بين الذكاء الإصطناعي والتعاون الإقتصادي والتكنولوجي العالمي
خارطة طريق المصارف العربية لصوغ إستراتيجياتها المستقبلية
د. وسام فتوح
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية
لا شك في أن الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا المتسارعة التطوُّر والأطوار، قد مهّدا لخارطة طريق تسير في ضوئها المصارف العربية بغية صوغ إستراتيجياتها المستقبلية. وفي هذا السياق جاء إنعقاد القمّة الخليجية – الأميركية، ومنتدى الإستثمار الأميركي – السعودي 2025 لإيضاح المجالات الرئيسية للبحث المستقبلي بما في ذلك التداعيات الجيوسياسية والأمنية، والإتجاهات الإقتصادية والإستثمارية، والطاقة والإستدامة، والتقدم في مجال الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا والديناميكيات السياسية الإقليمية.
فالقمّة والمنتدى قد أديا إلى تحوّلات كبيرة في إستراتيجيات المصارف، وخصوصاً في الإستثمار والتحوُّل الرقمي والتعاون المالي مع دول الخليج.
وقد بات على المصارف العربية زيادة إستثماراتها الخارجية، وإنشاء صناديق الثروة السيادية، ودعم مشاريع البنية التحتية، والذكاء الإصطناعي والطاقة النظيفة والخدمات المالية القائمة على الذكاء الإصطناعي، والمعاملات القائمة على تقنية بلوكتشين، وأنظمة الدفع الرقمية وتعزيز إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية وأمنها.
في هذا الوقت، خلص منتدى الإستثمار السعودي – الأميركي 2025 إلى إتفاقات رئيسية عدة هدفت إلى تعزيز التعاون الإقتصادي والتكنولوجي بين البلدين منها: إتفاقية إنشاء ممر إقتصادي بقيمة تريليون دولار في حلول العام 2030، مع توقيع صفقات فورية بقيمة 300 مليار دولار، وإنشاء شراكات الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة والسعودية كانتا قد وقعتا إتفاقيات لتعزيز التعاون الدفاعي، بما فيها الإستثمارات في مجال الفضاء والأمن السيبراني، والتي تعكس تعزيز العلاقات الإقتصادية والإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، والشراكات في قطاعات متعدّدة.
إن الإتفاقيات الموقّعة لها آثار كبيرة على أسواق التكنولوجيا العالمية، إذ تحفّز الإبتكار، وتتيح فرص جديدة للتعاون، مما يُعزّز البنية التحتية للذكاء الإصطناعي، ويزيد من المنافسة مع الصين في تطوير الذكاء الإصطناعي والحوسبة السحابية، والامن السيبراني والحوسبة الكمومية والمعالجة الآمنة والعالية السرعة للبيانات. وتسعى منطقة الشرق الأوسط لتكون في مقدّم المتبنّين لتقنية القيادة الذاتية، مما يُعزّز الإستثمار في البنية التحتية الذكية وأنظمة المرور التي تعتمد على الذكاء الإصطناعي والكهرباء.
كما أن إتفاقيات الدفاع لها آثار كبيرة على ديناميكيات الأمن السيبراني، إذ تحفّز الإبتكار في مجال كشف التهديدات المدعومة بالذكاء الإصطناعي. وترسخ هذه الإتفاقيات مكانة السعودية كقوة عالمية في مجال الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا، مما يزيد من المنافسة الإقتصادية مع سوق الذكاء الإصطناعي في الصين والإبتكارات الأوروبية القائمة على الإستدامة، ويؤثر على إستراتيجيات الإستثمار، والسياسات الحكومية وسلاسل التوريد العالمية.
علماً أن المنتدى الإستثماري الأميركي – السعودي 2025 كان قد ركّز بشكل كبيرعلى التعاون في مجال الدفاع والفضاء، مما يُعزّز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مسلّطاً الضوء على التأهب للحرب السيبرانية، حيث إتفقت السعودية والولايات المتحدة على برامج تدريبية مشتركة في مجال الأمن السيبراني.
في المحصّلة، إن إعطاء الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الأولوية للطاقة المتجدّدة والمعادن الأساسية، يُحفّز المصارف العربية على تمويل المشاريع الخضراء، ودعم مبادرات الطاقة الشمسية والهيدروجين، والمبادرات المحايدة للكربون. كما على المصارف العربية تعزيز إجراءات الأمن السيبراني، ودمج أنظمة كشف الإحتيال وإدارة المخاطر المدعومة بالذكاء الإصطناعي لحماية المعاملات المالية والتأهب للحرب السيبرانية التي تهدّد الأمن المصرفي.