نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع المركزي العماني
ملتقى مسقط الدولي لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية
عبد الحكيم بن عمر العجيلي رئيس مجلس إدارة جمعية المصارف العُمانية: البنوك العُمانية في مستوى متماسك وتتعامل مع المخاطر بمعايير عالمية عالية
الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية: لم نشهد في القطاع المصرفي العُماني أي تأثير سلبي على أدائه
طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني: القطاع المصرفي العُماني مستقر جداً ونتفادى أي مخاطر
شكّل ملتقى مسقط الدولي لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية، الذي نظّمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي العُماني، تحت رعاية طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني وحضوره، في مدينة مسقط، سلطنة عُمان، فرصة للمختصين في إدارة المخاطر لتبادل الخبرات والمعرفة في ما بين هذه النخب والمشاركين أيضاً، وذلك بهدف تعزيز ثقافة إدارة المخاطر الحديثة في أوساط المصرفيين العرب، والتعرُّف على أحدث المتطلبات الرقابية في هذا المجال في ظلّ التطورات الجيوسياسية التي تعصف في المنطقة وما تفرزه من مخاطر.
وشارك في الملتقى، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح، وعبد الحكيم بن عمر العجيلي رئيس مجلس ادارة جمعية المصارف العُمانية، في جلسة نقاشية بعنوان «إدارة سليمة للمخاطر ونمو اقتصادي مستدام»، في حضور ومشاركة أكثر من 250 مشاركاً من المصارف العُمانية والعربية.
كما حضر الملتقى نحو 250 مشاركاً من المصارف العُمانية والعربية، وخبراء من الأمانة العامة للجنة بازل للرقابة المصرفية، بالإضافة إلى نخبة مميّزة من الخبراء العالميين والعرب في إدارة المخاطر، ومدراء التدقيق، والسلطات الرقابية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، بهدف رفع مستوى الوعي بين عامة الجمهور حول أهمية هذه القضايا والتدابير الوقائية الممكنة للحد من المخاطر.
وقد تطرّق الملتقى إلى موضوعات عدة مثل نهاية طريق بازل III، وكيفية ضمان قابلية بقاء وإستدامة المصارف، ومخاطر الإئتمان وضمان جودة القروض في بيئة اقتصادية غير مؤكدة، ورقمنة عالم المال، والتمويل الإسلامي.
كما تناول الملتقى أحدث المستجدات العالمية في إدارة المخاطر المصرفية في ظل تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، والإجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى، والصراع في منطقة البحر الأحمر وأثره على التجارة الدولية وأثر كل ذلك على المصارف العربية.
نظّمها إتحاد المصارف العربية تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
القمّة المصرفية العربية – الدولية 2024 في إسطنبول تركيا
والعالم العربي يتعهّدان بتعزيز التعاون المالي
وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك: الحل الشامل لتعزيز العلاقات الجيدة بين تركيا والدول العربية هو إبرام إتفاقيات للتجارة الحرة
رئيس اتحاد المصارف العربية محمد الإتربي: تركيا تُعتبر جهة إستثمارية رئيسية دولية
رئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية شهاب قاوجي أوغلو: العلاقات العميقة والمتجذرة بين تركيا والعالم العربي تكتسب قوة من خلال القطاعين المصرفي والمالي
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح: تركيا تتمتع بنظام مصرفي قوي وإقتصادها يتطوّر بشكل دائم
رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية وديع الحنظل: زيارة الرئيس التركي إلى العراق مؤخراً ستنعكس إيجاباً على المنطقة العربية بدءاً من مشروع طريق التنمية
حقّقت القمّة المصرفية العربية – الدولية 2024 في إسطنبول، تركيا، تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي نظمها إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف تركيا المركزي وجمعية المصارف التركية، على مدار يومين، التواصل وتبادل الخبرات بين الجانبين العربي والتركي، بدليل تعهد تركيا والعالم العربي خلال القمّة، تعزيز تعاونهما المالي.
وشارك في إفتتاح القمة، كل من وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، ووزيرة الدولة الإماراتية ميثاء بنت سالم الشامسي، ورئيس إتحاد المصارف العربية محمد الإتربي، والأمين العام للإتحاد الدكتور وسام فتوح، ورئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية شهاب قاوجي أوغلو، ورئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي زياد خلف، وألبسلان ساكار رئيس جمعية المصارف التركية، ورئيس مجلس إدارة بنك تنمية الصادرات في مصر أحمد جلال، في حضور وزراء مال وإقتصاد ومحافظي مصارف مركزية عربية وهيئات ومؤسسات مصرفية ومالية وإقتصادية إقليمية.
الإتربي
في الكلمات، أكد رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية محمد الإتربي، «أهمية علاقات التعاون الإقتصادي مع تركيا، التي تنتمي إلى مجموعة دول العشرين»،
الصيرفة الإسلامية… إقبال واسع على منتجاتها الموثوقة
لا شك في أن قطاع الصيرفة الإسلامية هو الأكثر تناغماً مع معتقدات وإحتياجات العملاء من الأفراد والشركات، ذلك لأنه يُعتبر الأكثر إلتصاقاً بهذه الإحتياجات والخدمات، مثل الودائع والتمويل والإستثمارات وخصم الأوراق التجارية وغيرها، والتي تم تكييفها لتتفق مع الشريعة الإسلامية.
وفي ما يخص أهمية الصيرفة الاسلامية، تشهد هذه الصناعة نمواً سريعاً على إمتداد العقود الأربعة الماضية، حيث لم يكن هناك قبلاً سوى مصرف إسلامي واحد، بينما يُقارب عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية العاملة اليوم في أكثر من 60 دولة في القارات الخمس نحو 450 مؤسسة ومصرف إسلامي في العالم، يتركز نحو 40% منها في الدول العربية، وتحديداً في دول الخليج العربي. ويُتوقع أن يصل حجم أصول التمويل الإسلامي عالمياً إلى حوالي 3.5 تريليونات دولار في العام 2024.
وتُشكل حصة دول مجلس التعاون الخليجي منها نحو 90% من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية، وأن المملكة العربية السعودية تُشكل حصة نسبتها 49.5% من إجمالي حصة دول المجلس، ودولة الإمارات العربية المتحدة نحو 20% ثم دولة الكويت نحو 17.4% من هذه الأصول، ومملكة البحرين نحو 11%. وتبلغ قاعدة حقوق المساهمين للمصارف الإسلامية العربية نحو 32.7 مليار دولار، مما يشير إلى مواصلتها تعزيز قواعدها الرأسمالية لمواجهة نشاطها وحجم أعمالها المتزايد.
عدنان أحمد يوسف
رئيس جمعية مصارف البحرين
رئيس إتحاد المصارف العربية (سابقا)
وتشير كافة الأرقام أعلاه، بأن الصناعة المصرفية الإسلامية باتت تحظى بقبول واسع عربياً وإسلامياً وعالمياً، حيث تتسابق العديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا على فتح الأبواب أمام تأسيس المصارف الإسلامية، علاوة على إصدار الصكوك الإسلامية للإستفادة من السيولة الكبيرة المتوافرة لدى البنوك الإسلامية.
لنتحدث عن أسباب إنتشار الصيرفة الإسلامية:
لقد دقت نواقيس الخطر، منذ بدأت أزمة قروض الرهن العقاري خلال صيف العام 2007، وظلّت تتفاقم لتقوّض سوق المساكن في الولايات المتحدة، إحدى الركائز الهامة للإقتصاد الأكبر في العالم، والذي يمثل 40% من إقتصاد العالم، في وقت إختلفت الآراء حول الأسباب الحقيقية للأزمة الناتجة عن التخلُّف عن تسديد القروض العالية المخاطر التي قدرت بنحو تريليوني دولار.
ولكون تلك القروض تم إدخالها في سلسلة مركبة ومعقدة من المنتجات والمشتقات المالية التي مثلت إستثمارات ضخمة تصل إلى مبالغ أضعاف الحجم المالي للقروض العالية المخاطر، فإن إنهيار تلك القروض أدى بدوره إلى إنهيار كافة المنتجات والمشتقات المرتبطة بها في محافظ البنوك العالمية، مما أدّى إلى نشوب الأزمة المالية بقوة في في أواخر العام الماضي، وإلى إفلاس عدد من البنوك وتأميم أخرى، كان أولها بنك ليمان بروذرز.
لقد جاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وما نجم عنها من تداعيات خطرة على النظام المالي العالمي، وتأثر العديد من المؤسسات المالية في المنطقة بهذه الأزمة، لتؤكد مجدداً سلامة المبادئ التي تقوم عليها الصناعة المالية الإسلامية، كونها تمتلك العديد من المقومات التي تحقق لها الأمن والأمان وتقليل المخاطر مثل الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن، فلا إقتصاد إسلامياً من دون أخلاق ومثل.
وتُحقق هذه المنظومة من الضمانات الأمن والأمان والإستقرار لكافة المتعاملين، وفي الوقت عينه تحرّم الشريعة الإسلامية المعاملات المالية والاقتصادية التي تقوم على الكذب والمقامرة والتدليس والغرر والجهالة والإحتكار والإستغلال والجشع والظلم.
ومن المقوّمات الرئيسية هي أن النظام المالي والإقتصادي الإسلامي يقوم على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة، وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات، كما حرّمت الشريعة الإسلامية نظام المشتقات المالية والتي تقوم على معاملات وهمية يسودها الغرر والجهالة.
ونحن نرى أن هذه المقوّمات تعطي ثقة أكبر في النظام المالي الإسلامي، وتزيد الإقبال على خدماته ومنتجاته، كما هو واضح من معدلات نمو الصناعة المصرفية الإسلامية التي تحدثنا عنها.
مستقبل الصيرفة الإسلامية
لقد أثبت التمويل المالي الإسلامي قدرته على دعم الإستقرار العالمي والمساهمة في معالجة إختلالات التمويل العالمي وذلك من خلال نقاط عدة، منها تعديل أسلوب التمويل العقاري، ليكون بإحدى الصيغ الإسلامية، ومنها أسلوب المشاركة التأجيرية، بالإضافة إلى ضبط عملية التوريق لتكون لأصول عينية وليس للديون، وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية في صورة صكوك الإجارة والمشاركة والمضاربة، أما الديون فيُمكن توريقها عند الإنشاء ولا تتداول، وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية بصكوك المرابحة والسلم والإستصناع، والتي يزيد حجم التعامل بها رغم حداثتها، على 180 مليار دولار، وتتوسّع يوماً بعد يوم وتتعامل بها بعض الدول الغربية.
كما يُمكن منع أساليب المضاربات قصيرة الأجل من البيع على المكشوف والشراء بالهامش، وهو ما تم إثر الأزمة في أميركا وإنكلترا، بالإضافة إلى عدم التعامل بالمشتقات مثل المستقبليات والتعامل بدلاً منها بأسلوب بيع السلم، وجعل الخيارات من دون مقابل كما قرّر الفقه الإسلامي، والإنتهاء من التعامل في المؤشرات بيعاً وشراء، والإنتهاء من الفوائد الربوية وإستخدام أساليب المشاركات والبيوع، ووضع ضوابط للمعاملات، ووجود هيئات متخصّصة للإشراف والرقابة على الأسواق والمؤسسات، في إطار الحرّية المنضبطة التي يقوم عليها الإقتصاد الإسلامي، وفوق ذلك كلّه العمل على جعل الإقتصاد أخلاقياً، ووضع السبل التي تساند الإلتزام بالأخلاق الحميدة في التطبيق.
ونحن نطالب هنا بالإسراع في إنشاء السوق العربية والإسلامية المشتركة لإنقاذ الدول العربية والإسلامية، وخصوصاً أن التقارير الدولية تشير إلى أن 113 أزمة وقعت خلال السنوات الثلاثين الماضية في 17 دولة في العالم.
وبالتأكيد، فإن إختلالات التمويل العالمي حالياً سوف تُسهم في تعزيز الثقة بقوة في النموذج المالي الإسلامي وقدرته على الإستدامة، حيث أظهر قدرته على تجنُّب التعرُّض الواسع لأزمات الأسواق العالمية، ومشاكل الديون المتعثّرة التي عانت منها الأسواق المصرفية التقليدية.
لذلك، نحن نتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول، ولا سيما إذا ما توجّهت الحكومات العربية والإسلامية لهيكلة تمويل المشاريع الضخمة في بلدانها، من خلال إصدار مثل تلك الصكوك ليتم تغطيتها من خلال البنوك الإسلامية.
وسوف لن يقتصر النمو في قطاع البنوك الإسلامية فحسب، بل سيطال قطاع التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية، أو ما يطلق عليه بــ «التكافل»، حيث بدأت العديد من الشركات بما فيها شركات التأمين الأجنبية في توجيه إهتمامها إلى الدول الإسلامية، وعلى رأسها دول الخليج العربي. وقد نمت المنتجات التأمينية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بمعدّل سنوي بلغ 20% في السنوات الأخيرة، ومعها يُتوقع أيضاً تأسيس شركات إعادة تأمين تكافلي متوافقة مع الشريعة الإسلامية لمواصلة التطور الناجح لسوق التكافل.
كما يُتوقع أن تلاقي المصارف الإسلامية المزيد من الإقبال من المجتمعات غير المسلمة من أنحاء مختلفة، ويعود ذلك إلى شفافيتها وقيمها ومستوى خدماتها، بالإضافة إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نوعاً ما، مما يؤدي إلى إرتفاع التدفق النقدي وتمويل المشاريع، وبالتالي زيادة الطلب على طرق الإستثمار الإسلامية.
ومع ذلك، نحن لا ندّعي أن المصارف الإسلامية، لا تُواجه تحدّيات كثيرة، وخصوصاً تلك التي ربطت نموذج أعمالها بأنشطة مكشوفة مباشرة على التقلّبات العالمية مثل العقارات والإستثمارات العالمية.
كما أن المؤسسات المالية الإسلامية لم تكن بمنأى كلّية عن تداعيات الأزمة، ولا سيما تأثرها بشح السيولة في الأسواق والضغوط المتصاعدة على سوق العقار في دول مجلس التعاون الخليجي، وحركة التصحيح الحادة في أسواق الأسهم الإقليمية، وبعض الإستثمارات التي قامت بها المؤسسات المالية الإسلامية في شركات وعقارات أميركية أو أوروبية.
لا شك في أن البنوك الإسلامية، حالها حال البنوك العربية التقليدية، تقف اليوم في مواجهة تحدّيات معايير بازل (3) على صعيد تقوية مواردها الرأسمالية، وإتباع مزيد من الشفافية والإلتزام بالقواعد والمعايير المصرفية العالمية، وخصوصاً معايير الحوكمة، علاوة على تنوّع المخاطر في بيئة العمل، وإدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة وتصاعد المنافسة بفعل تحرير الأسواق، والتعامل مع جميع ذلك في إطار مبادئ العمل المصرفي الإسلامي.
كما توجد حاجة ماسة ودائمة إلى تطوير الكوادر البشرية، مع توسيع صناعة المصرفية الإسلامية ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي أيضاً، وخصوصاً في الجوانب المتصلة بالفتاوى التي تختص بهذه الصناعة، وهذا يدعونا إلى التأكيد على مسألة التدريب والتوسع فيه على المستويين المحلي والدولي.
المصارف الإسلامية تُسجّل تقدماً مضّطرداً عالمياً وإسلامياً
وتُواكب التطوُّر في الأدوات المالية والحوكمة
* غبريل: المصارف الإسلامية تملك حصة في السوق النقدية العالمية وأثبتت أنها صناعة مالية مصرفية لا يُمكن إنكارها
* وهبه: «الإسلاموفوبيا» منع كثيراً من المودعين من التوجُّه إلى المصارف الإسلامية فقط للتسمية
* سرُّوع: ميزات الصيرفة الإسلامية إستنادُها دائماً إلى أصول وهذا يشكل ضمانة للعميل
لم تعد مصطلحات مثل «صيرفة إسلامية»، و«تمويل إسلامي»، و«المصارف الإسلامية»، و«التكافل»، و«الصكوك»، جديدة على مسامع العملاء في المصارف والمهتمين بالقطاع المصرفي ككل، بل باتت من علامات العمل المصرفي ومنتجات التمويل، ليس فقط على الصعيد العربي والإسلامي بل أيضاً على الصعيد العالمي.
وبحسب تقرير نشرته شبكة CNN الإقتصادية، فإن التجربة بدأت في مصر في العام 1962، إذ دُعيت حينها «بنوك الإدخار المحلية»، ثم توسعت وإنتشرت، ليصل إجمالي موجودات البنوك الإسلامية في أنحاء العالم إلى حوالي أربعة تريليونات دولار في العام 2022.
بلغة الأرقام، بلغ حجم قاعدة عملاء المصارف الإسلامية 100 مليون عميل، فيما بلغ عدد الدول التي لديها خدمات مالية عالمية، 80 دولة في العالم، وعدد المصارف عالمياً 600 مصرف. صحيح أن مصر شهدت إنطلاقة الصيرفة الإسلامية عبر تأسيس أول مصرف يتعامل وفق الشريعة الاسلامية، لكن ثمّة محطّات أخرى شهدتها الدول العربية والاسلامية مع المصارف الإسلامية، إذ في العام 1975 تأسس مصرف دبي الاسلامي، وفي العام 1979 تأسّست شركة التأمين الإسلامية المحدودة في السودان، وهي أول شركة تأمين إسلامية. وفي العام 1986 تأسست أمانة أول صندوق إستثماري في إنديانا في الولايات المتحدة، وفي العام 1990 نشأ في السودان قطاع مصرفي إسلامي كامل، وفي العام 1996 تأسست أول نافذة مصرفية إسلامية (سيتي بنك) في البحرين، وفي العام 1999 صدرت أول صكوك إسلامية في ماليزيا من قبل SHELL MDS، وفي العام 2001 صدرت أول بطاقة إئتمان إسلامية من قبل AMbank، وفي العام 2004 تأسس أول بنك إسلامي في بريطانيا (خارج الدول الاسلامية)، وفي العام 2005 تأسست الوكالة الاسلامية الدولية للتصنيف في البحرين.
كل هذه المحطات المشرقة، تدفعنا للبحث عن أهمية المصارف الاسلامية بعد نحو 60 عاماً على إنطلاقها، خصوصاً أن هناك مَن يراها محاكاة لمعاملات البنوك التقليدية، وهناك من يعتبرها حلاً للحرصاء على الإلتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، بل ويقدم بديلاً «أخلاقياً» لمعاملات البنوك التقليدية. علماً أن الضوابط الشرعية والمصرفية التي تحكم المصارف الإسلامية، تختلف عن القوانين والأحكام التي تنظم عمل الصيرفة التقليدية، ففي المصارف الإسلامية كل أمور التمويل لديها حلول، وهي تتمتع بالقوة لجهة أن أي تمويل لا بد وأن يكون مبنياً على أساس وجود أصل معيّن لشرائه، وإستئجاره أو إستصناعه، وأن نقاط القوة في المصارف الإسلامية هي أنها مرغوبة من قبل شريحة من العملاء، يهمُّها التعامل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، ولا تخضع هذه الشريحة للجذب من قبل المصارف التقليدية، مما يحدّ من تأثير عوامل المنافسة عليها.
إن إستقرار وتطوُّر إقتصاد أيّ بلد مهما كانت درجة تقدّمه، مرهون بإستقرار وتطوُّر الجهاز المصرفي، بإعتباره العمود الفقري لإقتصاد البلد. ونظراً إلى التقدُّم العلمي والتكنولوجي والذكاء الإصطناعي، وما يتطلّب ذلك من رفع قدرات العاملين، ليتمكّنوا من مواكبة هذه التطوُّرات، كذلك نمو الأسواق المالية وتنوُّع الأدوات المالية وإزدياد حدّة المنافسة بين المصارف والتحرُّر المالي، ورغم حداثة تجربة المصارف الإسلامية ومقارنتها بالتاريخ الطويل للمصارف التقليدية (التجارية)، وما إكتنفته تلك التجربة من المصاعب والعقبات الكثيرة التي واجهت العمل المصرفي الإسلامي، فقد إستطاعت المصارف الإسلامية تحقيق نجاحات واسعة وواضحة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، والدليل على ذلك هو زيادة عدد هذه المصارف وإنتشارها الجغرافي والنمو في حجم أنشطتها.
لقد ثبت بالملموس، أن نشاط الصيرفة الإسلامية فرضَ حضوراً منقطع النظير ومتميّزاً منذ بدايات نشاطاتها الفعلية في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وهذا يدلُّ على إرتفاع الطلب على منتجاتها من قبل الزبائن، وإرتفاع أرباح المصارف الإسلامية، كونها أكثر مخاطرة. علماً أنه كلّما إرتفعت المخاطر زادت العوائد. كما ثبت أيضاً فساد آلية سعر الفائدة في إدارة النشاط الإقتصادي المعاصر والجدوى العملية الفاعلة والرشيدة لمعدّل الربح. فالمفهوم الإسلامي كآلية لإدارة مناسبة لهذا النشاط، هو البديل السهل والفاعل والميسور، والذي يتمثّل في إحلال المشاركة في «الغنم بالغرم»، الربح والخسارة محل المداينة بفائـدة.
لذلك أصبح من الضروري والملحّ، تحويل المصارف التقليدية إلى مصارف تعمل وفق صيغ تتعلّق بآلية الربح والخسارة، بإعتبارها آلية فاعلة ورشيدة لإدارة النشاط الإقتصادي المعاصر.
البروفسور الشمري يهدي مؤلفاته
لمعالي الدكتور علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي
الخبير في الصيرفة الإسلامية الدكتور أسامة قيس الدريعي:
منظومة التمويل الإسلامي إستطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها
من السقوط والتعثُّر خلال الأزمات المالية العالمية
يُشبّه الدكتور أسامة قيس الدريعي الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للإستشارات المالية، مقره قطر، البنوك الإسلامية في العالم بـ «تاجر»، في سوق مالية ضخمة، وسط تجار آخرين عمالقة (البنوك التقليدية)، وهذا التاجر يتعامل وفق ضوابطه وضوابط الآخرين في الوقت ذاته، لكن دون أن يتنازل عن أي من أصول شريعته المالية الإسلامية.
ويؤكد الدريعي، في حوار صحافي بثته «الجزيرة نت»، أن منظومة التمويل الإسلامي، إستطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها من السقوط والتعثُّر خلال الأزمات المالية العالمية، لأنها محمية بقوة «الضوابط الشرعية»، وهي القوة التي حمت المنظومة المالية الإسلامية من الإنهيار خلال أزمة «بيع الرهون» أو الديون في العام 2008، فمنظومة التمويل الإسلامي لا تدخل في عالم «بيع الديون» لأنها حرام.
ويوضح الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة، الفرق بين البطاقات الإئتمانية في البنوك الإسلامية والبنوك والتقليدية، ففي البنوك التقليدية تعتمد على «الربا»، أما في البنوك الإسلامية فهي بعيدة عن «الربا»، وإنما تعتمد على عقود ربحية وفق الشرعية الإسلامية، معتبراً «التكنولوجيا المالية» هي الإختبار الأصعب للبنوك الإسلامية خلال الفترة المقبلة.
وفي ما يلي نص الحوار:
*ما الذي يُميّز المفهوم الإسلامي للمال والمحافظة عليه عن بقية التشريعات الوضعية الأخرى؟
-الإسلام أولى اهتماماً بالغاً بالمال وأعطاه قيمة حقيقية في حياة الإنسان. ولم يعط الإسلام المال الأولوية في حياة الإنسان كما فعلت التشريعات والأنظمة الأخرى التي جعلت من المال الأساس، وما هو دون المال لا يساوي شيئاً، لأن المال لديها هو الغاية والوسائل الأخرى متمّمة أو موصلة لهذه الغاية، في حين أن المال في الشريعة الإسلامية ليس غاية في حد ذاته، ولذلك نجد أن الفقه الإسلامي قد قُسّم إلى قسمين:
قطر خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم بأصول تفوق 174 مليار دولار
مؤتمر المال الإسلامي ناقش توسيع نطاق تطبيق التكنولوجيا الحديثة
أكد مسؤولون ومتخصصون في الشؤون المالية شاركوا في مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي، أهمية العمل على توسيع نطاق تطبيق التكنولوجيا الحديثة في مجال الصيرفة الإسلامية، بما يُسهم في زيادة الخدمات والمنتجات المالية للعملاء.
وأضاف المتخصّصون: أن مؤسسات التمويل الإسلامي تُحاول العمل على إعادة تموضعها في المشهد المالي العالمي الحديث، في وقت تشير فيه التقديرات إلى إمكانية إضافة الذكاء الإصطناعي التوليدي ما يُراوح بين 200 و340 مليار دولار في القيمة للقطاع المصرفي.
وتحت عنوان «التمويل الإسلامي.. إندماج المبادئ والتكنولوجيا»، إنطلقت أعمال مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي الذي يهدف إلى التعرُّف على تطورات تقنية الذكاء الإصطناعي التوليدي، وأثرها على الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
كما يهدف المؤتمر إلى بيان أثر تطبيقات الذكاء الإصطناعي على أداء المؤسسات المالية الإسلامية، وإستكشاف فرص وتحدّيات المؤسسات الوقفية في عالم الذكاء الإصطناعي والوقوف على الإعتبارات الأخلاقية والقانونية للتمويل الإسلامي في ظل الأنظمة الذكية.
وقال خالد السليطي رئيس اللجنة المنظمة ونائب رئيس مجلس إدارة شركة بيت المشورة للإستشارات المالية، التي تنظم المؤتمر: إنه «لا يُخفى على الجميع ما نعايشه اليوم من ثورة هائلة في عالم التكنولوجيا، إزدادت حِدّتها مع ظهور تقنية الذكاء الإصطناعي التوليدي»، موضحاً «أن هذا التحول يؤذن بمرحلة جديدة في مسيرة البشرية والتمويل الإسلامي».
توسع السوق
وأوضح «أن دولة قطر تُعتبر من أهم الدول الرائدة في مجال التمويل الإسلامي وإعتماد تقنيات الذكاء الإصطناعي، إذ تصنف كخامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم بأصول تجاوزت 174 مليار دولار، كما أسهمت التوجهات الحكومية في توسُّع سوق الذكاء الإصطناعي في دولة قطر، حيث بلغ في العام الماضي 2023 حسب التقديرات 38 مليون دولار»، متوقعاً «أن يرتفع المبلغ إلى 58.8 مليون دولار في العام 2026، بنمو سنوي يتجاوز 17%»، لافتاً إلى «أن قطر تأتي بالمرتبة الثالثة عربياً في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الإصطناعي، والثامنة عالمياً في التشريعات والسياسات الرقمية».
إعادة التموضع
وقال عميد الدراسات العليا في جامعة قطر أحمد العون: «إن التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها في رفع كفاءة المؤسسات المالية، يُعتبر أحد أهم الأمور التي تواجه المصرفية الإسلامية في العصر الحديث، وخصوصاً في السنوات الأخيرة».
وأضاف العون: «أن تحليل هذه التوجهات والأهداف الإقتصادية حول العالم، يحتاج إلى عنصر السرعة في تناول هذه الأمور، ويحتاج إلى عمل متواصل وطاقات وقدرات كبيرة جداً من المؤسسات المالية لتواكب متغيّرات السوق المالية والاقتصادية وجميع الإحتياجات»، موضحاً «أن من الميزات الكبيرة حالياً، هي تطور التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجيات المختلفة التي تقوم على تحليل البيانات والتوجهات، والتي أصبحت متاحة وواقعاً يمكن للمؤسسات المالية حول العالم أن تستفيد منه».
وأشار العون إلى أن المؤتمر «ركز على هذا المحور بهدف معرفة قدرة المؤسسات المالية الإسلامية على الإستفادة من التكنولوجيا الحديثة، ومحاولة إستكشاف التحديات والمعوقات التي قد تمنعها من الإستفادة من هذه التكنولوجيا، وإيجاد الحلول العملية في مجال استحداث المنتجات المالية الإسلامية، للوصول إلى إجابات لهذه الأسئلة»، لافتاً إلى أنه «أصبح لزاماً على الجميع السعي نحو التطور، وخصوصاً في ظل السرعة الكبيرة في الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال في العالم، مما يجعل المؤسسات المالية في مواجهة صعوبات تلزمها بضرورة الإنخراط في هذا المجال التكنولوجي الكبير»، موضحاً «أن مؤسسات التمويل الإسلامي تحاول العمل على إعادة تموضعها في المشهد المالي الحديث، إذ تشير التقديرات إلى إمكانية إضافة الذكاء الاصطناعي التوليدي ما يُراوح بين 200 و340 مليار دولار في القيمة للقطاع المصرفي».
وسلّط د. أسامة الدريعي، الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة في مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي، الضوء على إستخدام الذكاء الإصطناعي التوليدي في تطوير أعمال الصيرفة المالية الإسلامية.
فتاوى وتحكيم
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للاستشارات المالية في قطر أسامة قيس الدرعي: «إن المؤتمر يهدف إلى تعزيز عمل المصارف الإسلامية ومسايرتها للطفرة التكنولوجية الحديثة، من خلال الدمج بين هذه التكنولوجيا والتمويل الإسلامي».
وأضاف الدرعي: «أن هذا الدمج قد يؤدي إلى طفرة كبيرة في عالم الصيرفة الإسلامية، قد يُستغنى فيها عن الأفراد في عمليات مثل الإفتاء أو التدقيق الشرعي أو التحكيم وجودة المنتجات، إعتماداً على تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي التوليدي»، موضحاً «أن أعمال المؤتمر ناقشت بشكل مستفيض هذه الأمور للوصول إلى مخرجات تعطي دفعة قوية للصناعة المالية الإسلامية، بما فيها من مخاطر ومسائل قد تكون مؤثرة على مبادئ الشريعة الإسلامية في التمويل الإسلامي».
معالجة لغة البرمجيات
وقال أستاذ الإقتصاد والتمويل الإسلامي المشارك في جامعة الملك عبد العزيز في السعودية فضل البشير: «إن المؤتمر ناقش مسألة تطوير المنتجات المالية من خلال معالجة اللغة الطبيعية، المقصود بها لغة الحديث سواء عربية أو إنكليزية أو فرنسية، بمعنى كيفية تطوير أجهزة الكومبيوتر للتعرف على هذه اللغة».
ولفت البشير، إلى أنه «في حال النجاح في هذا الأمر فسوف يسهم بشكل كبير في تطوير المنتجات المالية الإسلامية وتحسين خدمات العملاء والتواصل معهم، من خلال الشفافية والحوكمة وتحليل الفتاوى الشرعية وغيرها من المجالات».
وأضاف البشير أنه «يجب التركيز خلال الفترة المقبلة على كيفية إستخدام هذه التقنية في تطوير المنتجات المالية الإسلامية، خصوصاً أنه تم إستخدامها في عدد من المصارف الإسلامية على مستوى دول الخليج وعلى مستوى الإقليم، حيث إن المرحلة والتطور التكنولوجي العالمي الحالي يتطلّبان توسيع التطبيق ليشمل أكبر عدد ممكن من البنوك الإسلامية حول العالم»، مؤكداً أنه «من دون شك، سوف تُسهم هذه التقنية في تحسين وتطوير المنتجات»، موضحاً أنه على «سبيل المثال، نجد أن خدمة العملاء من خلال الهاتف المصرفي هي جزء من هذه التقنية، ولكنها لا تطبق بشكل واسع»، لافتاً إلى أن «المصارف الإسلامية بالتأكيد تملك القدرات على تطويع اللغة والتقنيات بما يُسهم في زيادة المنتجات المالية الإسلامية».
مخاطر التطور
وقال أستاذ المالية المشارك بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة قطر رامي زيتون: «إن التكنولوجيا الحديثة لها تأثير إيجابي ومهم على كفاءة المؤسسات المالية، من خلال تحسين نوعية الخدمات وتوسيع نطاقها وابتكار سلع وخدمات جديدة تقدم للعملاء والوصول لأكبر عدد ممكن منهم، وذلك من خلال ما يعرف بالبنوك الرقمية»، لافتاً إلى «أن التكنولوجيا لها تأثير إيجابي كبير أيضاً من خلال تقليل تكلفة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء، مما يساعد على سهولة وصولها لأكبر عدد منهم».
غير أن أستاذ المالية في جامعة قطر «حذر من مخاطر محفوفة بالتطور التكنولوجي، ومنها المخاطر السيبرانية ومخاطر السوق وكذلك مخاطر تتعلق بالتشريعات والقوانين، مما يتطلب ضرورة أن يكون هناك قوانين وتشريعات من أجل سرعة التكيُّف مع هذه الإبتكارات، وتطوير التشريعات الخاصة بإدارة المخاطر في البنوك الإسلامية، لتكون قادرة على المنافسة مع البنوك والمؤسسات الأخرى».
تركُّز كبير لموجودات المصارف الإسلامية العربية في دول الخليج العربي الست
«الراجحي» يحتل المرتبة الأولى بين المصارف العربية الإسلامية من حيث حجم الموجودات
أظهرت البيانات المالية المتوافرة للمصارف الإسلامية العربية، أن مجموع موجودات أكبر 50 مصرفاً إسلامياً عربياً (والتي تتوافر البيانات المالية لها)، قد بلغ قرابة 959 مليار دولار في نهاية العام 2023. كما أن مجموع ودائعها قد بلغ نحو 670 ملياراً، ومجموع القروض الممنوحة من قبلها قرابة 606 مليارات، والقاعدة الرأسمالية لها قرابة 130 ملياراً. أما بالنسبة إلى صافي الأرباح المجمّعة لهذه المصارف، فقد بلغ قرابة 17 مليار دولار في نهاية العام 2023.
البيانات المجمعة والإنتشار الجغرافي
بالنسبة إلى توزع المصارف الإسلامية الخمسين بين الدول العربية، يحتل العراق المركز الأول في عدد تلك المصارف (8 مصارف)، يليه البحرين (7 مصارف)، فقطر (5 مصارف)، فالسعودية والكويت والإمارات (4 مصارف لكل منها)، فالأردن ومصر وسوريا (3 مصارف)، فسلطنة عُمان وفلسطين واليمن (مصرفين لكل منها)، وأخيراً تونس، والجزائر، والمغرب، بمصرف واحد لكل منها.
مقابلة مع الدكتورعبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك
والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAFI:
دليل الإستدامة الذي وضعه المجلس يعالج الأهداف البيئية
والإجتماعية والإقتصادية الخاصة بالتمويل الاسلامي
تحدث الدكتور عبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAF لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، متناولاً موضوع دليل الإستدامة الخاص بالمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، والذي «تم تصميمه بعناية لمعالجة الأهداف البيئية والإجتماعية والإقتصادية في سياق التمويل الإسلامي»، مشيراً إلى التحدّيات التي تواجهها البنوك الإسلامية في دمج الإستدامة، بالإضافة إلى المبادرات الإستراتيجية المبينة في خطة المجلس العام 2022-2025 التي تهدف إلى بناء مستقبل مبتكر ومستدام، والتعرُّف على الإستراتيجيات والمعالم الرئيسية والمبادرات المستقبلية التي تدفع الإستدامة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية».
في ما يلي الحوار مع الدكتور عبد الإله بلعتيق، الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية – CIBAF:
*هل يُمكن أن تشرحوا لنا دليل الإستدامة والذي يُعالج أهدافاً بيئية وإجتماعية وإقتصادية محدّدة في سياق التمويل الإسلامي؟
ودائع المصريين بالعملات الأجنبية تقفز إلى أكثر من ملياري دولار
في النصف الأول من العام 2024
إرتفعت الودائع بالعملات الأجنبية غير الحكومية في بنوك مصر بنحو 2.41 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي 2024، لتصل إلى 53.03 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران 2024، مقابل 50.61 مليار دولار في نهاية 2023، وفق أحدث بيانات عن البنك المركزي المصري.
وبحسب البيانات، فإن البنوك المصرية إستقبلت مدخرات أجنبية بقيمة 1.36 مليار دولار خلال يونيو/ حزيران 2024 فقط، لترتفع أرصدة الودائع بالعملة الأجنبية من 51.67 مليار دولار في مايو/ أيار 2024، إلى 53.03 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي، وهي الزيادة الأعلى منذ بداية العام الحالي.
وكشف البنك المركزي المصري، في تقريره الشهري، عن وصول حجم الودائع تحت الطلب بالعملات الأجنبية لنحو 12.92 مليار دولار، فيما بلغ حجم الودائع لأجل وشهادات الإدّخار إلى نحو 40.11 مليار دولار.
سعر الفائدة
ورفعت البنوك المصرية سعر الفائدة على الودائع بالدولار بعد إتجاه الإحتياطي الفيدرالي الأميركي على مدار آخر عامين، بإتباع سياسة نقدية تشددية وزيادة سعر الفائدة على الدولار إلى 5.5 % بدلاً من 0.25 % قبل الزيادات بهدف كبح جماح التضخُّم.
وقال مسؤول خزانة في أحد البنوك، إن تضاعف تحويلات المصريين في الخارج، أكثر من مرة، منذ مايو/ أيار 2024، مقارنة بالشهور السابقة للتعويم، أسهم في النمو الملحوظ للمدخرات الأجنبية في البنوك، مؤكداً أن العديد من العملاء بدأت تعيد إستثماراتها للودائع والشهادات البنكية بالعملات الأجنبية، مع إقتراب مرحلة خفض سعر الفائدة خلال الشهور المقبلة. وقفزت تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال مايو/ أيار 2024 بمعدّل نمو 73.8 % على أساس سنوي، لتصل إلى 2.7 مليار دولار، مقابل 1.6 مليار دولار خلال مايو/ أيار 2023.
القمة السعودية للبنية التحتية نحو تشكيل رؤية للمستقبل
تستضيفها الرياض في أواخر سبتمبر/أيلول 2024
تستضيف العاصمة السعودية الرياض «القمة السعودية للبنية التحتية»، ما بين 24 و26 سبتمبر/ أيلول 2024، برعاية الأمير الدكتور فيصل بن عياف، رئيس مجلس إدارة مركز مشاريع البنية التحتية في منطقة الرياض، وفي حضور عدد من الوزراء والمسؤولين المحليين والدوليين.
وأوضح المهندس فهد البداح، الرئيس التنفيذي للمركز، «أن القمة تهدف إلى تشكيل رؤية طَموحة لمستقبل البنية التحتية، ورسم قواعد أساسية تعزز تطوير المدن لتحقيق تنمية حضرية مستدامة، بما يُسهم في رفع مستوى الكفاءة، والإستدامة البيئية، وجودة الحياة وفق «رؤية السعودية 2030».
وتشمل القمة جلسات وورش عمل يشارك فيها مسؤولون ونخبة من الخبراء الدوليين؛ لتبادل الخبرات، ومناقشة التحدّيات، وإيجاد حلول مبتكرة، وعرض قصص النجاح، فضلاً عن تعزيز الشراكات مع كبرى الجهات والمنظمات المحلية والدولية. كما تتضمّن إقامة المعرض السعودي للبنية التحتية، الذي يعرض الجهود المبذولة، وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. ويأتي هذا الحدث الدولي ضمن جهود المركز بوصفه الجهة المختصة بأعمال البنية التحتية في منطقة الرياض؛ للإرتقاء بالمشاريع، بالشراكة مع شُركاء النجاح، والمساهمة في تحقيق كفاءة الإنفاق، وتحسين المشهد الحضري؛ لبنية تحتية مستدامة.
إرتفاع أرباح «الأهلي السعودي» 4% خلال الربع الثاني من العام 2024
نما صافي أرباح «البنك الأهلي السعودي» بمقدار 4 %، إلى 5.2 مليار ريال (1.38 مليار دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي (2024)، مقارنة مع 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام السابق.
وأرجع البنك أسباب النمو، في بيان على موقع سوق الأسهم السعودية الرئيسية «تداول»، إلى إرتفاع إجمالي دخل العمليات التشغيلية بنسبة 5 % إلى 8.9 مليار ريال؛ نتيجة الزيادة في صافي الدخل من العمولات الخاصة بنسبة 8 %، وإرتفاع رسوم الخدمات المصرفية بنسبة 1.8 %، بالإضافة إلى نمو إجمالي الدخل من الإستثمارات بنسبة 14 %.
