(الديار)-20/01/2025
زار نقيب الصحافة اللبنانيّة عوني الكعكي، على رأس وفد من النقابة، حاكمية مصرف لبنان الحاكم بالإنابة وسيم منصوري. استهل الكعكي في بداية اللقاء، بأداء منصوري الذي استلم مهمته في أصعب الظروف، وقد اتخذ بعض التدابير الإيجابية بالنسبة للمودعين، وتمكّن من إدارة الأزمة و زيادة موجودات المصرف المركزي بالعملة الصعبة.
وسأل الكعكي عن إمكانيّة وجود حلول لمشكلة أموال المودعين والمصارف، فأجابه منصوري قائلاً: “انه منذ استلامه عمل على تغيير صورة مصرف لبنان عند الناس الذين أصبح باستطاعتهم الاطلاع على كل ما يريدون، وقبل استلامي كان لديهم صورة سلبية عن مصرف لبنان، أسوأ من الواقع الحقيقي للمصرف، وعند عرض الأرقام الحقيقية حول الأموال الموجودة في المصرف حدث ارتياح عند الناس، وبدأ المسار المعاكس والتحسن، وهنا لا بد من شكر الصحافة التي واكبت الأمر وانصفت مصرف لبنان”.
لم يوقف مصرف لبنان أي دفعة للدولة اللبنانية
وقال منصوري: “حاولت عند استلامي تغيير سياسة عمرها أكثر من ثلاثين سنة، وهي سياسة اعتماد الدولة اللبنانيّة على الاستدانة من المصرف المركزي. تواصل مصرف لبنان مع الدولة من أجل تحسين الجباية وتوحيد سعر الصرف وتخفيف المصاريف، وتنظيم مالية الدولة، وبالتالي لم يعد هناك هدر وفساد والسبب الرئيس هو ضبط الإنفاق والشفافية، ونتيجة ذلك اصبح هناك فائض موازنة 800 مليون دولار لأول مرة من 50 سنة”.
وتابع “ألغيّت أيضا منّصة صيرفة، وأوقفت شراء الدولار من السوق، وعرضت بيع الليرة، وبذلك تمكنت من تثبيت سعر الصرف حتى اليوم، ومعروف ان القطاع الشرعي الذي يدفع الضرائب هو من يشتري الليرة، واصبح الدولار الذي يدخل مصرف لبنان معروف المصدر، وتمكنت الدولة من دفع كل ما تحتاج دفعه، ولم يوقف مصرف لبنان أي دفعة للدولة اللبنانية”.
اصبحت علاقة لبنان مع المصارف
المراسلة أكثر من “ممتازة”
أما بالنسبة للودائع، فقال منصوري: “لا تقع أي مسؤولية على المودع، لكن مع الأسف هو من يدفع الثمن ولا يعرف حتى الآن متى ستعود أمواله وقد تمت دراسة جميع الودائع، ومبدأ ال “هير كات” يجب أن يطّبق بطريقة مدروسة، سوف تعرض الأرقام على الحكومة الجديدة، على أمل أن يجري توزيع عادل لأموال المودعين. أما بالنسبة للخارج فقد اصبحت علاقة لبنان مع المصارف المراسلة أكثر من “ممتازة “، من دون أي تحفّظ أجنبيّ على التعامل، وكان هناك تنويه بعمل مصرف لبنان الذي قام بكل واجباته لمساعدة الدولة على الخروج من الأزمة”.
أضاف “الحرب التي اندلعت ونزوح أكثر من مليون ونصف المليون من اللبنانيين، كان لا بد من تأمين الحّد الأدنى من المقّومات، وهذا تحدّي كبير للدولة، وعلى الرغم من ذلك، تمّ معالجة المشكلة وضخّ الدولارات، وبعد انتخاب الرئيس جوزاف عون رئيساً للجمهوريّة، زاد الطلب على الليرة اللبنانيّة، والاحتياطات بالعملات الأجنبيّة الى تحسّن”.
