والي المغرب عبد اللطيف الجواهري يعرض تطوُّرات مشروع «الدرهم الإلكتروني»:
تداول الكاش داخل الأسواق من أهم الإشكالات التي نُحاول تجاوزها
كشف والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، «أن البنك عمل على تشكيل لجنة من أجل دراسة عملية طرح «الدرهم الإلكتروني»، وهي تعمل منذ ما يزيد عن سنة»، مسجّلاً «أن الخطوة الأولى التي يجب تحديدها هي الهدف من طرح هذه العملة، وهل يتعلق الأمر بمحاربة تداول الكاش أو الشمول المالي أو غيرها؟».
وأوضح الجواهري «أن بنك المغرب قام بتجربة داخلية، كما تم عرض تجربة من الناحية التقنية، متعلقة بالتعامل بـ «الدرهم الإلكتروني»، مشيراً إلى أن «الأصعب يتعلق بما هو آت، وخصوصاً عند الحديث عن الجوانب القانونية والتنظيمية وإنعكاساتها على السياسة النقدية»، مشيراً إثر إجتماع مجلس البنك المركزي، إلى «أن طرح المشروع يتم على المستويين المتوسط والبعيد، ولا سيما أن الأمر يعتمد على تطوير الموارد البشرية».
التعامل الإلكتروني
ورأى الجواهري خلال الإجتماع الفصلي لبنك المغرب، «أن التعامل الإلكتروني سريع، وبأثمان منخفضة، مع وجود خدمات من دون تكلفة، كما أنه حيال المعاملات السريعة أكثر، حيث تتم المعاملات بشكل مباشر، كما أن هذه الخطوة أظهرت نتائج إيجابية على مستوى الدول التي تبنّت هذا القرار».
وأكد والي بنك المغرب، «أن تداول الكاش داخل الأسواق المحلية، يُعتبر من أهم الإشكالات التي يُحاول بنك المغرب تجاوزها»، مسجلاً «أن تداول الكاش داخل الأسواق المغربية قد بلغ أكثر من 430 مليار درهم، أي ما يعادل 30 %، وهو رقم مرتفع على المستوى العالمي»، مشدّداً على «أن البنك عمل على تشكيل لجنة تشمل البنوك والوزارات والباحثين من أجل الكشف عن الأسباب وتقديم الحلول»، مشيراً إلى «العديد من الدول التي يُعتبر فيها تداول الكاش شبه منعدم، حيث تتم المعاملات من خلال الآليات الرقمية فقط، ما يؤكد وجود الحدّ من هذه المعاملات وتركها معقولة».
غاز البوتان
وإستبعد الجواهري، حصول إنكماش اقتصادي خلال الأيام المتبقية من السنة، «وخصوصاً أنه خلال فترة عيد الأضحى يشهد الإقتصاد المغربي إزدهاراً كبيراً»، معتبراً «أن الإشكال المطروح خلال العيد، هو تداول الكاش بشكل كبير داخل الأسواق».
وفي ما يتعلق بقرار الحكومة المتعلق برفع الدعم عن غاز البوتان، أشاد الجواهري بهذه الخطوة، معتبراً «أن الأُسر ليست وحدها من تحصل على الدعم، وإنما توجد بعض القطاعات الزراعية وغيرها، التي تستهلك هذا المنتج بشكل جد كبير، ما يؤكد أن الأسر ما هي إلاّ شريحة بسيطة تستفيد من هذا الإمتياز»، مؤكداً «أن توقيت القرار مناسب، ولا سيما أنه يأتي بشكل تدريجي، ما يعني أن يأخذ في الإعتبار وضعية الأسر، فضلاً عن عمل الحكومة حيال تقديم الدعم الإجتماعي للأسر محدودة الدخل».
خفض سعر الفائدة
وعن الأسباب الكامنة وراء قرار خفض سعر الفائدة، أشار الجواهري إلى «أن القرار إتخذ خلال إجتماع أعضاء المجلس»، معلّلاً قراره بأن «معدّل التضخُّم خلال الفترة الحالية تراجع، مع توقُّع بأن يصل هذا المعدّل إلى 2.7 %، وهو معدّل يشمل أيضاً الزيادات في أسعار قوارير الغاز»، لافتاً إلى أننا «حققنا الهدف المنشود، كما أن معدّل النمو يُرجّح أن يصل إلى 4.8 % في العام 2025، مع تصاعد نسبة النمو الإقتصادي المتعلق بالقطاع غير الزراعي».
وفي ما يتعلق بوضعية مالية الدولة، أوضح الجواهري، «أن الميزانية برسم الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024 شهدت تحسُّناً بواقع 10.8 %، فيما بلغ سقف الدين نحو 70 %، وتراجع إلى 68 % من الناتج الإجمالي. علماً أن العجز الخارجي، قد وصل إلى ما بين 0.6 % و0.7 %. كما أنه من بين العوامل الأخرى التي جعلت بنك المغرب يتخذ قرار خفض نسبة الفائدة هو الجانب الإستثماري، ولا سيما أن المغرب يسير في إتجاه تدشين مجموعة من المشاريع، وخصوصاً ما يتعلق بتنظيم كأس العالم والمجال السياحي».
وختم الجواهري قائلاً: «إن خفض نسبة الفائدة سينعكس لا محال على قطاع التشغيل، ولا سيما أن القرار سيكون له إنعكاسات مباشرة على قطاع المقاولات، ما سيؤدي إلى تزايد الطلب على اليد العاملة، كما أن القرار سيُسهّل المأمورية حيال المستثمرين والقطاع الخاص. علماً أنه من غير المستبعد أن تتم مراجعة هذه المعطيات، خلال إجتماع المجلس المقبل، ولا سيما أن مختلف دول العالم على عتبة الإنتخابات».
عددهم الأكبر في تركيا وأوضاعهم منظمة في الأردن وفوضى عارمة في لبنان
النازحون السوريون إلى دول الجوار:
كلفة عالية تتفاوت بحسب متانة إقتصادات الدول المضيفة
بعد نحو 13 عاماً على النزوح السوري إلى دول الجوار، لبنان والأردن وتركيا، بسبب الحرب السورية التي إندلعت في العام 2011، يُجمع المختصون الإقتصاديون على أن لبنان لم يعد يتحمّل عبء هذا النزوح، وخصوصاً بعد الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي يعانيه منذ العام 2019، والتلكؤ الحاصل لإيجاد الحلول للخروج منه. بمعنى آخر، أنّ الشروط التي يتطلّبها إستقبال النازحين باتت غير متوافرة في لبنان لأسباب عدّة أهمها، أولاً لأنه يعاني نقصاً ديموغرافياً وخصوصاً في فئة الشباب الذين يتركون لبنان بحثاً عن فرص عمل أفضل، وثانياً لأنه لا يتمتع بإقتصادٍ قوي يُساهم في حلٍ عادل لأزمة النازحين، والثالث هو أنه يجب ألّا تتخطى نسبة النازحين 1% من عدد السكان الأصليين، وهو أيضاً ما لا يتوافر في الواقع الحالي للأزمة، بسبب الأعداد الهائلة للنازحين التي فاقت المتوقع، وأدّت من ناحية أخرى إلى أزمة في سوق العمل، بدأت مع ما يُسمّى بمضاربة اليد العاملة السورية لنظيرتها اللبنانية، ثم المنافسة بين أرباب العمل اللبنانيين والسوريين، فضلاً عن إنتهاك قانون العمل اللبناني الذي يضع شروطاً ومعايير خاصة بالعمّال الأجانب، ويُحدّد الأعمال التي يُمكن لهم أن يقوموا بها.
إذاً، ثمّة كلفة مالية وإقتصادية يدفعها لبنان جرّاء أزمة النزوح السوري، وهي أكبر بالتأكيد من الكلفة التي يتكبّدها كل من الأردن والعراق وتركيا، بسبب أزمته المالية. وبحسب معطيات صدرت عن مختصين في العام 2023، تُقدّر الكلفة الماليّة للنازحين على الإقتصاد اللبناني بمليار و700 مليون دولار سنوياً تتضمّن مساهمة الدولة بالطبابة، الكهرباء، الصرف الصحي وإستهلاك البنى التحتية، بالإضافة إلى خسائر على الإقتصاد وعلى خزينة الدولة، وتقدّر بما لا يقل عن 40 مليار دولار منذ العام 2011 وصولاً إلى العام 2023، في حين أن المساعدات الدولية للبنان تُقدر بأنها بلغت حوالي 9 مليارات دولار، وغطّت جزءاً بسيطاً من الخسائر المباشرة. وفي الإطار نفسه، يُقدّر البنك الدولي كلفة النزوح بين 2 و3.5 % من الناتج المحلي.
