التحوُّل المتوقع للإقتصاد العالمي يظل نظرياً إلى حد كبير
ثورة الذكاء الإصطناعي.. تأثير إقتصادي مخيّب للآمال
رغم الضجيج المحيط بالذكاء الإصطناعي في مراكز التكنولوجيا مثل سان فرانسيسكو، فإن التأثير الإقتصادي للتكنولوجيا الجديدة كان مخيّباً للآمال حتى تاريخه.
ووفقاً لتقرير حديث نشرته مجلة الإيكونوميست، خصّصت شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى (ألفابت، وأمازون، وآبل، وميتا، ومايكروسوفت) ما يُقدر بنحو 400 مليار دولار للنفقات الرأسمالية المرتبطة بالذكاء الإصطناعي والبحث والتطوير هذا العام (2024). ومع ذلك فإن التحوُّل المتوقع للإقتصاد العالمي يظل نظرياً إلى حد كبير.
توقعات وواقع
نجح المستثمرون، وفق إيكونوميست، في رفع القيمة السوقية لعمالقة التكنولوجيا بشكل كبير، مضيفين 2 تريليون دولار على مدى العام الماضي (2023)، ويُتوقع فعلياً أن تصل الإيرادات السنوية إلى ما بين 300 و400 مليار دولار إضافية.
التحوُّل المتوقع للاقتصاد العالمي بدفع من الذكاء الإصطناعي يظل نظرياً إلى حد كبير
وتُعادل هذه الزيادة تقريباً قيمة مبيعات سنوية أخرى لشركة آبل. ومع ذلك، يعتقد حتى أكثر المحللين تفاؤلاً أن مايكروسوفت لن تجني سوى نحو 10 مليارات دولار من المبيعات المرتبطة بالذكاء الإصطناعي هذا العام (2024). أما خارج الساحل الغربي للولايات المتحدة، فإن تأثير الذكاء الإصطناعي ضئيل للغاية.
معدلات التبنّي والتحدّيات
وجد إستطلاع حديث أجرته شركة ماكينزي أن نحو ثلثي المشاركين زعموا أن شركاتهم تستخدم الذكاء الإصطناعي بإنتظام، أي نحو ضعف الرقم عن العام السابق.
في حين أشار تقرير لمايكروسوفت ولينكدن إلى أن 75 % من «العاملين في مجال المعرفة» على مستوى العالم يستخدمون الذكاء الإصطناعي.
ومع ذلك، أفاد مكتب الإحصاء الأميركي، أن 5 % فقط من الشركات إستخدمت الذكاء الإصطناعي مؤخراً. وفي كندا، إستخدمت 6 % فقط من الشركات الذكاء الإصطناعي في الأشهر الأخيرة، وفي بريطانيا، إعتمدت 20 % من الشركات الذكاء الإصطناعي في حلول مارس/آذار 2024.
وتشير الصحيفة إلى أن المخاوف حيال أمن البيانات، والخوارزميات المتحيّزة، والوتيرة السريعة لتطوير الذكاء الإصطناعي تؤدي إلى إبطاء طرحه.
وأوقفت شركة ماكدونالدز مؤخراً تجربة تلقي الطلبات المعتمدة على الذكاء الإصطناعي بسبب أخطاء كبيرة.
ووفق أحد المستشارين، يعاني العديد من الشركات من «الإلتهاب التجريبي»، حيث تجعل العديد من مشاريع الذكاء الإصطناعي الصغيرة من الصعب تحديد الإستثمارات الفعّالة.
تطبيقات محدودة
وتفيد «إيكونوميست» إن الشركات تستخدم الذكاء الإصطناعي بشكل أساسي في المهام الضيقة مثل تبسيط خدمة العملاء والتسويق. على سبيل المثال تستخدم شركة الإتصالات العملاقة «فيريزون» الذكاء الإصطناعي لتقديم توصيات الخطة الشخصية.
ومع هذه الجهود، يرى الكثيرون أن هذه التجارب غير مثيرة للإعجاب، حيث كان أداء الشركات التي يتتبعها مؤشر غولدمان ساكس لسوق الأوراق المالية المستعدة للإستفادة من اعتماد الذكاء الإصطناعي، أقل من أداء السوق الأوسع.
التوظيف والإنتاجية
وبحسب الصحيفة، لقد كان تأثير الذكاء الإصطناعي على التوظيف أقل من المتوقع. ورغم أن كريستالينا غورغييفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، حذرت من أن الذكاء الإصطناعي قد يضرب سوق العمل مثل «تسونامي»، فإن معدّل البطالة في جميع أنحاء العالم الأول، لا يزال أقل من 5 %، في ظل نمو أجور قوي، وهو ما يتناقض مع المخاوف من تراجع قدرة العمال على المساومة. وعلاوة على ذلك، لا تُظهر بيانات الإقتصاد الكلي أي زيادة في الإنتاجية، وفي بؤرة الذكاء الإصطناعي في أميركا، أصبح الناتج في الساعة أقل من اتجاهه قبل العام 2020. كما أن الإستثمار التجاري في معدّات وبرمجيات معالجة المعلومات لا ينمو إلاّ بنسبة 5 % سنوياً، وهو معدّل أدنى كثيراً من المتوسط في الأمد البعيد.
آفاق المستقبل
لقد إستغرقت غالبية الموجات التكنولوجية، من الجرّار إلى الكومبيوتر الشخصي، وقتاً طويلاً قبل أن تتغلغل في الإقتصادات.
وعلى إفتراض أن عائدات الذكاء الإصطناعي لشركات التكنولوجيا الكبرى، تنمو بمعدّل 20 % سنوياً، يتوقع المستثمرون أن جميع أرباح الذكاء الإصطناعي لشركات التكنولوجيا الكبرى تقريباً ستتحقق بعد العام 2032.
وإذا حدثت طفرة في الذكاء الإصطناعي في نهاية المطاف، فإن أسعار أسهم مستخدمي الذكاء الإصطناعي ستصعد بشكل كبير.
ومع ذلك، إذا إستمرت المخاوف حيال الذكاء الإصطناعي، فقد تبدو التقييمات المرتفعة الحالية وخطط النفقات الرأسمالية الكبيرة للتكنولوجيا الكبيرة باهظة وغير فعّالة.
(ألمصدر: إيكونوميست)