تحت رعاية البنك المركزي العراقي
وتنظيم إتحاد المصارف العربية ورابطة المصارف الخاصة العراقية في بغداد
مؤتمر «التحديات التي تواجه المصارف العربية في الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية وتلبية متطلبات البنوك المراسلة»
أظهرَ مؤتمر «التحديات التي تواجه المصارف العربية في الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية لتلبية متطلبات البنوك المراسلة»، تحت رعاية محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور علي العلاق، وتنظيم إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع رابطة المصارف الخاصة العراقية في العاصمة العراقية بغداد، على مدار يومين، التحدّيات التي تُواجه البنوك العراقية والتي تعوّق من تطورها ومواكبتها للنظام المصرفي العالمي، وتتعلق بالإمتثال للقوانين والمعايير الدولية، مما يؤثر على فتح المؤسسات المالية المحلية على المستوى الدولي، مؤكداً أن الحكومة العراقية تدعم الإنتقال بالبلاد من الإعتماد على الإيرادات النفطية إلى الإقتصاد المتنوّع، إذ إن الإقتصاد الأحادي تزاحمه المخاطر، أما الإقتصاد المتنوع فحليفه النجاح، في حضور شخصيات حكومية ونيابية وعدد من المسؤولين المصرفيين والإقتصاديين العرب.
تحدث في الإفتتاح كل من: محافظ البنك المركزي العراقي، د. علي العلاق، ورئيس إتحاد المصارف العربية، محمد الإتربي، في كلمة القاها بالنيابة عنه عضو مجلس إدارة الإتحاد ممثل المصارف العراقية، رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي، زياد خلف، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، ورئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية وديع الحنظل، ورئيس مجلس ادارة جمعية المصارف العمانية عبد الحكيم بن عمر العجيلي.
المحافظ د. علي العلاق
في الكلمات، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي، د. علي العلاق: «أن القطاع المصرفي يشهد تطورات نوعية كبيرة»، داعياً إلى «التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية العربية والمصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية لتحقيق الإستقرار والنمو الإقتصادي»، وقال: «إن البنوك المركزية واجهت تحديات متزايدة بعد عقود من الوظائف والمهمات التقليدية والتي يُمكن أن تكون أقرب إلى السكون، حتى حملت كل فترة تحديات مختلفة إستدعت منهجاً خاصاً في مواجهتها»، لافتاً إلى أنه «بعد فترات طويلة من الإنخفاض في أسعار الفائدة والتضخم، بدأ الإقتصاد العالمي يُواجه مرحلة تتّسم بإرتفاع التضخُّم وإرتفاع مستويات الدين العام والدين الخاص، ما دعا البنوك المركزية إلى أن تتلمس الحاجة الملحة، لإدراج الإستقرار المالي وبواعث القلق حيال الإنكماش ضمن نماذجها الإقتصادية وإستحداث أدوات غير تقليدية للتعامل معها».
ورأى د. العلاق أن «الأزمة المالية في العام 2008 أعقبتها سلسلة من التحديات، حيث إرتفع الدين العام والإندفاع نحو رفع الفائدة لمواجهة تهديدات التضخم، لما يجعل خدمة الدين العام أكثر تكلفة، وهنا يُصعّب التوازن في تحقيق أهداف متقاطعة تصعب المقاربة في ما بينها»، لافتاً الى أنه «منذ أزمة كورونا بدأ واضحاً أن السياسة المالية العامة يُمكن أن تصلح أحد العوامل الدافعة لزيادة التضخم».
وأوضح د. العلاق أن «طبيعة الصدمات ووتيرة حدوثها تغيّرت محلياً ودولياً، حيث كانت الصدمات تاريخياً تحدث بسبب زيادة الطلب أو إنخفاضه بإستثناء صدمات العرض والذي يُعرف بالركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي»، لافتاً الى أن «هناك صدمات عديدة اليوم منها الطلب مقابل العرض، والمخاطر الخاصة مقابل المخاطر النظامية، والصدمات العابرة مقابل الدائمة، مما يتطلب منهجاً معدلاً في مواجهة التغيًّرات المفاجئة وغير المتوقعة».