وأوضحت الدراسات، أن تكاليف النزوح السوري بلغت على البنية التحتية للقطاع الصحي: 954 مليون و112 ألف دولار. وبلغت إستفادة النازحين السوريين من دعم الدواء بين عامي 2015 و2024 ما يفوق 2 مليار و372 مليوناً و500 ألف دولار. أما بالنسبة إلى الأكلاف غير المباشرة فهي إرتفاع نسبة البطالة 35 %، وخسارة الترانزيت (معبر نصيب)، وتراجع الصادرات بنسبة 30 %، إضافة إلى حاجة لبنان لأكثر من 4 مليارات دولار لإعادة البنى التحتية إلى ما كانت عليه قبل الحرب السورية.
ويُفصّل الخبراء هذه الخسائر، فيشيرون إلى أنه «لم تقتصر تأثيرات الحرب في سوريا على لبنان على أزمة النزوح، بل تجاوزتها إلى حدود أبعد، فقد تضرّرت خطوط النقل والتجارة مع الدول المجاورة والخليج، بالأخص تلك التي كانت تمرُّ عبر سوريا، حيث إرتفعت تكاليفها بسبب الحاجة إلى شحن البضائع بحراً أو براً عبر طرق أخرى. كما إرتفعت تكاليف التأمين على الشحن الذي يمر عبر سوريا»، لافتين إلى «منافسة اليد العاملة اللبنانية بشكل كبير بسبب الكلفة المتدنية لليد العاملة السورية، فالنازحون يعيشون في ظروف معيشية ومستوى معيشي أقل من العائلة اللبنانية التي تتكبّد أعباء حياتية مرتفعة، وهذه المنافسة لا تقتصر فقط على اليد العاملة، بل تطاول أيضاً منافسة المؤسسات الصغيرة والتي يُمكن أن تكون محالاً تجارية وحرفية وصناعات غذائية صغيرة، مما يكبّد خسائر وتداعيات كبيرة في الحاضر والمستقبل، وليس فقط على أرباب العمل، إنما أيضاً على العائدات الضريبية للدولة اللبنانية، حيث إن صاحب المحل سوري والموظفين أيضاً من الجنسية السورية غير مسجّلين في الضمان الإجتماعي، ولا يدفعون الضرائب والرسوم، وتالياً كلفتها أقل من كلفة تشغيل المؤسسات اللبنانية الصغيرة، وهنا تكون المنافسة غير عادلة وغير شرعية وغير شريفة».
ونشرت الدولية للمعلومات، دراسة وأرقاماً صادمة عن وضع النازحين السوريين في لبنان في 24 حزيران/ يونيو 2022 جاء فيها: «ثمّة نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري يستهلكون يوميا:ً أكثر من 400 ألف ربطة خبز، و350 ميغاواط كهرباء، وأكثر من 130 مليون ليتر ماء، وأكثر من 100 ألف فرصة عمل في مختلف قطاعات الإنتاج في لبنان، والإستشفاء في المرافق الصحية اللبنانية، 90 % منها على حساب الأمم المحتدة، وتحويلات مالية إلى الخارج بنحو 65 مليون دولار شهرياً»..
وكان البنك الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي، قد أعدّ في أواخر أيلول/ سبتمبر 2013 تقريراً بناء على طلب الحكومة اللبنانية آنذاك، جاء في ملخّصه التنفيذي تأكيد على تأثر لبنان بشكل سلبي وكبير ومتنامٍ جرّاء الأزمة السورية على كافة الصعد، ولا سيما في الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2014». وقد قدّر البنك الدولي خسائر لبنان من تدّفق النازحين آنذاك بما يقارب 7.5 مليارات دولار.
الأردن: يوجد في الأردن نحو 1.3 مليون سوري، نصفهم تقريباً مسجلون بصفة «لاجئ» في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن نحو 750 ألفاً منهم يقيمون في البلاد قبل إندلاع الثورة السورية في العام 2011، بسبب النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين. وقد وصل عدد اللاجئين السوريين العائدين من الأردن إلى سوريا في العام الماضي (2023) نحو 3325 شخصاً، رغم إصرار الأمم المتحدة على أن الظروف في سوريا لا تسمح بعودة اللاجئين على نطاقٍ واسع.
العراق: يعيش معظم السوريين الذين لجأوا إلى العراق في إقليم كردستان، ويبلغ عددهم نحو 260 ألف شخص، وتدعو العراق إلى مضاعفة الجهود لتسريع آلية العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى بلادهم، والعمل على إعمار المناطق المتضرّرة وفق قرار مجلس الأمن 2254.
تركيا: تشير التقارير الى أن تركيا، التي إستقبلت أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، أكثر من أي دولة أخرى، لن تظل «بلداً هدفاً أو ترانزيت» للهجرة. فعند بدء الثورة السوريّة، في العام 2011، إضطر أكثر من نصف السكان، إما إلى النزوح داخلياً (أي في الداخل السوري)، أو إلى الهجرة إلى خارجها، وبالتحديد إلى تركيا التي تُعدّ أكبر دولة مستضيفة للمهاجرين السوريين على مستوى العالم. وفي نهاية العام 2015، بلغت نسبة المهاجرين السوريين إلى السكان الأصليين في تركيا أكثر من 3 %. ومع نهاية العام 2022، بلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 4 ملايين، في حين بلغ عدد سكان تركيا 84 مليوناً.
ويعتمد أكثر من 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا، ممّن يحملون ما يسمّى «وثيقة حماية مؤقتة»، عبر العمل في السوق التركية، ويكسبون دخلاً محدوداً، ويسدّدون الضرائب والإيجارات. وتُعد هذه الوثيقة بمنزلة وثيقة لجوء غير معترف بها دولياً، أي إنّهم لم يحصلوا على وضعية اللاجئ قانونياً.
أما الموقف الرسمي التركي من النازحين، فيمكن تلخيصه بالتالي: «ينبغي تخفيف الكثافة السكانية للسوريين، حتى لا يؤدي إلى تدهور التركيبة السكانية في تركيا»، ومؤخّراً شدّدت الحكومة التركية الإجراءات تجاه المهاجرين السوريين، من خلال تعليق بطاقات الحماية المؤقتة، وإبطال تسجيل قيودهم في النفوس العامة في بعض المناطق، حيث لا يُمكنهم إستئجار منازل سكنية، وبالتالي يتوجّب عليهم التفكير في حلول بديلة مثل «العودة الطوعية» إلى أوطانهم. وأُعلن في 22 شباط/ فبراير 2022، أنه في حال تجاوز عدد السوريين 25 % من السكان في منطقة ما، تُغلق أماكن الإقامة لإستقبال طلبات تقييد النفوس فيها.
وفي منتصف العام 2022، أصدرت وزارة الداخلية التركية قراراً ينص على منع كل الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت الحماية المؤقتة من قيد نفوسهم في 16 ولاية تركية و800 حي تركي. علماً أن تلك القوانين كانت نقطة البداية لسير عملية «العودة الطوعية» للمهاجرين السوريين إلى المناطق الآمنة.
د. وهبه: خسائر لبنان بعشرات المليارات
في ميزان الخبراء، يشرح الخبير الإقتصادي والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد وهبه لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أنه «منذ العام 2011 الى اليوم، يُكلّف النزوح إلى لبنان عشرات مليارات الدولارات، فيما المجتمع الدولي لم يغط منها سوى 5 % على الأكثر، لدعم بقاء السوريين، فلبنان يتكبّد كلفة تأمين الخبز (المدعوم) والمواد الغذائية، وتحمّل التلوث والمنافسة في فرص العمل (المحال التجارية والحرفية، باتت رهن مزاحمة اليد العاملة السورية، كذلك في قطاع الزراعة والافران)».
ويشدّد د. وهبه على أن «كلفة النزوح السوري على صعيد المياه والتربة والبنى التحتية، عالية جداً، فيما هذه المقوّمات لا تكفي إلاّ لنحو ثلاثة ملايين شخص على الأكثر، في حين يتم إستخدامها من قبل 6 ملايين شخص، مما يزيد الضغوط عليها، بالإضافة إلى التلوُّث على صعيد الصرف الصحي والأنهار»، معتبراً أن «الكارثة الكبيرة تكمن على الصعيد الإجتماعي، إذ إن هناك زيادة لأعدادهم في لبنان، نتيجة زيادة الولادات من دون تسجيلها، مما يشكل تهديداً ديموغرافياً للبنان في المرحلة المقبلة، فضلاً عن الإكتظاظ في السجون والحوادث الأمنية بسبب إرتكابات بعض النازحين، مما يزيد الكلفة على لبنان، ويُقلّل من فرص الإستثمار فيه، وكلّها تكاليف باهظة وتُقدّر بعشرات مليارات الدولارات، بينما يدعم المجتمع الدولي لبنان بمليار دولار سنوياً على الأكثر»..
