها إلى أشخاص معينين بما يسمح لهم بالوصول الى هدفهم. صحيح أنه لا يكون لديهم معلومة صحيحة 100% ولكن يصبحون يملكون أكثر من 51% من المعلومة التي يريدونها لإتخاذ القرار أو الوصول إلى الهدف. والتغيير الجذري الثاني هو الانظمة الذكية التي تجمع المعلومات وتحللها بسرعة فائقة وخلال ثوان معدودة».
يؤكد حرفوش أن «لبنان يملك قدرات بشرية ممتازة لحفظ الامن السيبراني، وفي الوقت الراهن يمكن المواجهة من خلال هذه القدرات البشرية والنجاح حتى ولو كانت البنى التحتية التقنية غير متطورة بالشكل الذي يحصل عالمياً، الأهم هو القدرات البشرية وهذا ما يحصل في المؤسسات الامنية اللبنانية المخولة حماية الامن السيبراني في لبنان، علما أنها واجهت تحديات كبيرة خلال الازمة الحالية لجهة هجرة الكفاءات البشرية، وهذا ما حدا بهذه المؤسسات بالسماح لهم بالعمل في المؤسسات الخاصة للحفاظ على كفاءاتهم والدفاع عن الامن السيبراني الوطني وهذه الاستراتيجية نجحت بشكل كبير وهذا ما فاجأني كمراقب، فهذه الاجهزة تعمل حالياً بسرعة وتقفل كل الثغرات التي يمكن ان ينفذ منها القراصنة والدفاع عن الامن السيبراني الوطني وهذا ما سيذكره التاريخ، وفي مقارنة مع الدول الأوروبية فالكفاءات اللبنانية تقوم بجهد يحتاج إلى أضعاف مضاعفة من الكفاءات في الخارج لإعطاء النتيجة نفسها».
ويرى حرفوش أن «التشريعات اللبنانية سبّاقة في الحفاظ على الأمن السيبراني وهي متطوّرة وعملية لتغطية أي ثغرات يمكن أن تحصل لاحقاً»، واصفاً شعب لبنان بأنه «منفتح على الشرق والغرب ولديه علاقات قريبة من كل الدول وهذا ما يمنحهم ميزة متابعة ما يحصل حول لبنان واستخلاص الخبرات اللازمة مما يخلق حصانة للوضع اللبناني رغم صعوبة الأوضاع».
ويختم حرفوش: «شخصياً، ومن خلال سفراتي وخبراتي لبنان متطور أمنياً، وهناك قدرات بشرية قوية وقادرة على المواجهة، وهذه ميزة تفاضلية يتمتع بها مقارنة مع غيره من الدول، لذلك أشدد على أن التعاون بين الاجهزة المختصة لحماية الأمن السيبراني للحصول على نتائح أكثر كمالاً».
ينقصنا القرار السياسي!!
من جهته، يشرح المحامي شربل شبير (مختص بجرائم المعلوماتية) لمجلة اتحاد المصارف العربية أن «لبنان أقرّ في العام 2021 إستراتيجية مختصة بالأمن السيبراني، وضمّت كل الخطوات اللازمة لحماية أمنه السيبراني واليوم في ظل الخروقات التي تحصل، هذا يحفز على تسريع الخطى الرسمية لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ من خلال إقرارها في قانون يصدر عن مجلس النواب وإصدار المراسيم التطبيقية لها، وحتى اليوم لم تتم هذه الخطوات».
يضيف شبير: «حالياً هناك جهود حثيثة من قبل الاجهزة المختصة لحماية الامن السيبراني، لكن هناك إمكانية للخرق على غرار ما يحصل في كل دول العالم ولا يمكن الوصول الى حماية 100%، ولبنان بحاجة بالتأكيد إلى تطوير شبكات الانترنت لديه وsoftware، وهذا يتطلب تمويلاً والجميع يعرف الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وبالتالي الكرة في ملعب الدولة اللبنانية التي يجب ان تنظر الى حماية الامن السيبراني كأولوية، علما أن لدينا المؤهلات البشرية والنصوص لتحقيق هذا الأمر، لكن ينقصنا التمويل، وهذا ما تتفوّق به علينا الدول الأخرى».
ويؤكد شبير أن «لبنان يملك حالياً الإستراتيجية للحماية، والمؤسسات الرسمية المختصة، تضمّ أهم الكفاءات على صعيد لبنان والمنطقة، وهم يعملون باللحم الحي بما يملكون من قدرات تقنية وشخصية عالية مقارنة مع خبرات وكفاءات نراها في دول العالم، لكن لسوء الحظ لا نملك القدرات المالية»، مشدّداً على أن «القدرات التي يجب أن نقوم بها هي تنفيذ هذه الإستراتيجية وأن تتولى الكفاءات المختصة في كافة الاجهزة الأمنية الخروقات التي يُمكن أن يتعرّض لها، كي يكونوا صمام الأمان لأي خرق سيبراني يتعرّض له لبنان داخلياً وخارجياً.
