الأمانة العامة للجامعة العربية في الذكرى الثمانين لتأسيسها
ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك جامعة الدول العربية: مسيرة عطاء وصمود
أحيت جامعة الدول العربية في 22 مارس/ آذار هذا العام (2025) الذكرى الثمانين لتأسيسها، فهذه المنظمة العريقة أنشئت في العام 1945، وهي بذلك أقدم منظمة إقليمية في العالم، سبقت في وجودها منظمة الأمم المتحدة، إذ جاء إنشاؤها تجاوباً مع تصاعد الدعوة إلى الوحدة العربية والتحرُّر من الإستعمار ومواجهة التحدّيات السياسية التي كانت تعصف في العالم العربي آنذاك، وهدفت إلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، من خلال تنسيق المواقف وتعميق التعاون في مختلف المجالات.
ومنذ تأسيسها إلى اليوم، مرّت جامعة الدول العربية بمحطّات تاريخية متعدّدة، تعرّضت مسيرتها خلالها إلى تحدّيات جسيمة، تركت بصماتها على التاريخ السياسي للدول والشعوب العربية، وعزّزت مسارات التعاون في كافة المجالات الضرورية، لتحقيق التنمية الشاملة والسير قدماً نحو مستقبل زاهر للمواطن العربي.
ولقد قامت الجامعة العربية بأدوار أساسية لحل العديد من القضايا، وساهمت جهودها في تحرُّر عدد من الدول العربية من الإستعمار، وظلّت تلك الجهود مستمرة من أجل توحيد الرؤى والمواقف العربية في المحافل الدولية والدفاع عن المصالح العربية المشتركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تمرُّ في الوقت الراهن في منعطف تاريخي غير مسبوق، وخصوصاً خلال حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة، حيث تسعى الجامعة العربية لتنسيق جهود الدول الأعضاء لبلورة رؤية واضحة وموقف عربي موحّد يخدمان في العمل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية.
وفي إطار هذه الأهداف، تحقّقت إنجازات كبيرة، حيث تكلّل الجهد العربي الجماعي بتبنّي الكثير من المشاريع والإستراتيجيات في كافة المجالات، كما تم إنشاء العديد من منتديات التعاون، وتطوير العلاقات العربية مع القوى الكبرى إقليمياً ودولياً، لخلق التوازن اللازم في مواجهة التحدّيات التي تفرضها الظروف الدولية الراهنة.
وفي المجال الإقتصادي، تحققت إنجازات أساسية وملموسة، فيما كان إطلاق منطقة التجارة العربية الحرّة في العام 2005، لبنة صلبة في بناء التكامل الإقتصادي العربي، وصولاً إلى إطلاق السوق العربية المشتركة للكهرباء في العام 2024، التي تمثل تتويجاً لهذه الرؤية العربية المشتركة الهادفة إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة وفتح آفاق واعدة للتنمية وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. كما إهتمّت الجامعة العربية في تعزيز دور المرأة في بناء وتطور المجتمعات العربية، كذلك إهتمت برعاية الطفولة، وتشجيع التعليم، ومتابعة البرامج الموجهة للشباب والرياضة، كذلك لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على اللغة والثقافة العربيتين، فضلاً عن تعزيز الحضور العربي في المحافل الثقافية الدولية ومساهمته في الحضارة الإنسانية في كل التنوُّع والثراء والأصالة.
وتحرص جامعة الدول العربية في هذا اليوم، على إستذكار الرعيل الأول من المفكرين والسياسيين والدبلوماسيين العرب الذين زرعوا بذرة الوحدة في الوجدان العربي، وأسّسوا أعمدة «بيت العرب» الذي نتحصّن به للسير قدماً نحو تحقيق رؤية واحدة تقودنا جميعاً إلى مستقبل يعمُّه الإزدهار والسلام.
وفي هذا اليوم كذلك، تُبنى محطّة جديدة في هذه المسيرة الطويلة، ويستمر العمل الدؤوب على كافة المستويات، كي تمكث هذه الشعلة متّقدة في القلوب، وكي يظل «بيت العرب» صامداً ومتيناً في وجه العواصف والأخطار.
وفي هذه المناسبة، وجّهت جامعة الدول العربية، دعوة إلى الشباب العربي إلى العمل المثابر لمواصلة المسيرة التي أطلق شعلتها الآباء والأجداد، ومواكبة التطوُّر التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، لتحقيق النقلة النوعية نحو مجتمع المعرفة والتحوُّل الرقمي، كما دعت إلى إدماج الشباب في صناعة القرار، وتمكينهم من المشاركة في مسيرة التنمية والتقدم، مؤكدة أن الإستثمار في تعليم وتدريب الشباب هو الإستثمار الحقيقي الذي يعتمد عليه المستقبل، لإقامة مجتمعات قادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأمة عربية واثقة تستطيع المساهمة في رفد تطور البشرية وإزدهار العالم».