رئيس جمعية مصارف البحرين عدنان أحمد يوسف لـ «مجلة 24»:
العملة الرقمية ترفع من كفاءة المصارف المركزية
حين إنهار بنك «سيليكون فالي» الأميركي، وما تلاه من تداعيات، سواء تمثّلت في إنهيار بعض البنوك الأخرى أو هبوط وتراجع جميع أسهم القطاع المالي الأميركي، أعاد إلى الأذهان الأزمة المالية العالمية في العام 2008، والتي إندلعت شرارتها عندما إنهار بنك «ليمان براذرز» وما تلاها من إنهيار للمؤسسات المالية الكبرى، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول إمكانية تكرار سيناريو هذه الازمة.
ورغم أنها لا تخرج عن كونها أزمة مالية ومصرفية لها تداعياتها على الإقتصادات، وكونها لن تكون بخطورة إنهيار البورصة الأميركية في العام 1929 التي قادت إلى الركود الكبير، كذلك أزمة العام 2008 لوجود العديد من الأدوات المالية والنقدية الجديدة، والتي ستُمكنها من تجنُّب حدوث هذه التداعيات، فإن هشاشة النظام المالي العالمي الحالية، وموقع الأزمة يجعل الإحتمال قائماً، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى القول إنه يُراقب عن كثب التطورات والمخاطر المالية المحتملة من إنهيار بنك «سيليكون فالي» وتداعياته على الإقتصاد العالمي.
ورغم أن الأزمة قد خفت، فإن الخوف بأن تمتد بآثارها إلى العديد من القطاعات الإقتصادية الأخرى، وذلك كنتيجة للسلوك الطبيعي للأسواق المالية في مواجهة الصدمات، والذي يتّسم بالإستسلام لحالة الذعر العام، وإتباع سلوك القطيع بشكل غريزي، ومن ثم تفتقد الأسواق قدرتها على التمييز بين الإقتصادات التي تتمتع بعوامل إقتصادية سليمة وقوية، والأخرى التي لا تتمتع بهذه العناصر.
اليوم، وفي ظلّ التطوُّرات الحاصلة على الصعيد العالمي، هل إن أزمة بنك «سيليكون فالي» قد إنتهت؟ وما سببُ إقدام البنوك المركزية الأوروبية والإتحاد الفيدرالي على إصدار عملات رقمية؟ وهل صحيح أن هناك دولاً تُخطّط لمنع إقتصاد «الكاش» في حلول العام 2025؟ وما هي إيجابيات وسلبيات هذا القرارات؟
هذه الأسئلة، طرحتها «مجلة 24» على رئيس جمعية مصارف البحرين الدكتورعدنان أحمد يوسف، فقال: «تعمل نحو 90 % من البنوك المركزية في العالم، على وضع الأسس الواجبة لإصدار عملة رقمية خاصة بها، والتي تُعد نسبة كبيرة وثّقها بنك التسويات الدولية، وإن كانت تتقاطع مع مخاوف واضحة عبّر عنها العديد من البنوك العالمية. بإختصار، يُمكن تصنيف العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية على أنها النسخة الرقمية للعملات التقليدية».
وأضاف يوسف: «يتم تشبيه هذه الفئة من العملات الرقمية بالأموال التي نُودعها في الحسابات البنكية، وفي بطاقات الإئتمان بهدف الشراء الالكتروني. لكن مصدر النوع الأول من هذه الأموال هي البنوك المركزية، بينما مصدر النوع الثاني هي البنوك التجارية، ما يعني أنه في حال إفلاس هذه المؤسسة المالية، قد يخسر العملاء أموالهم».
تابع يوسف: «كذلك يدرس البنك المركزي الأوروبي إصدار عملة رقمية أو «اليورو الرقمي» لحماية إقتصادات دول الكتلة الأوروبية من التوترات السياسية بين الصين والولايات المتحدة التي باتت تعرقل تجارتها الخارجية، ومن مزايا العملات الرقمية أنها تزيد من مستويات الشمول المالي بسبب رفع إمكانية الوصول لنظم الدفع عبر الهواتف المحمولة حتى للفئة من الأشخاص التي ليس لديها حسابات مصرفية. كما تدعم رقمنة الإقتصادات وتشجع الإبتكار في نظام المدفوعات، وترفع كفاءة أنظمة البنوك المركزية بسبب كلفة إصدارها المتدنية نسبياً مقارنة بالنقد المادي».
وعن التحديات، أشار يوسف إلى أنها «قد تؤدي إلى زعزعت إستقرار البنوك، جرّاء إتاحة هذا النوع من العملات إمكانية سحب عدد كبير من المواطنين لودائعهم من البنوك في اَنٍ واحد، وتحويلها إلى عملات رقمية، وهو ما يحدث بكثرة خلال الأزمات، وخصوصاً في البلاد الناشئة نظراً إلى عدم إستقرار عملاتها المحلية. كما تزيد من مخاطر الأمن السيبراني».
أما في ما يخص أزمة البنوك الأميركية يضيف يوسف: «أعتقد أن تداعياتها سوف تستمر لفترة طويلة، حيث يُعاني الإقتصاد الأميركي حالياً من كبوة لا يستطيع أن يتكهن بوقت إنتهائها، والجميع ينتظر ما سوف تؤول إليه تلك الأزمة. ولا شك في أن للإقتصاد الأميركي هيمنة كبيرة على غالبية إقتصادات العالم، وتأتي هذه الهيمنة من القوة الإقتصادية والسياسية التي تتمتع بها الولايات المتحدة التي ظلت ولعقود طويلة هي القوة الأكبر في العالم. لذلك، فإن الأزمة الأميركية سوف يكون لها إنعكاساتها على العالم، وخصوصاً تلك التي تعتمد على العملة الدولارية. ونتوقع تنامي نفوذ وتأثير قوى عالمية عديدة أخرى في العالم، لكي يكون لدى دول العالم بدائل عديدة في تنويع تجارتها وإستثماراتها».