هل تغيّرت أولويات «بنك اليابان»؟
(الشرق الاوسط)-12/03/2024
تمكن الاقتصاد الياباني من النمو في الربع الرابع من العام الماضي، متجنباً الركود، وفقاً للبيانات الحكومية المنقحة الصادرة يوم الاثنين، التي أظهرت في نسختها الأولية السابقة انكماشاً. ونما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) بمعدل سنوي قدره 0.4 في المائة، بدلاً من انكماش بنسبة 0.4 في المائة في البيانات السابقة، وفقاً لمكتب مجلس الوزراء. ويعكس هذا التعديل تحسناً في استثمار رأس المال الخاص، ويعني أيضاً أن اليابان تجنبت الوقوع في الركود الفني، الذي يُعرف عموماً بأنه ربعين متتاليين من الانكماش.
وظل معدل النمو للعام بأكمله دون تغيير عند 1.9 في المائة، ونما الاقتصاد الياباني بنسبة 0.1 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة بالربع السابق. وتتباين التوقعات بشأن ما قد تعنيه أحدث البيانات قبل اجتماعات مجلس سياسة بنك اليابان. ويتوقع البعض أن يبدأ البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة هذا الشهر أو الشهر المقبل. وقد التزمت اليابان حتى الآن بسياسة نقدية فائقة التيسير. وتظهر البيانات أن الإنفاق الاستهلاكي لا يزال ضعيفاً مع تراجع نمو الأجور. وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال» في تقرير لها: «من المرجح أن يظل الاستهلاك الخاص ضعيفاً».
أولويات مختلفة؟
وبالتزامن، أظهرت بيانات من بنك اليابان المركزي عدم شرائه في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة اليابانية يوم الاثنين، على الرغم من انخفاض الأسهم اليابانية إلى ما دون الحد المعتاد للبنك المركزي لخطوة شراء الأسهم. وأغلق مؤشر توبكس منخفضاً 2.2 في المائة عند 2666.83 يوم الاثنين، متجاوزاً مستوى 2 في المائة الذي يدفع البنك المركزي بشكل عام للتدخل في السوق. وقال جون موريتا، المدير العام لقسم الأبحاث في شركة «تشيباجين» لإدارة الأصول، إنه في حين لم يكن من الواضح على الفور سبب عدم شراء بنك اليابان صناديق الاستثمار المتداولة يوم الاثنين، فإن ذلك قد يشير إلى تغيير أكبر. وتابع أنه «مع وصول مؤشر نيكي إلى مستوى قياسي وارتفاع الأسعار على ما يبدو لتحقيق هدف بنك اليابان، فإن عدم شراء بنك اليابان صناديق الاستثمار المتداولة يعني أن دعم سوق الأسهم ربما أصبح أقل أولوية». ولم يشترِ البنك المركزي بعد في صناديق الاستثمار المتداولة هذا العام لدعم السوق. وكانت المرة السابقة في 4 أكتوبر، عندما اشترى البنك ما قيمته 70.1 مليار ين (477.55 مليون دولار) من صناديق الاستثمار المتداولة. كما نفذ عمليات شراء متتالية في الفترة من 13 إلى 14 مارس (آذار) من العام الماضي بالمبلغ نفسه كل يوم.
وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، الشهر الماضي، إن البنك المركزي سيدرس ما إذا كان سيواصل مشترياته من الأصول الخطرة، مثل صناديق الاستثمار المتداولة، عندما يظهر تحقيق مستدام لهدف التضخم البالغ 2 في المائة في الأفق. ومن المقرر أن يُعقد اجتماع السياسة النقدية المقبل لبنك اليابان يومي 18 و19 مارس الحالي.
تراجع حاد للأسهم
وكانت الأسهم اليابانية قد أغلقت على تراجع حاد يوم الاثنين، بعدما اقتفت الأسهم المرتبطة بالرقائق أثر نظيراتها الأميركية في الانخفاض، كما قوضت قوة الين شهية المُصدرين. وهوى المؤشر نيكي 2.19 في المائة ليغلق عند 38820.49 نقطة، في أكبر انخفاض له منذ الرابع من أكتوبر. كما هوى المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 3 في المائة، قبل أن يقلص خسائره وينهي الجلسة على انخفاض 2.2 في المائة عند 2666.83 نقطة. وقال شوجي هوسوي، كبير الخبراء الاستراتيجيين في شركة «دايوا» للأوراق المالية: «تراجعت أسهم الرقائق في الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي، ما ساعد المؤشر نيكي على الدخول في مرحلة تصحيح».
وأغلق المؤشران ناسداك وستاندرد آند بورز 500 على انخفاض يوم الجمعة، بعد أن وصلا إلى مستويات مرتفعة قياسية خلال الجلسة، بعدما عكست أسهم شركات الرقائق اتجاهها إثر مكاسب قوية. وأضاف هوسوي: «قوة الين ألحقت ضرراً بالأسهم اليابانية. ومن المحتمل أن يستمر هذا الاتجاه حتى يختتم بنك اليابان اجتماع السياسة النقدية». ويبدي عدد متزايد من صناع السياسة في بنك اليابان انفتاحاً على فكرة التخلي عن أسعار الفائدة السلبية هذا الشهر وسط توقعات بزيادات كبيرة في الأجور العام الحالي. وارتفع الين الياباني مقابل الدولار، يوم الاثنين، وسط تضارب بين إشارات على أن بنك اليابان سينهي أسعار الفائدة السلبية في اجتماعه حول السياسة النقدية الأسبوع المقبل، مع توقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيخفض الفائدة في يونيو (حزيران) المقبل. وتراجع الدولار 0.06 في المائة إلى 146.995 ين، وانخفض في وقت سابق إلى 146.54 ين، مقترباً من أدنى مستوى في 5 أسابيع المسجل يوم الجمعة عند 146.48 ين. وارتفع مؤشر الدولار أمام سلة العملات 0.06 في المائة إلى 102.74 نقطة، وهو يحوم بالقرب من المستوى المتدني الذي سجله يوم الجمعة عند 102.33 نقطة، وهو مستوى لم يشهده منذ 15 يناير (كانون الثاني).
وكتب الخبراء الاستراتيجيون لدى «وستباك» في مذكرة للعملاء: «من المفترض أن يحافظ الدولار على مستواه مقابل الين هذا الأسبوع، ومن المرجح أن يؤدي الارتفاع إلى 148 يناً إلى جذب المبيعات مع استمرار التوقعات بأن بنك اليابان قد يعدل سياسته في 19 مارس». وقالت المذكرة أيضاً إن مؤشر الدولار «يبدو عرضة لانتكاسة أعمق»، وقد يختبر الدعم عند 101 نقطة هذا الأسبوع.