«المركزي التونسي» ركيزة أساسية في المنظومة المالية الوطنية
المصارف التونسية نحو الإندماج في النظام المالي الإقليمي والدولي
يبلغ عدد المصارف العاملة في تونس 23 مصرفاً، وهي تنقسم إلى 15 مصرفاً محلياً (بينها مصرفان إسلاميان)، وأربعة مصارف عربية (بينها مصرف إسلامي واحد)، وأربعة مصارف أجنبية (واحد منها مصرف أوف شور). وضمّت شبكة الفروع المصرفية في تونس 2,064 فرعاً في نهاية العام 2024.
تٌعد الصيرفة الإسلامية جزءاً مكمّلاً للمنظومة المصرفية التونسية، وقد بدأت ملامحها تتبلور منذ تأسيس بنك الزيتونة في العام 2009، ثم إنضمام بنك البركة تونس وبنك الوفاق الدولي، ليصبح في تونس ثلاثة مصارف إسلامية مرخّصة. وتقدّم هذه المؤسسات مجموعة من المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ورغم هذا التطوُّر، لا تزال حصّة الصيرفة الإسلامية محدودة نسبياً، إذ لا تتجاوز نحو 5 % من إجمالي أصول القطاع المصرفي التونسي، مع شبكة فروع تُقدر بحوالي 219 فرعاً موزعة على كامل البلاد. ويُعزى هذا الحجم المحدود إلى جملة من التحدّيات أبرزُها ضعف الوعي المجتمعي بالمنتجات الإسلامية، ومحدودية التنوُّع في الأدوات الإستثمارية، إضافة إلى عدم تكيُّف الإطار القانوني والتنظيمي بشكل كافٍ مع خصوصيات الصيرفة الإسلامية، لا سيما في مجالات إصدار الصكوك وتطوير أدوات التمويل المبتكر.
وفي السنوات الأخيرة، برزت الصيرفة الإسلامية كأداة تمويلية مباشرة في السياسات العمومية، حيث لجأت الحكومة التونسية إلى القروض الإسلامية لتمويل واردات الطاقة. ففي إبريل/ نيسان 2024، وقّعت تونس إتفاقية إطارية بقيمة 1.2 مليار دولار مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، لتمويل واردات المنتجات البترولية على مدى ثلاث سنوات. كما تمّت الموافقة في منتصف العام 2025 على قرض إسلامي بقيمة 70 مليون دولار لصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز عبر آلية المرابحة، لتمويل واردات الغاز الطبيعي وضمان إستمرارية إنتاج الكهرباء في ظل إرتفاع الاستهلاك الصيفي.
هذه التطورات تعكس أن الصيرفة الإسلامية تجاوزت حدود العمل المصرفي التقليدي لتصبح جزءاً من خيارات الدولة الإستراتيجية في إدارة العجز في الطاقة وتنويع مصادر التمويل الوطني.
وعليه، فإن مستقبل الصيرفة الإسلامية في تونس يرتبط بمدى قدرة هذه المؤسسات على التوسع في شبكاتها ومنتجاتها من جهة، وبمدى تكيُّف الإطار التشريعي والرقابي مع متطلبات التمويل الإسلامي على مستوى السياسات العمومية من جهة أخرى. كما أن إدماج أدوات مثل الصكوك الإسلامية في تمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجدّدة قد يمنح دفعة قوية لهذا القطاع، ويُعزّز مساهمته في تعبئة الإدّخار المحلي وجذب الإستثمارات الخارجية، بما يحوّل الصيرفة الإسلامية من قطاع ناشئ محدود الحجم إلى رافد إستراتيجي في تمويل التنمية الإقتصادية.
البيانات المجمّعة للقطاع المصرفي التونسي
بلغ حجم الموجودات المجمّعة للمصارف التجارية التونسية 178.7 مليار دينار تونسي في الربع الأول من العام 2025، مسجّلاً زيادة بنسبة تقارب 2.1 % في نهاية العام 2024، مقابل نمو بنسبة 8.2 % خلال العام 2024 بأكمله. أما الودائع، فقد بلغت نحو 108.9 مليار دينار، بزيادة طفيفة بلغت 0.1 % عن نهاية العام 2024، بعدما كانت قد ارتفعت بنسبة 4.7 % خلال العام 2024. وبالنسبة إلى القروض الممنوحة للإقتصاد الوطني، فقد وصلت إلى 143.2 مليار دينار في الربع الأول من العام 2025، مسجّلة زيادة بنسبة 1.9 % عن نهاية العام 2024، مقابل إرتفاع بنسبة 7.8 % خلال العام 2024 بأكمله. ومن ضمن هذه القروض، بلغت حصة الحكومة والمؤسسات العامة نحو 30.8 مليار دينار، بينما إستحوذ القطاع الخاص على نحو 112.4 مليار دينار.
وأخيراً، بلغ رأس المال المجمّع للقطاع المصرفي التونسي 15.7 مليار دينار في الربع الأول من العام 2025، ليُسجّل زيادة بلغت 4.1 % خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025، بعد أن كان قد إرتفع بنسبة 5.3 % خلال العام 2024.
للمزيد متابعة الرابط المرفق:
https://uabonline.org/wp-content/uploads/2025/11/المصارف-التونسية-نحو-الإندماج-في-النظام-المالي-الإقليمي-والدولي.pdf
