تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله في شرم الشيخ
«الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية»
تحت رعاية معالي محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله وبمشاركة أكثر من 270 قيادة مصرفية ومالية ورقابية عربية وأجنبية من 16 دولة، جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي المصري، ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإتحاد بنوك مصر، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي لـ «الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية» على مدار ثلاثة أيام في مدينة شرم الشيخ، مصر، تأكيداً لأهمية تطوّرات مكافحة الإحتيال وغسل الأموال، ومؤشراً للمشهد العالمي الحديث للإمتثال ومكافحة الجرائم المالية، مستهدفاً تبادل الخبرات لتعزيز منظومة الإمتثال ومكافحة الجرائم المالية في المنطقة العربية.
ويُمثل الملتقى منصّة سنوية هامة لمناقشة المخاطر التي تواجهها المجتمعات العربية جرّاء إرتكاب الجرائم المالية وأثرها على إستقرار الأنظمة المالية، ومناقشة أفضل السبل لزيادة فعّالية مكافحتها، آخذاً في الإعتبار التطوّرات المستمرة المتعلقة بتلك الجرائم، ولا سيما إستخدام المجرمين لأساليب حديثة ومبتكرة لغسل متحصّلاتهم الإجرامية ولتمويل الإرهاب، كما سلّط الملتقى الضوء على أهم التحدّيات التي تعترض مدراء الإلتزام في المصارف العربية وأفضل السبل لمواجهتها.
الأمين العام لاتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
مرحلة جديدة من الإصلاح المالي ورفع معايير الامتثال في المنطقة
في الكلمات، أكّد الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، «أن المصارف العربية تدخل مرحلة جديدة تتطلّب تعزيز الإمتثال وتطوير البنية التنظيمية والرقابية، بما يُواكب التطوّرات الدولية ويُعزّز الثقة في الأنظمة المالية العربية».
ورحب فتوح بالحضور قائلاً: «يسرّنا أن نجتمع مجدداً في شرم الشيخ، مدينة السلام، لتبادل الخبرات ومناقشة أحدث المستجدات التنظيمية والتقنية في القطاع المالي العربي».
ووجّه الأمين العام د. فتوح شكره للبنك المركزي المصري على رعايته الفاعلة للملتقى، وإتحاد بنوك مصر على دوره التنظيمي، إلى جانب وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF).
تحولات إيجابية وتحدّيات مستمرة
وتحدّث د. وسام فتوح عن تحوّلات واضحة في المنطقة، مشيراً إلى تراجع موارد تمويل الإرهاب في دول مثل سوريا ولبنان والعراق، مع إستمرار تحدّيات الإقتصاد النقدي وإستخدام الأصول عالية القيمة في غسل الأموال.
وأضاف د. فتوح: «لن يكتمل تجفيف منابع تمويل الإرهاب إلاّ بإصلاح مصرفي شامل يتجاوز الإمتثال التقليدي إلى بناء هياكل حوكمة قادرة على قيادة التكامل والنمو»، مشيراً إلى «أن إتحاد المصارف العربية لعب دوراً محورياً في تعزيز الإصلاحات المصرفية والشمول المالي، مع توضيح واقع القطاع المصرفي في دول عربية عدة، منها العراق، سوريا، لبنان، واليمن»، ولافتاً إلى تفاوت مستويات الإصلاح ومدى الإلتزام بمعايير الإمتثال الدولية».
إشادة دولية بتجربة مصر
وأشاد د. فتوح بتجربة مصر ونجاحها في تحقيق توازن بين الشمول المالي ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد إعتراف دولي بمستوى التقدم التنظيمي والتشريعي الذي حققته البلاد في هذا المجال بقيادة البنك المركزي المصري ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقال: «ما حققته مصر نموذج يُحتذى به في المنطقة، خصوصاً في تمكين الفئات المستبعدة مالياً، مثل الشباب والمرأة والمشروعات الصغيرة».