لذلك يجب تفعيل هذه الاستراتيجية وإنشاء هذا الفريق المختص وتنفيذ الخطط والاجراءات التي تحمي الامن السيبراني في لبنان. والتقدم التكنولوجي في العالم يحصل بشكل كبير لا سيما في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، مما يساعد القراصنة على القيام بخروقات على لبنان، لذلك يجب أن نُنشىء خطوط دفاع لردها، ولا بد من لفت النظر إلى أن غياب المكننة والتكنولوجيا عن معظم ادارات الدولة اللبنانية يساعد على تخفيف حدّتها».
يضيف شبير: «العديد من دول العالم تستعين بالكفاءات اللبنانية لتطوير أنظمتها الرقمية والحفاظ على أمنها السيبراني ولكن في لبنان لا تتم الاستفادة من هذه الادمغة. في لبنان أقر قانون 81\ 2018 ويغطي هذا القانون جزءاً من جرائم المعلوماتية وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي، وبالتالي لدينا الارضية اللازمة لحماية الامن السيبراني وهي بحاجة الى تطوير دائم نظراً إلى حجم التطورات التي تحصل في هذا القطاع وفي كل بلدان العالم، وبرأيي يجب تشديد العقوبات وتحويلها من جنحة الى جريمة ورفع قيمة الغرامات».
ويختم شبير: «إن الحماية تكون ليس فقط عن طريق الكفاءات فهي موجودة بل توفير البنى التحتية، أي إنترنت سريع وكهرباء موجودة – fibre obtique متطوّر. نحن نحتاج الى قرار رسمي لتطوير الدفاع عن الامن السيبراني لأن لبنان يملك الكفاءات التي تمكنه من ذلك، لكن ينقصنا القرار والتمويل».
ما هي أسباب إنهيار الأسواق المالية العالمية في 5أغسطس/آب 2024؟
في 5 أغسطس/آب 2024، شهدت أسواق الأسهم العالمية إنخفاضاً حاداً، مما أدّى إلى محو ما يقرب من 6.4 تريليونات دولار من قيمتها. وقد إنخفضت المؤشرات الرئيسية مثل «داو جونز»، و«ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك» بشكل كبير،
مدفوعة بمخاوف المستثمرين من الركود الوشيك في الولايات المتحدة والمخاوف حيال تأخُّر إستجابة بنك الإحتياطي الفيدرالي في تعديل أسعار الفائدة.
يُمكن أن يُعزى السبب الجذري للذعر الذي أصاب الأسواق المالية في 5 أغسطس/ آب 2024 إلى تضافر عوامل عدة رئيسية:
ضعف البيانات الإقتصادية الأميركية: فقد أدى إصدار بيانات إقتصادية «مخيبة للآمال» في الولايات المتحدة، ولا سيما في ما يتعلق بسوق العمل وقطاع التصنيع، إلى زيادة المخاوف من الركود الوشيك. وتضمّنت هذه البيانات إنخفاضاً في خلق الوظائف عن المتوقع وإنخفاض الناتج الصناعي، مما يؤشّر إلى تباطؤ محتمل في النمو الإقتصادي.
مخاوف حيال سياسة البنك الإحتياطي الفيدرالي: كان هناك قلق كبير حيال التأخير الملحوظ من جانب «الإحتياطي الفيدرالي» في تعديل أسعار الفائدة. وكان المستثمرون قلقين من أن «الإحتياطي الفيدرالي» قد يكون متأخراً في معالجة التضخُّم والنمو الإقتصادي. وقد أدى قرار البنك بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، إلى جانب التوجيهات المستقبلية الغامضة، إلى تفاقم هذه المخاوف.
التباطؤ الإقتصادي العالمي: لقد ساهمت مؤشرات تباطؤ النشاط الإقتصادي في الإقتصادات الكبرى الأخرى، مثل الصين ومنطقة اليورو، في خلق نظرة قاتمة للنمو العالمي. فالترابط بين الأسواق العالمية يعني أن المشاكل في إقتصاد رئيسي واحد يُمكن أن تنتشر بسرعة إلى إقتصادات أخرى، مما يُؤدي إلى تفاقم الشعور بعدم اليقين والمخاطرة.
ردود أفعال سوق السلع الأساسية: عكس إنخفاض أسعار السلع الأساسية، وخصوصاً النفط والذهب، مخاوف أوسع نطاقاً حيال الطلب العالمي والصحة الإقتصادية، لذلك باع المستثمرون هذه الأصول لتغطية الخسائر في أماكن أخرى، مما ساهم في دوامة هبوطية عبر الأسواق.
البيانات الفنية للسوق Technicals: أدت ظروف السوق، بما في ذلك السيولة الضئيلة والتقلُّبات العالية لفترات التداول الصيفية، إلى تضخيم آثار الأخبار السلبية. في مثل هذه البيئات، يُمكن المبالغة في تحرُّكات السوق، حيث يؤدي عدد أقل من المشاركين إلى تقلُّبات أسعار أكثر أهمية.
