«ناشونال إنتريست» الأميركية:
الذكاء الإصطناعي نفط المستقبل في العالم
في الوقت الذي يفيض المجال العام بالحديث عن الذكاء الإصطناعي والتشفير، لا يزال مجتمع الأمن القومي الأميركي عالقاً في البحث عن سبل مواجهة تداعيات هذه التطورات الجديدة وإمكانية تحويلها إلى أدوات مفيدة.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، يفيد أدريان كرانز رئيس شركة بارا تريد كوربورشن الرائدة في مجال الإستفادة من قوة الذكاء الإصطناعي وتعليم الآلة لإعادة تشكيل عملية صناعة القرار المالي في المؤسسات، أن التكنولوجيا تُغيّر دائماً موازين القوة الجيوسياسية من الناحيتين العسكرية والإقتصادية، وأصبحت العملات الرقمية المشفرة خطراً يهدد العصا الأميركية الغليظة وهي «العقوبات الإقتصادية» التي تستخدم فيها واشنطن المكانة الفريدة للدولار في النظامين المالي والتجاري العالميين لمعاقبة ما تراه دولاً مارقة.
ويرى كرانز الذي ينشر مقالاته وتحليلاته على منصّة «نيوبورت غلوبال سوميت»، أن الذكاء الإصطناعي سيصبح نفط المستقبل، وستكون مراكز البيانات هي حقول النفط التي يتم منها إستخراج كل قدرات الذكاء الإصطناعي. ونحن نرى إنتشار الذكاء الإصطناعي في كل الصناعات تقريباً، وستعتمد هذه الصناعات في المستقبل القريب عليه لكي تعمل بالشكل الصحيح. وكلّما زاد حجم مراكز البيانات زادت قوة نموذج الذكاء الإصطناعي المستخدم. وعلى عكس غالبية الصناعات الأخرى، فإن مراكز البيانات تعتمد على عامل إنتاج رئيسي وحيد وهو الكهرباء وكميات كبيرة منها.
لذلك فالسؤال الآن، ما هي كمية الطاقة التي تحتاجها هذه التكنولوجيا؟
يستهلك حالياً نشاط تعدين العملة المشفّرة الأشهر عالمياً «بتكوين» وأنشطة الدعم المرتبطة بها ما بين 67 و240 تيراوات/ ساعة أي ما يراوح بين 0.2 % و0.9 % من إجمالي إستهلاك العالم من الكهرباء سنوياً.
وبالنسبة إلى الذكاء الإصطناعي فإن قوة أجهزة الكومبيوتر المطلوبة لإستخدامها تتضاعف كل 100 يوم، ويُتوقع أن تستهلك هذه الأجهزة حوالي 4 % من إجمالي الطلب العالمي على الكهرباء في حلول العام 2028. هذا الإستهلاك الضخم للطاقة يعني أن توافر الطاقة الرخيصة وليس العمالة الرخيصة، سيكون عنصر الجذب الرئيسي لشركات التكنولوجيا لإقامة مراكزها في هذه الدولة أو تلك.
ومن غير المحتمل إنتقال مراكز تصنيع معدات الكومبيوتر في عصر الذكاء الإصطناعي من شرق آسيا، في حين ستُقام مراكز البيانات التي تشغل الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة في المناطق التي تتوفر فيها طاقة رخيصة ومنتظمة. في الوقت نفسه فإن تكلفة الأرض التي تقام عليها مراكز البيانات لا تكاد تذكر مقارنة بتكلفة الكهرباء والأجهزة المستخدمة. وغالباً ما تطغى المنتجات التي يمكن أن تقدمها مراكز البيانات على أهمية المراكز نفسها.
وفي الصراعات المستقبلية ستكون مراكز البيانات بمثابة الجهاز العصبي المركزي لأي قوة مقاتلة مرتبطة بشبكة الإتصالات، وسيكون بقاء أو تدمير هذه المراكز محدداً رئيسياً لنتيجة الصراع.
وستتولى هذه المراكز تجميع البيانات التي يجمعها كل جندي أو طائرة مسيرة أو طائرة أو دبابة أو جهاز مراقبة وتحويلها إلى صورة واحدة لأراضي المعركة بالكامل بحيث يُمكن للقادة إستخدامها في اتخاذ قراراتهم. وحالياً يتم تخزين ومعالجة البيانات المطلوبة لإنجاز مهام قوة قتالية كاملة من خلال مركز بيانات ثابت، في حين يجري حالياً تطوير مراكز بيانات منتقلة لإستخدامها في هذه المهام مستقبلاً.
ويرى كرانز أنه لحسن الحظ فإن تخلف الولايات المتحدة من الناحيتين التشريعية والتطبيقية لتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة، يُقاس بالسنوات وليس بالعقود وهو ما يعني السهولة النسبية للحاق بركب التطور في هذه المجالات.
ويضيف الخبير الأميركي أن الخوف هو الذي يسيطر على الحديث عن العملات المشفرة والذكاء الإصطناعي في واشنطن ولا سيما الخوف من نقص الفهم والتعليم. يجب أن يكون التعليم في بؤرة الإهتمام، في حين أن فهم حقيقة هذه التكنولوجيات سيُقلل الخوف من المجهول.