إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يفتتحان
ملتقى «برامج مساعدة القطاعات الإقتصادية والمصرفية في الدول التي تشهد أزمات –
تجارب الدول العربية وخبرات القطاعات المصرفية المتقدمة»
الوزير جابر: لبنان بدأ يخط طريقه للتعافي ومعالجة أوضاع المودعين
سارانجي: المصارف محرّك للإستثمار في المناخ وأهداف التنمية المستدامة
د. طربيه: ضرورة تسديد الودائع لإعادة الثقة بالنظام المصرفي اللبناني
عربيد: «مؤتمر بيروت 1» سيعقد مع الدول الصديقة لجذب الإستثمارات وإعادة الثقة وتحفيز الإستقرار
تحت رعاية وزير المالية اللبناني الأستاذ ياسين جابر، إفتتح الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب والدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، ملتقى «برامج مساعدة القطاعات الإقتصادية والمصرفية في الدول التي تشهد أزمات – تجارب الدول العربية وخبرات القطاعات المصرفية المتقدّمة» والذي نظمه إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، على مدار يومين (18 و19 – أيلول/ سبتمبر 2025)، في العاصمة اللبنانية بيروت – فندق «كورال بيتش»، والذي يُمثل منصّة لتبادل المعرفة والدروس المستخلصة من التجارب العربية المتنوعة، إلى جانب الإطّلاع على أفضل الممارسات الدولية في دعم وتعافي القطاعات المصرفية خلال الازمات، بما يساهم في بناء فهم أعمق، وتطوير توصيات قابلة للتطبيق في السياقات العربية المختلفة، في حضور نحو 700 شخصية مصرفية عربية وسفراء عرب وأجانب، وعدد من القيادات المصرفية والمالية العربية.
ويهدف الملتقى إلى عرض وتحليل أبرز التحدّيات التي تُواجه القطاعات المصرفية في الدول العربية التي تشهد أزمات، وتسليط الضوء على أطر الدعم والسياسات الحكومية التي طُبّقت في هذه الدول وتقييم فعّاليتها، بالإضافة إلى عرض تجارب الدول المصرفية المتقدمة في مواجهة الأزمات المالية والمصرفية ومناقشة أدوار البنوك المركزية والحكومات والمؤسسات الإقليمية والدولية في دعم إستقرار القطاع المصرفي.
وشارك في الإفتتاح، إلى الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب والدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، صاحب الرعاية وزير المالية ياسين جابر، والسيد شارل عربيد، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، لبنان، والدكتور نيرانجان سارانجي، رئيس مجموعة الإزدهار الإقتصادي المشترك، اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) ممثلاً معالي الدكتورة رولا دشتي، وكيل الأمين العام والأمينة التنفيذية للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
وإستكمل الملتقى يومه الأول بجلستين الأولى عن «دور البنوك المركزية في دعم المصارف خلال الأزمات»، والجلسة الثانية عن «تشخيص الواقع الحالي للقطاعات المصرفية في الدول العربية المتأزمة»، وورقة عمل عن «دور التأمين في حماية المصارف في الدول التي تشهد نزاعات».
ويتابع الملتقى يومه الثاني بثلاث جلسات حول «أطر التعاون مع المؤسسات الدولية (مثل صندوق النقد والبنك الدوليين والصناديق العربية)»، و«برامج الدعم الحكومية والمالية: التمويل، الضمانات، الإعفاءات» و«تجارب الدول المتقدمة: نماذج ناجحة في دعم وإستعادة الثقة في القطاع المصرفي»، إضافة إلى حديث خاص حول «الأثر الإقتصادي الإيجابي للتحوّل الرقمي في تحقيق الحوكمة الرشيدة والشفافية». وفي الختام تصدر التوصيات وخلاصات الملتقى.
إجتماع الأمناء العامين لجمعيات وإتحادات المصارف العربية
وبالتزامن مع إنعقاد الملتقى، عقد إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، إجتماع الإمناء العامين لجمعيات وإتحادات المصارف العربية للتشاور حول تطوير التعاون المصرفي بين المؤسسات المصرفية والمالية العربية، وتطوير الفكر المالي والصناعة المصرفية العربية على أسس سليمة ومستدامة، تماشياً مع المعايير الدولية. وتم على أثر الإجتماع تشكيل هيئة إستشارية لتنسيق العلاقات بين الجمعيات والإتحادات برئاسة الدكتور ماهر المحروقي المدير العام لجمعية البنوك في الأردن، ونائبة الرئيس السيدة ذيبا عسكر الرئيس التنفيذي لجمعية مصارف البحرين.