ويوضح د. وهبه قائلاً: «في الأردن وتركيا، هناك تنظيم لوجود النازحين في مكان جغرافي واحد، وتتقاضى كل من الأردن وتركيا كلفة النازحين على أراضيهما، في حين أن لبنان لم ينظم هذا الأمر بشكل تقني يصبُّ في مصلحته، كتحويل الأموال التي يتقاضونها عبر مصرف لبنان، للإستفادة من العملات الاجنبية، وتأسيس محطات تكرير للصرف الصحي في أماكن تواجدهم، وتسجيل الولادات كي لا تُشكل خطراً ديموغرافياً على لبنان».
حبيقة: كلفة النزوح أكبر على لبنان
يُشدّد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة لمجلة «إتحاد المصارف العربية» على أن «كلفة النزوح على لبنان أكثر من غيره من الدول، لأنه دولة صغيرة مقارنة بالدول المجاورة، فضلاً عن أنه يعيش حالة إنهيار إقتصادي منذ أكثر من 4 سنوات، وقد جاء النزوح السوري ليزيد من الطين بلّة، وهذا ما جعل وضعنا أصعب بكثير مقارنة بالبلدان المجاورة، وخصوصاً أن الأوضاع السياسية وحالة الفراغ الرئاسي تزيد من حجم هذه التداعيات»، لافتاً إلى «أن الأردن الذي يستقبل النازحين السوريين، كما هي حال لبنان، يسمح نظامه السياسي في معالجة هذا الموضوع، كما أن الأمر عينه في تركيا، أما في لبنان فالخلافات بين الأفرقاء على كل المواضيع ومنها ملف النزوح، تحول دون إيجاد أي حل في الأفق في هذا الشأن».
ويضيف د. حبيقة: «الفاتورة الإقتصادية التي دفعناها تُعدّ الأكبر في دول المنطقة، نسبة إلى حجم الإقتصاد اللبناني، من دون أن ننسى القُرب الجغرافي مع سوريا والفوضى على المعابر، إذ ليس في لبنان أي ضبط للأعداد أو المصاريف أو الكلفة كما الخسائر التي تتكبّدها البنية التحتية»، شارحاً أن «إقتصادنا مأزوم، وهذه الكلفة هي نفسها بالنسبة إلى قيمتها بالدولار، لكن لم يكن مظاهر تأثيرها كبيراً قبل الإنهيار، لأن حجم الإقتصاد كان 55 مليار دولار، في حين أنه لا يتعدى 22 ملياراً في الوقت الحالي».
ويختم د. حبيقة: «في العام 2018، كان الناتج المحلي الإجمالي يبلغ نحو 60 مليار دولار، في حين أنه بات يبلغ راهناً نحو 20 ملياراً. علماً أن كلفة النزوح السوري على الإقتصاد اللبناني، تبلغ نحو 20 ملياراً، ومن الصعب تحمُّلها في الوقت الحالي».
«الملتقى السنوي لمديري الإلتزام في المصارف العربية» في شرم الشيخ
جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية لـ «الملتقى السنوي لمدراء الإلتزام في المصارف العربية» بعنوان: «تعـزيز الإمتثال لتشريعات وضوابط مكافحة غسـل الأمـوال وتمويل الإرهاب وضمان حماية البيانات المصـرفية»، تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، بالتعاون مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر، والبنك المركزي المصري، وإتحاد بنوك مصر، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، في شرم الشيخ، مصر، على مدار ثلاثة أيام، لمناقشة أفضل الممارسات في مجال إستخدام النظم التكنولوجية الحديثة لضمان حماية البيانات في المصارف، وأبرز ملامح منهجيات إعداد التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الافتراضية، فضلاً عن الإستفادة من تجارب الدول العربية في تنظيم التعامل بالأصول الإفتراضية.
وشارك في الملتقى د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري، الذي ألقى كلمة المحافظ حسن عبدالله، ورئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر، محمد الإتربي، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، ومحافظ جنوب سيناء اللواء الدكتور خالد فودة، في حضور سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، والدكتور حاتم علي، رئيس البعثة، الممثل الإقليمي، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، الإمارات، ونخبة من الخبراء والمتخصّصين المصريين والعرب والأجانب. وتخلل الملتقى معرض للمؤسسات والشركات الراعية.
د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري ممثلاً المحافظ حسن عبد الله:
أصدرنا العديد من الضوابط والقرارات التنظيمية لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الارهاب
أعلن د. أشرف بهي الدين وكيل محافظ البنك المركزي المصري ممثلاً المحافظ حسن عبد الله: «أن التكنولوجيا المالية الرقمية ساهمت في وصول الخدمات المصرفية لشرائح المجتمع، بما يدعم مفهوم الشمول المالي»، لافتاً إلى «أهمية دعم جهود التعاون الدولي لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز فاعليتها».
وقال وكيل المحافظ: «إن البنك المركزي المصري أصدر العديد من الضوابط والقرارات التنظيمية لمكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الارهاب، بما يتواكب مع جميع المعايير والإشتراطات والمتطلّبات الدولية في هذا الشأن».
الإتربي: تدفقات الأموال غير المشروعة عبر النظام المالي العالمي خلال العام 2023
معظمها تجسّد في عمليات غسل أموال وتمويل عدد من الجرائم المدمّرة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر، محمد الإتربي: «إن الناظر للأرقام التي تضمّنها التقرير العالمي الصادر من وكالة Nasdaq لعام 2024، والتي تشير إلى تدفقات الأموال غير المشروعة عبر النظام المالي العالمي خلال العام 2023 والبالغة قيمتها 3.1 تريليون دولار، يجد أن معظمها تجسَّد في عمليات غسل أموال وتمويل عدد من الجرائم المدمرة، إلى جانب تمويل عمليات الإتجار بالبشر والذي بلغ حجم تمويله وفق التقرير عينه نحو 346.7 مليار دولار، فضلاً عن تمويل تجارة المخدّرات والذي بلغ نحو 782.9 مليار دولار. أيضاً هناك نحو 11.5 مليار دولار تم إستخدامها في تمويل الإرهاب، فيما بلغ إجمالي عمليات الإحتيال المصرفي على مستوى العالم نحو 485.6 مليار دولار خلال العام 2023. وكلنا نعلم أن جرائم غسل الأموال قد أودت بسمعة عدد من البنوك الكبرى على مستوى العالم».
د. فتوح: مصر أثبتت قدرتها على مواجهة التحدّيات الدولية والإقليمية وتحقيق معدّلات نمو مهمة
وقال الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، د. وسام فتوح: «إن مصر تمكّنت منذ قرار تحرير سعر الصرف الصادر في 6 مارس/ آذار 2024، من جذب نحو 50 مليار دولار إستثمارات وتدفُّقات دولارية»، مشيراً إلى «أن إجراءات تحرير سعر الصرف ساهمت في توحيد سعر الصرف، وتهيئة المناخ لجذب تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر»، مشدّداً على «أن مصر نجحت خلال العقد الماضي في تحقيق إنجازات مهمة وأثبتت قدرتها على مواجهة التحدّيات الدولية والإقليمية وتحقيق معدّلات نمو مهمة».
وقال د. فتوح: «فيما العالم يشهد نزاعات جيوسياسية، وتجارية غير مسبوقة، وبعض من دولنا العربية تعاني ضغوطاً سياسية وأمنية وإقتصادية هائلة، كانت مصر تُثبت أنها وحتى في ظل أصعب الظروف الدولية والإقليمية، قادرة على مواجهة تداعيات ما يحدث حول العالم، وفي الإقليم، بل وأثبتت أنها قادرة على تحويل التحدّيات إلى فرص وذلك في ظل حكمة وبصيرة قياداتها»، مشيراً إلى «أن مصر أثبتت قدرتها ببراعة على أنها أهل للثقة ومدركة ومتبصّرة ولديها بُعد نظر، ونتيجة ذلك، تلقت مصر خلال الأشهر الماضية، نحو 50 مليار دولار من التدفقات المالية، بشكل إستثمارات مباشرة، أو حزم تمويلية، ومن المؤكد أنه سيكون لهذه التدفقات المالية تأثيرات إيجابية على مختلف النواحي الإقتصادية والمالية والمصرفية».
أضاف د. فتوح: «إن من أهم أعمدة الإقتصاد المصري، الذي كان له مساهمة كبيرة، هو بنك مصر، هذا البنك العريق، الذي خدم الإقتصاد والمواطن المصري، لأكثر من 100 عام، وتأكيداً لنجاحه، نال هذا البنك الكثير من جوائز التقدير من أرقى وكالات التصنيف العالمية، وبشكل خاص خلال السنوات العشر الأخيرة»، مشيراً إلى أنه «للدلالة على التقدُّم الكبير الذي حقّقه بنك مصر، فإن حجم موجوداته في نهاية العام 2014 (أي يناير/ كانون الثاني 2015) قد بلغت نحو 38 مليار دولار، فيما إرتفعت إلى 80.9 مليار في نهاية العام 2023، محققاً زيادة بلغت 111 %. كما بلغت ودائعه نحو 60 مليار دولار، بزيادة 79 % خلال الفترة المذكورة، فيما شهد توسعاً كبيراً في الإقراض، فوصل مجمل قروضه التي ضخّها في الإقتصاد المصري إلى 28.4 مليار دولار، بزيادة 279 % خلال الفترة عينها».