وعلى أساس فصلي، إرتفع صافي الدخل العائد لحقوق المساهمين بنسبة 3.8 %، حيث بلغ 5 مليارات ريال، في الربع الأول من العام الحالي (2024)، نتيجة إنخفاض صافي مخصّص خسائر الإئتمان المتوقعة بنسبة 81.6 %.
ونوّه البنك بأن إجمالي الأصول ارتفع بنسبة 4.9 %، خلال الفترة، مقارنة بالسنة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول) من العام السابق (2023)، وذلك حصيلة إرتفاع محفظة التمويل بنسبة 5.9 %؛ بسبب نمو محفظة تمويل الأفراد بـ4%؛ معتمِدة بشكل أساسي على الإرتفاع في التمويل العقاري بمعدل 7 %، بالإضافة إلى نمو محفظة تمويل الشركات بنسبة 7.9 %.
وبلغت ربحية السهم، خلال النصف الأول من العام الحالي (2024)، 1.66 ريال، مقارنة مع 1.62 ريال في الفترة نفسها من العام السابق (2023).
وزيرة الإستثمار الأردنية ورئيسة هيئة تمكين المرأة العربية في الأردن خلود السقاف، في ورشة «تمكين المرأة العربية في الخدمات المصرفية»
في حضور مدير عام البنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي والزميل في إتحاد المصارف العربية أنور صياح ومن اليسار الزميلة نانسي الهندي
نظّمت هيئة تمكين المرأة العربية التابعة لإتحاد المصارف العربية، بالتعاون مع البنك العربي الإسلامي الدولي، ورشة عمل بعنوان «تمكين المرأة العربية في الخدمات المصرفية – نحو وعي مالي متكامل»، في العاصمة الاردنية عمّان، بمشاركة 100 سيدة من مختلف القطاعات. وهدفت الورشة التي إفتتحتها وزيرة الإستثمار الأردنية ورئيسة هيئة تمكين المرأة العربية خلود السقاف، إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع من خلال تزويدها بالمعرفة والمهارات المالية اللازمة للتعامل مع الأمور المالية بفعالية وإستقلالية. وتم التركيز خلال الورشة على محاور أساسية عدة منها: تعزيز الوعي المالي، التعرُّف على الخدمات المصرفية الأساسية، وتمكين النساء من اتخاذ القرارات المالية السليمة. وفي نهاية الورشة، جرى تكريم البنك العربي الإسلامي الدولي كراعٍ أساسي لهذا الحدث، تقديراً لدعمه لتمكين المرأة العربية في المجال المالي.
كرّم إتحاد المصارف العربية، بنك الإسكان تقديراً للمساندة المتواصلة من البنك للإتحاد في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الطرفين، وتثميناً لمشاركة البنك كراعٍ ذهبي في منتدى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في القطاع المالي الذي أقامه الإتحاد بالتعاون مع جمعية البنوك الأردنية على مدار يومين في العاصمة الأردنية عمّان، تحت رعاية محافظ البنك المركزي الأردني. وجاءت هذه الرعاية ضمن إطار حرص بنك الإسكان على دعم الفعّاليات والنشاطات التي يقيمها الإتحاد بهدف دفع مسيرة البنوك المحلية والعربية وتعزيز إلتزامها في مجال العمل المناخي والتحوُّل للاقتصاد الأخضر، وإلتزاماً من البنك بصفته بنكاً عريقاً ومسؤولاً إجتماعياً وبيئياً بمواكبة المستجدات على صعيد تشريعات وإستراتيجيات وممارسات حوكمة الشركات والحوكمة البيئية والإجتماعية. يشار إلى أن بنك الإسكان قد حافظ منذ تأسيسه على مكانته المتميّزة في تحقيق الاستدامة عبر مواصلة تطبيق نهج استراتيجي في سياساته وممارساته العامة التي تدمج إعتبارات الإستدامة ضمن نطاق إفصاحاته وأعماله الرئيسية.
«المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة في القطاع المالي»
الدكتور خلدون الوشاح يقدم درعاً تكريمياً للدكتور محمد فهمي الجعبري في حضور الزميل في إتحاد المصارف العربية أنور صياح
قدم البنك الإسلامي الأردني الرعاية لفعّاليات المنتدى المصرفي بعنوان «المعايير البيئية والإجتماعية والحوكمة في القطاع المالي» الذي أُقيم تحت رعاية مندوب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور خلدون الوشاح نائب المحافظ، وبتنظيم من إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي الأردني وجمعية البنوك في الأردن، وبمشاركة ممثلين للقطاع المصرفي والجهات الرقابية والتنظيمية وخبراء دوليين لمناقشة الإستراتيجيات والتحدّيات وأفضل الممارسات لتنفيذ أطر الحوكمة البيئية والإجتماعية، والذي إنعقد على مدار يومين في العاصمة الأردنية عمّان.
وقال الدكتور محمد فهمي الجعبري، رئيس قطاع الخدمات المساندة في البنك الاسلامي الأردني «تأتي رعاية مصرفنا لهذا المنتدى إنطلاقاً من حرص البنك المتواصل على التواجد ضمن مختلف اللقاءات التي تهدف إلى الإرتقاء بأداء القطاع المصرفي والمعايير الناظمة لأُطر العمل ومواكبة التطورات ومواجهة التحديات والمخاطر».
وأكد الدكتورالجعبري «أهمية تعزيز التعاون المشترك والمستدام ما بين البنك الإسلامي الأردني والبنك المركزي الأردني وإتحاد المصارف العربية، وتحقيق المنتدى لأهدافه وجلساته الحوارية التي تضمّنت مواضيع هامة تتعلق بكيفية التنفيذ الفعّال للأطر البيئية والاجتماعية وتقييم المخاطر المناخية وكيفية إدماجها في قرارات الإستثمار والتمويل، إضافة إلى الحوكمة في الخدمات المالية والممارسات الاخلاقية ».
وخلال الجلسة الإفتتاحية للمنتدى، سلّم الدكتور الوشاح نائب محافظ البنك المركزي درعاً تكريمياً للدكتور الجعبري تقديراً لرعاية البنك للمنتدى وللدعم والرعاية المستمرة لنشاطات ومنتديات إتحاد المصارف العربية .
كما أقام البنك جناحاً خاصاً في المعرض للتعريف بخدمات ومنتجات البنك المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
لإستضافة القمة العربية الثالثة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
في خطوة جديدة لتعزيز ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطر والمنطقة العربية، وقّع بنك قطر للتنمية مذكرة تفاهم مع لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، للإعلان عن إستضافة «القمة العربية الثالثة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة»بالشراكة مع مؤتمر «روّاد» قطر 2024 في حدث مشترك تحت شعار «آفاق العصر الرقمي» من 17 إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات (DECC).
وتُشكّل القمة العربية لريادة الأعمال مساحة تفاعلية مهمة لروّاد ورائدات الأعمال في المنطقة العربيّة، حيث إستضافت في نسختيها السابقتين أكثر من 2000 مشارك ومشاركة من البلدان العربية والمنظمات الإقليمية والدولية، والجهات المتخصّصة في ريادة الأعمال والتنمية المستدامة، إلى جانب روّاد ورائدات الأعمال، ومستثمرين، وجهات إعلامية. وتتيح القمّة لمشاركيها الاطلاع على أهم نماذج الأعمال الموجودة في الأسواق العربية والتعرّف على قصص نجاح ملهمة، وإستكشاف أفق العمل المشترك، مع التركيز على توفير الفرص الاستثمارية وتعزيز سبل التواصل بين صانعي السياسات والخبراء عربياً وإقليمياً.
وقال عبد الرحمن هشام السويدي، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية: «تعكس هذه الشراكة الجديدة مع الإسكوا إلتزامنا في بنك قطر للتنمية بالعمل الريادي المشترك، والتعاون بما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني، ويدعم تطور ريادة الأعمال في قطر».
وأضاف السويدي: «نفخر باستضافة الدوحة لفعّاليات القمّة العربية الثالثة لريادة الأعمال بعد إستضافة عمّان ومراكش للنسختين السابقتين، ويُسعدنا أن تكون هذه الإستضافة في إطار تنظيمنا للنسخة العاشرة من مؤتمر «روّاد» قطر 2024، ما يجعل نسخة هذا العام الأكبر من نوعها حتى اليوم، ونؤمن بأهمية وجود مثل هذه الفعاليات لدعم الإقتصادات العربية والنهوض بروّادها وفاعليها، وإننا في بنك قطر للتنمية على استعداد دائم لتقديم أفضل المبادرات الهادفة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتنمية دورها في ازدهار الاقتصاد الوطني واستدامة مصادره».
ويُتوقع أن يشارك في هذه النسخة من القمة العربية أكثر من 1300 مشارك ومشاركة من مختلف البلدان والقطاعات، لتكون مصدراً للإلهام والتحفيز على المستوى الإقليمي. وسيتضمن جدول أعمال القمة فعّاليات مختلفة مخصّصة لصنّاع القرار والسياسات، لمناقشة تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحسين بيئة ريادة الأعمال في المنطقة العربية لدعم التنمية المستدامة. وستركّز النقاشات على الفرص والتحديات التي يطرحها العصر الرقمي، بما في ذلك التحول الرقمي للأعمال، والإبتكار التكنولوجي، والتعاون الإقليمي لتعزيز الإقتصاد الرقمي.
وقالت رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا: «نحن سعداء بهذه الشراكة مع بنك قطر للتنمية، والذي يُعتبر من الجهات الرائدة عربياً في دعم رائدات وروّاد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، ونثق بأنّ هذه الشراكة ستفتح آفاقاً جديدة لدعم ريادة الأعمال في المنطقة. ونتطلع إلى العمل معاً لتعزيز الابتكار وخلق فرص العمل وتحفيز النمو الإقتصادي الشامل».
وأضافت دشتي: «تتميّز القمة العربيّة لريادة الأعمال بحضور نخبة من المبتكرين ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وصانعي السياسات والقادة في مختلف قطاعات الأعمال من مختلف الدول العربية، وإنّ دمج القمّة مع مؤتمر روّاد قطر يعتبر فرصة إستثنائيّة لتنظيم نسخة غير مسبوقة على مستوى التنظيم وعدد المشاركين والشركاء والمستثمرين في قطاع ريادة الأعمال عربيّاً».
ويهدف هذا التعاون إلى توفير الدعم اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير الوصول إلى التمويل والمعرفة وبناء القدرات، مع التركيز على الإبتكار والإستدامة.
في خطوة تاريخية نحو التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة العربية، أطلقت لجنة الأمم المتحدة الإقتصاديّة والإجتماعيّة لغربي آسيا (الإسكوا)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية – المكتب الإقليمي للدول العربية، أكاديمية قادة المدن العربية التي تسعى إلى تزويد قادة المدن بالمعرفة والأدوات المبتكرة لمعالجة التحديات الحضرية بشكل فعّال والإستفادة من الفرص التي تقدمّها مدنهم.
وتُعقَد النسخة الأولى من البرنامج بالشراكة مع منظمة المدن المتحدة والإدارات المحلية – فرع الشرق الأوسط وغرب آسيا بمشاركة 13 محافظاً ورؤساء بلديات وقادة مدن من مختلف أنحاء المنطقة العربية، بما في ذلك الأردن وتونس والعراق ودولة فلسطين ولبنان ومصر والمغرب. أما البرنامج التدريبي، الذي يُنظم بجزئه الأول بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحدّ من مخاطر الكوارث، فقد أُعِدَّ بالتعاون مع قادة المدن المشاركين لتلبية احتياجاتهم وفق الأولوية.
في كلمة إفتتاحية، قالت الممثلة الإقليمية للمكتب الإقليمي للمنطقة العربية لبرنامج المستوطنات البشرية رانيا هدية:
«إنّ المدن العربية تتأثر بالتمدن السريع، وتأثيرات تغيُّر المناخ، إضافة إلى الكوارث الطبيعية والصدمات الإقتصادية والنزاعات»، مؤكدة «أنّ السلطات المحلية تجد نفسها أكثر فأكثر في الخط الأمامي بمواجهة هذه التحديات وتلعب دوراً محورياً في التصدّي لها. من هنا، ضرورة تزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لمعالجة هذه المشاكل». ومن الأولويات التي إختار قادة المدن الإقليميون التطرُّق إليها، الأطر الدولية بما فيها الخطة الحضرية الجديدة، خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى بناء مرونة المدن في مواجهة الكوارث، والشراكات، والقدرة على التعافي إقتصادياً، والنقل، والإدارة القائمة على النتائج.
من جهتها، قالت المسؤولة عن ملف التنمية الحضرية المستدامة في الإسكوا سكينة النصراوي إنّ «المشهد التنموي يتغيّر بسرعة مع التوجهات العالمية نحو اللامركزية والتقدُّم التكنولوجي المتسارع».
وأضافت النصراوي: «لم تعد مسألة التخطيط من أجل التنمية المستدامة حكراً على السلطات الوطنية بل أصبح للسلطات والمجتمعات المحلية دور في تفعيل العجلة التنموية وصل إلى مستويات غير مسبوقة في ظل هذه الأوقات المفصلية».
وبحث المشاركون في الأطر العالمية وتبادلوا حيال الممارسات الفضلى لتقوية حسّ القيادة والصمود في مدنهم فيشكّلون شبكة «قادة من أجل الإستدامة» التي تقود الجهود لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة.
وعلى الأثر، جرى تنظيم برنامج تدريبيّ تنفيذيّ على مدى يومين، على أن يستمرّ طوال الأشهر الأربعة المقبلة عبر إجتماعات إفتراضية ودورات تدريبية عبر الإنترنت وقراءات أساسيّة، وتختتم بفعاّلية على هامش النسخة الـ 12 للمنتدى الحضري العالمي الذي سينعقد في العاصمة المصرية القاهرة ما بين 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 و8 منه.
رغم أن شبح خفض أسعار الفائدة قد يطارد الإقتصاد العالمي، فإن بنوك دول الخليج لا تزال تتمتع ببعض أفضل الظروف، التي شهدتها منذ سنوات، وفق تقرير نشرته مجلة ميد.
وأشار التقرير إلى أن بنوك المنطقة تستفيد أيضاً من القرارات المتخذة في أماكن أخرى، إذ يؤدي تأخير بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة المتوقعة إلى زيادة ربحيتها هذا العام (2024)، حيث تظل هوامش الفائدة الصافية أكبر من المتوقع.
وتابع التقرير: «هناك ما هو أكثر من الظروف الخارجية المواتية، فقد برزت دول التعاون كواحدة من أكثر البقع إشراقاً في النظام المصرفي العالمي، لأسباب تتجاوز بيئة أسعار الفائدة المواتية».
ونقل التقرير عن رئيس تصنيفات البنوك في الشرق الأوسط لدى فيتش للتصنيف الإئتماني، ريدموند رامسديل، قوله: «هناك إنفاق حكومي قوي في دول الخليج، والإقتصاد غير النفطي قوي أيضاً، وهذا يُترجم ثقة قوية للمستثمرين والمستهلكين وظروف عمل مواتية، ولا سيما أن نمو الإقراض في معظم دول المنطقة معقول جداً عند حوالي 5 % و6 %»، وفق ما ذكرت «ميد».
من جانبه، قال كبير المحللين الماليين في موديز للتصنيف الإئتماني، باديس شبيلات: «بينما كانت معظم دول العالم تكافح التضخم المرتفع والمخاوف من الركود خلال السنوات الثلاث الماضية، برزت منطقة الخليج، على النقيض من ذلك، كدول شديدة المرونة في ما يتعلق بأسعار الطاقة والتضخم وأسعار الفائدة».
مرونة قوية
وأوضح التقرير أن البنوك الخليجية تواصل إظهار مرونة قوية بفضل اقتصاداتها الداعمة – ولا سيما في السعودية والإمارات – والتضخُّم المنخفض نسبياً.
ويقول كبير المحللين الماليين في وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف العالمية، غلوبل للتصنيف الإئتماني، محمد داماك: «تستفيد معظم البنوك من أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، ونتوقع الآن أن يبدأ «الإحتياطي الفدرالي» في الخفض فقط في ديسمبر/ كانون الأول 2024، مما يعني أن الربحية ستستمر هذا العام، وسيكون التأثير السلبي لأسعار الفائدة المنخفضة على الربحية قصة العام 2025».
وتابع داماك: «إن إصدار الدولار عند مستوى قياسي في المنطقة، يعكس ظروف التسعير الجيدة ونمو الإقراض وإحتياجات إعادة التمويل القوية».
رياح معاكسة
ولفت تقرير «ميد» إلى «أن بنوك دول الخليج لا تزال تشعر ببعض الرياح المعاكسة، وخصوصاً عندما تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة أخيراً خلال النصف الثاني من العام 2024.
ويتوقع داماك من «ستاندرد آند بورز» ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة، بإجمالي 75 نقطة أساس في النصف الثاني من العام، تليها تخفيضات أخرى بمقدار 125 نقطة أساس في العام 2025.
وأوضح التقرير أنه نظراً إلى أن البنوك المركزية في دول الخليج قد واكبت تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، والذي كان له تأثير على تعزيز أرباح البنوك، فإن هذا يعني أن الأرباح سوف يتم تقليصها، إذ تشير «ستاندرد آند بورز»، إلى أن كل انخفاض بمقدار 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة، يخفض في المتوسط نحو 9 % من صافي أرباح البنوك الخليجية.
ومع ذلك، يرى التقرير أن هناك عوامل عدّة قد تخفّف من التأثير الإجمالي، حيث من المرجَّح أيضاً أن تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تقليص حجم الخسائر غير المحققة، التي تراكمت على البنوك الخليجية على مدى العامين الماضيين.
إرتفاع صافي الدخل في القطاع المصرفي الكويتي
وذكر التقرير أن القطاع المصرفي في الكويت شهد إرتفاع صافي الدخل إلى 1.34 مليار دولار في الربع الأول من العام 2024، مقارنة بـ1.26 مليار دولار في الربع الأول من العام 2023، بعد أن عزّزت البنوك جهودها لجمع ودائع القطاع الخاص المحلي، بهدف إنشاء تمويل أقل تكلفة تحسباً لزيادة النشاط الإقتصادي.
ولفت التقرير إلى أنه رغم نمو القروض في السعودية والإمارات يظل قوياً بفضل الإطار الإقتصادي الداعم، فإن هذا ليس هي الحال بالنسبة إلى جميع دول الخليج.
ومع ذلك، يتسارع نمو الإئتمان في قطر، حيث تتوقع فيتش سوليوشنز أن يتسارع من أدنى مستوى تاريخي بلغ 2.8 % في بداية العام 2023 إلى 4 % في حلول نهاية العام 2024، بسبب الطلب الأقوى عبر العديد من القطاعات وتباطؤ وتيرة سداد القروض. ويُتوقع أن يزيد نمو القروض إلى 5%على أساس سنوي في حلول نهاية العام 2025، بسبب إنخفاض تكلفة الاقتراض. علماً أن النمو الإئتماني الأقوى في قطر سيدفع نمو الأصول إلى الإرتفاع في عامي 2024 و2025.
وفي البحرين، تتوقع «ستاندرد آند بورز» نمو الإئتمان في القطاع الخاص بنسبة 4 % في الفترة 2024 ــ 2026، مدعوماً في المقام الأول ببرامج الإسكان الحكومية.
وفي عُمان، من ناحية أخرى، ستكافح البنوك لمواكبة التحسن الكبير في الأرباح، الذي شهدناه في العام 2023، عندما أعلنت المؤسسات المدرجة عن زيادة إجمالية بنسبة 18.6 % على أساس سنوي في صافي الأرباح إلى 1.17 مليار دولار. وتتوقع «فيتش» تحسن مقاييس جودة الأصول بشكل طفيف هذا العام (2024) بسبب الظروف التشغيلية المواتية، في حين ستعمل عمليات الشطب على خفض نسبة القروض المتعثرة في القطاع.
تفاؤلمشروع
وكشفت «ميد» أنه وبشكل عام، يُمكن للمقرضين في منطقة الخليج أن يكونوا متفائلين بموقفهم الحالي حتى لو لم تتكرر الظروف الحميدة لعامي 2022 و2023، في عالم يركز فيه بنك الإحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة.
تمويلات مواتية
وشدَّد التقرير على أن البنوك الخليجية تتمتع عادة بتمويلات مواتية للغاية ومنخفضة التكلفة، وقد يستمر هذا في الأنظمة المصرفية الكبيرة، مثل تلك الموجودة في السعودية والإمارات، والتي تشكل ثلثي أصول النظام المصرفي في المنطقة. كما تشير الظروف التشغيلية المواتية في الخليج إلى أن تكاليف الإئتمان ستظل منخفضة، مما يدعم الربحية القوية، ومع ذلك تظهر نتائج الربع الأول من العام 2024 إنخفاضاً في الإيرادات للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
«أونكتاد»: إتجاهات التجارة العالمية تحوّلت إلى إيجابية
في الربع الأول من العام 2024
أكّدت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة «أونكتاد» أن إتجاهات التجارة العالمية تحوّلت إلى إيجابية في الربع الأول من العام 2024 مع زيادة قيمة التجارة في السلع بنحو 1 % على أساس ربع سنوي والخدمات بنحو 1.5 %.
وتوقعت المنظمة الدولية في تقرير صدر في جنيف أن تضيف هذه الطفرة، التي تغذيها ديناميكيات التجارة الإيجابية للولايات المتحدة والدول النامية، ولا سيما الإقتصادات الآسيوية النامية الكبيرة، نحو 250 مليار دولار إلى تجارة السلع، و100 مليار دولار إلى تجارة الخدمات في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالنصف الثاني من العام 2023.
وأشارت «أونكتاد» إلى أن التوقعات العالمية لنمو الإنتاج المحلي الإجمالي لا تزال عند نحو 3 % لعام 2024 مع تفاؤل حذر حيال التجارة على المدى القصير.
وأضافت «أونكتاد»: أنه «إذا استمرت الإتجاهات الإيجابية، فقد تصل التجارة العالمية في العام 2024 إلى نحو 32 تريليون دولار»، لكنها أفادت أنه من «غير المرجّح أن تتجاوز مستواها القياسي المسجل في العام 2022».
وأكد التقرير «أن الصين والهند والولايات المتحدة تقود التجارة العالمية»، موضحاً «أن نمو التجارة العالمية في الربع الأول من العام 2024 كان مدفوعاً بشكل أساسي بزيادة الصادرات من الصين
«9 %»، والهند «7 %»، والولايات المتحدة «3 %»، وأفاد أنه على العكس من ذلك «فلم تظهر صادرات أوروبا أي نمو، وإنخفضت صادرات أفريقيا بنسبة 5 %».
من ناحية أخرى وفي الوقت الذي أكد التقرير أن التجارة بين الجنوب والجنوب هي التي تحدد الوتيرة، أشار إلى «أن التجارة في البلدان النامية قد زادت، بينما بين بلدان الجنوب بنحو 2 % في كل من الواردات والصادرات خلال الربع الأول من العام 2024، وبالمقارنة شهدت الدول المتقدمة إستقراراً في الواردات وإرتفاعاً متواضعاً بنسبة 1% في الصادرات»، لافتاً إلى أنه «على أساس سنوي، فقد إنخفضت التجارة بين بلدان الجنوب بنسبة 5 % عند مقارنة الربع الأول من العام 2023 بالربع الأول من العام 2024».
وذكر التقرير «أن قطاعات الطاقة الخضراء والذكاء الإصطناعي تشهد طفرة قوية»، مشيراً إلى «أن نمو التجارة تباين بشكل كبير عبر القطاعات، حيث شهدت المنتجات المرتبطة بالطاقة الخضراء والذكاء الإصطناعي زيادات أقوى»، مشيراً إلى «أن القيمة التجارية للخوادم عالية الأداء ارتفعت بنسبة 25 % مقارنة بالربع الأول من العام 2023، بينما شهدت أجهزة الكومبيوتر ووحدات التخزين الأخرى زيادة بنسبة 8 %، كما نمت القيمة التجارية للسيارات الكهربائية بشكل ملحوظ، حيث زادت بنحو 25 % أو أكثر».
تباطؤ نمو الأجور، وإنخفاض القوة التسعيرية من قبل الشركات
«وول ستريت جورنال»: مسؤولون في «الإحتياطي الفيدرالي»
يحذّرون من تعثُّر سوق العمل في الولايات المتحدة
نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن محضر آخر إجتماع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي»، أن بعض مسؤولي البنك المركزي دعوا في إجتماعهم للإنتباه بعناية لأي مؤشرات تشير إلى أن سوق العمل قد يضعف بصورة أكبر من المتوقع.
وجاء في محضر إجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، أن عدداً من المشاركين أشاروا إلى أن السياسة النقدية يجب أن تكون جاهزة للرد على الضعف الإقتصادي غير المتوقع.
وأطلقت ماري دالي رئيسة بنك الإحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو تحذيراً في وقت سابق بأن «سوق العمل في الولايات المتحدة يقترب من نقطة التحوُّل، بحيث أن العمل على المزيد من إبطائه سينتج عنه إرتفاع معدّلات البطالة لتكون هذه مشكلة جديدة إلى جانب التضخُّم».
كما نقلت الصحيفة الأميركية عن محضر الإجتماع، أن المجتمعين أشاروا إلى العديد من التطوُّرات الإقتصادية في الولايات المتحدة، بما في ذلك تباطؤ نمو الأجور، وإنخفاض القوة التسعيرية من قبل الشركات، وزيادة حساسية المستهلك لزيادات الأسعار، وأضاف المحضر أن هذه التطورات إعتبروها بأنها تدعم توقعاتهم بأن التضخُّم سيستمر في الإنخفاض خلال العام 2025.
وذكر المحضر أن بعض المسؤولين عبّروا عن إعتقادهم أن زيادة معدّلات الهجرة لبلادهم تسمح للإقتصاد بإضافة المزيد من الوظائف، مع الحفاظ على معدّل البطالة ثابتاً، مما يُخفّف الإختلالات في سوق العمل الذي بدا محموماً للغاية قبل عامين.
وفي ما يتعلق بالهجرة وسوق العمل، أشار مختصون إلى أن الإقتصاد بشكل عام إنتهى به الأمر إلى الإنتعاش بقوّة بعد عمليات الإغلاق المفاجئة والواسعة النطاق لعام 2020، مدعومة بالتحفيز الحكومي التاريخي واللقاحات التي ظهرت للمرة الأولى بشكل أسرع من المتوقع.
وأضافوا «أن نقص العمالة حينها أسهم في إرتفاع التضخُّم، مما ترتب عليه من تدافع أصحاب العمل للعثور على عمال ودفع أجور مرتفعة لهم، ليتحمّلها المستهلك بعد ذلك على شكل أسعار مرتفعة للسلع».
وأظهر المحضر، أن المسؤولين عبّروا عن إرتياحهم لسياسة الإنتظار والترقب قبل الإقدام على تغيير أسعار الفائدة، حيث شدّد مسؤولو الإحتياطي الفيدرالي على أنهم ينتظرون أدلّة إضافية على أن التضخُّم يتراجع، مع وجود انقسام حول المدة التي سيستغرقها إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة حتى تظهر معلومات إضافية لمنحهم ثقة أكبر في أن التضخُّم يسير نحو هدفهم البالغ 2 %.
وكان قد رفع «الإحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ 40 عاماً في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخُّم الذي إرتفع أيضاً إلى أعلى مستوى له منذ أربعة عقود. وقد حافظوا على سعر الفائدة القياسي في نطاق يُراوح بين 5.25 % و5.5 % منذ يوليو/ تموز 2023.
وقلّص مسؤولو الإحتياطي الفيدرالي في إجتماعهم عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي يتوقعونها هذا العام إلى خفض واحد فقط، مشيرين في الوقت نفسه إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بالتوقعات الإقتصادية والمدة التي سيكون من المناسب فيها الحفاظ على سياسة التشديد النقدي، ففي حين أكد البعض على الحاجة إلى الصبر، أشار آخرون إلى أن المزيد من إضعاف الطلب قد يؤدي إلى زيادة أكبر في البطالة.
وبعد أن بيّنت سلسلة من البيانات في أوائل العام 2024 إلى توقف تقدم التضخُّم، بدأت الصورة في التحسُّن، وسجّل المقياس المفضّل لدى «الإحتياطي الفيدرالي» للتضخُّم الأساسي، والذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة، أقل تقدماً له خلال ستة أشهر في مايو/ أيار 2024.
وقال جيروم باول رئيس البنك المركزي الأميركي: «إن البيانات الأخيرة أوضحت، أن التضخُّم يعود إلى المسار الهبوطي»، لكنه أكد «أن صنّاع السياسات بحاجة إلى مزيد من الأدلّة قبل أن يبدأوا في خفض أسعار الفائدة».
وذكرت «وول ستريت جورنال» أن مسؤولي «الإحتياطي الفيدرالي»، أظهروا بما في ذلك رئيسه جيروم باول، رضاهم على نطاق واسع عن كيفية إستئناف التضخُّم للإتجاه الهبوطي بعد قراءات مرتفعة عدة للتضخُّم في بداية العام الجاري، مما يشير إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام الخفض في سبتمبر/ أيلول 2024.
وجاء مقياس التضخُّم المفضّل لدى «الإحتياطي الفيدرالي» وفق التنبوءات حيال التضخُّم في مايو/ أيار 2024، مما أنعش التوقعات بأن أسعار الفائدة قد تنخفض بشكل أسرع مما توقعه صنّاع السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
وأظهرت أحدث بيانات وزارة التجارة الأميركية، تباطؤاً في مؤشّر التضخُّم المفضل لدى البنك المركزي خلال مايو/ أيار 2024، حيث إن مؤشر أسعار نفقات الإستهلاك الشخصي الأساسي السنوي، والذي يستثني مكوّنات الغذاء والطاقة المتقلبة، قد تباطأ إلى 2.6 % في ذلك الشهر، بما يتوافق مع التوقعات.
كما تباطأ مؤشّر أسعار نفقات الإستهلاك الشخصي الأساسي الشهري في مايو/ أيار إلى 0.1 %، بما يتماشى مع التوقعات أيضاً. وعدّلت بيانات وزارة التجارة النسبة المسجّلة لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي الشهري في أبريل/ نيسان 2024 بالرفع إلى 0.3 %.
يهدف إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية
لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع
«الممرُّ الإقتصادي».. كيف سيُغيّر شكل التجارة العالمية؟
يُتيح مشروع الممرّ الإقتصادي، الذي أعلنه قادة عالميون، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، (خريف 2023)، والهادف إلى الربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، عدداً من الفرص الواعدة للدول المشاركة، عبر خلق طريق تجارية موثوقة وأكثر فعّالية من حيث التكلفة، وبما يُعزّز مرونة سلاسل التوريد، مما ينعكس بدوره على عديد من دول العالم، في خلاف الدول التي يشملها الممر.
الإتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه «سوف يُغيّر قواعد اللعبة»، يضمُّ دولاً عدة، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين وكابلات نقل البيانات.
وقد تم التوقيع على الإتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والإتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ويُعدّ الممرّ المرتقب دفعة جديدة على طريق التنمية العالمية.
يهدف المشروع إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وربط الموانئ البحرية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع.
كما يهدف الممر الجديد إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجدّدة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة.
المشروع يهدف أيضاً، إلى تنمية الإقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، فإن المشروع يتألف من ممرّين منفصلين هما «الممر الشرقي» الذي يربط الهند مع الخليج العربي و«الممر الشمالي» الذي يربط الخليج بأوروبا، مضيفة أن الممرّات تشمل سكة حديد ستُشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات.
فيما ذكرت تقارير صحافية غربية، أن المشروع الجديد، المدعوم من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي وصفه بـ «الإتفاق التاريخي»، يمثل بالنسبة إلى واشنطن، مواجهة لنفوذ بيجينغ المتصاعد في المنطقة، في ضوء المساعي الغربية في تقليل الإعتماد على الإمدادات من بيجينغ. ومن شأن الممرّ الإقتصادي بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط IMEC أن يُعزّز المنافسة، ويُتيح فرصاً وطرقاً أوسع، وبما يُعزّز من ديناميكية الإقتصاد العالمي.
أهمية الممرّ الإقتصادي
من الولايات المتحدة، يقول الأستاذ في جامعتي كاليفورنيا وبافالو، نالان سواريش، لموقع «إقتصاد سكاي نيوز عربية»:
إن الممرّ الإقتصادي الجديد بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، (IMEC) سيربط بين دول الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا. وسيكون له مساران: الممر الشرقي (الهند – الخليج العربي) والممر الشمالي (الخليج العربي – أوروبا).
ستكون هنالك شبكة عبور وطرق الشحن منوعة ما بين السفن والسكك الحديدية، علاوة على شبكات الطرق الموجودة بالفعل. ولكن سيكون هناك توسُّع كبير في القدرات، ويتم التخطيط لتطبيقات التكنولوجيا الرقمية الحديثة في جميع القطاعات الحالية.
التطلُّع إلى أن تُوفر IMEC طريقاً تجارية موثوقة وأكثر فعّالية من حيث التكلفة، وتزود العالم بطريق تجاري منافس آخر وممر إقتصادي يُضيف إلى شبكة مبادرة الحزام والطريق (BRI) التي تصوّرها الصينيون.
من المفترض أن تساعد إضافة طريق التجارة IMEC في سلاسل التوريد الأكثر مرونة، والتي سوف تفيد عديداً من الدول على مستوى العالم (بما في ذلك تلك التي هي خارج الهند وأوروبا).
وسيعوّض ذلك الإعتماد المفرط على مصادر الإمداد الصينية وطرق التجارة التي تسيطر عليها الصين، وفي وقت سابق من هذا العام.
ويلفت الأستاذ الجامعي المتخصّص في إدارة العمليات والإستراتيجيات، إلى مساعي أوروبا إلى تقليل الإعتماد على الإمدادات الصينية، قائلاً: «لقد تحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن إزالة المخاطر التي تُواجه أوروبا من الإعتماد المفرط على مصادر الإمداد الصينية وطرق التجارة، والآن تعيد إيطاليا النظر في أفكارها حيال مبادرة الحزام والطريق، بعدما شهدت علاقة تجارية غير متكافئة مع الصين. وبالمثل، بالنسبة إلى العديد من البلدان الأخرى».
وتبعاً لذلك، فإن «هذا الممر الإقتصادي الجديد والطريق التجارية، سيُوفر مزيداً من المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بها».
وسيقوم الممر أيضاً بإدخال المنافسة مع مبادرة الحزام والطريق في القطاعات المتأثرة، لكن في هذه المرحلة، وفق سواريش: «إن الصينيين يتمتّعون بميزة كبيرة في قدرات البنية التحتية، ولا تزال لديهم ميزة إمتلاك عديد من مصادر توريد التصنيع، والوصول إلى المواد الخام والمعادن النادرة وغيرها». لذا، على المدى القصير (حتى 4 أو 5 سنوات) ليس لديهم الكثير مما يدعو إلى القلق من IMEC وبدلاً من ذلك، فإنهم يُواجهون مشاكل ملحة أخرى راهناً في ما يتعلق بإقتصادهم.
مبادرة واعدة تحظى بدعم أميركي
ويضيف سواريش: «يبدو أن مبادرة IMEC واعدة للغاية؛ لأنها تحظى بمباركة وإلتزامات الولايات المتحدة، وهي (واشنطن) حريصة على تقليل الإعتماد على الصين».
الإمارات تدعو إلى إعتماد نظام تجارة عالمي منفتح وشامل
لا شك في أن IMEC يتوافق بشكل جيد مع أهداف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي هذا السياق، يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: إنه «يطمح إلى تحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة، وبالتالي فإن IMEC سوف تتمتع بدعم قوي من السعودية والإمارات، بما لهما من ثقل في منطقة الشرق الأوسط».
على نحو مماثل، تطمح الهند إلى التحوُّل إلى قوة تصنيعية كبرى، وتأمل الهند، في الحصول على حصّة من الإنتاج العالمي من السلع، فيما سيتعيّن عليها رفع مستوى قدراتها البحرية من أجل هذا الممر، وهي لديها الآن موانئ ذات مستوى عالمي، مثل موانئ موندرا وJNPT على ساحلها الغربي، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من البنية التحتية للشحن في هذا القطاع.
وكان رئيس وزراء الهند المضيفة لقمّة العشرين التي إنعقدت في مطلع خريف 2023، ناريندرا مودي، قد علق على المشروع قائلاً: «بينما نشرع في مبادرة الربط الكبيرة هذه، فإننا نضع بذوراً تجعل أحلام الأجيال المقبلة أكبر».
ويشير الأكاديمي المتخصّص في الإستراتيجيات والتخطيط، إلى «أن العلاقة الشخصية بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ومسؤولي الإتحاد الأوروبي مثل أورسولا فون دير لاين، قد أصبحت قوية جداً الآن، كما كانت في السابق. يعكس ذلك، الإجتماع الأخير لمجموعة العشرين في نيودلهي»، مبدياً إعتقاده بأن مشروع IMEC سيؤدي أيضاً إلى نشاط شحن تجاري أكثر حيوية في بحر العرب في السنوات المقبلة، كما ستستفيد الدول الأفريقية أيضاً من هذه المبادرة. لذلك، بشكل عام، ليس لدى مبادرة الحزام والطريق الصينية الكثير مما يدعو إلى القلق على المدى القريب، ولكن إذا إنطلقت IMEC، فإنها ستُحقق بالتأكيد تأثيراً كبيراً على التصنيع في الصين، والوصول إلى المواد الخام وطرق التجارة الخاصة بمبادرة الحزام والطريق.
منافسة الصين
لا شك في أن هذا الممر سيُعزّز المنافسة في الإقتصاد العالمي بين ممرّات ومحاور مختلفة، وبما يخلق مزيداً من الفرص والخيارات على طريق التنمية العالمية.
وفي هذا السياق، ذكر تقرير نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن «المشروع الذي تم الاتفاق عليه على هامش مجموعة العشرين، سيُواجه النفوذ الصيني المتزايد في الدول العربية».
وقد جرت المحادثات حول مثل هذا المشروع، الذي شمل أيضاً كابلاً بحرياً جديداً، وبنية تحتية لنقل الطاقة، خلف الكواليس بين الدول المعنية مؤخراً، لكنها ستستمر الآن على أساس أكثر رسمية. ولم يتم تقديم أي إلتزامات مالية ملزمة، لكن الأطراف إتفقت على التوصل إلى «خطة عمل» تُعرض مستقبلاً.
بايدن: الممر سيُوفر فرصاً لا نهاية لها
قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الممر سيُوفر «فرصاً لا نهاية لها» للدول المعنية، «مما يجعل التجارة وتصدير الطاقة النظيفة أسهل بكثير، ومدّ الكابلات التي تربط المجتمعات»، مشيراً إلى أن ذلك «سيُسهم في جعل الشرق الأوسط أكثر إستقراراً وإزدهاراً».
وقال البيت الأبيض في وثيقة نشرتها إدارة بايدن حيال إعلان «الممر» الكبير بين الهند وأوروبا: «نريد إطلاق حقبة جديدة متصلة عبر شبكة سكك حديد، وربط الموانئ في أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا».
كما علّقت رئيسة المفوضية الأوروبية: «هذه خطوة تاريخية، وسيكون هذا الرابط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج العربي وأوروبا، إنه جسر أخضر ورقمي عبر القارات والحضارات، إنه خط السكك الحديدية الذي سيجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40 %».
قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، في وقت سابق، إن تطوير الممر يتماشى مع مساعي إدارة بايدن لـ «خفض درجة الحرارة» و«تهدئة الصراعات» في المنطقة، مع زيادة «الإتصالات».
وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإنه «بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يُمكن أن يكون المشروع بمثابة مواجهة لنفوذ بيجينغ المتزايد في المنطقة، في وقت يعمل فيه شركاء واشنطن، العرب التقليديون، على تعميق العلاقات مع الصين والهند والقوى الآسيوية الأخرى».
