مسؤولة في «ستيت ستريت» لإدارة الأصول: المملكة تقدم سرداً إقتصادياً مقنعاً
السندات السعودية… ملاذ آمن في قلب الأسواق الناشئة
في ظل ترقب عالمي حذر لأسواق الدَّين في الإقتصادات الناشئة، تبرز السعودية قوة إستثمارية جاذبة، مدعومة بمزيج من الإستقرار المالي وخطط نمو إقتصادي طموحة.
هذا ما أكدته كارين خيرالله، رئيسة قسم استراتيجية الاستثمار والبحوث لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز» (State Street)، والتي تُعد أحد أكبر مديري الأصول في العالم، حيث تدير أصولاً تتجاوز 4.6 تريليون دولار.
وقالت خيرالله في حديث صحفي: «إن المملكة تقدم سرداً إقتصادياً كلياً مقنعاً، يرتكز على أسس مالية متينة، وإستراتيجية نمو واضحة وطموحة. وفي حين يُواجه العديد من الإقتصادات حول العالم أعباء ديون مرتفعة وتكاليف خدمة متزايدة، تحافظ السعودية على نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى منخفض نسبياً يبلغ 29.9 % حتى ديسمبر (كانون الأول) 2024، يُتوقع أن تبقى أقل بكثير من المتوسطات العالمية حتى مع إرتفاعها تدريجاً لدعم الإستثمارات ضمن رؤية 2030».
هذا الإنضباط المالي يُعزّز مكانة السعودية كمُصدر مستقر وموثوق به في سوق السندات السيادية بالأسواق الناشئة. وتتوقع خيرالله أن يحقق الإقتصاد السعودي نمواً مستداماً خلال السنوات المقبلة، مدفوعاً بالإصلاحات الهيكلية والإستثمارات الإستراتيجية، لا سيما في القطاعات غير النفطية. ورغم أن وتيرة هذا النمو قد لا تكون الأسرع مقارنة ببعض الأسواق الناشئة الأخرى، فإنها ستفوق بشكل واضح الاقتصادات المتقدمة، مما يجعل السندات السعودية خياراً مفضّلاً للمستثمرين الباحثين عن الإستقرار والقيمة طويلة الأجل.
وكان الإقتصاد السعودي حقق نمواً بواقع 3.4 % على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي (2025)، مدفوعاً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9 % والتي باتت تعد المساهم الرئيس في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على أساس سنوي، حيث ساهمت بمقدار 2.8 نقطة مئوية.
يشهد فعّاليات إسناد إدارة صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية لشركة «دي بي آي» العالمية
في إطار الحرص المتواصل على دعم الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والإبتكار، ووفق أفضل الممارسات الدولية، وتعزيزاً للتحوُّل الرقمي وتحقيق معدّلات أعلى من الشمول المالي؛ وافق البنك المركزي المصري على طلب المساهمين الرئيسيين في صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية بإسناد إدارة الصندوق لشركة دي بي آي العالمية (Development Partners International DPI).
كما شهد رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي المصري، فعّاليات توقيع عقد إسناد إدارة الصندوق لشركة «دي بي آي» العالمية، وتهدف هذه الخطوة إلى إجتذاب المزيد من الإستثمارات الأجنبية الجديدة في مجال التكنولوجيا المالية، تماشياً مع الرؤية الطموحة للصندوق لأن يصبح أكبر صندوق تمويلي في مجال التكنولوجيا المالية على المستوى الإقليمي، برأس مال مُستهدف 150 مليون دولار.
وقد ساهم الصندوق في تشجيع وجذب الإستثمارات الأجنبية الموجّهة إلى هذا القطاع الحيوي، حيث إن رأس المال الذي قام الصندوق بإستثماره على مدار الفترة السابقة في الشركات الناشئة في السوق المصرية، ساهم في جذب خمسة أضعافه من المستثمرين الأجانب في تلك الشركات.
