لعمل على إنشاء صندوق سيادي
لتمويل الأبحاث والإبتكار في الدول العربية
كيف يُمكن أن تستفيد الدول العربية من النمو المستدام في ظل ندرة الموارد بسبب الكوارث المناخية والتوترات الجيوسياسة؟ لا شك في أن إتحاد المصارف العربية يعي أهمية تعاون البلدان العربية وتكاتفها من أجل القيام بدور ريادي لتمويل الأبحاث والإبتكار بغية تحقيق النمو المستدام، ولا يتحقق الأخير إلاّ من خلال إنشاء صندوق سيادي للأبحاث والإبتكار.
في هذا السياق، لقد أصبح تمويل الأبحاث والإبتكار أكثر إلحاحاً مع تزايد التحدّيات العالمية، وإنتشار عدم اليقين، وندرة الموارد بسبب الكوارث المناخية والتوترات السائدة في المنطقة، ولا يُمكن للأبحاث والإبتكار أن تزدهر، من دون أدوات التمويل اللازمة التي تدعمها وتضمن لها دوراً كبيراً في دفع عجلة الإقتصاد.
ويتوجّب على السلطات العربية أن تحرص على الحفاظ على إستمرارية وإستدامة برامج تمويل الأبحاث والإبتكار على مر السنين، وإنشاء بنية تحتية مرنة ومستدامة لدعم الأبحاث والإبتكار.
في هذا الإطار، لقد سعى إتحاد المصارف العربية، في مؤتمراته وندواته وملتقياته العربية والدولية، ولا سيما في الأعوام الأخيرة، إلى تعزيز مبدأ الشمول المالي في المنطقة العربية، والذي يخدم إبتكار المشروعات الإنمائية والخدمات المصرفية، ولا سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تخلق فرصاً إنمائية قلّ نظيرها في البلدان العربية المعنية، ويجعلها تواكب البرامج الأوروبية والعالمية، مثل برنامج إطار الأبحاث والإبتكار للإتحاد الأوروبي Horizon Europe: وهو برنامج التمويل الرئيسي للأبحاث والإبتكار للإتحاد الاوروبي والذي يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويُعزّز القدرة التنافسية والنمو للإتحاد الاوروبي، كذلك برنامج الاكاديمية العالمية للأبحاث من أجل النهوض بالعلوم في البلدان النامية، والبرنامج الدولي للأبحاث والإبتكار، وبرنامج تمويل المؤسسة الوطنية للعلوم.
علماً أن البرامج الإطارية للإتحاد الأوروبي للأبحاث والإبتكار، تواجه تحدّيات عدة منها: تخصيص الميزانية، البيروقراطية، المنافسة وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي BREXIT، حيث كانت المملكة المتحدة مساهماً رئيسياً في برامج الأبحاث والإبتكار في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذه التحديات، تلعب البرامج الإطارية للإتحاد الأوروبي للأبحاث والإبتكار دوراً رئيسياً في دفع عجلة الأبحاث والإبتكار في أوروبا.
وبحسب لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، تتّجه الأبحاث والتطوير في البلدان النامية في الوقت الحالي، نحو تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لتحقيق إقتصاد المعرفة، كما أن رؤية الأبحاث والإبتكار التي تم صوغها في بعض الدول العربية، لها أهداف محددة وهي على المدى المتوسط فقط، أي خطة خمسية، دون تخطيط تفصيلي من قبل الوزارات والجهات المعنية. وغالباً ما تفتقر إلى التركيز على الإبتكار، والشراكات بين الجامعات ومراكز البحوث العامة والمؤسسات لتعزيز الإبتكار ونقل التكنولوجيا والمعرفة.
في المحصّلة، لا ريب في أن معظم الدول العربية تحتاج إلى تطوير رؤيتها الوطنية في مجال الأبحاث والإبتكار، وإدراجها في خطة التنمية المستدامة. من هنا يجب أن تُركز سياسات الأبحاث والإبتكار في هذه الدول، ومن ضمنها المصارف العربية، على تعزيز الإنفاق على الأبحاث والتطوير، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، ودعم نقل التكنولوجيا والمعرفة من مؤسسات التعليم والأبحاث إلى المؤسسات الإنتاجية، وإعتماد خطوات تنفيذ واضحة من خلال الدعوة المنتظمة لتقديم المقترحات وتقييمها.