يتفق مع ذلك، الخبير الإقتصادي المتخصّص في الشؤون الصينية، جعفر الحسيناوي قائلاً: «إن الولايات المتحدة دأبت على العمل لمحاصرة الصين إقتصادياً من خلال وضع العراقيل أمام مبادرة الحزام والطريق الصينية في شتى الطرق»، مشيراً إلى «أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، كانت قد طرحت من ذي قبل مبادرة طريق منافس لمبادرة الحزام والطريق». وقد خصّص الإتحاد الأوروبي إنفاق ما يصل إلى 300 مليار يورو على إستثمارات البنية التحتية في الخارج بين عامي 2021 و2027 من خلال مشروع البوابة العالمية، الذي تم إطلاقه جزئياً لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية والدفاع عن المصالح الأوروبية.
علماً أن كلاً من من المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات العربية المتحدة، المركز المالي المهيمن في الشرق الأوسط، تسعيان إلى إبراز نفسيهما كمراكز لوجستية وتجارية رئيسية بين الشرق والغرب.
كيف ينظر صندوق النقد الدولي لـ «الممر الإقتصادي»؟
من جانبها، ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أنه «لا ينبغي للممر الإقتصادي أن يكون إقصائياً، بل ينبغي أن ينخرط في روح الإقتصاد العالمي المتكامل».
ونقلت شبكة CNBC عن غورغييفا، قولها: «إذا أردنا أن تكون التجارة محرّكاً للنمو، فعلينا أن نخلق ممرات وفرصاً. ومن المهم أن نفعل ذلك لصالح الجميع، وليس لإقصاء الآخرين. وبهذا المعنى، أُشجع جميع البلدان التي تعمل بشكل تعاوني مع بعضها البعض على القيام بذلك بروح الإقتصاد المتكامل».
وبحسب التقرير، فإن هذه الصفقة (خطة تطوير شبكة من السكك الحديدية والطرق البحرية التي ستربط الهند والإتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط) لا تؤكد على الشراكة المزدهرة بين الهند والولايات المتحدة فحسب، بل تؤكد أيضاً على إلحاحهما وتصميمهما على إقناع العالم بأنهما يُمثلان إقتراحاً إستراتيجياً أكثر قابلية للتطبيق في تسهيل الإحتياجات التنموية للجنوب العالمي.
ومن شأن هذا الممر الإقتصادي المدعوم من بايدن، أن يُضيف إلى الإستثمار الحالي في البنية التحتية للمناطق المعنية، وستجتمع البلدان المعنية لاحقاً لوضع خطة عمل ذات جداول زمنية ذات صلة والإلتزام بها، وهي جميعها غير متوافرة في هذه المرحلة.
في المحصّلة، لا يُمكن الحديث عن أي مشروعاتِ طرقٍ برية أو ممرّاتٍ بحرية للربط التجاري بين دولِ وقاراتِ العالم، بمنأى عن تأثيرها على قناة السويس المصرية التي تستحوذ على 12 % من حركة التجارة العالمية، وخصوصاً أن معظم المشاريع يُقاس بحسب مدى جدواها الإقتصادية وبقدرتها على منافسة القناة زمنياً ومادياً.
ويُعتبر أحدث المشاريع الضخمة المطروحة، مشروع الممر الإقتصادي، الذي تم الإعلان عنه مؤخراً في قمة مجموعة العشرين بالهند، والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط. فالمشروع الذي تحمّست له ودعمته واشنطن، بدا أنه منافس لمشروع الحزام والطريق الذي أطلقته الصين قبل 10 سنوات. ويتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين، أحدهما يربط الهند بالخليج العربي والآخر يربط الخليج العربي بأوروبا.
وتنجز هذه المشاريع عادة لتعزيز التجارة العالمية، وفي هذا السياق، قال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، على هامش قمة العشرين: «إن الإتفاق يهدف إلى البحث في مشروع للنقل البحري والسكك الحديد، وسيسمح بتدفق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند، عبر الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا».
بين نهاية العام 2019 ونهاية الربع الأول من العام 2024
يضمُّ القطاع المصرفي الليبي 20 مصرفاً و12 مكتباً تمثيلياً لمصارف عربية، وستة مكاتب تمثيلية لمصارف أجنبية. ويتضمن الجدول رقم 1 قائمة المصارف العاملة في ليبيا.
تطورات البيانات المالية للقطاع المصرفي الليبي
بلغ حجم موجودات القطاع المصرفي الليبي قرابة 36.8 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، محققاً نسبة نمو 10.4% مقارنة بنهاية العام 2023. علماً أن نسبة نمو هذه الموجودات قد بلغت 3.9% خلال العام 2022 و8.0% خلال العام 2023. أما بالنسبة إلى الودائع، فقد بلغت نحو 28.6 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، محققة نسبة زيادة عن نهاية العام 2023 بلغت 8.1%. وكانت هذه الودائع قد زادت بنسبة 5.4% في العام 2022 وبنسبة 24.5% في العام 2023.
وقد بلغ مجموع الإئتمان المقدم من قبل القطاع المصرفي الليبي نحو 6.1 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، بزيادة 1.9 % عن نهاية العام 2023. فيما بلغت نسب نمو الإئتمان 11.3 % في العام 2022، و25.5 % في العام 2023، ووصل مجموع رأسمال القطاع المصرفي الليبي إلى قرابة 1.8 مليار دولار بزيادة 50.8 % عن نهاية العام 2023.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي الليبي يحوز على نسبة سيولة عالية جداً، إذ بلغ حجم الموجودات السائلة نحو 21.8 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024، ما يُشكل نسبة 59 % من إجمالي الموجودات. وتدل هذه الأرقام على أن مساهمة القطاع المصرفي في تمويل النشاط الإقتصادي لا تزال محدودة بسبب ما تحوزه المصارف الليبية من أصول سائلة، وعدم التوسُّع في منح التسهيلات والقروض لمختلف القطاعات الإقتصادية. ورغم معدّلات النمو العالية التي حققها القطاع، فإن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال ضئيلة.
للمزيد الاطلاع على المرفق: https://uabonline.org/wp-content/uploads/2024/09/المصارف-الليبية-تحوز-على-نسبة-سيولة-عالية-جدا.pdf
إستراتيجيات التحوُّل نحو بنوك أكثر إستدامة وكفاءة في إستخدام الطاقة
إن التحوّل الى بنوك أكثر إستدامة وكفاءة في إستخدام الطاقة بات أمراً بالغ الأهمية مع شحّ الموارد، وشدة المنافسة التي تواجهها البنوك. إن مفهوم الخدمات المصرفية المستدامة هو نهج إستراتيجي حيث تأخذ المؤسسات المالية في الإعتبار التأثيرات البيئية والإجتماعية والحوكمة في عملياتها وأنشطتها التجارية.
ونعرض في هذا المقال، ممارسات وإستراتيجيات الخدمات المصرفية المستدامة، والتحدّيات التي تواجه إستدامة البنوك، والتقنيات لتعزيز إستدامة البنوك، والتحدّيات التي تواجه تبني تقنيات الخدمات المصرفية المستدامة. كما ونتناول خصائص البنوك الموفّرة للطاقة، ونماذج كفاءة الطاقة، والتقنيات لتعزيز كفاءة الطاقة في البنوك والتحدّيات التي تواجهها. ونسلّط الضوء على التشريعات الخاصة بكفاءة الطاقة والبنوك المستدامة وتوجيهات الطاقة في الاتحاد الأوروبي، ومعايير كفاءة الطاقة وشهادات كفاءة الطاقة. ونختم بطرح الإستراتيجيات للتحوُّل الى بنوك مستدامة وأكثر كفاءة في إستخدام الطاقة.
ماهية البنوك المستدامة
الخدمات المصرفية المستدامة هي الممارسات المصرفية والإستثمارية التي تسعى إلى تحقيق الربح مع مراعاة الإستدامة البيئية والمسؤولية الإجتماعية وإعتماد الحوكمة الجديرة بالثقة. وتشمل هذه الخدمات برامج الإقراض المسؤولة والشاملة والمنتجات التي تركز على العملاء مع تعزيز الشفافية والإستهلاك الواعي.
لقد تحوّل مفهوم الخدمات المصرفية اليوم، إذ إنه في السابق كان مفهوم الإستدامة يعني القيام بالشيء الأقل ربحية، أما اليوم فقد تغيّر هذا المفهوم. إن آلية الخدمات المصرفية والمالية العالمية معرّضة لخطر من أزمة مناخية إذا لم تع أن تقييد إستراتيجية الإستثمار على الربح فقط سوف يؤدي بالبنوك الى التوجُّه بشكل أعمى نحو كارثة بيئية وخراب إقتصادي.
في العام 2015، أدرك العالم الحاجة الملحّة الى وضع أهداف التنمية المستدامة، التي تضع مساراً للإزدهار والإستدامة، وتهدف إلى تلبية إحتياجات الناس اليوم دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية إحتياجاتها. ويشكل العمل المصرفي المستدام جزءاً لا يتجزأ من تحقيق هذه الأهداف.
إن غياب الإستثمارات المستدامة من جانب المؤسسات المالية الخاصة يضيّع فرص تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هناك العديد من العملاء اليوم الذين يبحثون عن البنوك التي تقدم خدمات تراعي أهداف الإستدامة. كما وأن الشفافية التي تُوفرها الخدمات المصرفية المستدامة تزيد ثقة العملاء في القدرة على تقديم الأفضل للعالم المحيط. وهناك العديد من الطرق التي يُمكن للبنوك من خلالها أن تكون أكثر إستدامة. على سبيل المثال، تستطيع المؤسسات المالية أن تقدم للعملاء حسابات شفافة للكربون حول إنفاقهم وتدعمهم في اختيار البدائل. وكلّما زادت المعلومات التي يُمكن للبنك أن يزوّد بها عملاءه، كلما أصبحت الخدمات التي يقدمها أكثر قوة.
وبدلاً من التركيز فقط على الربح، تُدرك البنوك المستدامة أن التكاليف الإجتماعية والبيئية لا بد من أن تؤخذ في الإعتبار في سياساتها المالية وتصميم منتجاتها. وللبنوك المستدامة دور حاسم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة من خلال تعزيز الممارسات المسؤولة والمساهمة في مستقبل أكثر إستدامة.
وتُدرك البنوك الصديقة للبيئة أن خيارات الإقراض والإستثمار التي تتخذها تؤثر على العالم. وعليه تتخذ البنوك المسؤولة إجراءات لتقليل التمويل للمشاريع التي تضر بالبيئة. إلاّ أنه يجب على البنوك أن تتجنّب التضليل البيئي. قد تزعم بعض البنوك بذل جهود في مجال الإستدامة إلاّ أن هذه الجهود لا تحقق أهداف الإستدامة.
التحدّيات التي تواجه البنوك في مسيرتها نحو الإستدامة
يُواجه العمل المصرفي المستدام العديد من التحدّيات في سعيه إلى دمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة، وتشمل التحديات الرئيسية التالي:
موازنة الربحية والإستدامة: يجب على البنوك إيجاد توازن دقيق بين الربحية المالية والممارسات المستدامة. في حين تساهم مبادرات الإستدامة في المرونة طويلة الأجل، إلاّ أنها قد تؤثر في البداية على الأرباح قصيرة الأجل.
الإمتثال التنظيمي وإعداد التقارير: إن الإمتثال للتنظيمات والتشريعات البيئية والإجتماعية والحوكمة المتطوّرة يستلزم مراقبة مستمرة ومرونة عالية في الأداء، ويجب على البنوك الإبلاغ عن جهودها في مجال الإستدامة بشفافية وذلك يتطلّب الكثير من الموارد.
تقييم المخاطر وإدارتها: إن تقييم المخاطر البيئية والإجتماعية هو أمر معقّد. وتحتاج البنوك إلى أطر قوية لإدارة ومعالجة المخاطر المتعلقة بالمناخ وضمان الإستقرار المالي.
الأنظمة القديمة وتبنّي التكنولوجيا: غالباً ما يتعارض الإنتقال إلى الممارسات المستدامة مع الأنظمة التكنولوجية القديمة. إن دمج التقنيات الجديدة مع الحفاظ على البنية التحتية القائمة للبنوك يشكل تحدّيات كبيرة.
تثقيف العملاء وتوعيتهم: إن تثقيف العملاء حول المنتجات والممارسات المصرفية المستدامة أمر ضروري. قد يفتقر بعض العملاء الى معرفة الخيارات المستدامة وعليه يتوجب نشر الوعي حول المنتجات المصرفية المستدامة.
التنسيق والتعاون العالمي: يتطلب تحقيق أهداف الإستدامة التعاون الدولي. يجب على البنوك العمل معاً على الصعيد العالمي ومشاركة أفضل الممارسات ومواءمة الجهود.
يتطلّب التغلّب على هذه التحديات التخطيط الإستراتيجي والإبتكار والإلتزام بمستقبل أكثر إخضراراً.
تقنيات لتعزيز إستدامة البنوك
الخدمات المصرفية المستدامة هي نهج تحويلي يدمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة في العمليات المصرفية. وتلعب التكنولوجيا دوراً حاسماً في تشكيل ممارسات الخدمات المصرفية المستدامة ومنها:
تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي: تستفيد المؤسسات المالية من تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي لتعزيز فهمها للتأثيرات البيئية ومقاييس الإستدامة. من خلال تسخير قوة البيانات الضخمة، يُمكن للبنوك إتخاذ قرارات مستنيرة تدعم مبادرات التمويل المستدام وتضمن الإمتثال للأطر التنظيمية الصارمة.
الرقمنة وممارسات الخدمات المصرفية الأخلاقية: إن الرقمنة تمكّن البنوك من تقديم منتجات مالية صديقة للبيئة مثل قروض السيارات الخضراء وحسابات التوفير الخضراء والسندات الخضراء والرهن العقاري الأخضر. تُظهِر ممارسات الخدمات المصرفية الأخلاقية قدرة النظام البيئي المالي على التكيُّف، مع التركيز على الشفافية والإقراض المسؤول.
ممارسات الخدمات المصرفية المحايدة للكربون: تُوفر التكنولوجيا أدوات لقياس وتقليل البصمة الكربونية للعمليات المصرفية. يُمكن للبنوك المساهمة في الحفاظ على البيئة من خلال تبنّي ممارسات محايدة للكربون.
نماذج التمويل المستدام: تتضمن الخدمات المصرفية المستدامة إعطاء الأولوية للإستثمارات في الطاقات المتجدّدة والشركات المسؤولة إجتماعياً. من خلال التطلُّع الى تمويل إقتصاد منخفض الكربون، تخفف البنوك من آثار تغيُّر المناخ.
إن الخدمات المصرفية المستدامة التي تعتمد على التكنولوجيا البيئية تعود بالفائدة على المصارف والعملاء، وتتوافق أيضاً مع المعايير الأخلاقية والربحية طويلة الأجل.
التحدّيات التي تواجه تبنّي تقنيات الخدمات المصرفيةالمستدامة
إن تبنّي التقنيات المستدامة والفعّالة ولا سيما في إستخدام الطاقة في الخدمات المصرفية يُواجه العديد من التحدّيات:
التكلفة والإستثمار: يتطلّب إدخال التقنيات الجديدة إستثماراً أولياً كبيراً. يجب على البنوك أن تزن التكاليف مقابل الفوائد طويلة الأجل، بما في ذلك توفير الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
الأنظمة القديمة: لا تزال العديد من البنوك تعتمد على الأنظمة القديمة التي قد لا تكون متوافقة مع تقنيات الطاقة الحديثة. إن دمج الحلول الجديدة مع الحفاظ على البنية الأساسية القائمة للبنوك قد يكون معقّداً ومكلفاً.
إدارة المخاطر: ينطوي التحوُّل إلى الممارسات المستدامة على مخاطر. تحتاج البنوك إلى إستراتيجيات قوية لإدارة المخاطر لمعالجة الإضطرابات المحتملة أثناء تبنّي التكنولوجيا.
أمن البيانات والخصوصية: إن الرقمنة تُعرّض البنوك لتهديدات الأمن السيبراني، وعليه فإن حماية بيانات العملاء وضمان الخصوصية أمر مهم جداً.
إدارة التغيير والتدريب: يحتاج الموظفون إلى التدريب للتكيّف مع التقنيات الجديدة، كما وأن إدارة التغيير ضرورية لضمان إنتقالات سلسة من دون تعطيل العمليات اليومية للمصارف.
الإمتثال التنظيمي: يجب على البنوك الإمتثال للتشريعات الدولية المتعلقة بالبيئة. قد يكون التكيُّف مع التقنيات الجديدة مع تلبية المتطلّبات القانونية أمراً صعباً.
إن البنوك تحتاج إلى تثقيف العملاء حول الممارسات المستدامة، وقد يقاوم بعض العملاء هذه الخطوات أو ينظرون إليها بشكل سلبي. وعليه فإن التغلُّب على هذه التحدّيات يستوجب التخطيط الإستراتيجي والتعاون والإلتزام بالتحوُّل المستدام.
ترشيد إستخدام الطاقة في البنوك
إن إستخدام الطاقة يشكل جزءاً لا يتجزأ من معظم الأنظمة الإقتصادية، وترتبط تقنيات كفاءة الطاقة إرتباطاً وثيقاً بالإبتكارات اللازمة لبناء إقتصادات وطنية تنافسية وديناميكية وخلق فرص عمل مجزية. ونتيجة لهذا، فإن السياسات التي تؤثر على كفاءة الطاقة أو إنتاجيتها تشكل عنصراً أساسياً في أي إستراتيجية لتحقيق الأهداف الإقتصادية والطاقة والبيئة العالمية والوطنية والمحلية. وتبحث المؤسسات الناجحة بإستمرار عن سبل للحدّ من تكاليف الإنتاج، بما في ذلك تكلفة الطاقة.
إن تلوث الهواء في المناطق الحضرية، وتغيُّر المناخ، وغير ذلك من التكاليف البيئية، والتكاليف الخفية للأمن الدولي، ليست مدرجة في الأسعار التي يدفعها المستهلكون والشركات مقابل الطاقة، وهذا فشل كبير في مجتمع اليوم لأن إنتاج وإستخدام الطاقة الأحفورية مسؤولان عن جزء كبير من الإنبعاثات التي تساهم في تلوث الهواء في المناطق الحضرية والإحتباس الحراري العالمي، والتكاليف الإجتماعية الناجمة عن هذه الإنبعاثات.
ولا يمكن تصحيح تسعير الطاقة بأقل من قيمتها الحقيقية إلاّ من خلال السياسات العامة. والحل الأكثر وضوحاً، والذي يدعمه خبراء الإقتصاد على نطاق واسع، يتلخّص ببساطة في رفع سعر الطاقة إلى مستوى يسمح بضم التكاليف البيئية وغيرها إلى السعر وبالتالي إلى القرارات التي تتخذها المؤسسات. والصعوبة السياسية المترتبة على القيام بذلك واضحة، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان أي تغيير سياسي مجدٍ في الأسعار سيكون كافياً لإحداث التغييرات السريعة في إستخدام الطاقة اللازمة لتحقيق الأهداف التي حددتها باريس في ما يتصل بالإنبعاثات المسبّبة للإنحباس الحراري العالمي في المستقبل. والواقع أن القرارات المستمرة الرامية إلى إبقاء الطاقة غير المكلفة أدّت إلى تشوّهات عميقة في الإقتصادات في مختلف أنحاء العالم.
ورغم القيود، فقد حقّقت الإستثمارات في كفاءة إستخدام الطاقة نتائج مذهلة. وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أن تحسينات كفاءة الطاقة التي حدثت بين عامي 2000 و2017 أدّت إلى خفض الطلب على الطاقة في العام 2017 بنسبة 12 %.
نماذج كفاءة الطاقة
هناك ثلاثة نماذج رئيسية لتقييم كفاءة الطاقة وفق كيفية معالجة المعلومات:
نموذج الصندوق الأبيض: يعتمد هذا النموذج على الفيزياء وخصائص النظام.
نموذج الصندوق الأسود: يعتمد هذا النموذج على البيانات التاريخية والتحليل الإحصائي.
نموذج الصندوق الرمادي: يستخدم هذا النموذج مزيجاً من الفيزياء المبسطة والبيانات التاريخية.
التقنيات لتعزيز كفاءة الطاقة في البنوك
إن تعزيز كفاءة الطاقة في القطاع المصرفي أمر بالغ الأهمية لتمكين العمليات المستدامة. تشمل التقنيات والاستراتيجيات الرئيسية التالي:
الرقمنة وإنترنت الأشياء: يعتمد تنفيذ الإستراتيجيات لتحقيق كفاءة الطاقة على إستخدام أجهزة إستشعار إنترنت الأشياء. يُمكن للعدّادات الذكية والإضاءة الآلية وأنظمة التحكم البيئي تحسين إستهلاك الطاقة في فروع ومكاتب البنوك.
التمويل الأخضر: يُوجّه التمويل الأخضر الأموال على وجه التحديد نحو المشاريع الصديقة للبيئة. يُمكن للبنوك أن تلعب دوراً محورياً من خلال منح التمويل الأخضر لأنظمة الطاقة ودعم الطاقة المتجدّدة ومبادرات كفاءة الطاقة.
التكنولوجيا المالية: تساعد البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الإصطناعي وسلسلة الكتل على تعزيز كفاءة الطاقة، حيث يُمكنها معالجة القيود المالية وعدم تناسق المعلومات الذي يعوّق تحسينات كفاءة الطاقة.
الشبكات الذكية والكهرباء: إعادة هندسة البنية التحتية لإنشاء شبكات ذكية تمكّن من توزيع الطاقة بكفاءة.
تتمتع البنوك بفرصة فريدة لدفع التغيير الإيجابي من خلال تبنّي هذه التقنيات وتعزيز كفاءة الطاقة.
التحدّيات التي تواجه كفاءة الطاقة في البنوك تواجه كفاءة الطاقة في البنوك العديد من التحدّيات منها:
التحوُّل الرقمي وتوافر البيانات: مع تبنّي البنوك للتقنيات الرقمية، تُصبح إدارة كفاءة الطاقة معقّدة. إن جمع البيانات الدقيقة حول إستهلاك الطاقة عبر الفروع والمكاتب أمر بالغ الأهمية ولكنه صعب.
تعقيد أداء الطاقة في المباني: تعمل البنوك في مبانٍ متنوّعة ذات إحتياجات طاقة متفاوتة. يتطلّب تحسين أداء الطاقة حلولاً مخصصة.
التحوُّلات في نموذج العمل وتوقعات العملاء: يُفضل العملاء الأصغر سناًّّ الخدمات المصرفية الرقمية. ويتعيّن على البنوك التكيُّف مع تفضيلاتهم والإستثمار في المنصّات الرقمية وتقديم تجارب مخصصة مع مراعاة إستخدام الطاقة.
المسؤولية الإجتماعية والتوافق البيئي: يتوقع العملاء من البنوك أن تعمل بشكل مستدام. إن التوافق مع القيم الاجتماعية والبيئية، بما في ذلك المبادرات الخضراء، أمر ضروري.
التشريعات الخاصة بكفاءة الطاقة والبنوك المستدامة
تكتسب الخدمات المصرفية المستدامة أهمية كبيرة، حيث تدرك المؤسسات المالية ضرورة دمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية والحوكمة في عملياتها. تعالج اللوائح التنظيمية العديد من القضايا بما في ذلك:
قياس الإنبعاثات الممولة: تلتزم العديد من البنوك بخفض «إنبعاثاتها الممولة» وهي الإنبعاثات التي تُموّلها في الإقتصاد الحقيقي.
المبادرات العالمية: يسعى برنامج الأمم المتحدة للبيئة لوضع مبادئ الخدمات المصرفية المسؤولة. تتماشى هذه المبادئ مع اتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على تحسينات الحوكمة وقياس الأثر المجتمعي.
تعمل تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلُّم الآلي على تعزيز ممارسات الخدمات المصرفية المستدامة. يتوجب على البنوك تصميم منتجات مالية صديقة للبيئة، وتحسين إدارة المخاطر، وإشراك العملاء عبر القطاعات. إن الخدمات المصرفية المستدامة لا تحمي البيئة فحسب، بل إنها تعزز أيضاً التنمية المستدامة العالمية، كما أنها تعزّز مرونة وإستقرار محافظ الإستثمار مع معالجة التحدّيات المجتمعية. إن الخدمات المصرفية المستدامة ليست مجرد اتجاه، بل هي نهج تحويلي يشكل إقتصاداً عالمياً أكثر مرونة وأخلاقية.
توجيهات الطاقة في الإتحاد الأوروبي
أنشأ الإتحاد الأوروبي توجيه أداء الطاقة للمباني 2010/31/EU وتوجيه كفاءة الطاقة 2012/27/EU. تهدف هذه التوجيهات إلى إنشاء مبان عالية الكفاءة في إستخدام الطاقة وخالية من الكربون في حلول العام 2050.
كما أنها تعزّز الإختيارات المستنيرة للمستهلكين والشركات مع تحفيز الإستثمارات في كفاءة الطاقة، مما يساعد الشركات على وضع إستراتيجية جادة لكفاءة الطاقة. وتلعب شهادات كفاءة الطاقة دوراً حيوياً في توجيهنا نحو إنشاء مبان للبنوك مستدامة. وتعتبر معايير استهلاك الطاقة أدوات أساسية في تقييم وتحسين أداء الطاقة، وتوفر هذه المعايير أساساً لمقارنة أداء الطاقة الفعلي. والأغراض الأساسية لمعايير استهلاك الطاقة هي:
1) تقييم الأداء: تساعد المعايير في تحديد ما إذا كان أداء الطاقة استثنائياً أو متوسطاً أو دون المستوى.
2) تحديد فرص التوفير: يكشف التباين بين بيانات استهلاك الطاقة الفعلية والمعايير عن فرص التحسين وتوفير التكاليف.
تأتي المعايير في فئتين رئيسيتين هما المعايير النموذجية والمعايير التجريبية:
1) المعايير النموذجية: يتم تحديد هذه المعايير عادةً بإستخدام نماذج المحاكاة. تحسب نماذج المحاكاة إستهلاك الطاقة المتوقع بناءً على عوامل مختلفة.
2) المعايير التجريبية: تعتمد المعايير التجريبية على البيانات الإحصائية التي يتم جمعها من دراسات مفصلة. وهي تتضمّن الحد الأدنى من المعلومات المطلوبة لمعايير الإستهلاك السنوي للطاقة.
إستراتيجيات البنوك المستدامة والموفرة للطاقة
تمثل الخدمات المصرفية المستدامة تحولاً محورياً في القطاع المالي، حيث تدمج الإعتبارات البيئية والإجتماعية في العمليات المصرفية. وتشمل الإستراتيجيات الرئيسية لتحقيق الإستدامة وكفاءة الطاقة التالي:
التأثير عبر سلسلة التوريد: يمتد العمل المصرفي المستدام إلى ما هو أبعد من العمليات الداخلية ليشمل سلسلة التوريد بأكملها. ومن خلال تعزيز التعاون في مبادرات الإستدامة الخارجية، تساهم البنوك في إقتصاد عالمي أكثر مرونة وأخلاقية.
دفع التغيير الإيجابي في الصناعات: يتضمن ذلك توجيه الإستثمارات إلى مشاريع الطاقة المتجددة وإصدار السندات الخضراء. تعمل مبادرات تمويل السندات الخضراء على تقليل إنبعاثات الغازات المسببة للإنحباس الحراري وتعزيز إدارة المخاطر المتعلقة بالطبيعة.
الإستعداد للمستقبل والإبتكار: يُعزّز العمل المصرفي المستدام ثقافة المسؤولية والإبتكار. ويمكّن البنوك من التغلّب على التحدّيات وإغتنام الفرص في ظلّ التطورات الراهنة.
يُعدّ العمل المصرفي المستدام نهجاً تحويلياً يحقق فوائد كبيرة لكل من الصناعة المصرفية وقطاع الخدمات المالية الأوسع.
يُمكن للبنوك التعاون مع الصناعات الأخرى لتعزيز الإستدامة بطرق مختلفة:
الشراكات وتبادل المعرفة: تتعاون البنوك المستدامة بنشاط مع المؤسسات المالية الأخرى والهيئات التنظيمية وجمعيات الصناعة والمنظمات غير الحكومية. تمكن هذه الشراكات من تبادل المعرفة وتجميع الموارد والعمل الجماعي لمعالجة تحديات الإستدامة النظامية.
مبادرات التمويل الأخضر: يمكن للبنوك إعطاء الأولوية لمعايير الإستدامة في قرارات الإقراض والإستثمار. إن تقديم المنتجات المالية الصديقة للبيئة (مثل القروض الخضراء، والسندات الخضراء، والقروض العقارية الخضراء) يشجع الممارسات المستدامة في مختلف القطاعات.
تكامل التكنولوجيا: تعمل تحليلات البيانات والذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي على تعزيز المنتجات الحالية بميزات الإستدامة.
الشفافية وقياس الأثر: يُمكن للبنوك قياس التأثير المجتمعي لأنشطتها. من خلال تحسين هياكل الحوكمة والشفافية، فإنها تُظهر التزامها بأهداف الإستدامة.
ويشكل التعاون بين الصناعات المختلفة ضرورة أساسية لخلق مستقبل أكثر إخضراراً ومرونة.
خدمات الاستدامة وكفاءة الطاقة المقدمة من إتحاد المصارف العربية للبنوك
تلعب المؤسسات المالية دوراً حاسماً في تعزيز المسؤولية البيئية ومواءمة ممارساتها مع مستقبل خالٍ من الإنبعاثات. وتدرك البنوك الرائدة أهمية الإستدامة وتضع خططاً جريئة لتحقيق صافي صفر في حلول العام 2030 أو 2040 أو 2050. ومع ذلك، يتم إنتقاد بعض البنوك لكونها بطيئة للغاية في الإستجابة لمطالب الإستدامة مما يستوجب إتخاذ إجراءات أكثر تأثيراً.
وبذلك يقدم إتحاد المصارف العربية خدمات لإدارة التغيير بشكل فعّال في البنوك تتضمن نهجاً مدروساً لإستراتيجيات كفاءة الطاقة والإستدامة. تتضمن هذه الخدمات:
خدمات وضع أسس حوكمة الإستدامة وتنفيذها.
خدمات وضع رؤية واضحة للتغيير وتوصيلها بشفافية للموظفين وأصحاب المصلحة والعملاء ومعالجة المخاوف وتقديم تحديثات منتظمة.
تدريب الموظفين على الممارسات المستدامة وكيفية رفع كفاءة الطاقة.
دعم التنفيذ التدريجي ويتضمّن ذلك تقسيم التغيير إلى مراحل يُمكن إدارتها وتنفيذ تدريجي يقلل من الإضطراب ويسمح بالتعديلات حسب الحاجة لتحقيق الإستدامة ورفع كفاءة الطاقة.
المساعدة في تطوير آليات لمراقبة تحقيق الاستدامة من خلال إنشاء قنوات رقمية للمراقبة والتكيّف حسب الضرورة.
تحديد مقاييس النجاح وتقييم التقدم بانتظام وتعديل الاستراتيجيات وفقاً لذلك.
نحو بنوك مستدامة وكفوءة في استخدام الطاقة
إن البنوك الخضراء مصمّمة خصيصاً لتسريع التحوُّل إلى مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة وخال من الإنبعاثات، وهي تستفيد من التمويل العام لجذب رأس المال الخاص لمشاريع مختلفة، بما في ذلك كفاءة الطاقة، والطاقة المتجدّدة، وغيرها من الإستثمارات المفيدة للبيئة. ومن خلال إستخدام الأموال العامة بشكل فعاّل، فإنها تساهم في خفض الإنبعاثات الكربونية، وخلق فرص العمل، وتعزيز المجتمعات المحلية.
من خلال الإستراتيجيات والحلول الصحيحة، فإن تحقيق الإستدامة وكفاءة إستخدام الطاقة في البنوك ليس ممكناً فحسب، بل إنه مجدٍ إقتصادياً أيضاً. ومن خلال تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة وتبنّي إستراتيجيات حكيمة، يُمكن للبنوك المساهمة في مستقبل أكثر إستدامة.
في الأسواق والمصارف نتيجة تطوّر الاتصالات حول العالم
لا يُمكن الفصل بين ما تشهده الصناعة المصرفية من تطوُّرات، ولا سيما على صعيد الصيرفة الرقمية أوdigital baking والصيرفة الخضراء، وما يشهده العالم من تطوُّرات هائلة في مجال تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، بل من البديهي القول إن التطور الأول هو نتيجة تلقائية للتطور الثاني، إذ نتج عن ثورة الإتصالات والمعلومات ظهور إقتصاد رقمي فتح الباب واسعاً أمام جذب إستثمارات خارجية وفيرة، وخلق فرص عمل جديدة وتحقيق إنتعاش إقتصادي، ليصبح عنصراً أساسياً لا غنى عنه لتحقيق التنافسية والنمو المستدام.
ويُعد التحوُّل الرقمي محرّكاً قوياً لنمو الإقتصاد العالمي، بحيث يُساهم الإقتصاد الرقمي في أكثر من 15 % من الناتج المحلي الاجمالي العالمي. وبحسب تقديرات البنك الدولي، يُتوقع أن يتضاعف حجم الاقتصاد الرقمي ليصل إلى 23 تريليون دولار في العام 2025، أي ما يقارب الـ 24 % من حجم الإقتصاد العالمي.
إذاً، مع إنتشار ظاهرة التحوُّل الرقمي، والتطوُّر الذي يشهده عالم التواصل الإجتماعي وما صاحبه من عمليات إستخدام الموبايل في إجراء المعاملات المالية (الموبايل بانكنغ)،Mobile Banking سواء في المنزل أو في مقر العمل، لم تعد هناك حاجة للتوجُّه إلى البنك، وتالياً بات لزاماً على المصارف أن تتجاوب مع التطوُّر العالمي وتلبّي الخدمات المصرفية عبر الهاتف والتطبيقات التكنولوجية، مما أدى إلى ظهور ما يُسمّى بالـ digital baking أو «الصيرفة الرقمية»، ولا سيما في دول أوروبا، حيث ظهرت المصارف الرقمية وهو ما جعل الموجة تسير بشكل عكسي، عمّا كان متبعاً في السنوات العشرين الأخيرة، وذلك بتقليص عدد الفروع وبالتالي خفض عدد الموظفين، ليس لترشيد الإنفاق، لكن لتلبية التفاعل مع الظاهرة الجديدة في العمل المصرفي.
ما هي الصيرفة الخضراء؟
بحسب الخبراء، «تقوم عمليات الصيرفة الخضراء على منهجين رئيسيين هما: إدخال مفهوم الصيرفة الخضراء وتطبيقه في العمليات الداخلية للبنك، بالإضافة إلى التمويل المسؤول بيئياً، وتضم أنشطة الصيرفة الخضراء من خلال العمليات الداخلية، وإعتماد الطرق المناسبة لإستخدام الطاقة المتجددة وتقليل البصمة الكربونية. وفي العمليات المصرفية اليومية، تقوم البنوك عادة بتوليد إنبعاثات الكربون من خلال إستخدام الورق والكهرباء والإضاءة وتكييف الهواء والمعدّات الإلكترونية، وكمثال لتطبيق خدمات الصيرفة الخضراء، يجب على البنوك دمج التقنيات غير الورقية في عملياتها الداخلية لمساعدة البيئة كذلك توفير خدمات فعّالة لعملائها».
يضيف الخبراء: «أما التمويل الأخضر، فهو تقديم البنوك المساعدات المالية للمشاريع المسؤولة بيئياً. والغرض من ذلك هو توفير المساعدة المالية للتكنولوجيا الخضراء ومشاريع الحدّ من التلوُّث، وذلك لتقليل إنبعاثات الكربون الخارجية، كما يدعم البنك الصناعات ذات الكفاءة في إستخدام الموارد وتنبعث منها إنبعاثات كربونية منخفضة، حيث إن الأولوية تكون لتمويل الأنشطة التجارية الصديقة للبيئة والصناعات الموفرة للطاقة مثل مشاريع الطاقة المتجدّدة».
ويرى الخبراء أن من «فوائد البنوك الخضراء للعملاء، هي أنها بسيطة وفعّالة من حيث التكلفة والوقت، إذ لا يحتاج العميل إلى الذهاب للمصرف لإجراء المعاملات المصرفية، وبالتالي يُمكنه توفير الوقت كذلك المال. كما يُمكن للخدمات المصرفية الخضراء أن تُقلل من الحاجة إلى فروع باهظة الثمن للبنوك، ومن منظور البنك، يُمكن أن يُقلّل من التكاليف، ويزيد من سرعة الخدمة، ويُوسع نطاقه في السوق، ويُحسّن خدمة العملاء بشكل عام. وبالنسبة إلى البيئة، فإن إعتماد الممارسات المصرفية الخضراء، سيُفيد البيئة بطرق عديدة، ويُمكن للبنوك أن تُفعّل المزيد لمساعدة البيئة من خلال الترويج للخدمات المصرفية الخضراء، وسوف يؤدي إستخدام الممارسات المصرفية الخضراء إلى توفير الطاقة والوقود والورق كذلك الماء».
في الشرح التقني لأهمية وميزات الصيرفة الرقمية والخضراء، يرى الخبراء أنها «تمكّن العميل من إستخدام أحد تطبيقات الهاتف المحمول، للإطّلاع على أرصدة حساباته ومعاملاته البنكية وإنجاز بعض المهام المالية البسيطة عندما يواجه صعوبة في الوصول إلى البنك، غير أن هناك العديد من المزايا التي يُمكنه الحصول عليها من خلال تطبيق الخدمات البنكية عبر الهاتف المحمول، والتي تتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، سهولة الوصول إلى حساباته على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وإجراء المعاملات البنكية بأمان، وتحويل الأموال، وطلب المعلومات من البنك الخاص به، وإيقاف بطاقة الإئتمان المفقودة أو المسروقة، وغيرها من الميزات».
وإلى جانب سهولة إنجاز المعاملات من خلال الخدمات المصرفية الرقمية، فهي وسيلة أفضل في الحفاظ على السلامة الشخصية وتجنُّب الأمراض، حيث نجد أن المدن المزدحمة بالسكان يكثر فيها إنتشار البكتيريا بمعدّلات عالية. فقد أظهرت دراسة أجريت في العام 2016، أن لوحات مفاتيح ماكينات الصرّاف الآلي في مدينة نيويورك كانت مغطاة بالبكتيريا، حيث تأتي معظم الميكروبات من جلد الإنسان أو الطعام.
كما تُعتبر النقود الورقية إحدى الوسائل الأخرى لنقل البكتيريا، حيث يُمكنها أن تحمل آلاف الميكروبات من خلال إنتقالها من بيئة لأخرى. وفي ظل الإتجاه السائد نحو تحويل الأموال من حساب مصرفي أو بطاقة إئتمانية إلى حسابات فرد آخر، يقل التعامل مع النقود الورقية. ومع زيادة إستخدام محفظة الهاتف المحمول والبطاقات الإئتمانية أو الخصم المباشر، سيقل إستخدام المبالغ النقدية بوجه عام، وهو ما سيؤدي إلى تقليل إحتمالية الإصابة بالأمراض.
وبحسب الخبراء أيضاً، هناك العديد من الميزات التابعة لإستخدام الخدمات المصرفية إلكترونياً، وإطلاق هذا التحوّل الكبير إلى المصارف الرقمية، لتلبية إحتياجات المستخدمين الماليّة المتنوعة نذكر بعضها: إرسال وإستلام الأموال، دفع الفواتير، ودفع رواتب الموظفين، والقيام بعمليات الإيداع والسحب، وبيع وشراء الخدمات والمنتجات، والإستثمار، والتمويل، إنشَاء محفظة رقمية، وتداول العملات الرقمية، والسرعة وتوفير الوقت، ورسوم أقل، إذ من أبرز ميزات تطبيقات الخدمات المصرفية الرقمية أنّها تُتيح رسوماً أقل للخَدمات المصرفية مقارنةً بالبنوك التقليدية، فكل منصّة إلكترونية تطلب رسوماً مختلفة عن غيرها، وبعضها ينافس على تَقديم الرسوم الأقل تكلفة بالنسبة إلى العميل.
