تعتمد قوة الدول ومراكزها على عوامل عدة، بما في ذلك القوة الإقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية والتكنولوجية، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، والصين، والإتحاد الروسي، والإتحاد الأوروبي، والهند، واليابان. ونشهد في الوقت الراهن، صعوداً كبيراً للمملكة العربية السعودية مع تزايد قوّتها على الصعيد العالمي وزيادة نفوذها الدولي.
قوة عالمية صاعدة
لدى المملكة العربية السعودية موقع مهم في الساحة العالمية بسبب عوامل عدة، بما في ذلك إقتصادها الكبير ومواردها الطبيعية الغنية، وخصوصاً النفط. وتُعتبر السعودية أكبر منتج للنفط في العالم، وتلعب دوراً مهماً في تأمين إمدادات النفط العالمية.
القطاعات القوية
تُعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر الإقتصادات في العالم العربي، وتتميّز بقطاعات عدة قوية ومهمة، وذلك في النفط والغاز، والبناء والتشييد، والصناعة، والسياحة، والخدمات المالية.
ما هي صناديق الثروة السيادية (Sovereign Wealth Funds SWFS) في العالم؟ وماذا عن نموّها وآفاقها، مع التركيز بشكل خاص على صندوق الثروة السيادي في االمملكة العربية السعودية (صندوق الإستثمارات العامة Public Investment Fund PIF)؟ سنعرض في هذا التحقيق، خصائص صناديق الثروة السيادية ومنها الأهداف والأنواع، والتصنيف، والإطار القانوني، والترتيب، والمخاطر، وكيفية الإستثمار في صناديق الثروة السيادية. ويتم التركيز على صندوق الثروة السيادي السعودي، المعروف أيضاً بإسم صندوق الإستثمارات العامة (Public Investment Fund PIF)، حيث نُلقي الضوء على حوكمة صندوق الإستثمارات العامة، وإستثماراته، ودوره في تشكيل مستقبل المملكة العربية السعودية ما بعد مرحلة الإعتماد على النفط، وإنجازاته، وحجم الصندوق، ودوره في خلق فرص العمل. ونختتم بالآفاق والتوقعات المستقبلية لصناديق الثروة السيادية، والنمو المستقبلي لها وأهمية صناديق الثروة السيادية ولجوء المزيد من الدول الى إنشاء صناديق الثروة السيادية الخاصة بها لتنمية قوتها محلياً وعلى المستوى الدولي وتعزيز المكانة في السوق العالمية.
أهداف وأنواع صناديق الثروة السيادية
صندوق الثروة السيادي، الذي يُطلق عليه أيضاً إسم صندوق الإستثمار الحكومي، هو صندوق إستثمار تملكه الحكومة لإدارة إحتياطات الدولة وإستثمارها في مختلف الأدوات المالية والأصول. عادةً ما تقوم البلدان التي لديها فوائض كبيرة من السلع مثل النفط أو الغاز الطبيعي أو المعادن أو مصادر أخرى من الإيرادات بإنشاء هذه الصناديق.
إنضمّت ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، بحسب ما أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا خلال قمّة للمجموعة في جوهانسبورغ أخيراً. وتلتحق كل من المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مصر، الأرجنتين، إثيوبيا وإيران، إعتباراً من أول يناير (كانون الثاني) 2024 بمجموعة الدول الناشئة الساعية إلى تعزيز نفوذها في العالم. وقد أصبح قوام مجموعة بريكس، 11 دولة بعد الإضافة الأخيرة التي تكوّنت من 6 دول، فضلاً عن الدول الخمس المؤسّسة.
وكان سيريل رامافوزا قد أكد خلال قمّة بريكس «أن دول المجموعة للأسواق الناشئة الكبرى، تعتزم دعوة الإمارات، والسعودية، ومصر، وإيران، وإثيوبيا، والأرجنتين للإنضمام إليها»، مشيرا إلى «أن عضوية الدول التي ستنضم إلى المجموعة ستسري إعتباراً من أول يناير (كانون الثاني) 2024».
