إجتماعات الخريف في واشنطن
تركّز على تعزيز الإستقرار المالي العالمي
لا يزال الإستقرار المالي والمصرفي العالمي الهاجس الأبرز والذي يشغل بال الدول وموازناتها المحلية والتي يخرقها التضخُّم الجامح في بعض الدول، فيما ينخفض في دول أخرى، في ظل التحدّيات الإقتصادية العالمية الرئيسية مثل الرسوم الجمركية، ورفع كفاءة التمويل المحلي وتعبئة الموارد لدعم التنمية المستدامة.
في هذا السياق تُركّز إجتماعات صندوق النقد الدولي في خريف العام 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن، على التوقُّعات الإقتصادية العالمية، حيث يُقدّر الصندوق نمواً عالمياً بنسبة 3.0 % لعام 2025 وتصحيحاً في التوقعات لعام 2026، فيما يُتوقع أن ينخفض التضخُّم العالمي، لكن مع الترجيح أن يظل التضخُّم في الولايات المتحدة أعلى من المعدّلات المستهدفة.
وستناقش إجتماعات الخريف تأثير الرسوم الجمركية المتزايدة على الإقتصاد العالمي، وستُقيّم تأثيراتها على التوقعات الإقتصادية، كما سيُركّز الصندوق على تعبئة الموارد المحلية وتعزيز الإصلاحات الهيكلية لتنمية القطاعات الرئيسية، مع التأكيد على التعاون المتعدّد الأطراف لدعم النمو الشامل، متناولاً التحدّيات الخاصة بالمناطق، مثل عدم اليقين في الشرق الأوسط، وتقلُّبات أسعار النفط، والضغوط التي تُواجهها إقتصادات الدول النامية، فضلاً عن البحث في ضرورة تعبئة الإيرادات المحلية وتقوية السياسات الضريبية لتحقيق الإستقرار المالي ودعم النمو.
وفي ظل ما يشهده الإقتصاد العالمي من متغيّرات جذرية، وتنامي التحدّيات الجيوسياسية والضغوط الإقتصادية في مختلف أنحاء العالم، تبرز أهمية الدور الذي تؤديه المصارف العربية في دعم الإستقرار المالي وتمويل التنمية الإقتصادية.
ويكتسب هذا الدور بُعداً إستراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتفاوت الأوضاع بين دول تشهد إستقراراً وتحقق مؤشرات نمو واعدة، وأخرى تعاني إضطرابات سياسية وأزمات متفاقمة.
وفي السياق عينه، لا شك في أن المصارف العربية تشكل ركيزة أساسية في تنمية الإقتصاد، إذ لا تعمل بمعزل عن التحوُّلات العالمية، بل تتفاعل بشكل مباشر مع الأوضاع الإقتصادية والسياسية السائدة في محيطها. علماً أن الإستقرار السياسي والإقتصادي يمثل الحجر الأساس لنمو هذا القطاع الحيوي وإزدهاره، إذ ينعكس إستقرار البيئة التشغيلية بشكل إيجابي على أداء المصارف، ويمنحها القدرة على تعزيز عملياتها وتحقيق نتائج مستدامة.
ولأن التوقعات الإقتصادية العالمية لا تحمل تفاؤلاً كبيراً، ليس على مستوى المصارف فحسب، بل على مستوى الإقتصاد العالمي ككل، نلاحظ أن الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والرسوم الجمركية المتبادلة، تزيد من حالة الضبابية، ما قد يقود إلى حالة من الركود إذا إستمر الوضع على ما هو عليه، أما إذا توصّلت القوى الإقتصادية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا إلى حلول، فقد يشهد القطاع المصرفي نمواً جيداً.
في المحصّلة، لا تزال الصورة غير واضحة في ظل إستمرار التوترات التجارية العالمية، خصوصاً أن إستمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى ركود إقتصادي عالمي، وهو ما سينعكس سلباً على أداء المصارف وربحيتها. في هذا الوقت رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي، لكن الصندوق لا يزال يتوقع تباطؤ النمو في العام 2025، وإن كان قد رفعها للعام الحالي إلى 3 % مقارنة مع 2.8 % في أبريل/ نيسان من العام نفسه، وذلك في آخر تقرير عن «آفاق الإقتصاد العالمي».