في الاطار نفسه، أدرك القطاع المصرفي حول العالم مدى أهمية إستحداث نظم تمويل، تختص بتقديم الدعم المادي للمشروعات الاقتصادية الصديقة للبيئة أو ما تُعرف بمشروعات الإقتصاد الأخضر على الصعيد الإقتصادي، والصيرفة الخضراء على الصعيد المصرفي، وذلك في ظل تصاعد الإهتمام العالمي بالنظام البيئي والتغيُّرات المناخية. وتعني الصيرفة الخضراء تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة وتخفيض البصمة الكربونية في الأنشطة المصرفية، والهدف منها هو حماية البيئة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. وتهدف الصيرفة الخضراء إلى تحسين العمليات والتقنيات إلى جانب جعل عادات العملاء صديقة للبيئة في ما يتعلق بالأنشطة المصرفية. وبدأ العديد من البنوك حول العالم إتخاذ خطوات إيجابية نحو الصيرفة الخضراء، وذلك عن طريق تقديم مجموعة من المنتجات والأنشطة التي تدعم البيئة، مثل الودائع الخضراء والبطاقات الإئتمانية الخضراء، والحساب الجاري الأخضر، وحساب التوفير الأخضر، والرهون العقارية الخضراء، والتمويلات الخضراء مثل مشروعات الزراعة والثروة السمكية والأمن الغذائي.
كل ما تقدم يجعل السؤال التالي مشروعاً: هل ستكون الصيرفة الرقميةbanking digital والصيرفة الخضراء سبباً في تقليص حجم التداول والتعامل مع الصيرفة التقليدية عالمياً وإقليمياً في المستقبل القريب والبعيد، أم أن الإختلاف في المستوى التنموي والإستثماري والإقتصادي والتعليمي والثقافي لدول العالم سيجعل العلاقة بينهما تكاملية من دون أن تلغي إحداهما الأخرى؟
البواب: الصيرفة الرقمية تتطلب أنظمة حماية
يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «الصيرفة الرقمية المنتشرة خصوصاً على الهواتف الذكية، ستحل بالتأكيد مكان قسم كبير من العمليات المصرفية التجارية التقليدية وخصوصا لدى الافراد. أما بالنسبة إلى الشركات فلن تتمكن الصيرفة الرقمية من تلبية الإحتياجات التي تؤمّنها الصيرفة التقليدية بسبب كبر حجم اعمالها، وبسبب إرتباطها بعمليات كبرى مع الخارج يلزمها تقديم تفاصيل لن تتمكن الصيرفة الرقمية من تأمينها».
يضيف البواب: «هذه الأخيرة يُمكن أن تُلبّي التحويلات بين شخص وآخر، بين أب وأولاده في داخل البلد أو خارجه، لكنها ستكون محصورة وهي لن تلغي دور المصارف، ولكن مع الوقت، وبسبب تفضيل الجيل الجديد التعامل وتأدية الخدمات عبر (الأونلاين)، فلا شك في أنها ستأخذ إهتمام وأرباح قسم كبير من السوق التجارية، ولكن على مراحل وشيئاً فشيئاً»، مشدّداً على أن «هذا الأمر لا ينطبق على الشركات، ويُمكن القول إنه من المبكر أن تحل الصيرفة الرقمية مكان الصيرفة التقليدية، خصوصاً أن معاملاتها تمّر عبر المصارف المراسلة، ولكن لا شك في أنه مع مرور الزمن والتطوُّر التكنولوجي، وبعد تطوُّر أنظمة الحماية ضد التزوير والإختلاس، يُمكن أن يتسع نطاق الصيرفة الرقمية، ولكن يمكن الجزم بأن المستقبل هو للصيرفة الرقمية حتى في الدول الفقيرة، لأن التطورات التقنية ولا سيما عبر الهواتف الذكية تمكّن كل طبقات المجتمع من التعامل مع الخدمات المصرفية لسهولتها. فالأجيال المقبلة ستتعاطى مع الإتصال بطريقة تلقائياً مهما كان المستوى التعليمي والمعيشي».
ويرى البواب أن «الأهم في إنتشار الصيرفة الرقمية، التطور التكنولوجي والمستوى الثقافي، والرقابة وحماية البيانات عبر الرقابة التقنية والمصرفية. وحالياً هناك عمليات نصب تحصل ولم تتوقف أو تحاصر رغم الإجراءات القانونية والتقنية المشدّدة».
وفي ما يتعلق بالصيرفة الخضراء يقول البواب: «كلّما زادت نسبة الخدمات الرقمية والمصرفية على الوجه الخصوص، كلّما توسّعت الصيرفة الخضراء، لأن الصيرفة الرقمية تُساهم في تخفيف الفاتورة التشغيلية لإتمام المعاملات المصرفية بشكل تقليدي (توفير وقود، أوراق، حبر)، مما يزيد التوفير على البيئة، وهذا هو التوجه العالمي، لأن إعتماد الحكومة الإلكترونية يُخفف عن الحكومات أعباء وظيفية وتكاليف تشغيلية».
راشد: علاقة تكامل
من جهته، يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور منير راشد أنه «بحسب تجربته الخاصة، الصيرفة الرقمية هي إتمام الخدمات المصرفية من دون إستعمال الورق».
يضيف د. راشد: «شخصياً، حين كنتُ أعيش في الولايات المتحدة، كان المصرف الذي أتعامل معه يُرسل لي المعاملات بطريقتين: الإلكترونية وعبر البريد العادي، وهذا الأمر مستمر حتى اليوم، وهذا يعني أن المصارف تتيح للزبائن خيارين، الخدمة الرقمية والخدمة التقليدية وهذا أمر جيد».
ويشير د. راشد الى أنه «في لندن حيث عانت لفترة، هناك خدمات رقمية مصرفية حتى للخدمات العامة مثل التنقل والسوبرماركت. وفي لبنان هناك مشكلة مع المصارف. وبالتالي العلاقة بين الصيرفة التقليدية والرقمية تكاملية، وهذا ما نشهده في أكثر من مؤسسة، لأن هناك أجيالاً لا تعرف كيف تتعامل مع الخدمات الرقمية، وهذا أمر يحصل في كل دول العالم وفي الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنه «في لبنان الوضع مربك ومختلف، فدفع الضريبة العقارية مثلاً يتوجب على المكلف الحضور شخصياً الى وزارة المالية للحصول على «كود» و«باسوورد» لدفع الضريبة العقارية المالية، ولهذا يحتاج لبنان إلى أن تكون الخدمتان متاحتين، وهذا ينطبق على كل الدول العربية لإختلاف الثقافات والمستوى التعليمي، إلى حين الإنتقال إلى الصيرفة الرقمية بشكل كلي».
ويختم د. راشد قائلاً: «إن المعاملات الخضراء هي جزء من الصيرفة الرقمية، وتُوفر على البيئة كلفة أكبر، لكن الخطر يكمن بحصول فيروسات أو أن تكون معرّضة للسرقة، لذلك يحتاج الأمر الى مزيد من التحصينات الحقوقية والتقنية للحفاظ على الداتا وحفظ المعلومات».
القراصنة أكثر تطوراً من أنظمة حماية الأمن السيبراني
حول العالم رغم الجهود المبذولة
يُعد تنفيذ تدابير الأمن السيبراني تحدياً كبيراً لكل دول العالم، لأن القراصنة – hukers باتوا أكثر ابتكاراً، فضلاً عن أن إختراق الأمن السيبراني لأي دولة، تحوّل إلى أداة من أدوات الحرب والمواجهة القائمة، وهذا ما نشهده مثلاً في الإنتخابات الأميركية التي يجري التحضير لها حالياً، والحرب الروسية – الأوكرانية كذلك الحرب بين لبنان وإسرائيل والتي إشتعلت منذ بدء حرب غزة.
في التعريف العلمي، الأمن السيبراني هو عملية حماية الأنظمة والشبكات والبرامج ضد الهجمات الرقمية التي ينفذها القراصنة hukers. وتهدف هذه الهجمات عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو تدميرها، بغرض الإستيلاء على المال من المستخدمين أو مقاطعة عمليات الأعمال العادية.
ووفق تعريف الباحثين، فإن مصطلح «مواجهة الخرق في الأمن السيبراني» يشير إلى «التحدّيات والمخاطر التي تواجهها المؤسسات والحكومات، في تأمين بنيتها التحتية الرقمية وبياناتها في المنطقة السيبيرية، وتشمل هذه التحدّيات محاولات إختراق الأنظمة الحاسوبية، وسرقة المعلومات الحساسة، والتجسس الإلكتروني، وإنتشار البرامج الضارة، والهجمات السيبرانية الأخرى التي يُمكن أن تؤدي إلى تعطيل الأنظمة، أو سرقة البيانات أو حتى تخريب البنية التحتية الرقمية بشكل عام».
ويسجل الباحثون «وجود فجوات كبيرة في قدرات توفير وإتاحة الأمن السيبراني على مستوى العالم»، مشدّدين على أن «هناك حاجة إلى برامج مستدامة ومطوّرة من قبل البلدان، لضمان أن تظل كافة البرامج والحلول الرقمية آمنة وموثوقة وجديرة بالثقة، كما أن تزايد إعتماد البشرية جمعاء على خدمات الإتصالات والتقنية، إلى جانب التحوُّل الرقمي الذي تشهده معظم القطاعات والمؤسسات والحكومات حول العالم، سيُلزم بالإستعداد والتجهيز والإهتمام بالبنى التحتية الرقمية والعنصر البشري المؤهل، مع عدم إغفال تطبيق أقصى وأرقى المعايير الأمنية».
بناء على ما تقدم، تنقسم مقاربتنا للأمن السيبراني الى قسمين، الأول يتعلق بالأمن السيبراني العالمي وسبل حمايته والتحديات التي تحوّل دون ذلك، والقسم الثاني يتعلق بالأمن السيبراني في لبنان، كونه شهد خروقات عدة منذ إندلاع أحداث غزة في تشرين الأول/ أوكتوبر 2023.
الخروقات السيبرانية باتت سلاحاً عالمياً
يشرح العميد المتقاعد إدمون حاكمة مدير شركة إبسيغا في مصر (أمن سيبراني) لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، أن «خرق الأمن السيبراني للدول والشركات والأشخاص الذين يتعاطون الشأن العام، بات عنصراً أساسياً في خوض أي خلاف أو معركة على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وباتت الدول والمجموعات الخاصة تستعمل الهجمات السيبرانية، كوسيلة إستراتيجية لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية والإقتصادية»، لافتاً إلى أن «هذه الهجمات تشمل أنشطة مثل التجسُّس الإلكتروني، وتخريب البنية التحتية الحيوية، وسرقة المعلومات الحساسة، بالإضافة إلى التأثير على الرأي العام من خلال نشر المعلومات المضلّلة. وتوفر الهجمات السيبرانية وسائل غير تقليدية لمواجهة الخصوم دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر، مما يجعلها أداة فعّالة في الصراعات المعاصرة، إضافة الى ذلك، فإن تكلفة هذه الهجمات تكون عادة أقل مقارنة بالتكاليف البشرية والمادية للحروب التقليدية. علماً أن الأحداث الأخيرة على الساحة الدولية توضح كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تؤثر بشكل كبير على سياسات الدول وإستقرارها، وبالتالي، أصبح الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجيات الدفاع الوطني للدول».
تاريخ من الخروقات
يضيف حاكمة: «هناك العديد من الأمثلة على الهجمات السيبرانية التي أصبحت جزءاً من الصراعات العالمية والإقليمية، منها هجوم (2009 – 2010) Stuxnet الذي كان أحد أولى الهجمات السيبرانية المعروفة التي إستهدفت بنية تحتية حيوية في إيران. ويُعتقد أن فيروس Stuxnet، الذي يُشتبه في أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما من طوّراه، إستهدف أجهزة الطرد المركزي في منشأة نَطْنَزْ النووية الإيرانية، حيث أدى الهجوم إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي وتأخير برنامج إيران النووي بشكل كبير. وهذه الحادثة أبرزت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تكون بديلاً للهجمات العسكرية التقليدية لتحقيق أهداف إستراتيجية».
ويتابع حاكمة: «من الأمثلة الاخرى هجمات DDoS على إستونيا (2007)، إذ في العام 2007، تعرّضت إستونيا لهجوم واسع النطاق على الإنترنت بعد قرارها بإزالة تمثال سوفييتي من العاصمة تالين. هذا الهجوم، الذي إشتُبه في أنه تم برعاية روسيا، شل مؤسسات حكومية، وبنوك، ووسائل إعلام في البلاد عبر هجمات حجب الخدمة الموزعة ((DDoS. وقد كانت هذه الحادثة من أولى الأمثلة البارزة على إستخدام الهجمات السيبرانية كجزء من صراع سياسي بين دولتين، بعدها إستونيا دعت إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني، إضافة إلى الهجمات السيبرانية الروسية على أوكرانيا (2015 – 2017) خلال الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، حيث تعرّضت الأخيرة لهجمات سيبرانية متعددة. وفي العام 2015، أدّى هجوم سيبراني إلى قطع الكهرباء عن أجزاء واسعة من أوكرانيا. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان مدعوماً من قبل روسيا. وفي العام 2017، تعرّضت أوكرانيا لهجوم آخر بإستخدام فيروس NotPetya الذي شلّ العديد من القطاعات الحيوية بما في ذلك النقل والمصارف. هذه الهجمات أظهرت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تكون جزءاً من إستراتيجية عسكرية أكبر لزعزعة إستقرار دولة ما، وإستخدام البنية التحتية الحيوية كأهداف في الحروب الحديثة».
ويذكر حاكمة أمثلة أخرى مثل «التدخلات الروسية في الإنتخابات الأميركية في العام 2016، ويُتهم عملاء روس بمحاولة التأثير على الإنتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2016 من خلال هجمات سيبرانية وحملات تضليل عبر الإنترنت. وقد قامت مجموعة تُسمّى بالـ Cozy Bear والـ Fancy Bear بإختراق البريد الإلكتروني للحزب الديموقراطي وتسريب معلومات حساسة، بالإضافة إلى نشر معلومات مضلّلة على وسائل التواصل الإجتماعي. هذا التدخل أثار قلقاً عالمياً حول مدى قدرة الهجمات السيبرانية على التأثير في الديموقراطيات، مما أدى إلى تشديد السياسات والإجراءات الأمنية للإنتخابات في العديد من الدول».
يضيف حاكمة: «كذلك الهجوم على شركة SolarWinds (2020) في العام 2020، حيث تعرّضت شركة SolarWinds، وهي مزوّدة لبرامج تكنولوجيا المعلومات، هذا الإختراق أدّى إلى إصابة برمجياتها ببرمجيات خبيثة. هذا الهجوم سمح للمهاجمين بالوصول إلى بيانات العديد من الوكالات الحكومية الأميركية والشركات الخاصة. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان جزءاً من عملية تجسُّس مدعومة من قبل روسيا .هذا الهجوم كان له تأثير كبير على الأمن القومي الأميركي، وأدى إلى إعادة تقييم سياسات الأمن السيبراني وتوجيه إهتمام أكبر لحماية سلسلة التوريد التكنولوجية».
ويشير حاكمة الى أن «منطقة الشرق الأوسط شهدت العديد من الهجمات السيبرانية البارزة. على سبيل المثال، الهجوم على شركة أرامكو السعودية في العام 2012 بإستخدام فيروس Shamoon، والذي أدى إلى تدمير حوالي 30,000 جهاز كومبيوتر في الشركة. ويُعتقد أن هذا الهجوم كان مدعوماً من قبل إيران كرد فعل على توترات في ما بين البلدين. هذه الهجمات أظهرت كيف يُمكن للهجمات السيبرانية أن تستهدف بنية تحتية حيوية في المنطقة، مما يزيد من التوترات الإقليمية ويضع الأمن السيبراني في قلب الإستراتيجيات الأمنية للدول»، لافتاً الى «أن الهجمات السيبرانية أصبحت وسيلة رئيسية في الحروب الحديثة، حيث تستخدم الدول هذه الهجمات لتعطيل الخصوم، تحقيق أهداف سياسية، وتأثير على النزاعات دون الحاجة إلى إستخدام القوة العسكرية التقليدية. فالأمن السيبراني حالياً لا يُمكن تجزئته حالياً عن أي إستراتيجية دفاعية لأي دول متطورة».
أثمان باهظة على الإقتصاد والأمن القومي
السؤال الذي يطرح هنا ما هي مخاطر هذه الخروقات حيال إقتصادات الدول وأمنها القومي؟
يجيب حاكمة: «يُعتبر خرق الأمن السيبراني تهديداً بالغ الخطورة على إقتصادات الدول وأمنها القومي. تشمل المخاطر الناتجة عن هذه الخروقات جوانب إقتصادية، وأمن قومي، وتأثيرات معنوية على المواطنين، بالإضافة إلى تأثيرها على الإبتكار والتطور التكنولوجي.
الإقتصاد
– خسائر مالية كبيرة: الهجمات السيبرانية يُمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية هائلة، سواء من خلال سرقة الأموال مباشرة أو تعطيل الأعمال. على سبيل المثال، هجمات الفدية (Ransomware) قد تجبر الشركات والحكومات على دفع مبالغ ضخمة لاستعادة البيانات المخترقة.
– تعطل الأعمال والبنية التحتية: الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء أو أنظمة النقل، يُمكن أن تشل النشاط الإقتصادي في الدول المتأثرة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاجية وزيادة التكاليف.
– فقدان الثقة: الخروقات السيبرانية يمكن أن تؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات المالية والشركات الكبرى، مما يؤثر سلباً على الأسواق المالية وقد يؤدي إلى تراجع الإستثمارات.
– تكاليف التعافي من الأزمة: بعد تعرُّض أي مؤسسة أو دولة لهجوم سيبراني، تتطلّب عملية التعافي جهوداً وموارد كبيرة لإصلاح الأضرار، تعزيز الدفاعات وضمان عدم تكرار الهجمات.
– المخاطر على الإقتصاد: الخرق السيبراني هو تهديد للأمن القومي للدول، والمردود السلبي لها يكون على الصعيد الإقتصادي والمعنوي والأمن القومي. إقتصادياً، تكبّد هذه الخروقات الدول خسائر كبيرة والشركات أيضاً، ويُمكن أن تُعطل البنى التحتية كما حصل في المملكة العربية السعودية عند الهجوم على اوراسكوم. وقد تم تعطيل نحو 30 جهازاً فيها، وأيضاً فقدان الثقة بالدولة التي تتعرّض لهجمات سيبرانية، ومنها ما حصل في إستونيا حيث شلّت كل المؤسسات الحكومية ووسائل الاعلام وأيضاً تكاليف التعافي التي غالباً ما تكون كبيرة.
الأمن القوم
– تعريض البنية التحتية الحيوية للخطر: الهجمات السيبرانية يُمكن أن تستهدف البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة، المياه، النقل والإتصالات، تعطل هذه الأنظمة يمكن أن يشل البلاد ويؤدي إلى فوضى.
– التجسُّس وسرقة المعلومات الحساسة: يُمكن للمهاجمين سرقة معلومات سرية تتعلق بالدفاع الوطني، الإستراتيجيات العسكرية، والقدرات التكنولوجية. هذه المعلومات يُمكن أن تستخدم من قبل أعداء الدولة لتحقيق تفوق إستراتيجي.
– تأثير على إستقرار الحكومات: الهجمات السيبرانية، يُمكن أن تُستغل لتعزيز عدم الإستقرار السياسي من خلال نشر المعلومات المضلّلة، التأثير على الإنتخابات، أو تعطيل المؤسسات الحكومية.
التأثير على المواطنين
– إنتهاك الخصوصية: سرقة البيانات الشخصية، يُمكن أن تؤدي إلى إنتهاك خصوصية المواطنين وإستخدام بياناتهم في أنشطة غير قانونية مثل سرقة الهوية (Facebook).
– تعطيل الخدمات العامة: الهجمات على الخدمات العامة مثل المستشفيات أو شبكات الإتصالات، يُمكن أن تؤدي إلى تعطل الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون.
– إنتشار الخوف وعدم الأمان: تكرار الهجمات السيبرانية، يُمكن أن ينشر الخوف بين المواطنين ويؤدي إلى شعور عام بعدم الأمان.
تأثير على الإبتكار وحماية الملكية الفكرية
– تعطيل الإبتكار: الهجمات على الشركات التكنولوجية، قد تؤدي إلى سرقة الملكية الفكرية، مما يُقلّل من الحافز للإبتكار والتقدم التكنولوجي في البلاد المتضرّرة.
– سباق التسلُّح السيبراني: ويشير حاكمة الى أن هناك «ما يُسمّى بـ «سباق التسلُّح السيبراني»، أي أن الدول قد تستثمر بشكل مكثف في تعزيز قدراتها السيبرانية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلُّح سيبراني يزيد من التوترات ويؤدي إلى المزيد من الهجمات والإختراقات.
إذاً، تُعد الخروقات السيبرانية تهديداً متعدد الأبعاد يضر بالإقتصاد، إذ يُقوّض الأمن القومي، ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وإستقرار الدول، فتعزيز الدفاعات السيبرانية قد أصبح أولوية قصوى للدول في جميع أنحاء العالم لمواجهة هذه التحدّيات».
هل يمكن تجنُّب الخروقات؟
عن إمكانية تجنُّب هذه الخروقات أم أن قدرات القراصنة باتت أقوى من قدرات الحماية؟ يجيب حاكمة: «يُمكن تقليل مخاطر الهجمات السيبرانية بشكل ملحوظ، إلاّ أنه من الصعب تجنُّبها بشكل كامل نظراً إلى التطور المستمر في مهارات القراصنة. ومن هنا تبرز التحدّيات المرتبطة بتفادي هذه الهجمات.
تطور قدرات القراصنة
القراصنة يبتكرون بإستمرار أدوات وتقنيات جديدة لإختراق الأنظمة. الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر تعقيداً وتنظيماً، وغالباً ما تكون مدعومة من قبل دول أو منظمات ذات موارد كبيرة.
– الهجمات من الداخل: لا تقتصر التهديدات السيبرانية على الهجمات الخارجية فقط، فالتهديدات الداخلية (من موظفين أو شركاء) تشكل خطراً كبيراً أيضاً، حيث قد يمتلك هؤلاء الأشخاص وصولاً مباشراً إلى الأنظمة الحساسة.
– الإنتشار الواسع للتكنولوجيا: الإعتماد المتزايد على التكنولوجيا والإتصال بالإنترنت، يُوسع من نطاق الهجمات المحتملة. إنترنت الأشياء (IoT) على سبيل المثال يزيد من عدد الأجهزة المتصلة وبالتالي يزيد من فرص الإختراق.
– نقاط ضعف في الموارد البشرية: العامل البشري هو غالباً الحلقة الأضعف في سلسلة الأمن السيبراني. الأخطاء البشرية مثل فتح روابط خبيثة، أو إستخدام كلمات مرور ضعيفة، يُمكن أن تكون سبباً رئيسياً للخروقات».
ولتجنب هذه الخروقات والتدابير الوقائية، يرى حاكمة أن «هذا الأمر يُمكن عبر تعزيز الدفاعات السيبرانية، أي يُمكن للدول والمؤسسات الإستثمار في تقنيات دفاعية متقدمة مثل الذكاء الإصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine learning) للكشف عن الهجمات المحتملة والرد عليها بسرعة. كما أن إستخدام تقنيات التشفير المتقدمة يُساعد في حماية البيانات الحساسة، والتوعية والتدريب (Awareness) أي تعزيز الوعي بالأمن السيبراني بين الموظفين والمواطنين، حيث يُمكن أن يقلل من المخاطر البشرية، وبرامج التدريب على الأمن السيبراني حيث يُمكن أن تساعد في تقليل الأخطاء التي قد تؤدي إلى إختراق، ويمكن تضمين هكذا نوع من التعليم في المدارس إبتداء من الصفوف الاساسية. كذلك تطبيق تدابير أمان صارمة، أي تبنّي سياسات صارمة مثل إدارة الهوية والوصول إلى (IAM)، وإستخدام المصادقة متعدّدة العوامل (MFA)، حيث يُمكن أن يُعزّز من أمان الأنظمة. كذلك، إجراء تحديثات دورية للأنظمة لسدّ الثغرات الأمنية المعروفة، والتعاون الدولي، أي التعاون بين الدول لمواجهة التهديدات السيبرانية حيث يُمكن أن يكون فعّالًا، وتبادل المعلومات حول التهديدات والتنسيق في الرد على الهجمات حيث يمكن أن يقلّل من فعّالية القراصنة».
ويشدّد حاكمة على «أن من أساليب المواجهة، التكيُّف مع التهديدات الجديدة، بمعنى التحديث المستمر. فرغم صعوبة تفادي جميع الهجمات السيبرانية، يُمكن للمؤسسات والدول أن تتكيّف مع التهديدات الجديدة من خلال الإبتكار المستمر في مجال الأمن السيبراني، إضافة إلى أن تطوير الأدوات الدفاعية الجديدة وإستراتيجيات الأمان يساعد في تقليل تأثير الهجمات، والإستجابة السريعة والفعّالة للخروقات عند حدوثها يُمكن أن تقلل من الأضرار، ووضع خطط الطوارئ والبنية التحتية للإستجابة للأزمات السيبرانية التي تعتبر عنصراً أساسياً في أي إستراتيجية أمنية. ويُمكن تقليل مخاطر الخروقات السيبرانية بشكل ملحوظ أيضاً من خلال الإستثمار في التكنولوجيا المتطورة، وزيادة الوعي لدى الأفراد، وتطبيق سياسات أمان صارمة. ومع ذلك، بسبب التطور المستمر في مهارات القراصنة، يبقى من الصعب تجنُّب هذه الخروقات بشكل كامل، والتحدّي الرئيسي هو تقليل تأثيرها وتعزيز القدرة على التعافي منها بسرعة».
يضيف حاكمة: «كما أن هناك بعض الجوانب الأساسية الإضافية المتعلقة بالأمن السيبراني وتأثيره على الإقتصاد والأمن القومي منها:
– الحاجة إلى تشريعات وسياسات قوية وواضحة، أي إطار تشريعي وتنظيمي قوي: تتطلب مكافحة الخروقات السيبرانية إطاراً تشريعياً وتنظيمياً قوياً. يجب أن تضع الدول سياسات واضحة حول حماية البيانات، وتنظيم الإنترنت، وضمان الإمتثال لمعايير الأمان. هذه القوانين تساعد في تحديد المسؤوليات والعقوبات المتعلقة بالإختراقات.
– التعاون بين القطاعين العام والخاص: التعاون بين الحكومات والشركات الخاصة ضروري لتعزيز الدفاعات السيبرانية. الشركات، غالباً ما تكون في الخط الأمامي للهجمات، وبالتالي فإن تبادل المعلومات والخبرات بين القطاعات المختلفة يُمكن أن يُسهم في تطوير إستراتيجيات أمان فعّالة».
ويرى حاكمة «أن الأهمية الإستراتيجية للأمن السيبراني تكمن في دمجه في الإستراتيجيات الوطنية، إذ إن الدول بحاجة إلى دمج الأمن السيبراني في إستراتيجياتها الوطنية للأمن والدفاع. هذا يتضمّن تطوير وحدات متخصّصة في الأمن السيبراني داخل الجيش والأمن الداخلي، الأمن العام وأمن الدولة، كذلك في الوكالات الحكومية الأخرى»، مشدّداً على أن «الحرب السيبرانية أصبحت جزءاً من الصراعات المستقبلية، فمع تزايد الإعتماد على التكنولوجيا، من المتوقع أن تصبح الحرب السيبرانية جزءاً أكبر من النزاعات المستقبلية. فالدول قد تستخدم الهجمات السيبرانية لتعطيل خصومها دون الحاجة إلى الإشتباك المباشر، مما يجعل الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من أي إستراتيجية دفاعية حديثة».
ويشير حاكمة الى أن «الحماية من الهجمات السيبرانية على سلاسل التوريد (Supply Chain)، كون الهجمات على سلاسل التوريد أصبحت مصدر قلق كبير، حيث يُمكن إستهداف مقدّمي الخدمات أو موردي التكنولوجيا لاختراق أنظمة أكبر وأكثر تعقيداً. فهجوم SolarWinds هو مثال على ذلك، حيث تم إستغلال الشركة لإستهداف العديد من الوكالات الحكومية والشركات، بالإضافة تأمين سلاسل التوريد، فالمؤسسات تحتاج إلى تقييم أمن مورديها بشكل دوري لضمان عدم وجود نقاط ضعف يمكن إستغلالها من قبل القراصنة، وإستخدام العقود والسياسات التي تفرض معايير أمان صارمة على الموردين يعتبر خطوة ضرورية».
ويشرح حاكمة «أهمية البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني (Research and development) ، لأن الإستثمار في البحث والتطوير يساعد على إكتشاف أساليب جديدة للتصدي للهجمات السيبرانية. فتقنيات مثل الذكاء الإصطناعي، التعلم الآلي، وتحليل البيانات الضخمة يُمكن أن تساعد في التنبؤ بالهجمات وتطوير وسائل للدفاع عنها».
ويقترح حاكمة «الابتكار في الدفاع السيبراني من تطوير حلول مبتكرة للأمان السيبراني والذي يُمكن أن يتضمّن تقنيات جديدة مثل الشبكات اللامركزية، والتشفير المتقدم. هذه التقنيات يُمكن أن تجعل من الصعب على القراصنة إختراق الأنظمة».
الدور المتنامي للذكاء الإصطناعي
– الكشف عن التهديدات: الذكاء الإصطناعي يُمكن أن يكون أداة قوية للكشف عن التهديدات السيبرانية بشكل أسرع وأكثر دقة. فالأنظمة الذكية يُمكن أن تحلّل كميات كبيرة من البيانات للتعرُّف على الأنماط التي تشير إلى نشاط مشبوه.
– الهجمات بإستخدام الذكاء الإصطناعي: في الوقت نفسه، قد يستغل القراصنة الذكاء الإصطناعي لتطوير هجمات أكثر تعقيداً. لذلك، يجب أن تكون المؤسسات مستعدة لمواجهة هذا التهديد بإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي الخاصة بها.
التثقيف والتوعية المستمرة
– التثقيف المستمر: الأمن السيبراني ليس مسؤولية العاملين بتكنولوجيا المعلومات فقط، بل هو مسؤولية الجميع. ويجب على المؤسسات الإستثمار في برامج تدريب وتوعية دورية لضمان أن جميع الموظفين يفهمون أهمية الأمان السيبراني وكيفية حماية أنفسهم والمؤسسة.
التثقيف العام: تعزيز الوعي العام حول الأمن السيبراني يُمكن أن يقلّل من نجاح الهجمات التي تعتمد على الهندسة الاجتماعية، مثل التصيُّد الإحتيالي (Phishing).
ويختم حاكمة: «يُمكن التقليل من الخروقات السيبرانية بشكل كبير، ولكن لا يُمكن السيطرة عليها تماماً، وذلك بسبب تطور قدرات القراصنة التي غالباً ما تتفوّق على أنظمة الحماية، لذلك هناك عملية كرّ وفرّ بين أنظمة الحماية والقراصنة، وهي حرب مستمرة ومن التحدّيات التي تعوّق السيطرة على الخروقات والمخاطر السيبرانية، هي تطوُّر قدرات القراصنة وقدرتهم على الهجوم على دولة أو مؤسسة معيّنة بأعداد كبيرة جداً ومن أماكن متفرّقة من العالم مما يضعف أنظمة الحماية. والخطر لا يقتصر على الهجمات من الخارج بل هناك هجمات داخلية وهي الأخطر، لأنها يُمكن أن تخترق الأنظمة بسهولة أكبر، لأن نظم الحماية من الداخل غالباً ما تكون أقل، كما أن التطوّر التكنولوجي الذي يدخل في كل أساليب حياتنا يجعل هذه الخروقات أكبر وأكثر فعّالية كما أن عدم الإدراك والمعرفة لدى الشركات والموظفين يساعدان كثيراً على حدوث الخرق».
لبنان وخروقات الأمن السيبراني
في لبنان إزدادت حوادث خرق الإتصالات من قبل العدو الاسرائيلي منذ إندلاع الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، مستفيدة من ضعف البنية التحتية للأمن السيبراني فيه، وشهدت المؤسسات الرسمية اللبنانية، أي المطار ومجلس النواب ووزارة الشؤون الاجتماعية موجة من الإختراقات الإلكترونية، بالإضافة إلى هواتف مواطنين في جنوب البلاد. ويرجع الخبراء هذا الإختراق للأمن السيبراني اللبناني إلى الإهمال في صيانة وتحديث المواقع، ونقص التمويل لتحسين الأمن الإلكتروني، بالإضافة إلى إنتهاء عقود الصيانة للأجهزة في المؤسسات الحكومية. فعلى سبيل المثال أن الثغرة في المطار تتعلق بنظام التشغيل Windows XP الذي توقفت تحديثاته وصيانته منذ حوالي 10 سنوات. وفي دراسة أجراها مركز بحوث تعزيز الحماية السيبرانية في لبنان CERT في العام 2022، تبيّن أن الأنظمة المعلوماتية في القطاعات المختلفة، تعرّضت لأكثر من مليونين و500 ألف محاولة إختراق خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر يناير/ كانون الثاني 2022. وهذه الاختراقات تعرض بيانات الأنظمة المتأثرة للخسارة إذا لم يتم تحديثها وحمايتها. وفي العام 2012، تعرض 16 موقعاً إلكترونياً تابعاً للإدارات الرسمية والوزارات اللبنانية للقرصنة على يد جماعة تعرف بـ «إرفع صوتك». ورغم إعتماد لبنان على إستراتيجية الأمن السيبراني في العام 2018، إلاّ أن عدم إقرار المراسيم التنفيذية جعلها مجرّد حبر على ورق، وفق الخبراء التقنيين. وهذا الواقع، يجعل الإختراقات الإلكترونية أمراً متوقعاً ومفهوماً بالنسبة إلى الخبراء حيال سهولة إختراق المواقع الرسمية، إذ يصبح الوصول إلى مثل هذه المواقع متاحاً لأي مجموعة hukers، ولا سيما مع عدم وجود بنية تحتية قوية للأمن السيبراني.
في يونيو/حزيران 2019، صدرت نسخة حول تفاصيل تلك الإستراتيجية، ووضعت بعنوانها الثانوي هدفا لأن يكون لبنان فضاء سيبرانياً أكثر أمناً وإستقراراً في الداخل الوطني، أو في التبادلات الدولية، بعدما فصلت نوع التهديدات الرقمية التي تواجهها داخلياً وخارجياً.
الأمن السيبراني ظهر مع سقوط جدار برلين!
يشرح الخبير والباحث في الذكاء الاصطناعي الدكتور أنطوان حرفوش أنه «تاريخياً، بدأت تتجلى أهمية الامن السيبراني منذ العام 1993 بعد سقوط جدار برلين، حينها إجتمع الرئيس الأميركي بيل كلينتون وزوجته هيلاري مع قيادات وكالة الإستخبارات الاميركية (CIA) ومخابرات الجيش وناقشوا كيفية حصاد نتائج الإنتصار الذي حققته الولايات المتحدة في الحرب الباردة إقتصادياً، فكانت الفكرة إستخدام التقنية السرية التي كانت تستعمل لربط الاجهزة مع بعضها البعض، لتكون متاحة لعموم الشعب الاميركي وشعوب العالم وإقناع الشركات الخاصة في الإستثمار فيها لخلق إقتصاد المعلوماتية وتحضير الشركات والجامعات الأميركية لهذا النوع من الإقتصاد وتمويلها ليتمكنوا لاحقاً من السيطرة على الإقتصاد العالمي».
يضيف حرفوش: «الاقتصاد الرقمي قائم على المعلوماتية لأنه فكرة CIA بالتكامل مع الذكاء الإصطناعي، وبدأ منذ ذلك الوقت تحضير الأرضية الأكاديمية والجامعية لتعليم الطلاب، على كيفية صناعة شركات المستقبل القائمة على المعلوماتية من خلال الإختراع الذي إسمه الإنترنت، وهكذا إكتشفت الكرة الأرضية الإنترنت وبدأت العديد من الشركات الاميركية في الإستثمار فيه بدعم من وكالة الإستخبارات الأميركية»، لافتاً إلى أنه «في العام 2003 إنفتحت السوق وصار كل العالم يستخدم المعلوماتية، وصارت الجامعات الاميركية تدرس هذا الإختصاص بدعم من الـ CIA، وإستخدمت وكالة الإستخبارات نظام IN-Q-Tel الذي تملكه وتستعمله لتطوير الشركات التي تهمها، مثلاً شركة linked inقد تم دعمها بملايين الدولارات لأنها تطلب من كل مَن يشارك فيها الإفشاء عن معلومات شخصية عنه» لافتاً إلى أنه «منذ ذلك الوقت دخل الروس والصينيون على هذه السوق لمواجهتها من خلال خلق مجموعة hukers (قراصنة) يعملون من خلال ما يسمى بالـ dark web مهمته خرق الـ deep web الذي خلقه الأميركيون، وهو ويب مشفّر لا يمكن الدخول إليه من قبل العامة بعكس الـ web )الويب( الذي يُمكن للجميع الدخول إليه. وهؤلاء خلقوا بنى تحتية كبيرة في dark web حيث لا وجود للإنتربول والسي أي إيه ويمكن من خلالها القيام بعمليات مالية ومصرفية مشفّرة. بمعنى آخر الأمن السيبراني بات همّ الجميع في العالم، لأن هناك مَن يستعمل الويب بطريقة ظاهرة وشرعية مقابل مجموعة تستعمل الدارك ويب والعملات المشفّرة والمرقمة للقيام بعمليات غير قانونية».
خطر سيبراني يومي على لبنان!
يوضح حرفوش أنه «حالياً هناك من يدافع عن الأمن السيبراني، وهناك مَن يُحاربه من خلال القراصنة لتدمير المعلوماتية وسرقة المعلومات. وبعد الحرب الأوكرانية إنقسمت كل من روسيا وأوكرانيا في منطقة dark web بسبب الحرب بينهما، حيث يحصل بينهما هجوم على web الويب، مواز للهجوم العسكري الذي يحصل على الأرض، فيما أوروبا في المنتصف»، شارحاً أنه «في لبنان، يكمن الخطر اليومي عليه، من إسرائيل التي تملك 3 مؤسسات تعمل في هذا المجال وهي: شاباك وآمان والموساد، هذه المؤسسات لم تكن تتعاون مع بعضها البعض إلى حين وقوع هجوم 7 أوكتوبر من قبل حماس في العام 2023، وكانت لديهم قاعدة أمنية تُسمى قاعدة رقم 1 تمنع التنسيق بينهما، بعدها تم تغيير طريقة عملها، وبدأ التنسيق الكامل بين الأجهزة الثلاثة هذه، والاكثر فعّالية بينها، وهي جهار آمار التي تملك المجموعة 8200 وهي المسؤولة عن الهجوم السيبراني الذي يحصل في لبنان، كما حصل في المطار ومهمتها متابعة البنى التحتية السيبرانية في لبنان ومتابعة تدميرها. وينقسم عملها بين مجموعات تعمل من وراء أجهزة الكومبيتر (مجموعة 8200) عبر الويب أي ضرب ويب سات، نشر معلومة خطأ، السيطرة على النظام المعلوماتي في مطار بيروت وبث رسائل كاذبة عبره كما حصل سابقأ.
وهناك مجموعة أخرى تُسمّى بالـ (504) ومهمتها جلب معلومات من شخص لآخر، وهناك جموعة أخرى تسمى بالـ (81 ) وهي secret technology وقد قامت بتغيير قواعد اللعبة، ووضعت قواعد جديدة، والقاعدة الرقم واحد بالنسبة إليهم هي جمع المعلومات من أكثر من مصدر ومقاربتها أو معالجتها من خلال نظام OPEN SOURCE INTELIGENT (OSINT) أي كل المعلومات والصور والكاميرات الذكية في الشوارع والموصولة على الويب أو الإنترنت والمعلومات الموجودة على وسائل التواصل الإجتماعي، يعني أنه يُمكن للمقرصنين وأجهزة الاستخبارات العالمية أن تصل إليها وهذه المعلومات يتم جمعها وتحليلها من خلال الذكاء الإصطناعي الذي يرسل النتيجة الى الأجهزة المختصّة خلال دقائق معدودة وارسالها إلى أشخاص معينين بما يسمح لهم بالوصول الى هدفهم. صحيح أنه لا يكون لديهم معلومة صحيحة 100% ولكن يصبحون يملكون أكثر من 51% من المعلومة التي يريدونها لإتخاذ القرار أو الوصول إلى الهدف. والتغيير الجذري الثاني هو الانظمة الذكية التي تجمع المعلومات وتحللها بسرعة فائقة وخلال ثوان معدودة».
