الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو:
انتشار خدمات التكنولوجيا المالية يُعزّز نسبة الشمول المالي
وينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادّخار ومصادر التمويل للأفراد
تقول الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو: «إن انتشار خدمات التكنولوجيا المالية يُعزّز نسبة الشمول المالي، مما ينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادّخار ومصادر التمويل للأفراد. وهناك ارتباط وثيق بين ارتفاع معدّلات الشمول المالي والنمو الاقتصادي والاجتماعي. كما وهنالك علاقة قوية بين رقمنة الخدمات المالية ورفع مؤشرات كفاءة عمل الجهاز المالي والمصرفي، وتقليل التكاليف التشغيلية، مما تنعكس إيجاباً على ربحية هذا القطاع الهام، وعلى كلف الخدمات المالية للمستهلكين، ولا ننسى الأثر البيئي والتقليل من التنقل وهدر الوقت والجهد جرّاء الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية على الاقتصاد الوطني».
في ما يلي الحديث مع الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو:
* كيف تقيّمون تفاعل كل من الأفراد والمؤسسات مع خدمات التكنولوجيا المالية؟
– نحن نشهد تطوراً ملحوظاً في استخدام خدمات التكنولوجيا المالية من جانبي الأفراد والمؤسسات، مما انعكس بشكلٍ إيجابي على نسبة الشمول المالي في المملكة والتي ارتفعت من 42 % في العام 2017 إلى 47 % في العام 2021 بحسب قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي الخاصة بالبنك الدولي (Global Findex Database). رافقت هذه الفترة تطوُّرات عديدة على أنظمة الدفع في الأردن، نذكر منها إطلاق نظام الدفع الفوري – كليك في العام 2020 والذي تبعه ترقية نظام جوموبي (البدالة الوطنية للدفع بواسطة الهاتف النقال) لنفس معيار آيزو الخاص بنظام كليك (ISO20022) الأمر الذي مكّن التشغيل البيني بين النظامين، فأصبحت الحوالات الفورية متاحة بين البنوك وبين المحافظ الإلكترونية وفيما بينهما. ناهيك عن نظام إي فواتيركم الذي شهد تنامٍ في عدد الخدمات التي يقدمها لتصل اليوم إلى أكثر من 1,600 خدمة تضم كافة القطاعات في المملكة، والتي تحتل فيها فئات الخدمات الحكومية والمياه والكهرباء المرتبة الأعلى من ناحية عدد وقيمة الحركات التي يتم دفعها.
على نحو أكثر تفصيلاً وبالنظر إلى الأرقام الأحدث – والتي تمتد من منذ تأسيس الأنظمة وحتى أيلول (سبتمبر) من العام الحالي، شهدت كافة أنظمة الدفع لدينا تنامٍ في عدد مستخدميها من أفراد ومؤسسات، والذي يتمثل بوصولنا لمليون مستخدم لخدمة كليك ومليوني مستخدم للمحافظ الإلكترونية و3.9 مليون مستخدم لنظام عرض وتحصيل الفواتير إلكترونياً (إي فواتيركم).
فضلاً عن الإقبال في الانضمام إلى الخدمات، فمؤشرات الاستخدام مبشرة أيضاً، نحن نتحدث عن أكثر من 43 مليون عملية تمّت على هذه الأنظمة الثلاثة قاطبة في الربع الثالث من العام 2023 وبقيمة عمليات تجاوزت الـ 7 مليار دينار أردني.
أيضاً، نحن نشهد إقبال كبير للمؤسسات على استخدام أنظمة الدفع، يتمثل أولها بقيام شركاؤنا في القطاع المالي من بنوك وشركات محافظ بالربط على أنظمة الدفع التي نديرها وتعاونهم معنا في مراحل إطلاق الخدمات واختبارها. بالإضافة إلى ذلك، فحركات المؤسسات والتجار في نمو على نظامي كليك وجوموبي، وكذلك المفوترون على نظام إي فواتيركم والذين بلغ عددهم 488 مفوتراً حتى شهر أيلول (سبتمبر) من العام الحالي يقدمون مئات الخدمات. واليوم، تعتمد مؤسسات حكومية وغير حكومية عديدة مثل صندوق المعونة الوطنية، بالإضافة إلى العديد من وكالات الأمم المتحدة المحافظ الإلكترونية لتحويل الرواتب والمساعدات المالية، والتي كانت إحدى التداعيات الإيجابية لجائحة كورونا التي أسهمت بدفع عجلة التحوُّل الرقمي.