وقد إجتمعت هذه العوامل لتكوين عاصفة مثالية من المشاعر السلبية، أدت إلى عمليات بيع واسعة النطاق عبر فئات الأصول المختلفة، مما أدى إلى حالة الذعر في السوق التي لوحظت في 5 أغسطس/ آب 2024.
وقد شهد الذهب، الذي يُعتبر عادةً ملاذاً آمناً أثناء الإضطرابات الإقتصادية، إنخفاضاً ملحوظاً أيضاً، فإنخفض سعر الذهب، حيث قام المستثمرون بتصفية مراكزهم لتغطية الخسائر في مجالات أخرى من السوق، ولم تسلم أسعار النفط الخام من عمليات البيع، فإنخفضت عقود الخام القياسي بأكثر من 2 % قبل أن تتعافى من بعض الخسائر. وكان هذا الإنخفاض جزءاً من تراجع أوسع نطاقاً في أسعار السلع الأساسية، متأثراً بالمخاوف من ضعف البيانات الإقتصادية الأميركية والتباطؤ الإقتصادي العالمي.
كما واجهت سوق السلع الأساسية إنخفاضاً كبيراً في جميع المجالات، فإنخفضت أسعار النحاس بنسبة 3.8 %، في حين قادت الفضة الإنخفاض في المعادن الثمينة بإنخفاض تجاوز 7 %. وفي الخلاصة، فقد سلّط إنهيار السوق المالية في 5 أغسطس/ آب الضوء على هشاشة الأسواق العالمية وترابطها.
مبرّرات الذعر الذي أصاب الأسواق المالية
لقد عرض عدد من المحلّلين والخبراء لمبرّرات الذعر في الأسواق المالية كالتالي:
البيانات الاقتصادية وسياسة بنك الإحتياطي الفيدرالي: فقد أشار خلق الوظائف المخيّب للآمال وإنخفاض الناتج الصناعي إلى تباطؤ اقتصادي محتمل. وغالباً ما يتفاعل المستثمرون بقوة مع مثل هذه البيانات، خوفاً من الركود وتأثيره على أرباح الشركات والإستقرار الإقتصادي. كما أدى قرار «الإحتياطي الفيدرالي» بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، رغم علامات الضعف الإقتصادي، إلى خلق حالة من عدم اليقين حيال السياسة النقدية المستقبلية. وكان المستثمرون قلقين من أن «الإحتياطي الفيدرالي» قد يكون بطيئاً للغاية في الإستجابة للظروف الإقتصادية المتغيّرة، مما قد يؤدي إلى تفاقم التباطؤ.
المخاوف الإقتصادية العالمية، وإحتمال تباطؤ الإقتصادات الكبرى: أضافت علامات تباطؤ النمو في الصين ومنطقة اليورو إلى المخاوف من تباطؤ الإقتصاد العالمي. ونظراً إلى أن هذه الإقتصادات مترابطة، فإن المشاكل في منطقة واحدة يُمكن أن تنتقل إلى مناطق أخرى، مما يؤثر على التجارة العالمية والأسواق المالية.
التوترات الجيوسياسية والنزاعات والصراعات التجارية: تُساهم القضايا الجيوسياسية المستمرة، مثل النزاعات التجارية والصراعات الإقليمية، في حالة عدم اليقين الإقتصادي. ويُمكن أن تؤدي هذه التوترات إلى تعطيل تدفقات التجارة والتأثير سلباً على النشاط الإقتصادي العالمي، مما يبرّر حذر المستثمرين.
ديناميكيات السوق وإنخفاض السيولة وزيادة التقلبات: غالباً ما تشهد فترة التداول الصيفية إنخفاضاً في السيولة، مما قد يؤدي إلى تضخيم ردود فعل السوق تجاه الأخبار. وفي مثل هذه البيئة، يُمكن المبالغة في تحرُّكات الأسعار، مما يؤدي إلى إنخفاضات أكثر حدّة عند ظهور أخبار سلبية.
لكن في المقابل، فقد ساق عدد من المحلّلين حججاً ضد تبرير الذعر وهي التالية:
المبالغة في ردّ الفعل تجاه البيانات قصيرة الأجل تجاه «الأساسيات الإقتصادية»، فرغم البيانات الضعيفة، ظلّت بعض الأساسيات قوية، مثل إنفاق المستهلك وأرباح الشركات. فغالباً ما تنطوي حالات الذعر على ردود فعل مبالغ فيها تجاه البيانات قصيرة الأجل دون النظر في السياق الإقتصادي الأوسع. كذلك كانت هناك مبالغة في ردّة الفعل على الإجراءات المحتملة لمجلس الإحتياطي الفيدرالي، فرغم عدم تخفيض «الإحتياطي الفيدرالي» لأسعار الفائدة على الفور، فإن إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل بناءً على تحسن إتجاهات التضخُّم تشير إلى أن السياسة النقدية لا تزال قادرة على دعم الإقتصاد في المستقبل القريب.