يؤكد حرفوش أن «لبنان يملك قدرات بشرية ممتازة لحفظ الامن السيبراني، وفي الوقت الراهن يمكن المواجهة من خلال هذه القدرات البشرية والنجاح حتى ولو كانت البنى التحتية التقنية غير متطورة بالشكل الذي يحصل عالمياً، الأهم هو القدرات البشرية وهذا ما يحصل في المؤسسات الامنية اللبنانية المخولة حماية الامن السيبراني في لبنان، علما أنها واجهت تحديات كبيرة خلال الازمة الحالية لجهة هجرة الكفاءات البشرية، وهذا ما حدا بهذه المؤسسات بالسماح لهم بالعمل في المؤسسات الخاصة للحفاظ على كفاءاتهم والدفاع عن الامن السيبراني الوطني وهذه الاستراتيجية نجحت بشكل كبير وهذا ما فاجأني كمراقب، فهذه الاجهزة تعمل حالياً بسرعة وتقفل كل الثغرات التي يمكن ان ينفذ منها القراصنة والدفاع عن الامن السيبراني الوطني وهذا ما سيذكره التاريخ، وفي مقارنة مع الدول الأوروبية فالكفاءات اللبنانية تقوم بجهد يحتاج إلى أضعاف مضاعفة من الكفاءات في الخارج لإعطاء النتيجة نفسها».
ويرى حرفوش أن «التشريعات اللبنانية سبّاقة في الحفاظ على الأمن السيبراني وهي متطوّرة وعملية لتغطية أي ثغرات يمكن أن تحصل لاحقاً»، واصفاً شعب لبنان بأنه «منفتح على الشرق والغرب ولديه علاقات قريبة من كل الدول وهذا ما يمنحهم ميزة متابعة ما يحصل حول لبنان واستخلاص الخبرات اللازمة مما يخلق حصانة للوضع اللبناني رغم صعوبة الأوضاع».
ويختم حرفوش: «شخصياً، ومن خلال سفراتي وخبراتي لبنان متطور أمنياً، وهناك قدرات بشرية قوية وقادرة على المواجهة، وهذه ميزة تفاضلية يتمتع بها مقارنة مع غيره من الدول، لذلك أشدد على أن التعاون بين الاجهزة المختصة لحماية الأمن السيبراني للحصول على نتائح أكثر كمالاً».
ينقصنا القرار السياسي!!
من جهته، يشرح المحامي شربل شبير (مختص بجرائم المعلوماتية) لمجلة اتحاد المصارف العربية أن «لبنان أقرّ في العام 2021 إستراتيجية مختصة بالأمن السيبراني، وضمّت كل الخطوات اللازمة لحماية أمنه السيبراني واليوم في ظل الخروقات التي تحصل، هذا يحفز على تسريع الخطى الرسمية لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ من خلال إقرارها في قانون يصدر عن مجلس النواب وإصدار المراسيم التطبيقية لها، وحتى اليوم لم تتم هذه الخطوات».
يضيف شبير: «حالياً هناك جهود حثيثة من قبل الاجهزة المختصة لحماية الامن السيبراني، لكن هناك إمكانية للخرق على غرار ما يحصل في كل دول العالم ولا يمكن الوصول الى حماية 100%، ولبنان بحاجة بالتأكيد إلى تطوير شبكات الانترنت لديه وsoftware، وهذا يتطلب تمويلاً والجميع يعرف الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وبالتالي الكرة في ملعب الدولة اللبنانية التي يجب ان تنظر الى حماية الامن السيبراني كأولوية، علما أن لدينا المؤهلات البشرية والنصوص لتحقيق هذا الأمر، لكن ينقصنا التمويل، وهذا ما تتفوّق به علينا الدول الأخرى».
ويؤكد شبير أن «لبنان يملك حالياً الإستراتيجية للحماية، والمؤسسات الرسمية المختصة، تضمّ أهم الكفاءات على صعيد لبنان والمنطقة، وهم يعملون باللحم الحي بما يملكون من قدرات تقنية وشخصية عالية مقارنة مع خبرات وكفاءات نراها في دول العالم، لكن لسوء الحظ لا نملك القدرات المالية»، مشدّداً على أن «القدرات التي يجب أن نقوم بها هي تنفيذ هذه الإستراتيجية وأن تتولى الكفاءات المختصة في كافة الاجهزة الأمنية الخروقات التي يُمكن أن يتعرّض لها، كي يكونوا صمام الأمان لأي خرق سيبراني يتعرّض له لبنان داخلياً وخارجياً.
لذلك يجب تفعيل هذه الاستراتيجية وإنشاء هذا الفريق المختص وتنفيذ الخطط والاجراءات التي تحمي الامن السيبراني في لبنان. والتقدم التكنولوجي في العالم يحصل بشكل كبير لا سيما في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، مما يساعد القراصنة على القيام بخروقات على لبنان، لذلك يجب أن نُنشىء خطوط دفاع لردها، ولا بد من لفت النظر إلى أن غياب المكننة والتكنولوجيا عن معظم ادارات الدولة اللبنانية يساعد على تخفيف حدّتها».
يضيف شبير: «العديد من دول العالم تستعين بالكفاءات اللبنانية لتطوير أنظمتها الرقمية والحفاظ على أمنها السيبراني ولكن في لبنان لا تتم الاستفادة من هذه الادمغة. في لبنان أقر قانون 81\ 2018 ويغطي هذا القانون جزءاً من جرائم المعلوماتية وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي، وبالتالي لدينا الارضية اللازمة لحماية الامن السيبراني وهي بحاجة الى تطوير دائم نظراً إلى حجم التطورات التي تحصل في هذا القطاع وفي كل بلدان العالم، وبرأيي يجب تشديد العقوبات وتحويلها من جنحة الى جريمة ورفع قيمة الغرامات».
ويختم شبير: «إن الحماية تكون ليس فقط عن طريق الكفاءات فهي موجودة بل توفير البنى التحتية، أي إنترنت سريع وكهرباء موجودة – fibre obtique متطوّر. نحن نحتاج الى قرار رسمي لتطوير الدفاع عن الامن السيبراني لأن لبنان يملك الكفاءات التي تمكنه من ذلك، لكن ينقصنا القرار والتمويل».
ما هي أسباب إنهيار الأسواق المالية العالمية في 5أغسطس/آب 2024؟
في 5 أغسطس/آب 2024، شهدت أسواق الأسهم العالمية إنخفاضاً حاداً، مما أدّى إلى محو ما يقرب من 6.4 تريليونات دولار من قيمتها. وقد إنخفضت المؤشرات الرئيسية مثل «داو جونز»، و«ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك» بشكل كبير،
مدفوعة بمخاوف المستثمرين من الركود الوشيك في الولايات المتحدة والمخاوف حيال تأخُّر إستجابة بنك الإحتياطي الفيدرالي في تعديل أسعار الفائدة.
يُمكن أن يُعزى السبب الجذري للذعر الذي أصاب الأسواق المالية في 5 أغسطس/ آب 2024 إلى تضافر عوامل عدة رئيسية:
ضعف البيانات الإقتصادية الأميركية: فقد أدى إصدار بيانات إقتصادية «مخيبة للآمال» في الولايات المتحدة، ولا سيما في ما يتعلق بسوق العمل وقطاع التصنيع، إلى زيادة المخاوف من الركود الوشيك. وتضمّنت هذه البيانات إنخفاضاً في خلق الوظائف عن المتوقع وإنخفاض الناتج الصناعي، مما يؤشّر إلى تباطؤ محتمل في النمو الإقتصادي.
مخاوف حيال سياسة البنك الإحتياطي الفيدرالي: كان هناك قلق كبير حيال التأخير الملحوظ من جانب «الإحتياطي الفيدرالي» في تعديل أسعار الفائدة. وكان المستثمرون قلقين من أن «الإحتياطي الفيدرالي» قد يكون متأخراً في معالجة التضخُّم والنمو الإقتصادي. وقد أدى قرار البنك بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، إلى جانب التوجيهات المستقبلية الغامضة، إلى تفاقم هذه المخاوف.
التباطؤ الإقتصادي العالمي: لقد ساهمت مؤشرات تباطؤ النشاط الإقتصادي في الإقتصادات الكبرى الأخرى، مثل الصين ومنطقة اليورو، في خلق نظرة قاتمة للنمو العالمي. فالترابط بين الأسواق العالمية يعني أن المشاكل في إقتصاد رئيسي واحد يُمكن أن تنتشر بسرعة إلى إقتصادات أخرى، مما يُؤدي إلى تفاقم الشعور بعدم اليقين والمخاطرة.
ردود أفعال سوق السلع الأساسية: عكس إنخفاض أسعار السلع الأساسية، وخصوصاً النفط والذهب، مخاوف أوسع نطاقاً حيال الطلب العالمي والصحة الإقتصادية، لذلك باع المستثمرون هذه الأصول لتغطية الخسائر في أماكن أخرى، مما ساهم في دوامة هبوطية عبر الأسواق.
البيانات الفنية للسوق Technicals: أدت ظروف السوق، بما في ذلك السيولة الضئيلة والتقلُّبات العالية لفترات التداول الصيفية، إلى تضخيم آثار الأخبار السلبية. في مثل هذه البيئات، يُمكن المبالغة في تحرُّكات السوق، حيث يؤدي عدد أقل من المشاركين إلى تقلُّبات أسعار أكثر أهمية.
وقد إجتمعت هذه العوامل لتكوين عاصفة مثالية من المشاعر السلبية، أدت إلى عمليات بيع واسعة النطاق عبر فئات الأصول المختلفة، مما أدى إلى حالة الذعر في السوق التي لوحظت في 5 أغسطس/ آب 2024.
وقد شهد الذهب، الذي يُعتبر عادةً ملاذاً آمناً أثناء الإضطرابات الإقتصادية، إنخفاضاً ملحوظاً أيضاً، فإنخفض سعر الذهب، حيث قام المستثمرون بتصفية مراكزهم لتغطية الخسائر في مجالات أخرى من السوق، ولم تسلم أسعار النفط الخام من عمليات البيع، فإنخفضت عقود الخام القياسي بأكثر من 2 % قبل أن تتعافى من بعض الخسائر. وكان هذا الإنخفاض جزءاً من تراجع أوسع نطاقاً في أسعار السلع الأساسية، متأثراً بالمخاوف من ضعف البيانات الإقتصادية الأميركية والتباطؤ الإقتصادي العالمي.
كما واجهت سوق السلع الأساسية إنخفاضاً كبيراً في جميع المجالات، فإنخفضت أسعار النحاس بنسبة 3.8 %، في حين قادت الفضة الإنخفاض في المعادن الثمينة بإنخفاض تجاوز 7 %. وفي الخلاصة، فقد سلّط إنهيار السوق المالية في 5 أغسطس/ آب الضوء على هشاشة الأسواق العالمية وترابطها.
مبرّرات الذعر الذي أصاب الأسواق المالية
لقد عرض عدد من المحلّلين والخبراء لمبرّرات الذعر في الأسواق المالية كالتالي:
البيانات الاقتصادية وسياسة بنك الإحتياطي الفيدرالي: فقد أشار خلق الوظائف المخيّب للآمال وإنخفاض الناتج الصناعي إلى تباطؤ اقتصادي محتمل. وغالباً ما يتفاعل المستثمرون بقوة مع مثل هذه البيانات، خوفاً من الركود وتأثيره على أرباح الشركات والإستقرار الإقتصادي. كما أدى قرار «الإحتياطي الفيدرالي» بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، رغم علامات الضعف الإقتصادي، إلى خلق حالة من عدم اليقين حيال السياسة النقدية المستقبلية. وكان المستثمرون قلقين من أن «الإحتياطي الفيدرالي» قد يكون بطيئاً للغاية في الإستجابة للظروف الإقتصادية المتغيّرة، مما قد يؤدي إلى تفاقم التباطؤ.
المخاوف الإقتصادية العالمية، وإحتمال تباطؤ الإقتصادات الكبرى: أضافت علامات تباطؤ النمو في الصين ومنطقة اليورو إلى المخاوف من تباطؤ الإقتصاد العالمي. ونظراً إلى أن هذه الإقتصادات مترابطة، فإن المشاكل في منطقة واحدة يُمكن أن تنتقل إلى مناطق أخرى، مما يؤثر على التجارة العالمية والأسواق المالية.
التوترات الجيوسياسية والنزاعات والصراعات التجارية: تُساهم القضايا الجيوسياسية المستمرة، مثل النزاعات التجارية والصراعات الإقليمية، في حالة عدم اليقين الإقتصادي. ويُمكن أن تؤدي هذه التوترات إلى تعطيل تدفقات التجارة والتأثير سلباً على النشاط الإقتصادي العالمي، مما يبرّر حذر المستثمرين.
ديناميكيات السوق وإنخفاض السيولة وزيادة التقلبات: غالباً ما تشهد فترة التداول الصيفية إنخفاضاً في السيولة، مما قد يؤدي إلى تضخيم ردود فعل السوق تجاه الأخبار. وفي مثل هذه البيئة، يُمكن المبالغة في تحرُّكات الأسعار، مما يؤدي إلى إنخفاضات أكثر حدّة عند ظهور أخبار سلبية.
لكن في المقابل، فقد ساق عدد من المحلّلين حججاً ضد تبرير الذعر وهي التالية:
المبالغة في ردّ الفعل تجاه البيانات قصيرة الأجل تجاه «الأساسيات الإقتصادية»، فرغم البيانات الضعيفة، ظلّت بعض الأساسيات قوية، مثل إنفاق المستهلك وأرباح الشركات. فغالباً ما تنطوي حالات الذعر على ردود فعل مبالغ فيها تجاه البيانات قصيرة الأجل دون النظر في السياق الإقتصادي الأوسع. كذلك كانت هناك مبالغة في ردّة الفعل على الإجراءات المحتملة لمجلس الإحتياطي الفيدرالي، فرغم عدم تخفيض «الإحتياطي الفيدرالي» لأسعار الفائدة على الفور، فإن إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل بناءً على تحسن إتجاهات التضخُّم تشير إلى أن السياسة النقدية لا تزال قادرة على دعم الإقتصاد في المستقبل القريب.
المرونة التاريخية، إذ أظهرت الأسواق تاريخياً، مرونة وقدرة على التعافي من الإنخفاضات الحادة، إذ يُمكن أن يكون بيع الذعر مدفوعاً في بعض الأحيان بالخوف وسلوك القطيع أكثر من التغيُّرات الإقتصادية الأساسية.
الخلاصة
في المحصلة، ربما كان للذعر في 5 أغسطس/ آب 2024 أُسُس منطقية بالنظر إلى البيانات الإقتصادية الضعيفة والمخاوف حيال سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي وعدم اليقين الاقتصادي العالمي. وقد وفّرت هذه العوامل أساساً لقلق المستثمرين وعمليات البيع اللاحقة في السوق. ومع ذلك، ربما تفاقمت شدّة الذعر بسبب ديناميكيات السوق مثل السيولة المنخفضة والتقلُّبات العالية. ولكن في ضوء ما حدث الآن، ورغم أن المخاوف كانت مبرّرة، فإن شدّة رد الفعل يُمكن النظر إليها، بإعتبارها ردّ فعل مبالغ فيه مدفوعاً بمخاوف قصيرة الأجل وليس تقييماً مدروساً للتوقُّعات الإقتصادية الأوسع.
مليارات الدولارات في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي…
هل تُؤتي ثمارها؟
تأرجحت الأسواق المالية الأميركية والعالمية مؤخراً بين هبوط حاد سريع حرّك مخاوف من ركود قوي، وصعود وتماسك يستمر، لكن في أجواء من القلق. وتقاطعت تحليلات كثيرة على أن شركات التكنولوجيا الكبرى وإستثماراتها، تتحمّل مسؤولية في ذلك، وإن جزئياً، إضافة إلى عوامل على غرار إستمرار التضخُّم والغموض حيال أسعار الفائدة، والضغوط المتأتية من السياسة، بما في ذلك الأجواء المتوترة للانتخابات الرئاسية الأميركية وغيرها.
وجاءت تلك التقلبات، فيما تستمر مشهدية الطفرة الهائلة في الإستثمارات المتعلقة بالذكاء الإصطناعي، مع التركيز على النوع التوليدي Generative AI، إذ تتنافس كبرى شركات التكنولوجيا على تأمين مكانة رائدة في هذا القطاع المتنامي، خصوصاً منذ العام 2022.
وتستثمر هذه الشركات، مثل ألفابيت (غوغل)، ومايكروسوفت، وأمازون، وميتا (مالكة فيسبوك)، مليارات الدولارات في بناء مراكز بيانات ومرافق جديدة لتشغيل الذكاء الاصطناعي وتوسيع قدراتها في هذا المجال. ومع ذلك، فإن هذه الإستثمارات الضخمة لا تخلو من تحدّيات ومخاطر، لكنها تحمل أيضاً أهمية إستراتيجية وإقتصادية هائلة.
حجم الإستثمارات
تتزايد الإستثمارات في قطاع الذكاء الإصطناعي بشكل غير مسبوق، ويُتوقع مثلاً، أن تنفق شركة ألفابيت وحدها نحو 48 مليار دولار في العام 2024 على البنية التحتية المتعلّقة بالذكاء الإصطناعي. وتشارك في هذا السباق، شركات أخرى مثل مايكروسوفت، التي أكدت خططها لمواصلة الإنفاق الكبير على الذكاء الإصطناعي، كذلك أمازون وميتا. إجمالًا، قد تصل إستثمارات هذه الشركات الأربع في مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي إلى أكثر من 100 مليار دولار هذا العام (2024).
ويوضح الخبير التكنولوجي رودي شوشاني أنّ «هنالك تضارباً في الأرقام حول حجم إستثمارات الشركات التكنولوجية في قطاع الذكاء الإصطناعي، حيث تشير بعض التقارير إلى أنّ حجم هذه الإستثمارات يصل إلى 1 تريليون دولار، فيما تشير دراسة «مكينزي» إلى أنّ Gen AI بمفرده يصل حجم الإستثمارات فيه إلى نحو 4 تريليونات دولار، كما هناك مقالات أخرى تشير إلى أنّ حجم الإقتصاد العالمي للذكاء الإصطناعي يبلغ 8 تريليونات دولار».
إستثمار مبالغ فيه
ومهما إختلفت الأرقام المتداولة عن حجم الإستثمارات في قطاع الذكاء الإصطناعي، فذلك لا ينفي أنّ التكلفة مُبالغ فيها، وتواجه مشاكل كثيرة تجعل من بعض الإستثمارات تذهب سدى.
وأعطى شوشاني مثلاً عن الإستثمار الزائد، إذ ذَكَّر بقرار شركة فيسبوك تغيير تسمية علامتها التجارية إلى «ميتا» من «ميتا فيرس»، وهو مصطلح يشير إلى العوالم الإفتراضية التي يتفاعل فيها المستخدمون عبر شخصيات رمزية إفتراضية ترتسم غالباً بالصيغة التجسيمية ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى تركيزها على الإتصال الإجتماعي والإقتصادي، مشيراً إلى أن تلك الخطوة تلاها «فشل في تحقيق مستهدفاتها، وتسبّبت بخسارة 15 مليار دولار، أو أكثر».
كذلك لفت شوشاني إلى أنّ «التجربة نفسها تتكرر اليوم مع الذكاء الإصطناعي التوليدي Gen AI، الذي يشهد زخماً في الإستثمارات، وإن كان عدد مستخدميه أكبر بكثير من «ميتا». فمع نموذج «شات جي بي تي»، نتحدث عن 100 مليون مستخدم خلال ثلاثة أيام، وهي سابقة تاريخية، إلاّ أنّ ذلك لا ينفي حقيقة أنّ الإستثمارات مبالغ فيها». وسأل شوشاني «ماذا سيحصل بعد أن يستهلك الذكاء الإصطناعي الداتا جميعها؟».
التحدّيات والمخاطر
وتُواجه هذه الإستثمارات تحدّيات ومخاطر جدية، يعدّد شوشاني بعضاً منها: «أولًا، هناك عدم اليقين حول متى وكيف ستُؤتي هذه الإستثمارات ثمارها، إذ قد يؤدي الفشل في تحقيق العوائد المتوقعة إلى خسائر ضخمة، ما يُثير مخاوف المساهمين والمستثمرين». ومثلاً بعد إعلان شركة ألفابيت عن نتائجها المالية، شهد مؤشر ناسداك تراجعاً بنسبة 4 %، ما يعكس القلق السائد في السوق.
ثانياً، بحسب شوشاني، هناك تحدّيات لوجستية وتقنية تتعلق ببناء وتشغيل هذه البنية التحتية الضخمة، لأن «زيادة الطلب على الطاقة مثلاً قد يُسبّب إختناقات في الإمدادات، ولا سيما في الأماكن التي تُواجه فيها شبكات الكهرباء ضغوطًاً». في كاليفورنيا، قد يستغرق توصيل مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي بالشبكة الكهربائية ما بين ست إلى عشر سنوات، وما قد يؤثر على خطط التوسع.
وأَضاف شوشاني إن «الإعتماد الكبير على شركات معينة مثل إنفيديا، التي تُعتبر المورد الرئيسي لرقائق الذكاء الإصطناعي، يُمثل خطراً إضافياً، وأيّ خلل في قدرة هذه الشركات على تلبية الطلب قد يعطل سلسلة التوريد بأكملها».
وطرح شوشاني إشكالية العرض والطلب التي تتحكم بجميع الأسواق. واليوم يشهد قطاع الذكاء الإصطناعي طلباً مرتفعاً وعرضاً ضعيفاً، ما يسمح لهذه الشركات بتحقيق أرباح، ولكن قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها العرض أكثر من الطلب، بسبب حدّة المنافسة، وعندها سنشهد خسائر مالية كبيرة لدى الشركات»، مشيراً إلى أنّ «الذكاء الإصطناعي ليس رخيصاً، فتكلفة إستخدامه وتطبيقه داخل الشركات عالية جداً».
الأهمية الإستراتيجية والإقتصادية
رغم التحدّيات، تُعتبر هذه الإستثمارات ضرورية لتعزيز القدرات التكنولوجية لشركات التكنولوجيا الكبرى، بفعل محورية الذكاء الإصطناعي في التحوُّل الرقمي، وتأثيره الكبير المتوقع على قطاعات مختلفة كالتصنيع والرعاية الصحية والتعليم.
علاوة على ذلك، يُعزّز الإستثمار في الذكاء الإصطناعي قدرة الشركات على الإبتكار والتكيُّف مع متغيّرات السوق. كما يُمكن أن يُسهم في تعزيز التفوُّق التكنولوجي والإقتصادي العالمي للولايات المتحدة، وتالياً، فإن تعزيز الإستثمارات في الذكاء الإصطناعي أمر محتّم، والنجاح فيها قد يغيّر مستقبل الصناعة العالمية والعوالم الرقمية.
الإستدامة تحتل مكانة رئيسية في إستراتيجيات الشركات
واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024
يُشكّل العام 2024 حتى هذه اللحظة، محطة حافلة بالإنجازات على مستوى الإستدامة في الشرق الأوسط، وقد تجلّى ذلك من خلال المقاربات الفعّالة التي إنتهجتها الشركات لإزالة العقبات في سبيل تحقيق أجندات الإستدامة الخاصة بها. ونلاحظ أن شركات عدّة وضعت الإستدامة في كامل أركانها في صلب إستراتيجياتها وعملياتها سعياً إلى ترجمة هذا الزخم من طموح إلى واقع. وعليه، أصبح الإفتقار إلى التمويل، الذي كان يوماً إحدى أكبر العقبات في هذا السياق، في طور التداعي. إلاّ أن ذلك لا ينفي الحاجة إلى جهود سريعة من القطاع الخاص والجهات الحكومية معاً من أجل الحفاظ على هذا الزخم.
وفق «بي دبليو سي الشرق الأوسط»، سُجّل تقدم ملحوظً على مستوى مبادرات المناخ في منطقتنا، بما في ذلك الإجراءات المناخية الرائدة التي تم الإتفاق عليها في مؤتمر الأطراف 28، حيث شهدنا إلتزاماً لم يسبق له نظير على مستوى الشركات والحكومات لمعالجة أزمة المناخ الملحّة، وإعتماد مبادئ الإقتصاد الدائري، والإستفادة من الميزة التنافسية للمنطقة في مجال الطاقة المتجدّدة.
ويشير الإستطلاع الذي أجرته أخيراً «بي دبليو سي الشرق الأوسط» بعنوان «واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات»، إلى تصدُّر أجندة الإستدامة والممارسات ذات الصلة الواجهة. وتكشف البيانات عن نقلة نوعية لقادة الشركات نحو تضمين مبادئ الإستدامة في إستراتيجيات أعمالهم الأساسية وإجراء تغييرات هيكلية جذرية. علماً أن عدداً متزايداً من الشركات عيّنت بالفعل رئيساً تنفيذياً لشؤون الاستدامة أو مسؤولاً تنفيذياً تقع على عاتقه مسؤولية قيادة أجندة الإستدامة وتعزيز المبادرات ذات الصلة.
في مجال التمويل، لوحظ تحوّل واضح تمثّل بميل عدد متزايد من الشركات للإستفادة من القروض والسندات الخضراء لتمويل مساعيها نحو الإستدامة. ورغم هذا التقدّم، تبقى الحاجة إلى العمالة الماهرة التي تتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة هذه المساعي عبئًاً ثقيلاً على عاتق الشركات، إذ يبرز تزويد الموظفين بالكفاءات اللازمة لتنفيذ إستراتيجيات الإستدامة كأحد أصعب التحدّيات التي تواجه القادة في المشهد الحالي.
وبهدف المضي قدماً، من الضروري أن تمنح الجهات الحكومية والقطاع الخاص الأولوية للإستثمارات المسؤولة والأساليب المبتكرة للإستفادة من التقنيات، بما في ذلك إستخدام الذكاء الإصطناعي التوليدي. كذلك، لا بد من إقناع قادة الشركات بالفوائد المزدوجة المترتبة على مبادرات الإستدامة، ليس من ناحية تحقيق عائد على الإستثمار فحسب، بل من حيث تسريع الأرباح. وتؤكد البيانات أن إيلاء الأهمية للإستدامة غالباً ما يعود بأرباح أعلى على الشركات التي تعمد في هذه الحالة إلى إستقطاب فئة جديدة من المستهلكين المهتمين على نحو متزايد بالعلامات التجارية المسؤولة بيئياً. كما أن الشركات التي تعالج المخاطر المرتبطة بالمناخ بشكل إستباقي وتُعزّز عملياتها وسلاسل التوريد الخاصة بها في مواجهة التحدّيات المستقبلية، من المرجح أن تحقق أداءً أفضل على المدى البعيد.
وتشكّل الإستدامة رحلة نحو تحقيق تغيير إيجابي ودائم. لذلك، فإنها تستدعي تدخلات سريعة لتنمية الكفاءات المطلوبة، وركائز تشريعية، وبنية تحتية صلبة لتعزيز التقدم المستمر.
الإستدامة تحتل مكانة رئيسية في إستراتيجيات الشركات
سلّطت الدعوات الملحّة لتسريع الإجراءات المناخية الموحّدة في مؤتمر الأطراف 28، الضوء على أزمة تغيُّر المناخ بإعتبارها تحدّياً أساسياً لكل من الشركات والمجتمعات على حد سواء، وقد حفّزت هذه اللفتة الشركات على إرساء طموحات جديدة واعدة للتخفيف من التأثيرات المترتبة عن هذه الأزمة. وفي هذا الصدد، تُظهر الإستنتاجات الرئيسية التي توصّلنا إليها في إستطلاعنا الأخير حول الإستدامة، أن الشركات في المنطقة تُولي أهمية بالغة للإستدامة من خلال جعلها نقطة محورية في أجندتها الإستراتيجية. ويُمكن القول إن هذه الشركات ليست بعيدة عن إحراز تقدم ملموس في مسار الحدّ من إنبعاثات الكربون إذا ما حسّنت عمليات مراقبة الإستدامة وإعداد التقارير ذات الصلة مقارنة بالعام الماضي (2023)، ورسّخت إلتزاماتها الجدية نحو مستقبل خال من إنبعاثات الكربون.
وفي إستطلاعنا، أفاد أربعة من كل خمسة رؤساء تنفيذيين، بأن شركاتهم تعتمد حالياً إستراتيجية رسمية للإستدامة، وأوضح أكثر من نصفهم، أن هذه الإستراتيجية أصبحت مطبّقة بالكامل في مؤسساتهم. ويشير ذلك إلى تحوُّل إيجابي، لا سيما إذا أخذنا في الإعتبار دعم القادة المحدود للإستدامة سابقاً ومشاركة مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين في الحدّ الأدنى في جهود الإستدامة في ما مضى. ومن اللافت أيضاً أن نسبة المشاركين الذين أعربوا عن غياب دعم القيادة قد إنخفضت إلى النصف تقريباً لتبلغ حالياً 16% فقط.
الإستدامة قضية تشغل المستوى التنفيذي في الشركات
تعتمد الشركات في المنطقة إلى إعادة هيكلة إستراتيجياتها لتتمحور حول الإستدامة من خلال مبادرات تقليل إنبعاثات الكربون، وتعزيز شفافية تقارير الإستدامة، والتكيُّف مع المخاطر المرتبطة بالمناخ. ويعكس هذا التحوُّل تغييراً واضحاً في الإتجاه العام، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان التعديلات التشغيلية الملحوظة التي تطبقها الشركات لجعل الإستدامة جزءاً لا يتجزأ من هياكلها التنظيمية.
في حين أن إعداد تقارير الإستدامة لا تزال خطوة إختيارية إلى حدٍ كبير بالنسبة إلى الشركات العامة في منطقة الشرق الأوسط، على عكس المتطلّبات الإلزامية التي يفرضها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلاّ أن عدداً متزايداً من الشركات الإقليمية تقوم بنشر تقارير الإستدامة حالياً. علماً أن 66% من المشاركين في الإستطلاع ممن ينشرون تقارير الإستدامة يلتزمون إطار المبادرة العالمية لإعداد التقارير.
وعليه، ليس مستغرباً أن الأوصاف الوظيفية لمثل هذه الأدوار، باتت على أكبر قدرٍ من التفصيل والأهمية، بالنظر إلى أن المهمة الأساسية المطلوبة من صاحب الدور هي تضمين الإستدامة في صميم عمليات الشركة.
وفي العام 2024، أفاد ما يزيد عن 40% من المشاركين، بأن شركاتهم تُعد تقارير كاملة حول الإستدامة، في حين أن 24% من الشركات تنشر مقاييس رئيسية حول الإستدامة أو المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وتشير هذه الأرقام إلى أن المؤسسات باتت تدرك أهمية تعزيز الشفافية وترسيخ الثقة، فضلاً عن تحسين الأداء وتقديم القيمة للشعوب والكوكب ككل.
في المقابل، لا تزال الفجوة قائمة بين التركيز الذي تُوليه الشركات حالياً لإعداد التقارير والتطوُّر المتوقع لمتطلبات إعداد التقارير. وتستمر بعض التحدّيات الرئيسية، وليس آخرها الإفتقار إلى الموظفين المؤهلين وإعتماد معايير مختلفة لإعداد التقارير، بالوقوف عائقاً أمام مسعى الشركات في المنطقة لتحقيق أهدافها. في الواقع، تعتمد نصف الشركات التي تنشر التقارير معياراً أو معيارين، بينما يعتمد الربع (بنسبة 24%) ما بين ستة إلى ثمانية معايير لإعداد التقارير. ونتيجةً ذلك، قد يؤدي هذا التناقض في إعتماد المعايير إلى تعقيد عملية إعداد التقارير في المنطقة.
مستقبل الإستدامة في الشرق الأوسط
ينبغي مستقبلاً على القادة المعنيين في شؤون الإستدامة في الشرق الأوسط، توجيه تركيزهم نحو أربعة مجالات واضحة، إذا ما أرادوا المساهمة في تحريك عجلة الإستدامة، ومعالجة قضايا المناخ الملحّة، وتقليص إنبعاثات الكربون الصادرة عن مؤسساتهم في المنطقة: الإرتقاء بمهارات الموارد الحالية وتدريب المواهب المستقبلية، وتعزيز البنية التحتية، ومعالجة الشقّ التنظيمي والإستفادة من التمويل الأخضر لتسريع النمو المستدام. علماً أن تقرير «واقع الإستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات» يحمل في طيّاته رسالة من شقّين: تتمحور حول التقدّم المحرز من جهة، والتقدّم المطلوب في مجال الإستدامة من جهة أخرى. ومما لا شك فيه أن العقبات في طور التداعي، لا سيما مع إدراك قادة الشركات في المنطقة الحاجة الملحّة إلى وضع أجندة إستدامة مدروسة، فضلاً عن تزايد الضغوط المفروضة عليها من جانب الجهات التنظيمية والرقابية في الداخل والخارج، ومن المجتمع ككل. ومع ذلك، تظل الشكوك قائمة، وتحديداً في ما يتعلق بالتكاليف المحتملة للإستثمارات المستدامة مقابل العوائد المتدنية المتوقعة.
يُذكر أن هدف «بي دبليو سي» والتي أعدت التقرير، هو بناء الثقة في المجتمع وحلّ المشاكل الهامة. علماً أن «بي دبليو سي» هي شبكة شركات موجودة في 151 بلداً، ويعمل لديها أكثر من 364000 موظف يلتزمون توفير أعلى معايير الجودة في خدمات التدقيق والضرائب والخدمات الإستشارية.
في الوقت الذي يفيض المجال العام بالحديث عن الذكاء الإصطناعي والتشفير، لا يزال مجتمع الأمن القومي الأميركي عالقاً في البحث عن سبل مواجهة تداعيات هذه التطورات الجديدة وإمكانية تحويلها إلى أدوات مفيدة.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، يفيد أدريان كرانز رئيس شركة بارا تريد كوربورشن الرائدة في مجال الإستفادة من قوة الذكاء الإصطناعي وتعليم الآلة لإعادة تشكيل عملية صناعة القرار المالي في المؤسسات، أن التكنولوجيا تُغيّر دائماً موازين القوة الجيوسياسية من الناحيتين العسكرية والإقتصادية، وأصبحت العملات الرقمية المشفرة خطراً يهدد العصا الأميركية الغليظة وهي «العقوبات الإقتصادية» التي تستخدم فيها واشنطن المكانة الفريدة للدولار في النظامين المالي والتجاري العالميين لمعاقبة ما تراه دولاً مارقة.
ويرى كرانز الذي ينشر مقالاته وتحليلاته على منصّة «نيوبورت غلوبال سوميت»، أن الذكاء الإصطناعي سيصبح نفط المستقبل، وستكون مراكز البيانات هي حقول النفط التي يتم منها إستخراج كل قدرات الذكاء الإصطناعي. ونحن نرى إنتشار الذكاء الإصطناعي في كل الصناعات تقريباً، وستعتمد هذه الصناعات في المستقبل القريب عليه لكي تعمل بالشكل الصحيح. وكلّما زاد حجم مراكز البيانات زادت قوة نموذج الذكاء الإصطناعي المستخدم. وعلى عكس غالبية الصناعات الأخرى، فإن مراكز البيانات تعتمد على عامل إنتاج رئيسي وحيد وهو الكهرباء وكميات كبيرة منها.
لذلك فالسؤال الآن، ما هي كمية الطاقة التي تحتاجها هذه التكنولوجيا؟
يستهلك حالياً نشاط تعدين العملة المشفّرة الأشهر عالمياً «بتكوين» وأنشطة الدعم المرتبطة بها ما بين 67 و240 تيراوات/ ساعة أي ما يراوح بين 0.2 % و0.9 % من إجمالي إستهلاك العالم من الكهرباء سنوياً.
وبالنسبة إلى الذكاء الإصطناعي فإن قوة أجهزة الكومبيوتر المطلوبة لإستخدامها تتضاعف كل 100 يوم، ويُتوقع أن تستهلك هذه الأجهزة حوالي 4 % من إجمالي الطلب العالمي على الكهرباء في حلول العام 2028. هذا الإستهلاك الضخم للطاقة يعني أن توافر الطاقة الرخيصة وليس العمالة الرخيصة، سيكون عنصر الجذب الرئيسي لشركات التكنولوجيا لإقامة مراكزها في هذه الدولة أو تلك.
ومن غير المحتمل إنتقال مراكز تصنيع معدات الكومبيوتر في عصر الذكاء الإصطناعي من شرق آسيا، في حين ستُقام مراكز البيانات التي تشغل الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة في المناطق التي تتوفر فيها طاقة رخيصة ومنتظمة. في الوقت نفسه فإن تكلفة الأرض التي تقام عليها مراكز البيانات لا تكاد تذكر مقارنة بتكلفة الكهرباء والأجهزة المستخدمة. وغالباً ما تطغى المنتجات التي يمكن أن تقدمها مراكز البيانات على أهمية المراكز نفسها.
وفي الصراعات المستقبلية ستكون مراكز البيانات بمثابة الجهاز العصبي المركزي لأي قوة مقاتلة مرتبطة بشبكة الإتصالات، وسيكون بقاء أو تدمير هذه المراكز محدداً رئيسياً لنتيجة الصراع.
وستتولى هذه المراكز تجميع البيانات التي يجمعها كل جندي أو طائرة مسيرة أو طائرة أو دبابة أو جهاز مراقبة وتحويلها إلى صورة واحدة لأراضي المعركة بالكامل بحيث يُمكن للقادة إستخدامها في اتخاذ قراراتهم. وحالياً يتم تخزين ومعالجة البيانات المطلوبة لإنجاز مهام قوة قتالية كاملة من خلال مركز بيانات ثابت، في حين يجري حالياً تطوير مراكز بيانات منتقلة لإستخدامها في هذه المهام مستقبلاً.
ويرى كرانز أنه لحسن الحظ فإن تخلف الولايات المتحدة من الناحيتين التشريعية والتطبيقية لتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة، يُقاس بالسنوات وليس بالعقود وهو ما يعني السهولة النسبية للحاق بركب التطور في هذه المجالات.
ويضيف الخبير الأميركي أن الخوف هو الذي يسيطر على الحديث عن العملات المشفرة والذكاء الإصطناعي في واشنطن ولا سيما الخوف من نقص الفهم والتعليم. يجب أن يكون التعليم في بؤرة الإهتمام، في حين أن فهم حقيقة هذه التكنولوجيات سيُقلل الخوف من المجهول.
تمويل التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط يشهد إرتفاعاً
بنسبة 650% بين عامي 2020 و2023
تُعدُّ التكنولوجيا المالية واحدة من أكثر الصناعات تمويلاً وتداولاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفق تقريرMAGNiTT، حيث تمثل 24% من إجمالي الإستثمار الجريء في المنطقة في النصف الأول من العام 2024.
شهد تمويل التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة بنسبة 650% بين عامي 2020 و2023، حتى في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة فيروس كورونا.
وقد جمعت الصناعة 186 مليون دولار عبر 50 صفقة في النصف الأول من العام 2024، وهو ما يمثل إنخفاضًا سنويًا بنسبة 3% تقريبًا في التمويل غير الضخم وانخفاضًا سنوياَ بنسبة 2% في الصفقات، وفق التقرير الذي أصدرته شركة بيانات رأس المال الإستثماري.
وذكر التقرير أن قطاع التكنولوجيا المالية هو أحد أكثر الصناعات تمويلاً وتداولاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يمثل 24% من إجمالي الإستثمار الجريء في المنطقة في النصف الأول من العام 2024. وذكر التقرير أن الصناعة شهدت نمواً إقليمياً في التمويل بنسبة 650% تقريباً بين عامي 2020 و2023.
وفي المنطقة، إستحوذت دولة الإمارات العربية المتحدة على أكبر حصة من تمويل التكنولوجيا المالية في الأشهر الستة الأولى من العام 2024، بنسبة 39%، إرتفاعاً من 25% في النصف الأول من العام 2023. ورغم إنخفاض مستويات تمويلها بنسبة 36% على أساس سنوي، فقد قادت دولة الإمارات العربية المتحدة المنطقة في مجال التكنولوجيا المالية، مدعومة بزيادة بنسبة 15% في أعداد الصفقات، مدفوعة في المقام الأول بالنمو في جولات التمويل الأولية.