وذكر د. العلاق أن «البنوك المركزية تُواجه تحديات جديدة في التفاعل بين الإستقرار المالي والنقدي، في ظل هيمنة السياسة المالية العامة وإضطرار البنوك المركزية الى تسهيل ديون الحكومات المفرطة، على حسب الضبط المالي الذي يستلزم تقليص الإنفاق أو زيادة الإيرادات المحلية أو كليهما»، موضحاً أن «القطاع المصرفي العراقي شهد عبر 10 سنوات منصرمة تطورات نوعية كبيرة استجابة لمتبنيات وسياسات البنك المركزي العراقي، حيث أدخلت وطبقت للمرة الأولى مفاهيم وممارسات قواعد الإمتثال والحوكمة وادارة المخاطر والرقابة الإحترازية والرقابة المبنية على المخاطر وإدارة الجودة الشاملة واستمرارية الاعمال والخدمات الرقمية والشمول المالي».
وخلص د. العلاق إلى أنه «رغم كل هذه التطوُّرات، تبقى هناك تحدّيات كبيرة ومتصاعدة تتمثل بتحدّيات الإمتثال للقوانين والتشريعات والمتطلبات والمعايير الدولية»، معتبراً أن «هذه التحديات لها صلة وتأثير مباشر على انفتاح المؤسسات المالية المحلية على مثيلاتها الدولية»، مؤكداً أنه «بقدر ما يُحققه كل ذلك من تحقيق التواصل والإرتباط مع العالم الخارجي، فإنه بلا شك يحمل تحديات وآثار كثيرة».
المهندس زياد خلف ممثلاً الإتربي
بدوره، قال رئيس إتحاد المصارف العربية، محمد الإتربي، في كلمة القاها بالنيابة عنه عضو مجلس إدارة الإتحاد ممثل المصارف العراقية، رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي، زياد خلف: «إن العراق، الأرض الخصبة، وفيها الرهان على المستقبل وهو رهان رابح، حيث فرص النجاح لا سقف لها»، مشيراً إلى أنه «مع انتهاء الربع الأول من العام 2024، لا تزال منطقتنا، بل والعالم بأسره يسيران على حبل مشدود بين نقطتي الأمن والتنمية».
وأضاف الإتربي: «أن تحقيق الإزدهار، يتطلّب إستراتيجيات متكاملة تشمل التعاون لمواجهة المخاطر، وخصوصاً في ما يتعلق بالقطاع المصرفي، وتعزيز الإستثمارات لتحقيق التنمية المستدامة»، مشيراً إلى «أن الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية، ليس مجرّد ضرورة قانونية وليس مجرد إلتزام، بل هو إستثمار في الثقة والإستقرار الإقتصادي، وإستثمار يعكس إلتزامنا بالشفافية والنزاهة ومسؤوليتنا لضمان حماية المصالح المالية، إنه بإختصار أساس النجاح والإستدامة في الأعمال».
وأكد الإتربي أنه «ينبغي للنهضة الإقتصادية في المنطقة أن تدفع الإقتصاديين إلى إدراك اللحظة التاريخية في العراق، رابع أكبر إقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تلك هي لحظة النمو الحقيقي والإزدهار التي ستجمعنا»، مشيراً إلى «أن طريق التنمية الإستراتيجي، ليس مشروعاً طوله 1200 كم من السكك الحديدية، بل ركيزة للإقتصاد المستدام، يخدم المنطقة ويحقق التكامل الإقتصادي، ويُعزّز من قدرتها في مواجهة التحدّيات الإقتصادية».
د. وسام فتوح
د. فتوح
بدوره، إقترح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح مجموعة نقاط لمواجهة المصارف العراقية معايير الإمتثال وتحفيز علاقاتها مع البنوك المراسلة وتعزيز الثقة بالمصارف العراقية، بينها «يتوجب على المصارف العراقية الإستثمار في البنى التحتية القوية، وتبنّي التكنولوجيا المتطورة، وهو ما يؤدي لتغيير قواعد اللعب في مجال الإمتثال، حيث هناك برامج كثيرة تعتمد على الذكاء الإصطناعي وتساعد على تحليل البيانات والإمتثال.
إضافة إلى ضرورة إعتماد مبدأ الشفافية في العمليات المصرفية وإعداد التقارير المالية؛ لبناء ثقة مستدامة مع المجتمع الدولي، وإعداد خطة وطنية شاملة لتنمية القدرات والتدريب والتأهيل وخصوصاً في مجال الإمتثال من خلال إنشاء لجنة تحت مسمّى اللجنة الوطنية لتنمية القدرات والتدريب والتأهيل، تكون بالتعاون بين إتحاد المصارف العربية ورابطة المصارف الخاصة العراقية بإشراف البنك المركزي العراقي».