وخلص د. فتوح إلى «أن بنك مصر يلتزم أفضل ممارسات الإستدامة والذي أدى إلى تعزيز الموقع الريادي المميّز في الأسواق التي يعمل فيها، كما يُعطي بنك مصر الأولوية بشكل واضح لأهداف التنمية المستدامة، حيث يُعد بنك مصر من أوائل البنوك التي تبنّت إستراتيجية الشمول المالي، والتي تهدف إلى تمكين كافة شرائح المجتمع من الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية والمصرفية والتي تلبي إحتياجاتهم المختلفة وبالأخص فئة الشباب»، موجّهاً التحية إلى رئيس مجلس إدارة بنك مصر محمد الإتربي وفريق عمله، منوهاً بالإنجازات الكبيرة التي حققها البنك الأهلي المصري الذي يحمل شعار «بنك أهل مصر»، معتبراً أنه «بنك المصريين جميعاً، ويستحق هذا الشعار بجدارة، وهو أول بنك مصري يخدم الإقتصاد المصري، حيث تأسس منذ أكثر من 125 عاماً، عاملاً بكل إخلاص وتفان لأهل مصر جميعاً، وعلى إمتداد جمهورية مصر العربية، ويحتل المرتبة السادسة عربياً من حيث حجم الموجودات التي تزيد عن 163 مليار دولار، وبقاعدة ودائع تزيد عن 116 ملياراً، وبقاعدة رأسمالية تقارب الـ 9 مليارات دولار».
اللواء فودة: محافظة سيناء حصلت على لقب أفضل مسؤول عربي وقائد للتنمية في مدينة سياحية
وأبدى محافظ جنوب سيناء اللواء الدكتور خالد فودة سعادته بإنعقاد الملتقى في مدينة شرم الشيخ، «التي تُعد مقصداً عالمياً للسياحة والمؤتمرات»، مشيراً إلى «أن إنعقاد هذا الملتقى، يعكس حرص القيادة السياسية والدولة المصرية على تنظيم وإستضافة مثل هذه الفعّاليات».
وأكد اللواء فودة «أن محاور الملتقى تهدف إلى إلقاء الضوء على مبادئ وأسباب المراجعة الشاملة للموجودات المحفوفة بالمخاطر، مع مناقشة أهم الإجراءات المتخذة لتأسيس نتائج تقييم المخاطر المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الإفتراضية».
وأوضح فودة «أن مدينة شرم الشيخ حصلت على العديد من الجوائز، من أبرزها شهادة الأمم المتحدة كأول مركز للمرونة والقدرة على الصمود في مواجهة الكوارث والأزمات في إفريقيا في العام 2022، وجائزة أفضل مدينة سياحية عربية في تنظيم الأحداث والفعّاليات السياحية في العام 2023، والميدالية البرونزية كثالث أفضل مدينة قابلة للعيش والتعايش على مستوى العالم. كما حصلت على شهادة أفضل وجهة سياحية آمنة على مستوى العالم والجائزة الذهبية كأفضل مدينة سياحية».
وأضاف فودة «أن المحافظة حصلت على لقب أفضل مسؤول عربي وقائد للتنمية في مدينة سياحية من الأمم المتحدة في العام 2023، ودرع رجل العام 2024 نتيجة مسابقة دولية نظّمتها منظمة الإتحاد الأفريقي – الآسيوي».
سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وهنّأ سليمان بن رشيد الجبرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF، مصر لـ «جهودها في مواصلة تعزيز مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب وإنتشار التسلُّح»، كما هنّأها بـ «قرار مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF مؤخراً برفع درجات الإلتزام الفني بالعديد من التوصيات، منها المتعلّق بخدمات تحويل الأموال، والتقنيات الجديدة والمهن والأعمال غير المحددة، وبهذا تكون جمهورية مصر العربية قد حقّقت درجات تقييم ملتزم، وإلى حد كبير بدرجة 90 % من التوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي».
وقال بن رشيد الجبرين: «لا تزال السوق الإفتراضية والتقنيات الحديثة تشكل خطراً على المنظومة الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإساءة إستغلالها من قبل المجرمين الإرهابيين، حسب آخر تقارير مجموعة العمل المالي. لذا قررت المجموعة إصدار بيانات بشكل دوري تتضمن جهود الدول وتقييم مستوى الإلتزام، بالتوصية 15 المتعلقة بالتقنيات الحديثة»، مؤكداً «أن الدور الذي تقوم به المنظمات غير الهادفة للربح وخصوصاً في الوقت الراهن في ظل المتغيّرات الحالية في المنطقة، هو دور حيوي في الإقتصادات الوطنية والمجتمعات والإغاثة ودعم الأشخاص ذوي الإحتياج»، داعياً المصارف إلى «التنسيق مع الجهات الإشرافية والرقابية لمعرفة المنظمات غير الهادفة للربح الأكثر عرضة للإستغلال ووضع تدابير مركّزة ومتناسبة وقائمة على المخاطر».
الدكتور حاتم علي
وقال الدكتور حاتم علي، رئيس البعثة، الممثل الإقليمي، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي UNODC، الإمارات: «إن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة هو الأمانة العامة لإتفاقيات الأمم المتحدة بآلياتها القانونية لمكافحة الجريمة والوقاية منها، ومن أهم هذه الإتفاقيات: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود الوطنية وبروتوكولاتها الموثقة، وإتفاقيات مكافحة الفساد، والمخدّرات والإرهاب وغيرها»، مشيراً إلى «أن التدفُّقات المالية ذات مشروع هي العمود الفقري لأي جريمة من الجرائم التي تناولناها، والتي تعمل منظماتنا جاهدة مع الدول الأطراف في مكافحتها، لأننا لا ننتظر أبداً أن يكون هناك جريمة فساد، أو أن يكون هناك تجار مخدّرات، أو تجارة الأسلحة، أو تنظيمات إرهابية، دون أن تكون لهذه الكيانات الإجرامية، تمويل (أي تم تمويلها بالفعل)، وعائدات غير مشروعة، وأين تذهب هذه العائدات ومن أين تأتي، وهي بالطبع تأتي من المنظومة المالية والمصرفية العالمية».
على هامش «الملتقى السنوي لمديري الإلتزام في المصارف العربية»
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
حجم الإقتصاد المصري إرتفع إلى 10 تريليونات جنيه بمتوسط نمو 4.4 %
ونتوقع 10 % نمواً بتدفقات النقد الأجنبي لمصر بعد إجراءات 6 مارس 2024
توقّع الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، تحقيق نمو نسبته 10 % لموارد النقد الأجنبي للإقتصاد المصري، خلال العام المقبل، ومن مصادره الرئيسية وهي: السياحة والإستثمار الأجنبي المباشر، وإيرادات قناة السويس والصادرات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج وذلك بسبب الإجراءات الإقتصادية التي إتخذتها الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري في 6 مارس/ آذار 2024.
في الوقت الذي تنشط الأمم المتحدة في مبادرتها لتحقيق رؤية 2030 للتنمية المستدامة وحماية البيئة، تكثر في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، مساعي البنوك لإنتقال أفضل نحو تمويل مشاريع صديقة للبيئة، لكن مقياس مخاطر المناخ يبقى من أبرز التحدّيات في وجه البنوك الراغبة في تمويل مستدام لمشاريع تدخل ضمن أهداف الأمم المتحدة في هذا الإتجاه، ولا سيما الهدف رقم 17 الذي يتعلّق بتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، حيث لا يُمكن تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية إلاّ من خلال إلتزام الدول ومؤسساتها المعنية بالشراكة والتعاون العالميين لضمان عدم تخلُّف أحد عن المساهمة في الوصول إلى الأهداف المرجوّة.
فمن أجل الدخول في هذه الورشة العملاقة ومواكبة متطلّباتها، وإحترام معاييرها، وجدت المصارف عموماً نفسها في عمق المسألة، لأن التمويل المستدام جزء لا يتجزأ من مهام البنوك، ولا سيما أن إدارة المخاطر من أبرز أدوار هذه المؤسسات التمويلية.
من الواضح والمؤكد اليوم، أن الآثار الضارة لتقلُّبات المناخ باتت تؤثر سلباً على مجمل عالم الإقتصاد، بما في ذلك قطاع البنوك. فبعد سنوات من المماطلة، قرّرت البنوك الأوروبية أن تُبادر إلى إتخاذ إجراءات ومواقف من هذه الحالة البيئية الكونية، مدفوعة من قبل زبائنها، وأيضاً من قبل البنك الأم (البنك المركزي الأوروبي).