وفي الوقت نفسه، أظهرت المملكة العربية السعودية نمواً كبيراً في التمويل في الأشهر الستة الأولى من العام 2024، حيث تقدمت بمقدار مركزين لتصبح لاعباً رئيسياً في تمويل التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وسجلت البلاد زيادة سنوية في التمويل بنسبة 391% في النصف الأول من العام 2024 مقارنة بالفترة المقابلة في العام 2023، مدفوعة بثلاث من أكبر خمس صفقات في المنطقة شملت شركات «مويسار»، و«أبين» و«كابيتال وسيفي». وشكّلت هذه الصفقات الرئيسية 74% من إجمالي التمويل القطاعي في المملكة العربية السعودية في النصف الأول من هذا العام (2024).
وقال فيليب باهوشي، الرئيس التنفيذي لشركة ماغنيت: «يُعتبر العام 2024 عاماً لأنماط المستثمرين المتغيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، ومع ذلك يظل إتجاه واحد واضحاً: تواصل التكنولوجيا المالية الريادة في أسواق رأس المال الجريء الناشئة هذه محاكية شهية المستثمرين على المستوى العالمي. على مدار السنوات الخمس الماضية، شهدنا إرتفاعاً ثابتاً في التكنولوجيا المالية، وحتى في خضم تباطؤ عالمي في الإستثمار الجريء على مدار العامين الماضيين، ظل الاهتمام بالقطاع قوياً. في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تظل التكنولوجيا المالية محوراً رئيسياً للهيئات التنظيمية والبنوك المركزية والشركات على حد سواء».
وشهد قطاع التكنولوجيا المالية أيضًا زيادة بنسبة 31% على أساس سنوي في عدد المستثمرين الفريدين، فضلاً عن زيادة بنسبة 93% في عدد المستثمرين الدوليين. وشكل المستثمرون من الولايات المتحدة وسنغافورة وهونغ كونغ والمملكة المتحدة 67% من إجمالي المستثمرين الدوليين، مما يشير إلى إهتمام كبير بالسوق الإقليمية للصناعة. وبرزت شركة 500 غلوبال بإعتبارها المستثمر الأكثر نشاطاً من حيث الصفقات في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحافظت حلول الدفع على هيمنتها كقطاع رائد لتمويل التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إستحوذت على 44% من إجمالي التمويل القطاعي في النصف الأول من العام 2024. وفي الوقت نفسه، حقق البحث والاستشارات المالية خطوات كبيرة، حيث صعدت سبعة مراكز لتحتل المرتبة الثالثة، مدفوعة بتمويل الجولة الأولى من السلسلة A بقيمة 18 مليون دولار من شركة الإستشارات الروبوتية السعودية «أبين كابيتال».
جاء في المرتبة 133 عالمياً، وفي المركز 68 بين الأسواق الناشئة
الإستعداد للذكاء الإصطناعي… هذه مرتبة لبنان عربياً وعالمياً!
صنّف مؤشر الإستعداد للذكاء الإصطناعي للعام 2024، الصادر عن صندوق النقد الدولي، لبنان في المرتبة 105 بين 174 بلداً حول العالم، وفي المركز 60 بين 79 سوقاً ناشئة، وفي المرتبة العاشرة بين 19 دولة عربية. وقد إستخدم صندوق النقد الدولي بيانات ومسوحات من معهد فريزر، ومنظمة العمل الدولية، والمؤسسة الدولية للإتصالات، والأمم المتحدة، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، والإتحاد البريدي العالمي، والبنك الدولي، والمنتدى الإقتصادي العالمي لتكوين المؤشر.
ويقيم المؤشر مستوى جهوزيّة الذكاء الإصطناعي في العام 2024 في 174 دولة بناءً على مجموعة واسعة من المؤشرات الهيكليّة الكليّة التي تم تجميعها في أربعة أبعاد هي البنية التحتية الرقمية، ورأس المال البشري وسياسات سوق العمل، والإبتكار والتكامل الإقتصادي، والإطار التنظيمي والأخلاقيات.
على الصعيد العالمي، أظهر المؤشر أن لدى لبنان مستوى جهوزية للذكاء الإصطناعي أعلى من جهوزية بوتسوانا، والباراغواي وماكاو، وهو أقلّ إستعداداً من غانا، وغيانا وناميبيا بين الإقتصادات ذات الناتج المحلي الإجمالي البالغ 10 مليار دولار أو أكثر. أيضاً، يتمتّع لبنان بمستوى جهوزية للذكاء الإصطناعي أكثر من بوتسوانا، والباراغواي ومصر، وأقلّ من البوسنة والهرسك، وغيانا وناميبيا بين الأسواق الناشئة. إضافة إلى ذلك، لدى لبنان مستوى جهوزية للذكاء الإصطناعي أعلى من جهوزية مصر والجزائر وجيبوتي وسوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان وموريتانيا بين الدول العربية.
وحصل لبنان على نتيجة 0.42 نقطة في مسح العام 2024، وجاءت نتيجة لبنان أدنى من المعدل العالمي البالغ 0.47 نقطة ومعدل الأسواق الناشئة الذي بلغ 0.46 نقطة، في حين كانت نتيجته أعلى من معدل الدول العربية البالغ 0.4 نقطة. وكانت نتيجة لبنان أدنى من معدّل الدول المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي الذي بلغ 0.54 نقطة، ولكن أعلى من معدّل الدول العربية غير المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي البالغ 0.34 نقطة.
وجاء لبنان في المرتبة 108 عالمياً وفي المركز 62 بين الأسواق الناشئة وفي المرتبة اﻠ11 عربياً على المؤشر الثانوي «البنية التحتية الرقمية» (Digital Infrastructure) حيث يقيس هذا المؤشر إمكانية الوصول إلى الإنترنت والقدرة على تحمُّل تكاليفه وأمان الوصول إلى الإنترنت، كما يقيس مدى نضج البنية التحتية للتجارة الإلكترونية في بلد ما.
على الصعيد العالمي، تقدم لبنان على السلفادور ورواندا والجزائر، وتأخر عن غانا وبوليفيا وبنغلادش، كما تقدّم لبنان على السلفادور والجزائر وبوتسوانا، وتأخر عن مصر وجامايكا وبوليفيا بين الأسواق الناشئة، في حين تقدّم على الجزائر والعراق وسوريا وليبيا وجيبوتي والسودان وموريتانيا واليمن في العالم العربي. وحصل لبنان على نتيجة 0.09 نقطة في هذه الفئة، وهي أقل من المعدل العالمي ومعدل الدول الناشئة البالغ 0.11 نقطة ومماثل لمعدل الدول العربية البالغ 0.09 نقطة.
إضافة إلى ذلك، جاء لبنان في المرتبة 97 عالمياً وفي المركز 54 بين الأسواق الناشئة وفي المرتبة اﻠ11 عربياً على المؤشر الثانوي «رأس المال البشري وسياسات سوق العمل» (Human Capital & Labor Market Policies) حيث تقيس هذه الفئة مستوى التعليم والمهارات الرقمية، فضلاً عن مرونة سوق العمل وسياساته في دولة ما.
على الصعيد العالمي، تقدم لبنان على جنوب أفريقيا وجمهورية مقدونيا الشمالية وميانمار، وتأخر عن جمهورية الدومينيكان وفيتنام وبوليفيا.
كما تقدّم لبنان على جنوب أفريقيا وجمهورية مقدونيا الشمالية والأرجنتين، وتأخر عن الاكوادور وجمهورية الدومينيكان والمغرب بين الأسواق الناشئة، في حين تقدّم على مصر والكويت وليبيا والعراق وجيبوتي واليمن والسودان وموريتانيا بين الدول العربية. وحصل لبنان على نتيجة 0.12 نقطة في هذه الفئة، وهي أقل من معدّل الدول الناشئة البالغ 0.13 نقطة ومماثلة للمعدل العالمي ومعدل الدول العربية البالغ 0.12 نقطة.
أيضاً، جاء لبنان في المرتبة 55 عالمياً وفي المركز 16 بين الأسواق الناشئة وفي المرتبة الرابعة عربياً على المؤشر الثانوي «الإبتكار والتكامل الإقتصادي»
(Innovation & Economic Integration) حيث تقيّم هذه الفئة مستوى نشاط البحث والتطوير في مجال الذكاء الإصطناعي ومعدّلات التعرفة الجمركية والحواجز غير الجمركية في إقتصاد ما.
على الصعيد العالمي، تقدم لبنان على تايوان وقطر وموريتيوس، وتأخر عن المكسيك والأردن وجمهورية الدومينيكان. كما تقدّم لبنان على قطر وموريتيوس وتركيا، وتأخر عن المكسيك والاردن وجمهورية الدومينيكان بين الأسواق الناشئة، في حين تأخر لبنان فقط عن الإمارات العربية المتحدة، والبحرين والأردن في العالم العربي. وحصل لبنان على نتيجة 0.13 نقطة في هذه الفئة، وهي أعلى من المعدل العالمي ومعدل الدول الناشئة البالغ 0.11 نقطة ومن معدل الدول العربية الذي بلغ 0.10 نقطة.
أخيراً، جاء لبنان في المرتبة 133 عالمياً، وفي المركز 68 بين الأسواق الناشئة وفي المرتبة اﻠ11 عربياً على المؤشر الثانوي «الإطار التنظيمي والأخلاقيات» (Regulation & Ethics) حيث يُقيّم هذا المؤشرالأطر القانونية القوية وآليات التنفيذ في دولة ما.
على الصعيد العالمي، تقدم لبنان على كامبوديا وهندوراس والكاميرون، وتأخّر عن بابوا غينيا الجديدة والنيبال ومصر. كما تقدّم لبنان على بوليفيا وروسيا البيضاء والجزائر، وتأخر عن غواتيمالا والبوسنة والهرسك ومصر بين الأسواق الناشئة، في حين تقدم لبنان على الجزائر والعراق وجيبوتي وموريتانيا والسودان وليبيا وسوريا واليمن بين الدول العربية.
وحصل لبنان على نتيجة 0.08 نقطة في هذه الفئة، وهي أدنى من المعدل العالمي ومعدل الدول الناشئة البالغ 0.12 نقطة ومن معدل الدول العربية الذي بلغ 0.09 نقطة.
الأمن السيبراني CrowdStrike تكشف سبب الخلل التقني الذي ضرب العالم
أعلنت شركة الأمن السيبراني CrowdStrike أن سبب الخلل العالمي الذي ضرب المطارات والبنوك والقنوات التلفزيونية قد يكون في آخر تحديث أصدرته. كما أعلنت الشركة عن تحديث لمنتج Falcon، مشيرة إلى أنه سيوفر «سرعة ودقة غير مسبوقة» لكشف الإختراقات الأمنية.
وفي بيان نُشر على موقعها بعد الحادثة، قال متحدّث بإسم الشركة «إن المشكلة قد تكون ناتجة عن منتج هذا التحديث»، مؤكدة أنها «تعمل على حل الخلل بسحب التحديث».
ما هي «كراودسترايك»؟
مجموعة CrowdStrike Holdings, Inc، هي شركة أميركية لتكنولوجيا الأمن السيبراني ومقرُّها في أوستن، تكساس، وهي تساعد الشركات في إدارة أمانها في «بيئات تكنولوجيا المعلومات»، وهي تشمل كل ما يتم الوصول إليه عبر إتصال بالإنترنت.
وتتمثل مهمتها الأساسية في حماية الشركات ومنع خروقات البيانات وهجمات الفدية والهجمات السيبرانية الأخرى.
وقد شاركت الشركة في مكافحة العديد من الهجمات الإلكترونية البارزة، بما في ذلك إختراق شركة Sony Pictures في العام 2014، والهجمات الإلكترونية في عامي 2015-2016 على اللجنة الوطنية الديموقراطية (DNC)، وتسريب البريد الإلكتروني لعام 2016 الذي شمل اللجنة الوطنية الديموقراطية.
وكان في وقت سابق، ضرب عطل تقني فجأة أنظمة الحوسبة والخوادم حول العالم، ما أدى إلى إرباك عالمي في المطارات والمشافي والبنوك وغيرها من المرافق الحيوية.
وأفادت «مايكروسوفت» أن المشكلة أثّرت على أنظمة متعدّدة للعملاء في وسط الولايات المتحدة، من بينها خدمات Azure ومجموعة تطبيقات Microsoft 365.
وأعلنت وزارة التنمية الرقمية الروسية مواصلة مطارات البلاد عملها بشكل طبيعي، من دون أن تتأثر بالعطل التقني العالمي الذي ضرب أنظمة الحوسبة والمطارات ومرافق حيوية حول العالم. كما أعلنت مطارات بيجينغ لم تتأثر بالعطل التكنولوجي العالمي.
بدورها، أفادت وكالة الأمن السيبراني الفرنسية أن «لا دليل» على أن العطل التكنولوجي العالمي ناجم عن «هجوم إلكتروني».
مصرف التنمية الدولي والإتحاد لإئتمان الصادرات يُبرمان
إتفاقية تعاون دعماً لمبادرة «تسريع الصادرات»
أعلن مصرف التنمية الدولي، الشبكة المصرفية الأكبر في العراق، إبرام اتفاقية تعاون مع الإتحاد لإئتمان الصادرات لينضم بموجبها المصرف إلى شركاء مبادرة «تسريع الصادرات» Xport Xpontentinal التي أطلقتها الشركة في مايو/ أيار 2024 بهدف دعم وتمكين الشركات التي تُزاول أنشطة التصدير وإعادة التصدير والتجارة الخارجية وتتخذ من الدولة مقراً لها.
وقال المهندس زياد خلف عبد رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي: «إن المصرف حرص على المضي قدماً في تعزيز حضوره وإسهاماته في مشهد التجارة والتصدير في دولة الإمارات والمنطقة عموماً، وتمكين مسارات التبادل التجاري بين أسواق الإمارات والعراق»، معرباً عن أمله في «أن تشكل هذه الشراكة حافزاً للشركات في الدولتين للإستفادة من مزايا هذه المبادرة الرائدة، وتعزيز أنشطتها التصديرية والتجارية في أسواق جديدة».
من جانبها قالت رجاء المزروعي الرئيس التنفيذي لشركة الإتحاد لإئتمان الصادرات: «إن هذا التعاون يُشكل إضافة نوعية لمبادرة تسريع الصادرات، ويدعم مساعي الجانبين في تيسير الأنشطة الإقتصادية والتجارية للشركات التي تتخذ من دولة الإمارات مقرّاً لها»، مشيرة إلى «أن مصرف التنمية الدولي أول مصرف عراقي عامل في الإمارات، ينضم للمبادرة، الأمر الذي سينعكس على تعزيز قنوات التبادل التجاري بين دولة الإمارات والعراق».
ويُتيح إنضمام مصرف التنمية الدولي إلى شركاء مبادرة «تسريع الصادرات» رافداً تمويلياً إضافياً لشركات التصدير وإعادة التصدير في دولة الإمارات، ويُسهم في توسيع نطاق الحلول الإئتمانية لتمكين الشركات من دخول السوق العراقية وأسواق الدول المنضمة إلى برنامج إتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، حيث تهدف الإتفاقية إلى تعميق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وتعزيز مسارات التجارة والتصدير في ما بينهما، ولا سيما مع تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما حاجز 27 مليار دولار سنوياً.
جدير بالذكر أن مصرف التنمية الدولي تمكّن وخلال عامين من عمله في دولة الإمارات من المساهمة بما لا يقل عن 10 % من حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين الشقيقين.
بمبلغ 80.1 مليون دينار في النصف الاول من العام 2024
أعلنت مجموعة بنك الإسكان للتجارة والتمويل عن نتائجها المالية للأشهر الستة الأولى من العام 2024، حيث حققت المجموعة أرباحاً صافية بعد المخصّصات والضرائب بلغت 80.1 مليون دينار، بإرتفاع نسبته 4.4 % مقارنة بما تم تحقيقه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي 2023.
وأبدى رئيس مجلس الإدارة عبد الإله الخطيب عن رضاه وإرتياحه للنتائج المالية التي تم تحقيقها، مؤكداً أنها تعكس نجاح سياسات المجموعة وإستراتيجياتها المتّسمة بالمرونة والحداثة والمستندة إلى المحافظة على إرث المجموعة الممتد لأكثر من خمسة عقود من النجاحات والإنجازات.
وأضاف الخطيب: إن تمكُّن المجموعة من تسجيل أرباح صافية بمستوى يفوق 80 مليون دينار خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2024، يؤكد كفاءة البنك وتميّزه وقدرته على التعامل مع الظروف الإستثنائية والتطوّرات الجيوسياسية، وما لها من آثار وتداعيات على العديد من القطاعات الإقتصادية والخدماتية.
من جهته، عرض الرئيس التنفيذي للبنك عمار الصفدي، المؤشرات المالية الرئيسية للنصف الأول من العام 2024، والتي تؤكد متانة المركز المالي للمجموعة، وتعكس كفاءتها في التوظيف الفعّال والمرن للموارد ضمن مختلف قطاعاتها التشغيلية، ومواصلتها تحقيق النمو المستهدف في مختلف أنشطتها التشغيلية.
وأعرب الصفدي عن فخره بأداء البنك المميّز للنصف الاول من العام الحالي 2024، وتمكّنه من تسجيل النمو المستدام المستمد من القطاعات التشغيلية الرئيسية التي واصلت تسجيل الأداء التصاعدي الإيجابي عبر مختلف مؤشراتها المالية، مشيراً إلى إرتفاع العائد على حقوق الملكية للمساهمين ليصل إلى مستوى 12.3 % في النصف الأول من العام الحالي 2024، إضافة إلى إرتفاع العائد على متوسط الموجودات ليصل إلى 1.81 %، ويعكس هذا الأداء المميز كفاءة البنك وإدارة الموجودات والمطلوبات بفعّلية لتحقيق أكبر عائد للمساهمين.
وأشار الصفدي إلى أن قيام وكالات التصنيف الإئتماني العالمية مؤخراً برفع تصنيف البنك، يُعد إمتداداً لمسيرة نجاح البنك وقوة مركزه المالي وأدائه المتميّز، وخير دليل على إلتزامه الثابت بتقديم أفضل الحلول المصرفية المبتكرة والخدمات المميّزة في بيئة تشغيلية تتسم بالمرونة والتطور، موضحاً أن رفع تصنيف البنك الإئتماني يأتي تتويجاً لجهوده في الحفاظ على المسار التصاعدي للربحية، والمدعوم بقاعدة رأسمالية قوية ونسب سيولة مرتفعة، إلى جانب الإستمرار بالمحافظة على نسب مرتفعة من ودائع العملاء المستقرة، كما يعكس النهج المحافظ الذي يتبناه البنك والذي يوازن بين الإحتياطات الإضافية وجودة الأصول، وهو ما يُبرهن على قدرة البنك على التعامل بمرونة كبيرة مع الظروف والتحدّيات الإقتصادية.
وأضاف الصفدي: إن مجموعة البنك تمكّنت خلال النصف الأول من العام الحالي 2024 من تحقيق نمو قوي في صافي التسهيلات الإئتمانية بلغت نسبته 5.3 % منذ بداية العام الحالي لتصل إلى 4.7 مليارات دينار كما في نهاية حزيران/ يونيو 2024، وقد إنعكس هذا النمو إيجاباً على إجمالي الدخل والربح التشغيلي والحصّة السوقية للبنك.
وأوضح الصفدي أن مجموعة البنك حافظت على تعزيز مصادر الأموال لديها، فإرتفعت ودائع العملاء منذ بداية العام 2024 بنسبة 3.6 % لتصل إلى 5.9 مليارات دينار كما في نهاية النصف الأول من العام 2024، إضافة إلى المحافظة على متانة القاعدة الرأسمالية للبنك، حيث بلغ إجمالي حقوق الملكية 1.3 مليار دينار، فيما بلغت نسبة كفاية رأس المال 18.6 % كما في نهاية النصف الأول من العام الحالي 2024، وهي أعلى من الحدّ الأدنى للمتطلّبات التنظيمية للبنك المركزي ولجنة بازل.
وأكد الصفدي أن البنك سيُواصل إستراتيجيته القائمة على مواكبة أحدث التطبيقات الإلكترونية والرقمية بالقياس مع أفضل الممارسات المصرفية المعمول بها عالمياً، لتقديم أفضل الخدمات المصرفية للعملاء للمحافظة على رضاهم، إلى جانب مواكبته المستمرة للتطوُّرات المستجدة في عالم الصناعة المصرفية وما تُوفّره التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال، وبما يليق بمكانة بنك الاسكان المتقدمة في السوق المصرفية الأردنية.
حقّقت مجموعة البنك العربي نتائج قوية خلال النصف الأول من العام 2024، حيث بلغت الأرباح الصافية بعد الضريبة 503 ملايين دولار مقارنة بـ 401 مليون دولار، كما في 30 يونيو/ حزيران 2023 محققة نمواً بنسبة 25 %، كما حافظت المجموعة على مركز مالي قوي وبلغت حقوق الملكية 11.5 مليار دولار.
وإرتفعت أصول المجموعة لتصل الى 68.7 مليار دولار وبنسبة نمو بلغت 5 %، كما إرتفع إجمالي محفظة التسهيلات الإئتمانية بنسبة 6 % لتصل الى38.1 مليار دولار كما في نهاية النصف الاول من العام 2024 مقارنة بـ 36.1 مليار دولار في النصف الأول من العام السابق.
في حين إرتفعت ودائع العملاء بنسبة 5 % لتصل الى 50.5 مليار دولار كما في نهاية النصف الاول من العام 2024 مقارنة بـ 48.3 مليار دولار في النصف الأول من العام السابق، وبإستثناء أثر التغيُّر في أسعار صرف العديد من العملات مقابل الدولار، فقد إرتفعت محفظة التسهيلات وودائع العملاء بنسبة 8 % و6 % توالياً.
حقق بنك الكويت الدولي قفزة في أرباحه الصافية الفصلية في الربع الثاني من العام الحالي 2024 معلناً زيادة قدرها 143.4 %.
وأفاد البنك في بيان للبورصة أنه حقق ستة ملايين دينار (19.63 مليون دولار) ربحاً صافياً في الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو/ حزيران 2024 مقارنة مع 2.47 مليون دينار قبل عام، مشيراً إلى أنه حقق 12.042 مليون دينار ربحاً صافياً في النصف الأول من العام 2024 مقارنة مع 5.943 مليون دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة قدرها 102.6 %.
وعزا هذه الزيادة إلى إرتفاع الإيرادات التشغيلية وإنخفاض المخصّصات وخسائر إنخفاض القيمة، مقابل إرتفاع المصروفات التشغيلية جزئياً.
من جهة أخرى، حصلت مجموعة بنك قطر الوطني QNB، على جائزة أفضل بنك في العالم للأسواق الناشئة لعام 2024 من مجلة «غلوبال فاينانس» العالمية، في إنجاز جديد يرسخ مكانتها كمؤسسة مصرفية ذات حضور قوي وإسهامات رائدة في تحقيق النمو المالي في اقتصادات السوق الناشئة.
وعزت المجموعة، في بيان، فوزها بالجائزة ونجاحها في تنفيذ إستراتيجيتها التوسعية في السوق الإقليمية وتلبية الإحتياجات المالية للقاعدة العريضة من عملائها بالأسواق الناشئة بما يفوق تطلعاتهم، إلى أسبقيتها في تطوير منتجات وخدمات رقمية مبتكرة.
وترتكز إستراتيجية مجموعة QNB على تعزيز أدائها الإقليمي المتميز والتطوير المستمر لمنظومة إدارة المخاطر وفق أهداف طموحة، ما أدى إلى تحقيق نمو كبير في كل من السوق المحلية وأسواق الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا، كما ساهم التحول الرقمي في تعزيز كفاءة أدائها المالي وتنويع الأعمال وزيادة الحصة السوقية في المنطقة.
وقال خالد أحمد السادة، نائب رئيس تنفيذي أول للخدمات المصرفية للشركات والمؤسسات في المجموعة: «في الوقت الذي يزداد فيه دور الأسواق الناشئة كمحرّك للنمو الإقتصادي العالمي، يمضي QNB قدماً في ترسيخ مكانته كبنك رائد في تلك الأسواق، مدعوماً بقوة مركزه المالي وشبكته الدولية المتنامية تحقيقاً لرؤيته بأن يصبح بنكاً رائداً في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا».
وأضاف السادة: «أن هذا التكريم لا يحتفي فقط بجهود QNB الرائدة لدعم اقتصادات السوق الناشئة، بل يؤكد أيضاً إلتزام المجموعة دفع عجلة الإبتكار في السوق المالية، وإطلاق منتجات وخدمات متطوّرة لتلبية الإحتياجات المصرفية لعملائها ومساعدتهم على توسيع نطاق أعمالهم لتحقيق نمو أعلى وأداء أفضل واستكشاف الفرص المتاحة في الأسواق الناشئة».
أطلق البنك الأهلي المصري نسخة جديدة من الوحدات المصرفية المتنقلة تحت مسمّى Midi bus والذي يُعد نموذجاً جديداً من الوحدات المصرفية المتنقلة يتم تنفيذه للمرة الأولى في القطاع المصرفي المصري والشرق الأوسط، حيث وصل إجمالي عدد الوحدات المصرفية المتنقلة في البنك إلى خمس وحدات، إضافة إلى الوحدة المصرفية المتنقلة التي تم إطلاقها في مطلع العام 2021.
كما وصل إجمالي عدد سيارات الصرّاف الآلي المتنقلة إلى 28 سيارة، وذلك إستكمالاً لدور «الأهلي المصري» في تطبيق الشمول المالي، وذلك ضمن خطط الدولة والبنك المركزي للوصول بالخدمة المصرفية إلى مختلف المناطق والمواطنين ولا سيما غير المشمولة بالخدمات المصرفية في الشكل الكافي ولزيادة الوعي المصرفي لدى المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية.
يحرص على المشاركة في كافة فعّاليات البنك المركزي تحقيقاً للشمول المالي
بنك القاهرة يستقطب 80 ألف عميل جديد خلال الربع الأول من العام 2024
نجح بنك القاهرة في جذب نحو 80 ألف عميل جديد خلال الربع الأول من العام 2024، تمثّل نسبة السيدات منهم 45 %، وتُمثّل نسبة الشباب من سن 16 إلى 35 عاماً نحو 57 % .
وأفاد البنك في بيان، أن عدد العملاء الأفراد وصل إلى 4 ملايين عميل في نهاية الربع الأول من العام 2024، مؤكداً سعيه الدائم إلى إطلاق حلول وخدمات مصرفية تكنولوجية مبتكرة لعملاء البنك لتوفير الوقت والمجهود المبذول من خلال تقديم خدمة استلام الحوالات الخارجية على المحفظة بكل سهولة وأمان فورياً من خلال شبكة واسعة من قنوات السحب المختلفة.
وفي ضوء دعم بنك القاهرة لخدمات المحفظة الالكترونية (قاهرة كاش)، تم تقديم العديد من المزايا والعروض الترويجية لتشجيع العملاء على الإشتراك بالخدمة وزيادة معدّلات الإستخدام في مختلف المدفوعات وسداد أقساط القروض من خلال التطبيق، مما أسهم في الوصول بإجمالي عدد المعاملات إلى حوالي 1.3 مليون معاملة في نهاية الربع الأول من العام 2024 بإجمالي تعاملات 2.7 مليار جنيه، وبلغ عدد محافظ (قاهرة كاش) للتجار نحو 229 ألفاً.
وتماشياً مع سياسات البنك المركزي في التحول الرقمي وتقديم العديد من الحلول الإلكترونية؛ أطلق البنك شركة تالي لتقديم حزمة مختلفة من الحلول الرقمية، بالإضافة إلى إنتشار البنك في خدمات الدفع عند التجار تتمثل في زيادة عدد ماكينات نقاط البيع POS لتصل إلى 11.2 ألف نقطة بيع، بإجمالي تعاملات 714 مليون جنيه على مستوى الجمهورية في نهاية الربع الأول من العام 2024.
وفي ما يتعلق بخدمات السحب النقدي التي تقدمها شركة «تالي» من خلال نقاط البيع، تقدم تلك الخدمة الدعم في مناطق الريف لتوفير الإحتياجات النقدية في حالة عدم توافر ماكينات الصرّاف الآلي، أما عن خدمات قبول المدفوعات الإلكترونية عبر الإنترنت فتُعد إحدى الخدمات المقدمة لتوفير آليات الدفع عن بعد، كذلك توفر الأمان في فترات إنتشار الأمراض والأوبئة المختلفة، وسيتم إطلاق العديد من الخدمات خلال العام 2024 للتوافق مع الإحتياجات المختلفة للعملاء بمختلف الأقاليم.
ويحرص البنك على المشاركة في كافة الفعّاليات التي يطلقها البنك المركزي تحقيقاً للشمول المالي لضمان دمج مختلف شرائح
المجتمع في النظام المالي الرسمي وزيادة الوعي بالمنتجات والخدمات المالية، كذلك بالتواجد المستمر في قرى حياة كريمة لإقامة ندوات تثقيفية ولتفعيل الخدمات والمنتجات المصرفية وإتاحة ماكينات الصراف الآلي وماكينات POS وذلك بالتعاون مع الوحدات المحلية ومراكز الشباب والمقرات الحكومية، كما قام البنك بإتخاذ إجراءات عدة لخدمة ذوي الهمم وتيسير رحلتهم البنكية، فضلاً عن الحرص المتواصل على طرح باقة متنوّعة من المنتجات والخدمات المصرفية التي تلائم احتياجات مختلف الشرائح.
ويعمل البنك على تطوير شبكة فروعه على مستوى الجمهورية ليصبح الأقرب لعملائه أينما وُجدوا، وتقديم الخدمات المصرفية لهم بأعلى مستوى من الكفاءة والجودة بما يواكب أحدث المعايير المطبقة عالمياً، من خلال شبكته الجغرافية البالغة 249 فرعاً ووحدة مصرفية في مختلف أنحاء الجمهورية.
وقد سجل صافي أرباح بنك القاهرة في نهاية الربع الأول من العام 2024 نمواً ملحوظاً بنحو 129 % ليسجل 2.4 مليار جنيه مقابل مليار جنيه خلال الفترة عينها من العام 2023، وبلغت الأرباح قبل الضرائب 3.6 مليار جنيه مقابل 1.9 مليار جنيه بمعدل نمو 93 %، وتأتي تلك النتائج الإيجابية مدعومة بالنمو الذي حققه البنك في مختلف أنشطته المصرفية.
التحوُّل المتوقع للإقتصاد العالمي يظل نظرياً إلى حد كبير
ثورة الذكاء الإصطناعي.. تأثير إقتصادي مخيّب للآمال
رغم الضجيج المحيط بالذكاء الإصطناعي في مراكز التكنولوجيا مثل سان فرانسيسكو، فإن التأثير الإقتصادي للتكنولوجيا الجديدة كان مخيّباً للآمال حتى تاريخه.
ووفقاً لتقرير حديث نشرته مجلة الإيكونوميست، خصّصت شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى (ألفابت، وأمازون، وآبل، وميتا، ومايكروسوفت) ما يُقدر بنحو 400 مليار دولار للنفقات الرأسمالية المرتبطة بالذكاء الإصطناعي والبحث والتطوير هذا العام (2024). ومع ذلك فإن التحوُّل المتوقع للإقتصاد العالمي يظل نظرياً إلى حد كبير.
توقعات وواقع
نجح المستثمرون، وفق إيكونوميست، في رفع القيمة السوقية لعمالقة التكنولوجيا بشكل كبير، مضيفين 2 تريليون دولار على مدى العام الماضي (2023)، ويُتوقع فعلياً أن تصل الإيرادات السنوية إلى ما بين 300 و400 مليار دولار إضافية.
التحوُّل المتوقع للاقتصاد العالمي بدفع من الذكاء الإصطناعي يظل نظرياً إلى حد كبير
وتُعادل هذه الزيادة تقريباً قيمة مبيعات سنوية أخرى لشركة آبل. ومع ذلك، يعتقد حتى أكثر المحللين تفاؤلاً أن مايكروسوفت لن تجني سوى نحو 10 مليارات دولار من المبيعات المرتبطة بالذكاء الإصطناعي هذا العام (2024). أما خارج الساحل الغربي للولايات المتحدة، فإن تأثير الذكاء الإصطناعي ضئيل للغاية.
معدلات التبنّي والتحدّيات
وجد إستطلاع حديث أجرته شركة ماكينزي أن نحو ثلثي المشاركين زعموا أن شركاتهم تستخدم الذكاء الإصطناعي بإنتظام، أي نحو ضعف الرقم عن العام السابق.
في حين أشار تقرير لمايكروسوفت ولينكدن إلى أن 75 % من «العاملين في مجال المعرفة» على مستوى العالم يستخدمون الذكاء الإصطناعي.
ومع ذلك، أفاد مكتب الإحصاء الأميركي، أن 5 % فقط من الشركات إستخدمت الذكاء الإصطناعي مؤخراً. وفي كندا، إستخدمت 6 % فقط من الشركات الذكاء الإصطناعي في الأشهر الأخيرة، وفي بريطانيا، إعتمدت 20 % من الشركات الذكاء الإصطناعي في حلول مارس/آذار 2024.
وتشير الصحيفة إلى أن المخاوف حيال أمن البيانات، والخوارزميات المتحيّزة، والوتيرة السريعة لتطوير الذكاء الإصطناعي تؤدي إلى إبطاء طرحه.
وأوقفت شركة ماكدونالدز مؤخراً تجربة تلقي الطلبات المعتمدة على الذكاء الإصطناعي بسبب أخطاء كبيرة.
ووفق أحد المستشارين، يعاني العديد من الشركات من «الإلتهاب التجريبي»، حيث تجعل العديد من مشاريع الذكاء الإصطناعي الصغيرة من الصعب تحديد الإستثمارات الفعّالة.
تطبيقات محدودة
وتفيد «إيكونوميست» إن الشركات تستخدم الذكاء الإصطناعي بشكل أساسي في المهام الضيقة مثل تبسيط خدمة العملاء والتسويق. على سبيل المثال تستخدم شركة الإتصالات العملاقة «فيريزون» الذكاء الإصطناعي لتقديم توصيات الخطة الشخصية.
ومع هذه الجهود، يرى الكثيرون أن هذه التجارب غير مثيرة للإعجاب، حيث كان أداء الشركات التي يتتبعها مؤشر غولدمان ساكس لسوق الأوراق المالية المستعدة للإستفادة من اعتماد الذكاء الإصطناعي، أقل من أداء السوق الأوسع.
التوظيفوالإنتاجية
وبحسب الصحيفة، لقد كان تأثير الذكاء الإصطناعي على التوظيف أقل من المتوقع. ورغم أن كريستالينا غورغييفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، حذرت من أن الذكاء الإصطناعي قد يضرب سوق العمل مثل «تسونامي»، فإن معدّل البطالة في جميع أنحاء العالم الأول، لا يزال أقل من 5 %، في ظل نمو أجور قوي، وهو ما يتناقض مع المخاوف من تراجع قدرة العمال على المساومة. وعلاوة على ذلك، لا تُظهر بيانات الإقتصاد الكلي أي زيادة في الإنتاجية، وفي بؤرة الذكاء الإصطناعي في أميركا، أصبح الناتج في الساعة أقل من اتجاهه قبل العام 2020. كما أن الإستثمار التجاري في معدّات وبرمجيات معالجة المعلومات لا ينمو إلاّ بنسبة 5 % سنوياً، وهو معدّل أدنى كثيراً من المتوسط في الأمد البعيد.
آفاق المستقبل
لقد إستغرقت غالبية الموجات التكنولوجية، من الجرّار إلى الكومبيوتر الشخصي، وقتاً طويلاً قبل أن تتغلغل في الإقتصادات.
وعلى إفتراض أن عائدات الذكاء الإصطناعي لشركات التكنولوجيا الكبرى، تنمو بمعدّل 20 % سنوياً، يتوقع المستثمرون أن جميع أرباح الذكاء الإصطناعي لشركات التكنولوجيا الكبرى تقريباً ستتحقق بعد العام 2032.
وإذا حدثت طفرة في الذكاء الإصطناعي في نهاية المطاف، فإن أسعار أسهم مستخدمي الذكاء الإصطناعي ستصعد بشكل كبير.
ومع ذلك، إذا إستمرت المخاوف حيال الذكاء الإصطناعي، فقد تبدو التقييمات المرتفعة الحالية وخطط النفقات الرأسمالية الكبيرة للتكنولوجيا الكبيرة باهظة وغير فعّالة.
يقدم بنك مصر مجموعة من الشهادات الإدخارية، مثل شهادة طلعت حرب، وشهادة إبن مصر الثلاثية المتناقصة، وشهادة القمّة، وشهادة الإدّخار ذات العائد الثابت لمدة ثلاث سنوات وغيرها.
شهادة طلعت حرب
تصدر شهادة طلعت حرب للأفراد سواء كانوا مصريين أو أجانب، وتمتد مدة الشهادة إلى 12 شهراً، مع حد أدنى للإصدار يبلغ 1000 جنيه ومضاعفاتها، تتميّز الشهادة بمعدّل عائد ثابت طوال فترة الشهادة يصرف شهرياً أو في نهاية المدة.
شهادة إبن مصر الثلاثية المتناقصة
تصدر شهادة إبن مصر الثلاثية المتناقصة للأفراد وتمتد لمدة 3 سنوات، والحد الأدنى لشراء الشهادة هو 1000 جنيه ومضاعفاتها، وتقدم الشهادة عائداً بمعدّل ثابت تنافسي يتناقص سنوياً خلال فترة الشهادة.
شهادة القمة
تصدر شهادة القمة للأفراد وتمتد لمدة 3 سنوات، يبلغ الحد الأدنى لشراء الشهادة هو 1000 جنيه ومضاعفاتها، وتتميّز الشهادة بمعدل عائد ثابت طوال فترة الشهادة يصرف شهرياً، يمكن إسترداد قيمة الشهادة أو جزء منها بعد مرور 6 أشهر من تاريخ إصدارها، وفق قواعد الإسترداد الخاصة بها، بالإضافة إلى ذلك، يُمكن الإقتراض بضمان الشهادة.
تذهب توقعات الخبراء المتابعين لشؤون إقتصاد تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي إلى أن القيمة الإجمالية لتوظيفاته في الطب الحيوي Biomedicine قد تصل إلى 6 تريليونات دولار في حلول العام 2027. ووفق دراسة صدرت عن «المنظومة الشاملة للذكاء الإصطناعي»، أو بيئته وفق تعبير سائد، فقد إستندت تلك التوقعات إلى تقرير جرى تدقيقه أخيراً ووَثَّقَ أن حجم ذلك الفرع المتخصص من الذكاء الإصطناعي، في مجال الطب الحيوي، تجاوز 2.5 تريليون دولار في العام 2023.
ويُعرَّف الطب الحيوي بأنه العلم الذي يهتم بتطبيق المبادئ والإنجازات والإكتشافات في البيولوجيا وعلم وظائف الأعضاء (فيسيولوجيا Physiology)، على الممارسة الطبية، بغية تطويرها.
وأصدرت «المنظومة الشاملة للذكاء الإصطناعي» تلك الدراسة التي قدمت خريطة تُعد الأكثر شمولاً عن الشركات والمستثمرين والتقنيات وقادة القطاع في مجال الذكاء الإصطناعي. وقد أُعدِّت الدراسة بدعم من وكالة متخصّصة في تحليلات صناعة المعلوماتية والإتصالات المتطورة.
منصّات متشابكة عن ذكاء الآلات وجسد الإنسان
وتحتوي منصّة الذكاء الإصطناعي في مجال الطب الحيوي ملفات تعريف قابلة للبحث تشمل 4700 شركة للتكنولوجيا الصحية، و2300 شركة للتكنولوجيا الحيوية، وستة آلاف مستثمر، وأكثر من 250 مركزاً للبحوث، و600 من قادة القطاع.
وتُبرِز المنصّة نفسها خرائط معرفية تفاعلية عن المنظومة الشاملة للذكاء الإصطناعي وقواعد بيانات ذلك القطاع. وتتمحور تلك المعطيات كلها حول تقاطع ذكاء الآلات مع الطب الحيوي والرعاية الصحية للكائن البشري.
