مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دورته الثانية في بغداد
«تحدّيات المصارف العربية في الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية
وسبل تلبية متطلّبات البنوك المراسلة»
العراق يُطوّر آلية عمل المصارف لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال وفق المعايير الدولية
يكتسب مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دورته الثانية تحت شعار «تحدّيات المصارف العربية في الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية، وسبل تلبية متطلّبات البنوك المراسلة»، والذي نظمه إتحاد المصارف العربية في العاصمة العراقية بغداد، أهمية إستثنائية في ظل التحدّيات المتصاعدة التي تواجه المصارف العربية، ولا سيما العراقية، وسط بيئة إقتصادية وأمنية معقّدة تؤثر بشكل مباشر في علاقاتها بالنظام المالي العالمي. وقد أكدت الحكومة العراقية خلال المؤتمر، أنها تعمل «على تطوير آلية عمل المصارف لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق المعايير الدولية».
وقد أجمع المشاركون في المؤتمر على ضرورة التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، في ظل الدعم الحكومي الكبير الهادف إلى النهوض بواقع المصارف العراقية وفق المعايير الدولية، ورغبة الأمم المتحدة بعودة العراق إلى ساحة العمل والتأثير الدولي، في حين عدّ الشركاء الدوليون للعراق نظام البيع النقدي للعملات الأجنبية للمستفيدين الأمثل عالمياً.
وشارك في المؤتمر ممثلون عن إتحاد المصارف العربية، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط، والمعهد الأميركي لمكافحة الفساد، والبنك العربي الأفريقي، ومنظمة التعاون الألمانية، وممثلون عن البنوك المركزية المصرية والأردنية واللبنانية، وبمشاركة واسعة من قيادات القطاع المصرفي وممثلي الهيئات الرقابية.
وقد ناقش المؤتمر على مدى يومين، بحوثاً ودراسات في مجالات التحدّيات والصعوبات التي تواجه المصارف العراقية، لفتح حسابات مع المصارف المراسلة الأميركية، وتعزيز التعاون والشراكات مع المؤسسات الدولية والإقليمية، نحو منظومة مصرفية عربية متكاملة ومتوافقة، والتكنولوجيا المالية، والذكاء الإصطناعي، لتعزيز منظومات الإمتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية والدولية، ودور المصارف المركزية لضمان الإمتثال المستدام، وتعزيز الوعي المصرفي، وبناء ثقافة الإمتثال.
محافظ البنك المركزي العراقي د. علي العلاق:
العراق حقق منجزات مهمّة لحماية المؤسسات المالية والمصارف من مخاطر غسل الأموال والأعمال غير المشروعة
وقال محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، في كلمته الإفتتاحية: «نحن بحاحة إلى تعاون دولي فاعل مع الشركاء الدوليين، لتطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب».
وأضاف د. العلاق: أن «العراق حقّق منجزات مهمة لحماية المؤسسات المالية والمصارف من مخاطر غسل الأموال والأعمال غير المشروعة، من خلال تعزيز أرصدة فروع المصارف العراقية في الخارج، وتدقيق الحوالات، وفتح قنوات متعدّدة وحسابات عبر بنوك مراسلة وبعملات مختلفة، بالتعاون مع مؤسسات مالية متخصّصة».
وذكر د. العلاق أن «العراق إستخدم نظام البيع النقدي للعملات الأجنبية، بهدف وصولها إلى الزبائن، كما أن الحكومة تعمل حالياً على ربط البنك المركزي العراقي مع هيئة الجمارك، لإحكام السيطرة على التعاملات المالية الخارجية، من أجل الإمتثال للمتطلّبات الدولية».
وقال د. العلاق: «نعمل على تخفيف منابع الجرائم المالية، ومعرفة حركة الأموال، وتطوير الأنظمة الرقمية، وتتبع المعاملات المالية، وإعادة بناء المصارف العراقية الحكومية والأهلية، وإعادة ترخيصها، وتنويع نشاطها، وإخضاعها إلى بناء وفق أسس دولية شفافة».