الإستقرار النقديّ هو الأرضيّة
التي يبنى عليها الاقتصاد والدولة
وأبدى منصوري تفاؤله بالمرحلة المقبلة على لبنان قائلاً: هناك أخبار إيجابية من ناحية صندوق النقد، وهو مؤسسة دوليّة يحرّكه عامل تقني، إضافة الى العامل السياسيّ، أيّ الدول التي تقرر تمويل دولة وتشكيل حكومة جديدة، يشجّع على مساعدة لبنان”.
وعن سعر الصرف، أوضح منصوري: “أن استقرار سعر الصرف هو الأهّم، أما عملية تغيير سعر الصرف، فهذا الأمر يحصل ضمن آليات مدروس، ولا يهدف لمصلحة أحد، وفي حال دعت الظروف الى دعم سعر الصرف، عندها سأتدخل لتغيير السعر، ولكن استقرار سعر الصرف لم يكلّف المركزي شيئاً منذ آب حتى الآن، بل على العكس حقّق أرباح بقيمة 2 مليار دولار إضافي، والإستقرار النقديّ هو الأرضيّة التي يبنى عليها الاقتصاد والدولة”.
وعن البطاقات المصرفية وقبولها في الخارج، قال منصوري: “لا علاقة لهذا الموضوع باللائحة الرمادية، بل يعود لوضع لبنان الماليّ والإقتصادي والعقوبات على حزب الله، وأحيانا لا تعمل البطاقات في الخارج لأسباب تقنية، هناك عروض من بنوك أميركيّة للتعامل مع مصرف لبنان وهي مشجعّة جداً”.
وفي ما خصّ إعادة الاعمار، فقال: “هو أمر يتعلق بالجهّة الممّولة، أما بالنسبة للمودعين، فالحّل بانتظار وضع خطّة، وأحاول دائما أنا أقدّم ما هو مستطاع، ولا أعد بما لا أستطيع تنفيذه”.
وفيما يتعلق بشركات تحويل الأموال، ووسائل الدفع الالكترونية، قال منصوري: “تمّر بمصرف لبنان، وقانون إعادة هيكلة المصارف، شبه جاهز ولكن المشكلة هي بتوزيع الخسائر وهي ليست صغيرة ! أما دمج المصارف، فمن المؤكد أنه سيحصل في المستقبل، لأن الإقتصاد في حاجة الى القطاع المصرفيّ، الذي بدوره يحتاج الى ثقة المودع ونسعى لإعادة التوازن”.
وتابع: “ما نحتاجه نحن في لبنان، المصالحة بين المصارف والمودعين، على أساس المصارحة يتقبّل المودع خسارته بصورة ايجابية. ووسائل الدفع الالكترونية منّظمة، وتجري متابعتها من قبل مصرف لبنان المركزي”.
أما بالنسبة للدولة التي استهلكت أموال المودعين، فقال: “يجب التمييز بين أملاك الدولة التي يجب أن تبقى للدولة لأنها للأجيال القادمة، وهناك المداخيل التي تأتي من أملاك الدولة ومؤسساتها العامّة، والتي لا تأتي كما يجب، وفي حال تّمت المعالجة، يمكن تخصيص جزء من المداخيل لإعادة أموال المودعين، وأيضا يمكن تأجير العقارات، والإدارة السليمة باستطاعتها السير بحلول واعدة، هناك افكار جيّدة في لبنان ولكن يجب ترجمتها بالأفعال، أتمنى من الحكومة الجديدة، أن تضع خطة عمل طويلة الأمّد وواضحة من البداية، وأن تحّدد الحقوق والواجبات ويجري العمل عليها طيلة العهد اي طيلة الست سنوات”.