حفل الإفتتاح
د. طربيه
بعد النشيد الوطني اللبناني، ونشيد إتحاد المصارف العربية، تحدث رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه فقال: «تمر منطقتنا العربية بمرحلة غير مسبوقة من الأزمات، حيث شهدت بعض دولنا أزمات عميقة، وعانت دول أخرى معوّقات مالية هائلة إنعكست على المصارف»، مشيراً إلى ۫أن التداعيات الإقليمية والدولية جاءت لتزيد من سوء المشهد، إضافة إلى الأزمات الإقتصادية العالمية وما نجم عنها من تضخُّم جامح مما زاد من أعباء الإقتصادات الهشّة».
وتناول د. طربيه التجربة اللبنانية، معتبراً أن لبنان تعرّض أخيراً إلى إنكماش عميق مما أثّر على المصارف ودفع إلى ضرورة هيكلة القطاع المصرفي، ويُعمل حالياً على درس قانون الفجوة المالية، فضلاً عن ضرورة تسديد الودائع بغية إعادة الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني.
وتحدث د. طربيه عن أهمية الإصلاح المصرفي في لبنان من خلال تحسين إدارة المخاطر وتعزيز الشمول المالي كي تستطيع المصارف تمويل التنمية، مؤكداً أن إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يسلّطان الضوء على أزمات الدول العربية وتجاربها وخبرات القطاعات المصرفية المتقدمة بإعتبارهما شريكين حيال إيجاد الحلول للمشكلات العالقة والتي تتطلّب العناية والمعالجة.
د. سارانجي ممثلاً د. دشتي
وقال الدكتور نيرانجان سارانجي، رئيس مجموعة الإزدهار الإقتصادي المشترك، اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) ممثلاً معالي الدكتورة رولا دشتي، وكيل الأمين العام والأمينة التنفيذية للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا): «تتوافق أجندتكم مباشرة مع إلتزام إشبيلية الذي إعتمد قبل أشهر قليلة خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، والذي يدعونا جميعاً إلى مواجهة تحدّيات الديون وتوسيع نطاق التمويل المستدام عبر آليات تمويل مبتكرة، وجذب رأس المال الخاص، وتعزيز هيكل الإستجابة للأزمات. في منطقتنا، تلعب المصارف دوراً محورياً في تحويل هذه التعهّدات العالمية إلى مشاريع استثمارية على أرض الواقعݕ
وأوجز سارانجي واقع الدين والمالية العامة في المنطقة إستناداً إلى تقرير الإسكوا حول آفاق الدين والمالية:
1- بلوغ الدين مستويات حرجة: يقترب الدين العام الإقليمي من 1.6 تريليون دولار في العام 2024. وتحمل الدول العربية متوسطة الدخل نحو 850 مليار دولار – أي حوالي 70% من ناتجها المحلي – فيما تتجاوز بعض الدول نسبة 90%. أما دول مجلس التعاون الخليجي فارتفع دينها من 9% من الناتج المحلي في 2014 إلى 32% في 2024 (نحو 700 مليار دولار). بعض الدول الأقل نمواً والمتأثرة بالنزاعات تعاني ضائقة ديون.
2- تمويل أغلى وهامش مالي أضيق: إنتقل الإقتراض الخارجي نحو الدائنين الخواص بعيداً عن المصادر الميسّرة، خصوصاً للدول متوسطة ومنخفضة الدخل. بلغت خدمة الدين الخارجي في الدول متوسطة الدخل أكثر من ضعفها لتصل إلى نحو 15% من الإيرادات بحلول 2023، ومن المتوقع أن تبقى مرتفعة حتى العام 2027.
3- نمو شبه جامد وأعباء متزايدة: ظل نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي ثابتاً تقريباً عند 7,000 دولار لعقد من الزمن، بينما إرتفع نصيب الفرد من الدين الحقيقي بنسبة 78% (من 1,800 إلى 3,200 دولار)، ما يشير إلى مخاطر بين الأجيال وضغوط مالية.