De-Risking وتحوّلات حلول المدفوعات
ولفت د. فتوح إلى «أن ظاهرة De-Risking لا تزال تمثل تحدّياً أمام المصارف العربية رغم مرور عقد على ظهورها، إلاّ أن البدائل التقنية مثل «البلوكتشين» وخدمات التحوّل الرقمي بدأت بالظهور، مع التأكيد على ضرورة إخضاعها لإطار تنظيمي منسق».
وختم الأمين العام د. فتوح كلمته برسالة واضحة مفادها: «نحن أمام مرحلة حاسمة تتطلب عزيمة مشتركة وتعاوناً عربياً متكاملاً، لضمان بيئة مالية شفافة وقادرة على المنافسة العالمية».
المستشار أحمد سعيد خليل رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال: مصر إعتمدت نهجاً إستباقياً
لعدم إستخدام التكنولوجيا في الجرائم المالية
من جهته، أكد المستشار أحمد سعيد خليل رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، «أن مصر إعتمدت نهجاً إستباقياً لمواكبة التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية وضمان عدم إساءة إستخدامها في الجرائم المالية»، مشيراً إلى «أن الجهات الوطنية المعنية تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة التحدّيات الناشئة عن التطور في أساليب وأنماط الجرائم المالية».
وأشار المستشار سعيد خليل إلى «أن الجهود الوطنية لمواجهة التحدّيات المتعلقة بتطور الجرائم المالية، شملت إصدار مصر تشريعات عدة مهمة في هذا المجال، إلى جانب حرص أجهزة الدولة على تسخير التكنولوجيا الحديثة في دعم جهود مكافحة الجرائم المالية، بما يتوافق مع الأطر القانونية المنظمة»، وقال: «إن التحوُّلات المتسارعة في البيئة المالية العالمية، تفرض على الجميع مسؤوليات أكبر وتحدّيات أكثر تعقيداً»، مشدّداً على «أن توظيف التكنولوجيا المالية الحديثة أصبح أحد أهم مفاتيح المستقبل».
وأضاف المستشار أحمد سعيد خليل «أن الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وتقنيات تتبع المعاملات، لم تعد مجرد أدوات مساعدة، وإنما أصبحت عناصر أساسية في منظومة الإمتثال»، لافتاً إلى «أن التطوّر الملحوظ في أساليب وأنماط إرتكاب الجرائم المالية، لا سيما في السنوات الأخيرة، دفع «مجموعة العمل المالي» إلى تحديث منهجيتها بشكل واسع، خصوصاً في ما يتعلق بتقييم المخاطر وتعزيز الفهم المشترك لها وإدارتها، بما ينسجم مع المتغيّرات التكنولوجية وأساليب الجريمة المستحدثة».
وأشار المستشار خليل إلى «أن المجتمع الدولي بات يشدّد على ضرورة تسخير التكنولوجيا لتسهيل الوصول إلى المعلومات القانونية، وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في الإجراءات الجنائية، وذلك إنطلاقا من الوعي الدولي بهذه التحديات وخطورتها»، مؤكداً «أن نجاح منظومة مكافحة الجرائم المالية يعتمد على عمق وفعّالية التعاون المحلي بين كل أطراف المنظومة»، موضحاً «أن التنسيق بين وحدات المعلومات المالية، والجهات الرقابية، والقطاع المصرفي، وسلطات إنفاذ القانون، وسلطات التحقيق، يساهم في بناء جبهة موحّدة قادرة على مواجهة الجرائم المالية بأسلوب أكثر فعّالية وشمولا، وأن تبادل المعلومات في الوقت المناسب وتوحيد الجهود وتكامل الأدوار، يُمثل حجر الأساس في بناء منظومة وطنية تتسم بالكفاءة وتكون قادرة على التصدي للمخاطر المتنامية».