ومن جانبه، قال رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي المصري: «إن مساهمة البنوك المصرية في صندوق إنكلود، تعكس مدى حرص القطاع المصرفي على الإستثمار في مجالات التكنولوجيا المالية الناشئة، ومواكبة التطوّرات العالمية في تلك المجالات الواعدة، ولا سيما تهيئة البيئة الداعمة لرواد أعمال التكنولوجيا المالية لإطلاق تطبيقاتهم في السوق المصرية على النحو الذي يساعد على تحقيق معدلات الشمول المالي المستهدفة».
بسبب تأثير الرسوم البنك الدولي يخفّض توقعاته لنمو الشرق الأوسط
خفّض البنك الدولي توقعاته للنمو الإقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.7 % في العام 2025 من 3.4 % في توقعات يناير (كانون الثاني) و3.7 % في العام 2026 من 4.1 % في توقعاته السابقة.
تنبؤات النمو أقل من المتوقع في يناير (كانون الثاني) 2025، وترجع أساساً إلى تأثير زيادة القيود التجارية وعدم اليقين على الإستثمار ونشاط التصدير، وفق ما جاء في تقرير البنك الدولي حول «آفاق الإقتصاد العالمي».
وأفاد البنك الدولي: «رغم تصاعد التوترات التجارية العالمية وتزايد حالة عدم اليقين، فقد تعزّز النشاط الإقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعكس ذلك جزئياً زيادة إنتاج النفط. في البلدان المصدرة للنفط، يتعافى النشاط النفطي مع الإعلان في أوائل أبريل (نيسان) 2025 عن الإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط الطوعية، بينما اتسم نمو النشاط غير النفطي بالمرونة».
وخفّض التقرير توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.2 % في العام 2025 من 3.3 %، و4.5 % في العام 2026 (من 4.6 %) و4.8 % في العام 2027. ويُتوقع أن يؤدي التخلُّص التدريجي من تخفيضات إنتاج النفط إلى ارتفاع الإنتاج، رغم الإنخفاض المتوقع في أسعاره في ظل ضعف الطلب العالمي.
كما توقع التقرير أن يستمر النمو في التعزيز بفضل توسع النشاط غير النفطي. ومن بين الدول المصدرة للنفط غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، يُتوقع أن يكون النشاط في العديد من الدول مقيّدة بإنخفاض أسعار النفط وضعف الطلب الخارجي.
أما في الدول المستوردة للنفط، فمن المتوقع أن يرتفع النمو إلى 3.6 % في العام 2025، و3.9 % في العام 2026، و4.3 % في العام 2027، ويُعزى ذلك في الغالب إلى تعزيز الإستهلاك الخاص مع تراجع التضخُّم، وإنتعاش الإنتاج الزراعي، والإعتدال المفترض للتوترات الجيوسياسية.
يُذكر أن البنك الدولي توقع أن يزداد النمو في مصر، مدفوعاً بتنفيذ إتفاقية الإستثمار مع الإمارات، وأن يتعزّز النمو في المغرب وتونس، بإفتراض تحسُّن الأحوال الجوية. وفي جيبوتي، سيتعزّز النمو من خلال نشاط المواني، وعائدات التصدير، والإستثمارات الأجنبية الكبيرة في تطوير البنية التحتية للمواني. ومن بين إقتصادات دول منطقة الصراع المتأزم، يُتوقع أن يصل النمو في لبنان إلى 4.7 % هذا العام (2025)، بإفتراض استمرار الهدنة.
وفي الضفة الغربية وغزة، يُتوقع أن يتعزّز النمو في العام 2026، مع إفتراض بدء إعادة الإعمار. وفي سوريا، يُتوقع أن يتوسع النشاط هذا العام (2025)، مما يعكس بشكل رئيسي تحسن العلاقات الخارجية مع الاقتصادات الكبرى.
في المقابل، ونظراً إلى الوضع الأمني، يُتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في الجمهورية اليمنية مرة أخرى في العام 2025.