فمنذ العام 2020، إتخذ البنك المركزي الأوروبي على عاتقه، القيام بورشة هائلة ومهمة، ألا وهي تقييم مدى تأثير مخاطر المناخ على المحافظ المالية للبنوك الخاصة الاوروبية. وباتت البنوك الأوروبية الكبرى أمام إمتحان لمعرفة إن كانت تأخذ في الحسبان مخاطر الطقس، والمناخ في إدارة أصولها المالية. تجدر الإشارة إلى أن هذه المسألة طرحتها في نيسان/ إبريل الماضي المجالس العامة السنوية للشركات الكبرى التي يتألف منها مؤشر بورصة باريس CAC 40))، الذي يضم تحت لوائه أكبر 40 شركة مدرجة. هذه المسألة مهمة للغاية ومركزية.
فالمؤسسات البنكية تنخرط في تمويل الأنشطة الإقتصادية، وبالتالي تمويل الشركات بما فيها الشركات التي تعمل على التحوُّل نحو نماذج الشركات الصديقة للبيئة. لكن معرفة قياس هذه المشاكل يشكل التحدّي الاكبر.
فمن أجل مواكبة الشركات الراغبة في التحوُّل نحو نموذج صديق للبيئة، يدفع الإتحاد الأوروبي نحو جبهات مختلفة، ولا سيما معرفة قياس حصّة الأصول المصرفية الحالية والمستقبلية لدى البنك، ومتطابقة مع هدف الحفاظ على حماية المناخ من التقلُّب من خلال معرفة حصة الإستثمارات في الطاقات المشبّعة بالكربون مثل البترول، أو الفحم، أو حصّة الإستثمارات في الطاقات المتجدّدة…
في هذا المجال تحديداً، بيّنت دراسة لمكتب الإستشارات في المحاسبة والتدقيق الحسابي العالمي KPMG، وله فرع أساسي في باريس، صدرت في أيار/ مايو الماضي، أن أسلوب الحسابات الذي تعتمده السلطة اللمصرفية الأوروبية لقياس مجهود البنوك لصالح حماية المناخ والببيئة، يستدعي إعادة النظر في المعايير، حيث إن الأسلوب الحسابي المتبع بحسب الشركة KPMG، لا يعطي صورة حقيقية للأصول البنكية الموجهة للإستثمار في مشاريع تهدف إلى الحفاظ على سلامة المناخ، ولا سيما إستثمارات في مجال الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
بحسب الدراسة، فإن نسبة 3 % من الأصول المالية لدى البنوك الأوروبية، تستجيب لما يُسمّى التصنيف الاخضر للتمويل المستدام والذي دخل حيّز التطبيق مطلع العام 2023، ويعمل على تطبيق النشاطات الإقتصادية التي لا تشكل أزمة للبيئة.
إن هدف هذا التصنيف الأخضر هو توجيه الإستثمارات نحو أنشطة مستدامة. إن نسبة 3 % بحسب KPMG، منخفضة جداً، وذلك يعود إلى عدم التقدير الصحيح، الأمر الذي يأسف له العديد من البنوك الاوروبية، من دون أن تشير إلى دراسة الشركة إلى أسماء هذه البنوك.
نتيجة ذلك، قرّر بعض المصارف في أوروبا، أن يستخدم أساليبها الحسابية الخاصة به، رغم إحتمال عدم التقييم والحساب الدقيق.
فبحسب البنك المركزي الأوروبي، والذي أخذ على عاتقه منذ أربعة أعوام ورشة التمويل الأخضر، «فإن كل مخزون من رأس مال لا يُعتبر مرناً في مواجهة مخاطر المناخ، سيُعرّض مدته الزمنية أو الحياتية للتراجع». وهذا سيأخذ شكل تدهور مرتفع، وتنتج عنه مخاطر مالية كبيرة جداً. فالبنك المركزي الأوروبي يعمل منذ العام 2020 على تقييم تأثير تقلُّب المناخ على خط المالية للبنوك الأوروبية الخاصة وغير الأوروبية التي لديها أنشطة مالية مهمة في منطقة الإتحاد الأوروبي. علماً أن مؤسسة النقد الأوروبية لم تتأخر في إتخاذ موقف حازم ولهجة صارمة في وجه البنوك ودعتها إلى تسليمها معطيات جديدة أي التمويل الإضافي مثل أرقام تحدّد نسبة الأصول البنكية المتّصلة بالكربون على سبيل المثال.
وبحسب البنك المركزي الأوروبي نسبة 6 % فقط من البنوك الأوروبية كشفت عن معطيات ومعلومات كافية ضمن الفئات الخمس من تقييم مخاطر تقلبات المناخ، ولا سيما إرتفاع منسوب المياه، الفيضانات، الجفاف، وتُعتبر من المخاطر الرئيسية.
إنطلاقاً من هنا، دعا مجلس الإستشراف الإحترازي التابع للبنك المركزي الاوروبي، البنوك في الإتحاد إلى معالجة الثغرات، وبلوغ إستراتيجيته من خلالها يُمكنها أن تساعد في إحترام المعايير الجديدة، والتأقلم معها، ولا سيما في مجال المناخ والتي تشدد عليها السلطة المصرفية الاوروبية.
خلافاً لذلك، تقوم السلطة المصرفية الأوروبية بفرض عقوبات على البنوك، من بينها غرامة قد تصل إلى نسبة 5 % من الناتج البنكي اليومي للبنك المعني. أضف إلى ذلك، أن العقوبة هذه قد تصل إلى عشرات ملايين اليوروهات في مدة ستة أشهر على سبيل المثال.
* الحالة الفرنسية
البنوك الفرنسية ومنذ العام 2022 تراجعت بشكل ملحوظ في تمويلها لقطاع الطاقة الملوّث للبيئة مثل الوقود الأحفوري (نفط وغاز)، وذلك بحسب التقرير الـ 15 الذي يحمل عنوان Bankingonclimatchaos والذي يصدر سنوياً بالتعاون مع منظمات غير حكومية مدافعة عن المناخ.
أبرزُ البنوك الفرنسية التي إنخرطت في هذا الإتجاه، BNPParibas الذي كان من أبرز المموّلين للصناعة البترولية، إلاّ أنه نشط في التقليل من هذا الدعم. ومع ذلك ظل هذا البنك في مرمى أهداف المنظمات غير الحكومية NGO هذه، ورفعت على هذا المصرف العام الماضي دعاوى في المحاكم تحت شعار عدم إحترامه لحقوق أخذ الحيطة في مجال إحترام البيئة والمناخ.
فبحسب التقرير المشار إليه، BNPParibas، قدم تمويلاً لقطاع الوقود الأحفوري بقيمة 187 مليار يورو منذ العام 2016. وهذا القطاع الملوث الأول للبيئة الكونية.
في الإجمال، إمتثلت بنوك فرنسية عدة في إحترام المساعي الأممية لحماية البيئة والحفاظ على سلامة المناخ، ولو بنسب قليلة أمام ملياراتها وأرباحها، وهذا جزء يسير مما يُمكن أن تقوم به من مجهود فعلي.
فالبنوك، ورغم ما تقدم، لا تزال تدعم وتموّل قطاع النفط والغاز في العالم، إنما مساهمة البنوك الفرنسية في هذا التمويل ولا سيما البنوك الأربعة الكبرى مثل BPCE،CreditAgricole، SocieteGeneraleوBNPParibas تراجعت في العام 2023 قياساً للعام 2022 بنحو 10 مليارات يورو لتصل إلى 40 ملياراً بحسب التقرير. وهذا التراجع يمثل نسبة 6 % من التمويل العالمي، وهذا أيضاً أقل بكثير من حصّة هذه البنوك في السوق العادية.
في الإجمال، فإن 60 مصرفاً الأكبر حول العالم، أقرضت أو سهّلت تمويل بقيمة 706 مليارات دولار (بتراجع 10 %)، لصالح مشاريع الوقود الأحفوري. وفي طليعة هذه البنوك، نجد مصارف من الوزن الثقيل مثل JPMorgan، مع تمويل لقطاع النفط والغاز في العام 2023، بحجم 41 مليار دولار، بنك Mizuho بحجم 37 مليار دولار، وBankofAmerica بحجم 34 مليار دولار. أما في أوروبا فيأتي بنك Barclays البريطاني في طليعة البنوك المموّلة للقطاع الملوث للبيئة والمناخ، وبحجم 24 ملياراً، يليه الفرنسي BNPParibas، بحجم 12.2 مليار، يتبعه بنكان فرنسيان أيضاً CreditAgricole، بتمويل حجمه 11.7 ملياراً و SocieteGenerale بحجم 8.7 مليارات.
