الأمين العام لاتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
المصارف الخليجية نجحت في تجاوز التحدّيات والمطلوب في لبنان
الإستمرار في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش الإقتصاد وتعزيز الثقة
في ظل ما يشهده الإقتصاد العالمي من متغيّرات جذرية، وتنامي التحدّيات الجيوسياسية والضغوط الإقتصادية في مختلف أنحاء العالم، تُبرز أهمية الدور الذي تؤديه المصارف العربية في دعم الإستقرار المالي وتمويل التنمية الإقتصادية.
ويكتسب هذا الدور بُعداً إستراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتفاوت الأوضاع بين دول تشهد إستقراراً وتحقق مؤشرات نمو واعدة، وأخرى تعاني إضطرابات سياسية وأزمات متفاقمة.
في هذا السياق، يقول الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، لـ «النهار» اللبنانية: «إن المصارف العربية تشكل ركيزة أساسية في تنمية الإقتصاد، إذ لا تعمل بمعزل عن التحوُّلات العالمية بل تتفاعل بشكل مباشر مع الأوضاع الإقتصادية والسياسية السائدة محيطها».
ويضيف د. فتوح: «أن الإستقرار السياسي والإقتصادي يمثل حجر الأساس لنمو هذا القطاع الحيوي وإزدهاره، إذ ينعكس إستقرار البيئة التشغيلية بشكل إيجابي على أداء المصارف، ويمنحها القدرة على تعزيز عملياتها وتحقيق نتائج مستدامة».
نص الحوار
* بداية، كيف تُقيّم أداء المصارف العربية في ظل المتغيّرات التي يشهدها الإقتصاد العالمي؟
– المصارف العربية لا تعمل في عزلة عن العالم، بل هي جزء لا يتجزأ من المنظومة الإقتصادية العالمية، وتتأثر بشكل مباشر بالأوضاع الإقتصادية والسياسية في محيطها.
فالإستقرار، سواء كان إقتصادياً أو سياسياً، يُعد شرطاً أساسياً لأداء قوي للقطاع المصرفي في أي دولة عربية، وعندما تتوافر بيئة مستقرّة، ينعكس ذلك تلقائياً على أداء المصارف.
* وكيف إنعكست تلك المتغيّرات على أداء المصارف في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية؟
– الوضع متفاوت ويختلف من دولة إلى أخرى، فقد شهدت المصارف في دول الخليج أداء مميزاً خلال العام 2024، مستفيدة من إرتفاع أسعار الفائدة وأسعار النفط، مما عزّز من ربحيتها وقوة مراكزها المالية.
كذلك سجّلت دول مثل المغرب، الجزائر، والعراق أداء جيداً نتيجة حالة من الإستقرار النسبي، في المقابل، تأثّرت المصارف في دول مثل السودان واليمن سلباً نتيجة الأوضاع والتوترات السياسية.
* ما العوامل التي ساعدت المصارف الخليجية على تجاوز التحديات؟
– المصارف الخليجية كانت من أبرز الرابحين خلال الأزمات العالمية، وذلك بفضل النمو الإقتصادي القوي في بلدانها، وهو ما عزز من قدرتها على التوسُّع وتحقيق نتائج إيجابية، خصوصاً مع توافر بيئة تشغيلية مستقرة وموارد مالية وفيرة.
*وما هي أكثر المصارف الخليجية تحقيقاً لأداء قوي خلال الفترات الأخيرة؟
– تحتل دولة الإمارات المرتبة الأولى من حيث حجم الموجودات في القطاع المصرفي، تليها السعودية بفارق طفيف، ثم قطر.
وبشكل عام، تستحوذ الإمارات والسعودية معاً على قرابة 40% إلى 45% من إجمال حجم موجودات القطاع المصرفي العربي.
* وماذا عن أبرز مؤشرات أداء القطاع المصرفي العربي خلال العام 2024؟
– شهد القطاع المصرفي العربي نمواً جيداً في العام 2024، مسجّلاً معدل نمو بلغ 8% مقارنة بالعام 2023.
كذلك إرتفع إجمال الموجودات إلى نحو 4.9 تريليوناتات دولار، في حين بلغت الودائع حوالى 2.9 تريليون دولار، وبالتالي يظل القطاع المصرفي العربي الركيزة الأساسية لتمويل التنمية الإقتصادية في المنطقة.
* كيف ترى وضع القطاع المصرفي في لبنان؟
– هناك تفاؤل حيال مسار الإصلاح الإقتصادي في لبنان، وثمّة مؤشرات إيجابية تدل على أن البلاد تسير في الإتجاه الصحيح، ولكن المطلوب هو الإستمرار في تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية الضرورية لإنعاش الإقتصاد وتعزيز الثقة.
* وما الدور الذي تؤديه المصارف في تحقيق النمو الإقتصادي والتنمية الشاملة؟
– دورها محوري ولا يُمكن إنكاره، لكونها تملك الحصة الكبرى من المدّخرات الوطنية، ولتعزيز هذا الدور، لا بد من وجود أطر قانونية واضحة ومحفّزات حقيقية تُعزّز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يُساهم في تعبئة الموارد لتمويل الإقتصاد بطريقة فعّالة ومستدامة.
* وما أبرز المتطلّبات لتعزيز دور المصارف العربية في دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟
– المعوّق الرئيسي يكمن في القوانين التي تنظم هذه الشراكة، فعلى سبيل المثال، تمويل البنية التحتية يعد من التمويلات الطويلة الأجل، بينما تعتمد المصارف على ودائع قصيرة الأجل، ما يخلق مخاطرة كبيرة.
لذلك، تحتاج المصارف إلى قوانين تحميها، إلى جانب محفّزات وشركاء دوليين مثل البنك الدولي أو البنك الإسلامي للتنمية، للحدّ من تلك المخاطر ودعم التمويل المستدام.
* وما هي توقعاتك لأداء القطاع المصرفي العربي في العام الحالي (2025)؟
– التوقعات لا تحمل تفاؤلاً كبيراً، ليس على مستوى المصارف فحسب، بل على مستوى الإقتصاد العالمي ككل.
فالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والرسوم الجمركية المتبادلة، تزيد من حالة الضبابية، ما قد يقود إلى حالة من الركود إذا إستمر الوضع على ما هو عليه، أما إذا توصلت القوى الإقتصادية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا إلى حلول، فقد يشهد القطاع المصرفي نمواً جيداً.
* وماذا عن معدّلات النمو المتوقعة للقطاع المصرفي العربي؟
– لا تزال الصورة غير واضحة في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، خصوصاً أن إستمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى ركود إقتصادي عالمي، وهو ما سينعكس سلباً على أداء المصارف وربحيتها.
* أخيراً، ما توقعاتك حيال مسار أسعار الفائدة عالمياً؟
– أتوقع أن نشهد خفضاً في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، هذا الخفض سيكون له أثر إيجابي على الإقتصاد العالمي، إذ إن إرتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تراجع حجم التمويل وضعف وتيرة النمو.