تواصل أسواق المعادن الثمينة جذب اهتمام المستثمرين، مع اقتراب كل من المعدنين الأصفر والأبيض من مستويات تاريخية غير مسبوقة، في ظل تصاعد التوقعات بأن يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نحو خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة. ويأتي ذلك مدعوماً بإشارات واضحة إلى تباطؤ معدلات التضخم، إلى جانب تنامي المخاوف المرتبطة بأداء الاقتصاد العالمي.
وشهدت الفضّة تحركات قوية خلال النصف الأول من شهر كانون الأول/ديسمبر، إذ اقتربت من مستويات قياسية قرب 70 دولاراً للأونصة، مدفوعة بمزيج من العوامل، أبرزها تزايد الطلب الاستثماري، وضيق المعروض، إضافة إلى الطلب الصناعي القوي. وقد عززت هذه العوامل من جاذبية الفضة كأصل استثماري في بيئة تتسم بارتفاع مستويات عدم اليقين.
في المقابل، واصل الذهب تداوله بالقرب من أعلى مستوياته التاريخية، مستفيداً من مكانته التقليدية كملاذ آمن في أوقات التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، ومع تصاعد توجه المستثمرين نحو التحوط في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي.
وتأتي هذه التحركات في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات التضخم الأميركية عن كثب، وخاصة بعدما أظهرت القراءات الأخيرة مؤشرات إلى تباطؤ نسبي، ما أعاد إحياء الرهانات على انتقال الفيدرالي إلى سياسة نقدية أكثر تيسيراً. ويُنظر إلى خفض أسعار الفائدة على أنه عامل داعم رئيسي للمعادن الثمينة، إذ يؤدي إلى تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة أصول لا تدرّ عائداً، مثل الذهب والفضة، مقارنة بالأدوات المالية ذات العائد.
وأسهم تراجع أداء الدولار الأميركي إلى مستويات قريبة من 98 نقطة في دعم مكاسب المعادن، إذ إن ضعف العملة الأميركية يجعل الذهب والفضة أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، ما يعزز الطلب العالمي عليهما. وفي الوقت نفسه، لا تزال التوترات الجيوسياسية والمخاوف المتعلقة بالنموّ الاقتصادي العالمي تؤدي دوراً محورياً في توجيه التدفقات نحو الأصول الآمنة، إضافة إلى تصاعد التوترات في العلاقات الأميركية-الفنزويلية.
وبرأيي، إذا استمرّت هذه العوامل مجتمعة، إلى جانب الترقب لما قد تحمله المرحلة المقبلة من تغيرات في قيادة الاحتياطي الفيدرالي مع اقتراب نهاية ولاية جيروم باول، وهي خطوة قد تعيد تشكيل ملامح السياسة النقدية الأميركية، فقد يظل الذهب والفضة في مسار صاعد خلال الفترة المقبلة، وخاصة إذا واصلت البيانات الاقتصادية دعم سيناريو خفض الفائدة أو إذا تصاعدت الأخطار العالمية. ومع ذلك، يبقى احتمال حدوث موجات جني أرباح على المدى القصير قائماً، في ظل وصول الأسعار إلى مستويات تاريخية مرتفعة.
وفي هذا السياق، تدعم توقعات وحدة الأبحاث العالمية في بنك “جيه بي مورغان” النظرة الإيجابية للذهب، إذ تتوقع أن يبلغ متوسط أسعار المعدن الأصفر نحو 5,055 دولاراً للأونصة بحلول الربع الأخير من عام 2026، مع استمرار الزخم الصعودي وصولاً إلى قرابة 5,400 دولار للأونصة بنهاية عام 2027.
ومع ذلك، تبقى أسواق المعادن الثمينة رهينة تطورات السياسة النقدية الأميركية وبيانات التضخم المقبلة، إلى جانب المستجدات الجيوسياسية العالمية، وهي عوامل ستحدد ما إن كان هذا الزخم الصعودي سيستمر، أو قد تشهد الأسواق فترات من التصحيح بعد الارتفاعات القوية الأخيرة.
شهد عام 2025 واحدة من أكثر الفترات تقلباً في تاريخ البيتكوين، إذ تنقّل السعر بين موجات صعودية قوية وأخرى هبوطية حادة، متأثراً بتطورات اقتصادية وتشريعية عززت حالة عدم اليقين لدى المستثمرين. فقد بدأ العام بوتيرة هادئة نسبياً مقارنة بما حدث لاحقاً، قبل أن يتحول إلى مضمار سريع تتحرك فيه الأسعار ضمن نطاقات واسعة وغير مسبوقة.
بداية العام: تذبذب واسع وانتظار الاتجاه
في الأشهر الأولى من 2025، بقي البيتكوين ضمن نطاق متقلب يراوح بين 78,000 و95,000 دولار تقريباً. ورغم أن هذه الفترة لم تحمل اتجاهاً واضحاً، فإنها شكّلت قاعدة انطلاق لمسار صعودي قوي بدأ يتشكل تدريجياً مع دخول سيولة مؤسسية جديدة إلى السوق.
منتصف العام: صعود قوي ودعم مؤسسي
خلال شهري أيار/ مايو وحزيران/يونيو، اكتسبت العملة الرقمية الزخم الحقيقي، لترتفع نحو مستويات 110,000–112,000 دولار. هذا الارتفاع لم يأتِ من فراغ، بل كان انعكاساً مباشراً لدخول المستثمرين المؤسسيين بعد إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs)، التي ساهمت في تعزيز الثقة ورفع حجم الطلب في النصف الأول من العام.
واعتبر كثيرون أن هذه المرحلة تمثل واحدة من أهم موجات الصعود التي شهدها البيتكوين منذ 2021، نظراً إلى أن مصدرها كان طلباً مؤسسياً أكثر منه مضاربات قصيرة الأمد.
أكتوبر 2025: ذروة تاريخية جديدة
بلغ البيتكوين ذروة أدائه خلال تشرين الأول/أكتوبر، عندما سجّل مستويات قياسية تراوحت بين 125,000 و126,000 دولار. هذه القمة لفتت الأنظار العالمية وأعادت النقاشات حول مستقبل العملات الرقمية، وما إذا كانت العملة الأولى تتجه نحو دورة صعود ممتدة.
نهاية العام: تصحيح قاسٍ يضغط على المستثمرين
لكن هذه الذروة لم تدم طويلاً. فمع بداية تشرين الثاني/ نوفمبر، دخلت السوق في مرحلة تصحيح عنيف أدت إلى تراجع الأسعار بنحو 25–30%، لتستقر بين 85,000 و90,000 دولار مع نهاية العام.
هذا الهبوط أثّر بشكل أكبر على المستثمرين الصغار، خصوصاً أولئك الذين استخدموا رافعة مالية أو سيولة مرهونة، إذ أدى انخفاض الأسعار إلى موجات بيع قسرية رفعت حجم الضغوط السلبية في السوق.
العوامل المؤثرة في أداء البيتكوين خلال 2025
1- صناديق ETFs: محرك الصعود الأبرز
كان إدخال صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة نقطة تحول خلال العام، إذ ضخت مؤسسات مالية كبرى سيولة جديدة وأعطت شرعية أكبر للعملة في الأسواق التقليدية. وقد كان تأثيرها واضحاً، خصوصاً في النصف الأول من 2025 الذي شهد ارتفاعات قوية وسريعة.
2- التشريعات الأميركية: غموض يقلّص الإقبال
في الجانب المقابل، أثّر تأجيل التشريعات أو غموضها في الولايات المتحدة على ثقة المستثمرين. فكلما تأخر وضوح الموقف التنظيمي، ارتفعت مستويات القلق، ما انعكس مباشرة في زيادة التقلبات خلال النصف الثاني من العام.
3- تقلّب معنويات السوق
تبدّلت معنويات المستثمرين بشكل واضح خلال العام:
في مرحلة الصعود ارتفع مؤشر الخوف والطمع نحو مستويات الطمع المتقدمة بفعل ارتفاع الأسعار وزيادة التدفقات.
مع اقتراب نهاية العام تراجع المؤشر نحو مستويات الخوف، مع زيادة المخاوف من مزيد من الانخفاضات، بخاصة بعد التصحيح الحاد.
عام 2025 كان عاما استثنائيا للبيتكوين، جمع بين قمم تاريخية وتراجعات مؤلمة. ورغم التقلبات، أثبتت العملة أنها ما زالت قادرة على جذب المؤسسات والمستثمرين الأفراد، وأن مستقبلها سيظل مرتبطاً بعوامل تنظيمية وسيولية ومعنوية تتحكم في مساراتها بشكل مباشر.
ويبقى السؤال المفتوح مع نهاية العام: هل كانت هذه التصحيحات مقدمة لصعود جديد؟ أم بداية دورة هبوط أطول؟ الإجابة ستتضح مع دخول 2026 وما يحمله من تغيّرات في عالم العملات الرقمية.
يشهد الاقتصاد المغربي في نهاية عام 2025 مرحلة انتقالية حاسمة، حيث نجحت المملكة في تجاوز تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، مظهرةً مرونة استثنائية مدعومة بإصلاحات هيكلية واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والقطاعات الصاعدة.
وحسب تقارير بنك المغرب (دجنبر 2025)، ونشرات المندوبية السامية للتخطيط، تحديثات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025، فإن المغرب يدخل عام 2026 وهو في وضع اقتصادي مريح مقارنة بمحيطه الإقليمي. وبفضل التناغم بين السياسة المالية للحكومة والسياسة النقدية لبنك المغرب، استطاعت المملكة تعزيز سيادتها الاقتصادية وتوطين مكانتها كمركز استثماري عالمي رائد، مع طموح مشروع للوصول إلى معدلات نمو تلامس 6% في المدى المتوسط.
وأجمعت تقارير هذه المؤسسات المالية الدولية على نظرة تفاؤلية تجاه الاقتصاد المغربي لعام 2025، فقد رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.4%، وهي ذات النسبة التي اعتمدها صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير لشهر أكتوبر 2025، بعد أن كانت التوقعات السابقة تتأرجح حول 3.9%.
هذا التفاؤل يرتكز على عدة ركائز من شأنها أن تجعل توقعات النمو تحاكي قفزة نوعية تستجيب لجل الرهانات، أهم هذه الركائز دينامية القطاعات غير الفلاحية، خاصة صناعة السيارات والطيران التي سجلت أرقاماً قياسية في التصدير.
بدوره شكل قطاع السياحة، قاطرة النمو الجديد كونه خلق المفاجأة السارة لاقتصاد 2025، وأثبت المغرب أنه يتجه لتحطيم كافة الأرقام القياسية السابقة بمداخيل تتجاوز 130 مليار درهم، هذه الطفرة لم تعد موسمية، بل أصبحت هيكلية بفضل تنوع العرض السياحي وتعزيز النقل الجوي، مما جعل السياحة تساهم بشكل مباشر في تقليص عجز الحساب الجاري للمملكة.
الاستثمار العمومي والخاص: زخم المشاريع الكبرى المرتبطة باستضافة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
بخصوص التضخم والسياسة النقدية، فإن المؤشرات الرقمية عودة الاستقرار، حيث شكل عام 2025 عام “كبح جماح الأسعار” بامتياز، مما ساهم نوعا ما في انتعاش الطلب الداخلي، فبعد موجة التضخم التي ميزت العامين الماضيين، استقر معدل التضخم في ديسمبر 2025 عند مستوى 0.8% كمتوسط سنوي.
في هذا الصدد، نهج بنك المغرب سياسة نقدية حذرة ومتوازنة، حيث قرر في اجتماعه الأخير (دجنبر 2025) الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25%، يهدف هذا القرار إلى ضمان استمرارية تمويل الاقتصاد الوطني بتكلفة ملائمة، ومواجهة الارتفاع الملحوظ في حجم النقد المتداول الذي قارب 440 مليار درهم.
ركز بنك المغرب على جاذبية الدرهم والحفاظ عليها، مما أبان عن قوة أمام العملات الأجنبية، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0.9% مقابل الدولار في منتصف ديسمبر،
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال الاقتصاد المغربي يواجه تحديات يتوجب التعامل معها في 2026، تجعل التأسيس للآفاق المستقبلية أكثر صعوبة، أهم هذه العقبات الإجهاد المائي الذي لا يزال يلقي بظلاله على القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، مما دفع الدولة لتسريع مشاريع تحلية مياه البحر.
كما أن عجز الميزانية والذي تحاول الحكومة السيطرة عليه ليصل إلى حدود 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي عبر إصلاحات ضريبية شاملة.
أيضا إصلاح سوق الشغل يشكل كبرى التحديات طالما معدلات البطالة التي لا تزال مرتفعة نسبياً رغم النمو الاقتصادي القوي.
سجلت أكبر ستة بنوك أمريكية زيادة قوية في قيمتها السوقية خلال عام 2025، حيث أضافت نحو 600 مليار دولار مدفوعة بتوجه إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تخفيف القيود التنظيمية على القطاع، إلى جانب انتعاش نشاط الخدمات المصرفية الاستثمارية بشكل ملحوظ.
وقد ارتفعت القيمة السوقية المجمعة لكل من «جيه بي مورغان» و«بنك أوف أمريكا» و«سيتي غروب» و«ويلز فارغو» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» إلى نحو 2.37 تريليون دولار بنهاية تداولات الثلاثاء.
يقارن هذا النمو بنحو 1.77 تريليون دولار في نهاية العام الماضي وفق بيانات «إس آند بي غلوبال»، وتبرز هذه القفزة اتساع الفجوة الكبيرة بين البنوك الأمريكية ونظيراتها الأوروبية التي تعاني من بطء في النمو.
إذ لا تتجاوز القيمة السوقية المجمعة لأكبر ستة بنوك في القارة العجوز نحو تريليون دولار فقط، في امتداد لفارق جوهري ترسخ في الأسواق العالمية منذ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008.
بعد أن أثقلت القواعد التنظيمية المشددة كاهل البنوك الأمريكية لسنوات طويلة، بدأت هذه المؤسسات تجني ثمار تراجع القيود التي كانت تحد سابقاً من جاذبية أسهمها للمستثمرين في الأسواق المالية.
حيث سمحت الجهات التنظيمية للبنوك بمستويات أعلى من الرفع المالي وإعادة هيكلة اختبارات الضغط السنوية، إضافة إلى إلغاء إرشادات الإقراض المرتبطة بالقروض عالية المخاطر لتعزيز قدرتها التنافسية.
ارتفاع أسعار السبائك يحوّل تجارة المعادن الثمينة وتخزينها إلى أحد أكثر الأعمال ربحية بالقطاع المالي
توسع البنوك والتجار أقسام المعادن الثمينة والقدرات اللوجستية في إطار سباق محموم، للاستفادة من الارتفاع التاريخي للذهب هذا العام، والذي جعل عالم تجارة السبائك وتخزينها، الذي كان يعتبر هادئاً في الأغلب، أحد أكثر المجالات ربحية في القطاع المالي.
ووسط ارتفاع هائل في أسعار الذهب والفضة ارتفعت إيرادات أقسام تجارة المعادن الثمينة في البنوك الرائدة بنسبة 50 %، خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وذلك وفقاً لشركة «كريسيل كواليشين غرينتش» لتحليل البيانات.
وقال كالوم مينز، مدير الأبحاث في «كريسيل»: هناك فرصة كبيرة لتحقيق أرباح هذا العام، والجميع يتنافسون عليها بقوة». وأضاف أن المعادن الثمينة أصبحت «تشكل نسبة أكبر من إجمالي أعمال الأسواق» بالنسبة للبنوك الكبرى.
وبلغت إيرادات تداول المعادن الثمينة في 12 بنكاً رائداً نحو 1.4 مليار دولار بين يناير وسبتمبر، ما يجعل عام 2025 على المسار، ليكون ثاني أفضل عام مسجل لتداول الذهب، بعد عام 2020، وفقاً لبيانات شركة «كريسيل».
كذلك فإنه حتى البنوك التي أغلقت أقسام المعادن الثمينة لديها سابقاً تعود الآن إلى هذا القطاع، حيث قام كل من سوسيتيه جنرال ومورغان ستانلي وميتسوي بتوسيع فرقها المتخصصة في المعادن الثمينة هذا العام، وفقاً لمشاركين في السوق.
كما يحفز هذا التوجه منافسة متزايدة من خارج القطاع المصرفي، حيث تسارع المؤسسات غير المصرفية لزيادة حصتها في السوق المتنامية، وفي هذا السياق عززت كل من مصفاة «إم كيه إس بامب» السويسرية، ومنصة «ستون إكس» المالية، وشركة الوساطة «ماريكس»، التي تتخذ من لندن مقراً لها، عملياتها في تداول السبائك هذا العام.
وصرح مايكل سكينر، رئيس قسم المعادن في شركة «ستون إكس»، بأن هناك إقبالاً متزايداً وتوسعاً في السوق، مؤكداً أن الأسواق ستستفيد من تزايد عدد المشاركين.
وخلال العام الجاري دشنت ستون إكس، والتي لديها بالفعل نشاط تجاري كبير في تجارة الذهب المادي، قبواً للذهب تابعاً لبورصة كومكس في نيويورك، كما تعمل على توسيع مصفاة سبائك الذهب في المملكة المتحدة، التي اشترتها العام الماضي.
وفي نيويورك يمكن لبعض الخزائن المعتمدة من كومكس تخزين المعادن لتسليمها مقابل عقود كومكس الآجلة، وفي لندن، أكبر مركز لتجارة الذهب المادي في العالم، والذي تتم فيه مقاصة أكثر من 35 تريليون دولار من السبائك سنوياً، يجب على البنوك التي تجري مقاصة لأعضاء سوق لندن امتلاك خزائنها الخاصة. يوجد حالياً أربعة أعضاء فقط في سوق الذهب «لوكو لندن».
وكان ينظر إلى امتلاك الخزائن في السابق على أنه عمل ذو هوامش ربح منخفضة، ولذلك باعت بنوك مثل باركليز وسكوتيا بنك خزائنها في السنوات الأخيرة، لكن هذا النشاط يعود الآن إلى الواجهة.
وقال كالوم مينز من شركة كريسيل: «معظم البنوك إما تدرس أو درست بالفعل خيار إنشاء خزائن لحفظ الأصول. وإذا كنت مدرجاً في قائمة البنوك التي ستنشئ خزائن لحفظ الأصول، فستحصل على إيرادات إضافية تفوق غيرك، صحيح أن العائدات منخفضة، لكنها تجذب شريحة واسعة من المستثمرين».
ووفقاً لمشاركين في السوق فإن سيتي غروب من بين البنوك التي تدرس حالياً إنشاء خزائن لحفظ الأصول، وقال جيمس إيميت، الرئيس التنفيذي لشركة «إم كيه إس بامب»، التي اشترت خزائن بنك سكوتيا في نيويورك عام 2021، إن امتلاك خزائن لحفظ الأصول مكن من إدارة أعمال الحفظ التي توفر دخلاً ثابتاً.
وتمتلك شركة «إم كيه إس بامب» بالفعل ذراعاً تجارية كانت تعرف سابقاً باسم «إم كيه إس» بالإضافة إلى المصفاة السويسرية الكبيرة «بامب»، وتم دمجهما معاً في عام 2021، ما يضعها في موقف متميز بين المصافي، وقد قامت الشركة بتعيينات كبيرة هذا العام، بما في ذلك تعيين بول فولر، الرئيس السابق لقسم المعادن الثمينة في بنك «إتش إس بي سي»، كنائب رئيس مجلس الإدارة، كما وسعت عملياتها في آسيا بافتتاح مقر إقليمي جديد في هونغ كونغ.
وقال جيمس إيميت، إن هناك خططاً لمزيد من النمو في العام المقبل، بما في ذلك إطلاق تداول خيارات الذهب وتوسيع عمليات التكرير في الولايات المتحدة. وأضاف: «طموحنا أن نكون الشركة الرائدة عالمياً في مجال المعادن الثمينة. نحن نفعل كل شيء ما عدا استخراج الذهب من الأرض».
ومن المزايا التي تتمتع بها بنوك وول ستريت قدرتها على الوصول إلى ميزانيات عمومية ضخمة، وهو ما أصبح بالغ الأهمية هذا العام، عندما أدى الارتفاع المفاجئ في أسعار الذهب إلى إجهاد الميزانيات العمومية للمصنعين والتجار الصغار، ومع ذلك يتمتع العديد من المنافسين خارج القطاع المصرفي بميزة الخبرة الأوسع في توريد السبائك الذهبية المادية، وهو أمر معقد نظراً لضرورة التحقق من منشأ السبائك لاعتبارها «تسليماً جيداً» ومقبولة لدى جمعية سوق لندن للسبائك.
وتعتبر مخاطر شراء الذهب غير المطابق للمعايير مرتفعة للغاية بالنسبة للعديد من البنوك التي لا ترغب في الانخراط مبكراً في سلسلة التوريد، قبل تكرير الذهب. وقد بدأت شركتان تجاريتان سويسريتان مؤخراً في القيام بذلك، فقد أطلقت شركتا «ترافيجورا» و«جونفور»، المتخصصتان تقليدياً في الطاقة والمعادن الأساسية، مكاتب تداول للسبائك الذهبية المادية هذا العام، تتعامل مع الـ«دوريه» – وهي سبائك من الذهب ممزوجة بمعادن أخرى مستخرجة من المناجم – والذهب المكرر.
ووفقاً لـ«كريسيل» كانت إحدى أكثر الصفقات ربحية هذا العام هي المراجحة،التي ظهرت بين نيويورك ولندن خلال شهري يناير وفبراير، فقد تسببت المخاوف من الرسوم الجمركية المحتملة في ارتفاع سعر السبائك الذهبية المادية في الولايات المتحدة مقارنة بنظيرتها في لندن. مع ذلك، لم يتمكن الجميع من الاستفادة من هذه المكاسب. وقال كالوم مينز من شركة كريسل، إن إيرادات البنوك من تداول الذهب شهدت هذا العام «تفاوتاً أكبر» من المعتاد.
ويرحب العديد من خبراء الذهب المخضرمين بحقيقة أن السبائك أصبحت الآن محط الأنظار. وقال مايكل سكينر من شركة «ستون إكس»: «في بعض فترات مسيرتي المهنية، لم تكن المعادن موضوعاً يتحدث عنه كثيراً، لكن الوضع تغير الآن كثيراً».
أكد النائب الأول لحاكم مصرف سوريا المركزي، مخلص الناظر، أن حذف الأصفار من العملة الجديدة ليس تغييراً في القوة الشرائية لليرة، بل محاولة لإعادتها إلى مكانها الطبيعي في حياة الناس، وخطوة لتنظيم التعامل اليومي لتصبح الأسعار أوضح والحسابات أسهل والثقة أقرب.
وقال الناظر، اليوم الخميس: “بصفتي عضواً في فريق مشروع إطلاق الليرة السورية الجديدة أدرك تماماً أن هذا القرار لا يقاس بالحسابات وحدها، بل بما يعنيه لكل مواطن يحمل الليرة في يده ويعلّق عليها آماله”.
وأضاف أن “الليرة السورية الجديدة ليست وعداً سريعاً ولا حلاً سحرياً، بل خطوة على طريق طويل لإعادة بناء الثقة، والثقة هي أساس أي اقتصاد وأي مستقبل”، وفقاً لوكالة الأنباء السورية “سانا”.
وأوضح الناظر أن العملة لا تقوى بالتصميم وحده ولا بالقرار الإداري فقط، بل بالاستقرار والانضباط والصدق مع الناس، وتابع: “العمل على هذا المشروع يتم بهدوء وبمسؤولية وبمرحلية حتى تمر المرحلة الانتقالية بسلاسة، وتحفظ حقوق المواطنين وأجورهم ومدخراتهم والتزاماتهم دون أي مساس”.
وقال الناظر: “نحن نعرف حجم التحديات، ونعرف أيضاً أن السوريين يستحقون عملة تحترم تعبهم وصبرهم وتضحياتهم، وهذه مسؤوليتنا في مصرف سوريا المركزي وسنكون على قدرها”.
وكشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن تحديد الأول من يناير 2026 موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، مؤكداً أن العملية ستكون سلسة ومنظمة، وسيتم شرح آليتها بكل وضوح وشفافية.
رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي في عامي 2025 و2026، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن توقعات تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر في سبتمبر.
جاء ذلك مدفوعا بأداء أفضل من المتوقع لاقتصاد منطقة اليورو، إلى جانب الزيادة القوية في الاستثمارات بقطاع تكنولوجيا المعلومات.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نمو الاقتصاد العالمي بما يصل نسبته نحو 2.5% في 2025 و بما يصل نسبته نحو 2.4% في 2026، بحسب الاسواق العربية.
كما توقعت “فيتش” نمو اقتصاد منطقة اليورو 1.4% في 2025 و1.3% في العام المقبل، ونمو الاقتصاد الأمريكي 1.8% في 2025 و1.9% في 2026، ونمو الاقتصاد الصيني 4.8% في 2025 و 4.1% في 2026 .
“S&P” تمنح “صندوق الاستثمارات” تصنيف A1قصير الأجل مع نظرة مستقبلية مستقرة
أعلن صندوق الاستثمارات العامة “PIF”، اليوم الاثنين، حصوله على تصنيف A-1للائتمان قصير الأجل من وكالة ستاندرد أند بورز العالمية للتصنيف الائتماني (S&P)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس قوة مركزه المالي، وجودة مستويات السيولة والحوكمة، ويتواءم مع تصنيف الائتمان قصير الأجل للمملكة.
وبحسب بيان الصندوق، فقد منحت وكالة “ستاندرد أند بورز” التصنيف نفسه، A-1للائتمان قصير الأجل، لبرنامجي “صندوق الاستثمارات العامة” للأوراق التجارية الأميركي والأوراق التجارية الأوروبي، الذي أسسه الصندوق في يونيو 2025، لزيادة مدى المرونة التمويلية قصيرة الأجل لديه، وتنويع مصادر السيولة.
وقال زياد الفوزان مدير إدارة استراتيجية التمويل الاستثماري في صندوق الاستثمارات العامة: “يعكس حصول صندوق الاستثمارات العامة على تصنيف A-1 للائتمان قصير الأجل من وكالة ستاندرد أند بورز قوة مركزه المالي وإطار إدارة السيولة لديه”.
وتابع :”يُعزز التصنيف من إمكانية استفادة الصندوق من أسواق المال قصيرة الأجل لتنويع قاعدة مستثمريه ورفع جودة ائتمانه ومرونته التمويلية، بالإضافة إلى تعزيز مكانته بين أبرز جهات الإصدار العالمية ذات الكفاءة العالية في إدارة مركزها المالي بانضباط وتنوع.”
وتأتي تصنيفات “صندوق الاستثمارات العامة” الائتمانية لتجسد قوة المتانة المالية للصندوق، ومستويات الثقة العالية بمدى فاعلية استراتيجيته طويلة الأمد التي تركز على تحقيق القيمة الاقتصادية وتعزيز كفاءة الاستثمارات وضمان استدامة العوائد على المدى البعيد.
وينضم “صندوق الاستثمارات العامة” لعدد محدود من صناديق الثروة السيادية التي تحمل تصنيفات من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرائدة عالمياً:
– تصنيف “Aa3” مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة التصنيف الائتماني العالمية “موديز”.
– تصنيف “A+” مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة “فيتش”.
– تصنيف A-1 للائتمان قصير الأجل للتصنيف الائتماني، مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة “ستاندرد أند بورز”، بحسب الاسواق العربية.
ويُعد الصندوق واحداً من أبرز المستثمرين العالميين تأثيراً، ويعمل على تمكين القطاعات والفرص الجديدة التي تسهم في رسم ملامح الاقتصاد العالمي، وتحقيق العوائد، ودفع عجلة التحول الاقتصادي السعودي.
مع دخول الأسواق العالمية عصر «الاقتصاد المعرفي»، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد قطاع تقني عابر أو ظاهرة مؤقتة، بل أصبح محركاً رئيسياً يُعيد تشكيل النظام المالي العالمي. فبفضل قدرته على تحسين الإنتاجية وإيجاد سلاسل قيمة جديدة، أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً أساسياً في تحديد نجاح الشركات. واليوم، تُقاس قوة الشركات ومرونتها بقدرتها على استخدام الحوسبة المتقدمة والخوارزميات الذكية للتفوق في بيئة اقتصادية وجيوسياسية معقدة.
وتُشير توقعات شركات الوساطة العالمية لعام 2026 إلى أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور محوري في استراتيجيات الاستثمار، مع توقع استمرار مكاسب مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي للعام الثاني على التوالي.
وقال محللو استراتيجيات «باركليز»: «نعتقد أن المخاوف من انهيار سردية الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، ونتوقع استمرار النمو الاقتصادي لعام آخر». ومع ذلك، يبقى مستوى المخاطر قائماً، إذ يمكن لمفاجآت التضخم، والتقييمات المرتفعة، والتوترات الجمركية أن تؤدي إلى تصحيحات، حتى مع توقع المحللين أن يواصل الذكاء الاصطناعي وخفض أسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» دعم السوق الصاعدة.
توقعات النمو الاقتصادي العالمي
يتوقع المحللون أن يكون النمو الاقتصادي العالمي قوياً، مع تقديرات تُشير إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة.
وتُشير استطلاعات «رويترز» إلى أن مؤشر «ستاندرد آند بورز» القياسي سيرتفع بنحو 12 في المائة، ليصل إلى 7.490 نقطة بحلول نهاية عام 2026، ما سيؤدي إلى تسجيل العام الرابع على التوالي من الارتفاع إذا ما انتهى عام 2025 بزيادة مماثلة.
توقعات كبرى شركات الوساطة لأداء الأسهم
ومن بين توقعات مؤشرات الأسهم لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لعام 2026، تتراوح تقديرات شركات الوساطة الكبرى بين 7.100 نقطة كما لدى «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش»، وصولاً إلى 8.100 نقطة وفق إدارة «أوبنهايمر أسيت».
وتشمل الشركات البارزة الأخرى «باركليز» (7.400)، و«يو بي إس غلوبال ريسيرش» (7.500)، و«غولدمان ساكس» (7.600)، و«مورغان ستانلي» (7.800) و«سيتي غروب» (7.700).
كما تشير تقديرات إدارة «ويلز فارغو إنفستمنت» إلى نطاق 7.400-7.600 نقطة، في حين يتوقع معهد «إيفركور آي إس آي» 7.750 نقطة.
توقعات النمو الاقتصادي حسب المنطقة
وتُشير التقديرات إلى أن النمو في الولايات المتحدة يتراوح بين 1.3 و2.4 في المائة، في حين تتراوح توقعات منطقة اليورو بين 0.8 و2.4 في المائة. أما المملكة المتحدة، فيتوقع أن يُسجل النمو بين 0.9 و1.2 في المائة، في حين النمو العالمي يتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة حسب الشركة المصدرة للتقديرات، بما يعكس توقعات إيجابية نسبية للنمو الاقتصادي العالمي مقارنة بالمناطق الرئيسية.
كما تُشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيبقى محفزاً رئيسياً لاستراتيجيات الاستثمار في 2026؛ حيث تدعم الابتكارات في هذا المجال النمو الاقتصادي وتُحافظ على جاذبية السوق الصاعدة، رغم وجود المخاطر المتعلقة بالتقييمات العالية والتوترات الجيوسياسية والتجارية.
في وقتٍ تحافظ فيه اقتصادات الخليج على مستويات مرتفعة من السيولة والقدرة على امتصاص الصدمات، يبرز ملف الديون المتعثرة وإعادة الهيكلة بوصفه أحد المؤشرات الدقيقة على متانة النظام المالي من جهة، وقدرته على التكيّف مع المتغيرات العالمية من جهة أخرى. فبينما لا تزال نسب التعثر عند مستويات محدودة تاريخياً، تفرض بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وضغوط تنفيذ المشاريع الكبرى، وتحديات رأس المال العامل، واقعاً جديداً يدفع الشركات والمقرضين إلى البحث عن حلول أكثر مرونة وانتقائية.
وفي هذا السياق، ترصد «الشرق الأوسط» ملامح المشهد الراهن والمستقبلي لإدارة الديون المتعثرة في منطقة الخليج، ولا سيما في السعودية، من خلال لقاء خاص مع خبراء شركة «ألفاريز آند مارسال» العالمية.
وفرة السيولة
ويرى المدير الإداري ورئيس قسم استشارات الديون لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، كيرت ديفيس، أن الوضع المالي المتعثر في منطقة الخليج العربي لا يزال دون المستويات الحادة، مشيراً إلى أن وفرة السيولة في الأسواق تتيح حلولاً بديلة للعديد من التحديات، من خلال إعادة التمويل، ودعم المساهمين، وبيع الأصول، بدلاً من اللجوء إلى إجراءات إعادة الهيكلة الرسمية. ويوضح أن هذا الواقع أسهم في احتواء الضغوط ومنع انتقالها إلى موجات تعثر واسعة النطاق.
وعلى مستوى السعودية، يشير ديفيس إلى ظهور بعض مؤشرات التعثر، لا سيما في قطاعات العقارات والإنشاءات، إضافة إلى الشركات المتوسطة ذات المديونية المرتفعة. ويعزو ذلك إلى أسباب ثانوية تتعلق بضعف الطلب في بعض الأنشطة، وأسباب جوهرية تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، ومخاطر تنفيذ المشاريع، والصعوبات التي تواجه رأس المال العامل في تغطية الالتزامات التشغيلية.
وبالنظر إلى المرحلة المقبلة، يتوقع ديفيس استمرار اللجوء إلى حلول مرنة لإدارة الضغوط المالية، تشمل تعديل شروط القروض، وتمديد مواعيد استحقاقها، وزيادة عمليات تحويل الأصول إلى سيولة، إلى جانب الاعتماد على حلول ثنائية خاصة بين الأطراف المعنية. ويؤكد أن إجراءات إعادة الهيكلة تحت إشراف القضاء ستبقى ضمن نطاق ضيق، ومحصورة بالحالات التي تستدعي ذلك.