لم تكن بطاقات الدفع والتجارة الإلكترونية بمنأى عن هذا النمو الكبير في خدمات التكنولوجيا المالية في الأردن، فقد بلغت قيمة الحركات التي تمّت باستخدام بطاقات الدفع 5.3 مليار دولار في العام 2022 وبإجمالي عدد حركات وصل 100 مليون حركة، مما حقّق نمواً بنسبة 30 % في قيمة الحركات المنفذة، و50 % في عدد الحركات في العام 2022 مقارنةً بالعام 2021. أما التجارة الإلكترونية فتشهد نمواً بنسبة 100 % عاماً تلو عام.
* في ظل التطور السريع في المجال التكنولوجي، هل هناك مواكبة لهذه التطوُّرات وعكسها على المنتجات والتطبيقات التي تحاكي التكنولوجيا المالية؟
– بالطبع، هناك تطورات نصفها بالهائلة على بنية وخدمات الدفع الرقمي في الأردن، نذكر أولها الحوالات الفورية التي أصبحت متاحة بين كافة الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية في المملكة، بفضل التشغيل البيني الذي تم بين نظامي كليك وجوموبي. لم تقتصر هذه التطورات على خدمات الدفع بل آلية ومزايا خدمات الدفع أيضاً. تشير المؤشرات إلى تنامي خدمات الدفع من خلال رمز الاستجابة السريع (QR Code)، فكل شركات المحافظ تتيح الدفع للتجار من خلال هذه الخدمة، ونشهد تنامي توفيرها من قبل البنوك لعملائهم.
ليس ذلك فحسب، فنحن نعمل دوماً على تحديث أنظمتنا لتواكب آخر التطورات والمعايير العالمية من حيث خصائص الأمان ونوعية ومزايا الخدمات المقدمة. نذكر من هذه الخدمات خاصية تأكيد المستلم (Payee Confirmation) والتي تُظهر اسم المستلم الكامل للحوالة الفورية قبل إتمام عملية التحويل والتي قلّلت مجمل الحوالات الخاطئة. وفي السياق عينه، أطلقت جوباك أيضاً خدمة تأكيد الآيبان (IBAN Confirmation) للتأكد من اسم مستلم التحويل، حتى وإن لم تكن آلية إرسال الحوالة فورية.
تتعاون جوباك أيضاً مع المؤسسات والمنظمات المالية المحلية والعالمية لتبادل الخبرات في هذا المجال، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو توقيعنا مذكرة تفاهم مع صندوق النقد العربي لتوسيع نطاق خدمات الدفع الفوري عبر الحدود بين الأردن والأسواق العربية والعالمية، مستفيدين من نجاح تجربتنا في نظام كليك للدفع الفوري، والذي فاق عدد مستخدميه المليون مستخدم في السنة الثالثة من إطلاقه.
وضمن كافة التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا المالية، وهو مجال سريع التطور، قمنا مؤخراً، وبالتعاون مع البنك المركزي الأردني، بإطلاق مركز التكنولوجيا المالية «جوين» لاحتضان الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية. يُوفر المركز برامج الاحتضان والإشراف والتوجيه للشركات الناشئة، يُقدمها نخبة من خبراء القطاع المالي والتكنولوجيا المالية. علاوةً على ذلك، يعقد المركز جلسات تشاركية لأصحاب المصلحة في القطاع تجتمع فيها الخبرات لتبادل الآراء، وتعزيز القدرات والعمل على إيجاد حلول لمشكلات متعلقة في مجال التكنولوجيا المالية. كما يُنظم المركز تحديات للشركات وأخرى للشركاء في القطاع المالي ولاسيما رعاة المركز من البنوك لحل مشكلات قائمة والتي تنطوي على حوافز ومكافآت. ويستهدف المركز أيضاً تعزيز القدرات في مجال التكنولوجيا المالية من خلال عقد البرامج المتخصصة لطلاب الجامعات. نأمل من خلال هذا المركز في أن يكون الأردن منصّة لريادة وتطوير الخدمات المالية الرقمية في المنطقة والعالم.
ومن ضمن المشاريع التي نعمل عليها في الوقت الحالي، والتي ستكون بمثابة نقلة نوعية للخدمات المالية الرقمية، هو نظام اعرف عميلك إلكترونياً، والذي سيتيح الانضمام إلى المؤسسات المالية في الأردن بشكل رقمي، وتقليل عبء إعادة إدخال البيانات الشخصية عند فتح الحسابات لدى أكثر من مؤسسة مالية.