ماذا يعني إنضمام المملكة إلى «بريكس»؟
يقول الخبير السعودي في التجارة الدولية، الدكتور فواز العلمي: «إن إنضمام السعودية لمجموعة بريكس، سيكون بصفتها مراقباً أو شريكاً للحوار، لأن «بريكس» ليست منظمة رسمية بشكل كبير، وإنما مجموعة فقط»، لافتاً إلى «أن الإستفادة من إنضمام السعودية لمجموعة بريكس والدول الأخرى ستكون للأعضاء الحاليين».
«السيادي» السعودي يسرّع وتيرة تمكين القطاعات الاستراتيجية محلياً
يكثف «صندوق الاستثمارات العامة» جهوده في تسريع وتيرة الصناعات المحلية داخل المملكة، وإطلاق عدة مشاريع ومنشآت سعودية متخصصة ومتنوعة تخدم كافة القطاعات الاستراتيجية المستهدفة لقيادة التحول الاقتصادي والمساهمة في التنمية المستدامة، حيث تمكن من تأسيس 12 شركة في نحو 212 يوماً منذ بداية العام الحالي.
ويسعى الصندوق «السيادي» السعودي لتحفيز المزايا التنافسية والابتكارية ويركز على تطوير 13 قطاعاً واعداً داخل البلاد، في سبيل تحسين سلاسل الإمداد المحلية، وفتح آفاق وفرص استثمارية للقطاع الخاص، إلى جانب تحفيز الموردين لتطوير إمكاناتهم وقدراتهم، بما يسهم في زيادة توطين السلع والخدمات المستوردة.
وأعلن الصندوق منذ 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، وحتى 10 أغسطس (آب) الحالي، نحو 12 شركة وهي: «منارة المعادن»، وشركة مختصة بالمزارع العمودية، و«تطوير المربع الجديد»، و«طيران الرياض»، و«بدائل»، و«لايفيرا»، و«سواني»، و«تراث المدينة»، و«أسفار»، و«سرج»، «وكياني»، و«فيمتك»
وبعد إعلان شركة «فيمتك» لإدارة المرافق، الخميس 10 أغسطس الحالي، يتجاوز بذلك إجمالي عدد الشركات الجديدة التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة 85 شركة منذ 2017.
الاستثمار التعديني
في 11 يناير الماضي، كشف «الصندوق السيادي» عن توقيع اتفاقية مع شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، إحدى شركات التعدين الأسرع نمواً في العالم، لتأسيس شركة للاستثمار في أصول التعدين دولياً تحت مسمى شركة «منارة المعادن»، والتي تهدف إلى توفير المعادن ذات الأولوية التي تساهم في تعزيز التنمية الصناعية في المملكة وسلاسل الإمداد.
وستركز الشركة على الاستثمار في خام الحديد، والنحاس والنيكل، والليثيوم، من خلال الاستحواذ على حصص أقلية في أصول التعدين دولياً، لتساهم في تنمية سلاسل إمداد المعادن المحلية، وتعزز مكانة المملكة كشريك رئيسي في تطوير قطاع التعدين.
التطورات الإقتصادية والمالية والمصرفية في المملكة العربية السعودية
الإقتصاد الأسرع نمواً بين إقتصادات مجموعة العشرين
تطمح الرياض إلى الإستثمار الأجنبي
بحوالي 100 مليار دولار سنوياً في حلول العام 2030
يشهد الإقتصاد السعودي إزدهاراً كبيراً بفضل السياسات والإجراءات الإقتصادية التي تعتمدها حكومة المملكة، مترافقة مع إرتفاع أسعار النفط، والتحسُّن القوي في مستويات الإستثمار الخاص. وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي للعام 2022، كانت المملكة العربية السعودية الأسرع نمواً بين إقتصادات مجموعة العشرين. وبلغ النمو الاجمالي نسبة 8.7 % بفضل قوة الإنتاج النفطي ونمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.8 % الناجم عن متانة مستويات الإستهلاك الخاص والإستثمارات الخاصة غير النفطية. كما شملت المحرّكات الأساسية للنمو غير النفطي تجارة الجملة والتجزئة وقطاعي البناء والنقل.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي في إبريل/نيسان 2023، إلى نمو الإقتصاد السعودي بنسبة 3.1 % خلال عاميّ 2023 و2024. علماً أن الصندوق كان قد رفع توقعاته لنمو الإقتصاد السعودي في العام الحالي مقارنة بتقديراته السابقة الصادرة في يناير (كانون الثاني) والتي بلغت 2.6 %.