إعادة الهيكلة
أما عن تطور نهج الجهات المقرضة في دول الخليج خلال العامين الماضيين، فيشير ديفيس إلى أن التعامل مع الديون المتعثرة بات أكثر انتقائية وتنظيماً، مع توقع استمرار عمليات إعادة الهيكلة والإجراءات الخاصة خلال عام 2026، ولكن ضمن إطار محدود. ويرتبط هذا التوجه، حسب قوله، بعدة عوامل رئيسية، أبرزها استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترات أطول، واقتراب مواعيد استحقاق جزء كبير من الديون، إضافة إلى مخاطر تنفيذ المشاريع في القطاعات كثيفة الاستثمار.
وأشار ديفيس إلى الدور المحوري الذي تلعبه آليات الدعم المقدمة من الحكومات والبنوك والجهات الراعية في ضبط وتيرة هذه الأنشطة، إلى جانب تأثير معدلات تحويل الأصول إلى سيولة، سواء عبر بيع الأصول غير الأساسية، أو حتى الأساسية، أو من خلال الطروحات العامة الأولية. ويرجّح أن تظل عمليات إعادة الهيكلة محصورة في حالات التعثر الخاصة بكل شركة، وغير الناتجة عن انكماش اقتصادي واسع النطاق.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الشركات عند الدخول في مسارات إعادة الهيكلة، يوضح ديفيس أن الشركات تواجه نقص السيولة، وندرة خيارات إعادة التمويل، وتعقيد المفاوضات مع أطراف متعددة، تشمل البنوك والدائنين والجهات المعنية. وتزداد هذه التحديات عند وجود ثغرات في البيانات، أو عدم جاهزية أنظمة الحوكمة، أو الحاجة إلى إصلاحات تشغيلية حقيقية تتجاوز الحلول المالية البحتة.
كما يشدد على أن إدارة المخاطر المرتبطة بسمعة الشركة، والحفاظ على ثقة الموردين والعملاء، تمثل عاملاً حاسماً في نجاح أي عملية إعادة هيكلة. ويؤكد أن طبيعة التحديات تختلف باختلاف القطاعات؛ ففي قطاعي الإنشاءات والمقاولات، تبرز مخاطر الالتزامات المرتبطة بالمشاريع وضبط توقيت التدفقات النقدية، بينما يخضع القطاع العقاري لتقلبات الأسعار ودورات السوق. أما قطاعا التجزئة والصناعة، فيواجهان ضغوطاً أكبر على رأس المال العامل وارتفاع التكاليف التشغيلية.
البنية التشغيلية
من جانبه، يؤكد رئيس قسم إعادة الهيكلة والرئيس المشارك لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، بول غيلبرت، أن السوق تضم عدداً كبيراً من الشركات المثقلة بالديون التي تحتاج إلى عمليات إعادة هيكلة مالية، مرجحاً استمرار هذا الوضع خلال الفترة المقبلة. ويوضح أن الشركات قد تُجبر على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة أوضاعها المالية نتيجة أحداث طارئة في السيولة، أو عوامل خارجية تؤثر على الإيرادات أو ترفع التكاليف.
ويضيف غيلبرت أن الحاجة لا تقتصر على إعادة الهيكلة المالية فحسب، بل تمتد إلى إعادة النظر في البنية التشغيلية للشركات، مؤكداً أن هذا المسار يجب أن يُنظر إليه بوصفه فرصةً لتعزيز الأداء وتحسين الكفاءة. ويرى أن هذا النهج ينطبق على الشركات المزدهرة، كما على تلك التي تواجه تحديات مالية أو ديوناً متعثرة.
وبينما تمضي اقتصادات الخليج في تنفيذ برامج تنموية واستثمارية طموحة، يبقى ملف إعادة الهيكلة مؤشراً مهماً على قدرة الشركات على التكيّف مع التحولات، وعلى نضج الأطر التنظيمية والتمويلية في المنطقة.
تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد. وفي هذا السياق، يبرز التحدي في موازنة الاستفادة من الفرص الجديدة مع إدارة المخاطر المحتملة، لا سيما لأولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة، أو الدعم الاستشاري المستمر. ومع اقتراب هذه الأدوات المعقدة من متناول الجميع، يطرح السؤال المحوري: هل تمثل هذه الخيارات فرصة حقيقية لتعزيز العوائد، أم إنها تحمل مخاطر لم يعتد عليها المستثمر العادي في خططه التقاعدية التقليدية؟
وفي هذا الإطار، قد يُتاح قريباً للمستثمرين الأميركيين الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات المرتبطة بفئات الأصول، مثل الائتمان الخاص، والعملات الرقمية، في إطار جهود إدارة الرئيس ترمب، وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لفتح الأسواق. ويرى بعض مستشاري الاستثمار أن هذا التوسع قد يضع عبئاً إضافياً على الأفراد لتحمل مسؤولية حماية أنفسهم مالياً.
واعتمد كل من البيت الأبيض وهيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة بول أتكينز، منح المستثمرين خيارات أوسع للاستفادة من بعض فئات الأصول التي قد تحقق عوائد مرتفعة. ومع ذلك، يحذر بعض المستشارين الماليين عملاءهم المعتادين على الاستثمار في الأسهم والسندات من أنهم قد لا يكونون مستعدين تماماً لتدفق هذه العروض الجديدة، التي يتوقع محللو السوق ازديادها في 2026، وفق «رويترز».
يقول مارك ستانكاتو، مؤسس شركة «في آي بي ويلث آدفايزرس» في ديكاتور، جورجيا: «سيحدث شيء سلبي، وسيقول الناس: لحظة، لم أدرك المخاطر التي كنت أتعرض لها». ويضيف أن المستثمرين قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيما عند تقييم أصولهم التقاعدية.
وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، والبيت الأبيض استمرار تركيزهما على حماية المستثمرين. وقالت تايلور روجرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «يلتزم رئيس الهيئة، أتكينز، بضمان أسواق عادلة، ومنظمة، وفعّالة، مع حماية المستثمرين الأفراد». وأضافت أن الولايات المتحدة تظل «المكان الأفضل، والأكثر أماناً للاستثمار».
وأشار متحدث باسم الهيئة إلى أن تركيزها ينصب على ضمان حصول المستثمرين على «معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مدروسة» بشأن جميع المنتجات الجديدة. وكان أتكينز قد صرّح في سبتمبر (أيلول) بأن إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة تستلزم وضع ضوابط مناسبة. كما قالت وزارة العمل إنها ستضع قواعد وإرشادات لأفضل الممارسات عند تقديم الأصول الخاصة، وغيرها من البدائل لمستثمري التقاعد.
ويُثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه الخطوات توفر مزيداً من العوائد للمستثمرين، أو تزيد المخاطر على صغار المستثمرين. فقد أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) عن خطط لتسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى أصول مثل الائتمان الخاص، والأسهم الخاصة، وطلب من وزير العمل، المسؤول عن خطط التقاعد، التشاور مع جهات أخرى، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات، خلال ستة أشهر. وكان أتكينز قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) بأن أدوات التقاعد التقليدية، مثل صناديق التاريخ المستهدف، تتجنب الاستثمار في هذه الأصول، ما يضر بالمستثمرين.
حالياً، تتيح خطط التقاعد، مثل 401(k)، الاستثمار في الأصول المتداولة علناً، كالأسهم، والسندات، عبر صناديق الاستثمار المشتركة، أو صناديق المؤشرات المتداولة. وفتح الاستثمار في الأسهم الخاصة، أو الائتمان الخاص قد يوفر فوائد من حيث التنويع، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تقييم هذه الأصول، وسيولتها، وجودة الخيارات المتاحة للمستثمرين الأفراد.
كما تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على تسهيل وصول المستثمرين إلى العملات المشفرة من خلال تسريع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الجديدة، عبر اعتماد معايير الإدراج العامة في سبتمبر، ما أزال عقبة أمام إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية المرتبطة بالعملات المشفرة.
وقال روبرت بيرسيكيت، المخطط المالي في شركة «ديلاجيف فايناشال» بارفادا، كولورادو إن العروض الجديدة قد تزيد المخاطر على المستثمرين الأفراد، الذين يعتبرهم الأكثر عرضة للخطر، والأقل خبرة في تقييم مخاطر المنتجات الجديدة، أو المعقدة، مضيفاً: «المستثمر العادي… لا يملك فريقاً من المستشارين لدعمه».
ومنذ تطبيق معايير الإدراج العامة في سبتمبر، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة نمواً ملحوظاً، وفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، فيما توقعت شركة «بايتوايز» لإدارة الأصول ظهور نحو مائة صندوق أخرى خلال عام 2026. كما ازداد الاهتمام بصناديق الفترات، وهي صناديق مغلقة تستثمر في الأصول الخاصة، نتيجة استفادتها من توسيع نطاق خطط التقاعد.
وقال برايان أرمور، المحلل في «مورنينغ ستار»: «أتوقع تدفقاً كبيراً للصناديق التي تستثمر في الأصول الخاصة في عام 2026».
توقعت دراسة حديثة ارتفاع مساهمة قطاع السياحة المصري في الناتج المحلي، من 8.5 في المائة حالياً إلى 15 في المائة (نحو 25-30 مليار دولار) بحلول عام 2030، بما يضيف 1.8-2.1 تريليون جنيه للاقتصاد الكلي.
واشترط تقرير «أداء قطاع السياحة في مصر»، الصادر عن شركة «انطلاق»، «تنفيذ إصلاح شامل» في قطاع السياحة المصري، حتى نحصل على هذا السيناريو، مشيراً إلى أنه «يمكن أن يزيد التوظيف المباشر من 2.3 مليون إلى ما بين 3.5 و3.7 مليون وظيفة، مع اقتراب التوظيف غير المباشر من 6 ملايين وظيفة. ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع الإيرادات الضريبية المرتبطة بالمشروعات السياحية الصغيرة والمتوسطة من 5 مليارات جنيه حالياً إلى 20-25 مليار جنيه سنوياً، بينما يمكن أن تتضاعف تدفقات رأس المال المخاطر في تكنولوجيا السياحة بمعدل 4 إلى 5 مرات، لتصل إلى نحو مليار دولار».
ويأتي إطلاق التقرير في توقيت بالغ الأهمية لقطاع السياحة في مصر، ففي عام 2024، استقبلت مصر 15.7 مليون سائح دولي، وهو أعلى معدل في تاريخها. ويسهم القطاع السياحي حالياً بنحو 8.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويحقق عوائد سنوية من النقد الأجنبي تتراوح بين 14 و15 مليار دولار.
ورغم هذا التعافي القوي، يشير التقرير إلى أن القيمة المضافة لكل سائح لا تزال دون إمكاناتها، ما يحد من مكاسب الإنتاجية والقدرة على الصمود على المدى الطويل.
ويرى عمر رزق، الشريك المؤسس والعضو المنتدب لشركة «انطلاق»، أن قطاع السياحة المصري «أثبت جاذبيته العالمية، محققاً أرقاماً قياسية في أعداد السائحين وتعافياً قوياً بعد الجائحة، لا سيما عقب افتتاح (المتحف المصري الكبير)، إلا أن التحدي الحقيقي اليوم يتمثل في خلق القيمة».
وأضاف: «يوضح التقرير أنه من دون إصلاحات منسقة تشمل الحوكمة، والتراخيص، والبنية التحتية الرقمية، وتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة، سيظل النمو السياحي محدود الإنتاجية. ويُظهر تقرير أداء قطاع السياحة في مصر أن تبني نهج موحد قائم على التحول الرقمي وتكنولوجيا السياحة يمكن أن يضاعف المساهمة الاقتصادية للقطاع بحلول عام 2030، وينقل السياحة من نموذج قائم على الكم إلى محرك نمو عالي القيمة قائم على الابتكار، مما يحقق نمواً اقتصادياً شاملاً للقطاع».
ويشير التقرير إلى أن التحديات التي تواجه قطاع السياحة في مصر لم تعد مرتبطة بالطلب أو التنافسية العالمية، بل بتجزؤ المنظومة المؤسسية. فلا يزال النشاط السياحي متركزاً جغرافياً، بينما تظل مناطق واسعة من صعيد مصر، والصحراء الغربية، والوجهات التراثية والبيئية الثانوية غير مستغلة بالشكل الكافي. كما تتوزع مسؤوليات الحوكمة بين عدة وزارات وجهات، ما يؤدي إلى تكرار الإجراءات، وتجزؤ منظومة التراخيص، وضعف التنسيق بين تخطيط السياحة، والتحول الرقمي، وسياسات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وجذب الاستثمارات.
ووفقاً للتقرير، تتراوح مدد استخراج التراخيص السياحية في مصر عادة بين 6 و12 شهراً، وتشمل ما بين 10 و16 جهة حكومية، ولا تتجاوز نسبة الرقمنة فيها 10-30 في المائة. وفي المقابل، تستغرق إجراءات الترخيص في الأسواق المقارنة مثل دولة الإمارات ما بين شهر إلى شهرين، مع نسب رقمنة تتراوح بين 85 و95 في المائة.
حدد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، الأول من يناير (كانون الثاني) 2026 موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة وبدء عملية استبدال العملة القديمة، مؤكداً أن العملية ستكون «سلسة ومنظمة»، وأن آليتها ستُشرح «بكل وضوح وشفافية».
وقال الحصرية، في بيان صدر اليوم، إن صدور المرسوم رقم 293 لعام 2025 الخاص بـ«ولادة العملة السورية الجديدة»، يمثل «محطة وطنية مفصلية» تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة.
وأضاف أن المرسوم منح المصرف الصلاحيات اللازمة لتحديد مهل التبديل ومراكزه «بما يضمن حسن التنفيذ وسلاسة الإجراءات»، مشيراً إلى أن التعليمات التنفيذية الناظمة ستصدر بقرار من حاكم المصرف، مع التركيز على خدمة المواطنين وتسهيل الإجراءات عليهم في مختلف المناطق.
وأكد الحصرية، حسب ما نقلته وكالة أنباء سوريا (سانا)، أن تفاصيل عملية التبديل ستُعلن بشكل واضح وشفاف خلال مؤتمر صحافي مخصص، بما يعزز الثقة ويكرّس الشراكة مع المواطنين، لافتاً إلى استمرار مصرف سوريا المركزي في العمل خلال أيام 25 و26 و27 ديسمبر (كانون الأول) لمتابعة التحضيرات اللازمة لإطلاق العملية.
ووصف حاكم مصرف سوريا المركزي العملة السورية الجديدة بأنها «رمز للسيادة المالية بعد التحرير»، وعنوان لمرحلة جديدة تُبنى بتعاون الجميع وبإدارة المصرف المركزي، لتكون إنجازاً وطنياً يضاف إلى ما تحقق بعد التحرير، وخطوة «راسخة» نحو الاستقرار والنهوض الاقتصادي.
وأضاف أن الخطوة تمثل «لحظة مفصلية» في التاريخ المالي والاقتصادي للبلاد، للتعبير عن الوحدة والحضارة والتمسك بالسيادة المالية التي تجسدها العملة الجديدة.
وكان مصرف سوريا المركزي قد أوضح في 18 من شهر ديسمبر الحالي أنه سيعلن تفاصيل العملة الجديدة «في الوقت المناسب»، وحال اكتمال التجهيزات والترتيبات المطلوبة، مؤكداً أن جميع التعاملات المصرفية تسير مثل المعتاد دون أي تأثير على الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين.
وفي وقت سابق ذكر حاكم المصرف المركزي أن قرار تغير العملة درس بعناية ويجري العمل على توفير المتطلبات الفنية واللوجيستية، وضبط القاعدة النقدية لتجنب الآثار التضخمية.
وأوضح أن «لتبديل العملة رسائل مهمة، فعلى المستوى السياسي يعد تعبيراً عن استعادة السيادة، وعلى المستوى النقدي يسهم في تنظيم أفضل للوحدة النقدية، أما اقتصادياً فيشكل إشارة استقرار وجذب للاستثمار، فيما تنعكس آثاره اجتماعياً من خلال تخفيف عبء الأصفار عن الأسعار وتسهيل التعاملات».
كان 2025 عامًا ذهبيًا بامتياز، بعدما حطم المعدن الأصفر كل المستويات القياسية وقفز من نحو 2000 دولار إلى قمة تاريخية تجاوزت 4500 دولار للأونصة، محققًا ارتفاعًا يقترب من 70% خلال عام واحد فقط، في واحدة من أعنف موجات الصعود في تاريخ الذهب الحديث.
الارتفاع اللافت لم يكن مدفوعًا بالتضخم وحده، بل جاء نتيجة زلزال أعمق يضرب أسس النظام المالي العالمي، في ظل تصاعد الحروب التجارية، واتساع السياسات الحمائية، وتراجع الثقة في المنظومة الاقتصادية الدولية. ومع اهتزاز الدولار، اتجهت الأنظار مجددًا إلى الذهب بوصفه الملاذ الآمن الأخير.
ولم يقتصر التحول على المستثمرين الأفراد، بل شمل كبار صناع القرار في القطاع المالي العالمي. فقد صرّح جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان وأحد أبرز المتحفظين تاريخيًا تجاه الذهب، بأن امتلاك المعدن الأصفر بات خيارًا عقلانيًا في عالم اليوم، متوقعًا أن تصل الأسعار إلى 10 آلاف دولار للأونصة في عام 2026.
وتتقاطع الرؤية مع توقعات مؤسسات مالية كبرى، مثل جولدمان ساكس وجي بي مورجان، التي ترى مستوى 5000 دولار محطة أولى في طريق صعود قد يبلغ 10 آلاف دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وفي ظل ضعف العملات الورقية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، يعود الذهب ليؤكد مكانته كأكثر الملاذات موثوقية في أوقات عدم اليقين.
عندما عدت إلى توقعاتي لعام 2025، التي نُشرت في 20 ديسمبر 2024، فقد وجدت أنني أصبت في بعض الأمور. فقد توقعت مكاسب جيدة للأسهم، وأن العام لن يكون استثنائياً مثل عام 2024، مع تقلبات أعلى، وريادة شركات التكنولوجيا الكبرى في سوق مركّز. وهذا ما حدث، لكن لا أحد يُمنح جوائز لمن يتوقع استمرار ما كان يحدث، وإن كان ربما بدرجة أقل حدة.
أما التوقع الذي أفتخر به نوعاً ما فهو أن تخفيضات الإنفاق في «وزارة كفاءة الحكومة» لن تكون ذات جدوى كبيرة، وبالتالي سيظل الزخم المالي الأمريكي قوياً. ولم يكن هذا هو الرأي السائد. لكنني أشرت أيضاً إلى أن ترامب سيُكثر من الكلام دون أفعال كبيرة تذكر فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية والهجرة. وقلت:
«ستكون سياسات دونالد ترامب أقل ثورية مما يعتقده الكثيرون. ستكون ولايته الثانية شبيهة بولايته الأولى. سيتم إقرار بعض التخفيضات الضريبية، لكن فيما يخص التعريفات الجمركية والهجرة، وخاصة تخفيضات الميزانية، سيكون هناك ضجيج كبير دون اتخاذ إجراءات سياسية تُذكر في عام 2025».
ويبقى مدى صحة هذا الرأي بشأن التعريفات الجمركية أمراً نسبياً. فقد فرض ترامب بالفعل رسوماً كبيرة، لكنه تراجع عن تلك التي من شأنها إحداث تغيير اقتصادي جذري. وفيما يخص الهجرة، فقد كنتُ مخطئاً تماماً: كان لتأثير سياسات الإدارة على سوق العمل أثر بالغ. كيف فاتني ذلك؟ ربما سمحت لتحيزي الاقتصادي بالتأثير على حكمي السياسي. ولأن طرد المهاجرين لا يُفيد البلاد اقتصاديًا، فقد ظننت أن الإدارة ستكتفي بمجرد لفتات. وكنت مخطئاً بوضوح.
ولأسبابٍ ذات صلة بهذا الموضوع، جاءت توقعاتي للنمو والتضخم بشكل صحيح إلى حدٍ ما، لكنني أخطأت في توقعاتي بشأن سياسة أسعار الفائدة والدولار. فقد قلت: «ستُساعد السياسة المالية المتساهلة الاقتصاد الأمريكي، الذي يتمتع بزخمٍ جيد، على البقاء قوياً، مع نموٍ حقيقي لا يقل عن 2 %. وسيُبقي ذلك التضخم فوق الهدف بنسبة تصل إلى نقطة مئوية واحدة لمعظم العام، وسيكون الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من خفض أسعار الفائدة، أو سيخفضها مرة واحدة فقط في عام 2025. وهذا إما يُحافظ على فجوة أسعار الفائدة مع بقية العالم المتقدم أو يُوسعها، وبالتالي سيبقى الدولار قوياً أو سيزداد قوة».
ولم يكن من الصعب التنبؤ بأن حملة واسعة النطاق على الهجرة ستؤدي إلى تباطؤ نمو الوظائف، مما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مجالاً لخفض أسعار الفائدة حتى في ظل تضخم أعلى من الهدف المحدد. ولأنني أخطأت في هذا التوقع، فقد أصبحت نظرتي للدولار خاطئة أيضاً. لكن كانت هناك مشكلة أخرى تتعلق بالدولار: لقد فوجئت تماماً بأن الرسوم الجمركية ستتزامن مع ضعف الدولار، وليس تقويته، لأنني كنت أؤمن بالرأي السائد بأن الرسوم الجمركية الأمريكية ستعزز العملة عن طريق تقليل الطلب على الواردات. ويبدو أن التأثير الأقوى لسياسة الإدارة التجارية كان زيادة التحوط بالدولار، مما أدى إلى إضعافه.
وبالانتقال إلى الجزء الأهم: توقعات سوق الأسهم، ففي مسابقة اختيار الأسهم التي أجرتها صحيفة فايننشال تايمز قبل عامين، كنت قد اخترت أسهماً عالية المخاطر وعالية العائد، والتي انهارت جميعها بشكل كارثي. وفي عام 2024، وللأسف الشديد، اتجهتُ نحو أسهم الشركات ذات القيمة المنخفضة، في عامٍ شهد نمواً آخر. أما هذا العام، فنتائجي مُرضية أكثر (حتى الآن) لأنني تخلّيتُ عن ميلي الطبيعي نحو أسهم الشركات ذات القيمة المنخفضة غير المرغوبة، وخصصتُ اثنين من اختياراتي الخمسة لشركاتٍ كبيرة ذات قيمة عالية ونموٍّ سريع، وهما ألفابت وجيه بي مورغان تشيس.
وفي ما يتعلق بشركة ألفابت، فقد قلت: «تتمتع ألفابت بواحدة من أقل التقييمات المبالغ فيها في المجموعة، وتستمر إيراداتها في النمو. وربما إذا قرر قاضٍ منع جوجل من دفع مليارات الدولارات لشركة آبل مقابل حركة البحث، فسيكون ذلك في صالح المستثمرين».
حسناً، فقد استمر الحديث عن الذكاء الاصطناعي، واستمرت إيرادات جوجل في النمو. وقرر القاضي أن بإمكان جوجل الاستمرار في الدفع لشركة آبل. لكن السبب الأهم وراء نجاح المجموعة التقنية هذا العام، والذي لم أتوقعه، هو أن المخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على إعلانات البحث على الإنترنت قد تلاشت أمام إعجاب المستثمرين باستراتيجية جوجل الرشيدة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويا له من حظ!
وبالنسبة لجيه بي مورغان، قلت: «نعتقد أن الأسواق ستكون نشطة ومتقلبة في عام 2025، وهو أمر جيد لشركات التداول. قد يشهد سوق الاكتتابات العامة الأولية استقراراً مع سعي مالكي الأسهم الخاصة إلى توفير السيولة. ويعود منحنى العائد إلى الانحدار، مما يُفيد قطاعي الإقراض التجاري والتجزئة. ويسهم انخفاض معدل البطالة في دعم أعمال بطاقات الائتمان. قد يبدو الأمر بديهياً، ولكن لماذا لا نستثمر في جي بي مورغان تشيس في ظل هذه الظروف؟» وقد حدث كل ذلك تقريباً.
الفائز الثالث هو شركة توزيع الأدوية ماكيسون، التي كتبت عنها سابقاً: «إنها شركة مدارة بكفاءة في قطاع مستقر، تتمتع بعائد مرتفع جداً على رأس المال ونمو مطرد، وإذا ما ساءت الأوضاع، فمن المتوقع أن تتفوق. مع ذلك، يساورني بعض القلق بشأن الوضع المضطرب لقطاع الصيدلة، وما إذا كانت مخاطر التنظيم / السداد ستؤثر على شركات التوزيع».
وكانت الأوضاع مضطربة بالفعل، فقد شهد قطاع الصيدلة أداء مضطرباً بالفعل، ولكن بطريقة أفادت ماكيسون. فمع تزايد المخاوف بشأن التدخل الرئاسي الذي يهدد شركات الأدوية وشركات التأمين الصحي، أصبحت شركات التوزيع من بين القطاعات الفرعية القليلة في الرعاية الصحية التي يُمكن الاستثمار فيها بأمان. مرة أخرى: فائدة لم أتوقعها. وبفضل الأداء الجيد لهذه الشركات الثلاث، ارتفعت قيمة محفظتي الاستثمارية بنحو 22 %، متجاوزة بذلك مؤشر ستاندرد آند بورز الذي حقق 13 %.
لكن ماذا عن اختياراتي الخاسرة؟ اخترت شركة فولكان ماتيريالز لأن قطاع مواد البناء (مثل الحصى) هو المفضل لدي؛ فهو قطاع بسيط وأساسي، ويعتمد كلياً على احتكارات محلية. لكنها شركة دورية، ولم يتحقق النمو المتوقع هذا العام. كما أثر ضعف سوق الإسكان سلباً على شركة ويست مانجمنت، التي اخترتها كخيار دفاعي – وقد شهدت الأسهم الدفاعية عاماً سيئاً بشكل عام (بدت ويست مانجمنت خياراً ممتازاً في أبريل، عندما كانت الأسواق في حالة انهيار). لكنني كنت أسعى إلى تنويع محفظتي، ولم تكن اختياراتي الخاسرة سيئة لدرجة تعيق تماماً اختياراتي الجيدة.
ما الدروس المستفادة من كل هذا؟ إلى حد ما، عندما سارت الأمور كما توقعنا، كان ذلك يعود في الغالب إلى احترامنا لزخم السوق وجمود الاقتصاد. كما الرهان ضد التغييرات الكبيرة رهان آمن، حتى في بيئة متقلبة نسبياً.
حذر كولم كيليهر، رئيس مجلس إدارة بنك «يو بي إس»، الشهر الماضي، من أن سويسرا تفقد بريقها، وأنها وصلت إلى مفترق طرق في مواجهة تحديات جسيمة.
وفي هذا التحذير الصريح واللافت من أعلى هرم البنك الأكبر في سويسرا، استشهد كيليهر كدليل على ذلك بالمنافسة المدمرة في إدارة الثروات، والتعريفات الجمركية الأمريكية التي أثرت على قطاع الأدوية وقطاعات التصدير الأخرى، إلى جانب البيئة التنظيمية التي يراها غير متوافقة بشكل متزايد مع الأنظمة الأكثر ليبرالية.
وليس كيليهر الوحيد الذي يرى ذلك، فقد حذّر سيفيرين شوان، رئيس مجلس إدارة شركة روش العملاقة للأدوية ومقرها بازل، خلال حلقة نقاش هذا الشهر، من أن سويسرا «تواجه لحظة حرجة» ويجب أن تشعر «بقلق بالغ» من أن ضغوط الاستثمار العالمية وبطء اتخاذ القرارات السياسية يهددان قدرتها التنافسية.
وفي بلد يُفضّل تجنّب عناوين الأخبار العالمية، تُعدّ هذه الانتقادات من أعمدة مؤسسته الاقتصادية دليلاً على مدى صعوبة الأوضاع في سويسرا هذا العام. وطوال معظم فترة ما بعد الحرب، بدت سويسرا بمنأى عن الضغوط التي أثرت على جيرانها الأوروبيين. فقد أنتجت ديمقراطيتها المباشرة اللامركزية توافقاً في الآراء؛ وكان الفرنك إحدى أفضل العملات الآمنة في العالم؛ كما كانت أسسها الصناعية والدبلوماسية متينة.
ويقول والتر ثورنهر، المستشار السابق ورئيس ديوان المجلس الاتحادي السويسري: «شهدت سويسرا أزمات عدة على مر السنين، لكن الأزمة هذه المرة تبدو حادة بشكل خاص. وهناك شعور أشبه بالتواجد في ساحة مدرسة، حيث يتعرض تلميذ صغير للتنمر من قبل تلميذ في الصف السادس دون وجود معلم». كما يقول ديفيد باخ، رئيس كلية إدارة الأعمال «آي إم دي» والخبير في الجغرافيا السياسية: «جاء التوتر من اتجاهات متعددة هذا العام».
لقد أصبحت التساؤلات التي طالما ترددت كثيراً حول حياد سويسرا وعلاقتها المتعثرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي كانت تعتبر في السابق قضايا ثانوية بعيدة، أموراً ملحة ولا مفر منها. وتهدد بالتحول إلى معارك استفتاء شديدة الاستقطاب.
ويواجه بنك يو بي إس، الذي استحوذ على منافسه كريديه سويس عام 2023 في عملية إنقاذ حكومية بعد الانهيار المذل للأخير، خلافاً حاداً مع برن بشأن قواعد رأس المال التي يرى «يو بي إس» أنها تهدد القدرة التنافسية للقطاع.
كما كشفت المواجهة الجمركية مع واشنطن – التي فرضت فيها إدارة الرئيس دونالد ترامب أعلى معدل جمركي بين جميع الاقتصادات المتقدمة – عن هشاشة سويسرا كدولة صغيرة تفتقر إلى أي تكتل اقتصادي يدعمها. كذلك، فقد واجهت «جنيف الدولية»، مقر شبكة المنظمات الدولية وغير الحكومية، تحدياتٍ جمة، منها تقلص الميزانيات متعددة الأطراف وتجدد التساؤلات حول حيادها.
ولم تكن الدبلوماسية السويسرية التقليدية مستعدة لنهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائم على المصالح الشخصية ومبدأ «القوة هي الحق». ولم يتم حل النزاع حول الرسوم الجمركية إلا بعد أن زار مسؤولون تنفيذيون من شركات سويسرية بارزة البيت الأبيض وقدّموا لترامب سبيكة ذهبية وساعة رولكس، وهو ما يتناقض مع أسلوب البلاد الهادئ.
إن الأمر يبدو وجودياً لسويسرا لأنه يمس جوهر ما يعتقد السويسريون أنه سر نجاحهم في الماضي. فقد تأسست الدولة السويسرية الحديثة في منتصف القرن التاسع عشر، من خلال توافق بين كانتونات ذات هويات متميزة. وتم تفويض السلطة بدلاً من مركزتها، لتقديم نظام ديمقراطي مباشر فريد من نوعه.
ويشرف مجلس الوزراء الائتلافي، المجلس الاتحادي، على الوظائف الرئيسية، بينما تجرى استفتاءات شعبية عدة مرات في السنة لتعزيز الشرعية العامة والحد من التغييرات المفاجئة، مما يخلق ثقافة التدرج والقدرة على التنبؤ. وإلى جانب اقتصاد قائم على التصدير وقوى عاملة عالية المهارة، ساهم هذا النظام في تحقيق عقود من الازدهار، وولّد ثقة باتت الآن مهتزة.
ومع ذلك، يبقى لدى سويسرا خلال هذه الفترة المضطربة مزايا اقتصادية هائلة. فهي لا تزال مركزاً رائداً عالمياً لإدارة الثروات عبر الحدود، مع نمو مراكز منافسة. وقد بلغت الأصول المُدارة رقماً قياسياً العام الماضي، وفقاً لرابطة المصرفيين السويسريين، التي تؤكد استمرار تدفق رؤوس الأموال إلى البلاد.
كما لا تزال سويسرا تتمتع بأفضل سمعة كمركز مالي. وتسهم قوة الفرنك السويسري، فضلاً عن قوة الاقتصاد، في تعزيز هذه السمعة». ويُضاهي نظامها البيئي للابتكار، الذي ترتكز عليه جامعة إيث زيورخ وجامعات أخرى، مثيله في اقتصادات أكبر بكثير. ويميل المصنّعون إلى التخصص في مجالات دقيقة وذات هوامش ربح عالية، ما يُمكّنهم من استيعاب تكاليف العمالة المرتفعة وحماية صادرات سويسرا من تقلبات العملة. كما تُعتبر الخدمات العامة من بين الأفضل في العالم.
علاوة على ذلك، لا يزال التضخم والبطالة منخفضين وفقاً للمعايير العالمية؛ إذ يتجاوز الفرق في التضخم التراكمي منذ عام 2019 بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو من جهة، وسويسرا من جهة أخرى، 20 نقطة مئوية. كما كان الفرنك السويسري العملة الرئيسية الأفضل أداءً على مدى فترات زمنية متعددة.
كما تتمتع سويسرا بسجل حافل في التجديد والتطوير. كذلك، تُعزز الديمقراطية المباشرة الشعور بالثبات المؤسسي. وقد أكد الرفض الحاسم الشهر الماضي لمقترح فرض ضريبة عقابية على الميراث بنسبة 50 % والذي قدمه اليسار السياسي، ميل الناخبين نحو البراغماتية. رغم ذلك، بدت عدة استفتاءات أخرى مثيرة للجدل.
من ناحية أخرى، لا يمكن إنكار أن قضية الرسوم الجمركية كان لها وقع بالغ. فعندما فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 39 % على البضائع السويسرية – من الساعات إلى الشوكولاتة والآلات – تحركت الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص بسرعة.
ومع ذلك، مثّل الخلاف العلني غير المعتاد حول الاستراتيجية خروجاً عن التنسيق الهادئ التقليدي لسويسرا. وقد ضغطت الكانتونات ذات التوجه التصديري من أجل تقارب أوثق مع أوروبا، بينما دفعت أخرى نحو نهج أكثر عدائية تجاه الولايات المتحدة. وعندما تم التوصل أخيراً إلى حل وسط لرسوم بنسبة 15 % ظلّت البلاد منقسمة حول كل من الصورة العامة والنتيجة.
وقد أبرز النزاع الجمركي نقطة أهم، حيث يكمن النطاق الأوسع لعدم اليقين بسويسرا في المسائل الخارجية التي طالما أجلتها، مثل الحياد والدفاع وأوروبا والهجرة وحجم الدولة. وباتت هناك حاجة ماسة لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن العديد من هذه القضايا على الفور.
