إستشراف العام 2025..
المصارف العربية نحو المزيد من الشفافية وإتباع المعايير العالمية
لا شك في أن العالم سيدخل مرحلة جديدة مطلع العام الجديد 2025، فالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سيتسلّم مهامه وسط الصراعات القائمة في الشرق الأوسط، والحرب الروسية – الأوكرانية، والتوتر مع كوريا الشمالية، والتضخم الإقتصادي، وتراجع الناتج المحلي في أكثر من دولة، وظهور النظام العالمي الأكثر شمولاً ومتعدّد الأقطاب، حيث تلعب الأسواق الناشئة والبلدان النامية دوراً أكثر أهمية في الحوكمة العالمية.
في هذا الوقت، يُتوقع أن ينشأ نظام عالمي جديد عقب قمّة البريكس وقمّة الإتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي التي تم عقدها مؤخراً خلال العام 2024، فضلاً عن الإجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في خريف 2024، والتي خلصت إلى إبداء القلق والريبة حيال تحقيق التنمية المستدامة والنهوض الشامل، حيث لا يزال العالم يبحث عن نافذة تُريح الإقتصادات وتتخلص من التلوّث في ظل التغيُّر المناخي والذي أرخى بثقله على الإنتاج والبشرية جمعاء.
وفي ظل النظام العالمي الجديد المتعدّد الأقطاب وليد قمّة البريكس وقمّة الإتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي، يضع إتحاد المصارف العربية خارطة طريق جديدة للمصارف العربية للقيام بدور ريادي في ظل نظام مالي عالمي متعدّد الأقطاب وأكثر قدرة على الصمود، وذلك من خلال تعزيز الإستقلال المالي وتقليل الإعتماد على الأنظمة المالية الغربية، بما في ذلك إستكشاف العملات البديلة وأنظمة الدفع المبتكرة، والتعاون في مبادرات أمن الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة وتدابير كفاءة الطاقة لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل، والقيام بدور ريادي في دعم الجهود الإنسانية، وخصوصاً في مناطق الصراع، من خلال تسهيل المساعدات المالية ومشاريع التنمية، وإعتماد ممارسات مالية مستدامة تتوافق مع المعايير العالمية للإستدامة البيئية والإجتماعية، وتعزيز التعاون الإقليمي والعلاقات الإقتصادية والتجارية داخل المنطقة ومع دول مجموعة البريكس، ويشمل ذلك إستكشاف إتفاقيات تجارية وفرص إستثمارية جديدة، ودعم مساعي التنويع الإقتصادي وتقليل الإعتماد على عائدات النفط، ودعم التحوُّل الرقمي المالي وإنشاء هيئة رقابية عليا لتطوير التكنولوجيا المالية ومنع تعرُّضها للكوارث الكبرى والهجمات السيبرانية والحربية.
في هذا الوقت، ماذا يُنتظر من المصارف العربية في العام 2025؟ لا شك في أن هذه المصارف حققت إنجازات في السنوات العشر الماضية، ولا سيما حيال الإنتاجية والإنتشار ودعم الإقتصادات، ومطلوب منها المزيد ولا سيما في سبيل رفد المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالدعم الكافي من أجل النهوض بإقتصادات البلدان التي تتواجد فيها.
وفي هذا السياق، ولأن لدى المصارف العربية دوراً ريادياً في إقتصادات بلدانها، إذ لا تزدهر الأخيرة ما لم تكن أنظمتها وحتى مصارفها، قائمة على الشفافية والحوكمة الرشيدة والإدارة المستقيمة. وعليه، تتابع المصارف العربية مسيرتها في إطار الإمتثال للمستجدات في التشريعات والضوابط الدولية والوطنية، في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلًا عن تعزيز فهم المخاطر التي توجّه المجتمعات العربية جرّاء إنتشار الجرائم السيبرانية على حجم الجرائم المالية والجرائم ذات الصلة بالإرهاب والجرائم المنظّمة ووسائل التصدّي لها.
في المحصّلة، تتطلع المصارف العربية في العام 2025 إلى أفضل الممارسات في مجال إستخدام النظم التكنولوجية الحديثة لضمان حماية البيانات في المصارف، وأبرز ملامح منهجيات إعداد التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الإفتراضية، فضلاً عن الإستفادة من تجارب الدول العربية في تنظيم التعامل بالأصول الإفتراضية، وتحقيق المزيد من الإنتشار في المحافل الدولية.