المرونة التاريخية، إذ أظهرت الأسواق تاريخياً، مرونة وقدرة على التعافي من الإنخفاضات الحادة، إذ يُمكن أن يكون بيع الذعر مدفوعاً في بعض الأحيان بالخوف وسلوك القطيع أكثر من التغيُّرات الإقتصادية الأساسية.
الخلاصة
في المحصلة، ربما كان للذعر في 5 أغسطس/ آب 2024 أُسُس منطقية بالنظر إلى البيانات الإقتصادية الضعيفة والمخاوف حيال سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي وعدم اليقين الاقتصادي العالمي. وقد وفّرت هذه العوامل أساساً لقلق المستثمرين وعمليات البيع اللاحقة في السوق. ومع ذلك، ربما تفاقمت شدّة الذعر بسبب ديناميكيات السوق مثل السيولة المنخفضة والتقلُّبات العالية. ولكن في ضوء ما حدث الآن، ورغم أن المخاوف كانت مبرّرة، فإن شدّة رد الفعل يُمكن النظر إليها، بإعتبارها ردّ فعل مبالغ فيه مدفوعاً بمخاوف قصيرة الأجل وليس تقييماً مدروساً للتوقُّعات الإقتصادية الأوسع.
مليارات الدولارات في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي…
هل تُؤتي ثمارها؟
تأرجحت الأسواق المالية الأميركية والعالمية مؤخراً بين هبوط حاد سريع حرّك مخاوف من ركود قوي، وصعود وتماسك يستمر، لكن في أجواء من القلق. وتقاطعت تحليلات كثيرة على أن شركات التكنولوجيا الكبرى وإستثماراتها، تتحمّل مسؤولية في ذلك، وإن جزئياً، إضافة إلى عوامل على غرار إستمرار التضخُّم والغموض حيال أسعار الفائدة، والضغوط المتأتية من السياسة، بما في ذلك الأجواء المتوترة للانتخابات الرئاسية الأميركية وغيرها.
وجاءت تلك التقلبات، فيما تستمر مشهدية الطفرة الهائلة في الإستثمارات المتعلقة بالذكاء الإصطناعي، مع التركيز على النوع التوليدي Generative AI، إذ تتنافس كبرى شركات التكنولوجيا على تأمين مكانة رائدة في هذا القطاع المتنامي، خصوصاً منذ العام 2022.
وتستثمر هذه الشركات، مثل ألفابيت (غوغل)، ومايكروسوفت، وأمازون، وميتا (مالكة فيسبوك)، مليارات الدولارات في بناء مراكز بيانات ومرافق جديدة لتشغيل الذكاء الاصطناعي وتوسيع قدراتها في هذا المجال. ومع ذلك، فإن هذه الإستثمارات الضخمة لا تخلو من تحدّيات ومخاطر، لكنها تحمل أيضاً أهمية إستراتيجية وإقتصادية هائلة.
حجم الإستثمارات
تتزايد الإستثمارات في قطاع الذكاء الإصطناعي بشكل غير مسبوق، ويُتوقع مثلاً، أن تنفق شركة ألفابيت وحدها نحو 48 مليار دولار في العام 2024 على البنية التحتية المتعلّقة بالذكاء الإصطناعي. وتشارك في هذا السباق، شركات أخرى مثل مايكروسوفت، التي أكدت خططها لمواصلة الإنفاق الكبير على الذكاء الإصطناعي، كذلك أمازون وميتا. إجمالًا، قد تصل إستثمارات هذه الشركات الأربع في مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي إلى أكثر من 100 مليار دولار هذا العام (2024).
ويوضح الخبير التكنولوجي رودي شوشاني أنّ «هنالك تضارباً في الأرقام حول حجم إستثمارات الشركات التكنولوجية في قطاع الذكاء الإصطناعي، حيث تشير بعض التقارير إلى أنّ حجم هذه الإستثمارات يصل إلى 1 تريليون دولار، فيما تشير دراسة «مكينزي» إلى أنّ Gen AI بمفرده يصل حجم الإستثمارات فيه إلى نحو 4 تريليونات دولار، كما هناك مقالات أخرى تشير إلى أنّ حجم الإقتصاد العالمي للذكاء الإصطناعي يبلغ 8 تريليونات دولار».
إستثمار مبالغ فيه
ومهما إختلفت الأرقام المتداولة عن حجم الإستثمارات في قطاع الذكاء الإصطناعي، فذلك لا ينفي أنّ التكلفة مُبالغ فيها، وتواجه مشاكل كثيرة تجعل من بعض الإستثمارات تذهب سدى.
وأعطى شوشاني مثلاً عن الإستثمار الزائد، إذ ذَكَّر بقرار شركة فيسبوك تغيير تسمية علامتها التجارية إلى «ميتا» من «ميتا فيرس»، وهو مصطلح يشير إلى العوالم الإفتراضية التي يتفاعل فيها المستخدمون عبر شخصيات رمزية إفتراضية ترتسم غالباً بالصيغة التجسيمية ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى تركيزها على الإتصال الإجتماعي والإقتصادي، مشيراً إلى أن تلك الخطوة تلاها «فشل في تحقيق مستهدفاتها، وتسبّبت بخسارة 15 مليار دولار، أو أكثر».