وقد وضعت الحرب الروسية الأوكرانية حياد سويسرا تحت ضغط لم تشهده البلاد منذ عقود. وشكّل قرار المجلس الاتحادي بتبني عقوبات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تحولًا هامًا في الموقف، لكنه ترك تساؤلات عالقة حول تطبيق الحياد في النزاعات السيبرانية، والحروب بالوكالة، والانتهاكات الصريحة للقانون الدولي.
ويُعدّ مستقبل علاقة سويسرا بالاتحاد الأوروبي قضية بالغة الأهمية. فقد خدم النظام الثنائي – وهو عبارة عن مجموعة من الاتفاقيات التي تمنح الوصول إلى السوق الموحدة دون تكامل سياسي – البلاد بشكل جيد. إلا أن الحفاظ عليه بات أكثر صعوبة مع ترسيخ الاتحاد الأوروبي لإطاره التنظيمي. وبعد سنوات من المفاوضات، توصلت برن وبروكسل هذا العام إلى مسودة اتفاقية، تُعرف باسم «الاتفاقية الثنائية الثالثة»، لتحديث وصول سويسرا إلى السوق الموحدة.
ويبقى السؤال المحوري هو: هل تستطيع سويسرا تكييف نموذجها الفريد مع عالم يتدخل بوتيرة أسرع من ذي قبل؟ صحيح أن لديها نقاط قوة جوهرية كبيرة، إلا أن هامش مناورتها يضيق.
لا أحد ينكر كيف غيرت المخترعات الحديثة حياة الناس، وجعلتهم يعيشون بشكل أفضل، وأبرز مثال على ذلك السيارات والطائرات والهواتف الذكية، وقد أدى التطور التقني المذهل إلى خلق طلب قوي على المعادن النادرة، وإذا كان انتشار السيارات قد استغرق قرناً من الزمان، والهواتف عقدين، فإن الذكاء الاصطناعي سوف يغير العالم في غضون سنوات قليلة، من جهة أخرى، سوف يمنح الطلب على هذه المواد الاستثنائية، الدول المنتجة، قوة جيوسياسية هائلة، ويرسم خريطة جديدة للعلاقات الدولية، والمعادلة هي أن من يفوز في هذه المعركة سيحكم العالم.
في بدايات القرن العشرين، كان امتلاك سيارة حلماً بعيد المنال، فقد كان هناك 5 أشخاص فقط من كل 1000 شخص هم من يمتلكون سيارة، ولم يكن الإنتاج السنوي يتجاوز بضعة آلاف، وكان الناس يتنقلون إما سيراً على الأقدام أو ركوب الترام، وكانت احتياجاتهم من البقالة إلى المدرسة والمستشفى متوفرة في دائرة نصف قطرها ميلان فقط، ثم جاء هنري فورد في عام 1913، وأحدث ثورة بخطوط تجميع المركبات، فأصبحت السيارة متاحة للطبقة الوسطى، وانخفض سعر سيارة فورد موديل تي من 850 دولاراً عام 1908 إلى 360 دولاراً عام 1916، ورغم الكساد الكبير، عادت المبيعات للارتفاع بعد الحرب العالمية الثانية، كأنها طائر الفينيق ينهض من الرماد.
ومع انتشار السيارات، أصبح التنقل أسهل، فانتقل الناس إلى ضواحي بعيدة عن أماكن عملهم، وفي الأربعينيات والخمسينيات، دفع لوبي قوي يشمل شركات النفط والسيارات والبناء نحو تبنى سياسات حكومية تعزز الطرق، مما جعل السيارة ضرورة يومية، وتغير وجه المدن الحديثة حيث امتدت المسافات بين المنازل وأماكن العمل، وبحلول الستينيات، كان ثلثا العمال يقودون سياراتهم، ووصل متوسط مسافة التنقل إلى 16 كيلومتراً، ومع ذلك، لا يجب أن ننسى أن هذه الراحة جاءت بثمن باهظ: تلوث أكبر، وتكاليف أعلى، فنشأ الطلب على سيارات أخف وأكثر كفاءة في استخدام الوقود.
هنا، دخلت المواد المتخصصة المشهد بقوة، وعلى سبيل المثال، في عام 1970، كان هيكل السيارة كله من نوع واحد من الفولاذ، لكن، بحلول عام 2017، أصبح هيكل السيارة يتكون من 10 أنواع فولاذ متخصصة لتقليل الوزن، وكل نوع يحتوي على عناصر كيميائية نادرة مثل الموليبدينوم والفاناديوم، التي تمنح القوة والمتانة ومقاومة الصدأ، وهذه العناصر مستخرجة من دول قليلة فقط، مما يضع ضغطاً على سلاسل التوريد العالمية، ويثير توترات جمركية بين الشركاء التجاريين، وخاصة بين الولايات المتحدة والصين.
أما الهاتف الذكي، فيعد مثالًا آخر على التكنولوجيا التي تُولّد طلبًا قوياً على المعادن النادرة وتؤثر على السياسات الخارجية للدول، لأنه بدون هذا الجهاز الصغير، يشعر الكثيرون بالعجز، ويصابون برهاب من فقدانه، ويحتوي كل هاتف على ثلاثة أرباع العناصر الضرورية لشاشات اللمس، والبطاريات، والكاميرات، والمكبرات، هذه العناصر تجعل الجهاز يعمل بسحر، لكنها أيضاً تسببت في مشكلات تتعلق بسلاسل التوريد، والآن، يدخل الذكاء الاصطناعي المعركة كلاعب عملاق، يعتمد على كميات هائلة من المعادن النادرة لصنع الرقائق والأجهزة، مما يفاقم الاعتماد على موارد محدودة، وهذا الضغط سوف يعيد تشكيل خريطة القوى العالمية، ويثير توترات جيوسياسية.
أبدى حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد تحفظات على مشروع قانون سداد الودائع، الذي يهدف إلى تمكين المودعين من الاسترداد التدريجي لأموالهم المجمّدة في النظام المصرفي منذ الانهيار المالي عام 2019.
وقال سعيد إن الجدول الزمني المقترح لسداد الجزء النقدي من الودائع يُعد طموحاً إلى حدّ ما، مشيراً إلى أن مشروع قانون الاستقرار المالي وسداد الودائع قابل للتعديل عند الاقتضاء، من دون المساس بحقوق المودعين، وبما يضمن انتظام المدفوعات واستمراريتها على المدى الطويل.
ودعا حاكم مصرف لبنان مجلس الوزراء إلى إخضاع مشروع القانون لمراجعة دقيقة وشاملة وبنّاءة، بما يعزز العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي، وذلك قبل إحالته إلى مجلس النواب.
كما شدد سعيد على أن المشروع يحتاج إلى مزيد من التوضيح والتعزيز، لا سيما في ما يتعلق بالتزامات الدولة تجاه خطة سداد الودائع.
وناقش مجلس الوزراء القانون يومي الاثنين والثلاثاء ومن المقرر أن يستكمل مناقشاته يوم الجمعة.
تتسع وتيرة توسع المصارف والمتداولين في مكاتب المعادن الثمينة والقدرات اللوجستية، في سباق محموم للاستفادة من الارتفاع التاريخي للذهب هذا العام؛ وهو ما حول عالم تداول السبائك والتخزين الذي كان هادئاً في السابق، إلى أحد أكثر المجالات ربحية في القطاع المالي.
وفي ظل الارتفاع الحاد لأسعار الذهب والفضة، قفزت إيرادات مكاتب تداول المعادن الثمينة في المصارف الكبرى بنسبة 50% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفقا لبيانات شركة “كريسيل كواليشين غرينويتش” للتحليلات.
وقال كالوم مينز، مدير الأبحاث في “كريسيل” لصحيفة فايننشال تايمز: “هناك فرص كبيرة للربح هذا العام، والجميع يُبدي حماساً كبيراً في هذا المجال”.
وأضاف أن المعادن الثمينة باتت تُشكل “نسبةً أكبر من إجمالي أعمال الأسواق” للبنوك الكبرى.
وبلغت إيرادات تداول المعادن الثمينة في 12 مصرفاً رائداً نحو 1.4 مليار دولار بين يناير كانون الثاني وسبتمبر أيلول، مما يضع عام 2025 على المسار الصحيح ليكون ثاني أفضل عام على الإطلاق لتداول الذهب، بعد عام 2020، بحسب “كريسيل”.
وحتى المصارف التي أغلقت مكاتب المعادن الثمينة لديها سابقاً، تعود حالياً للدخول في هذا القطاع؛ حيث قامت مؤسسات مثل “سوسيتيه جنرال” و”مورغان ستانلي” و”ميتسوي” بتوسيع أقسام المعادن الثمينة لديها هذا العام، وفقا للمشاركين في السوق.
وفي نيويورك، يمكن لبعض الخزائن المعتمدة من قبل بورصة “كومكس” الاحتفاظ بالمعادن للتسليم مقابل عقود “كومكس” الآجلة. أما في لندن، التي تعد أكبر مركز عالمي لتداول الذهب الفعلي وتجري فيها مقاصة سبائك تزيد قيمتها عن 35 تريليون دولار سنوياً، فيتعين على المصارف الأعضاء في عملية المقاصة امتلاك خزائن خاصة بها. ويوجد حالياً أربعة أعضاء مقاصة فقط في سوق الذهب بنظام “لوكو لندن”.
وكان امتلاك الخزائن يعد سابقا عملا “مملا” ومنخفض الهامش الربحي، وهو ما دفع مصارف من بينها “باركليز” و”سكوتيا بنك” لبيع خزائنها في الأعوام الأخيرة. لكن هذا التوجه بدأ يعود حاليا ليتصدر المشهد.
وقال مينز، من شركة “كريسيل”: “معظم المصارف إما تستكشف أو استكشفت بالفعل مجال التخزين. فإذا كنت مدرجا في قائمة التخزين، فستحصل على إيرادات إضافية تفوق الجميع، ورغم أنها عوائد منخفضة، إلا أنها توفر زخما جيدا”.
ومن بين الجهات التي تتطلع لافتتاح خزنة حاليا مصرف “سيتي غروب”، وفقا لمشاركين في السوق.
من جهته، أوضح جيمس إيميت، الرئيس التنفيذي لشركة “إم كي إس بامب”، التي اشترت خزنة “سكوتيا بنك” في نيويورك عام 2021، أن امتلاك خزنة يجعل من الممكن إدارة أعمال الحفظ التي توفر دخلا شبيها بالمعاشات السنوية.
وتمتلك “إم كي إس بامب” بالفعل ذراعا تجاريا (عُرف سابقا باسم MKS)، بالإضافة إلى مصفاة سويسرية كبرى (Pamp)، حيث تم دمج الكيانين في عام 2021، وهو أمر غير مألوف بين المصافي.
وقد أجرت الشركة عدة تعيينات كبرى هذا العام، شملت ضم بول فولر، الرئيس السابق للمعادن الثمينة في مصرف “إتش إس بي سي”، نائبا لرئيس مجلس الإدارة، كما وسعت عملياتها في آسيا عبر مقر إقليمي جديد في هونغ كونغ.
وأكد إيميت التخطيط لمزيد من النمو في العام المقبل، بما في ذلك إطلاق تداول خيارات الذهب وتوسيع عمليات المصافي في الولايات المتحدة، قائلا: “طموحنا هو أن نكون المؤسسة الرائدة في مجال المعادن الثمينة عالميا، فنحن نقوم بكل شيء باستثناء استخراج المعدن من الأرض”.
وتكمن إحدى المزايا التي تتمتع بها مصارف “وول ستريت” في قدرتها على الوصول إلى ميزانية عمومية ضخمة؛ وهو أمر بات حاسما هذا العام، حين أدى الارتفاع غير المتوقع في أسعار الذهب إلى الضغط على الميزانيات العمومية للمصنعين وصغار المتداولين.
توريد السبائك
ومع ذلك، يتمتع العديد من منافسيهم من خارج القطاع المصرفي بميزة الخبرة الأكبر في توريد السبائك الذهبية؛ وهي عملية معقدة نظرا للحاجة إلى التأكد من منشأ السبائك لتصنف ضمن فئة “التسليم الجيد” وتكون مقبولة لدى جمعية سوق السبائك في لندن. وتعتبر مخاطر شراء ذهب غير ممتثل للمعايير مرتفعة للغاية بالنسبة لكثير من المصارف، مما يمنعها من الانخراط مبكرا في سلسلة التوريد قبل تكرير الذهب.
وقد بدأ بيتا تداول سويسريان في القيام بذلك مؤخرا؛ حيث أطلق “ترافيغورا” و”غونفور”، المتخصصان تقليديا في الطاقة والمعادن الأساسية، مكاتب لتداول السبائك الفعلية هذا العام تتعامل بـ “الذهب الخالص” (Doré) -وهو سبائك ذهب مختلطة بمعادن أخرى مستخرجة من المناجم- والذهب المكرر.
ووفقا لشركة “كريسيل”، كانت إحدى أكثر الصفقات ربحية هذا العام هي عملية “التحكيم” (Arbitrage) التي نشأت بين نيويورك ولندن خلال شهري يناير كانون الثاني وفبراير شباط؛ حيث أدت المخاوف من التعرفات الجمركية المحتملة إلى تحليق سعر السبائك الفعلية في الولايات المتحدة مقارنة بنظيرتها في لندن.
ومع ذلك، لم يتمكن الجميع من الاستفادة من هذه المكاسب؛ إذ أشار مينز من “كريسيل” إلى أن إيرادات تداول الذهب في المصارف أظهرت “تشتتا” أكثر من المعتاد هذا العام.
ويرحب العديد من خبراء الذهب بحقيقة أن السبائك باتت الآن مركز الاهتمام؛ حيث قال سكينر من “ستون إكس”: “مرت أوقات خلال مسيرتي المهنية لم تكن فيها المعادن موضوعا يتحدث عنه الناس، لكن هذا الأمر انعكس تماما حاليا”.
سمحت منصة «بينانس» بمرور مئات ملايين الدولارات عبر حسابات مشبوهة، حتى بعد تعهدها بتشديد إجراءات الامتثال، وذلك في إطار تسوية جنائية مع أميركا بقيمة 4.3 مليار دولار في عام 2023، وفق تحقيق أجرته صحيفة «فايننشال تايمز».
وكشف التحقيق، استناداً إلى ملفات داخلية اطّلعت عليها الصحيفة، أن حسابات تحمل مؤشرات خطر واضحة، من بينها صلات بشبكات تمويل إرهابية، وأنماط تسجيل دخول مستحيلة عملياً، وفشل في التحقق من الهوية، واصلت التداول لفترة طويلة بعد اتفاق الإقرار بالذنب في نوفمبر تشرين الثاني 2023. وتغطي البيانات المسرّبة معاملات جرت بين عامي 2021 و2025.
وحصلت «فايننشال تايمز» على بيانات تتعلق بـ13 حساباً مشبوهاً تعاملت بما مجموعه 1.7 مليار دولار، من بينها 144 مليون دولار جرى تداولها بعد إبرام التسوية مع السلطات الأميركية. وأحد هذه الحسابات مسجّل باسم امرأة فنزويلية تبلغ من العمر 25 عاماً، تلقت أكثر من 177 مليون دولار من العملات المشفرة خلال عامين، وغيّرت بيانات حساباتها المصرفية 647 مرة خلال 14 شهراً، متنقلة بين 496 حساباً مختلفاً في أنحاء القارتين الأميركيتين.
وقال ستيفان كاسيلا، المدعي الفدرالي السابق، للصحيفة إن هذا النمط «يُعد نشاطاً مشبوهاً»، مضيفاً أن «الأمر يبدو كما لو أن شخصاً يدير نشاطاً لتحويل الأموال».
وجاء تحقيق «فايننشال تايمز» بعد أشهر من تخلي هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية عن دعواها القضائية ضد «بينانس»، والتي اتهمت فيها المنصة بتضخيم أحجام التداول بشكل مصطنع، إضافة إلى اتهامات بتحويل أموال العملاء وتضليل المستثمرين بشأن أنظمة المراقبة لديها.
كما أُثيرت مخاوف هذا العام بشأن عمليات «بينانس» في فرنسا، التي فتحت تحقيقاً جنائياً مطلع عام 2025.
وأظهرت البيانات أيضاً أن أحد الحسابات المرتبطة بموظف في بنك فنزويلي سجل دخولاً من كراكاس عند الساعة 3:56 مساءً في 24 فبراير شباط 2025، ثم من مدينة أوساكا اليابانية عند الساعة 1:30 صباحاً في اليوم التالي، في تسلسل زمني يُعد مستحيلاً من الناحية الجغرافية.
وتلقّت الحسابات الثلاثة عشر مجتمعةً نحو 29 مليون دولار بعملة «تيثر» المستقرة من حسابات جمدتها إسرائيل لاحقاً بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
من جانبها، قالت «بينانس» للصحيفة إنها «تحافظ على ضوابط امتثال صارمة ونهج عدم التسامح مطلقاً مع الأنشطة غير المشروعة»، مؤكدة امتلاكها «أنظمة قوية لرصد المعاملات المشبوهة والتحقيق فيها».
وفي تطور لافت، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عفواً عن مؤسس «بينانس» تشانغبينغ تشاو في أكتوبر تشرين الأول، بعد إدانته بانتهاك قوانين مكافحة غسل الأموال الأميركية. وأعقب ذلك توسيع عائلة ترامب لعلاقاتها التجارية مع المنصة هذا الشهر عبر شركة «وورلد ليبرتي فايننشال»، مع الإعلان عن «توسع كبير» لعملة مستقرة جديدة مرتبطة بالدولار الأميركي على منصة «بينانس».
وكانت وزارتا العدل والخزانة الأميركيتان قد عينتا مراقبين مستقلين في مايو أيار 2024 للإشراف على امتثال «بينانس»، إلا أن كثيراً من المعاملات التي راجعتها «فايننشال تايمز» جرت بعد بدء هذا الإشراف.
وقالت جيسيكا ديفيس، المسؤولة السابقة في الاستخبارات الكندية، إن عفو ترامب «خفف من صرامة بيئة الامتثال»، مضيفة أن «الدافع سابقاً كان يتمثل في إبقاء المدير التنفيذي خارج السجن». وأردفت أن الغرامات، مهما بلغت قيمتها، قد تصبح «عديمة التأثير» في ظل الأرباح الضخمة التي تحققها هذه المنصات.
شهدت البنوك المركزية الكبرى خلال عام 2025 أكبر وأسرع حملة لتيسير نقدي منذ الأزمة المالية العالمية، في حين تصاعدت وتيرة التيسير النقدي بين صناع السياسات في الدول النامية.
وخفّضت تسعة بنوك مركزية تشرف على العملات العشر الأكثر تداولاً أسعار الإقراض القياسية خلال العام، وتشمل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والبنك المركزي الأوروبي، و«بنك إنجلترا»، بالإضافة إلى البنوك المركزية في أستراليا، ونيوزيلندا، وكندا، والسويد، والنرويج، وسويسرا، وفق «رويترز».
وقدّمت هذه البنوك 850 نقطة أساس من التيسير النقدي عبر 32 عملية خفض لأسعار الفائدة، وهو أكبر عدد من التخفيضات منذ 2008 وأوسع نطاق للتيسير النقدي منذ 2009.
تغير في اللهجة قبيل عام 2026
يمثّل هذا تحوّلاً جذرياً مقارنة بعامَي 2022 و2023، عندما رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكانت اليابان الاستثناء هذا العام، إذ رفعت أسعار الفائدة مرتَين.
ويتوقع بعض المحللين أن يشهد عام 2026 تحولاً جديداً، مع تلميحات واضحة إلى تغير لهجة العديد من البنوك المركزية في مجموعة العشر، خصوصاً في كندا وأستراليا، مما قد يمهّد لرفع أسعار الفائدة مستقبلاً.
وقال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي في شركة «تي دي» للأوراق المالية، جيمس روسيتر: «نتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة العام المقبل، وأن يقترب كل من بنك الاحتياطي الأسترالي وبنك كندا من القيام بالمثل».
وفي الولايات المتحدة، يواجه «الاحتياطي الفيدرالي» ديناميكيات متضاربة في سوق العمل والتضخم.
وقال رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في بنك «جيه بي مورغان»، لويس أوغانيس: «خلال عام 2025، كان موقف (الاحتياطي الفيدرالي) في كل اجتماع؛ إما الإبقاء على أسعار الفائدة وإما خفضها، ولم نناقش أي مرة رفعها. لكن من المرجح أن يتغير هذا الوضع خلال 2026، خصوصاً في النصف الثاني من العام، حيث ستزداد احتمالية وجود مخاطر مزدوجة».
وأظهرت البيانات الشهرية تباطؤ وتيرة التيسير النقدي، إذ من بين البنوك التسعة التي اجتمعت في ديسمبر، خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» و«بنك إنجلترا» أسعار الفائدة فقط، في حين رفعتها اليابان.
الأسواق الناشئة تواصل خفض أسعار الفائدة
واصلت الدول النامية تخفيض أسعار الفائدة بوتيرة سريعة، إذ قامت ثمانية بنوك مركزية من عينة شملت 18 اقتصاداً نامياً بعقد 14 اجتماعاً خلال ديسمبر (كانون الأول)، وخفّضت أسعار الفائدة بمقدار 350 نقطة أساس، وتشمل تركيا، وروسيا، والهند، والمكسيك، وتايلاند، والفلبين، وبولندا، وتشيلي.
وبهذا الإجراء، ارتفع إجمالي التخفيضات السنوية في الاقتصادات الناشئة إلى 3085 نقطة أساس عبر 51 خطوة، متجاوزاً بكثير التخفيضات المسجلة في 2024، البالغة 2160 نقطة أساس، وهو أكبر جهد لتخفيف أسعار الفائدة منذ 2021 على الأقل.
التضخم تحت السيطرة
قالت المديرة العامة في شركة «أليانز غلوبال إنفستورز»، جوليا بيليغريني: «التضخم ظل تحت السيطرة، بل أكثر من ذلك حتى في الأسواق المتقدمة، بفضل فاعلية صناع السياسات».
وفي الأسواق الناشئة، سجلت زيادات في أسعار الفائدة بلغت 625 نقطة أساس منذ بداية العام، أي أقل من نصف الزيادة التي بلغت 1450 نقطة أساس في 2024، ويتوقع المحللون المزيد من التيسير النقدي.
وقالت المديرة العامة لشركة «مانوليف» لإدارة الاستثمارات، إلينا ثيودوراكوبولو: «لا تزال هناك العديد من الأسواق الناشئة التي يمكنها، بل ينبغي عليها بدء خفض أسعار الفائدة، مثل البرازيل وربما المجر، في حين يمكن لبعض الدول الأخرى تمديد هذه العملية».
نما الاقتصاد الأميركي بمعدل سنوي قوي ومفاجئ بلغ 4.3 في المائة في الربع الثالث، مدفوعاً بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والصادرات والإنفاق الحكومي.
وأعلنت وزارة التجارة الأميركية، يوم الثلاثاء، أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) -وهو إجمالي إنتاج السلع والخدمات- ارتفع من معدل نموه البالغ 3.8 في المائة في الربع الثاني (أبريل/نيسان – يونيو/حزيران). وكان المحللون الذين استطلعت آراؤهم شركة البيانات «فاكت سيت» قد توقعوا نمواً بنسبة 3 في المائة فقط خلال هذه الفترة، وفق «أسوشييتد برس».
ومع ذلك، لا يزال التضخم أعلى من المستوى الذي يطمح إليه «الاحتياطي الفيدرالي». فقد ارتفع مؤشر التضخم المفضل لدى البنك المركزي -مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي- إلى 2.8 في المائة سنوياً في الربع الأخير، مقارنةً بـ2.1 في المائة في الربع الثاني.
وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، بلغ معدل التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي 2.9 في المائة، مرتفعاً من 2.6 في المائة في الربع الثاني.
وارتفع الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي الأميركي، إلى معدل سنوي قدره 3.5 في المائة في الربع الأخير، مقارنةً بـ2.5 في المائة في الفترة من أبريل إلى يونيو.
وعقب صدور التقرير، قلص الدولار خسائره مقابل الين إلى 156.11 ين، بانخفاض نسبته 0.6 في المائة، فيما انخفض اليورو مقابل الدولار إلى 1.1786 دولار، رغم أنه لا يزال مرتفعاً بنسبة 0.2 في المائة خلال جلسة التداول.
تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد، بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة، وذلك بعد الاتفاق على مستوى الخبراء مع القاهرة بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة.
ورغم أن الصندوق لم يعلن موعداً محدداً لصرف الدفعة الذي وافق عليها، فإنه من المتوقع أن تكون خلال يناير (كانون الثاني) أو بالأكثر أول فبراير (شباط) المقبل.
وقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر فلادكوفا هولار في بيان صحافي: «جهود الاستقرار حققت مكاسب مهمة، والاقتصاد المصري يُظهر مؤشرات على نمو قوي».
ويتضح من طريقة صياغة الصندوق للتقرير، تراجع وتيرة حدة الكلمات التي كان يستخدمها على نطاق واسع في بياناته عن مصر، خصوصاً فيما يتعلق بأزمة الدولار، والتضخم، وزيادة الديون.
يشار إلى أن مصر حققت ضعف معدل النمو الاقتصادي خلال العام المالي الماضي، فقد سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.4 في المائة خلال العام المالي 2024 – 2025، مقارنة بـ2.4 في المائة خلال العام السابق، وأسهمت إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، ونمو الصادرات غير النفطية، في تقليص عجز الحساب الجاري الذي تراجع خلال العام المالي الماضي بنسبة 25.9 في المائة، ليصل إلى 15.4 مليار دولار مقابل 20.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023 – 2024.
وسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري أعلى مستوى في تاريخه عند 56.9 مليار دولار.
المراجعتان الخامسة والسادسة
دمج الصندوق المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الدعم المقدم لمصر، كي يمنح السلطات مزيداً من الوقت. وأضاف الصندوق في بيان أنه توصل أيضاً إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لبرنامج تمويلي آخر قائم، هو تسهيل الصلابة والاستدامة، وهو ما قد يتيح لمصر إمكانية الوصول إلى تمويل إضافي يصل إلى 1.3 مليار دولار.
ولا يزال الاتفاق كل ذلك بحاجة إلى موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
وتوصلت مصر في مارس (آذار) 2024 إلى اتفاق بشأن قرض قيمته ثمانية مليارات دولار لمدة 46 شهراً، في وقت كانت تواجه فيه تضخماً مرتفعاً ونقصاً في العملة الأجنبية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، تمكنت مصر من كبح التضخم الذي بلغ ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2023. وبلغ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية 12.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
لكن حدة نقص العملة الأجنبية في البلاد خفت بدعم من برنامج قرض صندوق النقد الدولي، وإيرادات سياحية قياسية، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، واتفاقات استثمارية مع دول خليجية، بينها الإمارات، بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.
وأضاف الصندوق أن الإصلاحات الهيكلية لا تزال بحاجة إلى تسريع، بما في ذلك التخارج من الأصول المملوكة للدولة، وهو محور أساسي في اتفاق القرض يرى الصندوق أن التقدم فيه يحرز تقدماً بطيئاً.
دور الدولة في الاقتصاد
في أغسطس (آب)، أقرت مصر تعديلات تشريعية تهدف إلى تسريع بيع الأصول المملوكة للدولة.
وقالت هولار: «نمضي قُدماً، ينبغي تسريع الجهود الرامية إلى تقليص دور الدولة. ويشمل ذلك إحراز تقدم كبير إضافي في أجندة التخارج، وبذل جهود إضافية لضمان تكافؤ الفرص».
على صعيد متصل، وضمن جهود زيادة الإيرادات الدولارية للدولة، أعلنت هيئة قناة السويس، أن السفينتين «سي إم إيه سي جي إم جاك سعادة»، و«سي إم إيه سي جي إم أدونيس» عبرتا القناة الثلاثاء، إلى جانب السفينة «سيباروك» التابعة لشركة «ميرسك».
كان شركة «ميرسك» قد أعلنت يوم الجمعة أن إحدى سفنها عبرت البحر الأحمر ومضيق باب المندب لأول مرة منذ نحو عامين، في الوقت الذي تدرس فيه شركات الشحن العودة إلى قناة السويس التي تُشكّل ممراً تجارياً حيوياً بين آسيا وأوروبا.
يأتي هذا بالتزامن مع تخفيف التوترات في البحر الأحمر، من جانب جماعة الحوثي اليمنية، التي كانت تستهدف السفن المارة في البحر الأحمر، نتيجة استمرار حرب إسرائيل في غزة.
تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد، بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة، وذلك بعد الاتفاق على مستوى الخبراء مع القاهرة بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة.
ورغم أن الصندوق لم يعلن موعداً محدداً لصرف الدفعة الذي وافق عليها، فإنه من المتوقع أن تكون خلال يناير (كانون الثاني) أو بالأكثر أول فبراير (شباط) المقبل.
وقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر فلادكوفا هولار في بيان صحافي: «جهود الاستقرار حققت مكاسب مهمة، والاقتصاد المصري يُظهر مؤشرات على نمو قوي».
ويتضح من طريقة صياغة الصندوق للتقرير، تراجع وتيرة حدة الكلمات التي كان يستخدمها على نطاق واسع في بياناته عن مصر، خصوصاً فيما يتعلق بأزمة الدولار، والتضخم، وزيادة الديون.
يشار إلى أن مصر حققت ضعف معدل النمو الاقتصادي خلال العام المالي الماضي، فقد سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.4 في المائة خلال العام المالي 2024 – 2025، مقارنة بـ2.4 في المائة خلال العام السابق، وأسهمت إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، ونمو الصادرات غير النفطية، في تقليص عجز الحساب الجاري الذي تراجع خلال العام المالي الماضي بنسبة 25.9 في المائة، ليصل إلى 15.4 مليار دولار مقابل 20.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023 – 2024.
وسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري أعلى مستوى في تاريخه عند 56.9 مليار دولار.
المراجعتان الخامسة والسادسة
دمج الصندوق المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الدعم المقدم لمصر، كي يمنح السلطات مزيداً من الوقت. وأضاف الصندوق في بيان أنه توصل أيضاً إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لبرنامج تمويلي آخر قائم، هو تسهيل الصلابة والاستدامة، وهو ما قد يتيح لمصر إمكانية الوصول إلى تمويل إضافي يصل إلى 1.3 مليار دولار.
ولا يزال الاتفاق كل ذلك بحاجة إلى موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
وتوصلت مصر في مارس (آذار) 2024 إلى اتفاق بشأن قرض قيمته ثمانية مليارات دولار لمدة 46 شهراً، في وقت كانت تواجه فيه تضخماً مرتفعاً ونقصاً في العملة الأجنبية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، تمكنت مصر من كبح التضخم الذي بلغ ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2023. وبلغ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية 12.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
لكن حدة نقص العملة الأجنبية في البلاد خفت بدعم من برنامج قرض صندوق النقد الدولي، وإيرادات سياحية قياسية، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، واتفاقات استثمارية مع دول خليجية، بينها الإمارات، بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.
وأضاف الصندوق أن الإصلاحات الهيكلية لا تزال بحاجة إلى تسريع، بما في ذلك التخارج من الأصول المملوكة للدولة، وهو محور أساسي في اتفاق القرض يرى الصندوق أن التقدم فيه يحرز تقدماً بطيئاً.
دور الدولة في الاقتصاد
في أغسطس (آب)، أقرت مصر تعديلات تشريعية تهدف إلى تسريع بيع الأصول المملوكة للدولة.
وقالت هولار: «نمضي قُدماً، ينبغي تسريع الجهود الرامية إلى تقليص دور الدولة. ويشمل ذلك إحراز تقدم كبير إضافي في أجندة التخارج، وبذل جهود إضافية لضمان تكافؤ الفرص».
على صعيد متصل، وضمن جهود زيادة الإيرادات الدولارية للدولة، أعلنت هيئة قناة السويس، أن السفينتين «سي إم إيه سي جي إم جاك سعادة»، و«سي إم إيه سي جي إم أدونيس» عبرتا القناة الثلاثاء، إلى جانب السفينة «سيباروك» التابعة لشركة «ميرسك».
كان شركة «ميرسك» قد أعلنت يوم الجمعة أن إحدى سفنها عبرت البحر الأحمر ومضيق باب المندب لأول مرة منذ نحو عامين، في الوقت الذي تدرس فيه شركات الشحن العودة إلى قناة السويس التي تُشكّل ممراً تجارياً حيوياً بين آسيا وأوروبا.
يأتي هذا بالتزامن مع تخفيف التوترات في البحر الأحمر، من جانب جماعة الحوثي اليمنية، التي كانت تستهدف السفن المارة في البحر الأحمر، نتيجة استمرار حرب إسرائيل في غزة.
استهلَّ رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مساراً مفصلياً بالإعلان عن إنجاز مسودة مشروع قانون معالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع. واتسمت هذه الخطوةٍ بجرأةٍ افتقرت إليها الحكومات السابقة على رغم من إدراك الجميع لضرورتها القصوى. وقد حمل حضور كل من وزير المالية، ووزير الاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان، دلالتَين متضافرتَين: الأولى سياسية توحي بوجود توافقٍ بين الرؤساء الثلاثة لتمرير هذا القانون، والثانية اقتصادية تعكس محاولة الجمع بين جهةٍ تسعى لتلبية اشتراطات المجتمع الدولي، وأخرى تحاول حماية هيكلية القطاع المصرفي. بيد أنّ هذا «الإجماع السريالي» لم يصمد طويلاً، إذ سرعان ما استعرّ نصل الإعتراض من قِبل بعض الأطراف.
اقتطاعٍ مخصَّص يستهدف «الأصول غير المنتظمة»
واستندت مسودّة الحكومة إلى ركيزتَين أساسيّتَين: الأولى هي التحوّل من سياسة الاقتطاع الشامل على الودائع إلى اقتطاعٍ مخصَّص، يستهدف ما اصطُلح على تسمِيَته بـ «الأصول غير المنتظمة»؛ والثانية، هي ضمان حقوق المودعين عن طريق استعمال الذهب الذي لطالما كان خطاً أحمر. وفي هذا السياق، يقترح القانون شطب الأصول غير المنتظمة التي تُقدّر قيمتها بنحو 35 مليار دولار.