القطاع المصرفي السعودي لا يزال يحظى بمستويات رؤوس أموال جيدة
البنك المركزي: النظام المالي مساهم رئيسي في نمو الإقتصاد السعودي
أفاد البنك المركزي السعودي في تقرير أصدره أخيراً «أن إقتصاد المملكة شهد نمواً خلال العام 2022 رغم التحدّيات الإقتصادية العالمية»، لافتاً إلى «مساهمة النظام المالي بشكل رئيسي في دعم هذا النمو، حيث إستمرّت قوة نمو الأصول والإئتمان البنكي في العام 2022»، مؤكداً «أن القطاع المصرفي السعودي لا يزال يحظى بمستويات رؤوس أموال جيدة، وظلّت النسب الإحترازية المتعلّقة بالسيولة في مستويات أعلى من المتطلبات النظامية».
وعن المؤسسات المالية غير البنكية، ذكر التقرير أنها «سجّلت أداءً قوياً، حيث إنتعش إجمالي أقساط التأمين المكتتبة لشركات التأمين بالتزامن مع نمو القطاع غير النفطي، فيما سجّلت شركات التمويل إرتفاعاً في إجمالي الأصول».
وقال أيمن السياري محافظ البنك المركزي السعودي «إن اقتصاد المملكة أظهر أداءً قوياً في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التوظيف»، مشيراً إلى «أن النظام المالي كان داعماً رئيسياً للأداء الإقتصادي القوي».
وأضاف السياري: «لقد عملت البنوك وشركات التأمين والتمويل ومقدّمو خدمات المدفوعات الخاضعة لإشراف البنك المركزي على توسيع نطاق الخدمات المالية، لتشمل جميع المقترضين من مختلف فئات القطاع الخاص والأفراد»، مشيراً إلى «أن البنوك وسّعت نشاطها الاقراضي لتلبية الطلب المستمر على القروض العقارية»، مشدّداً على «أن نتائج المخاطر ظلّت معتدلة خلال العام، وذلك إنعكاساً لقوة الإقتصاد المحلي».
وأضاف محافظ البنك المركزي السعودي «أن البنك أولى أهمية كبيرة لمتانة النظام البنكي نظراً إلى أهمية دوره في الإقتصاد، حيث تجاوزت جميع النسب الإحترازية للنظام البنكي النسب المحددة في متطلبات بازل بكثير»، لافتاً إلى أن «ذلك يعكس نظاماً بنكياً يتمتع بسيولة ورسملة قوية، كما أنهى البنك المركزي تطبيق إصلاحات بازل 3 النهائية، وذلك قبل الموعد المحدد للتطبيق الرسمي».
أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية، المخطط العام للمراكز اللوجستية، الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي في المملكة وتنويع الإقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومركزٍ لوجستيٍ عالميٍ.
وأكد ولي العهد «أن إطلاق المخطط العام للمراكز اللوجستية يأتي إمتداداً لحزمة من المبادرات المستمرة، وفق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية بهدف تطوير القطاع اللوجستي لدعم النمو الاقتصادي وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، إضافة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتوسيع فرص توليد الوظائف، وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي كونها تمتاز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاثاً من أهم قارات العالم (آسيا، وأوروبا، وإفريقيا).
ويضم المخطط العام للمراكز اللوجستية 59 مركزاً بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، تتضمن 12 مركزاً لوجستياً لمنطقة الرياض، و12 مركزاً لوجستياً لمنطقة مكة المكرمة، و17 مركزاً لوجستياً للمنطقة الشرقية، و18 مركزاً لوجستياً في بقية مناطق المملكة، حيث يجري العمل حالياً في 21 مركزاً على أن تكتمل جميع المراكز في حلول العام 2030.