* كيف انعكس انتشار خدمات التكنولوجيا المالية على النشاطات الاقتصادية، وهل هناك دراسات في هذا الخصوص أو مؤشرات تخص الاقتصاد الأردني؟
– إن انتشار خدمات التكنولوجيا المالية، يُعزّز نسبة الشمول المالي، مما ينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادخار ومصادر التمويل للأفراد. وهناك ارتباط وثيق بين ارتفاع معدّلات الشمول المالي والنمو الاقتصادي والاجتماعي. كما وهنالك علاقة قوية بين رقمنة الخدمات المالية ورفع مؤشرات كفاءة عمل الجهاز المالي والمصرفي، وتقليل التكاليف التشغيلية، مما تنعكس إيجاباً على ربحية هذا القطاع الهام وعلى كلف الخدمات المالية للمستهلكين، ولا ننسى الأثر البيئي والتقليل من التنقل وهدر الوقت والجهد جرّاء الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية على الاقتصاد الوطني.
بحسب رؤية التحديث الاقتصادي، يُسهم قطاع الأسواق والخدمات المالية بما نسبته 7.6 % من الناتج المحلي الإجمالي (2.3 مليار دينار أردني) ويؤدي دوراً رئيسياً بوصفه عاملاً ممكناً للنمو الاقتصادي. ورغم انخفاض نسبة مساهمة هذا القطاع في إجمالي عدد العمالة، إلاّ أنه يُوفر واحداً من أعلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي لكل عامل، إذ يبلغ 88.6 ألف دينار أردني للعامل. وربطت الرؤية النمو الاقتصادي بالشمول المالي، وتضمّنت قطاع «التقنيات المالية» كإحدى الفئات الاستراتيجية الواجب التركيز عليها.
يقوم البنك المركزي الأردني بنشر التقارير والمؤشرات حول الخدمات المالية الرقمية والمؤشرات الاقتصادية السنوية التي نعتمد عليها في المملكة. تقوم جوباك أيضاً بإصدار التقارير النوعية والكمية المتخصصة حول الخدمات المالية الرقمية وتفاعلها مع العديد من القطاعات، وارتباطها ببعض التغيُّرات التي تطرأ على الاقتصاد. فعلى سيبل المثال، أصدرت جوباك تقريرها الشامل عن أثر جائحة كورونا على الخدمات المالية الرقمية في العام (2020) والذي حلّل الجائحة بكافة تداعياتها، بما فيها تلك التي انعكست على الأنشطة الاقتصادية في المملكة. وفي العام 2023، أصدرت جوباك تقريرها الأحدث حول رقمنة الخدمات الحكومية في الأردن والذي تطرّق إلى العديد من المؤشرات العالمية حول الخدمات الحكومية الرقمية مثل «تصنيف اعتماد المدفوعات الإلكترونية الحكومية (GEAR)» والذي يأخذ السياق الاجتماعي والاقتصادي ضمن معاييره، وتمت مقارنة هذا التصنيف بمؤشرات متعلقة بمستوى الرفاهية عالمياً مثل مؤشر التنمية البشرية (HDI).
وعلى الصعيد العالمي، نحن نعتمد على البيانات التي تتيحها المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وبوابة «الشمول المالي من أجل التنمية – FinDev» والتي تعنى بالمؤشرات الاقتصادية وتلك المتعلقة بالتكنولوجيا المالية مثل مؤشرات التنمية العالمية (World Development Indicators) وقاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي (Global Findex Database).
* هل ساهم انتشار خدمات التكنولوجيا المالية في تحقيق الهدف الوطني بزيادة نسبة المشمولين في خدمات المالية؟
– بالطبع، وخير دليل على ذلك – كما ذكرت سابقاً – هو زيادة نسبة الشمول المالي في المملكة من 42 % في العام 2017 إلى 47 % في العام 2021 بحسب بيانات قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي (Global Findex Database) والتي واكبها في تلك الفترة تطورات عديدة على خدمات الدفع الرقمي في المملكة.
أحدُ الأمثلة التي تؤكد ارتباط انتشار خدمات التكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي، هو فتح 1.2 مليون محفظة إلكترونية في العام 2020 في الأردن مقارنة بـ 608,344 محفظة في نهاية العام 2019، والسببُ في ذلك هو سماح البنك المركزي الأردني للمرة الأولى بفتح المحافظ الإلكترونية عن بُعد بدلاً من زيارة فروع مقدمي خدمات المحافظ الإلكترونية أو وكلائهم لاستكمال إجراءات «اعرف عميلك شخصياً»، وذلك استجابة لتداعيات جائحة كورونا في آذار (مارس) من العام 2020.