وقد حاولت الحكومة، أن تُقيم وزناً من العدالة بين المصارف والمودعين، إذ شملت هذه الأصول الفوائدَ المرتفعة التي جناها بعض المودعين من الهندسات المالية، كما استهدفت أرباح المصارف المتضخّمة الناتجة من تلك الهندسات التي جرى توزيعها أرباحاً للمساهمين. وكذلك طالت المسودّةُ العمليات التي تمّت وفق أسعار صرف تفضيلية وبالمكيال عينه، شملت التحويلات الضخمة التي هُرِّبت إلى الخارج بعد العام 2019 واستفاد منها بعض المحظيِّين من أصحاب النفوذ.
100 ألف دولار من قيمة كل وديعة في 4 سنوات
وعقب الانتهاء من عملية «تنقية» الودائع من تلك «الأصول غير المنتظمة»، يقضي المقترح بتقسيط ما يصل إلى 100 ألف دولار من قيمة كل وديعة على مدار 4 سنوات. وتُقدّر هذه الودائع بنحو 20 مليار دولار، يُفترض أن تُسدَّد بالتعاون بين مصرف لبنان والمصارف، على ألّا تتجاوز حصة المصرف المركزي 60% من القيمة الإجمالية. ما يعني مطالبة المصارف بتأمين ما لا يقل عن 8 مليارات دولار خلال 4 سنوات، بينما يقع على عاتق مصرف لبنان تأمين 12 مليار دولار، وهو مبلغ يتماهى إلى حدٍّ كبير مع حجم احتياطاته النقدية الحالية، بشرط أن تعترف الحكومة بدَينها تجاه مصرف لبنان، وتجري مقاصة مع موجوداتها لديه.
أمّا الذهب، الذي ناهزت قيمته اليوم قرابة 38 مليار دولار، فسيُستخدَم كضمانة لسداد الشق الذي يتجاوز الـ 100 ألف دولار من كل وديعة، وذلك عبر تحويل هذه المبالغ إلى سندات دَين على المصرف المركزي مضمونة بالذهب. ومن خلال هذا الإجراء، تكون الحكومة قد أراحت المصارف من التزاماتٍ تعجز عن الوفاء بها، وتكون في الوقت عينه قدّمت ضمانة للمودعين باسترداد مبالغ لا تملك المصارف القدرة على أدائها. وبطبيعة الحال، يفتح هذا التدبير الباب لمخاطر تتعلّق بالإستقرار النقدي والمالي جراء تسييل الذهب، في ظل نظامٍ نقدي لا يزال يرتكز على سياسات استنسابية كانت هي السبب الرئيس في فجوةٍ مالية تبلغ قيمتها ضعف قيمة الذهب نفسه.
دولارات مجلس النقد تضمَن ثبات سعر الصرف
وبناءً على المعطيات المذكورة، فإنّ إجمالي الـ 85 مليار دولار من الودائع ستُطفأ عبر الآليات التالية: شطب 35 مليار دولار من الأصول غير المنتظمة، واستعمال جزء كبير من احتياطي الذهب البالغ 38 مليار دولار لضمان الودائع، و12 مليار دولار من احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى 8 مليارات دولار يتوجّب على المصارف تأمينها. وهنا يبرز اعتراض المصارف بشدّة على مبلغ الـ 8 مليارات دولار المطلوب منها خلال 4 سنوات، معتبرةً إياه عبئاً يفوق طاقتها، كما تعترض على إجراءات الاقتطاع التي تستهدف فائض أرباح المساهمين والتحويلات إلى الخارج.
وعلى رغم من أهمّية معالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع، فإنّ الحل الشامل لا يقتصر على إعادة التوازن الدفتري للمصارف، بل يقتضي أيضاً استعادة الثقة بالنظام المالي عبر جذب ودائع جديدة تشكّل الأساس لإعادة إطلاق عجلة النمو. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مجلس نقد يضمن تغطية كاملة للعملة الوطنية بالاحتياطيات النقدية، فتصبح دولارات التغطية المصدر الحقيقي والوحيد للثقة بالليرة، بدلاً من الإرتهان لمصداقية الحكومة أو مصرف لبنان. ومن شأن مجلس النقد أن يُشجّع اللبنانيِّين الذين كنزوا الدولارات في منازلهم، وكذلك المغتربين والمستثمرين، على تحويل دولاراتهم إلى الليرة وتوظيفها داخل النظام المصرفي للاستفادة من فارق العوائد، ولا سيما أنّ دولارات مجلس النقد تضمَن ثبات سعر الصرف. ويُعيد هذا الإصلاح الجوهري تدفّق السيولة إلى الشرايين المصرفية، ويسمح لها بتعويض ما ستُسدِّده جرّاء هذا القانون.
للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة المالية في لبنان، يطرح مشروع قانون متكامل للفجوة المالية، لمعالجة الانهيار، ينسجم إلى حد كبير مع متطلبات صندوق النقد الدولي، ويشكل الإطار التشريعي الأوضح حتى الآن لمحاولة توزيع الخسائر وإعادة هيكلة القطاع المالي.
بيد أن المشروع، على الرغم من الإيجابيات التي يبنى عليها، لا يزال يفتقر إلى عناصر أساسية تجعله قابلاً للتطبيق وأكثر عدالة، بما فتح الباب أمام اعتراضات واسعة من المودعين والمصارف، وتحفظ واضح من مصرف لبنان.
لا شك في أن مشروع القانون ليس مثاليا، ولن يكون قادراً على إرضاء جميع الأطراف. جمعيات المودعين عبرت عن رفضها للصيغة المطروحة، وهي محقة في عدد من مطالبها، لا سيما في ما يتعلق بحماية الحقوق المكتسبة وضمان العدالة في توزيع الخسائر.
في المقابل، تعارض المصارف المشروع بشدة، معتبرة أنه يحملها والمودعين العبء الأكبر من خسائر الأزمة بطريقة غير عادلة، ويخالف المعايير القانونية والمالية المعتمدة دولياً.
وترى المصارف أن المشروع يعاني ثغرات جوهرية، أبرزها غياب التحديد الشفاف للفجوة المالية لدى مصرف لبنان، وتجاهل مسؤولية الدولة المباشرة وغير المباشرة عن الأزمة، فضلا عن عدم الأخذ في الاعتبار قدرة المصرف المركزي على المساهمة من خلال تسييل جزء من أصوله.
وتحذر من أن هذا النهج يهدّد حقوق المودعين، ويقوض الثقة بالقطاع المصرفي، ويعرض الاستقرار المالي لمخاطر إضافية، مقترحة استخدام جزء من الذهب لتأمين السيولة اللازمة.
أما مصرف لبنان، الذي شارك في المداولات وأدى دوره كمستشار للحكومة، وزودها بالأرقام المتوافرة لديه، فهو بدوره غير راض كلياً عن مشروع القانون بصيغته الحالية. وتفيد مصادر مطلعة بأنّ “المصرف لبنان يعتبر أن المشروع يتضمن الكثير من النقاط الإيجابية، لكن تطبيقه يبقى مستحيلاً من دون مساهمة واضحة وصريحة من الدولة، خصوصاً أنّ السياسات المالية والعجز المزمن في الموازنات، وملف كهرباء لبنان، وسياسات الدعم، تجعل الدولة شريكاً أساسياً في التسبب بالأزمة المالية والمصرفية”.
وتظهر السجلات الرسمية لدى مصرف لبنان أن الدولة مدينة له بما لا يقل عن 16.5 مليار دولار، وهو مبلغ اعترفت الدولة بإنفاقه لتسديد سندات يوروبوندز وفوائدها وغيرها من الالتزامات. إضافة إلى ذلك، ترتبت ديون جديدة على الدولة بعد عام 2019، تتجاوز قيمتها 13 مليار دولار “فريش”.
ويعود الجزء الأكبر من هذه الديون، أي نحو 10 مليارات دولار، إلى سياسات الدعم للمحروقات وغيرها، التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب في عهد الرئيس السابق ميشال عون. أما الجزء المتبقي، والمقدر بنحو 3 مليارات دولار، فيتمثل بمدفوعات سددها مصرف لبنان عن الدولة لتسديد قروض للمؤسسات والصناديق الدولية، ولشراء الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان بين عامي 2020 و2023.
وتؤكد المصادر أنّ “مصرف لبنان لا يطبع الدولار الأميركي، وأنه أخطأ حين استخدم، تحت الضغط وبصورة قسرية، أموال المصارف المودعة لديه، أي أموال المودعين، لتغطية نفقات الدولة، سواء بموجب قوانين ألزمته بذلك أو قرارات حكومية. ومنذ عام 2020، فإنّ كل دولار سدده مصرف لبنان لصالح الدولة كان “فريش دولار”.
بذلك، تكون الدولة مدينة لمصرف لبنان، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بما مجموعه نحو 30 مليار دولار. وفي حين أصبح معروفاً أن الدولة غير قادرة على تسديد هذه الديون كاملة، بيد أن إنجاح مشروع القانون يتطلب، كحد أدنى، اتفاقا واضحا بين الدولة ومصرف لبنان على إطار زمني وآلية لسداد جزء من هذه الالتزامات، أو على الأقل تسديد ما يعادل ربعها، أي نحو 8 مليارات دولار أميركي، مقسطة على 8 سنوات. فقيام الدولة بهذه الخطوة يتيح لمصرف لبنان الوفاء بالتزاماته، بينما غيابها يجعل القانون غير قابل للتطبيق عمليا.
في المحصلة، ثمة اجماع أن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان. ومن هنا، فإن إدخال تعديل جوهري واحد على مشروع القانون قد يجعله أكثر عدالة وقابلية للتنفيذ. فمصرف لبنان، وفق ما تؤكد مصادره، لا يمكنه تحمل أكثر من 9 مليارات دولار، مقسطة على 5 سنوات، وهي في غالبيتها أموال للمودعين سيعاد ضخها إليهم. كما أن المصارف، بصفتها مسؤولة، يجب أن تتحمل ما لا يقل عن 6 مليارات دولار نقدا خلال الفترة عينها.
وإذا التزمت الدولة بمسؤولياتها وساهمت بدورها بنحو 6 مليارات دولار على 5 سنوات، يصبح تطبيق القانون ممكنا. .. وأكثر من ذلك، يتيح هذا التوازن رفع سقف الودائع المضمونة إلى ما بين 115 و120 ألف دولار، بدلا من 100 ألف دولار حاليا. إذ تقدر كلفة ضمان 100 ألف دولار بنحو 18 مليار دولار (تقدير غير نهائي)، في حين أن كلفة رفع السقف إلى 115 ألف دولار تصل إلى نحو 21 مليار دولار تقريباً.
أما الملاحظات الأخرى على مشروع القانون، ورغم أهميتها، فتبقى قابلة للنقاش والمعالجة بسرعة. غير أن الحل الحقيقي يبدأ باعتراف صريح من جميع الأطراف بمسؤولياتها، وتضمين هذه المسؤوليات بوضوح في نص القانون، مع تحديد آليات تأمين السيولة وحصة كل طرف (الدولة، المصارف، ومصرف لبنان)، ضمن جدول زمني دقيق، واضح، وملزم للجميع.
سجل إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قِبل البنوك التجارية التقليدية في سلطنة عُمان بنهاية شهر أكتوبر/تشرين الاول 2025م زيادة بنسبة 8.6 بالمائة، في حين ارتفع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بمقدار 4.4 بالمائة ليصل إلى 21.6 مليار ريال عُماني.
وفيما يخص بند الاستثمار، شهد إجمالي استثمارات البنوك التجارية التقليدية في الأوراق المالية ارتفاعًا بنسبة 5.9 بالمائة ليصل إلى حوالي 6.5 مليار ريال عُماني بنهاية أكتوبر 2025م.
وضمن هذا البند، سجل الاستثمار في سندات التنمية الحكومية ارتفاعًا بنسبة 10.6 بالمائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي ليبلغ 2.1 مليار ريال عُماني، أما بالنسبة لاستثمارات هذه البنوك في الأوراق المالية الأجنبية، فقد انخفضت بمعدل 3.9 بالمائة لتصل إلى 2.4 مليار ريال عُماني وذلك بنهاية أكتوبر 2025م.
وفي الجانب الآخر للميزانية -الخصوم-، ارتفع إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية التقليدية بنسبة 1.4 بالمائة ليبلغ 25.7 مليار ريال عُماني بنهاية أكتوبر 2025م.
وضمن إجمالي الودائع، سجلت ودائع الحكومة لدى البنوك التجارية ارتفاعًا بنسبة 9.8 بالمائة لتبلغ حوالي 5.9 مليار ريال عُماني، أما بالنسبة لودائع مؤسسات القطاع العام فقد انخفضت بنسبة 44.7 بالمائة لتبلغ حوالي 1.5 مليار ريال عُماني خلال الفترة نفسها.
وسجلت ودائع القطاع الخاص ارتفاعًا بنسبة 8.4 بالمائة لتصل إلى 17.4 مليار ريال عُماني في أكتوبر 2025م، مشكّلةً ما نسبته 67.5 بالمائة من إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية التقليدية.
وفي سياق آخر، ارتفع إجمالي الأصول للبنوك والنوافذ الإسلامية مجتمعةً إلى حوالي 9.2 مليار ريال عُماني أي ما نسبته 19.5 بالمائة من إجمالي أصول القطاع المصرفي في سلطنة عُمان بنهاية شهر أكتوبر 2025م، مسجلة ارتفاعاً بمعدل 10.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
أما إجمالي رصيد التمويل الممنوح من الوحدات التي تمارس هذا النشاط، فقد سجلت ارتفاعًا بنسبة 10.4 بالمائة ليبلغ حوالي 7.4 مليار ريال عُماني.
كما سجلت الودائع لدى البنوك والنوافذ الإسلامية زيادة بنسبة 11.9 بالمائة لتبلغ نحو 7.3 مليار ريال عُماني بنهاية أكتوبر 2025م.
أكد موقع «datacenterdynamics» المهتم بعالم التكنولوجيا اهتمام قطر الكبير بالاستثمار في القطاعات المستقبلية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي الذي يأتي على رأس الاهتمامات القطرية في الداخل والخارج، مشيرا إلى أن العام الجاري شكل نقطة رئيسية لتحول الدوحة لمشروعات هذا المجال، وذلك من خلال ضخ استثمارات واضحة في هذا السوق، وأبرزها إطلاق شركة Qai في الأيام القليلة الماضية بإجمالي أصول بلغت 20 مليار دولار أمريكي، والتي ستركز مع الشركة العملاقة Brookfield على تطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الدوحة، مع التركيز على بناء مراكز الحوسبة المتقدمة و المستخدمة لأحدث الابتكارات، ما سيعزز من النهضة التي تشهدها قطر في التحول الرقمي.
– حجم الاستثمارات
وقدر التقرير حجم الاستثمارات القطرية في العام الحالي من قطاع التكنولوجيا بحوالي 25 مليار دولار، ذاكرا البعض من الصفقات المنجزة خلال 2025، ومنها إطلاق شركة Qai لم يكن الاستثمار القطري الوحيد في قطاع الذكاء الاصطناعي خلال العام الحالي، بل صاحبه العديد من الاستثمارات الأخرى، ذاكرا منها المشاركة في جولة تمويل بقيمة 275 مليون دولار لشركة D-Matrix المتخصصة في هذا المجال، وذلك ضمن الخطط القطرية لدخول الأسواق العالمية لتقنيات « IA «، ناهيك عن الاستمرار في العمل على إتمام ضخ الحوافز الحكومية التي تم الإعلان عنها سابقا والبالغة نحو 2.4 مليار دولار لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي محليا وتعزيز القدرات الوطنية، وجذب المواهب والاستثمارات الممثلة إلى الدوحة، عبر مجموعة من المبادرات من بينها منصة فَنار.
وأضاف التقرير إلى ذلك الشراكة مع مؤسسة Scale IA، واستثمار 100 مليون دولار في شركة « Instabase « الهندية، و 100 مليون دولار أخرى في شركة « Alice & Bob « الفرنسية العاملة في قطاع التكنولوجيا، وبالذات في ابتكارات الحوسبة، متوقعا استمرار قطر في السير على ذات الدرب خلال المرحلة القادمة، في ظل التوجه الجلي نحو حسم الصفقات الخاصة بالقطاعات المستقبلية، وعلى رأسها التكنولوجيا، بالنظر إلى الفوائد الكبيرة التي يعد بها هذا القطاع في الأعوام المقبلة، وضمن الرؤية المستقبلية للبلاد الهادفة إلى التقليل من الاعتماد على صادرات الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز دور الاستثمارات الأجنبية في تمويل الاقتصاد الوطني.
شهدت دولة الكويت منذ أوائل التسعينيات، توجهاً معلناً نحو تعزيز دور القطاع الخاص، وتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الاقتصاد الريعي. وقد تُرجم هذا التوجه إلى مبادرات وتشريعات وأدوات تنفيذية متعددة، كان من أبرزها نظام الأوفست، ومشاريع الشراكة بنظام الـ B.O.T، وإنشاء الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.. وغيرها. إلا أن مرور أكثر من ثلاثة عقود على إطلاق هذه المبادرات يفرض ضرورة التوقف أمام نتائجها الفعلية، بعيداً عن الخطاب التفاؤلي، وبمنهجية تقوم على التقييم والمساءلة.
تفاءل القطاع الخاص الكويتي في مراحل سابقة بهذه المبادرات، متأملاً بأن تشكل نقطة تحوّل حقيقية في بيئة الأعمال والاستثمار. غير أن كثيراً من تلك الآمال تلاشت نتيجة تعثر التنفيذ، وضعف الإدارة، وغياب الرؤية المتكاملة، الأمر الذي انعكس سلباً على المستثمر المحلي والمال العام في آن واحد. فعلى سبيل المثال، توقّف العمل بنظام الأوفست بعد أن أخفق في تحقيق أهدافه التنموية. كما تعثّر الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ليُسجَّل ضمن سلسلة من المبادرات التي لم تنجح في بناء منظومة مستدامة لدعم ريادة الأعمال. أما مشاريع الشراكة بنظام B.O.T، فقد عجزت الجهات المعنية عن تطويرها وإدارتها بالشكل الذي يضمن تعظيم الإيرادات، واستدامة الأصول، وتحقيق توازن عادل بين مصالح الدولة والمستثمر.
ورغم اختلاف طبيعة هذه المبادرات، إلا أن القاسم المشترك بينها يتمثل في ضعف التخطيط، وغياب المراجعة الدورية، وتضارب الصلاحيات، وعدم الاستقرار في السياسات والإجراءات.
ومن هذا المنطلق، تبرز تساؤلات جوهرية تستحق الإجابة:
هل كُلّفت جهات مهنية مستقلة دراسة أسباب فشل هذه المبادرات؟
هل تمت مراجعة الأنظمة والإجراءات ذات الصلة لتكون أكثر جاذبية واستقراراً؟
لماذا تُقيّد مشاريع الـ B.O.T بمدد زمنية جامدة رغم أن زيادة المدة قد تعزز الجدوى الاقتصادية للطرفين؟
لماذا لا تُراجع العقود بشكل موضوعي بعد مرور خمس أو عشر سنوات لضمان التوازن ومنع الإضرار بأي طرف؟
لماذا لا تبدأ الجهات الحكومية بالتفاوض مع المستثمرين قبل انتهاء العقود بمدة كافية تضمن انتقالاً سلساً ومهنياً؟
إن تجارب تجديد بعض المشاريع التجارية الكبرى أظهرت بوضوح أثر غياب الرؤية الاستباقية، وهو ما فوّت فرصاً كان يمكن أن تخدم المال العام والمستثمر معاً.
وبلا أدنى شك، فإن الخروج من عنق الزجاجة، وتصحيح المسار الاقتصادي، يتطلب ثورة إدارية حقيقية، تبدأ بإصلاحات فورية وعملية، تتبعها خطط طويلة الأجل قائمة على الحوكمة، والاستقرار التشريعي، والمساءلة، بما يعيد الثقة للقطاع الخاص، ويعزز قدرة الكويت على جذب الاستثمارات.
مع اقتراب العام من نهايته، نستعرض هنا مجموعة من المحطات المهمة التي شهدها عام 2025. خلال العام، برزت مجموعة من المواضيع الرئيسة. بالطبع، هناك مواضيع نتناولها سنوياً: النمو الاقتصادي، والتضخم، وتحركات سوق الأسهم، وأسعار الفائدة، وما إلى ذلك، لكن ثمانية مواضيع خاصة بعام 2025 فرضت نفسها على تغطيتنا، هي:
– السباق المحتدم في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تواصل شركات التكنولوجيا الكبرى إنفاق مليارات الدولارات على مراكز البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي. ولا تتغاضى أسواق الأسهم والسندات عن هذا الإنفاق، بل تفرق بوضوح بين الشركات بناء على حجم الإنفاق ومصادر التمويل ونماذج أعمال الذكاء الاصطناعي (الافتراضية). وقد صب هذا في صالح شركة «ألفابت» ولم يكن في صالح شركتي «أوراكل» و«ميتا». ولعل كثيرين يذكرون عندما أصاب الذعر الجميع بشأن شركة ديب سيك؟ لقد أظهرت أدوات الذكاء الاصطناعي للشركة الصينية بجلاء أنه من غير الواضح تماماً ما إذا كان أي شخص، مهما أنفق من أموال، سيتمكن من بناء ريادة تكنولوجية لا تضاهى في هذا المجال. ولعل البعض يفضلون تجاهل هذه الفكرة المخيفة.
– التقييم، وتركيز السوق، والفقاعات: هنا يبرز سؤال مهم: هل من الممكن أن تكون أسواق الأسهم القوية مدفوعة بشكل مستدام بعدد قليل من الأسهم؟ على حد علمنا، نعم. لكن هل تُشير التقييمات المرتفعة إلى أي شيء بخصوص احتمالية انخفاض أسعار الأسهم في العامين المقبلين؟ الإجابة لا. وهل يُعزى النمو الاقتصادي الأمريكي برمته إلى التوسع في بناء مراكز البيانات؟ بالطبع لا. وإذا كانت هناك فقاعة، فهل تقتصر على أسهم الذكاء الاصطناعي؟ كلا، فالسوق بأكمله مُبالغ في تقييمه. وأخيرا، هل من ملاذ آمن في الأسهم؟ على الأرجح لا.
– انتعاش الأسهم العالمية: إن علاوة سعر الأسهم الأمريكية مُبررة جزئيًا، ولكن ليس كليًا، وقد بدأت أخيراً في الانكماش. فهل كان انعزالية ترامب وفوضى سياساته هما المحفز؟ أم هي المرونة المالية من جانب الاتحاد الأوروبي واليابان؟ أم الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي – تضخم الأصول التي أشعلت مراكز التصنيع التكنولوجي في آسيا؟ أم تحسن الحوكمة في الاقتصادات الناشئة الرئيسية؟ أم هي مجرد عودة التقييمات إلى متوسطها الطبيعي؟ مهما كان السبب، يبدو أن كل سوق من أسواق الأسهم عالمياً قد تفوق على السوق الأمريكية هذا العام – حتى بالعملات المحلية.
– الذهب: من المفترض أن يتفوق الذهب فقط عندما تسوء الأمور، لكن ليس هذا العام، حين كان الطلب مدعومًا في البداية بعمليات شراء احتياطيات البنوك المركزية، ثم من قبل صناديق التحوط والمستثمرين الأفراد الذين يسعون وراء زخم السوق. لكن الآن، وبعد أن أصبح الذهب خياراً استثمارياً يستغل حالة «الخوف من فوات الفرصة»، فلماذا لا يزال متماسكاً بينما تتراجع البيتكوين؟ هل يستخدم متداولو البيتكوين رافعة مالية أكبر؟
– الرسوم الجمركية: كانت قصة الرسوم الجمركية هذا العام أقل تأثيراً مما توقعه معظم الناس- تأثير أقل على التجارة، والعجز التجاري، والأرباح، والتضخم. صحيح أن التأثير طال معظم هذه الأمور، لكن بشكل طفيف. لقد اتضح أن الرسوم الجمركية هي ضريبة، يدفعها في الغالب المستوردون وتجار الجملة الأمريكيون، ويمكن للنظام العالمي تحملها – على الأقل حتى الآن. أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أنه كلما كان للرسوم الجمركية تأثير سلبي كبير على شيء ما، كانت إدارة ترامب تتراجع. والسؤال الآن: هل يمكن أن تظهر آثار الرسوم الجمركية على المدى الطويل دون أن نشعر؟
– أسهم القيمة والسلع الأساسية: لقد ركزنا على الأسهم التي لم تحقق أداء جيداً في الأسواق، ولاحظنا أيضاً أن أسهم القيمة حققت أداء رائعاً في الخارج هذا العام، وليس في الولايات المتحدة. كذلك، يبدو أن أسهم السلع الأساسية الآمنة، سواء كانت المنظفات أو رقائق الذرة، لا تجد متنفسًا، فمتى ستحظى هذه الفئات المكروهة أخيراً بفرصة للظهور؟
– الأصول الخاصة: انشغلنا كثيراً خلال العام بمصدر العائد الإضافي المعدل حسب المخاطر من امتلاك الأصول الخاصة، وما إذا كان بإمكانها الصمود أمام تدفق الأموال الهائل إلى هذا القطاع. وتسعى هذه الصناعة إلى زيادة سيولة منتجاتها، ودفعها إلى محافظ المستثمرين الأفراد. ويبدو أن هذا من شأنه أن يُضعف على الأرجح أي خصائص فريدة لا تزال تتمتع بها هذه الفئة من الأصول. وبالنسبة للاستثمار في الأسهم الخاصة تحديدًا، فإن أسعار الفائدة لا يمكن أن تنخفض بالسرعة الكافية، فماذا يخبئ لنا المستقبل؟ عوائد أقل، تقلبات أعلى، أم مزيجاً من الاثنين؟
– الوضع الاقتصادي العام: أكدنا هنا أن الاقتصاد لا يزال بخير. سوق العمل متذبذب بعض الشيء لكنه ليس على وشك الانهيار. كما أن الإنفاق الاستهلاكي متماسك بشكل جيد، والاستثمار التجاري جيد، والأرباح قوية. رغم ذلك كله يشعر الناس بالسوء. وحقيقة أن الأسواق قوية لا تزيد الأمر إلا غموضاً. يعود جزء من هذا إلى الرئيس الأمريكي الذي لايزال يثير الكثير من الجدل، وجزء آخر إلى التضخم، وربما جزء ثالث إلى عدم المساواة. لكننا نعتقد أن هناك جوانب أخرى لهذه القصة لم ندركها بعد، وما زالت تتكشف.
أطلقت دولة الإمارات خلال عام 2025، سلسلة واسعة من المبادرات والمشاريع النوعية في مجالات حماية البيئة والانتقال إلى الطاقة النظيفة والابتكار في التقنيات الخضراء، بما يعزز مكانتها العالمية كإحدى أكثر الدول التزاماً بمواجهة التحديات المناخية وقيادة التحول نحو حلول تدعم الاستدامة البيئية.
وتجسد هذه المبادرات رؤية الإمارات الهادفة إلى ترسيخ اقتصاد منخفض الكربون، وقيادة الجهود الدولية في التحول للطاقة النظيفة، وتوسيع نطاق حماية البيئة والتنوع البيولوجي، وتحفيز الابتكار في الاستدامة.
واستهلت الإمارات العام 2025 بإطلاق أكبر وأول مشروع من نوعه على مستوى العالم يجمع بين الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الطاقة في أبوظبي، والذي سيوفر الطاقة المتجددة على مدار الساعة، ويسهم في توفير حوالي (1 جيجاواط يومياً) من الحمل الأساسي من الطاقة المتجددة، ليشكل أكبر محطة للطاقة الشمسية مزودة بنظم بطاريات لتخزين الطاقة على مستوى العالم.
وشهدت الإمارات انطلاق أول رحلة استكشاف بحري من نوعها لرسم خريطة جيولوجية شاملة لقاع البحر في مياه الدولة، باستخدام سفينة الأبحاث “جيون” التي تعد أول سفينة بحثية متخصصة في الدولة.
وفي مجال الاقتصاد الدائري، أعلنت شركة “بيئة” عن تطوير أول محطة في الشرق الأوسط لتحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر بطاقة إنتاجية تصل إلى 7 أطنان يومياً بحلول 2027، فيما أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مشروعاً وطنياً لإعادة تدوير الإطارات المستعملة وتحويلها إلى مواد تدخل في صناعات جديدة.
من جانبها أطلقت وزارة الطاقة والبنية التحتية منصة البيانات الجيومكانية للزراعة والموارد المائية بهدف رفع كفاءة إدارة المياه، وخفض استهلاك المياه الجوفية بنسبة 2%، وزيادة استخدام المياه غير التقليدية إلى 13% بحلول 2027، فيما وقّعت “مبادرة محمد بن زايد للماء” مذكرة تفاهم مع البنك الدولي لتعزيز الابتكار في مواجهة تحديات ندرة المياه عالمياً، إلى جانب إطلاق “تحدي المياه من أجل الزراعة” بجوائز تصل إلى 8 ملايين درهم، والذي تأهل إلى مرحلته الثانية 21 فريقاً من الجهات والأفراد.
وسجلت الدولة تقدماً في حماية البيئة والتنوع البيولوجي، حيث أعلنت هيئة البيئة في الشارقة اكتشاف ثلاثة أنواع نباتية جديدة، وانضم مركز خور كلباء لأشجار القرم إلى الرابطة العالمية للأراضي الرطبة، كما تم إطلاق مشروع “مشد خورفكان” ضمن جهود دعم الثروة السمكية في الشارقة.
بدورها أطلقت هيئة البيئة – أبوظبي مبادرة حدائق أبوظبي المرجانية على مساحة 1,200 كيلومتر مربع مع تركيب 40 ألف مشد اصطناعي، إلى جانب مشروع لاستزراع أكثر من 4 ملايين مستعمرة مرجانية بحلول 2030، جاء ذلك بالتزامن مع الإعلان عن زيادة مساحة المحميات الطبيعية في إمارة أبوظبي لتصل إلى 20% من إجمالي مساحة الإمارة.
وفي قطاع النقل المستدام، واصلت الإمارات تطوير بنيتها التحتية للنقل الأخضر، حيث أكدت وزارة الطاقة والبنية التحتية تركيب 500 محطة شحن للمركبات الكهربائية بنهاية العام الجاري، بينما أطلقت “دي بي ورلد” أول أسطول من المركبات الكهربائية في ميناء جبل علي لنقل أكثر من 204 آلاف حاوية سنوياً، وبما يسهم في خفض أكثر من 14,600 طن من الانبعاثات، كما أعلنت شركة الاتحاد للقطارات استكمال مشروع تزويد محطة الغويفات بالطاقة الشمسية بنهاية 2025.
وواصلت الإمارات توسعها العالمي في مشروعات الطاقة الشمسية عبر تنفيذ مشاريع في ألبانيا وإيطاليا وإسبانيا بقدرة 446 ميجاواط، إلى جانب مشاريع عائمة في إندونيسيا، ومشروع “الصداوي” في السعودية بقدرة 2 جيجاواط، ومشاريع أخرى في مدغشقر واليمن ومصر وتشاد، بالإضافة إلى محطة للطاقة الشمسية في جزر القمر بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية.
وجرى خلال العام الجاري توقيع اتفاقية بين “مصدر” وشركة “أو أم في” لإنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 140 ميجاواط في النمسا، وهي من أكبر المبادرات الأوروبية في هذا المجال، وفي السعودية، فازت “مصدر” بتطوير محطتين جديدتين للطاقة الشمسية في نجران وجازان بقدرة إجمالية تبلغ 2 جيجاواط.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة مبادلة للاستثمار “مبادلة”، استثمارها 300 مليون يورو عبر شراكة مع شركة “أكتيس”، المستثمر العالمي الرائد في مجال البنية التحتية المستدامة في الأسواق الناشئة، وذلك للاستثمار في شركة “ريزولف إنرجي”، المنصة المستقلة وسريعة النمو في قطاع الطاقة المتجددة في منطقة وسط وشرق أوروبا.
واحتفت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بمرور عام كامل على التشغيل الكامل لمحطات براكة، التي باتت توفر 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء وتساهم في خفض 22.4 مليون طن من الانبعاثات سنوياً.
وخصصت الإمارات 10 ملايين دولار لإطلاق برنامج يعزز قدرة المجتمعات في آسيا والمحيط الهادئ على التكيف مع الكوارث الطبيعية ودعم البنية التحتية المناخية.
يكشف تقرير آفاق الهجرة الدولية 2025 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عن تفاوت لافت في دخول الوافدين خلال سنواتهم الأولى في سوق العمل عبر الدول المتقدمة.
تظهر الأرقام أن اختيار الوجهة لا يحدد مستوى الدخل فقط، بل يحدد أيضاً مسار النمو خلال أول 5 سنوات من الاندماج المهني. وعلى رأس القائمة تأتي دول الشمال العالمي، بينما تسجل بعض الاقتصادات المتقدمة حالات نادرة لانخفاض دخل المهاجرين بمرور الوقت.
تقود النرويج المشهد كأعلى دخل سنوي للوافدين في السنة الأولى عند 59,752 دولاراً، ليرتفع إلى 67,877 دولاراً بعد 5 سنوات بمعدل نمو يبلغ 14%. وتأتي نيوزيلندا بدخل أولي 48,120 دولاراً لكنها تعد من الاستثناءات القليلة حيث ينخفض دخل الوافدين بعد 5 سنوات إلى 45,432 دولاراً منخفضاً 6%. يعود السبب إلى بعض المشكلات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة خاصةً من بعد أزمة كورونا.
أما الدانمارك فيبدأ الوافدون عند 37,932 دولاراً ويصلون إلى 46,716 دولاراً بزيادة 23%. هذه الفوارق تعكس مزيجاً من هيكل الأجور، وطبيعة القطاعات المتاحة للوافدين، وسياسات الاعتراف بالمؤهلات، بحسب بيانات من “Visual Capitalist”، و”World of Statistics”، اطلعت عليه “العربية Business”.
قفزات كبيرة في أميركا الشمالية لكن مع الوقت!