ورأى سارانجي أنه «وسط هذا الواقع، كانت متانة القطاع المصرفي ركيزة لبرامج المساعدة في المنطقة، مقرونة بإصلاحات كبرى وتدابير لإعادة هيكلة القطاع المالي كما رأينا في مصر والأردن. ويجب أن يستمر هذا العمل. لكن الإستقرار الإقتصادي يظل ناقصاً من دون خدمات إجتماعية وحماية اجتماعية أساسية. ففي الأزمات، أثبتت برامج التحويلات النقدية إستحقاقها في منع التراجع في التنمية البشرية. فبرامج التحويلات النقدية – مثل الصندوق الوطني للمعونة في الأردن، وبرنامج أمان في لبنان، والبرامج الطارئة في اليمن – أساسية لحماية الناس ولتعزيز مصداقية الإصلاحات».
واشار سارانجي إلى أن «الدروس العالمية من إضطرابات القطاع المصرفي في العام 2023 – بما في ذلك أزمتي بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة وكريدي سويس في أوروبا – فهي واضحة: إدارة صارمة لمخاطر أسعار الفائدة والسيولة، الحد من الإعتماد على الودائع السريعة الهروب، وضمان الجاهزية لعمليات الحلّ. وهذه ليست نظريات بل قائمة عملية للمشرفين ومجالس الإدارة».
ولفت سارانجي إلى انه «تواجه منطقتنا هشاشات خاصة يجب التعامل معها. فحجم حيازة المصارف للديون الحكومية المحلية يضخّم الصدمات بين القطاعين المالي والماليّة العامة. وكسر حلقة التغذية المتبادلة بين السيادة والمصارف يتطلّب أُطر مالية متوسطة المدى، وتنويع أصول المصارف وتطوير أسواق رأس المال المحلية».
وقال سارانجي: «المصارف ليست فقط عماد الإستقرار المالي في منطقتنا، بل هي محرّك للإستثمار في المناخ وأهداف التنمية المستدامة».
وتطرّق سارانجي الى أُبرز خمس أولويات للمصارف في منطقتنا:
1- تعزيز إدارة المخاطر: أظهرت الأزمات العالمية الأخيرة أن الصلابة تتطلّب إختبارات ضغط متينة، ومراقبة دقيقة لمخاطر أسعار الفائدة، وتخطيطاً للسيولة.
2- بناء مرونة تنظيمية: نحتاج إلى تأمين ودائع أقوى وأطر تسوية موثوقة لضمان تحرّك سريع وحاسم وقت الصدمات.
3- تنويع مصادر التمويل والأصول: لم يعد الإعتماد المفرط على الدين السيادي أو الإقراض المركّز مستداماً.
4- إعادة التفكير في نماذج الأعمال: الإنتقال من الوساطة التقليدية إلى التمويل التحفيزي – من خلال تعبئة رأس المال الخاص، وتحمّل المخاطر الأولى في هياكل التمويل المدمجة، ودعم الأولويات الوطنية والإقليمية بما ينسجم مع إلتزام إشبيلية.
5- تبنّي أدوات تمويل مبتكرة: مثل التوسع في السندات الخضراء وسندات المواضيع الأخرى، ومبادلات الدين من أجل المناخ/ أهداف التنمية المستدامة التي تعزز الحيّز المالي لمشاريع تنمية مستدامة ذات مصداقية. لقد شهدنا تقدماً في السنوات الأخيرة – مثل إصدار مصر للسندات الخضراء والساموراي، وتطوير الإمارات لسندات خضراء للشركات، ووضع عُمان والعراق أطر تمويل مستدام. غير أن فجوات القدرات بين الدول ما زالت كبيرة ويجب معالجتها.
أضاف سارانجي: «الإسكوا تكثّف جهودها: نساعد الدول على تعزيز الإحصاءات والتقارير والجاهزية التنظيمية، وإعداد حزم مشاريع للوصول إلى أدوات التمويل المبتكرة، والدعوة إلى آليات تقليل المخاطر لجذب رأس المال الخاص. هدفُنا هو تحسين إستعداد الدول لتمكين الحكومات والمصارف العامة والشركات من الوصول إلى هذه الأدوات على نطاق واسع وبشروط أفضل، كما نعزز التنسيق الإقليمي لتطوير استراتيجيات تحسين إدارة الديون من خلال مجموعة إدارة الدين العربية التي يُعد اتحاد المصارف العربية شريكاً فاعلاً فيها. ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون».