نائب رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية المهندس زياد خلف
وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية المهندس زياد خلف «أنَّ القطاع المصرفي العراقي يُواجه تحدّيات في فتح حسابات لدى المصارف العالمية، ورغم إلتزام المصارف بالتعليمات، إلاّ أنَّ بعض المصارف العالمية تنظر إلى المصارف العراقية بأنها تحتاج إلى المزيد من الإلتزام»، مشدّداً على «أنَّ المصارف العراقية قادرة على التحوُّل الرقمي، إذ حقّقت نجاحات فاقت مصارف عدة في المنطقة، وتتطلع إلى بناء مؤسسات مالية تنهض بالعراق وتخدم الشعب».
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح:
أهمية الإمتثال للمعايير الدولية لدورها في ترصين العلاقات المالية العربية والدولية
أما الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح فشدّد على «أهمية الإمتثال للمعايير الدولية لدورها في ترصين العلاقات المالية العربية والدولية»، مشيراً إلى «ضرورة الشراكات الدولية لتطوير واقع قطاع المال العربي»، مؤكداً «أنَّ الهدف يتمثل في بناء قطاع مصرفي آمن ومرن وفاعل مستقل يخدم قطاعات الإقتصاد الوطني».
رئيس رابطة المصارف الخاصة، وديع الحنظل:
القطاع المصرفي العراقي يشهد تحوُّلات كبيرة بقيادة البنك المركزي ضمن خطة إصلاحية شاملة
وأكد رئيس رابطة المصارف الخاصة، وديع الحنظل، «أن القطاع المصرفي العراقي يشهد تحوُّلات كبيرة بقيادة البنك المركزي ضمن خطة إصلاحية شاملة وبدعم حكومي مباشر»، مشيراً إلى قدرة المصارف العراقية على إستعادة ثقة المجتمع الدولي.
ولفت الحنظل إلى، أن «الإجراءات التي فُرضت مؤخراً على بعض المصارف العراقية، لا تعكس الصورة الحقيقية للقطاع»، موضحاً أن «غالبية المصارف أظهرت إلتزاماً عالياً بمعايير الشفافية والإمتثال، وتواصل أداء دورها في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الإستقرار المالي».
وأوضح الحنظل، أن «تلك الإجراءات أثّرت سلباً في صورة النظام المصرفي العراقي، وقلّلت من ثقة الشركاء الدوليين، حتى تجاه المؤسسات المصرفية الرائدة»، مبدياً «ثقته في قدرة المصارف العراقية على تجاوز هذه المرحلة والعودة بثقة إلى منظومة الإقتصاد العالمي».
وأكد الحنظل أن «القطاع المصرفي العراقي يشهد تحوُّلات كبرى يقودها البنك المركزي العراقي ضمن خطة إصلاحية طموحة تهدف إلى تعزيز الثقة الدولية ورفع كفاءة الإمتثال ومكافحة غسيل الأموال، بدعم مباشر من الحكومة»، لافتاً إلى أن «المؤتمر يناقش أربعة محاور رئيسة، تتمثل في تحدّيات فتح الحسابات لدى المصارف المراسلة، وتعزيز التعاون بين المصارف العربية، ودور التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي في دعم الإمتثال، والتشريعات المحلية والدولية ودور البنوك المركزية في ترسيخ الإمتثال المستدام».
وفي ختام كلمته، وجّه الحنظل شكره إلى رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني لدعمه المتواصل للقطاع المصرفي، وإلى محافظ البنك المركزي، الدكتور علي العلاق لجهوده في تعزيز الثقة والإصلاح، مثمّناً دور إتحاد المصارف العربية في تنظيم المؤتمر.
مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصارف د. صالح ماهود:
تحقيق إنجازات حكومية لحماية النظام المالي من سوء الإستغلال في الجرائم المالية المتعلّقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب
وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصارف د. صالح ماهود: «تأمل الحكومة في أن يكون هذا الحدث فرصة قيّمة للحوار البنّاء وتبادل الخبرات، مما يعزز الثقة الدولية في القطاع المصرفي العراقي»، مشيراً إلى «أن الحكومة العراقية تدرك أهمية هذا المؤتمر وذلك في تسليط الضوء على آخر المستجدات التي طرأت على المعايير الدولية وآليات تطبيقها، لرفع مستوى الوعي والإلتزام والإسهام في تعزيز المعرفة لدى المختصّين في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وخصوصاً مع تزايد التحدّيات التي تواجه المجتمع الدولي والحكومات، في ظل التطوّر المتسارع لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإنتشار التسلح، وتعدُّد أساليبها مما يجعل مواجهتها أكثر تعقيداً».