في كندا يبدأ الوافدون عند 29,557 دولاراً ويصلون إلى 37,618 دولاراً بزيادة 27%. وفي الولايات المتحدة، الوجهة الأكبر عالمياً للمهاجرين، يقفز الدخل من 27,375 دولاراً في العام الأول إلى 39,163 دولاراً في العام الخامس بنمو 43%، أي بزيادة تقارب 12 ألف دولار؛ ما يوحي بقدرة أعلى على الترقي داخل الشركات والانتقال إلى مؤسسات وقطاعات ذات إنتاجية وأجر أعلى.
تفاوت صارخ في أوروبا
تظهر هولندا ونيوزيلندا نمطاً غير مألوف بانخفاض دخل الوافدين بعد 5 سنوات؛ ففي هولندا يتراجع من 26,592 إلى 24,864 دولاراً بنحو 6%. في المقابل، تحقق فنلندا نمواً قوياً من 25,872 إلى 36,804 دولاراً بزيادة 42%، فيما يرتفع الدخل في فرنسا للوافدين من 18,936 إلى 22,560 دولاراً بنمو 19% بعد 5 سنوات من الهجرة.
وتتصدر ألمانيا نسبة النمو بين دول العينة، من 17,004 إلى 25,224 دولاراً بزيادة 48%، مدفوعةً بقدرة سوق العمل على امتصاص المهارات ونقل الوافدين تدريجياً إلى شركات أعلى أجراً.
في المقابل يسجل الوافدون إلى إيطاليا وإسبانيا بدايات متواضعة نسبياً تبدأ من 14,892 وترتفع إلى 19,236 دولاراً في إيطاليا، وفي إسبانيا تكون البداية عند 14,304 في المتوسط سنوياً وترتفع إلى 18,204 دولاراً بزيادة 27% بعد مرور 5 سنوات.
أما النمسا فترتفع من 10,620 إلى 12,816 دولاراً بزيادة 21%، والبرتغال من 9,300 إلى 10,848 دولاراً. وهنا يبرز تفسير بنيوي يقدمه تقرير الـ”OECD”، وهو أن الوافدون عند الدخول يكسبون أقل بـ34% من المولودين محلياً في المتوسط، ليس فقط بسبب اختلاف الخصائص الفردية، بل أساساً لأنهم يتركزون في قطاعات وشركات منخفضة الأجور؛ على أن الفجوة تنكمش إلى 21% بحلول السنة الخامسة مع تحسّن ساعات العمل والتنقل داخل السوق.
وتُبرز هذه الأرقام أن مسار الدخل لا يتشكل فقط عبر سياسات الهجرة العامة، بل يتأثر بشدة بقدرة الشركات على منح الفرص والترقي، وهي نقطة شدد عليها تقرير الـOECD في فصل خاص عن دور الشركات في دمج الوافدين وتقليص فجوة الأجور عبر الانتقال إلى شركات أكبر وأكثر إنتاجية.
من الاعتراف بالمؤهلات إلى بوابة الشركات
تكشف الصورة العامة أن اختيار الوجهة وحده لا يكفي؛ فالمسار المهني داخل البلد المضيف -الانتقال إلى شركات أفضل، والاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، وتكثيف التدريب واللغة- يصنع الفارق.
ويقترح تقرير منظمة التعاون الاقتصادي تمكين الشركات ودمجها في سياسات الاندماج بوصفها الشريك الحاسم لرفع دخول الوافدين سريعاً وتقليص فجوة الأجور على المدى المتوسط.
بالنسبة للقارئ العربي، قد يعني هذا أن الاستراتيجية الذكية للهجرة تجمع بين وجهة ذات سوق عمل مرن وبين مسارات مهنية واضحة تعزز الانتقال إلى مؤسسات أعلى إنتاجية وأجر.
تمثل الأرقام في التقرير الدخل السنوي الحقيقي للوافدين (بالدولار) في السنة الأولى ثم السنة الخامسة بعد الدخول إلى سوق العمل.
قال حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، إن خطة إعادة أموال المودعين في المصارف اللبنانية توزع الخسائر بشكل عادل.
وأضاف سعيد، في تصريحات لقناة “العربية”، اليوم الاثنين، أنه سيتم مناقشة نسبة تحمل الخسائر بين المودعين والمصارف والدولة.
كما أشار محافظ مصرف لبنان إلى أنه يتم العمل على إقرار قانون منصف ينظم المصارف اللبنانية.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن الحكومة وضعت إطاراً قانونياً متكاملاً لمعالجة أزمة الودائع المصرفية، مؤكداً أن المودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون عليها كاملة، في خطوة تهدف إلى إنصاف صغار المودعين واستعادة الثقة بالنظام المالي.
وأوضح سلام أن المودعين الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف دولار سيحصلون، إلى جانب المبلغ نفسه، على سندات قابلة للتداول بقيمة رصيد ودائعهم من دون أي اقتطاع من أصلها، ضمن آلية منظمة تضمن العدالة والاستدامة المالية.
وأضاف أن تسليم الودائع سيتم خلال فترة لا تتجاوز أربع سنوات، مؤكداً التزام الحكومة بجدول زمني واضح وقابل للتنفيذ، بعد سنوات من الشلل والتخبّط في معالجة الملف.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن آليات استرداد الودائع ستتضمن فرض غرامات وإجراءات قانونية بحق من حققوا أرباحاً غير عادية أو استفادوا من الانهيار المالي، مشدداً على أن مبدأ المساءلة سيكون جزءاً أساسياً من الحل.
قانون الفجوة المالية
وفي هذا الإطار، تستعد الحكومة اللبنانية لبحث مشروع “قانون الفجوة المالية”، الذي يحدد حجم الخسائر المقدّرة بنحو 80 مليار دولار، تمثل توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان، في مقابل ودائع محتجزة تعود لنحو مليون حساب تخص مودعين مقيمين وغير مقيمين من أفراد، ومؤسسات، وشركات، وصناديق ضامنة، وجمعيات مهنية.
وقال سلام، خلال لقائه مؤخراً رئيسة قسم الشؤون الثنائية وتدويل الشركات في الخزانة الفرنسية ماجالي سيزانا، إن إعداد مشروع القانون يتم بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية، بهدف التوصل إلى توافق واسع يشكل قاعدة صلبة لحسن تطبيقه.
ولفت إلى أن المودعين في المصارف اللبنانية يعانون منذ نحو ست سنوات من احتجاز مدخراتهم، مع تعرّضهم لاقتطاعات مباشرة وغير مباشرة، في ظل غياب أية مساءلة فعلية لأصحاب المصارف أو أعضاء مجالس إدارتها.
وأكد سلام في مؤتمر صحافي عقده في السرايا الحكومية أن الحكومة “لا تقدم مسكّناً مؤقتاً لأزمة دامت سنوات”، مضيفاً: “نحن نبدأ مرحلة جديدة أساسها الشفافية، هدفها العدالة، وأداتها قانون منصف وقابل للتنفيذ”.
يذكر أنه على مدار 6 سنوات، يعاني المودعون في المصارف اللبنانية من “احتجاز” مدخراتهم، مع تكبيدهم اقتطاعات مباشرة وغير مباشرة في تنفيذ سحوبات جزئية، في حين لم يتم الحجز على ممتلكات أو أموال أي من أصحاب المصارف وأعضاء مجالس الإدارة أو محاكمتهم بسبب تبذير أموال الناس.
تتزايد التحذيرات من أن عبء الديون العامة في الاقتصادات المتقدمة بات يهدد الأجيال المقبلة بأزمات مالية واضطرابات سياسية، ليطرح جون بليندر كاتب العمود في صحيفة “فاينانشال تايمز” أحد أهم الأسئلة المطروحة حالياً: هل أصبحت هذه الديون غير قابلة للإدارة؟
تكشف الأرقام الأخيرة حجم التحول عن النموذج التقليدي الذي كان يربط تراكم الديون بالحروب وسدادها في أوقات السلم. ففي الولايات المتحدة، تراجع الدين العام من 106% من الناتج المحلي الإجمالي عام 1946 إلى 21.6% في أوائل التسعينيات، لكنه عاد ليقترب من 100% بفعل أزمات كبرى مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا. والأسوأ أن مكتب الميزانية في الكونغرس يتوقع أن يقفز هذا المعدل إلى 156% بحلول عام 2055، ما يهدد مكانة سندات الخزانة الأميركية كركيزة أساسية في النظام المالي العالمي.
أما أوروبا، فصندوق النقد الدولي يتوقع تضاعف متوسط الدين العام للدول خلال 15 عاماً إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية، وهو ما يعني ارتفاع تكاليف الاقتراض وتباطؤ النمو وزيادة احتمالات عدم الاستقرار المالي.
كيف خفّضت بريطانيا ديونها بعد الحرب؟
يقدم التاريخ دروساً مهمة. بريطانيا، مثلاً، نجحت في خفض نسبة الدين من أكثر من 250% عام 1946 إلى 42% بعد 3 عقود، بفضل مزيج من الفوائض الأولية في الميزانية، النمو الاقتصادي، والتضخم الذي ساهم بأكثر من 80% في عملية خفض الدين خلال العقد الأول بعد الحرب.
لكن هذه الآلية لم تعد سهلة اليوم، في ظل سياسات البنوك المركزية التي تستهدف السيطرة على التضخم، ما يجعل خيار “التخلص من الديون عبر ارتفاع الأسعار” شبه مستحيل.
الضغوط السياسية تزيد الطين بلة
لا يقتصر التحدي على الأرقام، بل يمتد إلى السياسة. شيخوخة السكان تفرض إنفاقاً هائلاً على الرعاية الصحية والمعاشات، فيما تضيف التوترات الجيوسياسية وتكاليف مواجهة تغير المناخ أعباء جديدة. وفي عالم يزداد اعتماد النمو فيه على الديون، تتصاعد النزعات الشعبوية التي تطالب بزيادة الإنفاق وخفض الضرائب، ما يفاقم الأزمة.
هناك من يراهن على طفرة إنتاجية بفضل الذكاء الاصطناعي. لكن دراسة حديثة لـ”دويتشه بنك” تشير إلى أن الزيادة المتوقعة في الإنتاجية (0.5 إلى 0.7% سنوياً) قد تُبطئ وتيرة ارتفاع الدين، لكنها لن تقلب المعادلة رأساً على عقب.
النهاية قد تكون صادمة
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الانضباط المالي لن يكون العامل الحاسم، بل “انضباط الأسواق” عبر أزمات مالية تضغط على الحكومات.
ويرى الاقتصادي السويدي أندرس أسلوند أن الوضع الحالي يذكّر بعام 1929، وحتى لو بدا هذا التشبيه مبالغاً فيه، يصعب تجاهل حقيقة أن المسار الحالي لا ينذر بخاتمة سعيدة.
شهدت الأصول الاستثمارية في مصر منذ مطلع عام 2025 طفرة غير مسبوقة في معدلات الربحية، انعكست بشكل مباشر على مدخرات الأفراد وعوائدهم.
فقد واصل الذهب صعوده القياسي مدفوعاً بالتقلبات العالمية، فيما حققت البورصة المصرية قفزات تاريخية في مؤشرات التداول وأحجام السيولة، لتنافس بقوة الشهادات البنكية ذات العوائد المرتفعة والاستثنائية التي تتيحها البنوك المحلية، بينما ظل العقار محتفظاً بدوره التقليدي كأصل يوفر الاستقرار ويحافظ على القيمة على المدى الطويل.
وقال محللون وخبراء اقتصاد تحدثت معهم “العربية Business ” إن عام 2025 كان عاماً استثنائيًا على صعيد معدلات العائد الاستثماري لمختلف الأصول، مشيرين إلى أن اختيار القناة الاستثمارية يظل مرهوناً باحتياجات كل فرد، ودرجة تقبله للمخاطر، والعائد المستهدف.
وأوضحوا أنه رغم تباين توجهات المستثمرين، فإن الذهب والأسهم المدرجة في المصرية تصدرا قائمة الأصول الأكثر تحقيقاً للعوائد منذ بداية يناير وحتى ديسمبر، وسط توقعات قوية بمواصلة تحقيق مكاسب ملحوظة خلال 2026 في ظل مؤشرات التعافي الاقتصادي.
عوائد قياسية بالبورصة
قال عضو مجلس إدارة شركة الفرعونية لتداول الأوراق المالية، محمد كمال، إن البورصة المصرية حققت عوائد قياسية للمستثمرين منذ بداية العام بمعدلات بلغت 45%، وهي من أعلى معدلات العوائد التي سجلها سوق المال تاريخياً.
وأوضح أن تراجع أسعار الفائدة ووقف إصدار شهادات الادخار مرتفعة العائد ساهما في زيادة توجه المستثمرين نحو البورصة باعتبارها البديل الأكثر جاذبية.
وأشار كمال إلى أن المقارنة بين البورصة والشهادات البنكية أصبحت أكثر وضوحاً مع تغير اتجاهات أسعار الفائدة، ففي العام الماضي كان الخيار الأكثر أمانًا هو الشهادات بعائد يصل إلى 27%، مقابل مخاطرة الاستثمار في البورصة.
أضاف: ” لكن مع توقعات خفض البنك المركزي الفائدة بين 2 و5% في الفترة المقبلة، ستتراجع العوائد على الشهادات إلى مستويات بين 13و14%، وتصبح البورصة البديل الأكثر جاذبية، خاصة مع حفاظها على عوائد تراوحت بين 30 و40% سنوياً خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
واتفق معه العضو المنتدب ورئيس قطاع البحوث بشركة سي آي كابيتال، منصف مرسي، مؤكداً أن البورصة المصرية تختلف تمامًا عن باقي الأصول الاستثمارية، إذ حققت عوائد قوية تجاوزت 45% خلال 2025، لتصبح البديل الأكثر جاذبية بعدما فقدت الشهادات البنكية بريقها كمنتج أول لجذب السيولة من الأفراد والمستثمرين.
وأضاف أن شهادات الادخار البنكية مرتفعة العائد حققت بالفعل مكاسب جيدة للمستثمرين منذ بداية عام 2024 وقت طرحها مقارنة بالعقار، الذي لم يشهد أداءً قويًا خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن السوق العقارية واجهت حالة من الركود النسبي، وبعد تراجع الفائدة وتوقعات استمرار هذا الاتجاه أصبحت البورصة الخيار المفضل للمستثمرين في العام المقبل.
وفي أبريل الماضي، أوقف بنكا الأهلي المصري ومصر أكبر البنوك الحكومية إصدار شهادات الادخار ذات الفائدة القياسية ذات الفائدة 23و27% ، وتستعد السوق في يناير المقبل لاستقبال استحقاقات هذه الشهادات بمحافظ قدرها مصرفيون بين 1.25 و1.5 تريليون جنيه.
الذهب ينافس على الصدارة
رغم أن الذهب حقق مكاسب قياسية بلغت 62% في 2025، إلا أن المحللين يرون أن هذه الطفرة غير معتادة تاريخياً، وجاءت مدفوعة بأزمة نقص الدولار في السوق المحلية، ما دفع الأفراد إلى التحوط بشراء الذهب كبديل للعملة الصعبة.
قال رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، إيهاب واصف إن الذهب خلال عام 2025 يعد أحد أبرز الأصول الاستثمارية التي حققت عوائد قياسية للمواطنين والمستثمرين.
وأوضح واصف أن هذه الطفرة جاءت نتيجة عوامل استثنائية، أبرزها أزمة نقص الدولار في السوق المحلية في الفترات السابقة، ما دفع الأفراد إلى التحوط بشراء الذهب كبديل للعملة الصعبة، إلى جانب التقلبات العالمية التي عززت مكانة المعدن الأصفر كملاذ آمن.
وأشار واصف إلى أن استمرار الطلب على الذهب في 2026 سيظل مرتبطاً بالظروف الاقتصادية والنفسية للمستهلكين، ففي فترات القلق وعدم اليقين يتزايد الإقبال عليه باعتباره ملاذاً آمناً، بينما في أوقات الاستقرار ينظر إليه كأداة ادخار وحفظ للقيمة على المدى الطويل.
” كثير من المستثمرين قد يترددون في الدخول بكثافة بعد المكاسب الكبيرة التي تحققت في 2025، إذ يصعب تكرار نفس معدلات النمو القياسية عاماً بعد عام ،ولكن هذا ليس مستحيلاً”، بحسب واصف .
وبدوره أكد مرسي أن الذهب سجل مكاسب قياسية منذ بداية العام، لكنه وصف هذه القفزة بأنها غير قابلة للتكرار بنفس الوتيرة مستقبلاً، نظراً لارتباطها بأزمة نقص الدولار في السوق المحلية.
وقال كمال إن مكاسب الذهب كانت كبيرة منذ بداية العام الحالي وغير مضمون استمرار ذلك الفترات المقبلة، قائلا:” من استثمر في البورصة منذ عام 2022 وحتى نهاية 2025 حقق عوائد تراكمية تصل إلى 120%، مقابل نحو 80–90% لمن استثمر في الذهب خلال الفترة نفسها، ما يعزز مكانة البورصة كأصل استثماري أكثر قوة على المدى المتوسط”.
وقفزت أسعار الذهب عالمياً منذ بداية العام الحالي بنسبة 68.2%، لتتجاوز حاجزاً نفسياً مهماً عند 4400 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى في التاريخ ، مدفوعة بتوقعات الأسواق بمزيد من خفض أسعار الفائدة الأميركية ، وعودة التوترات الجيوسياسية.
وانعكست قفزات الذهب عالمياً على السوق المصرية وارتفع أيضاً في نفس الفترة بنخو 55%، ليقفز من 3740 جنيهًا للغرام عيار 21 في يناير 2025 إلى نحو 5790–5855 جنيهاً في ديسمبر الحالي.
عوائد محدودة للقطاع العقاري
قال رئيس قطاع البحوث بإحدى المؤسسات المالية إن مقارنة العوائد بين الأصول الاستثمارية خلال عام 2025 تُظهر نمواً واضحاً بمكاسب استثمارات البورصة والذهب مقابل العقار والشهادات البنكية، موضحاً أن العقار رغم استقراره كأداة لحفظ القيمة لم يحقق نفس مستويات الربحية التي سجلتها باقي القنوات الاستثمارية.
وأضاف أن الاستثمار العقاري يحقق معدلات نمو تتراوح في المتوسط بين 15 و20% سنوياً وهو ما يجعله خياراً استثمارياً طويل الأجل يستهدف الحفاظ على القيمة أكثر من تحقيق أرباح سريعة، الأمر الذي لا يتناسب مع شريحة كبيرة من الأفراد الباحثين عن قنوات أسرع في تحقيق العائد وأسهل في التسييل.
وأشار إلى أن المستثمرين الأفراد خلال العام المقبل سيكونون أمام خيارات متعددة، إلا أن البورصة تبدو الأكثر جاذبية من حيث العائد المتوقع، بينما يظل الذهب والعقار أدوات للتحوط وحفظ القيمة، فيما تبقى الشهادات البنكية الخيار الآمن لمن يفضل الابتعاد عن المخاطر والاكتفاء بعائد مضمون.
تشهد سويسرا واحدة من أكثر الفترات اضطراباً في تاريخها الحديث، حيث تتقاطع الأزمات الخارجية مع الانقسامات الداخلية لتضع النموذج السويسري القائم على الحياد والتوافق والديمقراطية المباشرة أمام اختبار غير مسبوق.
كانت أزمة الرسوم الأميركية الأخيرة بمثابة صدمة قوية للنظام الاقتصادي السويسري. عندما فرضت واشنطن رسوماً بنسبة 39% على السلع السويسرية — من الساعات إلى الشوكولاتة والآلات — فيما تحركت الحكومة والقطاع الخاص بسرعة.
لكن الخلاف العلني حول الاستراتيجية شكّل خروجاً عن أسلوب التنسيق الهادئ التقليدي. الكانتونات الموجهة نحو التصدير طالبت بتقارب أكبر مع أوروبا، فيما فضّل آخرون نهجاً أكثر صدامية تجاه الولايات المتحدة. وفي النهاية، تم التوصل إلى تسوية عند 15% بفضل ضغط مباشر من التنفيذيين، لكن الانقسام الداخلي ظل قائماً، حسب تقرير الفايننشال تايمز.
هذه الأزمة بلورت حقيقة أوسع، وهي أكبر حالة عدم يقين تواجهها سويسرا تكمن في القضايا الخارجية التي طالما أجّلتها، مثل الحياد، الدفاع، العلاقة مع أوروبا، الهجرة وحجم الدولة.
حياد تحت ضغط الحرب في أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا وضع حياد سويسرا المميز تحت ضغط غير مسبوق منذ عقود. كما أن قرار المجلس الفدرالي تبني عقوبات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة شكّل تحولاً كبيراً، لكنه ترك أسئلة معلقة حول تطبيق الحياد في الصراع السيبراني والحروب بالوكالة. الجدل مستمر حول سياسة العقوبات المستقبلية، إعادة تصدير المعدات العسكرية، ومسؤوليات البلاد الإنسانية.
ووافق البرلمان هذا الشهر على تخفيف القيود على إعادة تصدير المعدات العسكرية، فيما أشار وزير الدفاع الجديد إلى رغبة في تعزيز التعاون الأمني مع أوروبا وحلف الناتو.
العلاقة المعقدة مع الاتحاد الأوروبي
وفي سياق متصل، النظام الثنائي الذي يمنح سويسرا وصولاً إلى السوق الموحدة دون اندماج سياسي خدم البلاد جيداً، لكنه أصبح أصعب في الاستمرار مع تعزيز الاتحاد لإطاره التنظيمي. بعد سنوات من المفاوضات، توصلت برن وبروكسل إلى مسودة اتفاق Bilateral III لتحديث وصول سويسرا إلى السوق الموحدة، بحسب التقرير.
الاتفاق يتناول قضايا مشابهة لتلك التي عقدت خروج بريطانيا من الاتحاد، مثل المساهمات في الميزانية، الهجرة، والرقابة القضائية. ومن المرجح أن يحتاج إلى موافقة عبر استفتاء، لكن الرأي العام منقسم بشدة. المؤيدون يرون أن الوصول إلى السوق ضروري للتنافسية، إذ يستوعب الاتحاد الأوروبي 50% من صادرات سويسرا، فيما يحذر المعارضون من أن التوافق الأعمق قد يهدد السيادة ويزيد من القيود التنظيمية.
نقاش داخلي حول دور الدولة
إلى جانب القضايا الجيوسياسية الكبرى، ظهر نقاش داخلي حول دور الدولة وحجمها. لطالما افتخرت سويسرا بقطاع عام رشيق وباعتمادها على القطاع الخاص في مجالات مثل الإسكان، التقاعد، رعاية الأطفال والبنية التحتية. لكن ارتفاع تكاليف المعيشة، نقص العمالة والضغوط الديموغرافية بدأت تتحدى هذا النموذج.
مقترحات مثل دعم رعاية الأطفال، توسيع إجازة الوالدين، وزيادة تدخل الحكومة الفدرالية في الإسكان اكتسبت زخماً عبر الأحزاب، معبرة عن رؤى متنافسة لما يجب أن يكون عليه العقد الاجتماعي السويسري في بيئة أكثر تعقيداً.
إعادة توجيه لا تراجع
ورغم هذه التحديات، يرى مسؤولون أن سويسرا ليست على منحدر هابط بل في عملية إعادة توجيه. يقول نائب وزير الدولة في وزارة الخارجية توماس غوربر: “لا أرى أننا على منحدر هابط. أعتقد أننا في عملية إعادة توجيه لأنفسنا لمواجهة تحديات عديدة”.
ويضيف الرئيس التنفيذي لشركة Zurich Insurance: ماريو غريكو: “سويسرا في موقع فريد للغاية لتكون ناجحة في هذه الحقبة الجديدة. السؤال هو ما إذا كانت ستستفيد من هذا الموقع”.
مساحة المناورة
تدخل سويسرا مرحلة انتقالية معقدة، حيث تتقاطع الأزمات الخارجية — من الرسوم الجمركية إلى الحرب الأوكرانية والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي — مع نقاش داخلي حول دور الدولة وحجمها. قوتها الاقتصادية ومكانتها كمركز عالمي لإدارة الثروات ما زالت قائمة، لكن مساحة المناورة تضيق، والتحذيرات من مخاطر التراخي تجد صدى واسعاً بين رجال الأعمال والسياسيين.
وأصبح النموذج السويسري أمام اختبار حقيقي: هل يستطيع التكيف مع عالم يتدخل بسرعة أكبر من أي وقت مضى؟
أدت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 2025 إلى سنة صاخبة للتجارة العالمية، مع موجات من الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، رفعت الضرائب على الواردات إلى أعلى مستوياتها منذ الكساد الكبير، وأثارت اضطرابات في الأسواق المالية، وأطلقت جولات من المفاوضات حول الصفقات التجارية والاستثمارية.
سيظل تأثير سياسات ترمب التجارية -وردود الفعل العالمية عليها- محور الاهتمام في 2026، لكنها تواجه بعض التحديات الكبيرة.
ما حدث في 2025
أسهمت إجراءات ترمب التي هدفت بشكل عام إلى إنعاش قاعدة التصنيع المتراجعة، في رفع متوسط معدل الرسوم الجمركية إلى نحو 17 في المائة مقارنة بأقل من 3 في المائة نهاية 2024، وفقاً لمختبر «موازنة ييل»، وتدر الرسوم الآن نحو 30 مليار دولار شهرياً إلى خزينة الولايات المتحدة.
ودفعت هذه الإجراءات زعماء العالم للتوجه إلى واشنطن بحثاً عن صفقات لخفض المعدلات، غالباً مقابل التزامات بمليارات الدولارات من الاستثمارات الأميركية. وقد تم التوصل إلى صفقات إطار عمل مع عدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرهم، لكن الاتفاق النهائي مع الصين لا يزال غير مكتمل على الرغم من جولات متعددة من المفاوضات واجتماع وجهاً لوجه بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ.
وتعرّض الاتحاد الأوروبي لانتقادات عديدة، بسبب اتفاقه الذي فرض رسوماً بنسبة 15 في المائة على صادراته والتزاماً غامضاً باستثمارات أميركية ضخمة. ووصف رئيس وزراء فرنسا، آنذاك، فرنسوا بايرو، ذلك بأنه عمل استسلام ويوم «مظلم» للكتلة، فيما عدّه آخرون «الصفقة الأقل سوءاً» المتاحة.
منذ ذلك الحين، تكيّف المصدرون والاقتصادات الأوروبية بصفة عامة مع معدل الرسوم الجديد، بفضل الإعفاءات المختلفة وقدرتهم على إيجاد أسواق بديلة. وقدَّر بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي أن التأثير المباشر الإجمالي للرسوم يعادل فقط 0.37 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.
في الوقت نفسه، تجاوز فائض الصين التجاري توقعات ترمب، ليصل إلى أكثر من تريليون دولار؛ إذ نجحت البلاد في التنويع بعيداً عن الولايات المتحدة، وتحريك قطاع التصنيع إلى مراحل أعلى من القيمة المضافة، واستخدام النفوذ الذي اكتسبته في المعادن النادرة -وهي مدخلات حاسمة للأمن الغربي- للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا للحد من فائضها.
ما لم يحدث بشكل ملحوظ هو الكارثة الاقتصادية أو التضخم المرتفع الذي توقعه العديد من الاقتصاديين نتيجة رسوم ترمب الجمركية.
عانى الاقتصاد الأميركي من انكماش طفيف في الربع الأول نتيجة السباق لاستيراد البضائع قبل سريان الرسوم، لكنه تعافى سريعاً واستمر في النمو بوتيرة أعلى من الاتجاه الطبيعي بفضل طفرة ضخمة في استثمارات الذكاء الاصطناعي وإنفاق المستهلكين القوي. في الواقع، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي مرتَين بعد إعلان ترمب الرسوم الجمركية يوم «التحرير» في أبريل (نيسان)، مع تراجع حالة عدم اليقين وإبرام صفقات لتقليل المعدلات المعلنة أصلاً.
ما الذي تجب مراقبته في 2026 ولماذا يهم؟
من أبرز المجهولات لعام 2026 هو ما إذا كان سيُسمح بالاحتفاظ بالعديد من رسوم ترمب الجمركية. وقد طُعن في الأساس القانوني الجديد لما أطلق عليه «الرسوم المتبادلة» على سلع من دول محددة، وكذلك على الرسوم المفروضة على الصين وكندا والمكسيك المتعلقة بتدفق «الفينتانيل» إلى الولايات المتحدة، أمام المحكمة العليا الأميركية في أواخر 2025، ومن المتوقع صدور قرار في أوائل 2026.
تصر إدارة ترمب على أنه يمكنها الانتقال إلى سلطات قانونية أخرى أكثر رسوخاً للحفاظ على الرسوم إذا خسرت، لكنها أكثر تعقيداً وغالباً محدودة النطاق، لذا فإن خسارة الإدارة في المحكمة العليا قد تدفع إلى إعادة التفاوض على الصفقات التي أُبرمت حتى الآن، أو تفتح حقبة جديدة من عدم اليقين حول مصير الرسوم.
ومن المهم بالقدر نفسه لأوروبا ما يحدث في علاقتها التجارية مع الصين التي كانت لسنوات وجهة موثوقة لمصدريها؛ فقد ساعد خفض قيمة اليوان والتحرك التدريجي لشركات الصين نحو مستويات أعلى في سلسلة القيمة على تعزيز صادراتها، في حين كافحت الشركات الأوروبية لاختراق السوق المحلية الصينية المتباطئة. ومن الأسئلة الرئيسية لعام 2026 ما إذا كانت أوروبا ستستخدم أخيراً الرسوم الجمركية أو تدابير أخرى، لمعالجة ما بدأ بعض المسؤولين يسمونه «عدم التوازن» في العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي.
كما تبرز الجهود لإنهاء صفقة أميركية-صينية بشكل نهائي. الاتفاق الهش الذي تم التوصل إليه في محادثات هذا العام سينتهي في النصف الثاني من 2026، ومن المقرر أن يلتقي ترمب وشي مرتَين على مدار العام.
وأخيراً، ستخضع اتفاقية التجارة الحرة مع أكبر شريكَين تجاريَّين للولايات المتحدة -كندا والمكسيك- للمراجعة في 2026، وسط حالة من عدم اليقين حول ما إذا كان ترمب سيترك الاتفاقية تنتهي أو سيحاول تعديلها بما يتوافق مع تفضيلاته.
ما يقوله المحللون
قال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «كور إنفستمنتس»، رئيس معهد الاستثمار في شركة «أكسا» لإدارة الاستثمارات، كريس إيغو، خلال مكالمة هاتفية لمناقشة توقعات عام 2026: «يبدو أن الإدارة تتراجع عن موقفها المتشدد بشأن الرسوم الجمركية، بهدف التخفيف من حدة بعض مشكلات التضخم والأسعار. لذا، فإن هذا الأمر أقل إثارة للقلق بالنسبة إلى الأسواق. وقد يكون له أثر إيجابي طفيف على توقعات التضخم إذا خُفّضت الرسوم الجمركية أو على الأقل عدم زيادتها».
وأضاف، قبيل الانتخابات النصفية في وقت لاحق من هذا العام: «لن تكون الحرب التجارية مع الصين في صالح الولايات المتحدة، بل سيكون التوصل إلى اتفاق أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة إلى توقعاتها».
عززت بنوك «وول ستريت» ريادتها في سوق الخدمات المصرفية الاستثمارية الأوروبية خلال عام 2025، حيث حافظ العملاء على ولائهم رغم اضطرابات السوق العالمية والتعريفات التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وكان بعض رؤساء البنوك قد توقعوا أن تُهمّش حكوماتُ وشركاتُ «الاتحاد الأوروبي» البنوكَ الاستثمارية الأميركية لمصلحة بنوكها المحلية عندما أعلن ترمب في 2 أبريل (نيسان) الماضي عن تعريفاته الجمركية التي وصفها بـ«يوم التحرير». وقال جيمي ديكسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جيه بي مورغان»، إن البنك فقد بعض العملاء الأجانب مباشرة بعد الإعلان، وفق «رويترز».
لكن، في حين ارتفعت أسعار أسهم البنوك الأوروبية في عام 2025 مدفوعةً بزيادة الدخل الناتج عن ارتفاع أسعار الفائدة، فشل المصرفيون الاستثماريون الأوروبيون في منافسة نظرائهم الأميركيين، وفقاً لتحليل بيانات الرسوم من «مجموعة بورصة لندن» ولمقابلات مع مسؤولين تنفيذيين. بل إنهم في بعض المنتجات، مثل عروض الأسهم، تراجعوا في حصتهم السوقية داخل أوروبا.
حصة السوق الأميركية تقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق
استحوذت البنوك الأميركية على 37 في المائة من حصة السوق في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حتى الآن هذا العام.
وبقيت هذه الحصة ثابتة مقارنة بالعام الماضي، وهي قريبة من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 40 في المائة. وقد حافظت البنوك الأميركية على حصتها في جميع المنتجات، وحققت مكاسب في حصة السوق بعروض الأسهم وعمليات الاندماج.
التوسع منذ الأزمة المالية
استحوذت البنوك الأميركية تدريجاً على حصة سوقية من البنوك الأوروبية، بما في ذلك «دويتشه بنك» و«باركليز» و«سوسييتيه جنرال»، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وبينما عانت البنوك الأوروبية سنواتٍ من إعادة الهيكلة والتقليص، فقد استعادت البنوك الأميركية بسرعة تماسكها وعززت نطاق عملياتها، لترتفع حصتها السوقية من 31 في المائة عام 2008 إلى 37 في المائة حالياً.
استغلال الميزة المحلية
تَصدّر «غولدمان ساكس» قائمة البنوك الاستثمارية الرائدة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بحصة بلغت 6.8 في المائة من إجمالي الرسوم المتاحة، يليه «جيه بي مورغان» و«بي إن بي باريبا» الفرنسي. وجاء «سيتي» و«مورغان ستانلي» في المركزين الرابع والخامس توالياً. وقد حقق كل من «بي إن بي باريبا» و«دويتشه بنك» مكاسب طفيفة بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بعام 2024، بينما شهدت أسهم «باركليز» و«إتش إس بي سي» تراجعاً.
وتستفيد البنوك الأميركية من حجم سوقها المحلية وربحيتها لتحقيق نجاح عالمي، حيث هيمنت على الصفقات الكبرى التي تزيد قيمتها على مليار دولار، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، وفقاً لأمريت شاهاني، الشريك في شركة الأبحاث «بي سي جي إكسبند».