كما ستُمكن المراكز الصناعات المحلية من تصدير المنتجات السعودية بكفاءة عالية، كذلك دعم التجارة الإلكترونية لتسهيل الربط بين المراكز اللوجستية ومراكز التوزيع داخل مناطق ومدن ومحافظات المملكة بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى توفير إمكانية تتبع عالية وتيسير إستخراج تراخيص مزاولة النشاط اللوجستي، وخصوصاً بعد إطلاق الرخصة اللوجستية الموحدة ومنح الرخصة لأكثر من 1500 شركة لوجستية محلية وإقليمية وعالمية، وإطلاق مبادرة الفسح خلال ساعتين بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
ويمثل قطاع الخدمات اللوجستية إحدى الركائز الواعدة للتنوع الاقتصادي والتنموي بالمملكة، ويشهد حالياً العديد من المبادرات النوعية والتطورات الكبيرة التي تستهدف تحقيق نقلة كبرى نحو تنمية القطاع وتوسيع إسهاماته الإقتصادية والتنموية، حيث تعمل وزارة النقل والخدمات اللوجستية وفق منهجية تسعى لتنمية صناعة الخدمات اللوجستية، وتعزيز استراتيجية الصادرات، وتوسيع فرص الاستثمار، وتكريس الشراكة مع القطاع الخاص.
يُشار إلى أن المملكة حققت في أبريل (نيسان) 2023 إنجازاً جديداً في منظومة النقل والخدمات اللوجستية، بعد أن قفزت 17 مرتبة عالمياً في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، حيث تقدمت إلى المرتبة الـ38 من بين 160 دولة في الترتيب الدولي في مؤشر الكفاءة اللوجستية.
كما أطلقت وزارة النقل والخدمات اللوجستية مؤخراً حزمة من المبادرات في القطاع اللوجستي لرفع كفاءة الأداء، وإعادة هندسة الإجراءات، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا القطاع الحيوي؛ لتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، حيث شملت إطلاق المنطقة اللوجستية الخاصة والمتكاملة في مطار الملك سلمان الدولي بالرياض، وإعلان شركة أبل كأول مستثمر دولي فيها، كما تستهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية الوصول بالمملكة إلى قائمة أفضل 10 دول عالمياً ضمن مؤشر الأداء اللوجستي في حلول عام 2030.
المملكة العربية السعودية ضمن أكبر 20 إقتصاداً عالمياً
لا شك في أن الإقتصاد السعودي بات مثالاً يُحتذى لدول المنطقة والعالم من حيث نموّه المتسارع على مستوى عدد كبير من القطاعات، مستفيداً من موارد المملكة الطبيعية، وموقعها الجغرافي والحضاري. وقد نجم عن هذا النمو بناء قاعدة إقتصادية متينة، بعدما أصبح ضمن أكبر 20 إقتصاداً عالمياً وعضواً فاعلاً في مجموعة العشرين، وأحد اللاعبين الرئيسيين في الإقتصاد العالمي وأسواق النفط العالمية، مدعوماً بنظام مالي قوي وقطاع مصرفي فعّال، وشركات حكومية عملاقة تستند على كوادر سعودية ذات تأهيل عالٍ.
ونستدل على هذا التطور الذي وصلت إليه المملكة من خلال الموجودات المجمّعة للقطاع المصرفي السعودي في نهاية النصف الأول من العام 2023 والتي بلغت نحو 3,828 مليار ريال سعودي (ما يساوي تريليون دولار تقريباً)، محقّقة نسبة نمو 5.4 % عن نهاية العام 2022. وتُظهر مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرف السعودي المتانة العالية جداً للمصارف السعودية، وخصوصاً بما يتعلق بمعدلات كفاية رأس المال، والتي تفوق بكثير المتطلبات بحسب معايير بازل 3.
وبالتوازي، حقّقت المصارف السعودية أداءً جيداً (متمثّلاً بالعائد على الأصول وعلى الأسهم) خلال عاميّ 2021 و2022، بالإضافة الى تحسُّن معدّلات السيولة لديها، فضلاً عن المستويات العالية لرأس المال والسيولة في فترة ما قبل جائحة كورونا، وتدابير الدعم التي إتخذها البنك المركزي السعودي خلال فترة التراجع الإقتصادي، حيث وفّرت قاعدة قوية للمصارف لمواصلة دعم طلب الإقتصاد للإئتمان، مما أدّى إلى إنخفاض مستوى القروض المتعثّرة.