منذ إتفاقيات باريس 2015، حول البيئة والتي تهدف إلى الحد من الإحتباس الحراري والوصول إلى 1.5 درجة، أقرّت البنوك قروضاً بقيمة 7 آلاف مليار دولار لتمويل مشاريع في قطاع الوقود الأحفوري. ومنذ العام 2021 أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى أنه لا يُمكن القيام بمشاريع نفط وغاز وفحم جديدة إذا كان الهدف هو بلوغ إنبعاثات شبه معدومة (صفر إنبعاثات)، في حلول العام 2050 إلتزاماً بإتفاقيات باريس.
المنظمات غير الحكومية NGO، المدافعة عن حقوق البيئة وحماية المناخ، تتخذ من دراسة الوكالة الدولية للطاقة درعاً في هجومها على المصارف كي تتوقف عن تمويل القطاع الأكثر تلويثاً للبيئة.
وفي العودة إلى المصارف الفرنسية، حدّد BNPParibas، هدفاً لتخفيض حجم تمويله لقطاع النفط والغاز والفحم بنسبة 70 %، في حلول العام 2030 ضمن مسعى لتخفيض هذا التمويل والإستعاضة عنه بتمويل 90 % مشاريع طاقة قليلة إنبعاثات الكربون. بمعنى أن كل يورو يستثمر في الوقود الأحفوري يقابله إستثمار بقيمة 11 يورو في الطاقات المتجددة، خطوة رحبت بها NGO، ولو أنها أي هذه المنظمات لم تقتنع كلياً بنوايا البنوك في هذا الإتجاه.
يتعيّن على المصارف المركزية التحضير لتأثيرات الذكاء الاصطناعي العميقة، وفق ما ذكره بنك التسويات الدولية (بي آي إس)، مشدّداً على أن التكنولوجيا لا ينبغي أن تحل محل البشر في تحديد أسعار الفائدة.
وفي أول تقرير رئيسي لها عن عالم الذكاء الإصطناعي الذي يتقدم بسرعة، أفادت المجموعة الشاملة للمصارف المركزية: «إن صناع السياسات بحاجة إلى تسخير قوتها الهائلة لمراقبة البيانات في الوقت الفعلي من أجل «تحسين» قدراتهم على التنبؤ بالتضخُّم». علماً أن ذلك كان ناقصاً بشدّة في أعقاب أزمة «كوفيد – 19» والغزو الروسي لأوكرانيا عندما فشل الإحتياطي الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي وغيرهما من المصارف المركزية الكبرى في فهم قوة إرتفاع التضخُّم العالمي.
ومع ذلك، أكدت كبيرة المسؤولين في «بي آي إس»، سيسيليا سكينغسلي، «أن النماذج الجديدة للذكاء الإصطناعي، تقلّل من خطر تكرار ذلك، رغم طبيعتها غير المجربة، وحقيقة أنها يمكن أن «تتوهّم»، مما يعني أنها لا ينبغي أن تتحوّل إلى آلات لتحديد أسعار الفائدة»، مشيرة إلى الدور الحاسم الذي تلعبه تكاليف الإقتراض في المجتمع والحاجة إلى الحكم: «نحن نحب مساءلة البشر. لذلك لا أستطيع حقاً أن أتخيّل مستقبلاً يضع فيه الذكاء الإصطناعي أسعار (الفائدة)».
وأكد بنك التسويات الدولية، الذي يُطلق عليه غالباً «بنك المصارف المركزية» بسبب العمل المشترك الذي يقوم به، أنه لديه بالفعل ثمانية مشاريع تتضمن إستخدام الذكاء الإصطناعي.
وقال رئيس قسم الأبحاث والمستشار الاقتصادي الأعلى في «بي آي إس»، هيون سون شين: «إن صانعي السياسات لا ينبغي أن يعدونه «شيئاً سحرياً»، لكنه قال إنه «يمكن أن يساعد في إكتشاف الضوابط في أنظمة البيانات المالية ورصد الضعف فيها».
ومن المرجح أيضاً أن يعيد إبتكار أسواق العمل بشكل جذري، مما يؤثر على الإنتاجية والنمو الإقتصادي. ويُمكن أن يؤدي التبني الواسع النطاق إلى قيام الشركات بتعديل الأسعار بشكل أسرع إستجابة للتغييرات الاقتصادية الكلية مع تداعيات على التضخُّم.
وحذّر بنك التسويات الدولية من أن الذكاء الإصطناعي يقدم أيضاً مخاطر، مثل أنواع جديدة من الهجمات الإلكترونية، وقد يضخّم المخاطر الموجودة بالفعل، مثل بيع الأصول المالية.
وختم شين قائلاً: «إن الدعوة للعمل للمصارف المركزية هي لتعزيز مجتمع الممارسة، لمشاركة التجارب وأفضل الممارسات، وأيضاً لمشاركة البيانات والنماذج ذاتها».
توقّع البنك الدولي في تقرير عن «الآفاق الاقتصادية العالمية»، أن يُحقق الإقتصاد العالمي معدّلات نمو مستقرة للمرة الأولى منذ 3 سنوات في العام 2024، لكن عند مستويات ضعيفة بالمقاييس التاريخية الحديثة، إذ توقع أن يظل ثابتاً عند 2.6 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 2.7 % في المتوسط لعامي 2025 – 2026، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق على تفشي جائحة كورونا. وجاءت توقعاته هذه أعلى مما كان توقعه في يناير/ كانون الثاني 2024 عند 2.4 %، بينما بقيت توقعاته نفسها بالنسبة للعام المقبل. وفي ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خفّض البنك الدولي توقعاته لنموها هذا العام إلى 2.8 % من 3.5 %، «ما يعكس أثر تمديد تخفيضات إنتاج النفط والصراع الدائر في المنطقة»، بينما رفعها إلى 4.2 % في العام المقبل من 3.5 %.
وتشير التوقعات إلى أنه على مدار 2024 – 2026، فإن البلدان التي تشكل مجتمعة أكثر من 80 % من سكان العالم وإجمالي الناتج المحلي العالمي، ستواصل النمو بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقد السابق للجائحة.
وبشكل عام، من المتوقع أن تنمو الاقتصادات النامية بنسبة 4 % في المتوسط خلال 2024 – 2025، وهو أبطأ قليلاً مما كانت عليه في العام 2023. ويُتوقع أن يتسارع النمو في الإقتصادات منخفضة الدخل ليصل إلى 5 % في العام 2024، إرتفاعاً من 3.8 % في العام 2023. ومع ذلك، فإن توقعات النمو لعام 2024 تعكس تعديل التوقعات بالنقصان في 3 من كل 4 إقتصادات منخفضة الدخل منذ يناير. أما في الإقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يظل معدل النمو ثابتاً عند 1.5 % في العام 2024، قبل أن يرتفع إلى 1.7 % في العام 2025.
ويُتوقع أن يتراجع معدل التضخم العالمي إلى 3.5 % في العام 2024، وإلى 2.9 % في العام 2025، ولكن بوتيرة إنخفاض أبطأ مما كان متوقعاً قبل 6 أشهر فقط. وعلى أثر ذلك، من المتوقع أن يظل كثير من المصارف المركزية حذراً في خفض أسعار الفائدة الأساسية. ومن المرجّح أن تظل أسعار الفائدة العالمية مرتفعة وفقاً لمعايير العقود الأخيرة – بمتوسط يبلغ نحو 4 % خلال 2025 – 2026، أي ضعف متوسط عامي 2019 – 2000 تقريباً.
الشرق الأوسط
وبالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفاد البنك الدولي أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين حيال السياسات يتصاعدان في المنطقة، وأن هناك معاناة إنسانية هائلة وتدميراً لرأس المال المادي في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الصراع الدائر. كما أدت الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر إلى تراجع حركة العبور عبر قناة السويس، وتعطيل التجارة الدولية، وزيادة حالة عدم اليقين بشأن السياسات، لا سيما في البلدان المجاورة. وظل نشاط كل من البلدان المصدرة والمستوردة للنفط في المنطقة ضعيفاً حتى منتصف العام 2024. وفي الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، شهد النشاط النفطي حالة من الركود، حيث تم تمديد تخفيضات إنتاج النفط في يونيو/ حزيران 2024 حتى نهاية العام 2025، وتم الاتفاق على الإبقاء على التعديلات الإضافية الطوعية في الإنتاج حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، قبل إلغائها التدريجي بدءاً من أكتوبر/ تشرين الأول. وإنتعش النشاط في البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي التي كانت معفاة من إتفاقيات خفض الإنتاج.