وتجلت مكاسب البنوك الأميركية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشكل أوضح في عمليات الاندماج والاستحواذ، فسجلت رسوماً بلغت 2.4 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث، مع ارتفاع حصتها السوقية بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بينما انخفضت حصة البنوك الأوروبية بالنسبة نفسها.
أما المجال الوحيد الذي تفوقت فيه البنوك الأوروبية فهو أداء أسعار أسهمها، على الرغم من أن ذلك يعكس جزئياً الأداء الضعيف لأسهم البنوك الأوروبية منذ الأزمة المالية.
أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل المحدثة، في خطوة تستهدف تعزيز الإطار الرقابي والإشرافي على قطاع التمويل، ودعم استقراره ونموه.
وأوضح «ساما» أن التحديثات شملت تنظيم متطلبات مزاولة مختلف الأنشطة التمويلية، وتعديل سقف إجمالي التمويل الذي يمكن للشركة تقديمه، إلى جانب دعم الشركات المتقدمة بطلبات الترخيص عبر تعديل مبلغ الضمان البنكي المطلوب عند التقدم للحصول على الترخيص.
كما تضمنت اللائحة مراجعة الأحكام المتعلقة بالأطراف ذوي العلاقة، وتوضيح الحالات التي ينتهي فيها ترخيص شركات التمويل، بما يعزز وضوح المتطلبات والالتزامات التنظيمية.
بصدور اللائحة المحدثة، ألغى البنك المركزي قواعد تنظيم شركات التمويل الاستهلاكي المصغر، وقواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر، إضافة إلى تعديل قواعد الترخيص للأنشطة المساندة لنشاط التمويل.
وأشار «ساما» إلى أن اعتماد اللائحة جاء بعد طرح مشروع التحديث في وقت سابق لاستطلاع مرئيات وملاحظات العموم والمختصين، حيث تمت دراسة الملاحظات وأخذها في الاعتبار ضمن الصيغة النهائية.
وفي سياق تعزيز دوره الرقابي وحماية العملاء، وجّه البنك المركزي السعودي، المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافه، إلى الالتزام بـ«دليل تعرفة خدمات المؤسسات المالية» عند فرض الرسوم على الخدمات والمنتجات المقدمة للعملاء، مؤكداً أن الدليل يُلغي ما يتعارض معه من أحكام.
وأوضح «ساما» أن الخطوة تستند إلى صلاحياته بموجب نظام البنك المركزي السعودي والأنظمة ذات العلاقة، وإلى التعرفة البنكية المحدثة، وضوابط التمويل الاستهلاكي، ومبادئ وقواعد حماية عملاء المؤسسات المالية، والصيغة النموذجية لعقد التمويل الاستهلاكي للأفراد.
قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق الممدد.
وأضاف الصندوق في بيان أنه توصل أيضا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لبرنامج تمويلي آخر قائم، هو تسهيل الصلابة والاستدامة.
بعد نحو 5 سنوات من التنفيذ الصارم، صوّت الكونغرس الأميركي على رفع الدرجة الأولى من عقوبات «قانون قيصر» عن سوريا. خطوة تحمل تداعيات إقتصادية وإجتماعية وإستثمارية واسعة على سوريا، لكن أيضاً على لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
نُذكّر بأنّ بدء تنفيذ عقوبات «قانون قيصر» على سوريا، كان منذ العام 2020، وكانت هذه العقوبات الخانقة تشمل كل التحويلات المالية والإستثمارات، قطاع الطاقة، التبادل التجاري، وكل عمليات الإستيراد والتصدير من سوريا وإليها. وكان لها تأثير كبير على الإقتصاد السوري الذي تدهور بسرعة فائقة، لا سيما حيال عملته الوطنية، وقد أصبح كل هذا الإقتصاد مبنياً على السوق السوداء والتهريب والترويج.
أمّا اليوم، وبعد رفع العقوبات التدريجي عن سوريا، بعد التصويت الإيجابي الأول من قِبل الكونغرس الأميركي، لا شك في أنّ هذه الخطوة ستُحفّز الحركة التجارية من جديد، ولا سيما جذب الإستثمارات الخارجية في القريب العاجل. وستكون هناك تداعيات واسعة على الإقتصاد اللبناني أيضاً:
أولاً: رفع هذه العقوبات سيُمهّد الطريق إلى إعادة بناء تبادل تجاري رسمي وشفّاف بين لبنان وسوريا، والحدّ من الإقتصاد الأسود وإقتصاد التهريب الماضي المسيء والمدمّر للبلدَين.
من جهة أخرى، نذكّر بأنّ الحدود البرية بين لبنان وسوريا هي المنفذ البري الوحيد للبضائع اللبنانية، والباب المفتوح ليس فقط لسوريا لكن أيضاً للأردن ومصر والعراق وسائر دول الخليج العربي، فنتوقع أن ترتفع زيادة كثافة الصادرات اللبنانية عبر سوريا بنسبة 15%-20% على المدى القصير والمتوسط.
بالإضافة إلى ذلك، نتوقّع إتفاقات مهمّة في ما يتعلّق بالطاقة، فلبنان مهتم جداً بشراء كهرباء سوريا بكميات هائلة وبأسعار منخفضة، وهذا الأمر كان صعباً جداً في ظل عقوبات «قانون قيصر».
كذلك، لبنان مهتم وله مصلحة كبيرة في شراء الغاز المصري الذي يمرُّ بالأنابيب عبر الأردن وسوريا نحو لبنان، فقد كان هذا الإستيراد مستحيلاً أيضاً في ظل العقوبات.
أمّا في ما يتعلّق باللجوء السوري، فلا شك في أنّ رفع العقوبات سيُعيد الحركة الإنمائية إلى سوريا، وسيجذب بشكل طبيعي المزيد من اللاجئين السوريِّين الذين سيعودون إلى بلدهم الأم وأرضهم وبيوتهم، للمشاركة في مشروع إعادة بناء بلادهم والإستفادة من الأموال التي ستُضخّ إليها.
أخيراً، إنّ رفع عقوبات «قانون قيصر» عن سوريا هو الممرُّ الأهم والأساسي للشركات اللبنانية المهتمة بالمشاركة في ورشة إعادة الإعمار الضخمة، فمعظم الشركات اللبنانية من جميع القطاعات ولا سيما النقل، التجارة، الصناعة والتكنولوجيا، ستتهيأ لبناء شراكات مثمرة وتآزر مع شركات سورية أو شركات أجنبية، للمشاركة في إعادة الإعمار والإستثمار في هذه السوق الواعدة.
في المحصّلة، تنطوي اليوم صفحة مصيرية من العقوبات، وتُفتح صفحة جديدة بنّاءة وواعدة، ليس فقط لإقتصاد سوريا لكن أيضاً لإقتصاد لبنان والمنطقة المجاورة، لأنّ هناك نيّة دولية وإصطفاف كواكب لإعادة بناء البلد، وخصوصاً بناء الإستقرار والسلام في المنطقة. لكن في الوقت عينه، لا شك في أنّ المخاطر والمخاوف لا تزال تلوح في الأفق. علينا جميعاً أن نستفيد من رفع العقوبات الأولية ونتهيّأ لأكبر مشروع وورشة إعادة إعمار، التي ستخلق نمواً ليس فقط في سوريا لكن في لبنان والمنطقة. إنّنا نطوي ليس فقط صفحة العقوبات، لكن أيضاً صفحة التهريب والترويج والتسلُّح، لبناء تبادل تجاري رسمي، وإقتصاد أبيض مستدام وشفّاف. هناك فرصة تاريخية، علينا ألّا نُضيّعها من جديد.
لا يُمكِن مقدَّماً إلّا الثناء على مبادرة المسؤولين الحكوميِّين والناظمين الحاليِّين، لجهة العمل على صياغة مشروع قانون جريء ولو منقوص وغير «شعبي»، يحاول معالجة موضوع الفجوة المالية الناتجة من انهيار الوضع المالي وحجز الودائع بصورة غير قانونية من قِبل المصارف لما يزيد عن الـ6 سنوات، كان التسويف والتعطيل والتأجيل خلالها أسياد الموقف؛ وما نتج من ذلك من أزمات وضرر وجمود، عمّق الأزمة بدلاً من حلّها وضاعف الخسائر. ولقد حاول هذا المشروع تأمين أكبر قدر من العدالة في توزيع الخسائر وتحمّل المسؤوليات، مع احترام المبادئ والمعايير الدولية المرعية، بالتالي التقيُّد لهذه الجهة بما أوصى به صندوق النقد الدولي.
نلحظ من ضمن ما تقدَّم مسألة تطبيق مبدأ تراتبية توزيع المسؤوليات وتحمُّل الخسائر، فيتحمّل صاحب القرار والمصالح في الطرف المتعاقد الأساسي مع المودع (أي المصرفيِّون) المسؤولية الأساسية بالتدرُّج، وتبدأ هذه التراتبية بالمساهمين العاديِّين، ثم المساهمين المفضّلين (مع بعض التحفُّظ بالنسبة لهذه الفئة المغبونة، قسم مهمّ منها بفعل عمليات غشّ وتحايل ممنهجة وغير معاقَب عليها لغاية تاريخه)، وصولاً إلى الدائنين الأعلى مرتبة. وقد تمّ أيضاً التقيُّد بتوصية إعادة تقييم أصول مصرف لبنان والمصارف بواسطة شركة تدقيق دولية مستقلة، لتحديد حجم الفجوة المالية بدقة، ومن شأن ذلك، بمثابة إقراره بموجب قانون، تفادي تعارضه مع قوانين مرعية، ولا سيما القانون رقم 364 (الصادر في 1/8/1994) المتعلّق بتنظيم مهنة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان.
وعليه، يفرض المشروع على كل مصرف، بغضّ النظر عن نتائج التقييم وعملية تنقية الأصول غير المنتظمة، إعادة الرسملة تحت طائلة مواجهة إجراءات الهيئة المصرفية العليا التي قد تشمل الدمج أو التصفية وفقاً للقانون رقم 23/2025. كما ومن إيجابيات المشروع توسيع دائرة المساهمين في ردم الفجوة، ليشمل النطاق ولأول مرّة، ضمن ما سُمِّيَ بالأصول غير المنتظمة (الباب الثالث، المادة 5)، كل مَن استفاد من حالة الإنهيار المالي على غرار: (1) أصحاب التحويلات المصرفية التي تجاوزت 100 ألف دولار، وقام بها كبار المساهمين وأعضاء مجالس الإدارة والمدراء العامّون والتنفيذيِّون وأقاربهم بعد تاريخ 17/4/2019، أو سائر الأشخاص بمَن فيهم الأشخاص المُعرَّضون سياسياً (PEPs) بعد تاريخ 17/10/2019، وذلك من دون مبرِّر تجاري أو صناعي أو صحي واضح ومقبول؛ (2) أصحاب الحسابات التي شهدت زيادة في أرصدتها بعد تاريخ 17/10/2019 عن طريق تحويل الليرة إلى دولار بأسعار صرف غير رسمية متدنّية أو شراء الشيكات المصرفية؛ (3) أصحاب الحسابات التي تقاضى أصحابها فوائد مدفوعة مسبقاً نتيجة الهندسات المالية أو فوائد عالية سُدِّدت بدءاً من العام 2016؛ (4) أصحاب القروض والتسهيلات التجارية التي تتجاوز 500 ألف دولار، وسدَّدوا قروضهم بعد وقوع الأزمة بأقل من قيمتها؛ (5) أصحاب المكافآت وأنصبة الأرباح المفرطة من مساهمين وكبار مسؤولين وموظفين في المصارف؛ وأخيراً (6) أصحاب الحسابات غير المشروعة أو المشتبه بمصدرها و/أو صاحبها.
استرداد الأموال غير المشروعة
على رغم ممّا تقدَّم من إيجابيات وتحسينات، ولاسيما لجهة تحميل المسؤوليات وتدرُّجها، يُبقي المشروع بمنأى عن المساءلة والمحاسبة وتحمُّل المسؤولية والخسارة، طرفاً مهمّاً وهو المتسبِّب الفعلي والأساسي بالإنهيار وخسارة الودائع. إذ كان يجدر بمُعدِّي المشروع، بموجب فصل ثانٍ أو حتى بموجب تشريع آخر ملازم ومكمِّل، فتح ملف هدر المال العام واسترداد الأموال غير المشروعة، من خلال تحديد خارطة طريق واضحة وتدابير محدَّدة ضمن نطاق زمني محدَّد وصريح، يعتمد على كل أحكام القوانين والأنظمة النافذة التي تُستكمَل عند الإقتضاء بتدابير تطبيقية مناسبة. ونأمل ألّا يكون ذلك، بمثابة التمهيد والتحضير «لطائف إقتصادي» يعفي عن الجرائم المالية ويطوي الصفحة لإعادة إنطلاقة بـ«العدّة» عينها، فتؤدّي حكماً إلى النتائج عينها بعد حين، بسبب الإفلات المستمر من العقاب.
العموميات وودائع النقابات والصناديق التقاعدية
يتضمَّن مشروع القانون عموميات عديدة وأموراً غير واضحة أو مبهمة، ومتروك أمر تحديدها والبَتّ بها إمّا لجهات تنظيمية (مصرف لبنان) غالباً أو حكومية، ممّا يُفقد القانون عامل الثبات والأمان الضروريَّين لطمأنة أصحاب الشأن والمصالح (المودعون أنفسهم في مقدّمهم) وإعادة الثقة المفقودة. وفي السياق عينه، لم يصر إلى لحظ موضوعَي الودائع بالليرة اللبنانية التي حُجِزت بداية الأزمة وفقدت قيمتها بالكامل؛ وعمّا إذا كان هناك من إجراء معيَّن لإنصاف أصحابها وتعويضهم، لا سيما وأنّ أغلبهم من أصحاب المعاشات والتعويضات التقاعدية والصناديق الإجتماعية والنقابية. ولا ذكر أيضاً للمبالغ المسحوبة منذ بداية الأزمة بالعملة الأجنبية على أساس تعاميم مصرف لبنان (151، 158 و166) وعمّا إذا كانت هذه الأرصدة ستُخصَم من مبلغ الـ100 ألف دولار المضمونة والقابلة لإعادة التسديد كاملةً. كما أنّه من غير الواضح إذا أُعِدَّت دراسات جدوى ومحاكاة إقتصادية مسبقة، لتقييم الأصول بصورة موضوعية وعلمية أو تقدير السيولة اللازمة، بما يضمَن كيفية تسديد المستحقات. كما لا وجود لتدابير تلحظ الحلول البديلة والضمانات في حال التقاعس أو الإخلال أو التأخُّر في تسديد المستحقات من أصول وفوائد.
ضمانات الاسترداد
ويترك المشروع هامشاً كبيراً من الحيّز التقريري والتقييمي لمصرف لبنان بكافة هيئاته وأجهزته، من دون إخضاعه لرقابة لاحقة ومستقلة فعّالة، أو لآليات مساءلة واضحة، لاسيّما في ظل القوانين والأنظمة المرعية الحاضرة التي لم يصر إلى تعديلها جذرياً لغاية تاريخه، على رغم من كل ما استُجدّ من ظروف وانهيارات. فهذا الأمر على رغم من تفهُّم سببه ومبرِّراته، قد يؤدّي إلى تدابير وعمليات بعيدة من الأضواء ومن الشفافية وصَون الحقوق.
إلى ذلك، جرى استبعاد الصندوق السيادي لإعادة تسديد الودائع المطروح في المشاريع والخطط التي سبقت هذا المشروع واستبداله «بحساب تسديد الودائع» (المادة 11- الباب السادس) الذي يُنشأ ويُدار من قِبل مصرف لبنان بمفرده من دون أية آلية محدَّدة للتدقيق والمراقبة والنشر والشفافية، فيُحدِّد المصرف «السياسات المعتمدة وآليات تقييم المخاطر والضوابط، بتعميم يصدر عنه بعد موافقة وزارة المالية». وعملاً بما تقدَّم يُفقِد التدبير المودعين الدائنين حاملي السندات ضمانة المراجعة والمراقبة والشفافية والحصرية والحوكمة الرشيدة.
وعلى رغم من أنّ التدبير يمنحهم بالمقابل ضمانات إضافية على أصول المصرف المركزي (لم تُرهن، تُحجَز احترازياً، تُخصَّص لهم مقدَّماً أو حتى يُصنَّفوا كدائنين ممتازين متقدّمين على باقي الدائنين الحاليِّين والمستقبليِّين)، يحرمهم بالمقابل ممّا قد يتأتّى ويستحق للدولة اللبنانية جرّاء استعادة الأموال غير المشروعة الناتجة من جرائم الفساد، التي أوجد لها القانون رقم 214 (8/4/2021) صندوقاً وطنياً لإدارة واستثمار الأموال يتمتع بالإستقلالية وحسن الحوكمة الرشيدة (مع العلم أنّ المرسوم التطبيقي قاب قوسين من الإقرار).
إنّ تحديد تاريخ 17/4/2019 لاسترداد تحويلات مصرفية تجاوزت الـ100 ألف دولار أميركي، وقام بها كبار المساهمين في المصارف ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمدراء العامّون والتنفيذيِّون وأقاربهم والهيئات المعنوية التي يسيطرون عليها، تطرح تساؤلات عديدة، علماً أنّ بوادر الإنهيار بدأت تتظهّر قبل سنوات، وإنّ كل القوانين المرعية الإجراء تشير إلى فترة محدّدة بـ18 شهراً من تاريخ توقف المصرف عن الدفع، يُصار إلى إبطال جميع العقود والعمليات المنفّذة خلالها، خصوصاً البيوعات والتحاويل المصرفية المنفّذة ضمن تلك الفترة (القانونَان رقم 2/67 و110/91).
في بعض أحكام ومواد مشروع القانون
المادة 3 (نطاق تطبيق القانون): خلافاً لما يجري تسويقه، فإنّ هذا المشروع ولأول مرّة، يُدخِل الدولة في عداد الأطراف الذين ينطبق عليهم القانون، بالتالي يُلزمهم (بالتكافل والتضامن) بتحمُّل المسؤوليات والإلتزامات الناتجة منه، وأهمّها الإعتراف بالمسؤولية والدَين. ومن شأن ذلك طبعاً تكبيد موازنات الدولة اللاحقة الأعباء المتأتية من تطبيق القانون، وأهمّها سدّ عجز مصرف لبنان عند الإقتضاء، عملاً بأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف، المُطالَب بها من قِبل جمعية المصارف.
تضمنّت تلك المادة أيضاً عبارة، أنّ القانون يُطبَّق على «جميع الحسابات بالعملات الأجنبية المتكوّنة لدى مصرف لبنان والمصارف المذكورة قبل تاريخ 17/10/2019»؛ بالتالي، وإن طبّقنا حرفية النص يكون قد استنثى من الضمانة والتدابير، الحسابات التي كُوِّنت وفُتِحت لدى المصارف بعد ذلك التاريخ وإنما بشيكات مصرفية من أرصدة محجوزة (لولار). وعليه، يقتضي إضافة هذا الموضوع صراحةً في النص.
المادة 4 (إجراءات إعادة التوازن والملاءة للنظام المصرفي): إنّ عملية شطب الودائع غير المنتظمة أو غير المشروعة تقتضي أن يستفيد منها باقي المودعين، لتسريع وزيادة حجم استرداد الودائع وليس المصارف أو حتى الدولة.
المادة 5 (الأصول غير المنتظمة): من ضمن هذه الفئات التي تُطبَّق بحقها تدابير صارمة، يلحظ القانون فئة «الحسابات المشتبه في صحة هوية المُستفيد الحقيقي منها و/أو الحسابات المشتبه في مصدر أموالها… ولا سيما تلك المشتبه في تضمنّها أموالاً غير مشروعة». فالغريب هنا والمُستغرَب، أنّ القانون أناطَ أمر تحديدها والإبلاغ عنها إلى كل من المصارف (المتواجدة لديها هذه الأرصدة) وهيئة التحقيق الخاصة المنشأة لدى مصرف لبنان، كما ولجنة الرقابة على المصارف، للتأكّد من صحة التنفيذ… أي الفرقاء أنفسهم الذين أتاحوا أو تقاعسوا وسمحوا بدخول هذه الأرصدة إلى القطاع المصرفي، بخلاف القوانين التي ترعى هذا الموضوع، وأهمّها قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 318/2001 والمعدَّل بالقانون رقم 44/2015.
أي نطلب من المسؤول إدانة نفسه بنفسه، وإظهار حجم مخالفاته داخلياً ودولياً، ممّا يضعه على المحك ويضرب صدقيّته. فمَن يُصدِّق بأنّ هذه العملية قد تُنفّذ بشفافية مطلقة؟ علماً أنّ الأموال ذات الصلة والملحوظة جرائمها في المادة الأولى من القانون المذكور رقم 44/2015، قد تتخطّى بأضعاف ما هو مرتقب ومصرّح عنه. وعلى أساسه، كان يجدر بواضعي المشروع إشراك الأجهزة المختصة بمواضيع الفساد والمراقبة الإدارية، على غرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووزارة المالية (للتهرُّب الضريبي) والقضاء المالي، والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة أو أحدهم؛ وذلك، لضمان الإلتزام والشفافية.
المادة 6 (إجراءات تنقية الأصول غير المنتظمة)- أولاً: بالنسبة للتحويلات المصرفية إلى الخارج بعد تاريخَي 17/4/2019 و17/10/2019 (وفقاً للحال)، ونظراً لعدم وجود أي قانون في حينه يضع ضوابط موقتة واستثنائية على التحاويل والسحوبات المصرفية، بالتالي عن مخالفة أي نظام قائم، فلا يمكن تسمية النسبة العقابية المطبَّقة (30%) على أنّها غرامة ناتجة من التخلّف لموجَب إعادتها «بالغرامة». وكان من الأجدر تصنيفها في خانة الرسم الإستثنائي أو الرسم التعاضدي، استناداً إلى أحكام الفقرة (ج) من مقدّمة الدستور والمادة 7 اللتَين تنصّان على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل.
وبالنسبة للحسابات التي تقاضى عليها أصحابها فوائد مدفوعة مسبقاً نتيجة الهندسات المالية و/أو أي فوائد دُفعت بدءاً من العام 2016، يقتضي حفاظاً على مبدأ العدالة والمساواة الآنف ذكره، تنظيم مسألة استرداد ما حُوِّل إلى الخارج ضمن الفترة الممتدّة من 1/1/2016 و17/10/2017. وفي حال عدم التقيّد، تطبيق التدابير والغرامات نفسها المفروضة بالنسبة لباقي الفئات، مع أوامر تحصيل صادرة عن وزارة المالية عملاً بأحكام قانون الإجراءات الضريبية رقم 44/2008.
المادة 8 (آلية تسديد الودائع)- أولاً: يتبيَّن جلياً هنا أنّ عهد السحوبات النقدية قد ولّى إلى غير رجعة، واستُبدِل بالشمول المالي، بدليل لحظ هذه المادة وضع المستحقات في حسابات حرّة تُستعمَل بموجب شيكات أو حوالات مصرفية أو بطاقات إئتمانية. وعليه، من الضروري تشديد الرقابة على المصارف لتفادي إفراطها، كما هي الحال حاضراً، بفرض عمولات وأعباء إعتباطية ومجحفة، كما هي الحال منذ حجز الودائع لديها، ولا سيما وأنّ المودع سيبقى مرتبطاً بها قسراً طوال مرحلة إعادة ودائعه.
المادة 8 (آلية تسديد الودائع)- رابعاً: خلافاً لما يوصي به صندوق النقد الدولي، تعتمد الحكومة تعريفاً وسقفاً موحَّداً قدره 100 ألف دولار لكل مودع على مستوى النظام المصرفي ككل، وليس بمقاربة «مصرف بمصرف» لضمان عدم تحميل المصارف السليمة أعباء المصارف المتعثرة وتأمين تكافؤ الظروف والفرص بينها.
المادة 10 (تحديد دين الدولة تجاه مصرف لبنان): تلحظ هذه المادة في فقرتها الثالثة إمكانية لمجلس الوزراء بأن يُقرِّر تقديم مساهمة إضافية في رأسمال مصرف لبنان، عند الإقتضاء، لتعزيز ملاءته، وفقاً للمادة 113 من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي. هذا التدبير يستدعي ملاحظتَين هامّتَين:
الأولى، تتعلّق بحصر تلك الصلاحية بالسلطة التشريعية التي يحق لها حصراً تقرير أو إعطاء الموافقة المسبقة (وعادةً بموجب رصد إعتماد في الموازنة) بالنسبة لأي إنفاق أو عبء، كما وبالنسبة إلى فرض الضرائب المقابل لتأمين ذاك الإنفاق؛ كل ذلك ضمن حدود معينة ولغايات معيَّنة، جرى نقاشها ولضمان شفافية إدارة المال العام وتمكين محاسبة الحكومة على عملها وتقييم أدائها.
والثانية تتعلّق بنتائج هذا الإلتزام كونه سيُحمِّل الدولة مسؤولية أي تقاعس أو إخلال في الإلتزام وإعادة تسديد الودائع، بالتكافل والتضامن مع مصرف لبنان والمصارف؛ ممّا يتعارض مع توصيات صندوق النقد الدولي لهذه الجهة، ويؤثر على استدامة الدَين العام ويُحمِّل وِزر إعادة تسديد الديون المترتبة (خصوصاً لكبار المودعين) للمكلّفين (من مقيمين ومواطنين والمودعين جزء أساسي منهم) ولأجيال قادمة. ناهيك عن مسألة تمكّن أصحاب الودائع المحوَّلة إلى أوراق مالية قابلة للتداول، ومدعومة بأصول حقيقية (مثل الذهب والعقارات) بمطالبة المصرف المركزي والدولة بتصفية تلك الأصول. وما يُعزِّز هذا الإعتقاد هو ما ورد في المادة 12 لجهة تعزيز الشهادات بإيرادات الأصول التي يملكها مصرف لبنان ومن ضمنها «عائدات تصفية هذه الأصول». وقد يفتح هذا الموضوع الباب واسعاً لدخول الصناديق الانتهازية إلى المَيدان مجدَّداً.
في الأسباب الموجبة:
اعتُمد على المادة 15 من الدستور اللبناني التي تُجيز «تقييد الملكية الفردية للمنفعة العامة والمصلحة العليا» لتبرير الإجراءات الواردة في المشروع، التي تؤدّي إلى تقييد في الحقوق وإنّما مع اجتزاء تلك المادة، فلم يُلحَظ الجزء الثاني الذي يُلزِم «بالتعويض العادل»، وهو ما ليس متوفراً راهناً.
كما أنّه كان من المُجدي أيضاً لتبرير التكاليف الإضافية على بعض الأرباح من الأموال غير المنتظمة المحققة خلال وبفعل الإنهيار الإستشهاد بقرار المجلس الدستوري رقم 3/2023 تاريخ 4/4/2024، في سياق ردّه على سبب الطعن المبني على مخالفة المادة 93 من قانون الموازنة رقم 324 تاريخ 12/02/2024، والذي كرّس مبدأ التكليف الوارد في المادة الرابعة الفقرة (د) من قانون ضريبة الدخل (المرسوم الإشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 وتعديلاته) التي نصّت على أنّه «يُعدّ في جملة المكلّفين بهذه الضريبة… كل شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح من عمل يُدرّ رَيعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل». وهذا غيض من فيض وللتعليق والحديث تتمة…
تتجه التجارة العالمية إلى تسجيل مستوى قياسي، في مفارقة لافتة تعكس قدرة التدفقات التجارية على التكيف مع بيئة اقتصادية عالمية تتسم بتباطؤ النمو وارتفاع منسوب عدم اليقين.
فعلى الرغم من الضغوط المتزايدة على الاقتصادات الكبرى، تواصل حركة السلع والخدمات تحقيق مكاسب تعكس تحولات أعمق في خريطة التجارة الدولية.
تتداخل في هذا المشهد عوامل متناقضة، بين تباطؤ الزخم الاقتصادي من جهة، واستمرار الطلب في قطاعات بعينها من جهة أخرى، مدعومة بتغير أنماط الاستهلاك وتوسع بعض الأنشطة العابرة للحدود.
بحسب الأونكتاد، فإنه “من المتوقع أن تصل التجارة العالمية إلى مستوى قياسي يبلغ 35 تريليون دولار على الرغم من تباطؤ وتيرة النمو”.
ومن المتوقع أن ينمو حجم التجارة العالمية بنحو 7 في المئة في عام 2025، مما يضيف 2.2 تريليون دولار ويسجل رقماً قياسياً جديداً.
وبين شهري تموز وأيلول، نما حجم التجارة العالمية بنسبة 2.5 في المئة مقارنةً بالأشهر الثلاثة السابقة. وارتفعت تجارة السلع بنسبة 2 في المئة تقريبًا، والخدمات بنسبة 4 في المئة. ومن المتوقع أن يستمر النمو في الربع الأخير من العام، وإن كان بوتيرة أبطأ: 0.5 في المئة للسلع و2 في المئة للخدمات.
وإذا تحققت التوقعات، فستضيف تجارة السلع نحو 1.5 تريليون دولار إلى إجمالي هذا العام، والخدمات 750 مليار دولار، بما يتمشى مع زيادة سنوية إجمالية قدرها 7 في المئة.
أبرز الأسباب
يقول المدير التنفيذي لمركز كوروم للبحوث، طارق الرفاعي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
تُسهم عدة عوامل رئيسية في تفسير تسجيل التجارة العالمية قيماً قياسية رغم تباطؤ وتيرتها.
التضخم وارتفاع الأسعار الاسمية يُعدّان من أبرز هذه العوامل؛ إذ إنه حتى معدلات النمو الحقيقي المتواضعة تترجم إلى قيم دولارية أعلى بكثير، في ظل بقاء أسعار السلع والطاقة والخدمات عند مستويات مرتفعة مقارنة بما قبل الجائحة.
لا يشترط أن تشهد أحجام التجارة نمواً كبيراً حتى تسجل قيمتها الإجمالية أرقاماً قياسية.
ويؤكد أن تجارة الخدمات تواصل توسعها بوتيرة مستقرة، مدفوعة بنمو الخدمات الرقمية، والسفر، والتمويل، والاستشارات، والحوسبة السحابية، وتدفقات البيانات العابرة للحدود، لافتاً إلى أن هذه القطاعات تنمو بشكل أسرع وأكثر استقراراً من تجارة السلع، ما يعوض إلى حد كبير تراجع الطلب على التصنيع.
ويختم الرفاعي حديثه بقوله: إن تضافر ارتفاع الأسعار، ونمو تجارة الخدمات، وإعادة هيكلة سلاسل التوريد، وقوة الطلب في الأسواق الناشئة، تدعم تسجيل التجارة العالمية مستويات قياسية من حيث القيمة، حتى مع تباطؤ وتيرة النمو.
توقعات النمو في 2026
تتوقع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6 بالمئة فقط في عامي 2025 و2026، بانخفاض عن نسبة 2.9 بالمئة في عام 2024.
وتدفع التوقعات النمو إلى ما دون المتوسط قبل الجائحة البالغ 3 بالمئة، وإلى ما دون المتوسط البالغ 4.4 بالمئة الذي شوهد قبل الأزمة المالية 2008-2009.
تشهد الاقتصادات الكبرى أيضاً تراجعاً في زخمها، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو في الولايات المتحدة إلى 1.8 بالمئة في عام 2025 و1.5بالمئة في عام 2026، أما في الصين، فمن المتوقع أن ينخفض النمو من 5 بالمئة في عام 2025 إلى 4.6 بالمئة في عام 2026، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 6.7 بالمئة المسجل قبل الجائحة.
تباطؤ الزخم
ذلك، يقول خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
في ظل تباطؤ زخم النمو الاقتصادي العالمي لا تزال التوقعات تشير إلى وصول حجم التجارة العالمية إلى مستوى عالي بحلول نهاية العام.
العوامل الرئيسة الداعمة لهذا الأداء تتمثل في ارتفاع الطلب في بعض القطاعات الحيوية رغم ضعف قطاعات أخرى.
الصناعات التحويلية، ولا سيما الإلكترونيات المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لا تزال تقود النمو التجاري، مع زيادة واسعة في صادرات هذه السلع.
مع اقتراب نهاية عام 2025، تُظهر الأسواق المالية العالمية حصيلة عام اتسم بتقلبات واضحة، لكن ضمن مسار عام مال إلى الإيجابية المدروسة أكثر من الاندفاع الصعودي. فقد تداخلت عوامل السياسة النقدية، وأداء الشركات، والتحولات الجيوسياسية، لتنتج مشهدًا استثماريًا متوازنًا بين فرص واضحة ومخاطر قائمة، انعكست على حركة مختلف فئات الأصول.
الأسواق الأميركية كانت في صدارة المشهد، حيث أنهت المؤشرات الرئيسية العام على مكاسب قوية نسبيًا. فقد استفاد كل من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومؤشر ناسداك المجمع من تحسن أرباح الشركات واستمرار الزخم في قطاع التكنولوجيا، ولا سيما الأنشطة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. هذا الأداء جاء مدعومًا أيضًا بتوجه الاحتياطي الفيدرالي وعدد من البنوك المركزية العالمية نحو تخفيف السياسة النقدية، ما أعاد تسعير الأصول الخطِرة ورفع مستويات الشهية الاستثمارية، رغم فترات الحذر التي رافقت بعض التصحيحات الدورية.
في موازاة ذلك، برزت الأسواق الناشئة كأحد الرابحين الكبار في 2025، مستفيدة من ضعف الدولار وتحسن التدفقات الرأسمالية. فقد سجلت أسواق آسيا، ولا سيما الصين وتايوان والهند، أداءً لافتًا، مدعومًا بتقييمات جذابة وتوقعات نمو أفضل على المدى المتوسط. هذا التحول عكس ميلًا متزايدًا لدى المستثمرين العالميين لتنويع محافظهم بعيدًا عن التركّز المفرط في الأصول الدولارية.