* هناك متطلّبات تشريعية ليكون هناك توافق بين الأنظمة والقوانين مع بيئة خدمات التكنولوجيا المالية، مثال ذلك نظام الفوترة الذي لم يصل مرحلة التنفيذ ويواجه معارضة من بعض القطاعات الاقتصادية، برأيكم هل وصلت البيئة التشريعية في هذا المجال مرحلة النضوج؟
– يضطلع البنك المركزي الأردني بدور رائد في سنّ التشريعات المتعلقة بالخدمات المالية والمصرفية بما فيها خدمات التكنولوجيا المالية. أحد الأمثلة على ذلك، ومواكبةً لهذا التطور، هو إطلاق المركزي الأردني لتعليمات «تنظيم إجراءات عمل الخدمات المالية المفتوحة» في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2022. بشكلٍ عام، وفي كل دول العالم، نرى أن سرعة التطوُّر التكنولوجي تسبق سرعة تطوير القوانين والتشريعات، لكننا نشهد أيضاً أن المركزي الأردني سبّاق في أخذ زمام الأمور من الناحية التشريعية لضمان مواكبة سرعة التطور هذه. واستجابةً لرؤية التحديث الاقتصادي، أنشأ المركزي الأردني وحدة متخصصة في التكنولوجيا المالية وقام بإعادة هيكلة المختبر التنظيمي الرقمي (Regulatory Sandbox) ليواكب هذا التطور. وبشكل عام، يأتي دور البنك المركزي الأردني في حماية المنظومة المالية دون الانغماس في التفاصيل الفنية والتقنية والتي يتركها للمؤسسات المالية، تعزيزاً لدورها الريادي وإفساحاً للابتكار في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بنظام الفوترة الوطني، فهو مشروع تم وضعه على خارطة عمل الحكومة مسبقاً، ونَصِفَه بنظام محاسبي ضريبي متعلق بإصدار وإدارة الفواتير لخدمة المكلفين ضريبياً في جميع قطاعاتهم وتسريع حصولهم على الخدمات الضريبية بما فيها خدمات الدفع، وهو نظام مكمل للمنظومة المالية في المملكة يتوجه أكثر نحو خدمات الفوترة.
وبالرغم من التقدم الحاصل في الخدمات المالية الرقمية في السنوات الأخيرة، لا يُمكننا إنكار تحيّز المجتمع الأردني نحو استخدام الكاش ومقاومة التحول الرقمي، ولا يخلو الأمر من معارضة، أو بالأحرى – وكما أحب أن أصفها بـ «المقاومة» للأنظمة الحديثة بما فيها نظام الفوترة الوطني، وذلك لما يضفيه من تعزيز للحوكمة وتسهيل للتتبع ومكافحة للاحتيال. ولكن إرادة الحكومة واضحة جداً وصارمة في ما يتعلق بنظام الفوترة الوطني مما سيؤدي إلى تطبيقه ونعتقد أن الحكومة سوف تنجح في ذلك، كما نجحت سابقاً بفرض دفع مستحقات الحكومة إلكترونيا.
* يرافق التطور التكنولوجي متطلبات لحماية المستهلك المالي، وهناك العديد من الملاحظات رافقت عملية التطبيق، هل هناك تعديلات تضمن تقليل الملاحظات أو شكاوى المتعاملين؟
– بالطبع، فحماية المستهلك المالي وثقته في استخدام الخدمات المالية هو حجر الأساس لدعم انتشارها وتبنّيها. يضع البنك المركزي الأردني حماية المستهلك المالي نصب عينيه، فهناك وحدة متكاملة في البنك المركزي لحماية المستهلك المالي تستقبل شكاوى المستخدمين على المؤسسات المالية مباشرة. كما يصدر المركزي الأردني تقاريراً بخصوص شكاوى المستهلكين الماليين التي ترد إليه مباشرة أو التي ترد إلى المؤسسات المالية. علاوةً على ذلك، يقوم البنك المركزي بالتشاور مع المؤسسات المالية في القطاع لمعرفة التحديات التي تواجه العملاء والتغذية الراجعة حول الخدمات والمنتجات. كما تقوم جوباك، وبصفتها كمشغل للعديد من أنظمة الدفع، بتحديث مزايا وخدمات أنظمة الدفع بحسب ما يردها من تغذية راجعة من تفاعلها مع المستخدمين أو من المؤسسات المالية التي تقوم بالربط على أنظمتها. كما تعمل جوباك أيضاً بنهج تشاركي مع المؤسسات المالية في القطاع بدءاً من المراحل الأولى لإطلاق الخدمة واختبارها وصولاً إلى إطلاقها بشكل رسمي وإجراء التحديثات عليها، ولدينا خطوط اتصال مفتوحة مع كافة الشركاء على أنظمتنا نتلقّى فيها المشكلات والشكاوى ونعمل على تحديثها وحلها والتعديل عليها بما يتواءم مع التجربة الأفضل للمستخدم. كما تترك جوباك مساحة للمؤسسات المالية التي تقوم بالربط على أنظمتها لتخصيص مزايا الخدمات المالية بحسب احتياجات مستخدميها.