الدكتور حاتم علي المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي:
التكنولوجيا باتت المهدّد الأكبر في المؤسسات المالية والقاسم المشترك للجرائم المالية
وجرائم الإحتيال المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب
وقال الدكتور حاتم علي المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي: «نُواجه تحدّياً عالمياً يُهدد إقتصادات الشعوب والدول في كافة مناطق العالم ومناحيها الجغرافية بشكل غير مسبوق، إذ أصبحت التكنولوجيا التي هي أساس تطوّر العصر، هي المهدّد الأكبر في المؤسسات المالية، وأصبحت هي القاسم المشترك للجرائم المالية وجرائم الإحتيال المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من الجرائم، التي إما أنها تستهدف المؤسسات المالية والمصرفية لتحقيق الربح غير المشروع أو أنها تستهدف جرائم الإتجار غير المشروع في المخدّرات أو الأسلحة أو حتى البشر أو التنظيمات الإرهابية».
أضاف د. حاتم علي: «إن تعدّد المعايير والقواعد الدولية مثل قواعد منظمة FATF وقواعد إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وغيرها من المعايير الدولية والإقليمية، يدفعنا جميعاً إلى كشف وتقصّي التدفقات المالية غير المشروعة وفق منظمات تقييم المخاطر الوطنية والإقليميه والدولية، وتقديم هذه المعلومات بعد تحليلها إلى الجهات الأمنية والرقابية والقضائية التي تستطيع أن تقيم الدعاوى لملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم المالية والإقتصادية، والأهم من هذا، الحجز والتحفُّظ على هذه الأموال المنهوبة».
وتابع د. حاتم علي: «لا يُخفى بأن هذه البحور والمحيطات العميقة من تدفقات مالية غير مشروعة وأساليب خبيثة لغسل الأموال المشبوهة أو حتى إستخدام العملات الرقمية والعملات المشفّرة هو محيط بلا قرار، ومياه داكنة لا يستطيع الغوص فيها إلاّ حضرتكم، أنتم الذين تقفون على شواطئ هذه المحيطات الملوّثة بالأموال غير المشروعة»، وقال: «لقد إتحد جميع الشركاء، أي إتحاد المصارف العربية مع الأمم المتحدة، ووحدات مكافحة غسل الأموال مع الأجهزة الرقابية والبنوك المركزية، والمنظمات الإقليمية في المنطقة مثل منظمة FATF وغيرها حتى نضع كافة خبراتنا وقدراتنا في أيديكم حتى يُمكنكم مواجهة هذا الخطر الأكبر الذي بات يُهدّد إقتصادات شعوب العالم».
محمد بدير الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني QNB: تكلفة الإمتثال أصبحت مرتفعة
لكنها في الوقت ذاته إستثمار ضروري لحماية مصارفنا العربية من مخاطر الجرائم المالية
أما محمد بدير الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني QNB، عضو مجلس إدارة إتحاد بنوك مصر فقال: «إن هذا المنتدى السنوي، أصبح منصّة لتبادل الرؤى حول التطورات المتسارعة في مجال الإمتثال ومكافحة الجرائم المالية، ذلك المجال الذي يشكل اليوم أحد أعمدة الثقة والإستقرار في النظام المالي»، مشيراً إلى «أن إنعقاد هذا المنتدى يأتي في مرحلة دقيقة تشهد فيها الساحة المالية العالمية تطورات متسارعة في المعايير الدولية والتشريعات الرقابية، وخصوصاً مع التحديثات المستمرة لمعايير مجموعة العمل المالي (FATF) والتي تفرض على مصارفنا العربية ضرورة التكيُّف السريع وتعزيز جاهزيتها لمواكبة تلك المتطلبات، مع المحافظة على الخصوصيات الوطنية وبيئاتنا القانونية».