أما في سوق السلع، فقد كان عام 2025 استثنائيًا بالنسبة للمعادن الثمينة. إذ سجل الذهب والفضة ارتفاعات قوية وغير مسبوقة، مدفوعة بالطلب التحوطي في ظل التوترات الجيوسياسية، وتراجع العوائد الحقيقية، إضافة إلى الطلب الصناعي المتزايد، خصوصًا على الفضة. هذه المكاسب عززت دور المعادن كملاذ آمن وركيزة أساسية في استراتيجيات التحوط، خاصة في فترات الغموض المرتبطة بالبيانات الاقتصادية والإغلاقات الحكومية التي أثّرت مرحليًا على وضوح الرؤية في الأسواق.
في المقابل، لم يحظَ النفط بالزخم نفسه، إذ تعرض لضغوط واضحة خلال العام نتيجة المخاوف المتعلقة بتباطؤ الطلب العالمي، إضافة إلى القيود التجارية وتغير ديناميكيات العرض. هذا الأداء الضعيف نسبيًا عكس حالة الترقب التي تسيطر على أسواق الطاقة، في ظل عدم اليقين بشأن وتيرة النمو الاقتصادي العالمي خلال المرحلة المقبلة.
العملات الرقمية بدورها عكست طبيعة عام 2025 المتقلبة. فقد شهدت بيتكوين تحركات حادة بين الصعود والتراجع، قبل أن تمحو جزءًا كبيرًا من مكاسبها، مع تبدل المزاج الاستثماري وتراجع السيولة الموجهة نحو الأصول عالية المخاطر. كما سجلت العملات الرقمية الكبرى الأخرى أداءً متفاوتًا، ما أكد أن السوق الرقمي هذا العام كان أقرب إلى مسار متذبذب منه إلى اتجاه صعودي مستدام.
ومع دخول الربع الأخير من العام، اتضحت ملامح حركة السيولة بشكل أكبر. فقد استقطبت صناديق الأسهم العالمية تدفقات نقدية قوية، مدفوعة بتزايد الرهانات على خفض إضافي للفائدة الأميركية وتحسن الثقة العامة في الأسواق. بالتوازي، برز اهتمام متجدد بعملات الأسواق الناشئة والسلع الأساسية، في مؤشر على سعي المستثمرين إلى تنويع مصادر العائد والتحوط من تقلبات الدولار.
في الخلاصة، يمكن القول إن عام 2025 شكّل مرحلة انتقالية في مسار الأسواق المالية، حيث تفوقت بعض القطاعات مثل السلع والموارد الطبيعية، واستمر الزخم في التكنولوجيا رغم التصحيحات، فيما بقيت الأصول الرقمية رهينة التقلبات. وبين هذه العناوين، تدخل الأسواق نهاية العام وهي محمّلة بمكاسب ملموسة، لكنها في الوقت نفسه تقف أمام تساؤلات جوهرية حول مسار الفائدة، والنمو العالمي، واتجاه السيولة في العام الجديد.
كشف تقرير البنك الدولي للعام 2025 عن تقدّم الأردن في مؤشر نضج الحكومة الرقمية، حيث صنّف ضمن الفئة (A)، وهي أعلى فئات النضج في التحول الرقمي الحكومي؛ ما يعكس تطور المملكة في رقمنة القطاع العام وتعزيز كفاءة الخدمات الحكومية. ووفق التقرير تقدّم الأردن 10 مراتب في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية (GTMI) لعام 2025 الصادر عن مجموعة البنك الدولي، لترتقي من المرتبة 31 عالميًا في عام 2022 إلى المرتبة 21 عالميًا من بين 197 دولة شملها المؤشر، كما حقّقت المرتبة الرابعة عربيًا بعد السعودية والبحرين والإمارات، ما يضع المملكة ضمن الدول الأكثر تقدّما في ممارسات الحكومة الرقمية على المستويين الإقليمي والدولي. ويعكس هذا الإنجاز الجهود الوطنية المتواصلة في تعزيز التحول الرقمي الحكومي، وتطوير الخدمات الرقمية، والانتقال نحو النضج الرقمي المؤسسي، ضمن مخرجات المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، بما أسهم في رفع كفاءة الأداء في القطاع العام، وتحسين تجربة المواطنين في الحصول على الخدمات الحكومية، وبما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي.
ويتجسّد هذا التقدّم بوضوح في التحسّن التصاعدي لنتيجة المؤشر للمملكة عبر إصداراته المتعاقبة، حيث ارتفعت نتيجتها إلى (0.914)، مقارنةً بنتيجة بلغت (0.829) عام 2022، ومحافظاً بذلك على تصنيفه ضمن الدول الرائدة، مما يعكس مسارًا تراكميًا ومستدامًا في تعزيز نضج التكنولوجيا الحكومية على المستوى الوطني. وبهذا، فقد تجاوز أداء الأردن بشكلٍ كبير المتوسط العالمي البالغ (0.589)، ومتوسط منطقة غرب آسيا وشمال افريقيا البالغ (0.590).
كما أظهر المؤشر تحسّنًا في أداء الأردن عبر كافة المجالات الأربعة الرئيسية المكوّنة لمؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية مقارنةً بأداء عام 2022؛ إذ سجّل تقدّمًا ملحوظًا في مؤشر الأنظمة الحكومية الأساسية بتحقيقه المرتبة 31 عالميًا مقارنةً بالمرتبة 40 في 2022، إلى جانب حصوله على المرتبة الرابعة عربيًا
كما تحسّن أداء الأردن في مؤشر تقديم الخدمات العامة بانتقاله من المرتبة 42 عالميًا إلى المرتبة 26 عالميًا، مع حفاظه على الترتيب الخامس عربيًا. ويركز هذا الجانب على قياس تطور البوابات الإلكترونية الموجهة للمواطنين، ومدى توفر خدمات «التعبئة الإلكترونية» (e-filing)، وقدرات الدفع الرقمي المتكاملة التي تسهل إتمام المعاملات الحكومية دون الحاجة للمراجعة الشخصية.
إلى جانب ذلك، فقد تحسّن أداء الأردن في مؤشر مُمكّنات التكنولوجيا الحكومية، الذي يقيس شمولية الاستراتيجيات الرقمية، الأطر التنظيمية والمؤسسية، برامج الابتكار، وتطوير المهارات الرقمية، من المرتبة 34 عالميًا إلى المرتبة 29 عالميًا، متقدمًا بذلك من المرتبة الخامسة عربيًا إلى المرتبة الرابعة في عام 2025؛ بما يؤكد اتساع نطاق التحسّن ليشمل مختلف محاور قياس نضج التكنولوجيا الحكومية. وينظر إلى هذا التقدم كعامل داعم لجاذبية الاقتصاد الأردني، وتحسين كفاءة الإنفاق العام، وتعزيز الشفافية، إضافة إلى دوره في تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، في وقت تتجه فيه الاقتصادات عالميا إلى توظيف الحكومة الرقمية كأداة رئيسة للإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية المستدامة.
يُشار إلى أن مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية (GTMI) يصدر تقريبًا كل عامين عن مجموعة البنك الدولي، والذي يُعنى بقياس مدى تطور التحوّل الرقمي في الحكومات وقدرتها على استخدام التكنولوجيا في تقديم الخدمات العامّة وتجمع منهجية المؤشر في عام 2025 بين بيانات استقصائية مُبلغ عنها ذاتيًا عبر استطلاع رأي إلكتروني أعدّه البنك الدولي من 158 دولة، ومعلومات متاحة للجمهور لـ 39 دولة المتبقية.
كشفت بيانات رسمية ارتفاع أصول البنوك بختام شهر نوفمبر 2025 بنسبة 5.79 % سنوياً، وذلك بإضافة 117.64 مليار ريال إلى مجمل أصولها. وسجلت المصارف التجارية أصولاً في ختام الشهر المنصرم بـ2.15 تريليون ريال، مقابل 2.03 تريليون ريال في نهاية نوفمبر من عام 2024. ووفق مسح صادر عن مصرف قطر المركزي، فقد ارتفعت أصول البنوك بنسبة 1.03 % أو 21.88 مليار ريال عن قيمتها في ختام شهر أكتوبر 2025 البالغ 2.13 تريليون ريال. وبشأن مكونات أصول البنوك، فقد بلغت قيمة الأصول المحلية – تقتنص النصيب الأكبر – بختام شهر نوفمبر 2025 نحو 1.74 تريليون ريال، بزيادة 3.94 % عن مستواها في الشهر ذاته من 2024 البالغ 1.68 تريليون ريال، كما نمت 0.20 % شهرياً. وسجلت الأصول الأجنبية للبنوك القطرية بنهاية الشهر الماضي 331.34 مليار ريال، بارتفاع 19.96 % عن 276.20 مليار ريال قيمتها في ختام نوفمبر 2024، كما صعدت 4.87 % على أساس شهري. وتضم الأصول الأجنبية وفق المسح النقد، والأرصدة لدى البنوك في الخارج، إلى جانب الائتمان خارج قطر، والاستثمارات في الخارج، وبند الموجودات الأخرى. وبلغت الاحتياطيات الدولية لقطر التي تشمل النقد بالريال القطري والأرصدة لدى المركزي بختام نوفمبر الماضي 71.98 مليار ريال، بتراجع 4.93 % عن مستواها بذات الشهر عام 2024 البالغ 75.71 مليار ريال، بينما ارتفعت 4.09% شهريا.
وارتفعت القيمة الإجمالية لودائع العملاء في البنوك في ختام شهر نوفمبر 2025 بنسبة 1.52% سنوياً، كما زادت 1.56 % على أساس شهري. وسجلت ودائع العملاء بالشهر الماضي 1.06 تريليون ريال، مقابل 1.04 تريليون خلال نوفمبر 2024، ودعم الأداء السنوي لودائع العملاء، ارتفاع حجم ودائع القطاع الخاص 2.87 % عند 488.02 مليار ريال، مقابل 474.38 مليار ريال في نوفمبر 2024، وارتفعت 0.43 % شهرياً. وبلغت ودائع القطاع العام في بنوك قطر بختام نوفمبر 2025 نحو 377.92 مليار ريال، بارتفاع 2.31 % عن قيمتها البالغة 369.39 مليار ريال في الشهر المناظر من عام 2024، وارتفعت شهرياً بـ3.74 %. ووفقا لمسح المركزي، فقد قدمت البنوك تسهيلات ائتمانية بقيمة 1.43 تريليون ريال وذلك في ختام شهر نوفمبر 2025. وجاءت التسهيلات بذلك أعلى بنحو 5.15% عن مستواها المُسجل في ختام شهر نوفمبر 2024 البالغ 1.36 تريليون ريال.
«الخليج ما بعد النفط»، جملة كانت مثار تساؤلات عديدة خلال العقد الماضي، في ظل تحولات عصفت بكبريات الاقتصاديات الدولية على مدار حقبة من الزمن، بدأت في أعقاب أزمة مالية عالمية، أعادت ترتيب موازين القوى الاقتصادية، مروراً بتقلبات حادة في الأسعار العالمية للنفط، مقابل تطور متسارع في التكنولوجيا وأسواق العمل، وتغير واضح في احتياجات سكان العالم، واللذان باتا يهددان الشكل النمطي للاقتصاد بشكل عام.
كانت هذه الجملة غريبة آنذاك على أذان الكثير، حتى على كبار الاقتصاديين في نظرتهم لدول المنطقة، التي تحوز ما يوازي ربع إنتاج العالم من النفط، وتعتمد على الذهب الأسود كسلعة شكلت الوجود الأوحد لها في خارطة التجارة العالمية منذ عقود طوال، لكن الآن، ومع القراءة الحالية لما قطعته دول مجلس التعاون على طريق التنويع الاقتصادي، وحققته على أرض الواقع من قوة اقتصادية ضخمة بديلة للنفط، سوف يتلمس القارئ التحدي الذي استطاعت تلك الدول عبوره، لا سيما منذ انتهاء عقد التطلعات بجائحة عالمية، أعادت من جديد ترتيب الأوراق على الأرض.
فالثمار التي جنتها دول مجلس التعاون في تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط في مداخيلها المالية، وزخم الفرص المتاحة بقطاعات الاقتصاد البديلة خلال السنوات المقبلة، والسياسات الاحترازية والأدوات المتطورة، سواء المطبقة أو التي في حوزتها لامتصاص التغيرات الاقتصادية، كانت كلها بمثابة الطريق الممهد لقطار الشرق السريع، الذي استقلته دول مجلس التعاون، لتصبح أكثر قوة، وأسهل وصولاً إلى مقدم الاقتصادات المحركة للمشهد العالمي.
تجربة إماراتية
ويظهر رصد شامل قامت به «البيان» لمؤشرات الناتج المحلي الصادرة من الجهات الرسمية والمؤسسات الإحصائية في دول مجلس التعاون، أن الأنشطة غير النفطية في دول الخليج، حققت إجمالي مساهمة قدرها 5.7 تريليونات دولار خلال السنوات الخمسة الماضية، بحصة وازت 57 % من إجمالي الناتج المحلي المحقق في الدول الست، البالغ قرابة 10 تريليونات دولار، ما بين عامي 2019 و2024. وجاءت الإمارات والسعودية في مقدم دول الخليج من حيث حجم الناتج غير النفطي المحقق، بينما جاءت الإمارات والبحرين في المقدمة من حيث حصة الناتج غير النفطي من إجمالي الناتج المحلي.
وطبقاً لإحصاءات الناتج المحلي الصادرة وزارة الاقتصاد والمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في الإمارات، حققت الدولة إجمالي ناتج محلى تجاوز 2.3 تريليون دولار خلال السنوات الخمس، فيما كان الناتج غير النفطي قد اختص بحصة تجاوزت 73 % من إجمالي الناتج المحقق، بقيمة تجاوزت 1.685 تريليون دولار.
وبشكل عام، تصاعد نمو الناتج المحلي غير النفطي منذ 2020، حيث سجل في ذلك العام حوالي 250 مليار دولار، بحصة 71 % من إجمالي ناتج بلغ 352 مليار دولار، بينما بلغ الناتج غير النفطي في 2021، ما قيمته 303.5 مليارات دولار، بحصة 72 %، من إجمالي ناتج محلى ناهز 422 مليار دولار.
وبلغ الناتج غير النفطي 352 مليار دولار، بحصة 70 % من إجمالي الناتج المحقق في 2022، البالغ قيمته 502 مليار دولار، بينما وصلت حصته 74 %، بقيمة 378 مليار دولار من إجمالي ناتج بلغ 511 مليار دولار في 2023، مقابل ذلك، كانت مساهمة القطاع غير النفطي بأكبر قيمة في 2024، بقيمة 402 مليار دولار، بحصة بلغت 75 % من إجمالي الناتج المحقق، البالغ 537 مليار دولار.
عوامل قوة
وتحدث معالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد والسياحة، لـ «البيان»، قائلاً إن الإمارات نجحت خلال السنوات الماضية في تقديم تجربة نموذجية في تنويع الاقتصاد الوطني، وتعزيز نموه وتنافسيته على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أولت الدولة اهتماماً كبيراً بوضع استراتيجيات وتشريعات مبتكرة، لزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتشجيع فرص تأسيس الشركات والأعمال بمختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى ذلك، تسهم رؤية «نحن الإمارات 2031»، في تعزيز استدامة الاقتصاد الوطني، من خلال ترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً للاقتصاد الجديد بحلول العقد المقبل.
واستعرض بن طوق ما حققته القطاعات الوطنية من اختلاف ملحوظ خلال السنوات الماضية، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنحو 28 % في العام الماضي، عن المحقق في 2024. فيما واصل هذا الزخم في الربع الأول 2025، بوصول مساهمة القطاعات غير النفطية إلى مستوى قياسي جديد ناهز 78 % من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعة بمساهمة كل من قطاع التجارة وقطاع المالية والتأمين والصناعات التحويلية، وقطاع التشييد والأنشطة العقارية، والتي شهدت زخماً واضحاً، سواء من حيث حصص المساهمة، أو من حيث معدل النمو في مساهماتها بالناتج.
وأكد بن طوق على دور المنظومة التشريعية الاقتصادية التي طورتها الدولة، في دعم التنويع، وتقليل الاعتماد على النفط، وتسريع التحول نحو القطاعات المستقبلية، من خلال إصدار وتحديث أكثر من 35 تشريعاً وسياسة وقراراً اقتصادياً، على مدار السنوات الخمس الماضية، من بينها 10 سياسات في قطاعات الاقتصاد الجديد، سواء للشركات العائلية والتعاونيات والتجارة أو الاستثمار الأجنبي.
وفي ضوء هذه الجهود، حقق الاقتصاد الوطني مجموعة من النتائج والمؤشرات، التي أكدت نجاح تجربة التنويع الاقتصادي، وتعزيز المرونة والقدرة على مواجهة المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، حيث حصلت الإمارات على المركز الخامس عالمياً في مؤشر النمو الاقتصادي الحقيقي للناتج المحلي في 2024، كما جاءت ضمن أفضل 10 اقتصادات في مجموعة من المؤشرات التنافسية العالمية المرتبطة بالناتج المحلي.
رؤية سعودية
أما بالنسبة للسعودية، فقد بلغ إجمالي الناتج المحلي، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء، 5.2 تريليونات دولار، بحصة نسبتها 50 % من الناتج للأنشطة غير النفطية، بقيمة تناهز 2.6 تريليون دولار خلال السنوات الخمسة.
وطبقاً للجدول الزمني للبيانات، ناهز الناتج غير النفطي 360 مليار دولار، بحصة 50 % من إجمالي ناتج وازى 734 مليار دولار في 2020، بينما بلغ الناتج غير النفطي 440 مليار دولار، بحصة 48 % من إجمالي الناتج المحلي، البالغ 917 مليار دولار في 2021. وشكلت مساهمة الأنشطة غير النفطية 47 %، بقيمة 550 مليار دولار، من إجمالي ناتج بلغ 1.170 تريليون دولار في 2022.
في المقابل، كان إجمالي الناتج المحلي المحقق في المملكة 1.141 تريليون دولار في 2023، كانت حصة الناتح غير النفطي منه 50 %، بأكثر من 570 مليار دولار، بينما بلغ إجمالي الناتج 1.238 تريليون دولار في 2024، بلغت منه حصة الناتح غير النفطي 51 %، بإجمالي 631 مليار دولار.
ووفق تصريحات رسمية لوزير الاقتصاد السعودي، فيصل الإبراهيم، فإن اعتماد المملكة على النفط تراجع بأكثر من 90 % في القوة الاقتصادية للمملكة، حيث باتت الأنشطة غير النفطية تنافس بقوة على أكثر من نصف من الناتج المحلي، مضيفاً أن المملكة ما زالت في بداية التحول إلى اقتصاد أكثر مرونة، مستندة إلى الاستثمار الجيد للإمكانات، وقوة السياسات المحلية، وملاءة الشركات الضخمة.
تنويع قطري
وفي قطر، أظهرت البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء الوطني، أن الناتج المحلي الإجمالي المحقق، ناهز التريليون دولار خلال 5 سنوات ماضية، كانت الحصة الأكبر منها للأنشطة غير النفطية، بما تجاوز 65 %، محققة 653.5 مليار دولار من الناتج غير النفطي.
وكان الناتج غير النفطي في قطر قد وازت حصته 62 %، بقيمة 89 مليار دولار، من إجمالي ناتج بلغ 144 مليار دولار في 2020، والذي حققت فيه الأنشطة النفطية 55 مليار دولار، بينما تجاوزت حصة الناتج غير النفطي 109مليارات دولار، بنسبة 61 % من إجمالي الناتج المحقق في 2021، البالغ 178 مليار دولار، مقابل مساهمة نفطية بلغت 68.6 مليار دولار.
وتجاوزت قيمة الناتج غير النفطي 166 مليار دولار، بحصة 70 % من إجمالي الناتج المحلي عام 2022، والبالغ 236 مليار دولار، وكانت مساهمة القطاع النفطي قد ناهزت 70 مليار دولار في ذلك العام، وشكل الناتج غير النفطي قرابة 142 مليار دولار، بحصة تجاوزت 66.5 % من إجمالي الناتج، البالغ في 2023 قيمة 213 مليار دولار، حيث بلغت مساهمة القطاع النفطي حوالي 71 مليار دولار. وكانت مساهمة الناتج غير النفطي 147.5 مليار دولار، بنسبة 67.6 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، البالغ 218 مليار دولار في 2024، بينما بلغت مساهمة الناتج النفطي 70.5 مليار دولار.
وأكد الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة، أن استراتيجية الوزارة تهدف إلى تحقيق التنويع في القطاعات الاقتصادية، وضمان الوصول لمعدل نمو سنوي مركب، بنسبة 3.4 % للقطاعات غير النفطية، مع استهداف جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار بحلول 2030، بما يدعم أهدافها في تعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتحسين بيئة الأعمال، لجذب المزيد من الاستثمارات الدولية.
نجاح كويتي
وفي الكويت، أظهرت البيانات أن قيمة الناتج الذي حققته الأنشطة غير النفطية، بلغت 376 مليار دولار، لتقارب 50 % من إجمالي الناتج الذي حققته الدولة خلال السنوات الخمس، البالغ 771 مليار دولار. وطبقاً للبيانات، بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية 72.7 مليار دولار، بحصة 65.5 % من إجمالي الناتج، البالغ 111 مليار دولار في عام الجائحة، بينما بلغت قيمة مساهمتها 77.1 مليار دولار، بنسبة 52 % من إجمالي الناتج المحقق في 2021، البالغ 148.3 مليار دولار، في حين بلغت قيمة مساهمتها 80.4 مليار دولار، بنسبة 44 % من إجمالي ناتج بلغ 183.5 مليار دولار في 2022. بينما شكلت نسبة 46 %، بقيمة 76 مليار دولار، من إجمالي الناتج 165.4 البالغ مليار دولار في 2023، فيما شكلت قيمة مساهمة الأنشطة غير النفطية 70 مليار دولار، بحصة 43 % من إجمالي الناتج البالغ 163.2 مليار دولار في العام الماضي.
وأكد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، وزير المالية، وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالوكالة، الدكتور صبيح المخيزيم، أن التنويع الاقتصادي لم يعد خياراً سياسياً، بل ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في المجالات كافة. وقال: «أود أن أركز على المستقبل لا الماضي، مستقبل يكون فيه التمويل والمصارف والاستثمار محركات التحول، تقود التنويع والابتكار والنمو المستدام، بالشراكة مع القطاع الخاص والحلفاء العالميين، وإن الكويت تدخل اليوم مرحلة حاسمة في مسيرتها الاقتصادية، فلم يعد التنويع خياراً سياسياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية».
زخم عماني
وفي سلطنة عمان، كان إجمالي الناتج غير النفطي المحقق خلال الخمس سنوات، قد بلغ 330 مليار دولار، بحصة تناهز 67.8 % من إجمالي الناتج، البالغ 490 مليار دولار في تلك الفترة. وأوضحت البيانات أن مساهمة الناتج غير النفطي للسلطنة، بلغت 43 مليار دولار، بحصة 57 % من إجمالي الناتج البالغ 76 مليار دولار في 2020، بينما بلغت مساهمته 59 مليار دولار، بنسبة بلغت 68.6 % من إجمالي ناتج محلي بلغ 86 مليار دولار في 2021.
وكانت حصة القطاع غير النفطي في 2022، قد بلغت 72 مليار دولار، بنسبة 65.4 % من إجمالي الناتج المحلي البالغ 110 مليارات دولار، وبلغت قيمتها 75.2 مليار دولار، بنسبة 71 % من إجمالي الناتج البالغ 106 مليارات دولار في 2023. في المقابل، بلغت 80.6 مليار دولار، بحصة 72 % من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي، البالغ 112 مليار دولار.
وقال الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد العماني: إن هناك جهوداً كبيرة تبذل لتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية الحكومية، إذ تشكل حالياً حوالي 70 % من جملة الإيرادات، مبيناً أن الأنشطة غير النفطية قادت النمو الاقتصادي خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يشجع على بذل المزيد من الجهود المتصلة بالتنويع الاقتصادي.
استراتيجية بحرينية
أما في البحرين، كان الناتج غير النفطي هو المهيمن على اقتصاد المملكة، حيث حقق إجمالي مساهمة بلغ 182 مليار دولار، وبنسبة 84 % من إجمالي الناتج الذي حققته، والذي قارب 217 مليار دولار خلال السنوات الخمس.
وطبقاً للبيانات الرسمية، فإن مساهمة الأنشطة غير النفطية بلغت 32 مليار دولار في 2020، بحصة 88.8 % من إجمالي الناتج البالغ 36 مليار دولار، بينما بلغت 33 مليار دولار، بنسبة 81 % من إجمالي ناتج محلي محقق، بلغ 41 مليار دولار في 2021، فيما بلغت المساهمة في 2022 حوالي 38 مليار دولار، بنسبة 82 % من إجمالي الناتج البالغ 46.4 مليار دولار.
وبلغت المساهمة 38.2 مليار دولار، بنسبة 83 % من إجمالي ناتج قيمته 46.1 مليار دولار في 2023، بينما كانت الحصة الأكبر خلال العام الماضي بقيمة 40.5 مليار دولار، بنسبة 86 % من إجمالي الناتج البالغ 47 مليار دولار.
وتقوم الحصة الأكبر من اقتصاد البحرين على القطاعات غير النفطية، وفق ما صرحت به نور الخليف وزيرة التنمية المستدامة في البحرين، مشيرة إلى أن كلاً من القطاع السياحي والمواصلات والخدمات المالية والخدمات اللوجيستية والتطور الصناعي، لا سيما في قطاع الألومنيوم، كانت أهم القطاعات وأدوات التنويع الاقتصادي، لا سيما في السنوات بعد جائحة كورونا، متوقعة استمرار ذلك الزخم، مدفوعاً باستمرارية التشريعات والسياسات الاستراتيجية، وتواصل نسب النمو في اقتصاد المملكة.
وأكد الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد، أن رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تم إطلاقها عام 2008، رسمت ملامح واضحة للتطور والنمو، وأسهمت في الانتقال من اقتصادٍ قائم على النفط، إلى اقتصاد منتج ومتنوع، قادر على المنافسة عالمياً، بما يحقق التطلعات والأهداف المنشودة.
اقتصاد بديل
وبعد استعراض المؤشرات المحققة على الأرض نحو تنويع الناتج المحلي، ومدى نجاح دول مجلس التعاون في تقليص حصة النفط مقابل الأنشطة الأخرى، يبرز لنا تساؤل مهم، وهو.. هل تستطيع قطاعات الاقتصادية غير نفطية، مثل الإنشاءات أو السياحة أو الطاقة المتجددة أو التكنولوجيا، الاستمرارية بنفس القوة، وبناء اقتصاد بديل دائم؟.
وفق آراء الخبراء، وما أتت به الكثير من الدراسات المختصة، فإن تلك القطاعات قد باتت تفوق القطاع النفطي في أثرها الاقتصادي، سواء في حصتها في الناتج المحلي، أو حجم التوسع أو النمو الاستثماري، أو حتى الأثر المباشر في سوق العمل، حيث إن مؤشر تلك القطاعات في منحنى تصاعدي واضح، مقابل ما يقدمه القطاع النفطي، ما يعكس التوقعات القوية على هذا الصعيد، والآمال المدعومة بالكثير من الأدوات الاقتصادية، والمقومات التي أمكن تحقيقها خلال السنوات القليلة الماضية.
ويواصل معالي عبد الله بن طوق إجابتنا عن ذلك التساؤل، مؤكداً أن قطاعات الاقتصاد الجديد، هي الرهان الحقيقي للمرحلة المقبلة، والأقدر على المساهمة في بناء اقتصاد المستقبل في دول مجلس التعاون، القائم على المعرفة والابتكار.. فمن السياحة والطيران وريادة الأعمال، والشركات العائلية والتعاونيات، مروراً بالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المال والاقتصاد الرقمي، والتجارة الإلكترونية والطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء، وصولاً إلى الإعلام والفنون الرقمية والنقل الذكي والبنية التحتية، نجد أن كلها قطاعات قادرة على بناء اقتصادات المستقبل.
واستطرد معاليه قائلاً: إن الإمارات تقدم نموذجاً مثالياً قابلاً للتطبيق على مستوى المنطقة، من خلال تطويرها السياسة الوطنية للتجمعات الاقتصادية، والتي ترسي تجمعات من الصناعات والخدمات ذات الصلة ببعضها بعضاً، والمؤسسات المرتبطة بها في مناطق جغرافية محددة، مستفيدين من مزايا متعددة، مثل الموارد الطبيعية، والموقع الجغرافي، وبيئة الأعمال، والروابط المتكاملة.
ومن المخطط، وفق بن طوق، أن تسهم السياسة الوطنية للتجمعات الاقتصادية في خمسة قطاعات رئيسة، في تعزيز منظومة الابتكار بالدولة، وتحقيق تنمية اقتصادية بأكثر من 30 مليار درهم سنوياً، ونمو قيمة التجارة الخارجية للدولة بمقدار 15 مليار درهم خلال السبع سنوات القادمة، إضافة إلى خلق أكثر من 20 ألف فرصة عمل جديدة، من خلال تطبيق السياسة، والتي من بينها الارتقاء بعدة قطاعات، مثل قطاعات التكنولوجيا المالية، المنتظر رفع مساهمته بالناتج المحلي للإمارات من 8.7 % إلى 12 % بحلول 2031، إلى جانب قطاع الطيران، الذي يسهم حالياً بحوالي 18 % من الناتج، وقطاع السياحة الذي يسهم بحصة 13 % من الاقتصاد الوطني.
وأضاف معاليه: نحن نرى دوراً حيوياً لتلك السياسة في تعزيز تنافسية الاقتصاد غير النفطي خلال المرحلة المقبلة، مع مواصلة خطط التطوير والتنويع والتحول نحو الاقتصاد المستدام والقائم على المعرفة، لا سيما اعتماد التطوير على تعظيم المقومات المحلية، وتمكين البيئة والسياسات، والبنية التحتية والاستثمار، وتطوير المهارات، وبناء القدرات، والربط بالأسواق العالمية والوصول إليها، والمتابعة وإدارة المعرفة والاستدامة.
توقعات قوية بمواصلة الزخم
واستكمالاً لمعدلات النمو المتوالية، التي شهدتها اقتصادات الخليج على مدار السنوات الماضية، فإن التوقعات قوية جداً بمواصلة هذا الزخم خلال الفترة المقبلة، ما يعزز الرابط بين التنويع الاقتصادي وقوة رأس المال، ومدى اتساع القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتوسع الاستثمارات، ونمو دور القطاع الخاص. ويدلل صندوق النقد الدولي على مواصلة اقتصادات الخليج خطوات التطور، وبناء أنشطة الاقتصاد البديل، في ظل مؤشرات مواصلة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدول الخليج، بنسبة 4.3 % في 2025.
ومن المتوقع أن تعزز دول مجلس التعاون وتيرتها الاقتصادية القوية خلال سنوات مستقبلية، وهو ما أوضحته تصريحات لمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، الذي رأى أن اقتصادات الخليج مستمرة في قوتها، فهي ذات رؤية استراتيجية في التنويع، وذات توجه واضح نحو القطاعات الواعدة، وفي مقدمها التكنولوجيا، وهي العوامل التي من شأنها تعزيز قدرتها على تخطي أي تغيرات على المستوى العالمي.
قطاعات واعدة
ووفق رصدنا لبيانات الزخم المتوقع في قطاعات الاقتصاد البديل، أظهرت مؤشرات المؤسسات المختصة ودراسات المراكز البحثية العالمية، فرصاً ضخمة في العديد من القطاعات، بما يجعلها ذات دور واضح في بناء الاقتصادات الخليجية، بعيداً عن قطاعات النفط والغاز والصناعات الأحفورية.
والبداية عند القطاع السياحي، حيث تظهر بيانات حديثة للمركز الإحصائي الخليجي، ارتفاع نسبة مساهمة القطاع السياحي، بإجمالي الناتج المحلي الخليجي بأكثر من 30 % في 2024، مقارنة بعام 2019، مع نمو 51 % في إجمالي عدد السياح من 2019 إلى 2024، الذي تجاوز 72 مليون سائح، لتبلغ عائدات السياحة خليجياً 120 مليار دولار، فيما توقع المركز أن تصل مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي الخليجي في 2034، إلى 13.3 % من إجمالي الناتج المحقق، وبقيمة تتجاوز 371 مليار دولار.
في المقابل، تؤكد دراسة حديثة صادرة عن مجلس السفر والسياحة العالمي، تدفقاً متوقعاً لحركة الاستثمارات القوية بالسوق السياحي الخليجي بشكل عام، لا سيما في الإمارات والسعودية، وذلك لاستيعاب زخم الإنفاق السياحي بدول الخليج، المتوقع أن يصل إلى حد 224 مليار دولار في 2034.
طاقة المستقبل
وإن كان قطاع السياحة يحظى بتوقعات واسعة في جذب الاستثمار، ما يجعله محوراً هاماً في خطط الاقتصاد البديل، فإن طاقة المستقبل، وفي مقدمها الطاقة المتجددة، تعد من أقوى محاور التطوير المستدام، حيث باتت لاعباً أساسياً في مستقبل التنويع في اقتصادات دول الخليج، والمحرك الرئيس للتحول في مرحلة ما بعد النفط، لا سيما مع تعميق حركة إحلال الطاقة المستدامة كمصدر أساسي للطاقة، سواء للعمليات الإنتاجية والمشاريع، أو في حاجة التجمعات السكنية أو المرافق العامة، أو نحو تعزيز وسائل التنقل الخضراء ذات البصمة الكربونية المنخفضة.
ويستند ذلك الزخم إلى كثير من العوامل، التي باتت تنفرد بها دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها الرؤية الواضحة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، التي تضمها الخطط طويلة الأجل في اقتصادات الخليج الكبرى، وفي مقدمها الإمارات والسعودية وقطر، إلى جانب حزمة المشاريع الضخمة وذات الأجل الطويل، سواء التي نفذت، أو المتطلع لها في مجال الطاقة النووية، والمشاريع القائمة أو تحت تحت الإنشاء أيضاً في مجال الطاقة المستخلصة من الهيدروجين.
هذا إلى جانب قطاع الطاقة المتجددة، حيث تبنت دول الخليج أكبر المشاريع قاطبة في الطاقة الشمسية، فيما تنفذ للعديد منها أيضاً خلال سنوات قلائل من مشاريع ومجمعات ضخمة للطاقة الكهروضوئية، والتي من شأنها تعزيز استثمارات طويلة الأجل، ذات مردود اقتصادي دائم، وأثر اقتصادي واضح في دعم إيرادات تلك الدول، وبالتالي، استمرارية الإنفاق في خطط التنمية المستدامة، إلى جانب الفرص الواضحة لتعزيز أسواق العمل ونقل الخبرات.