وأضاف د. ماهود: «تترتب على هذه الجرائم آثار سلبية متعددة، تشمل الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والأمنية للدول، ولا تقتصر أضرار هذه الجرائم على الدولة التي تقع فيها، بل تمتد لتطال دول أخرى»، موضحاً أنه «لمواجهة هذه التحدّيات تسعى الدول إلى تعزيز الإطارات التشريعية والتنظيمية لتواكب المستجدات والمتغيّرات، كما تحرص على تطبيق المعايير والمتطلّبات الدولية مستفيدة من المعايير والمتطلبات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإنتشار التسلُّح، التي تُصدرها مجموعات العمل المالي المعنية بذلك، والأدلّة الإرشادية المتضمّنة أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال».
وتابع د. ماهود: «إن الحكومة العراقية إلتزمت تنفيذ إصلاحات واسعة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بدءاً من إصدار القوانين والتعليمات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتحديثات المستمرة، بما يتوافق مع المستجدات والمعايير الدولية، مروراً بتعزيز دور الجهات الرقابية والتحريات المالية، وصولاً إلى التعاون مع الشركاء الدوليين، مما يعكس إلتزام الحكومة العراقية الراسخ بالمضي قدماً نحو تحقيق الأهداف الوطنية وتعزيز أُسس النزاهة والشفافية».
وأضاف د. ماهود: «إن إلتزام العراق تمثّل بالتعاون الفاعل مع مجموعة العمل المالي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتطبيق المعايير الدولية ذات الصلة من خلال إدخال مجموعة واسعة من التغيُّرات لتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سواء على مستوى سياسة الشمول المالي وإطارها القانوني، أو جهات إنفاذ القانون أو منهجها الرقابي، إستناداً إلى قرارات مجلس الوزراء العراقي المتضمّنة أتمتة عمل الوزارات الحكومية وتفعيل الجباية الإلكترونية، وإتاحة خدمة عرض ودفع الفواتير إلكترونياً، بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي عن طريق نظام المدفوعات ونظام المقاصة الإلكترونية، إضافة إلى الإعفاءات في أجهزة الدفع والتحصيل الإلكتروني من رسوم الكمارك والضرائب بأشكالها كافة، وزيادة حصّة ميزانية دعم الشمول المالي في الموازنة العامة للدولة منذ العام 2023»، مؤكداً دعم المؤسسات المعنية، عدداً من الإنجازات المهمّة «لحماية النظام المالي من سوء الإستغلال في الجرائم المالية بوجه عام، وجرائم غسل الاموال وتمويل الإرهاب بوجه خاص».
محمد حسان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة
من جهته، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد حسان: «إنَّ المؤتمر يمثل محطة مهمة في مسيرة العراق واعتماد القانون لمكافحة الجرائم المالية»، مشيراً إلى «أنَّ الأمم المتحدة تؤمن بالعراق وعودته ليشغل مكانه بين دول العالم، وأنَّ الحوكمة والإمتثال ركائز مهمة وحتمية، وهنا نثمّن جهود البنك المركزي ورابطة المصارف لترسيخ هذه الركائز، وننصح في الشراكات الدولية لبناء قدرات وطنية تنهض بقطاع المال».
وأوضح محمد حسان «أهمية الإفادة من التجارب الناجحة العربية والدولية من أجل دمج العراق مع المنظومة العالمية المالية»، موكداً «أنَّ التكنولوجيا ضرورة ملحّة في هذا الوقت ويجب أن تقترن بمنظومة تشريعية شفافة».
د. العطواني رئيس اللجنة المالية البرلمانية، العراق
وقال رئيس اللجنة المالية البرلمانية، العراق د. عطوان العطواني: «إنَّ المؤتمر جاء بموضوع يجب أن يحظى بإهتمام كبير، كونه جزءاً من متطلّبات عالمية يساعد على الإستجابة للقطاع المالي العالمي، ويحافظ على القطاع المالي ويسهم في دعم جهود التنمية»، مؤكداً «أنَّ العراق قطع شوطاً مهماً في هذا المجال، وأصدر تعليمات مهمة وخلق كوادر بشرية بخبرة تمكّنه من الحد من الجرائم وإعتماد أفضل أساليب مكافحة الجرائم المالية».