رسوم ترامب الجمركية هي المسمار الأخير في نعش النظام الاقتصادي
المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية د. محمود محيي الدين:
النظام الاقتصادي الدولي ينهار.. والدولار يفقد هيبته تدريجاً
أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، «أن الإجراءات الإقتصادية الأخيرة التي إتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعلى رأسها الحروب التجارية وفرض الرسوم الجمركية، وضعت النظام الإقتصادي العالمي في مأزق حقيقي»، واصفاً ما يحدث بأنه «المسمار الأخير في نعش النظام الإقتصادي الدولي» الذي ظل قائماً لعقود على قواعد التعاون والتجارة الحرة.
وأوضح د. محيي الدين، «أن النظام الذي تأسس منذ الحرب العالمية الثانية، مروراً بإتفاقيات «الغات» ثم منظمة التجارة العالمية، بدأ يتآكل بشكل ملحوظ، بعدما جرى العبث بتقاليده وقواعده الجوهرية»، معتبراً «أن هذه التطورات لا يُمكن أن تُفهم فقط كتحوّلات عابرة مرتبطة بدورة سياسية، بل هي إنعكاس لتوجُّه عالمي أكثر عمقاً نحو الحمائية والإنكفاء الإقتصادي».
وحذّر د. محيي الدين من «أن تداعيات هذه السياسات تمتد إلى الدولار نفسه»، مشيراً إلى «أن «المسمار الثاني» في نعش الدولار بدأ يُدق بالفعل، حيث تراجعت الثقة العالمية بالعملة الأميركية، ليس بسبب قوة عملات أخرى، بل نتيجة تآكل مصداقية السياسات الإقتصادية الأميركية، وإستخدام الدولار كسلاح سياسي وإقتصادي في أكثر من مناسبة».
وأضاف د. محيي الدين: «أن قوة الدولار لم تكن في يوم من الأيام قراراً سياسياً، بل هي إنعكاس لثقة السوق في المؤسسات الأميركية وعمق الأسواق المالية، لكن إستخدام العملة كسلاح، سواء في العقوبات أو السياسات الجمركية، بدأ يزعزع هذه الثقة».
وشدّد د. محيي الدين على «أن العالم دخل فعلياً في حالة «حرب تجارية عالمية»، لا يمكن وصفها بأقل من ذلك»، مضيفاً «أن عدد القيود المفروضة على التجارة الدولية قد تجاوز 3400 قيد، حتى قبل الإجراءات الأخيرة»، مشيراً إلى «أن المنظمات المالية والإقتصادية الدولية أصبحت اليوم محل مراجعة شاملة، ما يُهدّد النظام القائم بأكمله».
فرص للدول الصاعدة
رغم المشهد القاتم، يرى د. محيي الدين «أن هذه المرحلة الإنتقالية تُمثل فرصة تاريخية للدول الصاعدة، خصوصاً تلك التي تمتلك مرونة إقتصادية وإستعداداً تقنياً للرقمنة والتكامل الإقليمي»، وقال: «إن دولًا مثل تلك المنضوية في رابطة «آسيان» أثبتت قدرة إستثنائية على التعامل البراجماتي مع المتغيّرات العالمية»، مشيراً إلى «دعوة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم إلى قمة تجمع دول آسيان مع الصين ودول الخليج، بوصفها خطوة واعدة نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر تنوعًا وتوازناً».
وأفاد د. محيي الدين: «المستقبل لا ينتمي لمن يملك القوة وحدها، بل لمن يستطيع قراءة المتغيّرات والتكيّف معها بذكاء. التعاون الإقليمي، التحول الرقمي، وتنويع الاقتصاد أصبحت الأدوات الأساسية لبناء مكانة في النظام العالمي المقبل»، ذاكراً أن «النتائج اليوم باتت أكثر وضوحاً من النوايا»، مشيراً إلى «أن النظام الإقتصادي العالمي لن يعود كما كان، وعلى الدول الإستعداد لعالم جديد بمعادلات جديدة».