وتظهر بيانات حديثة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، أن دول الخليج قطعت شوطاً كبيراً في توسيع قدراتها من الطاقة المتجددة حتى عام 2024، حيث أضافت خلال العام الماضي بمفرده أكثر من 3.1 جيجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية الجديدة، وتصدرت القطاع كل من الإمارات والسعودية وقطر والبحرين.
وتبين دراسة للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان»، تصدر الإمارات الدول المستثمرة في قطاع الطاقة المتجددة، بأكبر محفظة مشاريع طاقة متجددة إقليمية، بحوالي 57 مشروعاً، بقيمة 89 مليار دولار، توفر 16 ألف وظيفة، وكانت الشركات الخليجية هي الأكبر على صعيد استقطاب تلك المشاريع في المنطقة، خلال السنوات الماضية، منها شركة «أكوا باور» السعودية، بأكبر عدد، وهو 20 مشروعاً، بحصة 6 % من المشاريع الأجنبية، بينما تصدرت شركة «إنفينتي باور» الإماراتية، كأكبر مستثمر، بإجمالي 34 مليار دولار، بحصة 34 % من إجمالي الاستثمارات في القطاع.
مقابل ذلك، تبين حصة دول الخليج من السوق العالمي، حجم الزخم الذي ينتظر القطاع، وقدرته على دعم خطط الاقتصاد البديل، حيث تستحوذ الإمارات بواقع 7 شركات، على حصة 67 % من إجمالي 113 مليار دولار، كقيمة 90 مشروع يبني في قطاع الطاقة المتجددة عالمياً، والتي توفر 22 ألف وظيفة، بينما آلت حوالي 17 % من إجمالي تلك المشاريع إلى الشركات السعودية، فيما تظهر الدراسة أن كلاً من الإمارات والسعودية وقطر والكويت وعمان، تم تصنيفها بناءً على تلك الخطط المستقبلية، كأفضل الاقتصادات العربية الاستثمارية في قطاع الطاقة والكهرباء.
ازدهار عقاري
وتواصل الدراسات العالمية المتخصصة استكشاف مكامن القوة في اقتصادات دول الخليج، نحو تدعيم أركان الاقتصاد البديل، متبلورة هذه المرة في القطاع الإنشائي والتشييد العقاري، حيث حققت اقتصادات خليجية كبرى نجاحاً كبيراً في التخلص من هيمنة النفط، إلى جانب تعزيز سوق مشروعات البناء والعقارات، بدعم من زيادة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة.
ووفق توقعات حديثة لوكالة «فيتش»، من المنتظر أن تستحوذ الدول الثلاث، الإمارات والسعودية وقطر، إلى جانب كل من الجزائر ومصرـ على حصة 80 % من إجمالي 500 مليار دولار، كناتج لأنشطة التشييد في المنطقة.
وعلى صعيد أكبر الأسواق ومدى القيمة السوقية المتوقعة، بما يدعم قوة القطاع، كأحد قطاعات الاقتصاد البديل، أكدت دراسة حديثة لمؤسسة «ريسيرتش آند ماركت»، المتخصصة في أبحاث السوق، أن التوقعات ترجح الزخم الواضح، مع اختلافه باختلاف أسواق الإنشاءات خليجياً. ففي الإمارات، من المنتظر أن ينمو بمعدل 6 % سنوياً، ليصل إلى 95 مليار دولار بحلول 2029، فيما تخصص السعودية ما يقارب تريليون دولار لمشروعات البناء والعقارات، ضمن خطة شاملة، تستهدف مجموعة متنوعة من الاستثمارات طويلة الأجل، ما بين المشروعات العملاقة، وتوسعة المدن، وزيادة المعروض من المنازل، وصولاً إلى تحديث شبكات النقل، وغيرها من البنية التحتية والتشييدية المتطورة.
اقتصاد المعرفة
وفي المقابل، فإن التحول الواضح لدول الخليج، وتسابقها في تعزيز بنية التكنولوجيا المستقبلية والذكاء الاصطناعي، يعمق الثقة بسوق مستقبلي جاذب لكافة الشركات العالمية. وأظهرت دراسات لمؤسسات بحثية دولية، مثل «برايس كوبرز»، توقعات بإسهام قطاع الذكاء الاصطناعي بما يتجاوز 256 مليار دولار في الناتج المحلي لدول مجلس التعاون، مختصة بحوالي 80 % من حصة إسهام هذا القطاع في ناتج دول منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ما يعكس مدى الحصة الهائلة المتوقعة لهذا القطاع في اقتصادات الدول الخليجية، لا سيما مع ارتباطه الوثيق بقطاعات رئيسة أخرى، مثل القطاع المصرفي والمالي، ومجال الرعاية الصحية وغيرها.
تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي 10 أدوات بمثابة صمامات أمان تمكنها من الحفاظ على خططها بشأن التنويع الاقتصادي ومواصلة الإنفاق على التنمية الشاملة، وتعزيز التحول الاقتصادي المستدام، متخطية كافة التغيرات، منها انعكاسات أسعار النفط وغيرها. تلك الأدوات التي حددها خبراء اقتصاديون ومديرو مؤسسات دولية كبرى، إلى جانب دراسات مؤسسات بحثية مختصة تتضمن: قوة فوائض التنويع الاقتصادي، وخطط الإنفاق التنموي، وفاعلية الأنظمة الضريبية لضمانة الحفاظ على الإيرادات داخل الأسواق المحلية، ودور الصناديق السيادية في دعم التحول، وتمويل المشاريع المستقبلية، وقوة أسواق العمل الخليجية، وجاذبية دول الخليج لحركة الاستثمار الأجنبي، وجودة العيش واستقرار المواهب، ومدى التطور التكنولوجي المعزز لاقتصاد المعرفة، وأخيراً الشراكات الدولية الكبرى.
وأسهمت الاستثمارات المستمرة في التنويع الاقتصادي، لا سيما في قطاعات السياحة والعقارات والصناعة، في تعزيز نمو القطاعات غير النفطية خلال 2024، وقد ساعدت هذه المكاسب في التخفيف من تأثير تخفيضات إنتاج النفط التي فرضتها مجموعة «أوبك» في ظل التحديات الناجمة عن انخفاض الإيرادات النفطية إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل، حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 3.7% أي بضعف معدل النمو الاقتصادي الإجمالي البالغ 1.8 % خلال العام الماضي.
وقالت رولا أبو منه، الرئيس التنفيذي لـ«ستاندرد تشارترد» في الإمارات والشرق الأوسط وباكستان: ستواصل اقتصادات مجلس التعاون ترسيخ مكانتها أحد أبرز النماذج العالمية في تنويع الاقتصاد، وتعزيز النمو غير النفطي، مستفيدة من سياسات مالية منضبطة واستثمارات استراتيجية طويلة الأمد، ومن المؤكد أن هذا الأداء مؤشر قوي لقدرة دول الخليج على تحقيق التوازن بين التنويع والاستقرار المالي، فالمؤشرات كثيرة وتوحي بالثقة وفق تقديرات مركز البحوث لدى «ستاندرد تشارترد» ومنها الإمارات التي من المنتظر أن تشهد نمواً 5% في الناتج المحلي خلال 2025 مدعوماً بزيادة 4.5 % في القطاعات غير النفطية، التي تشكل نحو 75 % من الناتج المحلي الإجمالي.
موازنات قوية
وتبرز أولوية ضبط الأوضاع المالية العامة كأداة أخرى تحافظ بها دول مجلس التعاون على مستويات الإنفاق الداخلي على القطاعات الحياتية وخطط التنمية والاستثمار الوطني مقابل تغير إيرادات النفط، والتي من المتوقع استمرارها بشكل متلاحق. وأشار كبير محللي الطاقة في «بلومبيرغ إنتيلجينس»، صالح يلماز، إلى تأرجح النفط بين سيناريوهين منهما الاستمرارية خلال 2026 في مستويات مقبولة ما بين 60 و75 دولاراً، أو الوصول إلى مستوى أقل في حدود 50 دولاراً مما قد يضغط على شركات النفط.
في المقابل يوضح الخبير الاقتصادي المستشار، فري المزروعي، أن دول المنطقة تسعى في موازناتها إلى تعزيز الإنفاق رغم انخفاض إيرادات النفط، بما يدعم مواصلة التطوير المستدام والارتقاء بالقطاعات الحياتية والاقتصادية والخدمات العامة مع الاستناد سواء للفوائض التي حققتها القطاعات غير النفطية أو اللجوء للاقتراض المدروس لتخطى أي نسب عجز في الموازنة. ووفق خطط الموازنة الجديدة التي تم إعلانها من بعض دول مجلس التعاون، اعتمدت السعودية موازنة قدرها 351 مليار دولار للعام 2026، فيما خصصت الإمارات موازنة اتحادية بخلاف الموازنات المحلية تتخطى 300 مليار دولار للسنوات الثلاث ما بين 2026 و2028، بينما خصصت قطر موازنة قدرها 61 مليار دولار للعام المقبل.
سوق العمل
على جانب آخر، يؤكد المزروعي قوة سوق العمل بدول الخليج وتشعبه من الأدوات القوية لعدم الوقوف كثيراً عند أي تقلصات وظيفية تلجأ إليها شركات قطاع النفط والغاز مع توفير البدائل أيضاً بخطط طرح الوظائف المستقبلية في كبريات قطاعات الاقتصاد غير النفطي. ويظهر رصدنا الخاص لبيانات مؤشرات العمالة الصادرة عن الهيئات والمراكز الإحصائية الخليجية حصة باتت ضئيلة لقطاع النفط والغاز، فالبكاد يتخطى عدد العاملين في قطاع النفط والغاز 200 ألف عامل مقابل سوق عمل مكتظ بنحو 28.5 مليون عامل حتى مطلع 2025، بحصة نسبتها 0.70 %.
ففي الإمارات تشير التقديرات إلى أن العاملين في قطاع النفط والغاز ما بين 50 و60 ألف موظف، في حين يعمل بسوق العمل بالدولة قرابة 4 ملايين عامل ويتركز 97% من الوظائف المسجلة في السوق السعودي بالقطاع غير النفطي، حيث لا يحتضن القطاع النفطي سوى 78 ألف عامل مقابل 16 مليون عامل في جميع مجالات العمل بالمملكة. ويضم قطاع النفط في الكويت 21.4 ألف عامل من إجمالي 2.8 مليون وظيفة مشغولة.
بينما هناك 30 ألف موظف بالقطاع النفطي من أصل 2.2 مليون عامل في سوق العمل القطري، إلى جانب 20 ألف موظف في القطاع النفطي بسلطنة عمان مقابل 2.7 مليون عامل في مختلف الوظائف المحلية، بينما تراوح عدد العاملين بالقطاع النفطي ما بين 4 و5 آلاف عامل من إجمالي 800 ألف عامل في البحرين.
أما على صعيد خطط التوظيف البديل، فتوقعت الإحصاءات الخليجية أن يوفر قطاع السفر والسياحة نحو 1.3 مليون وظيفة جديدة بالخليج عام 2034، بينما أوضحت دراسات مؤسسية خليجية أن قطاع الطاقة المتجددة سيطرح وفق خطط المشاريع المستقبلية 220 ألف وظيفة خلال السنوات المقبلة منها 50 ألف وظيفة في قطاع الطاقة المتجددة بالإمارات على مدار سنوات قلائل مقبلة، بينما تخطط السعودية لطرح 57 ألف وظيفة عبر مشاريعها في الطاقة المستدامة على مدار السنوات العشر المقبلة.
إصلاح ضريبي
وتمثل إصلاحات الضرائب على دخل الشركات في المنطقة صمام أمان ضد تآكل القاعدة الضريبية ومنع تحويل الأرباح، ففيما أخذت دول خليجية زمام المبادرة في تطبيق الضرائب على قطاع الشركات، حيث طبقت السعودية معدلاً ضريبياً بنسبة 20 % وعمان بنسبة 15 % وقطر بنسبة 10 %، بدأت دول خليجية أخرى في إلزام الشركات متعددة الجنسيات بدفع معدل ضريبي أدنى يبلغ 15 % بغض النظر عن مكان عملياتها وهو ما طبقته ابتداءً من مطلع 2025 كل من الكويت و البحرين إلى جانب الإمارات، حيث تأتي تلك النسبة كشريحة معدلة عبر نظام ضريبة الشركات المطبق منذ 2023. ويقول المدير التنفيذي لمؤسسة «أوبيريشنال كوالتي» البحثية، أحمد الدرمكي، إن دول الخليج باتت تطبق أنظمة ضريبية متطورة تكفل مصادر إيرادات فعالة يتم تطويعها لتعزيز خطط الإنفاق الداخلي ودعم الموازنات العامة.
صناديق سيادية
من جانبها، تعمل صناديق الثروة السيادية بصفتها حواجز مالية لاستقرار الاقتصاد خلال فترات التقلب، ويتم توجيه العائدات من القطاع النفطي تحديداً إلى هذه الصناديق للحماية من التقلبات في أسعار الطاقة العالمية وعبر توفير عوائد ثابتة من محافظ عالمية متنوعة في القطاعات المرنة. وتمتلك دول التعاون أكثر من 35 % من أصول الصناديق السيادية العالمية بإجمالي أصول تزيد على 5 تريليونات دولار حتى نهاية أكتوبر 2025، وفق بيانات مؤسسة «جلوبال إس دبليو إف» العالمية المتخصصة في رصد استثمارات الصناديق السيادية، حيث إن 7 من أكبر 11 صندوقاً سيادياً عالمياً هي من منطقة الخليج، فيما توقعت المؤسسة أن تنمو الأصول التي تديرها الصناديق السيادية الخليجية لتصل إلى 7.3 تريليونات دولار بحلول 2030 وهو ما يفوق بنسبة 49 % حجمها في 2024.
تدفق استثماري
في المقابل، تشير المؤسسات البحثية العالمية إلى أن أحد عوامل القوة لضمانة قوة قطاعات الاقتصاد البديل هو قوة دول الخليج في جاذبية الاستثمار وتدفقاته الضخمة المتوقع زخمها خلال السنوات المقبلة، طبقاً لعدد من العوامل، وفي مقدمتها تطور التشريعات وقوانين الإقامة والاستثمار وآليات التملك الكامل للمشاريع التي بدأت المنطقة في تطبيقها وبمقدمتها الإمارات.
وتظهر بيانات ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2025 الصادرة عن مؤشر «كيرني» العالمي جاذبية دول الخليج، فقد حافظت الإمارات على صدارتها الإقليمية متبوئة المركز التاسع عالمياً والثاني بين الأسواق الناشئة، ووصلت السعودية إلى المركز الثالث عشر، بينما دخلت الكويت تصنيف المؤشر، ما يعكس تزايد جاذبية المنطقة للمستثمرين.
عملقة تكنولوجية
وبفضل بنيتها التحتية المتطورة في تقنية المعلومات والاتصالات والفوائض المالية، تمكنت دول مجلس التعاون من ترسيخ مكانتها كعملاق عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والابتكار، حيث تتبنى في خططها المستقبلية تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وإبرام شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية، مع وضع بناء أطر قوية لضمان أمن البيانات وخصوصيتها. ووفق تصريحات رسمية صادرة حديثاً عن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، فإن تقديرات المجلس تشير إلى خطط تتخطى قيمتها مئات المليارات من الدولارات في مختلف دول مجلس التعاون حتى عام 2030 بما يعكس توجهاً استراتيجياً لها نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة. وكشف البنك الدولي في تقرير حديث أن دول مجلس التعاون تحرز تقدماً واسعاً في التحول الرقمي، حيث باتت تمتلك بأكملها شبكات الجيل الخامس مع أسبقية في انتشار البنية التحتية المعتمدة على الألياف، وتأتي دول مجلس التعاون بالمقدمة عالمياً وإقليمياً في سرعات شبكات الاتصالات والإنترنت.
جودة المعيشة
ويعد أحد أهم إنجازات دول الخليج هو تغيير الصورة التاريخية لمجتمعاتها كمنطقة غير جاذبة للعيش، فمن خلال خطة استمرت من العقد الماضي للاستثمارات غير المسبوقة في التخطيط الحضري والبنية التحتية، باتت مدنها الكبرى بيئات مستدامة وأكثر ملاءمة للعيش وذات جودة كبيرة في الحياة والمعيشة. ووفق مؤسسة «ميد» بلغت قيمة عقود البناء المرساة في دول الخليج أكثر من 260 مليار دولار في العام الماضي بمفرده، ولا سيما في السعودية والإمارات وقطر، وذلك في خطط متكاملة تتبنى المشاريع السكنية العملاقة والمتنوعة بما فيها المدن المستدامة والذكية والخضراء وتوسعة المناطق السكنية القائمة، وصولاً إلى تحديث شبكات النقل وتطبيق وسائل النقل المستدام والذكي وغيرها فيما سبقتها سنوات أخرى من التطوير الحضري، سواء لتعزيز جاذبية المدن أو لتعزيز مرافق استضافة الفعاليات العالمية الكبرى التي شهدت مسبقاً فعاليات مثل «إكسبو 2020» في الإمارات وكأس العالم في قطر 2022، أو الأحداث التي تخطط لاستضافتها السعودية مثل «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034.
جاذبية المواهب
وتعمل دول الخليج كذلك على تعديل تشريعات الإقامة والاستثمار، والتي تبنت الإقامات طويلة الأجل، وتعديلات نسب تملك المشاريع التي تبناها عدد من دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات لترسيخ مكانتها كمراكز عالمية لاستقطاب المواهب ذات المهارات العالية لدعم تحقيق طموحاتها المستقبلية. وأظهر تصنيف المواهب العالمية 2025 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، أن الإمارات دخلت إلى قائمة الـ10 الأوائل باحتلال المركز التاسع، فيما تقدمت عمان إلى المرتبة 27، والكويت إلى المرتبة 28، وقطر إلى المرتبة 29 عالمياً، فيما جاءت السعودية في المرتبة 31 كوجهة مفضلة للمواهب العالمية، ما يعكس نجاح استراتيجيات دول مجلس التعاون لاستقطاب المواهب.
من برميل النفط إلى عقول تبتكر.. حكاية إماراتية في التحول الاقتصادي
تواصل الإمارات إعادة تعريف الممكن؛ وبنهاية عام 2025، تقف مسيرة التحول الاقتصادي في الدولة شاهداً واضحاً على رؤية استراتيجية نُفذت بدقة لافتة. وتجاوزت القصة الاقتصادية للإمارات منذ سنوات الاعتماد على عائدات النفط، لتؤسس نموذجاً متنوعاً يقوم على التكنولوجيا والاستدامة والابتكار الحضري.
وتكشف المؤشرات الاقتصادية صورة بالغة الدلالة؛ إذ يسهم القطاع غير النفطي اليوم بنحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي، في إنجاز يعكس سنوات من العمل المنهجي على تنويع مصادر الدخل؛ ورغم أن الناتج المحلي الحقيقي بلغ 1.776 تريليون درهم في عام 2024، فإن الأهمية الحقيقية تكمن في طبيعة هذا النمو ومصادره. ونجحت الإمارات في بناء محركات نمو بديلة تحمي اقتصادها من تقلبات أسعار السلع الأساسية، من الخدمات المالية إلى التصنيع المتقدم، ومن السياحة إلى قطاع الخدمات اللوجستية.
ولا تزال الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتدفق بوتيرة قوية، إذ استقطبت الدولة نحو 45.6 مليار دولار في عام 2024، لتتصدر قائمة أكبر مستقبل للاستثمار الأجنبي المباشر في الشرق الأوسط.
ويعود ذلك إلى إصلاحات تنظيمية شاملة، وإتاحة الملكية الأجنبية الكاملة في معظم القطاعات، إضافة إلى بيئة أعمال تصنَّف باستمرار ضمن الأكثر تنافسية عالمياً.
وتضع مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال الصادرة عن البنك الدولي الإمارات في مصاف الدول الأولى عالمياً، وهو تصنيف ينعكس مباشرة في خلق الفرص الاقتصادية.
التكنولوجيا في صميم التحول
وغير أن الأرقام الاقتصادية وحدها لا تعكس كامل حجم التحول؛ فتبني الدولة للذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي يكشف عن حكومة تفكر بعقود مقبلة لا بسنوات فقط.
وتهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى جعل الدولة مركزاً عالمياً في تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر الخدمات الحكومية والتعليم والرعاية الصحية؛ وهذه الرؤية لم تعد طموحاً نظرياً، بل واقعاً عملياً. فمن إدارة المرور المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى الخدمات الحكومية المؤتمتة، يجري توظيف التكنولوجيا على نطاق واسع. وفي دبي، تدفع مبادرة «دبي 10X الجهات الحكومية» إلى استباق مدن العالم بعقد كامل من خلال الابتكار والتكنولوجيا، بينما تربط «رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030» بين تنويع الاقتصاد وبناء بنية تحتية ذكية للمدن.
تطوير منظومة النقل
ويبرز قطاع النقل مثالاً واضحاً على هذا التفكير المتكامل؛ فامتداد مترو دبي عبر «مسار 2020» ربط مناطق كانت معزولة سابقاً بالمركز الحضري. وفي المقابل، يشكّل مشروع قطار الاتحاد شبكة لوجستية وطنية تربط الإمارات السبع وتمتد إلى السعودية، ما يسهم في خفض تكاليف النقل والانبعاثات الكربونية وتعزيز الترابط الإقليمي. كما تمثل تجارب النقل الذاتي في أبوظبي ودبي لمحة عن مستقبل تصبح فيه قيادة الإنسان خياراً لا ضرورة.
الاستدامة كركيزة أساسية
وتُعد الاستدامة من أبرز ما يميز نموذج التنمية الإماراتي مقارنة بدورات الازدهار السابقة في المنطقة؛ فقد تحولت مدينة مصدر إلى مركز متكامل للطاقة المتجددة وأبحاث التقنيات النظيفة، مثبتة أن التنمية الحضرية المحايدة كربونياً ليست خيالاً علمياً بل واقعاً هندسياً قابلاً للتطبيق.
ويُعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي سيصل إنتاجه إلى 5000 ميغاواط، أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم.
وما يجعل مسار الإمارات لافتاً بشكل خاص هو الترابط الوثيق بين هذه المحاور، فتنويع الاقتصاد يتيح الاستثمار في التكنولوجيا، والتكنولوجيا تدعم البنية التحتية المستدامة، وهذه بدورها تجذب رؤوس الأموال الأجنبية التي تموّل المزيد من الابتكار.
أكد عدد من الوزراء والمسؤولين الأفارقة في تصريحات خاصة لـ«البيان» أن الإمارات تتطلع إلى الاستثمار في أفريقيا ولديها رغبة حقيقية في مساعدة دول القارة السمراء. وأشاروا -على هامش المنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي «FOGECA» الذي اختتم فعالياته السبت في دبي- إلى أن ما تقدمة الإمارات للشعوب الأفريقية ودعم التنمية الاقتصادية أمر مثير للإعجاب. وأضافوا أن إمارة دبي تعتبر حلقة الوصل بين العواصم الأفريقية والأسواق العالمية، وأن دبي تمثل قلب منطقة الشرق الأوسط النابض وبوابة الدول الأفريقية إلى العالم. وأشاروا إلى أن ما حققته الإمارات من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع مختلف دول العالم يعتبر نموذجاً رائداً يستحق الاحترام.
مشروعات عملاقة
وأكد عبدالله جوب، وزير السياحة والثقافة في جمهورية جامبيا، أن الإمارات تتطلع إلى الاستثمار في أفريقيا ولديها رغبة حقيقية في مساعدة دول القارة. وقال: استضافة دبي للمنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي يتيح لجميع الدول الأفريقية فرصة للاستثمار وبناء المشروعات في مختلف القطاعات. وتابع: أعتقد أننا نتحدث عن مشروعات عملاقة واستثمارات كبيرة في الطاقة، والتعدين، والضيافة، والخدمات اللوجستية.
وأضاف أن قطاع الخدمات معروف جيداً ويسمح بإقامة مشروعات ضخمة. وأكد أن تنظيم المنتدى في دبي يجمع العديد من الدول مع مجموعة متنوعة من المستثمرين، وهذا أمر جيد ويخلق فرصاً حقيقية للبناء وعقد الشراكات الاقتصادية. وأضاف أن مثل هذه المنتديات تساعد الاقتصاد الأفريقي.
وأضاف أن ما تحقق خلال السنوات الأخيرة في دولة الإمارات وإبرام العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع كثير من الدول الأفريقية يرسخ حضور الإمارات في القارة الأفريقية وساهم في تعزيز دورها كمحور يربط الاقتصادات الأفريقية مع مختلف دول العالم. وأوضح أنه تلقى دعوة الصيف الماضي للمشاركة في أحد المؤتمرات برعاية وزارة التجارة الخارجية الإماراتية وكانت مشاركة إيجابية جداً، مؤكداً أن الإمارات وتحديداً دبي تمثل نموذجاً ملهماً ورائداً في التجارة وفي التنوع الاقتصادي ومثالاً يجب أن يحتذى به. داعياً المستثمرين الإماراتيين إلى المشاركة في إقامة مشروعات نوعية بمختلف دول القارة الأفريقية.
شراكة شاملة
وأكد إبراهيم تيام، وزير الدولة للتجارة والصناعة في السنغال، أن العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والسنغال شهدت تقدماً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى توقيع 13 مذكرة تفاهم خلال الأسابيع الماضية في مختلف القطاعات في خطوة نحو اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين البلدين.
وأكد أن مشروع رؤية السنغال 2050 يعتمد بوضوح على العلاقات الاقتصادية النوعية مع مختلف الدول وفي مقدمتها الإمارات. وأكد أن دبي تشكل جسراً للتواصل بين المؤسسات والشركات الأفريقية ونظيراتها الإماراتية، بل والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن تنظيم المنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي (FOGECA) في دبي يتوافق تماماً مع طموح السنغال في جعل القطاع الخاص الأفريقي لاعباً رئيسياً في التحول الاقتصادي. وأشار إلى أن دولة السنغال تجدد دعمها الكامل للمنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي (FOGECA)، وأكد أن السنغال تشهد مسيرة نمو مستمرة.
وقال بابوكار أوسمايلا، جوف وزير الدفاع لجمهورية جامبيا لـ«البيان»: خلال رحلتي القصيرة إلى الإمارات لم يسعفني الوقت لزيارة بقية الإمارات الأخرى، ولكني رأيت دبي فقط وهي مدينة نابضة بالحياة، مليئة بالنشاط والفعاليات. وأضاف أن إمارة دبي نموذج رائع، وما شهدته يشكل نقلة حقيقية في الجانب الاقتصادي والتجاري.
وأضاف أن ما تقدمة دولة الإمارات للشعوب الأفريقية ودعم التنمية الاقتصادية أمر مثير للإعجاب. وأشار إلى أن دبي تعتبر بوابة تجارية اقتصادية متطورة يمكن من خلالها الانفتاح على العالم. ويقول رجل الأعمال المعروف محمد جنغ الرئيس التنفيذي لشركة «1XBET» بالسنغال: إنه جاء إلى دبي قبل 5 سنوات، ووجد فيها من الدعم والتشجيع ما لم يجده في أي مكان بالعالم، حيث تمكن بسهولة تامة من تأسيس شركة متخصصة في العقارات والتطوير العقاري. وأضاف أن دبي بما لديها من لوائح وتشريعات مرنة وسهولة الإجراءات استطاعت أن تكون منارة للتطور الاقتصادي والعقاري والتجاري في منطقة الشرق الأوسط. وأكد أن إمارة دبي تعتبر حلقة الوصل بين العواصم الأفريقية والأسواق العالمية، مشيراً إلى ما تملكه دبي من مطارات وموانئ عالمية وبنية تحتية تساعد على النجاح.
وأكد أمادو ديان، رئيس المنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي (FOGECA) أن استضافة دبي للمنتدى أسهمت في تحقيق نجاحات نوعية لم تحدث خلال جميع الدورات السابقة. وأضاف أن مشاركة كثير من الوزراء الأفارقة تعكس الزخم الكبير للمنتدى، لأن كثيراً من الدول الأفريقية جاء لمعرفة كيف يمكنهم الاستفادة من الخبرات والتطور الكبير في دولة الإمارات وخصوصاً في دبي، مؤكداً أن إمارة دبي تمثل قلب منطقة الشرق الأوسط النابض وبوابة الدول الأفريقية إلى العالم، وقال المنتدى جمع بين رواد الأعمال من الأفارقة وكذلك عدد من المستثمرين الإماراتيين، وبالتالي سيعرف كل طرف كيف يستفيد من الآخر.
وأكد ماما دو با، المستشار الثاني في السفارة السنغالية في الإمارات، أن العلاقات بين الإمارات والسنغال شهدت تقدماً كبيراً مع تولي الحكومة الجديدة في السنغال، مشيراً إلى أن المنتدى الدولي للنهوض بالاقتصاد الأفريقي (FOGECA) يعكس قوة العلاقات التجارية والاقتصادية بين الإمارات وتحديداً دبي ومختلف الدول الأفريقية، مشيراً إلى المشاركة رفيعة المستوى من الوزراء، ومستوى الحضور وأهمية المناقشات التي تم طرحها خلال المنتدى.
وأكد أن ما حققته الإمارات من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع مختلف دول العالم يعتبر نموذجاً رائداً يستحق الاحترام.وتقول حليمة سو رائدة أعمال من دولة السنغال إنها تعرف الإمارات جيداً، ونجحت في تأسيس شركة (عود) المتخصصة في العطور والبخور وحققت نجاحات كبيرة في دبي، كما عملت على ترويج الثقافة الإماراتية في المجتمع السنغالي.
وأضافت أن إمارة دبي تعتبر بوابة الشركات الأفريقية إلى العالم، مشيرة إلى ما تملكه دبي من إمكانيات وبنية تحتية ومطارات وخطوط جوية مع مختلف عواصم العالم ما يجعلها قبلة لرواد الأعمال والشركات الأفريقية. وأضافت أن منتدى «FOGECA» يهدف إلى توطيد العلاقات التجارية بين الإمارات والدول الأفريقية وتحديداً السنغال، وهذا المنتدى جمع بين مستثمرين من الإمارات وكذلك رجال أعمال من السنغال، مشيرة إلى وجود الكثير من المشاريع الموجودة في أفريقيا وفرص استثمارية كبيرة، كما يوجد كثير من أبناء السنغال انطلقوا من دبي ونجحوا في تأسيس مشروعاتهم في دبي وانطلقوا إلى العالم.
خبرات اقتصادية
ويرى أبوبكر جالو، الإعلامي السنغالي المعروف والمتخصص في الشؤون الاقتصادية أن الدول الأفريقية في حاجة ماسة إلى دولة الإمارات للاستفادة من خبراتها الاقتصادية والتجارية العالمية، مشيراً إلى أن ما شهدته دبي يعكس التطور الكبير جداً في مختلف القطاعات الاقتصادية الإماراتية. وأضاف أنه جاء إلى دبي خلال «إكسبو 2020» واليوم بعد مرور 5 سنوات فقط ما حدث في دبي يبهر العالم كله وما تحقق على الصعيد الاقتصادي يعتبر إعجازاً.
وأكد أن ما تتمتع به دبي من تنظيم وتطور وتشريعات قانونية نموذج يستحق الاحترام، مشيراً إلى السهولة التامة في تأسيس الشركات ونظام تأشيرات الدخول والخروج وغيرها من الإجراءات التي تعكس التقدم الحضاري للدولة، وخصوصاً إمارة دبي التي لا تقل عن أي دولة أوروبية في نظامها وتشريعاتها.
ارتفع الذهب والفضة إلى مستويات قياسية اليوم الاثنين مستفيدين من بيانات عمل أميركية ضعيفة وقراءة تضخم ضعيفة عززت الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيخفض أسعار الفائدة في يناير/ كانون الثاني.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 1.4% ليصل إلى 4400 دولار للأونصة عند أعلى مستوى على الإطلاق بحلول الساعة 5:14 بتوقيت غرينتش، وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.99% إلى 4430 دولار للأونصة.
وقفزت الفضة في المعاملات الفورية 3.02% لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع عند 69.41 دولار للأونصة، وفق “رويترز”.
وارتفع الذهب، وهو أحد أصول الملاذ الآمن التقليدية، 67% لهذا العام، مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية والتجارية، والشراء القوي من قبل البنوك المركزية وآمال انخفاض أسعار الفائدة العام المقبل. وارتفعت الفضة 125% منذ بداية العام.
وارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 2.7% على أساس سنوي في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو ما يقل عن توقعات خبراء اقتصاد استطلعت “رويترز” آراءهم بزيادتها 3.1%.
وتميل الأصول التي لا تدر عائدا مثل الذهب إلى الصعود في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفع البلاتين 2.6% إلى 2028.34 دولار للأونصة وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 17 عاما.
وزاد البلاديوم 3.8% إلى 1772.74 دولار للأونصة وهو أعلى مستوياته منذ نحو ثلاثة أعوام.
في خطوة قد تعيد تشكيل طريقة تقييم المستثمرين لسوق تبلغ قيمته نحو 300 مليار دولار، تستعد وكالة موديز للتصنيف الائتماني لاعتماد نظام جديد لتصنيف العملات المستقرة.
وذكرت الوكالة أنها اقترحت منهجية لمنح تصنيفات ودائع للعملات المستقرة، تستند إلى جودة الأصول الاحتياطية لكل عملة، ومخاطر القيمة السوقية، إضافة إلى إجراءات الحماية التشغيلية.
وتعتزم موديز اعتماد هذا المقترح بعد تلقي الملاحظات العامة، التي يمكن تقديمها حتى 29 يناير.
وعادة ما تكون العملات المستقرة مدعومة بمزيج من النقد وما يعادله، مثل سندات الخزانة قصيرة الأجل، مع قيام الجهات المُصدِرة بنشر تقارير دورية عن احتياطياتها. إلا أن بعض هذه الجهات لم يخضع لعمليات تدقيق كاملة، وهو ما أثار جدلًا داخل القطاع.