وتحتوي المنصّة أيضاً على منصتين فرعيتين تتناولان علاقة الذكاء الإصطناعي مع التقنيات الحيوية Biotechnology والتكنولوجيا الصحية Health Technology. وتحتوي معلومات عن الشركات المتألقة في هذين الفرعين، مع شرح عن التقنيات التي تصنعها.
وتذكيراً، جرى إنشاء «منصة الذكاء الإصطناعي في مجال التكنولوجيا الحيوية» بغية تسليط الضوء على التآزر المتنامي والمتصاعد بين هذين الحقلين. وبالتالي، توفّر هذه المنصّة الوصول السهل إلى المؤسسات الريادية في الذكاء الإصطناعي وخبرائه والمستثمرين المؤثرين فيه، إضافة إلى مرافق البحوث المتطورة في ذلك المجال. وتغطي المنصّة أيضاً مواضيع متنوّعة تشمل الإكتشافات التقنية المتعلقة بالمؤشرات الحيوية للجسم (النبض والتنفس والتعرُّق والتبوُّل وغيرها) وإكتشاف الأدوية، والتكنولوجيا العصبية وطب الفضاء وغيرها.
وتستكشف تلك المنصّة الفرعية نفسها، ملامح التقارب الديناميكي بين الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا الصحية، إذ تُوفّر نافذة على منهجيات الذكاء الإصطناعي المبتكرة، وقادة الرأي الرئيسيين فيه، والمنظّمات التي تتولاه، ومعاهد البحوث المبتكرة.
كما تتناول المنصّة مجموعة واسعة من الموضوعات تمتد من التشخيص العميق في المراحل المبكرة والطب الدقيق التوجيه، إلى الإستدامة العمرية وتكنولوجيا التأمين الصحي. وتعرض المنصّة الإتجاهات الحالية في تلك الحقول، وتتنبأ بالإتجاهات الصاعدة التي يُعزّزها الذكاء الإصطناعي. وتهدف المنصّة إلى توفير الوصول المباشر إلى المعرفة والتقدم، بغية أن يُحدّد ويدفع قطاع التكنولوجيا الصحية عامةً.
خصوصية الرعاية الصحية
بحسب أحد مسؤولي «وكالة تحليلات قطاع الذكاء الإصطناعي»، فإن الذكاء الإصطناعي يملك إمكانات كبيرة في عدد من القطاعات والمجالات، مع ملاحظة أن دوره في الرعاية الصحية يتجاوز كونه أداة دعم أو قطاع محايد. وفيما كان الذكاء الإصطناعي قبل خمس سنوات يُعتبر قطاعاً صغيراً في مجال التكنولوجيا الحيوية، فقد وصل في الوقت الحالي، إلى حجم 2.5 تريليون دولار، وأصبح ركيزة أساسية للرعاية الصحية، من العلوم الأساسية إلى التطبيقات السريرية.
وفي الخلاصة، يتمثل الأمر الأكثر أهمية بكثير من النمو المالي الهائل للذكاء الإصطناعي في مجال الرعاية الصحية، بحقيقة أن عمل تلك التكنولوجيا في الطب يتجاوز مجال الأعمال. لذلك يجب قياس قيمته الحقيقية ليس بالمال، بل بسنوات الحياة النوعية للبشر، وتحسين نتائج علاج المرضى الملموس في العالم الحقيقي، وإنقاذ الأرواح. وقد توقّع المسؤول نفسه أن تصبح التقنيات الذكية المحرك الرئيسي الذي يقود التحوُّل نحو الطب الوقائي والدقيق، وربما التمكّن من إضافة سنوات إلى المعدل المتوسط للأعمار.
المصارف العالمية تزيد إستثماراتها في تقنيات الذكاء الإصطناعي بشكل مطرد
الذكاء الإصطناعي.. ثورة في المشهد المصرفي العالمي
في عصر يُهيمن عليه التقدم التكنولوجي، يبرز الذكاء الإصطناعي كقوّة تحويلية تعيد تشكيل مختلف الصناعات، والخدمات المصرفية ليست إستثناءً. وفي السنوات الأخيرة، إستثمرت المصارف في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد في تقنيات الذكاء الإصطناعي لتعزيز الكفاءة وتحسين خدمة العملاء وتخفيف المخاطر.
وفق تقارير وتحليلات الصناعة المختلفة، فإن الإستثمار العالمي في الذكاء الإصطناعي من قبل المصارف آخذ في الإرتفاع، مع تخصيص أموال كبيرة لأبحاث الذكاء الإصطناعي وتطويره وتنفيذه. وتؤكد الأموال المتدفقة إلى الذكاء الإصطناعي من المؤسسات المالية وغيرها من المؤسسات على الأولويات الجديدة.
ويتّسم المشهد التنافسي في إستثمارات الذكاء الإصطناعي بين المصارف العالمية بالديناميكية، حيث تتنافس المؤسسات المصرفية للحصول على ميزة تنافسية من خلال إبتكارات الذكاء الاصطناعي. وتُخصّص المصارف مبالغ متفاوتة من الموارد المالية لإستثمارات الذكاء الإصطناعي بناءً على عوامل مثل الوضع في السوق، والأهداف الإستراتيجية، والقدرات التكنولوجية، والاعتبارات التنظيمية. تجدر الإشارة الى وجود فوارق بين الأقاليم الجغرافية الدولية في مستويات الإستثمار في تقنيات الذكاء الإصطناعي من قبل المصارف. فعلى سبيل المثال، تميل البلدان التي تتمتع ببنية تحتية تكنولوجية متقدمة وقطاع مالي قوي، مثل الولايات المتحدة والصين وبعض الدول الأوروبية، إلى الريادة في إستثمار الذكاء الإصطناعي في الخدمات المصرفية. في المقابل، تسعى الإقتصادات الناشئة أيضاً إلى تكثيف إستثماراتها في الذكاء الإصطناعي في مجال الخدمات المصرفية في إطار سعيها جاهدة لتحديث أنظمتها المالية والبقاء قادرة على المنافسة في السوق العالمية.
إستثمارات المصارف في الذكاء الإصطناعي
وفقاً لـ International Data Corp، سوف ترتفع مبيعات البرمجيات والأجهزة والخدمات لأنظمة الذكاء الإصطناعي بنسبة 29 % خلال العام 2024 لتصل إلى 166 مليار دولار، على أن تتجاوز 400 مليار دولار في العام 2027.
ووفقاً لبيانات موقع AltIndex.co، من المتوقع أن تستمر سوق الذكاء الإصطناعي العالمي في النمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 17 % في السنوات الأربع المقبلة، وتصل قيمته إلى أكثر من 500 مليار دولار في حلول العام 2027.
وبشكل عام، تستثمر المصارف في مجموعة واسعة من تطبيقات الذكاء الإصطناعي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، روبوتات الدردشة لخدمة العملاء (Chatbots)، والتحليلات التنبؤية لإدارة المخاطر، وخوارزميات الكشف عن الإحتيال، وأنظمة التوصيات الشخصية، وأتمتة العمليات.
وتهدف هذه الإستثمارات إلى الإستفادة من تقنيات الذكاء الإصطناعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتعزيز تجارب العملاء وإكتساب مزايا تنافسية في المشهد المالي سريع التطور. من جهة أخرى، تختار بعض المصارف التعاون مع الشركات الناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي أو شركات التكنولوجيا أو المؤسسات البحثية لتسريع إبتكار الذكاء الإصطناعي وتنفيذه، حيث تُمكّن الشراكات المصارف من الوصول إلى أحدث الحلول والخبرات والموارد في مجال الذكاء الإصطناعي مع تعزيز ثقافة الإبتكار والتعاون داخل الصناعة. وفعلاً، قامت المصارف العالمية بزيادة إستثماراتها في تقنيات الذكاء الإصطناعي بشكل مطّرد على مدى السنوات العديدة الماضية، وتشمل هذه الإستثمارات مجموعة واسعة من المبادرات، بما في ذلك البحث والتطوير، والإستحواذ على شركات الذكاء الإصطناعي الناشئة، وتنفيذ الحلول التي تعتمد على الذكاء الإصطناعي، والشراكات مع شركات التكنولوجيا. كما أعلن العديد من المصارف العالمية الكبرى عن مبادرات مهمة في مجال الذكاء الإصطناعي تهدف إلى الإستفادة من الذكاء الإصطناعي لتحويل جوانب مختلفة من عملياتها، وتتضمّن هذه المبادرات إلتزامات مالية كبيرة لتمويل أبحاث الذكاء الإصطناعي، وتطوير البنية التحتية، وإكتساب المواهب، والمشاريع التجريبية عبر وحدات الأعمال المختلفة. وبحسب تقرير لوكالة ستاندرد أند بورز، فإن المصارف وشركات الخدمات المالية هي أكبر المستخدمين لتطبيقات الذكاء الإصطناعي، مع حصّة سوقية تبلغ نحو 20 %. وعلى سبيل المثال، يُنفق بنك جي بي مورغان، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة، أكثر من 15 مليار دولار سنوياً على التكنولوجيا.
مجالات الإستفادة من الذكاء الإصطناعي في المصارف
يُمكن أن يكون لإعتماد الذكاء الإصطناعي في العمليات تأثير عميق على إنتاجية المصارف وكفاءتها وربحيتها، من خلال تمكين الأتمتة والتحسين والإبتكار عبر مختلف الوظائف. وعليه، تستفيد المصارف من الإستثمار في الذكاء الإصطناعي في مجالات متعدّدة منها على سبيل المثال، لا الحصر، كالتالي:
أولاً. أتمتة المهام الروتينية Automation of Routine Tasks: يُمكن لتقنيات الذكاء الإصطناعي، مثل أتمتة العمليات الروبوتية (Robotic Process Automation – RPA)، أتمتة المهام المتكررة والمستهلكة للوقت في العمليات المصرفية، مثل إدخال البيانات ومعالجة المستندات ومعالجة المعاملات. ومن خلال أتمتة المهام الروتينية، يُمكن للمصارف تقليل الأخطاء اليدوية، وتقليل أوقات المعالجة، وتحرير الموظفين للتركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى التي تتطلب الحكم البشري والإبداع.
ثانياً. تحسين العمليات: يُمكن للخوارزميات المعتمدة على الذكاء الإصطناعي، تحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد أوجُه القصور والإختناقات وفرص التحسين في العمليات المصرفية. وعبر تحسين العمليات، يُمكن للمصارف تبسيط سير العمل، والقضاء على التكرار، وتعزيز تخصيص الموارد، مما يؤدي إلى أوقات تسليم أسرع، وخفض التكاليف، وتحسين الأداء التشغيلي.
ثالثاً. تجارب العملاء المحسنة Enhanced Customer Experiences: أصبحت روبوتات الدردشة (AI-powered chatbots) والمساعدون الإفتراضيون (Virtual assistants) الذين يعملون بالذكاء الإصطناعي، أدوات لا غنى عنها للمصارف في جميع أنحاء العالم، حيث تُوفر للعملاء مساعدة شخصية على مدار الساعة.
ومن خلال معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing) وخوارزميات التعلُّم الآلي (Machine Learning Algorithms) تُقدم أنظمة الذكاء الإصطناعي هذه، توصيات مخصّصة وحلّ الإستفسارات وتبسيط عمليات إدارة الحساب. والنتيجة هي زيادة رضى العملاء، وتحسين المشاركة، وزيادة الولاء، وتعزيز العلاقات القوية بين المصارف وعملائها.
وعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Amundi، التي يقع مقرها في باريس، وتدير نحو 2 تريليون يورو من الأصول، أدوات قائمة على الذكاء الإصطناعي لتخصيص المحافظ لبعض عملائها الذين يزيد عددهم عن 100 مليون من خلال السؤال عن تفضيلاتهم حيال المخاطر، حيث تساعد الإستجابات في تشكيل المحافظ وتوفر مقياساً للمشاعر في الوقت الفعلي(Real-time sentiment gauge).
رابعاً. الإدارة المتقدمة للمخاطر وإكتشاف الإحتيال: تُحدث خوارزميات الذكاء الإصطناعي ثورة في ممارسات إدارة المخاطر في الخدمات المصرفية، من خلال تمكين التحليل في الوقت الفعلي لكميات هائلة من بيانات المعاملات. ويُمكن لنماذج التعلم الآلي إكتشاف الأنشطة الإحتيالية بدقة غير مسبوقة، وتحديد الأنماط المشبوهة والشاذة (Anomalies) التي تتجنّب الأنظمة التقليدية القائمة على القواعد. علاوة على ذلك، تعمل التحليلات التنبؤية المعتمدة على الذكاء الإصطناعي على تمكين المصارف من تقييم مخاطر الإئتمان، والتنبؤ بإتجاهات السوق، وتحسين إستراتيجيات الإستثمار، وبالتالي تعزيز عمليات صنع القرار وحماية الأصول المالية، وتعزيز الإستقرار المالي.
ونشير هنا الى أن لجنة بازل للرقابة المصرفية شدّدت على أن الذكاء الإصطناعي يُمكن أن يجعل الإقراض أكثر كفاءة في إتخاذ القرارات الإئتمانية وفي إحباط عمليات غسيل الأموال.
خامساً. الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف: تعمل تقنيات الذكاء الإصطناعي على تعزيز الكفاءة التشغيلية في الخدمات المصرفية من خلال الأتمتة وتحسين العمليات. تعمل أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) على أتمتة المهام المتكررة، مما يُقلل الأخطاء اليدوية ويُسرّع أوقات معالجة المعاملات. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الخوارزميات المدعومة بالذكاء الإصطناعي على تحسين تخصيص الموارد، وتعزيز إدارة سير العمل، وتقليل تكاليف التشغيل. ومن خلال تبسيط العمليات الداخلية، يُمكن للمصارف تخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية، وتحسين الإنتاجية، وتخصيص المزيد من الموارد للإبتكار والمبادرات التي تركز على العملاء. ومن خلال خفض تكاليف العمالة اليدوية، وتقليل أوجُه القصور التشغيلية، وتخفيف المخاطر، تستطيع المصارف تخصيص الموارد بشكل أكثر إستراتيجية لدفع النمو والإبتكار. وبشكل عام، فإن إعتماد الذكاء الإصطناعي في العمليات يُمكّن المصارف من تعزيز الإنتاجية وتبسيط العمليات وتحسين تجارب العملاء وزيادة الربحية في مشهد مالي ديناميكي وتنافسي بشكل متزايد.
سادساً. التحليلات التنبؤية ودعم القرار: يُمكن للتحليلات التنبؤية المعتمدة على الذكاء الإصطناعي التنبؤ بسلوك العملاء وإتجاهات السوق ونتائج الأعمال، مما يُوفر للمصارف رؤى قيّمة لإتخاذ القرار. من خلال تسخير قوة الذكاء الإصطناعي لدعم القرار، يُمكن للمصارف إتخاذ قرارات أكثر إستنارة وقائمة على البيانات، وتحسين إستراتيجيات الإستثمار، وتحديد فرص النمو والإبتكار. وعلى سبيل المثال، يستخدم البنك المركزي الأوروبي الذكاء الإصطناعي لتطبيقات مثل أتمتة تصنيف البيانات من 10 ملايين شركة وهيئة حكومية، ومسح مواقع الانترنت لتتبع أسعار المنتجات في الوقت الفعلي. كما أنه يستخدم التكنولوجيا لمساعدة الهيئات الاشرافية على المصارف في العثور على القصص الإخبارية والتقارير الإشرافية وملفات الشركات وتحليلها.
التحديات الناجمة عن إستخدام الذكاء الإصطناعي في المصارف
في حين أن إعتماد الذكاء الإصطناعي في المصارف يقدم فوائد عديدة، فإنه يطرح أيضاً العديد من التحدّيات، وفي مقدمها:
أولاً. جودة البيانات وتكاملها: يجب على المصارف التأكد من جودة ودقة وسلامة البيانات المستخدمة لتدريب نماذج الذكاء الإصطناعي، مما قد يتطلب تنقية البيانات وتطبيعها وتكاملها من مصادر مختلفة.
ثانياً. مخاطر الأمن السيبراني: قد تكون أنظمة الذكاء الإصطناعي عرضة للتهديدات السيبرانية، بما في ذلك الهجمات، وإنتهاكات البيانات، والتحيُّزات الخوارزمية (Algorithmic biases)، مما يسلّط الضوء على الحاجة إلى تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية المعلومات المالية الحساسة والحفاظ على الثقة مع العملاء.
ثالثاً. فجوة المواهب والمهارات: تُواجه المصارف تحديات في جذب المواهب ذات الخبرة في مجال الذكاء الإصطناعي وعلوم
البيانات والتعلم الآلي والإحتفاظ بها، حيث يفوق الطلب على المهنيين المهرة العرض، مما يؤدي إلى نقص المواهب وفجوات المهارات.
رابعاً. إدارة التغيير: يتطلّب إعتماد الذكاء الإصطناعي تغيُّرات ثقافية وتنظيمية، بما في ذلك تدريب الموظفين، وقبول أصحاب المصلحة، ومواءمة العمليات التجارية مع سير العمل القائم على الذكاء الإصطناعي، والتي قد تواجه مقاومة وقصوراً داخل المصرف.
خامساً. الإمتثال التنظيمي: تعمل المصارف في بيئة شديدة التنظيم، ويثير إعتماد الذكاء الاصطناعي مخاوف حيال الإمتثال للوائح خصوصية البيانات، والمبادئ التوجيهية الأخلاقية، والمتطلبات التنظيمية، مما يستلزم الرقابة والحوكمة الدقيقة. ويصاحب إعتماد الذكاء الإصطناعي في المصارف تحديات تنظيمية مختلفة بسبب الطبيعة الحساسة للخدمات المالية والمخاطر المحتملة المرتبطة بتقنيات الذكاء الإصطناعي.
في ما يلي بعض التحديات التنظيمية الرئيسية:
خصوصية وأمن البيانات: يعتمد الذكاء الإصطناعي في الخدمات المصرفية بشكل كبير على كميات كبيرة من بيانات العملاء لتدريب نماذج التعلم الآلي ووضع التنبوءات. تفرض لوائح خصوصية البيانات الصارمة متطلبات صارمة على جمع البيانات الشخصية وتخزينها ومعالجتها. لذلك، يجب على المصارف التأكد من الإمتثال لهذه اللوائح لحماية خصوصية العملاء ومنع إختراق البيانات.
الإقراض العادل وعدم التمييز: يجب أن تلتزم خوارزميات الذكاء الإصطناعي المستخدمة في تسجيل الإئتمان وقرارات الإقراض بقوانين ولوائح الإقراض العادل لمنع التمييز على أساس الخصائص المحمية مثل العرق أو الجنس.
الشفافية وقابلية الشرح: تطلب الهيئات التنظيمية من المصارف توفير الشفافية وقابلية التفسير في عمليات صنع القرار المعتمدة على الذكاء الإصطناعي لضمان المساءلة وتخفيف المخاطر. وعليه، يجب أن تكون المصارف قادرة على شرح كيفية وصول نماذج الذكاء الإصطناعي إلى إستنتاجاتها، ولا سيما في المجالات الحيوية مثل الموافقات الإئتمانية وتقييم المخاطر.
قد يكون تحقيق الشفافية وقابلية التفسير أمراً صعباً، خاصة مع خوارزميات الصندوق الأسود المعقدة للذكاء الإصطناعي (Complex black-box AI algorithms).
التحقُّق من صحّة وحوكمة النموذج (Model Validation and Governance): تفرض المبادئ التوجيهية التنظيمية عمليات صارمة للتحقق من صحة النماذج والحوكمة لتقييم دقة وموثوقية واستقرار نماذج الذكاء الإصطناعي المنتشرة في العمليات المصرفية. يجب على المصارف إنشاء أطر قوية لإدارة المخاطر النموذجية والتحقق من صحتها والمراقبة المستمرة للإمتثال للمتطلبات التنظيمية وضمان نزاهة عملية صنع القرار القائمة على الذكاء الإصطناعي.
الأمن السيبراني والمرونة التشغيلية (Cybersecurityand Operational Resilience):
يؤدي دمج تقنيات الذكاء الإصطناعي في العمليات المصرفية إلى ظهور مخاطر ونقاط ضعف جديدة تتعلق بالأمن السيبراني والتي يجب معالجتها لحماية الأنظمة المالية وبيانات العملاء. وتطلب السلطات التنظيمية من المصارف تنفيذ تدابير قوية للأمن السيبراني وضمان المرونة التشغيلية لمقاومة التهديدات السيبرانية وفشل الأنظمة والهجمات الضارة التي تستهدف أنظمة الذكاء الإصطناعي.
الإستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الإصطناعي: تشدّد الجهات الرقابية على أهمية الإستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الإصطناعي في الخدمات المصرفية لدعم ثقة المستهلك وتعزيز العدالة وحماية القيم المجتمعية. لذلك يجب أن تلتزم المصارف المبادئ الأخلاقية والمبادئ التوجيهية التي تحكم أخلاقيات الذكاء الإصطناعي، مثل العدالة والمساءلة والشفافية والمسؤولية.
خلاصة
في المحصّلة، يشهد المشهد المصرفي العالمي تحوُّلاً عميقاً مدفوعاً بالإعتماد الواسع النطاق على الذكاء الإصطناعي، فمن تجارب العملاء الشخصية إلى حلول إدارة المخاطر المتقدمة، يُحدث الذكاء الإصطناعي ثورة في الممارسات المصرفية التقليدية، ويُعزز الكفاءة التشغيلية والإبتكار. ولكن مع تبنّي المصارف لتقنيات الذكاء الإصطناعي، يجب عليها التعامل مع التعقيدات التنظيمية والإعتبارات الأخلاقية لضمان نشر الذكاء الإصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي. وبالنظر إلى المستقبل، فإن التطوُّر المستمر للذكاء الإصطناعي يَعِد بإعادة تشكيل الصناعة المصرفية، وتمكين المصارف من تقديم خدمات محسّنة، وتخفيف المخاطر، والتكيُّف مع المتطلّبات الديناميكية للعصر الرقمي.
ويتطلّب تحقيق التوازن بين مزايا وعيوب الذكاء الإصطناعي في المصارف إتباع نهج شامل يعطي الأولوية للنشر المسؤول للذكاء الإصطناعي، وتخفيف المخاطر، والإعتبارات الأخلاقية. ومن خلال تعظيم فوائد الذكاء الإصطناعي مع تخفيف مخاطره، يُمكن للمصارف تسخير القوة التحويلية للذكاء الإصطناعي لدفع الإبتكار وتحسين الكفاءة وتقديم تجارب متفوقة للعملاء مع الحفاظ على الثقة والنزاهة والإمتثال داخل النظام المصرفي. كما تتطلب معالجة التحدّيات التنظيمية الناجمة عن إستخدامات الذكاء الإصطناعي بذل جهود إمتثال إستباقية، والتعاون مع السلطات التنظيمية، والإستثمار في التكنولوجيا التنظيمية (RegTech)، والمراقبة المستمرة للتطورات التنظيمية لضمان أن إعتماد الذكاء الإصطناعي في المصارف يتم بطريقة متوافقة ومسؤولة وأخلاقية.
على هامش إجتماعات الدورة العادية 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي في القاهرة
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح
يناقش المستجدات مع قيادات مصرفية وديبلوماسية مصرية وعربية
في سياق زيارة الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، العاصمة المصرية القاهرة، لحضور إجتماعات الدورة العادية الـ 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي – جامعة الدول العربية، إستقبل محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر ورئيس مجلس إدارة بنك مصر في مقره التاريخي العريق، الدكتور فتوح، وكان بحث في شؤون مصرفية ومالية مصرية وعربية.
كما إلتقى د. فتوح، شريف جامع، المدير العام لإتحاد بنوك مصر في مقر الأخير، ثم إجتمع مع السفير محمدي أحمد الني، الأمين العام لمجلس الوحدة الإقتصادية العربية – جامعة الدول العربية.
وكما إلتقى السفير علاء موسى، السفير المصري في لبنان، وقد أعلن د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية «أن زيارته القاهرة ولقاءاته مع عدد من الشخصيات المصرفية والمالية والديبلوماسية المصرية والعربية، تأتي في سياق حضوره إجتماعات الدورة العادية الـ 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي – جامعة الدول العربية، حيث تترأس الدورة دولة الإمارات العربية المتحدة، لمناقشة قضايا التعاون العربي المشترك في المجالات الإقتصادية والإجتماعية».
يُشار إلى أن الدورة تجمع وزراء ومسؤولين وخبراء من مختلف الدول العربية لمناقشة القضايا الإقتصادية والإجتماعية ذات الأولوية، بهدف تعزيز التعاون العربي المشترك وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. وكان قد سبقها إجتماع اللجنة الاجتماعية، التي ناقشت عدداً من الموضوعات في الملف الإجتماعي، بما في ذلك الإستراتيجية العربية للتعلُّم مدى الحياة، ودور الدعم الإجتماعي في تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في التعلُّم والعقد العربي الثاني لمحو الأمية وتعليم الكبار.
كما تناولت الإجتماعات، سبل التعاون العربي الدولي في المجالات الإجتماعية والتنموية، إلى جانب تقارير وقرارات المجالس الوزارية واللجان المتخصصة، وقد عرضت اللجنة كذلك بنداً حول مبادرة «الثقافة والمستقبل الأخضر»، وآخر حول مقترح لتأسيس مراكز تطوعية للشباب والمتقاعدين لخدمة كبار السن.
أما اللجنة الإقتصادية فناقشت تقرير أوضاع الأمن الغذائي العربي لعام 2023، وتابعت تنفيذ البرنامج العربي لإستدامة الأمن الغذائي، وإستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة 2020 – 2030. كما تناولت الإستراتيجية العربية للإدارة المستدامة للموارد الرعوية 2020 – 2040، وإستراتيجية تربية الأحياء المائية 2018 – 2037، إضافة إلى الموضوعات الخاصة بالمنظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك، وتقارير وقرارات المجالس الوزارية واللجان، إلى جانب مبادرة الفضاء «مداك» وتطوير أداء المنظمات العربية المتخصّصة.
مذكرة تفاهم مع المعهد الأميركي لمكافحة الفساد
من جهة أخرى، أعلن إتحاد المصارف العربية عن توقيع مذكرة تفاهم مع المعهد الأميركي لمكافحة الفساد لتعزيز مكافحة الفساد والنزاهة في قطاع البنوك في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا. علماً أن هذا التعاون يؤكد الإلتزام المشترك بتعزيز ثقافة الشفافية والنزاهة داخل الصناعة المالية والمصرفية. وفي هذا السياق، دعا المعهد الأميركي لمكافحة الفساد، الذي وقّع مذكرة تفاهم أيضاً مع شركة إستشارة الغد، المنظمات والمؤسسات في كافة القطاعات الإقتصادية إلى «الإنضمام إلينا في هذه الرحلة الهامة، نحو إضفاء الطابع المؤسسي على الوقاية من الفساد، وضمان مستقبل مستدام وأخلاقي للجميع».
خطة الزراعة اللبنانية للنهوض بقطاع الأسماك
وكان د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية قد شارك في إطلاق «خطة وزارة الزراعة اللبنانية للنهوض بقطاع الأسماك وتطوير الصيد البحري والإستزراع السمكي»، في العاصمة اللبنانية بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.
وزار ماسايوكي ماغوشي، سفير اليابان لدى لبنان،د. فتوح في مقر إتحاد المصارف العربية في بيروت، وكان بحث في شؤون التعاون المصرفي العربي – الياباني.
د. فتوح يلتقي وزير الداخلية والبلديات اللبناني القاضي بسام مولوي في حضور هشام المكمّل رئيس جمعية الضرائب اللبنانية
بمشاركة الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح
«المركزي الأردني»: التمويل الأخضر ضرورة إستراتيجية للمستقبل المصرفي
محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس متحدثاً و بدا جانب من الحضور المصرفي الأردني والعربي
برعاية وحضور محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، إنعقدت فعّاليات النسخة الثانية من منتدى التمويل الأخضر «جريفن 2024» بعنوان «التمويل الأخضر: ضرورة ملحة لمستقبل القطاع المصرفي»، وذلك برعاية ذهبية من ثمانية بنوك هي: الأردن، والإسلامي الأردني، والأهلي الأردني، والقاهرة عمان، والإسكان للتجارة والتمويل، والأردني الكويتي، والاتحاد، والعربي الإسلامي الدولي، في حضور الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، ونائب رئيس جمعية البنوك في الأردن، عمار الصفدي، ومدير عام الجمعية، الدكتور ماهر المحروق، وقيادات مصرفية، وبمشاركة ما يزيد عن 180 مشاركاً من البنوك ومن مختلف القطاعات المصرفية والإقتصادية، والجهات الحكومية والمؤسسات والمنظمات الدولية التي تُعنى بالتمويل الأخضر.
محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس: هدفنا الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجدّدة
أكد محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس «أن التغيُّر المناخي أصبح من أهم القضايا على المستوى العالمي نظراً إلى ما ينطوي عليه من مخاطر إجتماعية وبيئية وإقتصادية، وأن المنتدى يهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون داخل القطاع المصرفي ومع الجهات الأخرى ذات العلاقة لتطوير وتفعيل مبادرات التمويل الأخضر في المملكة».
وأوضح د. شركس «أن البنك المركزي أدرك مبكّراً أهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجددة، حيث شمل قطاع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة الطاقة ضمن برنامجه التمويلي لدعم وتمويل القطاعات الإقتصادية في العام 2013، إيماناً منه بأهمية هذا القطاع في المحافظة على البيئة وتوسيع نطاق استخدام الطاقة النظيفة في الأردن، والتخفيف من أثر تغيُّر المناخ».
وأضاف د. شركس «أن البنك المركزي قام في العام 2023 بإطلاق إستراتيجية التمويل الأخضر (2023-2028) التي تم إعدادها بالتعاون مع البنك الدولي وبالتنسيق والشراكة مع جمعية البنوك والقطاع المصرفي والمالي والأطراف ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص. وتُعتبر هذه الإستراتيجية بمثابة خارطة طريق لتمكين البنك المركزي والقطاع المالي من تعزيز التمويل الأخضر والحدّ من مخاطر تغيُّر المناخ، وتغطي قطاع البنوك
وشركات التأمين وشركات التمويل الأصغر، كما تمتاز هذه الإستراتيجية بأنها الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، مشيراً إلى «أن البنك المركزي إنضم في العام 2021 إلى شبكة تخضير النظام المالي العالمية، التي تهدف إلى تعزيز الإستجابة العالمية المطلوبة لتحقيق أهداف الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالمناخ وتعزيز دور النظام المالي في إدارة مخاطر تغيُّر المناخ وتوجيه رأس المال للإستثمارات الخضراء ومنخفضة الكربون».
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
الأردن يلتزم مبادرات التمويل الأخضر الذي يمثل وسيلة حاسمة لتحقيق النمو المستدام ومعالجة تحديات تغيُّر المناخ
بدوره قال الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح: «إن الجامع المشترك بين الحضور هو تعزيز التنمية المستدامة التي تلبي إحتياجات الحاضر دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها»، موضحاً «أن هذا المؤتمر يناقش قضية بالغة الأهمية، تتمثل في تقاطع بين التمويل والإستدامة، والتنمية في عصر أصبحت فيه عواقب تغيُّر المناخ والتدهور البيئي واضحة بشكل متزايد». وأشار د. فتوح إلى «أن دور المؤسسات المالية في تعزيز مستقبل مستدام أصبح بالغ الأهمية،»، موضحاً «أن التمويل الأخضر يمثل وسيلة حاسمة لتحقيق النمو المستدام ومعالجة التحديات الملحة التي يفرضها تغيُّر المناخ». وأشاد بـ «إلتزام الأردن مبادرات التمويل الأخضر»، مشيراً إلى «الخطة الوطنية للنمو الأخضر التي تم إطلاقها في العام 2017، ومشاريع الطاقة المتجددة، والسندات الخضراء، والصندوق الأردني للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص»، معرباً عن أمله في «أن تُسهم هذه الجهود في بناء مستقبل مرن ومزدهر للأجيال المقبلة».
الصفدي: المنتدى يهدف إلى تعزيز أطر الحوار والتعاون
لدعم مبادرات التمويل الأخضر والإستدامة في المملكة
من جهته، قال نائب رئيس جمعية البنوك في الأردن، عمار الصفدي «إن منتدى التمويل الأخضر «جريفن»، هو منتدى سنوي أطلقته الجمعية في العام 2023، ويسلّطُ الضوء على التمويل الأخضر، ويهدف إلى تعزيز أطر الحوارِ والتعاونِ بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والقطاع المصرفي لدعم وتعزيز مبادرات التمويل الأخضر والإستدامة في المملكة»، موضحاً «أن التوجُّه نحو الإستدامة والتمويل الأخضر أصبح إحدى الضرورات الملحة لبناء مستقبل القطاع المصرفي، والذي يتوافق أيضاً مع رؤية التحديث الإقتصادي. كما أوضح مواصلة المؤشرات المصرفية الرئيسية تحقيق معدلات نموٍ مستدامة وحفاظ القطاع المصرفي على عناصر قوته ومتانته المالية من خلال الإشارة إلى مؤشرات المتانة المالية».
جلسات متخصصة عن طبيعة التمويل الأخضر والمستدام
والتحول إلى نهج الاستدامة في القطاع المصرفي
تضمّن المنتدى مجموعة من الجلسات المتخصّصة التي بحثت طبيعة التمويل الأخضر والمستدام والتحوُّل إلى نهج الإستدامة في القطاع المصرفي. وجاءت الجلسة الإفتتاحية بعنوان «التمويل الأخضر: الأهمية والإتجاهات»، والتي تحدث فيها جاسون شانيل رئيس التمويل المستدام في سيتي العالمية، عن أهمية التمويل الأخضر والإتجاهات العالمية حوله، وإتجاهات الأسواق في جانب التمويل الأخضر، ووجود إرتفاع ملحوظ للطلب عالمياً على الحلول المالية المستدامة، وخصوصاً إرتباط الحلول البيئية مع بيئة الأعمال المصرفية.
الجلسة الأولى
بحثت الجلسة الأولى، في تكامل التمويل الأخضر في العمليات المصرفية، وأدارتها المهندسة ربى الزعبي مسؤولة
الطاقة والمناخ والتنمية في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، حيث ركّز المتحدثون خلالها على العناصر المؤثرة على عملية التحول.
وتحدث أندريوس سكارنوليس، الخبير الاقتصادي المالي الأول في شؤون المالية والقدرة التنافسية والإبتكار في البنك الدولي، عن النظرة الشمولية للتمويل الأخضر على مستوى المنطقة والعالم، فيما تحدث يان إننباخ، مستشار تطوير الأنظمة المالية في مجموعة GFA الاستشارية، وشدى الشريف، خبير سياسات الاقتصاد الأخضر ونائب رئيس الفريق في GIZ الأردن، عن مجموعة الأدوات والآليات المتعلقة بتصميم وتطوير أدوات التمويل والقروض المصرفية الخضراء، والفرص الإستثمارية، وأهمية تعزيز سلوك المستهلك للدفع نحو التكنولوجيات الخضراء.
أما فنسنت دوينهاور، المدير المساعد ورئيس النظام المالي الأخضر لجنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، فقد عرض التجارب الدولية وسبل تسريع وتيرة التمويل الأخضر من خلال عرض قصص النجاح وتوضيح العمليات المصرفية لنجاحها.
وتضمن المنتدى جلسة فرعية مخصّصة للقطاع الصناعي في الأردن، والتي تحدث فيها المهندس معن عياصرة عن فرص التمويل الأخضر في القطاع الصناعي.
الجلسة الثانية
وتناولت الجلسة الثانية، ممارسات إدارة مخاطر التمويل الأخضر، وأدارها الدكتور رسمي حمزة، المدير التنفيذي لصندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة JREEF.
وتحدث في الجلسة ميرت ديديباس، المدير الإقليمي لمكتب مدرسة فرانكفورت للتمويل والإدارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن الجوانب الفنية المتعلقة بالتمويل الأخضر في القطاع المصرفي، وعناصر تقييم المخاطر البيئية وإدماجها في نماذج التحليل الإئتماني لتعزيز القرارات الإئتمانية وإستدامة المحافظ المالية والحد من فرص الغسيل الأخضر للأموال«Green Washing» .
وتناول محمد عمايرة مدير دائرة الإستقرار المالي في البنك المركزي الأردني، توجُّهات البنك في تطبيق إستراتيجية التمويل الأخضر، وسبل تعزيز هيكل حوكمة المخاطر المتعلقة بالتمويل الأخضر في القطاع المصرفي.
البيان الختامي: تعزيز التحوُّل نحو الإستدامة في القطاع المصرفي
في ختام أعمال المنتدى، قدم مدير عام جمعية البنوك، الدكتور ماهر المحروق، البيان الختامي للمنتدى، مشيراً إلى دور الجمعية في تعزيز وبناء أُطر التواصل والتشابك مع كافة الجهات، لتعزيز التحوُّل نحو الإستدامة في القطاع المصرفي، وجهود الجمعية في تطوير وبناء القدرات والتعمق في مواضيع الإستدامة والتمويل الأخضر لتعزيز القيادات المصرفية لقيادة هذا التحوُّل، موضحاً «أن تخضير القطاع المصرفي عملية مستمرة، وترتبط مع تطبيق إستراتيجية البنك المركزي للتمويل الأخضر للأعوام 2023-2028 ورؤية التحديث الإقتصادي والتي إتخذت من الإستدامة إحدى الركائز الأساسية للرؤية».
مؤتمر «تحدّيات تحقيق أهداف التنمية المستدامة» في جنيف
المنطقة العربية تُواجه تحدّيات كبيرة للحصول على التمويل اللازم
لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العام 2030
من اليسار الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي العراق المهندس زياد خلف عبد وماريون هونيك، رئيس قسم الشمول المالي في إدارة التوسيع والجوار في الإتحاد الأوربي، بنك الإستثمار الأوربي
شكّل تنظيم إتحاد المصارف العربية لمؤتمر «تحدّيات تحقيق أهداف التنمية المستدامة» في مقرّ الأمم المتحدة في مدينة جنيف، سويسرا، على مدار يومين، تحدّياً آخر في مسيرة التنمية المستدامة، ومحاولة ردم فجوة تمويل تحقيق أهداف التنمية المستدامة عربياً ودولياً، حيث دعا إقتصاديون، شاركوا في المؤتمر، إلى دعم الإبتكارات المالية والإستثمارية التي تُعزّز التنمية المستدامة في المنطقة.
وقد شارك في الإفتتاح نخبة من المتحدّثين من الجهات المالية والمصرفية والمنظمات الدولية، في مقدمهم الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، وأعقب ذلك رسالة مسجلة من الدكتورة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، ثم ألقت ماريون هونيك، رئيس قسم الشمول المالي في بنك الإستثمار الأوروبي، كلمة أمام الحضور، تلاها المهندس زياد خلف عبد رئيس بنك التنمية الدولي (العراق) وعضو مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، وميشيل ديتلفسن، رئيس قسم التمويل المبتكر، وبمشاركة عدد من المؤسسات الدولية: «اليونيدو» و«الأونكتاد»، وصندوق النقد الدولي، وبنك الإستثمار الدولي، و«الأسكوا».
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
100 مليار دولار سنوياً فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة عربياً
في الكلمات، شدّد الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية في كلمته الرئيسية على «الأهمية الحاسمة للنهوض بأهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية»، منوهاً بأن «أهداف التنمية المستدامة ليست مجرد إطار عمل، بل هي إلتزام أخلاقي لتحقيق الرخاء والمساواة والرعاية البيئية على مستوى العالم، ورغم التقدُّم المحرز، فإن المنطقة غير قادرة على تحقيق أهدافها لعام 2030، مما يستلزم إتخاذ إجراءات فورية وموحّدة من جميع القطاعات العام والخاص والمجتمع المدني.
ومن الأمور الأساسية لتسريع وتيرة التقدم تعبئة الموارد المالية، والإعتراف بوجود فجوة تمويلية سنوية كبيرة تتجاوز 100 مليار دولار». وشدّد د. فتوح على «الحاجة إلى حلول مالية مبتكرة وتعزيز الإلتزامات من أصحاب المصلحة المحليين والدوليين. علاوة على ذلك، تعهد إتحاد المصارف العربية في قمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2023 بتعبئة تريليون دولار لتمويل التنمية في حلول العام 2030، بالشراكة مع الإسكوا التابعة للأمم المتحدة. ويهدف هذا الإلتزام إلى سدّ الفجوة التمويلية في الدول العربية، ويؤكد الدور المحوري للقطاع المصرفي في تعزيز التنمية المستدامة والمرونة الإقتصادية».
