العملات المشفّرة بدلاً من الخدمات المصرفية
خارطة طريق لمواجهة التحدّيات والآثار والعواقب
ترفض المصارف والمؤسسات المالية تقديم الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة، ويُمكن أن يشمل ذلك إغلاق حسابات أو رفض معالجة المدفوعات أو منع الوصول إلى الخدمات المصرفية، وقد أثارت هذه القضية إهتمامات الهيئات التنظيمية، معتبرة أنها تستهدف بشكل غير عادل صناعة العملات المشفّرة وتعوّق نمو وتطوّر صناعة العملات المشفّرة، وهي، بحسب رأي هذه الهيئات، شكل من أشكال التمييز ويجب معالجتها بعناية من قبل المصارف والسلطات المالية، لأنها تفرض مخاطر وتخلّف تأثيراً خطيراً على المستثمرين وصناعة العملات المشفّرة.
ويعود إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة إلى أسباب عدّة، منها المخاوف التنظيمية والمالية والسمعة، وتشمل العوامل الرئيسية التي تدفع المصارف إلى إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة الإمتثال التنظيمي، إذ إنه يتعيّن على المصارف الإمتثال للوائح الصارمة لمكافحة غسل الأموال (AML) ومعرفة العميل (KYC). ويُمكن أن تشكل العملات المشفّرة تحدّيات للمصارف في تلبية متطلّبات الإمتثال التنظيمي والتدقيق التنظيمي، مما يفرض عقوبات محتملة. كما وأن إدارة المخاطر هي من أسباب إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة.
ومع نضوج صناعة العملات المشفّرة وإكتسابها المزيد من القبول، قد يتغيّر المشهد المالي على الصعيد العالمي، وقد يؤدي زيادة الوعي والفهم للأصول الرقمية إلى دعم أكبر من المؤسسات المالية وتقليل حالات إلغاء المعاملات المصرفية بالعملات المشفّرة.
وبذلك تتطلّب معالجة إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة نهجاً شاملاً يتضمن إصلاحات تنظيمية، وتعاوناً صناعياً، وحلولاً مبتكرة، وفي هذا السياق، يدعو إتحاد المصارف العربية إلى وضع الإستراتيجيات وخارطة الطريق الرئيسية لمعالجة تحدّيات إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة، وتشمل خارطة الطريق مراعاة التوصيات التالية:
التوصية الأولى – الوضوح التنظيمي: إن وضع تشريعات ولوائح واضحة ومتسقة لصناعة العملات المشفّرة، أمر بالغ الأهمية، ويشمل ذلك إرشادات واضحة للمصارف حول كيفية التعامل مع الأعمال التجارية المرتبطة بالعملات المشفّرة وضمان تطبيق التشريعات واللوائح بشكل موحّد.
التوصية الثانية – التعاون بين المصارف وشركات العملات المشفّرة: إن التعاون بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات العملات المشفّرة يساعد في سد الفجوة، ويتضمّن ذلك التواصل وتبادل أفضل الممارسات وتطوير مبادرات مشتركة لمعالجة التحدّيات المشتركة،
التوصية الثالثة – الحلول المالية البديلة: يُمكن أن يُوفر تطوير وتعزيز الحلول المالية البديلة، مثل منصّات التمويل اللامركزي (DeFi) وخدمات التكنولوجيا المالية، لشركات العملات المشفرة إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية.
التوصية الرابعة – الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يُمكن للحكومات والهيئات التنظيمية العمل مع القطاع الخاص لتطوير السياسات والمبادرات التي تدعم نمو صناعة العملات المشفّرة، ويُمكن أن تساعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص في معالجة التحدّيات التنظيمية وتعزيز الشمول المالي ودفع الابتكار في مجال العملات المشفّرة.
التوصية الخامسة – تعزيز وتطوير الثقافة المالية: إن تعزيز الثقافة المالية يساعد في إنشاء بيئة أكثر ملاءمة لشركات العملات المشفّرة، إذ من خلال رفع مستوى الثقافة المالية والعمل مع صناع السياسات والجهات التنظيمية، يُمكن إعادة تشكيل مستقبل الخدمات المصرفية المتعلقة بالعملات المشفّرة ومعالجة تحديات إلغاء الخدمات المصرفية بالعملات المشفّرة.
في المحصلة، تساعد هذه الإستراتيجيات في إنشاء بيئة أكثر دعماً وشمولاً لصناعة العملات المشفّرة، مما يقلل من تأثير إلغاء الخدمات المصرفية بهذه العملات ويعزّز النمو والإبتكار.