ومن أهم خطوط الدفاع في حماية المستهلك المالي هو زيادة الثقافة المالية ونشر الوعي حول الخدمات المالية الرقمية بحيث يتمكّن المستخدمون من اتخاذ قرارات مدروسة عند تفاعلهم مع هذه الخدمات. اليوم أصبحت مادة الثقافة المالية، وبجهود البنك المركزي الأردني، تُدرّس في مدارسنا. وتضافراً لهذه الجهود، نقوم في جوباك أيضاً بإجراء برامج متخصصة لتعزيز الوعي المالي ونشر المعرفة حول الخدمات المالية الرقمية لطلاب الجامعات والفئات الأقل حظاً، ناهيك عن دور البنك المركزي الأردني في وضع سقوف عليا للعمولات حمايةً للمستهلكين الماليين وتعليماته بقيام المؤسسات المالية بالإفصاح عن هذه العمولات بشفافية.
* كيف تصنفين الأردن من حيث مستوى الخدمات الإلكترونية المالية؟
– أصف الخدمات المالية الرقمية في المملكة، بأنها على قدر من التطور وتضاهي الخدمات المالية المتقدمة على مستوى العالم، بل وتتفوق عليها في بعض الأحيان. على سبيل المثال، باتت تجربة «كليك» في الأردن والتشغيل البيني بينه وبين نظام جوموبي للمحافظ الإلكترونية محط أنظار الكثير من دول العالم، حتى وصفه خبراء ماليون من حول العالم بـ «فيراري سوق الخدمات المالية». نحن نمشي بخطوات ثابتة في رحلة تحقيق شمول مالي رقمي كلي في المملكة بقيادة البنك المركزي الأردني. ولا شك في أن البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية في الأردن متينة وقادرة على استيعاب هذا التقدم يساندها في ذلك تطوّر البنية التحتية الإلكترونية في المملكة من حيث شبكات الإنترنت والهواتف.
علاوةً على ذلك، أصبحت كافة المؤسسات المالية في الأردن اليوم تتيح خدماتها بشكل رقمي، بل وأصبح العملاء يتركون المؤسسات المالية التي لا تواكب هذه الثورة في رقمنة الخدمات. بهذه المؤشرات، نستشرف مستقبلاً واعداً للأردن وتطوراً ملحوظاً في الخدمات المالية الرقمية خلال العقد المقبل.
* كان هناك اهتمام من بعض الدول العربية والأجنبية بتجربة الأردن في مجال الخدمات المالية، هل هناك تعاون لنقل التجربة الأردنية لهذه الدول؟
– بالطبع، نحن نستضيف زيارات من العديد من المؤسسات والبنوك المركزية في دول العالم للاطلاع على نموذج عمل جوباك وتجربتها كمشغل لأنظمة الدفع نشارك فيها خبراتنا في هذا المجال، ونستفيد من تجارب الدول أيضاً وأنماط عملها. أحدُ الأمثلة الحيّة على ذلك أيضاً هو تعاوننا مع صندوق النقد العربي، والذي تم من خلاله توقيع مذكرة تفاهم لتوسيع نطاق خدمات الدفع الفوري عبر الحدود بين المملكة الأردنية الهاشمية والأسواق العربية والعالمية.
تشارك جوباك أيضاً في لقاءات وورش عمل المنظمات الإقليمية والعالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتحالف الشمول المالي وغيرها من المؤسسات الرائدة عالمياً والتي تشكل فرصة ذهبية لتبادل التجارب والخبرات والدروس المستفادة. وقد عزّز انضمام جوباك لتحالف الشمول المالي AFI)) من تواصلنا ولقائنا مع صانعي القرارات وواضعي السياسات من البنوك المركزية في أكثر من 80 دولة من حول العالم.