كذلك لفت شوشاني إلى أنّ «التجربة نفسها تتكرر اليوم مع الذكاء الإصطناعي التوليدي Gen AI، الذي يشهد زخماً في الإستثمارات، وإن كان عدد مستخدميه أكبر بكثير من «ميتا». فمع نموذج «شات جي بي تي»، نتحدث عن 100 مليون مستخدم خلال ثلاثة أيام، وهي سابقة تاريخية، إلاّ أنّ ذلك لا ينفي حقيقة أنّ الإستثمارات مبالغ فيها». وسأل شوشاني «ماذا سيحصل بعد أن يستهلك الذكاء الإصطناعي الداتا جميعها؟».
التحدّيات والمخاطر
وتُواجه هذه الإستثمارات تحدّيات ومخاطر جدية، يعدّد شوشاني بعضاً منها: «أولًا، هناك عدم اليقين حول متى وكيف ستُؤتي هذه الإستثمارات ثمارها، إذ قد يؤدي الفشل في تحقيق العوائد المتوقعة إلى خسائر ضخمة، ما يُثير مخاوف المساهمين والمستثمرين». ومثلاً بعد إعلان شركة ألفابيت عن نتائجها المالية، شهد مؤشر ناسداك تراجعاً بنسبة 4 %، ما يعكس القلق السائد في السوق.
ثانياً، بحسب شوشاني، هناك تحدّيات لوجستية وتقنية تتعلق ببناء وتشغيل هذه البنية التحتية الضخمة، لأن «زيادة الطلب على الطاقة مثلاً قد يُسبّب إختناقات في الإمدادات، ولا سيما في الأماكن التي تُواجه فيها شبكات الكهرباء ضغوطًاً». في كاليفورنيا، قد يستغرق توصيل مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي بالشبكة الكهربائية ما بين ست إلى عشر سنوات، وما قد يؤثر على خطط التوسع.
وأَضاف شوشاني إن «الإعتماد الكبير على شركات معينة مثل إنفيديا، التي تُعتبر المورد الرئيسي لرقائق الذكاء الإصطناعي، يُمثل خطراً إضافياً، وأيّ خلل في قدرة هذه الشركات على تلبية الطلب قد يعطل سلسلة التوريد بأكملها».
وطرح شوشاني إشكالية العرض والطلب التي تتحكم بجميع الأسواق. واليوم يشهد قطاع الذكاء الإصطناعي طلباً مرتفعاً وعرضاً ضعيفاً، ما يسمح لهذه الشركات بتحقيق أرباح، ولكن قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها العرض أكثر من الطلب، بسبب حدّة المنافسة، وعندها سنشهد خسائر مالية كبيرة لدى الشركات»، مشيراً إلى أنّ «الذكاء الإصطناعي ليس رخيصاً، فتكلفة إستخدامه وتطبيقه داخل الشركات عالية جداً».
الأهمية الإستراتيجية والإقتصادية
رغم التحدّيات، تُعتبر هذه الإستثمارات ضرورية لتعزيز القدرات التكنولوجية لشركات التكنولوجيا الكبرى، بفعل محورية الذكاء الإصطناعي في التحوُّل الرقمي، وتأثيره الكبير المتوقع على قطاعات مختلفة كالتصنيع والرعاية الصحية والتعليم.
علاوة على ذلك، يُعزّز الإستثمار في الذكاء الإصطناعي قدرة الشركات على الإبتكار والتكيُّف مع متغيّرات السوق. كما يُمكن أن يُسهم في تعزيز التفوُّق التكنولوجي والإقتصادي العالمي للولايات المتحدة، وتالياً، فإن تعزيز الإستثمارات في الذكاء الإصطناعي أمر محتّم، والنجاح فيها قد يغيّر مستقبل الصناعة العالمية والعوالم الرقمية.
الإستدامة تحتل مكانة رئيسية في إستراتيجيات الشركات
واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024
يُشكّل العام 2024 حتى هذه اللحظة، محطة حافلة بالإنجازات على مستوى الإستدامة في الشرق الأوسط، وقد تجلّى ذلك من خلال المقاربات الفعّالة التي إنتهجتها الشركات لإزالة العقبات في سبيل تحقيق أجندات الإستدامة الخاصة بها. ونلاحظ أن شركات عدّة وضعت الإستدامة في كامل أركانها في صلب إستراتيجياتها وعملياتها سعياً إلى ترجمة هذا الزخم من طموح إلى واقع. وعليه، أصبح الإفتقار إلى التمويل، الذي كان يوماً إحدى أكبر العقبات في هذا السياق، في طور التداعي. إلاّ أن ذلك لا ينفي الحاجة إلى جهود سريعة من القطاع الخاص والجهات الحكومية معاً من أجل الحفاظ على هذا الزخم.
