التوترات التجارية وتباطؤ النمو يعيدان شبح الركود إلى الأسواق العالمية
(العربية)-07/03/2025
عادت مخاوف النمو العالمي إلى دائرة اهتمام الأسواق المالية مع تراجع البيانات الاقتصادية الأميركية وتزايد التوترات التجارية التي أثرت على ثقة المستهلكين ونشاط الأعمال.
ورغم أن الركود ليس السيناريو الأساسي الذي يتوقعه الاقتصاديون نظرًا للمرونة الكامنة في الاقتصاد الأميركي، فإن البيانات الأخيرة أثارت قلق المستثمرين، في حين أن التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بنسبة 25% على المكسيك وكندا زادت من حدة المخاوف بشأن النمو، بحسب تقرير لوكالة “رويترز” اطلعت عليه “العربية Business”.
تشير التحولات في الأسواق إلى تغير واضح في المزاج العام. فقد وصلت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أكتوبر/تشرين الأول، كما تراجعت الأسهم في نيويورك وطوكيو من أعلى مستوياتها خلال عدة سنوات، بينما انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى أدنى مستوى لها منذ أكتوبر/تشرين الأول ، مما يعكس زيادة توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة قريبًا.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Genvil” “Wealth Management، فرانسوا سافاري: “الثقة أمر أساسي لأي اقتصاد، وقد تعرضت لضربة قوية”، مشيرًا إلى تراجع ثقة المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة.
وأضاف: “لا أعتقد أن الركود أصبح أمرًا حتميًا، لكنه أحد الأسباب التي دفعتنا إلى تقليص استثماراتنا في الأسهم الأميركية.”
تراجع مؤشرات الاستهلاك والتصنيع
انخفضت ثقة المستهلكين الأميركيين في يناير/كانون الثاني بأكبر نسبة منذ ثلاث سنوات ونصف، كما تراجعت مبيعات التجزئة بأكبر معدل في ما يقرب من عامين. وأظهرت بيانات التصنيع الأميركية يوم الاثنين انخفاضًا حادًا في الطلبات الجديدة والتوظيف.
وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في ” Van Lanschot Kempen Investment Management”، جوست فان ليندر: “لا نتوقع ركودًا في الولايات المتحدة، لكننا نرى تباطؤًا معتدلًا في النمو”، مشيرًا إلى أن المستهلكين أصبحوا غير متأكدين بسبب “السياسات الفوضوية” للولايات المتحدة.
وأضاف فان ليندر أنه خفض حيازاته من الأسهم الأميركية في أواخر يناير /كانون الثاني، وزاد من استثماراته في سندات الخزانة، متوقعًا انخفاض العائدات مع تباطؤ الاقتصاد.
التوترات التجارية تضعف التوقعات الاقتصادية
قدرت “مورغان ستانلي” أن التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة على الصين والمكسيك وكندا قد تخفض النمو الاقتصادي الأميركي بمقدار 0.7 إلى 1.1 نقطة مئوية خلال الأرباع المقبلة، كما قد تؤدي إلى تراجع النمو الكندي بمقدار 2.2 إلى 2.8 نقطة مئوية، مما قد يدفع المكسيك إلى الركود.
وحذرت كانديس لينغ، الرئيسة التنفيذية لغرفة التجارة الكندية، من أن السياسات الجمركية الأميركية تدفع كلًا من كندا والولايات المتحدة نحو الركود، وفقدان الوظائف، وكارثة اقتصادية.
الضغط على البنوك المركزية لخفض الفائدة
تراجع الدولار الكندي والبيزو المكسيكي إلى أدنى مستوياتهما خلال شهر يوم الثلاثاء. اللافت أن الدولار الاميركي ، الذي استفاد عادة من التوترات التجارية، شهد أيضًا تراجعًا بسبب مخاوف النمو الاقتصادي.
ويرى بعض المحللين أن الاقتصاد الأميركي قد يكون معرضًا لخطر مزيج مقلق من النمو البطيء والتضخم المستمر.
وأشار المحللون إلى أن الحرب التجارية تزيد الضغط على البنوك المركزية عالميًا لمواصلة خفض الفائدة لدعم النمو.
يتوقع المتداولون الآن خفض الفائدة الأميركية بمقدار 75 نقطة أساس بنهاية العام، مقارنة بتوقعات خفض واحد فقط في منتصف يناير عندما كانت البيانات الاقتصادية لا تزال قوية.
أما في أوروبا، فمن المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى يوم الخميس، وتتوقع “مورغان ستانلي” خفضًا إضافيًا في إبريل/نيسان بسبب ضعف البيانات الاقتصادية والتضخم.
تزايد الحذر في الأسواق
حتى لو تحسنت البيانات الاقتصادية الأميركية ، فإن النظرة الاقتصادية غير الواضحة تبرر بقاء المستثمرين حذرين بشأن الأسهم.
وأظهرت مذكرة “غولدمان ساكس” يوم الاثنين أن صناديق التحوط، التي كانت قد زادت استثماراتها في الأسهم العالمية، بدأت بالتخلي عن الرهانات الصعودية ووضعت رهانات على انخفاض الأسهم.
وبالنظر إلى المخاطر المتزايدة للنمو، تحظى بيانات الوظائف الأميركية التي ستصدر يوم الجمعة بأهمية خاصة.
وقال كبير الاقتصاديين في “Lombard Odier”، سامي شار: “هذه الدورة الاقتصادية تعتمد على الاستهلاك، ولن تنتهي إلا مع ضعف سوق العمل. ويجب أن يكون الاحتياطي الفيدرالي حذرًا للغاية بشأن ذلك.”