التعاون المصرفي العربي – الأوروبي نحو علاقات واعدة
لا شك في أن التعاون المالي والمصرفي العربي – الأوروبي يحظى بأهمية بالغة، حيث يُسهم في تعزيز العلاقات الإقتصادية بين الدول العربية وأوروبا، ويفتح آفاقًا أوسع للإستثمارات والتجارة. ويُتيح هذا التعاون مشاركة المعرفة ونقل الخبرات وتبادل أفضل الممارسات في قطاعات المال والبنوك، مما يعزّزُ الإستقرار والإبتكار والنمو الإقتصادي. كما يُساهم في تعزيز التكامل المالي والإستثمارات العابرة للحدود، ويدعم التنمية الإقتصادية. وبفضل هذا التعاون سيتم تعزيز العلاقات الثقافية والتجارية بين الشعوب العربية والأوروبية، مما يُعزّز التفاهم ويُعمّق التعاون بينهما.
وقد جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية للقمّة المصرفية العربية – الأوروبية في العاصمة الفرنسية باريس، ليؤكد توجّه الإتحاد نحو ترسيخ الحوار المصرفي العربي – الأوروبي، وتفعيله كمنصة دائمة، تأسست منذ نحو 15 عاماً، وهي مستمرة مستقبلاً كي تلبي طموحاتنا المصرفية العربية والأوروبية.
وتُواجه المنطقة العربية تحديداً تحدّيات مستجدة فرضت نفسها في القمّة، أبرزها التطوُّرات الجيوسياسية والأزمات المتسارعة، حيث حصلت أخيراً تحالفات غير متوقعة، ولا سيما مع الصين، إضافة إلى الإتفاق ما بين المملكة العربية السعودية وإيران، فضلاً عن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، في ظل أزمة التضخُّم العالمي، إضافة إلى مخاطر تهديد الأمن الغذائي العربي وفق تقرير البنك الدولي، إذ إن هناك 141 مليون شخص في العالم العربي مهدّدون بإنعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن التغيُّر المناخي.
وتأتي مناقشات محور تعزيز العلاقات المصرفية والإقتصادية العربية – الأوروبية، في ضوء تحسُّن السياسات والإجراءات التي إتّبعتها الحكومات العربية مؤخراً، حيال توفير الأمن الغذائي، تحسُّباً لتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية. كما أن ثمّة خططاً إستراتيجية كبيرة في هذا المجال، علماً أن القمّة المصرفية كانت قد جمعت أكثر من جهة دولية، بينها البنك الدولي الذي تناول على نحو دقيق هذا الموضوع، عارضاً كل الحلول الضرورية في هذا الشأن، فضلاً عن مشاركة القطاع الخاص، وهذا أمر في غاية الأهمية، إضافة إلى دور المصارف في تمويل الأمن الغذائي العربي وتأمينه ومواءمته.
ورغم أن هذه القمّة ليست تنفيذية، وتوصياتها ليست ملزمة للدول المشاركة فيها، لا بل هي عبارة عن محادثات ومناقشات علمية بحتة، ونوع من «اللوبي»، إلاّ أن ثمَّة مصالح مشتركة بين الدول في هذا الشأن، مما يُلزمها، أقلُّه أدبياً، السير بما تمت إثارته من هواجس ولا سيما حيال معالجة أزمة الغاز في الإتحاد الأوروبي، في ظل إستمرار الحرب الروسية – الأوكرانية. علماً أن ثمة توجهاً عاماً حيال معالجة موضوع التغيُّر المناخي (المغرب مثلاً يواجه أسوأ أزمة جفاف منذ أربعة عقود)، وبما يُسمّى بـ «الإقتصاد الأخضر»، حيث بدأت المصانع والمعامل تدخل مجال الطاقة المتجدّدة.
في المحصّلة، لقد دعت القمّة إلى معالجة الشأن البيئي على نحو مباشر، من خلال مشاركة كبار المصرفيين بالإمكانات العالية جداً من المصارف العربية، بغية تمويل مشاريع «الإقتصاد الأخضر». علماً أن تمويل المصارف العربية لهذه المشاريع بلغ نحو أكثر من 2.7 تريليون دولار. ويسعى إتحاد المصارف العربية وسائر المعنيين في الشؤون المصرفية والمالية العربية نحو تحديد مكامن الخلل في البلدان العربية ومعالجتها، وخصوصاً بما يتعلق بتحسين نوعية حياة الشعوب العربية ورفاهها. وقد صبّت القمة الأخيرة في هذه الخانة، حيث الأمل كبير بنتائج باهرة، وقد إقترب وقتُ الحصاد.