وأضاف بدير: «لا شك في أن تكلفة الإمتثال أصبحت مرتفعة لكنها في الوقت ذاته إستثمار ضروري لحماية مصارفنا العربية من مخاطر الجرائم المالية. والتحدّي الحقيقي أمام البنوك اليوم هو تحقيق التوازن بين متطلّبات الإمتثال والإبتكار المالي والمصرفي، خصوصاً في ظل التطور التكنولوجي والتحوُّل نحو الخدمات الرقمية. لذلك، فإننا نؤكد أهمية تبنّي المنهج القائم على المخاطر (RBA) كأداة عملية لتحقيق التوازن بين الإمتثال والفعّالية، وتوجيه الموارد نحو المجالات ذات الأولوية، بما يُعزّز من قدرة مصارفنا العربية على إدارة المخاطر من دون التأثير على الإبتكار والنمو».
وتابع محمد بدير: «لقد برزت التكنولوجيا الحديثة والذكاء الإصطناعي كأدوات فعّالة في دعم جهود الإمتثال من خلال تحليل البيانات الضخمة وكشف الأنماط المشبوهة، كما أصبحت منصّات التعرُّف على الهوية الرقمية (E-KYC) خطوة مهمة نحو تعزيز الشمول المالي. ومع ذلك تبقى الأصول الإفتراضية والعملات المشفّرة تحدياً حقيقياً يتطلب إطاراً تشريعياً ورقابياً متطوراً وبالتالي يتعين تحقيق تكامل فعّال بين متطلّبات الإمتثال ومتطلّبات الأمن السيبراني لضمان بيئة مالية آمنة ومستدامة»،
ولفت بدير إلى «أن بناء ثقافة إمتثال مؤسسية هو مسؤولية تبدأ من مجالس الإدارة والإدارة العليا، وتمتد إلى جميع مستويات العمل المصرفي، فالحوكمة الرشيدة هي الأساس لإمتثال فعّال ولمكافحة الفساد، كما أن التكامل بين قطاعات المخاطر والتدقيق والإلتزام يشكل دعامة رئيسية لحماية مؤسساتنا وتعزيز الشفافية. ولا يُمكن أن ننجح في هذا المسار من دون تعاون عربي وإقليمي ودولي فعّال، فالتحديات العابرة للحدود تحتاج إلى شراكات قوية وتبادل للمعلومات والخبرات بين المصارف والجهات الرقابية والمؤسسات الدولية، ويتعيّن علينا مواصلة جهود التنسيق الإقليمي في مواجهة الجرائم المالية».
وختم بدير قائلاً: «إن الإمتثال يمثل إستثماراً في الثقة والإستقرار، ورسالة تؤكد إلتزام مصارفنا العربية بالمعايير الأخلاقية والمهنية التي تحمي الإقتصاد والمجتمع معاً».
جلسات مناقشة «الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية»
تضمّنت مكافحة الإحتيال وغسل الأموال وأفضل الممارسات الدولية في تعزيز الشمول المالي
ركزت جلسات مناقشة «الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية» في شرم الشيخ وعلى مدار ثلاثة أيام على محاور مكافحة الاحتيال ومكافحة غسل الأموال: تكامل مفقود أم ازدواجية أدوار، والمشهد العالمي الحديث للإمتثال ومكافحة الجرائم المالية: إلى أين يتجه العالم؟ والتحدّيات العملية التي تواجه المصارف العربية في مجال الإمتثال، والتكنولوجيا والإبتكار في خدمة الإمتثال، وإمتثال 2030: الإتجاهات العالمية المستقبلية والتقنيات الجديدة والتوقعات، وتحقيق التكامل بين وظيفة الإمتثال والأمن السيبراني في المصارف، والحوكمة وثقافة الإمتثال المؤسسي ومكافحة الفساد، والنزاهة الضريبية: دراسة حالة في مجال منع الجرائم المالية، وأفضل الممارسات الدولية في تعزيز الشمول المالي المتوافق مع معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (التجربة المصرية)، وإعداد تقارير العمليات المشبوهة (STR) بكفاءة وفعّالية، وأساسيات تكنولوجيا مكافحة الجرائم المالية لعام 2025، والتعاون بين السلطات الرقابية والقضائية، وجهات الإدعاء وإنفاذ القانون، والمصارف في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