جمعية المصارف تلتزم
بقرار حاكم مصرف لبنان
وعن السؤال المتعلّق بالودائع المؤهلة والغير مؤهلة، أوضح منصوري: “أن جمعية المصارف تلتزم بقرار حاكم مصرف لبنان، وهو غير ملزم الأخذ برأيهم, بل هو من يعطي التعليمات، وعليهم أن ينفذوا هذه التعليمات، سواء أعجبهم الأمر، أم لم يعجبهم، القطاع المصرفيّ لديه مصلحة بالبقاء في السوق، والأولية بالنسبة لي هي للقطاع المصرفيّ وللمستثمرين في لبنان. وقد أقسمت اليمين للحفاظ على القطاع المصرفيّ، لا على أصحاب هذا القطاع، يهمني ايضا المستثمرين في القطاع وبقاءهم في لبنان، وقسم منهم يعتبر أكثر من “ممتاز” في طريقة عمله، ولديه إدارة ملّمة في عمله، ومصالحه بشكل جيّد وإيجابيّ، ومن المهّم المحافظة عليهم، ولكن جزء آخر أخطأ بشكل كبير، فحّولتهم الى الهيئة المصرفيّة العليا، ولكن القطاع المصرفيّ ككّل، لديه الرغبة والنيّة بتصليح أوضاعه واستئناف العمل، وهذا يصب في مصلحته”.
أما بالنسبة الى الخطط التي يمكن وضعها، فقال: “القرار لا يعود لحاكم مصرف لبنان لوحده، وقد تم وضعت خطة مؤخراً، على طاولة مجلس الوزراء لم أتبلغ بها رسمياً وكانت ملحق على جدول أعمال مجلس الوزراء، وتفاجأت لأنني لم أتبلغ ولم ابدِ رأي بها، ولكن المهم بالنسبة لي هو الإلتزام بالقانون، وإقرار خطّة تذهب الى مجلس النواب”.
وتابع: “صحيح أني لا أطمئن، ولا أعطي رأيي، لكنني أعطي أفكاراً للمعنيين، لأن القرار ليس بيدي، القرار يصدر عن مجلس الوزراء ومن ثم مجلس النواب وأنا ألتزم بأي قرار يصدر عنهما وعملي مراعاة القوانين والعمل على تطبيقها”.
حلمي أن تعود الليرة الى سابق مجدها
وبالنسبة لطباعة فئتيّ المليون والخمسمائة ألف، قال منصوري: “يجب قرار من مجلس النواب ولم يقّر، ولكن رأي لم يعد وقتها.ننتظر لنصل الى فكرة جديدة كموضوع إيجاب كإمكانية التغيير في العملة، يلحق التغيّرات التي جرت مؤخراً، وأتمنى الوصول الى “صيغة لعملة جديدة” نعمل عليها، وحلمي أن تعود الليرة الى سابق مجدها”.
وعن السؤال عن الإدعاء الأخير في القضاء، قال: “ألفت أنني سلّمت كلّ المستندات المطلوبة الى القضاء، وعلى اساسها تمّ توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، أما بالنسبة لي فتّم الادعاء عليّ من قبل القاضية عون، بسبب إلتزامي بقرار مدعي عام التمييز القاضي الحجار، ولكن تمّ سحب الإدعاء بحقي لأنه عن غير وجهة حق، والإدعاء على حاكم المصرف المركزين، وهو في سدةّ الحكم والعمل، يضرّ بمصلحة لبنان، لأنه يؤدي الى قطع علاقتنا مع المصارف المراسلة، ويجعلنا نضطر الى التوضيح من جديد بكلّ التفاصيل، ونعود بالمراسلات من مرحلة الصفر”.
وختم منصوري: “اليوم أنا أؤكد أنا لا فساد في مؤسسة مصرف لبنان، لأننا أعدنا العمل الى السكّة الصحيحة، والحاكم يأخذ قراراته ضمن سياسة المصرف وليس اعتباطياً، فقد تمّ تغيير آليات المحاسبة في المصرف كلها، والإدعاء على حاكم مصرف لبنان، له تداعيات سلبيّة جداً مع العلاقات في الدول الخارجية، ومن المهم أن يؤخذ هذا الأمر بالإعتبار وقبل فعل الإدعاء”.