وفق «بي دبليو سي الشرق الأوسط»، سُجّل تقدم ملحوظً على مستوى مبادرات المناخ في منطقتنا، بما في ذلك الإجراءات المناخية الرائدة التي تم الإتفاق عليها في مؤتمر الأطراف 28، حيث شهدنا إلتزاماً لم يسبق له نظير على مستوى الشركات والحكومات لمعالجة أزمة المناخ الملحّة، وإعتماد مبادئ الإقتصاد الدائري، والإستفادة من الميزة التنافسية للمنطقة في مجال الطاقة المتجدّدة.
ويشير الإستطلاع الذي أجرته أخيراً «بي دبليو سي الشرق الأوسط» بعنوان «واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات»، إلى تصدُّر أجندة الإستدامة والممارسات ذات الصلة الواجهة. وتكشف البيانات عن نقلة نوعية لقادة الشركات نحو تضمين مبادئ الإستدامة في إستراتيجيات أعمالهم الأساسية وإجراء تغييرات هيكلية جذرية. علماً أن عدداً متزايداً من الشركات عيّنت بالفعل رئيساً تنفيذياً لشؤون الاستدامة أو مسؤولاً تنفيذياً تقع على عاتقه مسؤولية قيادة أجندة الإستدامة وتعزيز المبادرات ذات الصلة.
في مجال التمويل، لوحظ تحوّل واضح تمثّل بميل عدد متزايد من الشركات للإستفادة من القروض والسندات الخضراء لتمويل مساعيها نحو الإستدامة. ورغم هذا التقدّم، تبقى الحاجة إلى العمالة الماهرة التي تتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة هذه المساعي عبئًاً ثقيلاً على عاتق الشركات، إذ يبرز تزويد الموظفين بالكفاءات اللازمة لتنفيذ إستراتيجيات الإستدامة كأحد أصعب التحدّيات التي تواجه القادة في المشهد الحالي.
وبهدف المضي قدماً، من الضروري أن تمنح الجهات الحكومية والقطاع الخاص الأولوية للإستثمارات المسؤولة والأساليب المبتكرة للإستفادة من التقنيات، بما في ذلك إستخدام الذكاء الإصطناعي التوليدي. كذلك، لا بد من إقناع قادة الشركات بالفوائد المزدوجة المترتبة على مبادرات الإستدامة، ليس من ناحية تحقيق عائد على الإستثمار فحسب، بل من حيث تسريع الأرباح. وتؤكد البيانات أن إيلاء الأهمية للإستدامة غالباً ما يعود بأرباح أعلى على الشركات التي تعمد في هذه الحالة إلى إستقطاب فئة جديدة من المستهلكين المهتمين على نحو متزايد بالعلامات التجارية المسؤولة بيئياً. كما أن الشركات التي تعالج المخاطر المرتبطة بالمناخ بشكل إستباقي وتُعزّز عملياتها وسلاسل التوريد الخاصة بها في مواجهة التحدّيات المستقبلية، من المرجح أن تحقق أداءً أفضل على المدى البعيد.
وتشكّل الإستدامة رحلة نحو تحقيق تغيير إيجابي ودائم. لذلك، فإنها تستدعي تدخلات سريعة لتنمية الكفاءات المطلوبة، وركائز تشريعية، وبنية تحتية صلبة لتعزيز التقدم المستمر.
الإستدامة تحتل مكانة رئيسية في إستراتيجيات الشركات
سلّطت الدعوات الملحّة لتسريع الإجراءات المناخية الموحّدة في مؤتمر الأطراف 28، الضوء على أزمة تغيُّر المناخ بإعتبارها تحدّياً أساسياً لكل من الشركات والمجتمعات على حد سواء، وقد حفّزت هذه اللفتة الشركات على إرساء طموحات جديدة واعدة للتخفيف من التأثيرات المترتبة عن هذه الأزمة. وفي هذا الصدد، تُظهر الإستنتاجات الرئيسية التي توصّلنا إليها في إستطلاعنا الأخير حول الإستدامة، أن الشركات في المنطقة تُولي أهمية بالغة للإستدامة من خلال جعلها نقطة محورية في أجندتها الإستراتيجية. ويُمكن القول إن هذه الشركات ليست بعيدة عن إحراز تقدم ملموس في مسار الحدّ من إنبعاثات الكربون إذا ما حسّنت عمليات مراقبة الإستدامة وإعداد التقارير ذات الصلة مقارنة بالعام الماضي (2023)، ورسّخت إلتزاماتها الجدية نحو مستقبل خال من إنبعاثات الكربون.
وفي إستطلاعنا، أفاد أربعة من كل خمسة رؤساء تنفيذيين، بأن شركاتهم تعتمد حالياً إستراتيجية رسمية للإستدامة، وأوضح أكثر من نصفهم، أن هذه الإستراتيجية أصبحت مطبّقة بالكامل في مؤسساتهم. ويشير ذلك إلى تحوُّل إيجابي، لا سيما إذا أخذنا في الإعتبار دعم القادة المحدود للإستدامة سابقاً ومشاركة مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين في الحدّ الأدنى في جهود الإستدامة في ما مضى. ومن اللافت أيضاً أن نسبة المشاركين الذين أعربوا عن غياب دعم القيادة قد إنخفضت إلى النصف تقريباً لتبلغ حالياً 16% فقط.