كما شهدت المملكة خلال السنوات الماضية إصلاحات هيكلية على الجانب الاقتصادي والمالي، مما يُعزّز من رفع معدّلات النمو الإقتصادي مع الحفاظ على الإستقرار والإستدامة المالية. ويظهر هذا جلياً في تحســُّـن بيئة الأعمال في المملكة، والســـعي المســـتمر لتمكين القطاع الخاص في دعم التنويع الاقتصادي عبر تحسين بيئة الأعمال وتذليل المعوّقات لجعلها بيئة أكثر جاذبية بالإضافة إلى الإستثمار في القطاعات غير المستغلة سابقاً، كذلك تحسين البيئة الإستثمارية وزيادة جاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب.
وتسعى مبادرة السعودية الخضراء إلى زيادة إعتماد المملكة على الطاقة النظيفة، وتقليل الإنبعاثات الكربونية وحماية البيئة، تماشياً مع رؤية 2030. كما ترسم مبادرة السعودية الخضراء توجّه المملكة في مكافحة التغيُّر المناخي، وتُسهّل التعاون بين جميع فئات المجتمع والقطاعين العام والخاص للإسراع في توسيع نطاق العمل المناخي.
في المحصّلة، تسير المملكة العربية السعودية وفق رؤية 2030 وتعمل على السير بالمشاريع الرئيسية في مبادرة السعودية الخضراء، ومن أبرزها إطلاق المركز العالمي للسياحة المستدامة، وإنشاء مؤسسة غير ربحية لإستكشاف البحار والمحيطات، والإنضمام إلى التعهُّد العالمي في شأن الميثان، ومبادرة الرياضة من أجل العمل المناخي، ضمن إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حيال تغيُّر المناخ، وإطلاق مبادرات عدة للتنوُّع الحيوي من أجل رعاية وحماية الأنواع المهدّدة بالإنقراض، والتحوُّل إلى مصدر عالمي رئيسي للهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر في حلول العام 2035. وقد صدق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حين قال: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك».
يُواجه الإقتصاد العالمي تحدّيات كبيرة، وتتضافر الجهود لإعداد مؤتمرات القمم العالمية. ولكن ما هي آثار إنعقاد هذه القمم الدولية على مسار الإقتصاد العالمي؟ وهل حققت هذه القمم أهدافها المرجوة في مواجهة التحدّيات العالمية أم سقطت في حُفر التحدّيات؟
في سياق تقييم القمم العالمية التي عُقدت مؤخراً وتأثيرها على مسار الإقتصاد العالمي، نُسلّط الضوء على التحدّيات التي تواجه الإقتصاد العالمي. هذه التحدّيات هي الحُفر التي قد تسقط فيها هذه القمم وتفشل في تحقيق الآثار المرجوة.
ونعرض أبرز القمم التي عُقدت مؤخراً، منها قمّة مجموعة السبع في هيروشيما في اليابان، وقمّة جامعة الدول العربية في المملكة العربية السعودية، وقمّة دافوس 2023 في سويسرا، والقمّة الصينية – الخليجية بين مجلس التعاون الخليجي والصين في الرياض، والقمّة الخضراء العالمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقمّة إتحاد المصارف العربية المصرفية الدولية في باريس.
قمّة مجموعة السبع G7 SUMMIT
إختتمت مجموعة السبع قمتها السنوية بإصدار بيان زعماء مجموعة السبع في هيروشيما في 21 مايو (أيار) 2023. وكان التركيز الأساسي للقمة على إعادة تأكيد دعم أوكرانيا. كما وكانت قمّة مجموعة السبع فرصة لأكبر الدول الديموقراطية المتقدّمة في العالم للتنسيق في شأن القضايا الجيوسياسية والإقتصادية والأمنية. ويعكس جدول أعمال القمّة أولويات اليابان من خلال التركيز على الأمن المحلي والأمن الإقتصادي، وأوكرانيا، والتكنولوجيا، ومجموعة من القضايا المتعلّقة بأهداف التنمية المستدامة (Sustainable Development Goals SDGs).