السعودية
وفي المملكة العربية السعودية، توقع البنك الدولي أن تدعم الأنشطة غير النفطية معدلات النمو في عام 2024، وأن يؤدي الاستئناف التدريجي للنشاط النفطي إلى زيادة النمو في عام 2025. وأبقى توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي هذا العام عند 2.5 %، كما توقع في أبريل/ نيسان وأقل من توقعات يناير/ كانون الثاني (4.2 %)، لكنه رفعها إلى 5.9 % لعام 2025 من 4.2 %.
البلدانالمستوردةللنفط
وفي البلدان المستوردة للنفط، توقع البنك الدولي أن يزيد معدل النمو في العام 2024 إلى 2.9 % ثم إلى 4 % سنوياً في 2025 – 2026. وفي مصر، من المتوقع أن يزيد معدل النمو بسبب نمو الإستثمار الذي حفّزته جزئياً الصفقة الكبرى التي تم إبرامها مع الإمارات. ومن المتوقع أن يظل النمو مستقراً في الأردن، رغم أن الأنشطة المرتبطة بالسياحة ستعاني في الأمد القصير. وفي تونس، يُتوقع أن ينتعش النمو، لكن من المتوقع أن يتراجع النشاط في جيبوتي والمغرب في العام 2024.
الآفاقالمستقبلية
يتوقع البنك الدولي أن ينتعش النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليصل إلى 2.8 % في العام 2024 و4.2 % في العام 2025، ويرجع ذلك أساساً إلى الزيادة التدريجية في إنتاج النفط وتحسن النشاط مع الربع الأخير من العام 2024. كما يتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 2.8 % في العام 2024 و4.7 % في العام 2025.
أما من بين البلدان المصدّرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي، فسيساعد الانتعاش المتوقع في قطاع النفط في العام 2025 على تعزيز النمو في الجزائر والعراق.
المخاطر
تتمثل إحدى المخاطر السلبية الشديدة التي تهدد المنطقة في إمكانية تصاعد الصراعات المسلحة فيها. وبالنسبة إلى البلدان المستوردة للنفط، فقد يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية إلى خروج رؤوس الأموال وانخفاض سعر الصرف. وستشهد البلدان التي تعاني إرتفاع الديون الحكومية زيادة في أعباء خدمة الديون بسبب إرتفاع تكاليف الإقتراض وإرتفاع مخاطر عدم الإستقرار المالي. ولا تزال الظواهر المناخية الشديدة الناجمة عن تغيُّر المناخ، فضلاً عن الأنواع الأخرى من الكوارث الطبيعية، تشكل مخاطر كبيرة في المنطقة. ومن المرجح أن تؤثر التداعيات السلبية غير المباشرة بسبب تراجع النمو في الصين مقارنة بما كان متوقعاً، على البلدان المصدرة للنفط بسبب انخفاض الطلب وتراجع أسعار النفط.
نمو إقتصاد الإمارات
في السياق عينه، أكد البنك الدولي في تقريره الأخير «الآفاق الإقتصادية العالمية» على توقعاته الإيجابية لنمو اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى إستمرار مسار النمو القوي.
وتوقع البنك الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 3.9 % في العام 2024، مع تسارع وتيرة النمو لتصل إلى 4.1 % في العام 2025.
وكان البنك الدولي رفع في أبريل/ نيسان الماضي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى 3.9 % في العام 2024 مقارنة بتوقعاته في يناير/ كانون الثاني الماضي البالغة 3.7 %.
سلّط إنعقاد المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024 في الدوحة، قطر تحت عنوان «متطلّبات التنمية المستدامة ودور المصارف»، في دورته الـ 25، برعاية محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، والذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف قطر المركزي، على مدار يومين، الضوء على دور المصارف والمؤسسات المالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، متزامناً مع إحتفالات اليوبيل الذهبي لمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس إتحاد المصارف العربية.
ويُعد هذا الحدث من أبرز الفعّاليات المالية في المنطقة، حيث جمع نخبة من المتخصّصين في القطاع المصرفي والمالي من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحدّيات والفرص التي تواجهها المنطقة العربية في إطار التنمية المستدامة، مركّزا على أهمية توجيه إستراتيجيات القطاع المصرفي نحو دعم المشاريع والمبادرات التي تُسهم في الحفاظ على البيئة وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، كما عكس إنعقاد هذا المؤتمر في الدوحة، إلتزام دولة قطر في تعزيز دورها كمركز مالي دولي ومساهم رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة.
وشارك في الإفتتاح الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، ومحمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، والدكتور وسام فتوح، الأمين العام للإتحاد، والدكتور فهد بن محمد التركي، مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، والدكتورة رولا دشتي، وكيل الأمين العام والأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
المحافظ الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني
في الكلمات، شدّد الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي على ركائز أساسية لتحقيق إستدامة القطاع المالي منها إدارةُ المخاطر المُناخيَّة والبيئيَّة والإجتماعيَّة في القطاع المالي، وتشجيع الإستثمارات الرأسمالية في التمويل المستدامِ، داعياً إلى «العمل الجماعي؛ لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة التي تظلُّ هدفًاً راسخاً ومُشتركاً من أجل مستقبل أكثر مرونة وازدهاراً».
وأشار المحافظ آل ثاني إلى «أهمية عقد هذا المؤتمر؛ لمناقشة قضايا التنمية المستدامة، كونها تمثّلُ بوابةً لتشكيل مستقبل عالمنا»، مشيراً إلى «ما حققه المجتمع العالمي من نقلة نوعية في ظِلّ تَطور العُلوم وتَقدُم التِكنولوجيا، وما يشهده العالم من ثورة صناعيّة وتطور غير مسبوق في الخِدمات الصحيّة، ما إنعكس على جودة حياة الإنسان، حيث تضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من عشرة أضعاف على إمتداد المئتَي عام الماضية».
وأوضح الشَّيخ بندر بن محمد بن سعود أنه «رغم من هذا التطور لا يُمكن إنْكَارُ حقيقة أن هذا النمو أدّى إلى حدوث تغييرات مناخية ملموسة في حياتنا اليوميَّة»، وقال: «في الوقت الذي يواصل فيه العالم بذل الجهود من أجل إحراز تقدم ملموس في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، لا تزال توجد بعض التحدّيات التي قد تبطِّئ الوصول إلى الأهداف المرجوّة، وتحدّ من مسيرة نموّ الإقتصاد العالمي».
الإتربي
بدوره أكد محمد الأتربي رئيس اتحاد المصارف العربية، «أهمية المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، في التأسيس لمستقبل مستدام لدى الدول العربية»، مشيراً إلى إنه «بإمكانها تحقيق العديد من المكاسب الفردية والجماعية إذا تمكنت من التغلُّب على التحدّيات الإنمائية المتزايدة، والإستفادة من هذا المؤتمر بالشكل اللازم».
وطالب الأتربي بـ «ضرورة العمل على تعزيز وسائل التنفيذ عبر توطيد التعاون العالمي والإقليمي، والتضافر بين الدول، مع الإستناد على التكنولوجيا والمعارف في تعزيز الشراكات وترسيخ التنمية المستدامة في الأوساط العربية بشكل حقيقي وفعّال»
وأشار الإتربي إلى «أن متطلبات التنمية المستدامة للدول العربية تقتضي العمل على إيجاد سياسات استثمارية أكثر جاذبية»، موضحاً «دور القطاع الخاص في تمويل التنمية المستدامة على المستوى الدولي، مقارنة بالجانب العربي الذي لا يزال بحاجة إلى زيادة فعّالية القطاع الخاص، ما يستدعي فعلاً الحرص على بحث سبل الإستمرار وتحقيق أواصر التعاون عبر هذا المؤتمر، والذي يأتي في الوقت المناسب للوصول إلى مستويات مقبولة من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية».
التركي
وقال الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، «إن القطاع المصرفي القطري حقق مرتبة متقدمة بين الدول العربية من حيث نسبة معدل كفاية رأس المال إذ بلغت 19.2%، مما يعكس مكانة القطاع وقدرته على إستيعاب الصدمات».
وأشاد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي بالقطاع المصرفي القطري، مشيراً إلى أنه «إستأثر بنسبة 11.9% من موجودات القطاع المصرفي العربي، محققاً بذلك المرتبة الثالثة على مستوى الدول العربية».
ولفت التركي إلى «أن نسبة التسهيلات غير العاملة بالنسبة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع القطري لاتزال منخفضة مقارنة بالمتوسط في الدول العربية، إذ بلغت النسبة حوالي 3.9% مع نهاية العام الماضي (2023)، مقابل متوسط 7.9% في القطاع المصرفي القطري».
د. دشتي
من جهتها، إعتبرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا «إسكوا»، رولا دشتي، «أن الإستثمارات المستدامة حيوية للنمو الإقتصادي والإستدامة المالية»، مؤكدة «أن على المصارف العربية الإستمرار بوتيرة أسرع في إعتماد الأدوات المالية الجديدة والإرتقاء بها، مثل السندات الخضراء»، مشيرة إلى «أن قيمة سوق السندات البيئية والمجتمع والحوكمة تبلغ تريليوناً و700 مليار دولار، وحصة المنطقة العربية منها لا تتجاوز 5.50 مليارات دولار».