وأشار د. فتوح إلى «أن مهام هذه اللجنة تتضمّن أيضاً 4 نقاط مهمة، الأولى تدور حول التدريب والتأهيل للكوادر العربية وبناء القدرات في موضوع الإمتثال، والثانية حول تقديم الإستشارات والدعم وإختيار برنامج الإمتثال يكون خاصاً بكل مصرف، والثالثة تتمثل بتشكيل قوة تأثير متواصل لتطوير علاقات المصارف العراقية مع الجهات الدولية ولا سيما الأميركية، والرابعة حول توثيق السياسات والضوابط الداخلية للإمتثال المصرفي».
ورأى د. فتوح «أن التحدّيات المالية والمصرفية التي عانى منها العراق مؤخراً عديدة، رغم جهود البنك المركزي العراقي»، معتبراً «أن المصارف العراقية تتعامل مع شبكة معقدة»، مشيراً إلى «أن المنطقة العربية تجتاز أخطاراً مصيرية ناتجة عن الحروب والصراعات السياسية الأخرى، مما يزيد من مخاطر عدم اليقين في آفاق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وينتج عنه إنطباعات إقتصادية حادة على العديد من الدول العربية».
الحنظل
وقال رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية وديع الحنظل: «إن المنطقة العربية تشهد تحدّیات كبیرة على كافة المستویات، منها الإقتصادیة وتحدیات العمل المصرفي على وجه الخصوص في العراق من حرمان في التعامل بالعملة العالمیة الأساسیة وهي الدولار»، مشيداً بجهود الحكومة العراقیة، والبنك المركزي العراقي في «حل هذه الإشكالیات مع الجانب الأميركي وخصوصاً ما نجم عن زیارة رئیس مجلس الوزراء محمد شیاع السوداني، إلى واشنطن، ولقاء عدد من الشخصیات الأميركیة والمخرجات التي حدّدت تحدید لجنة للمراجعة ووضع خارطة طریق للحلول».
ودعا الحنظل كلاً من الحكومة العراقیة والبنك المركزي، الى «العمل على تعزیز القطاع المصرفي الخاص، من خلال دعم المصارف الخاصة بشكل العام والمصارف المحرومة بشكل خاص لضمان إستمرار عملها وفتح آفاق العمل المصرفي بشكل أوسع، سواء داخل العراق أو المساعدة ببناء علاقات متینة مع المؤسسات المالیة الدولیة».
العجيلي
وأكد رئيس مجلس ادارة جمعية المصارف العمانية عبد الحكيم بن عمر العجيلي «أن عدم إمتثال المصارف للقوانين والتشريعات الدولية قد يُعرّضها إلى مخاطر كبيرة»، موضحاً «أن العراق حقق خطوات إقتصادية متقدمة».
وقال العجيلي: «إن مستقبل العلاقات الخارجية للعراق رائعة، والجميع يريد أن يصل بهذه العلاقات إلى مستقبل أفضل للشعبين العراقي والخليجي».
وأضاف العجيلي: «نتطلع إلى مزيد من التنسيق بين المصارف العربية وزيادة التعاون بين البنوك المركزية العربية، وإحراز مستوى عال من تقارب بين السياسات النقدية وكفاءة الأداء المصرفي».
وأكد العجيلي أن «عدم الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية والصادرة من الهيئات الرقابية الدولية لاسيما الأميركية ينجم عنها مخاطر سمعة كبيرة للدول بشكل عام وللمصارف بشكل خاص، والتي تؤدي إلى قطع علاقتها بالمصارف المراسلة أو إزالتها من الوجود»، مشيراً إلى «ضرورة توسيع المعلومات والعلاقات بين القطاع المصرفي والهيئات الرقابية والقضائية والامنية، وعدم تعرُّضها إلى التهميش لفئات كبيرة مما يعوق تقدمها»، موضحاً أن «العراق حقق خطوات متقدمة من خلال سياسات فعّالة إنتهجتها الحكومة العراقية، والكثير من الإصلاحات لتنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاع المصرفي».