الإستدامة قضية تشغل المستوى التنفيذي في الشركات
تعتمد الشركات في المنطقة إلى إعادة هيكلة إستراتيجياتها لتتمحور حول الإستدامة من خلال مبادرات تقليل إنبعاثات الكربون، وتعزيز شفافية تقارير الإستدامة، والتكيُّف مع المخاطر المرتبطة بالمناخ. ويعكس هذا التحوُّل تغييراً واضحاً في الإتجاه العام، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان التعديلات التشغيلية الملحوظة التي تطبقها الشركات لجعل الإستدامة جزءاً لا يتجزأ من هياكلها التنظيمية.
في حين أن إعداد تقارير الإستدامة لا تزال خطوة إختيارية إلى حدٍ كبير بالنسبة إلى الشركات العامة في منطقة الشرق الأوسط، على عكس المتطلّبات الإلزامية التي يفرضها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلاّ أن عدداً متزايداً من الشركات الإقليمية تقوم بنشر تقارير الإستدامة حالياً. علماً أن 66% من المشاركين في الإستطلاع ممن ينشرون تقارير الإستدامة يلتزمون إطار المبادرة العالمية لإعداد التقارير.
وعليه، ليس مستغرباً أن الأوصاف الوظيفية لمثل هذه الأدوار، باتت على أكبر قدرٍ من التفصيل والأهمية، بالنظر إلى أن المهمة الأساسية المطلوبة من صاحب الدور هي تضمين الإستدامة في صميم عمليات الشركة.
وفي العام 2024، أفاد ما يزيد عن 40% من المشاركين، بأن شركاتهم تُعد تقارير كاملة حول الإستدامة، في حين أن 24% من الشركات تنشر مقاييس رئيسية حول الإستدامة أو المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وتشير هذه الأرقام إلى أن المؤسسات باتت تدرك أهمية تعزيز الشفافية وترسيخ الثقة، فضلاً عن تحسين الأداء وتقديم القيمة للشعوب والكوكب ككل.
في المقابل، لا تزال الفجوة قائمة بين التركيز الذي تُوليه الشركات حالياً لإعداد التقارير والتطوُّر المتوقع لمتطلبات إعداد التقارير. وتستمر بعض التحدّيات الرئيسية، وليس آخرها الإفتقار إلى الموظفين المؤهلين وإعتماد معايير مختلفة لإعداد التقارير، بالوقوف عائقاً أمام مسعى الشركات في المنطقة لتحقيق أهدافها. في الواقع، تعتمد نصف الشركات التي تنشر التقارير معياراً أو معيارين، بينما يعتمد الربع (بنسبة 24%) ما بين ستة إلى ثمانية معايير لإعداد التقارير. ونتيجةً ذلك، قد يؤدي هذا التناقض في إعتماد المعايير إلى تعقيد عملية إعداد التقارير في المنطقة.
مستقبل الإستدامة في الشرق الأوسط
ينبغي مستقبلاً على القادة المعنيين في شؤون الإستدامة في الشرق الأوسط، توجيه تركيزهم نحو أربعة مجالات واضحة، إذا ما أرادوا المساهمة في تحريك عجلة الإستدامة، ومعالجة قضايا المناخ الملحّة، وتقليص إنبعاثات الكربون الصادرة عن مؤسساتهم في المنطقة: الإرتقاء بمهارات الموارد الحالية وتدريب المواهب المستقبلية، وتعزيز البنية التحتية، ومعالجة الشقّ التنظيمي والإستفادة من التمويل الأخضر لتسريع النمو المستدام. علماً أن تقرير «واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات» يحمل في طيّاته رسالة من شقّين: تتمحور حول التقدّم المحرز من جهة، والتقدّم المطلوب في مجال الإستدامة من جهة أخرى. ومما لا شك فيه أن العقبات في طور التداعي، لا سيما مع إدراك قادة الشركات في المنطقة الحاجة الملحّة إلى وضع أجندة إستدامة مدروسة، فضلاً عن تزايد الضغوط المفروضة عليها من جانب الجهات التنظيمية والرقابية في الداخل والخارج، ومن المجتمع ككل. ومع ذلك، تظل الشكوك قائمة، وتحديداً في ما يتعلق بالتكاليف المحتملة للإستثمارات المستدامة مقابل العوائد المتدنية المتوقعة.
يُذكر أن هدف «بي دبليو سي» والتي أعدت التقرير، هو بناء الثقة في المجتمع وحلّ المشاكل الهامة. علماً أن «بي دبليو سي» هي شبكة شركات موجودة في 151 بلداً، ويعمل لديها أكثر من 364000 موظف يلتزمون توفير أعلى معايير الجودة في خدمات التدقيق والضرائب والخدمات الإستشارية.