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح
يكرّم محافظ مصرف قطر المركزي
الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني
وألقى الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية كلمة بإسم الإتحاد في مراسم التكريم الخاص لمحافظ مصرف قطر المركزي، راعي المؤتمر، الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، مشيداً بالمحافظ ومعدّداً ميزاته المهنية.
أعلن بنك السلام، رائد المؤسسات المالية المدرجة في بورصة البحرين، وسوق دبي المالي، عن إتمام عملية الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي – البحرين («بيت التمويل الكويتي-البحرين») من مجموعة بيت التمويل الكويتي. تُعتبر هذه الصفقة الإستراتيجية خامس صفقة إندماج وإستحواذ لبنك السلام في رحلة نموه، مما يُعزّز مكانته بإعتباره البنك الأسرع نمواً والأكثر نشاطاً في عمليات الإندماج والإستحواذ في مملكة البحرين.
ويأتي الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي البحرين مواصلة لمسيرة عمليات الإندماج والإستحواذ الناجحة لبنك السلام، والتي تضمّنت بنك البحرين السعودي في العام 2009، و«بي إم آي بنك» – BMI bank في العام 2014، وقطاع الخدمات المصرفية للأفراد التابع لبنك الإثمار في العام 2022 وإستحواذه على حصة الأغلبية المطلقة في مصرف السلام – الجزائر في العام 2023، وهو ما يدل على تمكُّنه من تحقيق نمو غير ذاتي قوي، وضمان الإنتقال السلس لزبائنه. وسيؤدي الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي – البحرين، والذي تتجاوز قاعدة أصوله 1.49 مليار دينار بحريني، إلى زيادة الميزانية العمومية لبنك السلام بشكل كبير بنسبة 28%، وتسريع عملية الإستحواذ على حصة أكبر في السوق وتحسين العروض والخدمات المصرفية.
وتعاون بنك السلام مع مجموعة بيت التمويل الكويتي على نطاق واسع لتسهيل وتسريع الإنتهاء من الإجراءات المالية، وسيُواصلان العمل معاً لتنفيذ خطة متكاملة وسلسة للحفاظ على التجربة المصرفية للزبائن دون أي تأثير. كما ستستمر علاقات الزبائن والعمليات المصرفية والخدمات المقدمة في الفروع تعمل بكل كفاءتها بشكل طبيعي.
وقال الشيخ خالد بن مستهيل المعشني رئيس مجلس إدارة بنك السلام: «يعد الإستحواذ على بيت التمويل الكويتي-البحرين خطوة إستراتيجية في مسيرة نموّنا، كونه يضع معياراً جديدًا للتميُّز في عمليات الإندماج والإستحواذ في المنطقة، وهو يؤكد على إلتزامنا تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز مالي إسلامي رائد. وسنواصل تنفيذ المبادرات الهادفة إلى توسيع محفظتنا الإستثمارية التي تعزّز مكانتنا كأسرع البنوك نمواً، وتلبي تطلعاتنا لزيادة الربحية وتعزيز قيمة حقوق المساهمين».
من جهته، أوضح رفيق النايض الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك السلام: «يُمثل هذا الإستحواذ أكثر من مجرد نمو، فهو يعد علامة بارزة ضمن جهودنا لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية المتمثلة في الوصول إلى نطاق عالٍ وتحقيق أقصى قيمة ممكنة للمساهمين. وسيستمر زبائننا بالإستفادة من أفضل الخدمات والمنتجات المصرفية عالية المستوى، والتي ستكون معزّزة الآن بخبرتنا وتجاربنا المشتركة وقدراتنا الرقمية وشبكة واسعة من الخدمات المصرفية».
هل يُعطى أصحاب الإرادة الطيبة الفرصة ليصلحوا ما أفسدته السياسة؟
كتب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف، في إفتتاحيته في التقرير الشهري للجمعية، بعنوان «المركزي بين الحاضر والتحدّيات»، جاء فيها: «تبدّلت مقاربة مصرف لبنان للأزمة المالية وطريقة التعامل معها منذ بداية آب (أغسطس) 2023، فأين ظهر التمايز في سياسات مصرف لبنان ما بعد هذا التاريخ المفصلي وما هي تحدياته المستقبلية؟
يُمكن إستخلاص النتائج على أرض الواقع من خلال الحقائق التالية:
1–بين الأمس واليوم
– المعالجات أصبحت ترتكز أكثر على نقاش تقني بين المصرف المركزي والمصارف (وإن لم تتطابق وجهات النظر في عددٍ من المجالات).
– إقرار المصرف المركزي بمبدأ الأزمة النظامية، إذ إن الدولة هي المسؤول الأول عن الأزمة وقد بدّدت الأموال وعليها مسؤولية إعادتها، على أن تتم دراسة السبل المناسبة للتسديد في المراحل المقبلة، نظراً إلى ضعف إمكانات الدولة حالياً.
– إن أي حلول لا تأخذ في الإعتبار إستمرارية القطاع المصرفي، هي غير قابلة للحياة وتقضي على أي أمل بإعادة بناء هذا القطاع، وبالتالي على أي إمكانية لإطلاق الإقتصاد من جديد.
– ما من أحد يعتقد اليوم بإمكانية إعادة الودائع بشكل آني وفوري، لكن هذا لا يتعارض مع ضرورة إعادة الحقوق تدريجاً لأصحابها في كافة الطرق المتاحة.
– غربلة الودائع بحسب مصدرها، وتصنيف المودعين بين مودع ومستثمر ومَن إستفاد من الفوائد المرتفعة.
– فصل الودائع الناجمة عن عمليات إستفاد أصحابها من الأزمة على حساب المودعين، عبر تجارة الشيكات وعبر صيرفة.
– دراسة وضع المقترضين الذين أثروا على حساب المودعين، كما والمتعاملين الذين استفادوا من عمليات الدعم والتهريب.
– تنقية ميزانيات المصارف وإظهار الفرص الإستثمارية فيها، كما والتصدّي لمحاولات القضاء على القطاع.
– توحيد سعر الصرف دون المس بإحتياطات المركزي من العملات الأجنبية.
– تطبيق المعايير المحاسبية عينها على ميزانيات المصارف وعلى ودائعها لدى مصرف لبنان. فزمن الكيل بمكيالين قد إنتهى.
– الإقرار بأن التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان هي ملك المصارف.
– عدم جواز تمويل أي عجز للدولة من قبل المصرف المركزي خارج الأطر القانونية، مهما علا الصراخ وكَثُرت الضغوطات السياسية.
– عدم القبول بالعودة إلى الحلول الجزئية التي تهدف إلى كسب الوقت.
– عاد مصرف لبنان إلى لعب دوره الطبيعي المنصوص عنه في قانون النقد والتسليف، لا أكثر ولا أقل.
– تم تصحيح ميزانية مصرف لبنان وتوضيح جزء مهم من بنودها، بإنتظار إستكمال ما تبقّى من توضيحات.
– للمرة الأولى منذ عقود تتسلم جمعية مصارف لبنان أرقاماً إحصائية، كانت تطالب بها منذ سنين، تُبيِّن حقيقة الوضع القائم.
– التوقف عن إستعمال إمتياز مصرف لبنان بطبع الليرةSeignorage لتغطية خسائره عبر إعتبارها خسائر مؤجلة.
2–التحدّيات المستقبلية
-ضبط الإقتصاد النقدي من التفلُّت وتوجيهه نحو القطاع المصرفي.
-المواءمة بين ضبط الكتلة النقدية وحاجات من ليس له مداخيل سوى حسابه المصرفي (الدولار المصرفي).
-حماية السيولة المخصصة لصغار المودعين في الداخل من إمكانات كبار المودعين في الخارج.
-حماية موجودات مصرف لبنان (ذهب وعملات) من الدعاوى القضائية في الخارج.
-العمل على ضمان المصاريف التشغيلية للمصارف، بإنتظار عودة القطاع إلى نشاطه الطبيعي.
-العمل على عودة المصارف إلى ممارسة دورها المتعارف عليه في الإقتصاد.
-التأكيد على جلوس كافة المعنيين في مشروع إعادة هيكلة المصارف على الطاولة.
ما سبق، هو إحدى القراءات للسياسات الحالية لمصرف لبنان وتحدياته المستقبلية، فهل يُعطى أصحاب الإرادة الطيبة الفرصة ليصلحوا ما أفسدته السياسة؟ أم تبقى مقولة «لا يُصلِحُ العطار ما أفسده الدهر» قائمة، في بلد شبَّ بعضهم على شيء فشيَّبونا عليه».