وختم د. فتوح كلمته داعياً إلى «بذل جهود جماعية للتغلُّب على العوائق النظامية، وتعزيز بيئة مواتية للنمو الشامل، مسترشدين بمبادئ الإنصاف والعدالة والإستدامة»، كما دعا إلى «إغتنام الفرصة لبناء مستقبل مرن ومنصف، والوفاء بوعد أهداف التنمية المستدامة».
الأمينة التنفيذية للإسكوا د. رولا دشتي: تحتاج المنطقة إلى أكثر من 7 مليارات دولار سنوياً
حتى العام 2030 لتمويل أهداف التنمية المستدامة
بدورها، أثنت الدكتورة رولا دشتي، وكيلة الأمين العام والأمينة التنفيذية للإسكوا، على إتحاد المصارف العربية لإعطاء الأولوية لأهداف التنمية المستدامة. وشدّدت على «ضرورة التعاون والإبتكار في القطاع المصرفي لتحقيق خطة 2030، رغم التقدم المحرز، إذ تواجه المنطقة العربية تحدّيات ناجمة عن فيروس كورونا 2019 (COVID-19)، والحرب في أوكرانيا، والصراع الأخير في غزة، والتي تسببت في إنتكاسات كبيرة. كما تتراجع دول مثل اليمن والسودان وليبيا وسوريا والعراق والصومال بسبب الصراعات».
وقالت د. دشتي: «تحتاج المنطقة إلى أكثر من 7 مليارات دولار سنوياً حتى عام 2030 لتمويل أهداف التنمية المستدامة. ويتعيّن على الحكومات أن تعمل على تعزيز تعبئة الموارد المحلية، وتحسين الإنفاق العام، والتركيز على خلق فرص العمل، ولكنها تحتاج إلى الدعم من القطاع المصرفي. ويشكل إلتزام إتحاد المصارف العربية بحشد تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة خطوة واعدة، كما ويشكل الدعم العالمي ضرورة أساسية، حيث تحتاج البلدان المانحة إلى الوفاء بإلتزامات مساعدات التنمية الرسمية وإنشاء بنية مالية عادلة، بما في ذلك آليات تخفيف عبء الديون».
وخلصت د. دشتي إلى القول: «تشكل قمّة المستقبل المقبلة فرصة حاسمة لدفع هذه الإصلاحات، وتساعد الإسكوا مبادرات مثل صنع السياسات بمساعدة الذكاء الإصطناعي وإستراتيجيات تحسين الديون»، داعية المشاركين إلى «دعم الأدوات المالية المبتكرة، وتعزيز النمو الشامل، ودعم التحوُّل الرقمي».
وختمت د. دشتي كلمتها بتسليط الضوء على إمكانات التنمية المستدامة لخلق سوق بقيمة تريليون دولار وملايين الوظائف، داعية إلى «مستقبل لا يتخلّف فيه أحد عن الركب ويكون الكوكب محمياً»، وقالت: «إن أفعالنا اليوم سوف تشكل الغد، ويتعيّن علينا أن نلتزم بناء مستقبل مستدام يسترشد بالإنصاف والمرونة والقيادة».
ماريون هونيك رئيسة الشمول المالي، إدارة التوسيع والجوار في الإتحاد الأوروبي:
الحوكمة أمر محوري لتحقيق الأداء الأمثل وتطوُّر بنك الإستثمار الأوروبي نحو الدعم الإستباقي للمشروعات
وبدأت ماريون هونيك، رئيسة الشمول المالي، إدارة التوسيع والجوار في الإتحاد الأوروبي، بنك الإستثمار الأوروبي، كلمتها بملاحظة متفائلة، حيث سلطت الضوء على أنه «رغم التحدّيات الإقتصادية المقبلة، فإن التقدُّم واضح من أحدث البيانات الإقتصادية».
وشدّدت هونيك على «أهمية عدم الإحباط من الأرقام المذهلة بالتريليونات والمليارات»، مؤكّدة «أن كل خطوة إلى الأمام تجلب التحسن»، وقالت: «سنواصل التقدم، ونتقدم دائماً ونتغلّب على العقبات»،
وفي ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة، أشارت هونيك إلى أنه «رغم أن إحتياجاتها المالية محدّدة كمياً، إلا أنها لا تتوافق دائماً مع فرص الإستثمار»، وسلّطت الضوء على التحدّيات المترابطة المتمثلة في الفقر والأمن الغذائي وتغيُّر المناخ، وحثّت على إتباع نهج شامل. وشدّدت هونيك على الفحص الدقيق للمشاريع في ما يتعلق بتأثيرات المناخ، وأوجزت «مثلث برمودا» المتمثل في القدرة على المخاطرة، وعلى الترويج للمشروعات، وفهم المؤسسات المالية بإعتباره أمراً بالغ الأهمية لإغتنام فرص الإستثمار». ورأت هونيك «أن الحوكمة أمر محوري لتحقيق الأداء الأمثل»، مشيرة إلى تطور بنك الإستثمار الأوروبي نحو الدعم الإستباقي للمشروعات.
وفي الختام، قدمت هونيك ثلاث مبادرات من بنك الإستثمار الأوروبي: برنامج الأنظمة المالية الخضراء الذي يساعد الأنظمة المالية المقاومة للمناخ على مستوى العالم، ودليل إزالة الكربون في المغرب للشركات، ومدقق الأهلية الخضراء لبنك الاستثمار الأوروبي الذي يبسط تقييمات التمويل الأخضر للمشاريع الصغيرة.
رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي المهندس زياد خلف عبد:
دعم الإبتكارات يُعزّز التنمية المستدامة في المنطقة العربية
من جهته، أكد المهندس زياد خلف عبد، رئيس بنك التنمية الدولي في العراق وعضو مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، قوة العمل الجماعي في التغلُّب على عدم الإستقرار والصراعات والركود في المنطقة، مشدّداً على «الحاجة إلى الإستفادة من نقاط القوة في المنطقة لتحقيق النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة من خلال تحسين الهياكل المالية ودعم الاستثمارات المبتكرة».
وشدّد المهندس خلف على «أهمية التكيُّف والتعاون بين الحكومات والأسواق لتحويل التحدّيات إلى فرص، بهدف تحقيق نمو مستدام وشامل»، مشيراً إلى «أولوية الحكومة العراقية في التنمية الإقتصادية والاستثمار من خلال قوانين آمنة»، مسلطاً الضوء على «مشروع الطريق التنموي كنموذج للإستثمار العابر للحدود، حيث يربط العراق وتركيا والإمارات وقطر لمعالجة قضايا سلسلة التوريد وربط الخليج بأوروبا».
وشدّد خلف على «ضرورة تقييم ومعالجة التحدّيات التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل تغيُّر المناخ والسلام والعدالة والفقر»، داعياً إلى «تمكين رواد الأعمال وتعزيز الشراكات والاستثمار في البحث والتطوير والموارد البشرية لتعزيز النمو الاقتصادي»، مشدّداً على «أهمية الإبتكار في الخدمات المصرفية، وتشكيل شراكات فعّالة لضمان النمو الإقتصادي الشامل»، داعياً إلى «توجيه الأموال والإستثمارات نحو المشاريع التي تؤثر بشكل إيجابي على المجتمع والبيئة».
وفي ختام كلمته، أكد المهندس خلف «أن النظام المصرفي العربي يجب أن يُساهم بشكل فاعل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، داعياً إلى «بذل جهود جماعية لتعزيز دور القطاعين المصرفي والمالي من أجل مستقبل أفضل».
أهمية المؤتمر
يتعلق الهدف الأساسي من عقد المؤتمر بأهداف التنمية المستدامة، التي حدّدتها الأمم المتحدة كجزء من خطة العام 2030، والتي ترمي إلى القضاء على الفقر وتعزيز المساواة وحماية البيئة وضمان الوصول العالمي إلى الصحة والعدالة والرخاء. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف تنسيق النمو الإقتصادي، والإندماج الإجتماعي، وحماية البيئة.
وترتبط الفرص الإقتصادية الكبيرة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما قد يؤدي إلى إطلاق 12 تريليون دولار من فرص السوق، وخلق 380 مليون فرصة عمل جديدة في حلول العام 2030. ومع ذلك، هناك حاجة إلى إستثمار سنوي يُراوح بين 3.3 و4.5 تريليونات دولار لتحقيق هذه الأهداف.
ويلعب القطاع المصرفي، وخصوصاً في المنطقة العربية، دوراً حاسماً في تمويل التنمية المستدامة وإدارة أصول بقيمة 4.5 تريليونات دولار وتمويل بقيمة 3 تريليونات دولار. ورغم التقدم المحرز، لا تزال هناك فجوة تمويلية سنوية كبيرة تتجاوز 100 مليار دولار في المنطقة العربية، مما يسلّط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز الإلتزام المالي والتعاون.
ولا يزال توفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في حلول العام 2030 يشكل تحدياً رئيسياً للمنطقة العربية. وفي ضوء ذلك، قدم إتحاد المصارف العربية في سبتمبر/ أيلول 2023 في قمّة أهداف التنمية المستدامة في نيويورك، إلتزاماً بتشجيع البنوك العربية على تقديم هدف تمويل أهداف التنمية المستدامة بقيمة 1 تريليون دولار في حلول العام 2030، بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
ويرمي هذا الهدف الطموح إلى تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في الدول العربية الـ 22 ودعم تحقيق التحوّلات الستة الرئيسية لأهداف التنمية المستدامة في المجالات التالية: الحماية الإجتماعية، والطاقة، والتعليم، والنظم الغذائية، والتحوُّل الرقمي، والتنوُّع البيولوجي والطبيعة.
وفي هذا الصدد، يهدف إتحاد المصارف العربية من وراء تنظيم هذا المؤتمر حول «تحدّيات تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، إلى دراسة واقع التنمية المستدامة في المنطقة العربية، وتسليط الضوء على العوامل التي تُعزّز أو تعوّق التقدّم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومناقشة الإصلاحات اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في حلول العام 2030. كما تناول المؤتمر دور القطاع المصرفي والمالي في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
الذكاء الإصطناعي يُغيّر قواعد اللعبة للمصارف المركزية
يتعيّن على المصارف المركزية التحضير لتأثيرات الذكاء الاصطناعي العميقة، وفق ما ذكره بنك التسويات الدولية (بي آي إس)، مشدّداً على أن التكنولوجيا لا ينبغي أن تحل محل البشر في تحديد أسعار الفائدة.
وفي أول تقرير رئيسي لها عن عالم الذكاء الإصطناعي الذي يتقدم بسرعة، أفادت المجموعة الشاملة للمصارف المركزية: «إن صناع السياسات بحاجة إلى تسخير قوتها الهائلة لمراقبة البيانات في الوقت الفعلي من أجل «تحسين» قدراتهم على التنبؤ بالتضخُّم». علماً أن ذلك كان ناقصاً بشدّة في أعقاب أزمة «كوفيد – 19» والغزو الروسي لأوكرانيا عندما فشل الإحتياطي الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي وغيرهما من المصارف المركزية الكبرى في فهم قوة إرتفاع التضخُّم العالمي.
ومع ذلك، أكدت كبيرة المسؤولين في «بي آي إس»، سيسيليا سكينغسلي، «أن النماذج الجديدة للذكاء الإصطناعي، تقلّل من خطر تكرار ذلك، رغم طبيعتها غير المجربة، وحقيقة أنها يمكن أن «تتوهّم»، مما يعني أنها لا ينبغي أن تتحوّل إلى آلات لتحديد أسعار الفائدة»، مشيرة إلى الدور الحاسم الذي تلعبه تكاليف الإقتراض في المجتمع والحاجة إلى الحكم: «نحن نحب مساءلة البشر. لذلك لا أستطيع حقاً أن أتخيّل مستقبلاً يضع فيه الذكاء الإصطناعي أسعار (الفائدة)».
وأكد بنك التسويات الدولية، الذي يُطلق عليه غالباً «بنك المصارف المركزية» بسبب العمل المشترك الذي يقوم به، أنه لديه بالفعل ثمانية مشاريع تتضمن إستخدام الذكاء الإصطناعي.
وقال رئيس قسم الأبحاث والمستشار الاقتصادي الأعلى في «بي آي إس»، هيون سون شين: «إن صانعي السياسات لا ينبغي أن يعدونه «شيئاً سحرياً»، لكنه قال إنه «يمكن أن يساعد في إكتشاف الضوابط في أنظمة البيانات المالية ورصد الضعف فيها».
ومن المرجح أيضاً أن يعيد إبتكار أسواق العمل بشكل جذري، مما يؤثر على الإنتاجية والنمو الإقتصادي. ويُمكن أن يؤدي التبني الواسع النطاق إلى قيام الشركات بتعديل الأسعار بشكل أسرع إستجابة للتغييرات الاقتصادية الكلية مع تداعيات على التضخُّم.
وحذّر بنك التسويات الدولية من أن الذكاء الإصطناعي يقدم أيضاً مخاطر، مثل أنواع جديدة من الهجمات الإلكترونية، وقد يضخّم المخاطر الموجودة بالفعل، مثل بيع الأصول المالية.
وختم شين قائلاً: «إن الدعوة للعمل للمصارف المركزية هي لتعزيز مجتمع الممارسة، لمشاركة التجارب وأفضل الممارسات، وأيضاً لمشاركة البيانات والنماذج ذاتها».
توقّع البنك الدولي في تقرير عن «الآفاق الاقتصادية العالمية»، أن يُحقق الإقتصاد العالمي معدّلات نمو مستقرة للمرة الأولى منذ 3 سنوات في العام 2024، لكن عند مستويات ضعيفة بالمقاييس التاريخية الحديثة، إذ توقع أن يظل ثابتاً عند 2.6 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 2.7 % في المتوسط لعامي 2025 – 2026، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق على تفشي جائحة كورونا. وجاءت توقعاته هذه أعلى مما كان توقعه في يناير/ كانون الثاني 2024 عند 2.4 %، بينما بقيت توقعاته نفسها بالنسبة للعام المقبل. وفي ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خفّض البنك الدولي توقعاته لنموها هذا العام إلى 2.8 % من 3.5 %، «ما يعكس أثر تمديد تخفيضات إنتاج النفط والصراع الدائر في المنطقة»، بينما رفعها إلى 4.2 % في العام المقبل من 3.5 %.
وتشير التوقعات إلى أنه على مدار 2024 – 2026، فإن البلدان التي تشكل مجتمعة أكثر من 80 % من سكان العالم وإجمالي الناتج المحلي العالمي، ستواصل النمو بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقد السابق للجائحة.
وبشكل عام، من المتوقع أن تنمو الاقتصادات النامية بنسبة 4 % في المتوسط خلال 2024 – 2025، وهو أبطأ قليلاً مما كانت عليه في العام 2023. ويُتوقع أن يتسارع النمو في الإقتصادات منخفضة الدخل ليصل إلى 5 % في العام 2024، إرتفاعاً من 3.8 % في العام 2023. ومع ذلك، فإن توقعات النمو لعام 2024 تعكس تعديل التوقعات بالنقصان في 3 من كل 4 إقتصادات منخفضة الدخل منذ يناير. أما في الإقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يظل معدل النمو ثابتاً عند 1.5 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 1.7 % في العام 2025.
ويُتوقع أن يتراجع معدل التضخم العالمي إلى 3.5 % في العام 2024، وإلى 2.9 % في العام 2025، ولكن بوتيرة إنخفاض أبطأ مما كان متوقعاً قبل 6 أشهر فقط. وعلى أثر ذلك، من المتوقع أن يظل كثير من المصارف المركزية حذراً في خفض أسعار الفائدة الأساسية. ومن المرجّح أن تظل أسعار الفائدة العالمية مرتفعة وفقاً لمعايير العقود الأخيرة – بمتوسط يبلغ نحو 4 % خلال 2025 – 2026، أي ضعف متوسط عامي 2019 – 2000 تقريباً.
الشرق الأوسط
وبالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفاد البنك الدولي أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين حيال السياسات يتصاعدان في المنطقة، وأن هناك معاناة إنسانية هائلة وتدميراً لرأس المال المادي في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الصراع الدائر. كما أدت الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر إلى تراجع حركة العبور عبر قناة السويس، وتعطيل التجارة الدولية، وزيادة حالة عدم اليقين بشأن السياسات، لا سيما في البلدان المجاورة. وظل نشاط كل من البلدان المصدرة والمستوردة للنفط في المنطقة ضعيفاً حتى منتصف العام 2024. وفي الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، شهد النشاط النفطي حالة من الركود، حيث تم تمديد تخفيضات إنتاج النفط في يونيو/ حزيران 2024 حتى نهاية العام 2025، وتم الاتفاق على الإبقاء على التعديلات الإضافية الطوعية في الإنتاج حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، قبل إلغائها التدريجي بدءاً من أكتوبر/ تشرين الأول. وإنتعش النشاط في البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي التي كانت معفاة من إتفاقيات خفض الإنتاج.
السعودية
وفي المملكة العربية السعودية، توقع البنك الدولي أن تدعم الأنشطة غير النفطية معدلات النمو في عام 2024، وأن يؤدي الاستئناف التدريجي للنشاط النفطي إلى زيادة النمو في عام 2025. وأبقى توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي هذا العام عند 2.5 %، كما توقع في أبريل/ نيسان وأقل من توقعات يناير/ كانون الثاني (4.2 %)، لكنه رفعها إلى 5.9 % لعام 2025 من 4.2 %.
البلدان المستوردة للنفط
وفي البلدان المستوردة للنفط، توقع البنك الدولي أن يزيد معدل النمو في العام 2024 إلى 2.9 % ثم إلى 4 % سنوياً في 2025 – 2026. وفي مصر، من المتوقع أن يزيد معدل النمو بسبب نمو الإستثمار الذي حفّزته جزئياً الصفقة الكبرى التي تم إبرامها مع الإمارات. ومن المتوقع أن يظل النمو مستقراً في الأردن، رغم أن الأنشطة المرتبطة بالسياحة ستعاني في الأمد القصير. وفي تونس، يُتوقع أن ينتعش النمو، لكن من المتوقع أن يتراجع النشاط في جيبوتي والمغرب في العام 2024.
الآفاقالمستقبلية
يتوقع البنك الدولي أن ينتعش النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليصل إلى 2.8 % في العام 2024 و4.2 % في العام 2025، ويرجع ذلك أساساً إلى الزيادة التدريجية في إنتاج النفط وتحسن النشاط مع الربع الأخير من العام 2024. كما يتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 2.8 % في العام 2024 و4.7 % في العام 2025.
أما من بين البلدان المصدّرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي، فسيساعد الانتعاش المتوقع في قطاع النفط في العام 2025 على تعزيز النمو في الجزائر والعراق.
المخاطر
تتمثل إحدى المخاطر السلبية الشديدة التي تهدد المنطقة في إمكانية تصاعد الصراعات المسلحة فيها. وبالنسبة إلى البلدان المستوردة للنفط، فقد يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية إلى خروج رؤوس الأموال وانخفاض سعر الصرف. وستشهد البلدان التي تعاني إرتفاع الديون الحكومية زيادة في أعباء خدمة الديون بسبب إرتفاع تكاليف الإقتراض وإرتفاع مخاطر عدم الإستقرار المالي. ولا تزال الظواهر المناخية الشديدة الناجمة عن تغيُّر المناخ، فضلاً عن الأنواع الأخرى من الكوارث الطبيعية، تشكل مخاطر كبيرة في المنطقة. ومن المرجح أن تؤثر التداعيات السلبية غير المباشرة بسبب تراجع النمو في الصين مقارنة بما كان متوقعاً، على البلدان المصدرة للنفط بسبب انخفاض الطلب وتراجع أسعار النفط.
نمو إقتصاد الإمارات
في السياق عينه، أكد البنك الدولي في تقريره الأخير «الآفاق الإقتصادية العالمية» على توقعاته الإيجابية لنمو اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى إستمرار مسار النمو القوي.
وتوقع البنك الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 3.9 % في العام 2024، مع تسارع وتيرة النمو لتصل إلى 4.1 % في العام 2025.
وكان البنك الدولي رفع في أبريل/ نيسان الماضي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى 3.9 % في العام 2024 مقارنة بتوقعاته في يناير/ كانون الثاني الماضي البالغة 3.7 %.
ماضون في تنفيذ القرار في كل مراحله وفق الخطة المقرّرة
في 30 مايو/ أيار 2024، فوجئ الحوثيون بصدور القرار رقم 20، الذي إتخذه البنك المركزي اليمني في عدن، بوقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات.
ويقول الدكتور أحمد المعبقي محافظ البنك المركزي اليمني: «منذ العام 2016 إبان نقل مقر البنك المركزي من العاصمة اليمنية صنعاء، بعد سيطرة جماعة الحوثيين عليها بقوة السلاح، والمحاولات مستمرة لإقناع الجماعة للإيفاء بإلتزامات البنك المركزي وتوفير الشروط الملائمة لممارسة النشاط المصرفي في كل حيادية وشفافية في المناطق التي يسيطرون عليها».
يضيف المحافظ الدكتور المعبقي: «البنك المركزي صبر على كثير من التجاوزات والاستفزازات والإنتهاكات، لعلّ الطرف الآخر يسمع لنصح محبيه، وهم كثر في المجتمع الدولي، ويُوفّر الحدّ الأدنى من الظروف الملائمة لعمل القطاع المصرفي».
وشمل قرار وقف التعامل البنوك التالية: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».
تجفيف العرض النقدي
من جانبه، يؤكد رشيد الآنسي، وهو خبير إقتصادي يمني، «أن قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة قطعت إتصال جماعة الحوثيين بالعالم من الناحية المالية، كما أدت إلى تجفيف العرض النقدي الدولاري الذي كان يتدفق عبر الحوالات الدولية لمناطق سيطرتها سابقاً»، وقال: إن «إجراءات البنك المركزي في عدن لم تكن تستهدف البنوك في حد ذاتها، بل إقتصاد الجماعة الحوثية». أضاف الآنسي: إنهم الحوثيون، يعلمون أنهم إستفادوا من القطاع المصرفي منذ إنقلابهم حتى الآن، إستفادةً كبيرةً في تهريب الأموال وتمويل السلع، وحتى في إستيراد قطع غيار الأسلحة والطائرات المسيّرة»، مشيراً إلى «أن سحب البساط من الجماعة الحوثية بالنسبة إلى البنوك، له تبعات عدة، من ناحية أولى قطع الإتصال مع العالم من الجانب المالي، وأصبح لا يُمكنهم الإتصال مع العالم أو إجراء حوالات قانونية ضمن النظام المالي العالمي».
وتابع الآنسي: «الأمر الثاني، هو أن معظم الحوالات الواردة من الخارج كانت تصل إلى مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم وكلاء التحويلات الدولية الرئيسيين مثل «ويسترن يونيون» و«موني غرام» وغيرهما، الآن بعد هذه العقوبات ومنع الحوالات الدولية سوف تتحوّل كل الحوالات الواردة لمناطق الشرعية، وتالياً لن يكون لدى الحوثيين أيُّ عرض نقدي من الدولار سوى ما يتم تحويله من مناطق الحكومة الشرعية، لذلك نسمع هذا الصراخ من الحوثيين لأنهم يعرفون مدى تأثير ذلك فيهم».
ووصف الآنسي القرارات الأخيرة بـ «القوية والإستثنائية»، وقال: «منذ الإنقلاب الحوثي ونقل البنك المركزي إلى عدن، لم تُتَّخذ مثل هذه القرارات، إذ بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية والقرصنة في البحر الأحمر وإستهداف السفن، تغيَّر المزاج الدولي». من جهته، وفي معرض تفسيره لهذه القرارات الحاسمة، أشار الدكتور أحمد المعبقي إلى أن «تصنيف جماعة الحوثيين إرهابيةً، خلق وضعاً صعباً للقطاع المصرفي برمّته، وليس البنوك الواقعة تحت سيطرة الميليشيات فقط، مما حتَّم على البنك المركزي التحرّك لتوفير الحد الأدنى من المعايير المصرفية، التي يقبل بموجبها العالم التعامل مع أي بلد».
وشدّد د. المعبقي الذي عُيِّن محافظاً للبنك المركزي في ديسمبر/ كانون الأول 2021 على أن القرار رقم 20، الذي إتخذه البنك المركزي اليمني في عدن، بوقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات، قرار يمني سيادي، ذو طابع نقدي ومصرفي، ولا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي».
كيف يُحيّد القطاع المصرفيعن الأزمات الأمنية والسياسية في اليمن؟
من الواضح أن الإنقسام في البنك المركزي اليمني، وما نتج عنه من إنقسام في السياسات النقدية وفي تنظيم القطاع المالي، شكل معوّقاً أمام إستعادة دور البنوك في اليمن. وفي ضوء ذلك، من المهم السماح للبنوك بإعادة تأسيس علاقاتها مع المؤسسات المالية في الخارج، حيث سينعكس إيجاباً على دور البنوك في تسهيل التجارة الخارجية للمستوردين اليمنيين، وسيُمكّنها مجدداً من إستقطاب التدفُّقات النقدية اليمنية إلى القنوات المالية الرسمية، لكن هذا يتطلّب نهجاً متماسكاً ومُوحّداً لضمان إلتزام القطاع المصرفي للبلاد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يستدعي حداً أدنى من التنسيق بين فرعي البنك المركزي اليمني (في عدن وصنعاء) وتبادل البيانات، وهو ما لم يتمكّنا من الإتفاق عليه حتى تاريخه. وعليه من الضروري تحييد القطاع المصرفي اليمني عن الأزمات الأمنية والسياسية التي تلاحقت في البلاد في السنوات الأخيرة، ووضع أفق للحل، أقلُّه إستعادة ثقة البنوك المراسلة والمحافل الدولية في سبيل إقتصاد متين وقطاع مصرفي أفضل.
لا شك في أن القطاع المصرفي في اليمن تضرّر بشدّة، جرّاء إنقسام البنك المركزي اليمني في سبتمبر/ أيلول 2016 إلى فرعين متنافسين تابعين لطرفي النزاع الرئيسيين. وتتمحور أهم المشاكل الأساسية التي تعانيها البنوك اليمنية في إعتماد عملتين مختلفتين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى جانب تنافس المراكز الرئيسية للقطاع المالي ممن إعتمدت إجراءات قمعية متزايدة في محاولة لترسيخ سلطتها الحصرية على النظام المصرفي. كما تفاقمت أزمة السيولة التي كان يعانيها أساساً القطاع المصرفي من قبل إنقسام البنك المركزي، وباتت متّسمة بتعقيدات أكبر.
وقد شهدت الحرب الإقتصادية بين الأطراف المتنازعة تصعيداً جديداً مؤخراً، حيث بدأت قوات الحوثيين في النصف الأخير من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بإستهداف موانئ تصدير النفط التابعة للحكومة جنوبي البلاد، الذي ألحق أضراراً بإيرادات الحكومة نتيجة تعليق مبيعات النفط. وقد ردّت الحكومة بتصنيف جماعة الحوثيين «منظمة إرهابية»، إلى جانب تبنّي سلسلة من التدابير الإنتقامية، ركّزت على ضمان هيمنة الحكومة على القطاع المصرفي والمالي على الصعيد الوطني.
وتفاقمت مشاكل الحكومة المالية في مطلع العام 2023 بعد شروع سلطات الحوثيين في حملة للضغط على التجار المستوردين بإعادة توجيه الشحنات من الموانئ التي تضع الحكومة يدها عليها إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها.
وأدّى التصعيد العدائي بين الطرفين المتحاربين حتى تاريخه (منتصف العام 2024) إلى عرقلة الجهود المبذولة للتوسُّط في حلّ القضايا الحرجة التي تشلّ عمل البنوك في البلاد، وتبدو فرص نجاح جهود الوساطة ضعيفة للغاية في هذه المرحلة. رغم هذا، من المهم مواصلة تقييم الخطوات العملية والأكثر واقعية للتعامل مع آثار إنقسام البنك المركزي اليمني على القطاع المصرفي متى ما سُنحت الفرصة للقيام بذلك.
آثار الحرب على القطاع المصرفي وإنقسام «المركزي اليمني»
منذ مطلع العام 2016، أدى تراجع الثقة في النظام المصرفي لدى التجار اليمنيين ورجال الأعمال الأثرياء إلى تدفُّقات مالية ضخمة من شبكات الأموال الرسمية إلى الشبكات غير الرسمية. منذ ذلك الحين، واجهت البنوك أزمة سيولة متزايدة في العملات الأجنبية والمحلية على حد سواء، مع تناقص أوراق الريال اليمني المتداولة والمتوافر منها للإيداع في البنك المركزي اليمني.
لاحقاً، بدأ إحتياطي البنك المركزي من الأوراق النقدية للريال في النفاد بسرعة، مع منع الحكومة اليمنية، التي إتخذت من عدن «عاصمة مؤقتة» لها في ذلك الوقت، البنك المركزي اليمني من طباعة أوراق نقدية جديدة.
وفي أغسطس/ آب 2016، أوقف البنك المركزي اليمني سداد رواتب معظم موظفي الدولة على أساس منتظم، مع إستنفاد كامل مخزون العملات الأجنبية والمحلية تقريباً.
في سبتمبر/ أيلول 2016، أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قراراً بنقل مقرّ البنك المركزي اليمني إلى عدن، وهو ما أدى إلى إنقسام البنك المركزي اليمني إلى كيانين متنافسين: إحتفظ «المركزي اليمني» في صنعاء الخاضعة للحوثيين بالبنية التحتية المادية، وأرشيف المعلومات، ومعظم الكوادر البشرية التي كانت تعمل لدى البنك المركزي الأم، إضافة إلى سيطرته على أكبر المراكز المالية والتجارية والسكانية في البلاد. من جانبه، حاز البنك المركزي في عدن على الإعتراف الدولي بكونه البنك المركزي للبلاد، مع الإحتفاظ بالإمتيازات المرتبطة به.
نتيجة ذلك، علّق كلا الفرعين سداد الإلتزامات المستحقة عليهما من الدين العام، ما أدى إلى تحويل أذون الخزانة المملوكة للبنوك إلى أصول عالقة. في أغسطس/ آب 2019، جمّد البنك المركزي في صنعاء الفوائد المركبة (التراكمية) على أذون الخزانة، ووافق مجلس الوزراء التابع للحوثيين في صنعاء لاحقاً، تحديداً في سبتمبر/ أيلول 2022، على مشروع قانون يُحظّر التعاملات المالية القائمة على الفائدة (المرتبطة بأذون الخزانة والسندات الحكومية) بإعتبارها تعاملات ربوية، في خطوة تهدف إلى أسلمة النظام المالي بشكل كامل.
وقد درست وزارة المالية والبنك المركزي في صنعاء حالياً، مقترحاً بسحب أكثر من 1.7 تريليون ريال يمني (تحتفظ بها البنوك اليمنية كأذون خزانة محلية) من نظام الدين العام، وتحويل قيمتها إلى أرصدة غير قابلة للسحب نقداً لدى البنك المركزي اليمني. بمعنى آخر، أجبر مشروع القانون الجديد البنوك التجارية على إلغاء الفوائد على الودائع، إلاّ أن سلطات الحوثيين لم تطرح أي أدوات بديلة للتمويل الإسلامي لإعادة إستثمار هذه الأصول العالقة حتى تاريخه. علماً أن الحوثيين يهدّدون بأسلمة نظام أدوات الدين، بمفاقمة أزمة السيولة التي تعانيها البنوك، مما يجعلها أقلّ قدرة على الوفاء بإلتزاماتها تجاه العملاء، ويُزعزع الثقة في الخدمات المصرفية التجارية والمساس بملاءتها المالية.
ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي للبلاد في أبريل/ نيسان 2022، أعلنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية الموحّدة دعماً مالياً بقيمة مليار دولار للحكومة اليمنية، مما ساعد على إنتعاش أسعار صرف الريال من الأوراق النقدية الجديدة والقديمة، لكن الرياض وأبو ظبي إشترطتا على الحكومة والبنك المركزي في عدن تنفيذ إصلاحات مؤسسية لتقديم الدعم المُشار إليه، وهو ما أخّر الإفراج عن المبالغ المُتعهد بها من قِبل الدولتين.
تسييس عملية إصدار خطابات الإعتماد
قبل إندلاع الصراع، إعتمد التجار بشكل أساسي على البنوك اليمنية لتحويل الأموال اللازمة لشراء وإستيراد البضائع والسلع الأساسية من الخارج، علماً أن الدولة تستورد نحو 90 % من الإحتياجات الغذائية للسكان. وقد تأثرت البنوك اليمنية منذ بدء الصراع بالتدابير التي إتخذتها المؤسسات المالية الغربية للحدّ من المخاطر، مما قيّد قدرتها على تسهيل التجارة الخارجية. لذلك، لجأت البنوك لاحقاً إلى إستخدام المصارف اللبنانية كوسيط لربطها بالشبكات المالية العالمية، لكن سرعان ما تعطّلت هذه الإجراءات مع الأزمة المالية التي إجتاحت لبنان في مطلع العام 2020 وفرض الأخيرة ضوابط على رؤوس الأموال، منها تجميد مئات الملايين من الدولارات من الأموال اليمنية في النظام المالي اللبناني.
الشبكات المالية غير الرسمية تحلّ محل البنوك
في ظل العجز الكبير الذي تعانيه البنوك اليمنية في تلبية إحتياجاتهم، لجأ التجّار في السنوات الماضية إلى طرق بديلة لتمويل تجارتهم، عبر الإستعانة بجهات فاعلة غير رسمية وغير منظمة في القطاع المالي، وهي شبكات الحوالات ومؤسسات الصرافة. على هذا الأساس، توسّعت الشبكات المالية غير الرسمية بسرعة من حيث العدد والنفوذ خلال فترة النزاع. علماً أن حجم المعاملات المالية التي تنفذها هذه الشبكات والمؤسسات غير واضح، نظراً إلى الطبيعة غير المنظمة لها، إلاّ أن الوحدة الإقتصادية في مركز صنعاء تقدّر بأن حجم الحوالات المالية التي تجري حالياً عبر هذه الشبكات والمؤسسات داخل البلد وإلى الخارج تصل إلى مليارات الدولارات سنوياً. وقد لعب التشرذم في البيئة الرقابية دوراً في تسهيل نمو الشبكات المالية غير الرسمية، في ظل محاولات كل من فرعي البنك المركزي اليمني في صنعاء وعدن تقويض جهود بعضهما والسيطرة على القطاع المالي.
دعم مالي جديد (بالعملة الأجنبية) للحكومة اليمنية
في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أعلنت الحكومة اليمنية موافقة صندوق النقد الدولي على منح دعم مالي لليمن بقيمة 300 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة. وقد تلقت الحكومة اليمنية دعماً إضافياً بالنقد الأجنبي في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث أعلنت الحكومة اليمنية وصندوق النقد العربي إتفاقية دعم مالي بقيمة مليار دولار (مموّلة من السعودية) من المقرر أن تستمر حتى العام 2025. وعلى الاثر، أعلنت الحكومة اليمنية ضخ دولة الإمارات نحو 300 مليون دولار من النقد الأجنبي في البنك المركزي في عدن. علماً أن المملكة العربية السعودية كانت قد أعلنت مؤخراً عن عزمها إيداع مليار دولار إضافية لدى البنك المركزي في عدن.
التطلُّع إلى المستقبل والتوصيات
يُمكن القول، إن الظروف الحالية في اليمن غير مواتية للتوسُّط في حل القضايا التي تؤثر على القطاع المصرفي، نظراً إلى إختلاف هذه المرحلة عن أي مراحل أخرى منذ بدء الحرب. علماً أن أجندة التسوية الشاملة غير مطروحة على طاولة المفاوضات، وبالتالي، يجب أن يكون هناك تدخُّلات موجّهة ودقيقة تركز على إستغلال الفرص المحدودة التي لا تزال قائمة لإبطاء ترسّخ البيئات النقدية والأنظمة المصرفية المنقسمة داخل اليمن، وفي الوقت عينه، تمهد الطريق أمام تعزيز التنسيق الفني بين فرعي البنك المركزي اليمني المتنافسين، وعليه ينبغي معالجة كافة مشاكل القطاع المصرفي في الوقت الحالي، كخيارات تتضمّن إجراءات واقعية أكثر قابلية للتحقيق في ظل الظروف الراهنة، التي يُمكن أن تمهّد لأي خطوات مستقبلية نحو الإصلاح الشامل.
في هذا السياق، وفي محصّلة ما ورد ذكره، يتعيّن على صنّاع القرار تحييد القطاع المصرفي اليمني عن الصراعات والأزمات السياسية والأمنية من خلال التالي:
– منع إستبعاد البنوك اليمنية من مزادات بيع العملات الأجنبية التي يُقيمها البنك المركزي في عدن، ويشمل ذلك وضع خطة عملية لحماية القطاع المصرفي من الإقتصاد السياسي للصراع وتقديم حل وسط في مسألة تبادل البيانات المصرفية، بهدف تعزيز إمتثالها لقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
– إستئناف التدفقات المالية عبر القنوات الرسمية ومعالجة أزمة السيولة في القطاع المصرفي، عبر إستخدام الآليات الحالية وأي حلول مرتقبة في مجالات أخرى، مثل الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصُّل إلى إتفاق بين الأطراف المتحاربة حيال سداد رواتب موظفي القطاع العام في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
– ينبغي أن يراعي أي إتفاق أوسع بين الأطراف المتحاربة، تسهيل إجراءات سداد رواتب موظفي القطاع العام عن طريق القطاع المصرفي.
– تخصيص جزء من دعم صندوق النقد الدولي (من حقوق السحب الخاصة) لسداد أرصدة البنوك من العملات الأجنبية المجمّدة حالياً لدى البنك المركزي اليمني، وهو ما سيُمثل خطوة أخرى نحو معالجة أزمة السيولة التي تعانيها البنوك والسماح لها بالوفاء بإلتزاماتها تجاه ودائع العملاء. في المقابل، يجب على البنك المركزي في صنعاء السماح للبنوك العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين بمشاركة سجلاّت بياناتها المصرفية مع البنك المركزي في عدن. علماً أنه على كلا الطرفين المتحاربين إستيعاب أن الغرض الرئيسي من تبادل بيانات المعاملات المصرفية هو تحسين قدرة البنوك على الإمتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن هذا المنطلق عليهما الإمتناع عن إستخدام هذه البيانات كأداة للحرب الإقتصادية. ومتى ما أُتيحت الفرصة لخفض التصعيد، يتعيّن العمل على تحقيق الحد الأدنى من التنسيق بين فرعي البنك المركزي في صنعاء وعدن، مما سيُساعد في الحدّ من السياسات المتضاربة حول تنظيم وإدارة المعاملات المالية داخل القطاع.
– أهمية إلزام الأطراف المتحاربة بعدم إستخدام البنوك اليمنية كأداة في حربها الإقتصادية الجارية. علماً أن تصنيف الحكومة مؤخراً لجماعة الحوثيين منظمة إرهابية، يُمكن أن يضع القطاع المصرفي في دائرة الإستهداف خلال الحرب الاقتصادية المستمرة، ومن ثم، يتعيّن على الحكومة عدم شمل البنوك في خطتها الرامية إلى فرض عقوبات على الكيانات المالية والجهات الفاعلة التي يُزعم أنها مرتبطة بجماعة الحوثيين وإدراجها في القائمة السوداء.
– يجب على الحوثيين وقف الإجراءات القسرية التي يُمكن أن تزيد من عزل القطاع المصرفي عن النظام المالي العالمي، وتقويض إلتزام البنوك معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. علماً أن ذلك يتطلب مقاربة شاملة لإحلال السلام، تستند إلى دوافع مشتركة للأطراف المتحاربة لوقف التصعيد والتنسيق حيال تنظيم المعاملات في القطاع المصرفي وإخضاعها للرقابة، مع تهيئة البيئة المواتية لتوحيد النظام المصرفي، متى ما سمحت الظروف السياسية بذلك.