المصارف الأردنية والفلسطينية تعتمد الحوكمة الرشيدة
والشفافية للحدّ من الفساد وسوء الإدارة
باتت الحوكمة الرشيدة وتعزيز الشفافية وتحقيق العدالة شروطاً أساسية في المصارف العربية والأجنبية بغية جذب المستثمرين والأسواق المالية، إذ إن الشركات التي تتبنّى معايير الإستدامة البيئية والإجتماعية والحوكمة تتمتع بأداء مالي أكثر إستقراراً، وقدرة أعلى على إدارة المخاطر، وثقة أكبر من العملاء والمستثمرين. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه المعايير يُواجه عقبات تُراوح بين نقص الوعي، والتحدّيات التنظيمية، والقيود المالية، خصوصاً في الإقتصادات الناشئة والدول النامية.
ولا شك في أن المصارف في المملكة الأردنية الهاشمية، كما في دولة فلسطين، تسير على نحو سليم ومتكافئ في مجال تطبيق معايير الحوكمة ومكوّناتها الأساسية، في عالم تتسارع فيه التحدّيات البيئية والإقتصادية والإجتماعية، إذ لم تعد الشركات والمصارف كيانات معزولة عن محيطها، بل أصبحت مسؤولياتها تتجاوز تحقيق الأرباح إلى خلق قيمة مستدامة لجميع أصحاب المصلحة. وفي هذا السياق، برزت معايير الإستدامة البيئية والإجتماعية والحوكمة (ESGs) كإطار شامل يُعيد تعريف النجاح المؤسسي وفق أبعاد أكثر شمولية وتأثيراً.
وإن الشروع في تبنّي المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة بشكل رسمي ليس بالأمر السهل، إذ يتطلّب إستثمارات كبيرة من حيث المال والموارد. ومع ذلك، فإن هناك العديد من الإحصاءات التي تثبت أن هذه الجهود تؤتي ثمارها على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، أفادت دراسة من S&P Global Market Intelligence بأن 80% من أكبر الشركات العالمية تتعرّض لمخاطر مادية أو متعلّقة بتحوُّلات السوق نتيجة تغيّر المناخ.
وبحسب التقديرات، يُتوقع أن تكلّف الظواهر الجوية المرتبطة بالمناخ الشركات حوالي 1.3 تريليون دولار في حلول العام 2026. كما أشارت دراسة صادرة عن PwC إلى أن 76% من المستهلكين أكدوا أنهم سيتوقفون عن شراء منتجات الشركات التي لا تحترم البيئة أو الموظفين أو المجتمع الذي تعمل فيه.
في هذا السياق، تُعتبر تجربة الأردن في تبنّي المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الأداء المؤسسي في مختلف القطاعات. ورغم التحدّيات التي يُواجهها الأردن على الأصعدة الإقتصادية والبيئية والإجتماعية، فإن هناك إهتماماً متزايداً من الحكومة والقطاع الخاص بالإستثمار في المبادرات المستدامة التي تدعم هذه المعايير.
ورغم التقدّم الملحوظ في تبنّي المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة، إلاّ أن الأردن يُواجه تحدّيات إقتصادية وبيئية تتطلب بذل مزيد من الجهود. ومن أبرز هذه التحدّيات الأزمة الإقتصادية التي تؤثر على قدرة الحكومة والقطاع الخاص على تنفيذ مشروعات ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة أو تحسين البنية التحتية، كما تمثل مشكلة ندرة المياه تحدياً بيئياً مستمراً في الأردن، حيث يحتاج إلى حلول مبتكرة لإدارة هذه الموارد بشكل مستدام. ومع ذلك، فإن هناك فرصاً كبيرة يُمكن أن يستفيد منها الأردن في تعزيز إستراتيجيات تطبيق المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة، مثل التوسُّع في إستخدام الطاقة المتجدّدة، وتشجيع الإبتكار في التقنيات البيئية، وتحسين القدرة على جذب الإستثمارات الخارجية في المجالات الخضراء والمستدامة.
في المحصّلة، يُعدّ تبنّي معايير الحوكمة المؤسسية والبيئية والإجتماعية ضرورة حتمية للمصارف سواء في الأردن أو في دولة فلسطين، بغية مواكبة التطوُّرات العالمية وتعزيز إستدامتها. علماً أنه من خلال تعزيز الشفافية والإستثمار في المشاريع المستدامة، يُمكن للمصارف تحقيق نمو إقتصادي قوي وتعزيز دورها في تحقيق التنمية المستدامة في بلدانها.