المخاطر
لا يزال إحتمال تكثيف الإجراءات الحمائية التجارية من قبل شركاء المنطقة التجاريين يشكل خطراً رئيسياً وفق البنك الدولي الذي أشار إلى أن إستمرار حالة عدم اليقين المتزايدة حيال سياسات التجارة العالمية لفترة طويلة قد يُضعف ثقة الشركات والمستهلكين، مما يُقلل الإستثمار في المنطقة.
كما أن تشديد السياسات النقدية أكثر يُتوقع، نتيجة تزايد الضغوط التضخمية العالمية، قد يرفع تكاليف الإقتراض، ويؤدي إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج وإنخفاض قيمة العملات.
وفي البلدان المصدّرة للنفط، قد يُؤدي انخفاض أسعار النفط بما يتجاوز التوقعات إلى إنخفاض الإيرادات المالية وآفاق النمو. كما أن تصاعد الصراعات المسلحة في المنطقة، بالإضافة إلى تصاعد العنف والإضطرابات الإجتماعية، وإزدياد وتيرة الكوارث الطبيعية وشدّتها، قد تُضعف النشاط الإقتصادي في المنطقة.
على إستعادة النمو وتعتزم إتباع سياسات إقتصادية سليمة
أعلن صندوق النقد الدولي أن السلطات السورية حريصة على إستعادة النمو الإقتصادي، وتعتزم إتباع سياسات إقتصادية سليمة، موضحاً أن بعثته إلى سوريا ناقشت إعتماد موازنة لما تبقى من العام 2025 وتحديد الموارد المتاحة. كما ناقشت البعثة إعادة بناء الثقة في البنوك وإعادة الإرتباط بالنظام المالي الدولي.
وأفاد الصندوق في بيان، بعد ختام بعثته زيارتها لسوريا برئاسة رون فان رودن، لتقييم الظروف الإقتصادية والمالية في البلاد: أن سوريا «تواجه تحدّيات هائلة بعد سنوات من الصراع الذي تسبّب في معاناة إنسانية هائلة، وقلَّص إقتصادها إلى جزء ضئيل من حجمه السابق.
وقد إنخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد، وإنخفضت الدخول الحقيقية بشكل حاد، وإرتفعت معدّلات الفقر. كما ضعفت مؤسسات الدولة، وتعطل تقديم الخدمات الأساسية، وتضرّرت أو دُمّرت أجزاء كبيرة من البنية التحتية للبلاد، فيما الإحتياجات الإنسانية وإحتياجات إعادة الإعمار هائلة.
وهناك حاجة ملحّة لمواجهة هذه التحدّيات وتحقيق إنتعاش إقتصادي مستدام، بما في ذلك إستيعاب العدد المتزايد من اللاجئين العائدين».
ولفت البيان إلى «أن السلطات السورية تحرص على إستعادة النمو الإقتصادي وتحسين مستويات معيشة الشعب، وتعتزم إتباع سياسات إقتصادية سليمة».
وتابع: «في هذا الصدد، ركّزت مناقشات البعثة على أولويات بناء السياسات والمؤسسات على المدى القريب، بما في ذلك: إعتماد موازنة لما تبقى من العام 2025، وتحديد الموارد المحلية والخارجية المتاحة، وضمان تلبية إحتياجات الإنفاق ذات الأولوية، بما في ذلك رواتب الموظفين الحكوميين، والخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، ومساعدة الشرائح الأكثر ضعفاً من السكان، وتحسين تعبئة الإيرادات، من خلال تحديث نظام الضرائب والجمارك، وتعزيز إدارة الضرائب والجمارك، ووضع كلتيهما تحت إشراف وزارة المالية، وتعزيز الإدارة المالية العامة لتحسين تنفيذ الميزانية ورصدها، وتمكين البنك المركزي من ضمان إستقرار الأسعار وإستعادة الثقة في العملة الوطنية، وإعتماد إطارٍ للسياسة النقدية مناسب لتحقيق ذلك، وإعادة تأهيل أنظمة الدفع والخدمات المصرفية، مع تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ لتحسين كفاءة المعاملات، وإعادة بناء الثقة في البنوك، وإعادة تشغيل الوساطة المالية، والسماح بإعادة الإتصال بالنظام المالي الدولي، ومعالجة العقبات المباشرة التي تعترض تنمية القطاع الخاص القائم على السوق، وتحسين مناخ الإستثمار، وتعزيز جمع البيانات ومعالجتها ونشرها، بمعزل عن التخطيط الاقتصادي، لضمان توفر بيانات كافية لدعم صياغة السياسات وتقييمها».