في الوقت الذي يفيض المجال العام بالحديث عن الذكاء الإصطناعي والتشفير، لا يزال مجتمع الأمن القومي الأميركي عالقاً في البحث عن سبل مواجهة تداعيات هذه التطورات الجديدة وإمكانية تحويلها إلى أدوات مفيدة.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، يفيد أدريان كرانز رئيس شركة بارا تريد كوربورشن الرائدة في مجال الإستفادة من قوة الذكاء الإصطناعي وتعليم الآلة لإعادة تشكيل عملية صناعة القرار المالي في المؤسسات، أن التكنولوجيا تُغيّر دائماً موازين القوة الجيوسياسية من الناحيتين العسكرية والإقتصادية، وأصبحت العملات الرقمية المشفرة خطراً يهدد العصا الأميركية الغليظة وهي «العقوبات الإقتصادية» التي تستخدم فيها واشنطن المكانة الفريدة للدولار في النظامين المالي والتجاري العالميين لمعاقبة ما تراه دولاً مارقة.
ويرى كرانز الذي ينشر مقالاته وتحليلاته على منصّة «نيوبورت غلوبال سوميت»، أن الذكاء الإصطناعي سيصبح نفط المستقبل، وستكون مراكز البيانات هي حقول النفط التي يتم منها إستخراج كل قدرات الذكاء الإصطناعي. ونحن نرى إنتشار الذكاء الإصطناعي في كل الصناعات تقريباً، وستعتمد هذه الصناعات في المستقبل القريب عليه لكي تعمل بالشكل الصحيح. وكلّما زاد حجم مراكز البيانات زادت قوة نموذج الذكاء الإصطناعي المستخدم. وعلى عكس غالبية الصناعات الأخرى، فإن مراكز البيانات تعتمد على عامل إنتاج رئيسي وحيد وهو الكهرباء وكميات كبيرة منها.
لذلك فالسؤال الآن، ما هي كمية الطاقة التي تحتاجها هذه التكنولوجيا؟
يستهلك حالياً نشاط تعدين العملة المشفّرة الأشهر عالمياً «بتكوين» وأنشطة الدعم المرتبطة بها ما بين 67 و240 تيراوات/ ساعة أي ما يراوح بين 0.2 % و0.9 % من إجمالي إستهلاك العالم من الكهرباء سنوياً.
وبالنسبة إلى الذكاء الإصطناعي فإن قوة أجهزة الكومبيوتر المطلوبة لإستخدامها تتضاعف كل 100 يوم، ويُتوقع أن تستهلك هذه الأجهزة حوالي 4 % من إجمالي الطلب العالمي على الكهرباء في حلول العام 2028. هذا الإستهلاك الضخم للطاقة يعني أن توافر الطاقة الرخيصة وليس العمالة الرخيصة، سيكون عنصر الجذب الرئيسي لشركات التكنولوجيا لإقامة مراكزها في هذه الدولة أو تلك.
ومن غير المحتمل إنتقال مراكز تصنيع معدات الكومبيوتر في عصر الذكاء الإصطناعي من شرق آسيا، في حين ستُقام مراكز البيانات التي تشغل الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة في المناطق التي تتوفر فيها طاقة رخيصة ومنتظمة. في الوقت نفسه فإن تكلفة الأرض التي تقام عليها مراكز البيانات لا تكاد تذكر مقارنة بتكلفة الكهرباء والأجهزة المستخدمة. وغالباً ما تطغى المنتجات التي يمكن أن تقدمها مراكز البيانات على أهمية المراكز نفسها.
وفي الصراعات المستقبلية ستكون مراكز البيانات بمثابة الجهاز العصبي المركزي لأي قوة مقاتلة مرتبطة بشبكة الإتصالات، وسيكون بقاء أو تدمير هذه المراكز محدداً رئيسياً لنتيجة الصراع.
وستتولى هذه المراكز تجميع البيانات التي يجمعها كل جندي أو طائرة مسيرة أو طائرة أو دبابة أو جهاز مراقبة وتحويلها إلى صورة واحدة لأراضي المعركة بالكامل بحيث يُمكن للقادة إستخدامها في اتخاذ قراراتهم. وحالياً يتم تخزين ومعالجة البيانات المطلوبة لإنجاز مهام قوة قتالية كاملة من خلال مركز بيانات ثابت، في حين يجري حالياً تطوير مراكز بيانات منتقلة لإستخدامها في هذه المهام مستقبلاً.
ويرى كرانز أنه لحسن الحظ فإن تخلف الولايات المتحدة من الناحيتين التشريعية والتطبيقية لتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة، يُقاس بالسنوات وليس بالعقود وهو ما يعني السهولة النسبية للحاق بركب التطور في هذه المجالات.
ويضيف الخبير الأميركي أن الخوف هو الذي يسيطر على الحديث عن العملات المشفرة والذكاء الإصطناعي في واشنطن ولا سيما الخوف من نقص الفهم والتعليم. يجب أن يكون التعليم في بؤرة الإهتمام، في حين أن فهم حقيقة هذه التكنولوجيات سيُقلل الخوف من المجهول.