على هامش إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـاب في بيروت
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح: قرار «المركزي»
وقف تمويل الدولة اللبنانية زاد الإحتياطي بشكل جيّد والمسؤولون يتناسون الحسابات القديمة
لما قبل العام 2019 والتي تقدّر بنحو 90 مليار دولار
على هامش إفتتاح «الملتقى السنوي لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب: تداعيات الاقتصاد النقدي على النظام المصرفي»، في العاصمة اللبنانية بيروت على مدار يومين، حيث شدّد المتحدثون في كلماتهم على ضرورة مكافحة الإقتصاد النقدي ومخاطره كخارطة طريق نحو التعافي، في ظلّ تعاظم مخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وأن مخاطر الإقتصاد النقدي تلوح في الدول التي تشهد فيها حروب ونزاعات، أكد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح: «أن لبنان لا يزال يعاني أزمة إقتصادية مالية ونقدية حادة، حيث لم تشهد حتى اليوم يا للأسف، حلولاً جذرية سواء من حكومة تصريف الأعمال أو من السلطات السياسية اللبنانية، بغضّ النظر عن الإجراءات والتدابير التي قام بها مصرف لبنان مؤخراً والتي تعتبر جيّدة والتي أدت فعليّاً إلى إستقرار نقدي».
ورأى د. فتوح «أن قرار حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري التوقف عن تمويل الدولة اللبنانية لأي مصاريف إدارية أو مشاريع تتعلق بها هو قرار في غاية الأهمية، حيث ساهم هذا الدور الكبير الذي قام به مصرف لبنان بزيادة الإحتياطي بشكل جيّد، فالإحتياطي زاد أكثر من مليار دولار في أقل من سنة ونصف السنة تقريباً، ولكن هذا لا يكفي لأن الإقتصاد النقدي مخاطره كثيرة تتعلّق بالتهرب الضريبي، والفساد وتبييض الأموال وهذا الأمر هو جد خطير».
ولفت د. فتوح إلى «أن إتحاد المصارف العربية أصرَّ على إنعقاد هذا المؤتمر، نتيجة هذه المخاطر التي ذكرناها، الذي يتميَّز في مكانه وزمانه والموضوعات التي يتطرّق إليها، رغم كل التحدّيات المحيطة والإضطرابات الأمنية المؤسفة الموجودة في جنوب لبنان وبعض المناطق اللبنانية»، مؤكداً «أن الحضور الكثيف لهذا المؤتمر من قبل وزراء ونواب وسفراء الدول الأجنبية وعلى رأسهم سفير حكومة المملكة العربية السعودية وليد البخاري والسفير المصري وسفير سلطنة عمان، وسفراء عرب آخرون، لأنهم يريدون السماع من قبل جميع الحاضرين ومعرفة الإجراءات التي يتم إتخاذها للتصدّي لهذا الأمر، وكان هناك أكثر من 50 شخصاً من القطاع المصرفي العربي ومن دول عدة كمصر، وليبيا، والعراق، والمغرب، على سبيل المثال. علماً أن بعض الدول الخليجية الأخرى كانت ستشارك في هذا المؤتمر، ولكن عامل الحرب القائمة في جنوب لبنان ساهم في إلغاء هذه المشاركة، ما أدى إلى مشاركة حوالي 10 أشخاص من خارج لبنان فقط لا غير. ولكن رغم كل ما حصل أصرّ إتحاد المصارف العربية على دعوة السفراء العرب وسفراء الدول الأجنبية، وهذا ما تم ترجمته من خلال الحشد الكبير من السفراء الذين شاركوا في المؤتمر كممثلين عن بلادهم للمساهمة في نقل الصورة عن الإجراءات والمحادثات والنقاشات التي تحدث في هذا الموضوع».
وشدد د. فتوح على «أن محاربة الإقتصاد النقدي تتم من خلال إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، لأن المودع أو المواطن اللبناني «الجيّد» الذي يضع أمواله أو مدّخراته في المنزل يساهم في تعريض نفسه للمخاطر، ولكن سبب وضع هذه الأموال والمدّخرات في المنازل يعود إلى الثقة المفقودة بين المواطن والقطاع المصرفي اللبناني، لذلك فإن محاربة الإقتصاد النقدي يكون عبر البدء بالإصلاحات الإقتصادية، وإعادة الثقة بالمصارف، ولا مكان لأي حلول أخرى بديلة، وقد شهدنا مؤخراً عودة نشاط القطاع المصرفي اللبناني من خلال عودة تقديم الخدمات المالية، ولكن يا للأسف هذه الخدمات نطاقها محدود سواء كانت تتعلق بـ «بطاقات إئتمان» أو ببعض التحويل في حال كان «تاجراً» أو في «شيكات مصرفية» أو التعاملات من خلال هذه الشيكات، ولكن هذا لا يكفي لأن الأهم هو تمويل الإقتصاد».
وإعتبر د. فتوح «أن المصارف اللبنانيّة تعلّمت الدرس جيّداً بألاّ تقوم بتمويل الدولة، لأن المصارف يجب أن تقوم بتمويل الإقتصاد، وتمويل المشاريع سواء كانت صغرى أم متوسطة، وتمويل الشباب لإعادة إحياء الإقتصاد، ولكن يجب أن يكون هناك قوانين تساهم في حماية هذه الأموال وهذا التمويل، لأنها في نهاية الأمر هي آتية من المودعين، لذلك هذه السلسلة مرتبطة بين بعضها البعض بدءاً من الإصلاحات الإقتصادية، وحماية المودع وصولاً إلى إعادة الثقة بالمصارف من خلال إرجاع أموال المودعين، ولإعادة الثقة بالمصارف يجب أن يكون هناك حلّ لأموال المودعين لما قبل أزمة العام 2019»، مؤكداً «أن المقلق في هذا الموضوع، أنه لم نعد نشاهد أيّ أحد من المسؤولين يتكلم في هذا الموضوع مجدّداً بشكل جدّي، وكأنما تم الإعتياد على الإقتصاد النقدي والحسابات النقدية، متناسين تماماً الحسابات القديمة لما قبل العام 2019 التي تقدّر في الوقت الحالي في حدود الـ 90 مليار دولار».