وختم: «لا تزال التحديات قائمة – من الأزمة غير المحسومة في لبنان وضغوط العملات في أماكن أخرى إلى التعرضات القطاعية، والهشاشة المناخية، والصراعات. ومع ذلك، يمكن للمصارف العربية أن تكون محفزاً: تسد فجوات السيولة وتمويل المناخ والإستثمار من خلال توسيع أدوات تقلّل المخاطر وتجذب راس المال الخاص».
عربيد
وقال السيد شارل عربيد، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، لبنان: «إن القطاع المصرفي اللبناني يلعب دوراً تأسيسياً منذ الإستقلال، لكن هذا الدور عانى لأسباب إقتصادية ومالية كثيرة، إضافة إلى ضعف الحوكمة الرشيدة».
أضاف السيد عربيد: «لقد أدت الأزمة الأخيرة في لبنان إلى تراجع الثقة بالمصارف، ووضعت شكوكاً بالمستقبل. علماً أن تقلّص حجم الإقتصاد أدى إلى نتائج كارثية على الإقتصاد الوطني، وتآكل الأجور مما شيّد مشهداً مخزياً جرّاء تفاقم البطالة وعجز عن الرؤية الإصلاحية الشاملة»، معتبراً أن معالجة الأزمة تستوجب رؤية شمولية لترميم العلاقات بين المصارف والمودعين. «فالنجاح ليس بضخ السيولة بل بإتخاذ إجراءات سياسية متكاملة في ظل الشفافية والحوكمة الرشيدة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وحماية الفئات الأكثر هشاشة»، مؤكداً أن دور المجلس الإقتصادي والإجتماعي يكمن بفتح المجال أمام الحلول وإيجاد الافكار للمعالجات. وقد أطلق المجلس مؤخراً حلقات مناقشة مفتوحة للإصلاحات الإقتصادية والمالية بغية الخروج من الأزمة الراهنة التي تتطلّب تعاوناً من الجميع، كاشفاً عن مؤتمر دعم بعنوان «بيروت 1» سيعقد في لبنان في 18 و19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 مع الدول الصديقة لجذب الإستثمارات والمساعدات، بهدف إعادة الثقة وتحفيز الإستقرار.
الوزير جابر
أما راعي الملتقى وزير المالية اللبناني الأستاذ ياسين جابر فقال: «ما يؤلمني أن هذا الملتقى يُعقد لمعالجة الأوضاع المصرفية في منطقتنا العربية الوضع الراهن، فيما لبنان يعاني أزمة مصرفية حادة. كما يؤلمني أن نتحدث عن أزمة مصرفية بدل الحديث عن تطوير القطاع المصرفي. علماً أن لبنان كان قد شرّع السرية المصرفية في العام 1956 وأسس لمصرف لبنان المركزي، وإستقطب أكبر المصارف العالمية.
وأعلن الوزير جابر أن لبنان بدأ يخط طريقه للتعافي من الأزمة بفضل جهود الحكومة والبرلمان لإستعادة لبنان إلى إستقراره وريادته، متحدثاّ عن أن لبنان كان قد عانى فراغاً رئاسياً وشللاً إستمر سنة ونصف السنة، لكن مع إنطلاق العهد الجديد بدأ الخروج من أزمته حيث تمكّنت الحكومة الحالية ومجلس النواب من تعديل قانون السرية المصرفية وإصدار قانون الإصلاح المصرفي ووضع برنامج لقانون الفجوة المالية. كما وضع لبنان خططاً لإعادته بلداً آمناً ومستقرّاً وملاذاً للمصارف العربية والأجنبية، كي يعود واحة إستقرار وإزدهار.
وخلص الوزير جابر إلى أن الحكومة اللبنانية تصبُّ إهتمامها على معالجة أوضاع المودعين وإعادتها إلى أصحابها. فالودائع حق لأصحابها ما عدا الودائع التي جاءت من مصادر غير شرعية.
تكريم الوزير جابر
يُذكر أنه في ختام إفتتاح الملتقى، كرّم إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب معالي وزير المالية الأستاذ ياسين جابر بالدرع التقديرية، عربون شكر وتقدير على رعايته أعمال الملتقى.
تكريم موريس متى
كما كرّم الإتحادان الصحافي الإقتصادي، لبنان، موريس متى بالدرع التقديرية. وقد شكر متى الإتحادين ممثلين بالدكتور جوزف طربيه رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، متمنياً لهما دوام النجاح والإزدهار.