وأصدر قادة مجموعة السبع بياناً منفصلاً يدين تهديدات روسيا ويدعو الصين إلى عدم الشفافية في ما يتعلق بتعزيزها النووي. وأعلن قادة المجموعة إلتزامهم تحقيق هدف «عالم خالٍ من الأسلحة النووية»، رداً على الممارسات الإقتصادية القسرية للصين، حيث دعا بيان القادة إلى زيادة المرونة الإقتصادية والأمن الإقتصادي وإنشاء منصّة تنسيق جديدة لتعزيز التعاون داخل المجموعة وخارجها.
وستكون قمة المجموعة في العام 2024 فرصة أخرى لقادة أكبر الدول الديموقراطية المتقدمة للوفاء بالإلتزامات التي تم التعهد بها في هيروشيما، والعمل على مواءمة مواقفهم في شأن القضايا العالمية ذات الصلة.
التضخُّم في إتجاه الذروة عالمياً وسط أجواء النمو المنخفض فما هي أسبابه ونتائجه؟
البنك الدولي يُخفّض توقُّعاته لمعدّلات نمو الدول العربية بنسبٍ متفاوتة خلال 2023
ليس تفصيلاً أن يُعلن التقرير الصادر أخيراً عن صندوق النقد الدولي في حزيران (يونيو) 2023 أن «التضخم في إتجاه الذروة (عالمياً) وسط أجواء النمو المنخفض»، شارحاً مستجدّات وآفاق الإقتصاد العالمي، حيث يُتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 3,4 % في العام 2022 حسب التقديرات، إلى 2,9 % في 2023 ثم يرتفع إلى 3,1 % في 2024. وتمثل تنبوءات العام 2023 إرتفاعا بمقدار 0,2 نقطة مئوية عمّا كان متوقعاً في عدد تشرين الأول (أكتوبر) 2022 من تقرير «آفاق الإقتصاد العالمي» وإن كانت أقل من المتوسط التاريخي البالغ 3,8% (من 2000–2019).
هذه الأرقام «المتشائمة» سببُها أن النشاط الإقتصادي العالمي لا يزال يعاني وطأة رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة من أجل مكافحة التضخم والحرب الروسية في أوكرانيا. وقد أدت سرعة إنتشار جائحة «كوفيد-19» في الصين إلى إضعاف النمو في العام 2022، لكن إعادة فتح الإقتصاد مؤخراً مهّدت سبيل التعافي بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً. وتشير توقعات صندوق النقد إلى إنخفاض التضخم العالمي من 8,8 % في العام 2022 إلى 6,6 % في 2023 و4,3 % في 2024، وهما نسبتان تظلاّن أعلى من مستويات ما قبل الجائحة (من 2017–2019) بنحو 3,5 %.
كل ما سبق يجعل البحث مشروعاً عن أسباب التضخُّم التي تصيب إقتصادات الدول حول العالم ونتائجها وتأثيرها على الدول النامية ومنها لبنان، وخصوصاً أن التقرير الأخير للصندوق يرى أن «ميزان المخاطر لا يزال مائلاً نحو التطورات السلبية»، غير أن المخاطر المعاكسة قد تراجعت منذ صدور عدد تشرين الأول (أكتوبر) 2022 من تقرير «آفاق الإقتصاد العالمي». فعلى الجانب الإيجابي، يُمكن أن نشهد دفعة أقوى من الطلب المكبوت في العديد من الإقتصادات أو هبوطاً أسرع في التضخُّم. وعلى الجانب السلبي، فإن النتائج الصحيّة الخطرة في الصين يُمكن أن تكبح التعافي، والحرب الروسية في أوكرانيا يُمكن أن تتصاعد، وضيق أوضاع التمويل العالمية يُمكن أن يزيد حالة المديونية الحرجة سوءاً. وقد تبدأ الأسواق المالية في إعادة تسعير الفائدة فجأة، كذلك كرد فعل إزاء الأنباء المعاكسة عن التضخُّم، بينما زيادة التشرذم الجغرافي -السياسي يُمكن أن تُعوّق التقدم الإقتصادي.