ورأى صندوق النقد الدولي أن السلطات السورية ستحتاج إلى دعم دولي قوي لجهودها، ويشمل ذلك دعماً مالياً بشروط ميسَّرة للغاية، بالنظر إلى القيود المالية والإقتصادية الخارجية التي تواجهها سوريا، ومساعدة واسعة النطاق في تنمية القدرات لتعزيز المؤسسات الإقتصادية وتحديث التقنيات والأنظمة القديمة.
وأفاد البيان: «أكدت البعثة إلتزام صندوق النقد الدولي دعم سوريا في هذه الجهود. وإستناداً إلى نتائج البعثة، يعمل موظفو الصندوق على وضع خريطة طريق مفصَّلة لأولويات السياسات وبناء القدرات للمؤسسات الاقتصادية الرئيسية، لا سيما وزارة المالية والبنك المركزي وهيئة الإحصاء. وسينسّق الموظفون بشكل وثيق مع شركاء التنمية الآخرين في صوغ هذه الخريطة، وضمان الدعم الفعّال للسلطات السورية، مع مراعاة القيود على الطاقة الإستيعابية».
«فيتش»: البنوك التركية تواجه مخاطر جرّاء إرتفاع الفائدة
وزير المالية محمد شيمشيك وعد بزيادة الرفاه وحصد ثمار البرنامج الإقتصادي في العام 2026
حذّرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني بأن البنوك التركية تُواجه إرتفاعاً في تكلفة المخاطر، وتباطؤاً في تعافي صافي هامش الفائدة؛ نتيجة تشديد السياسة النقدية من البنك المركزي إستجابة لتقلُّبات السوق المالية، وتوقعت خفض سعر الفائدة إلى 33 % في نهاية العام 2025.
فيما عدّ وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشيك، أن البرنامج الإقتصادي الذي نفذته الحكومة قضى على الصعوبات الإقتصادية، لافتاً إلى أن الحل الدائم للحصول على التمويل ممكن عبر خفض التضخُّم.
وحذّر تقرير من وكالة «فيتش» بأن إستمرار تقلّبات السوق في تركيا، أو أي تغيير في إتجاه السياسة النقدية لمصرفها المركزي، يزيدان من مخاطر إعادة تمويل البنوك. وشرح أن البنك المركزي التركي رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 46 %، وموّل البنوك من الشريحة العليا عند 49 %.
وفي أبريل (نيسان) 2025، تخلّى البنك المركزي التركي» عن دورة تيسير نقدي إستمرت 3 أشهر وعاد إلى تشديد سياسته، رافعاً سعر الفائدة الرئيسي بواقع 350 نقطة أساس من 42.50 إلى 46 %، على خلفية إضطرابات في الأسواق المالية؛ بسبب تظاهرات وإحتجاجات عنيفة صاحبت إعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، الذي يُعدّ أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان السياسيين.
تقلُّبات الأسواق
وكتب مدير الخدمات المصرفية في وكالة «فيتش»، أحمد إيمرا كيلينتش، في التقرير الذي نشرته وسائل إعلام تركية مؤخراً: «نتوقع إنخفاض سعر الفائدة إلى 33 % في نهاية العام 2025، لذلك نعتقد أن هامش صافي الفائدة للبنوك سيتحسن، ولكن هذا التحسُّن أقل مقارنةً بتوقعاتنا في بداية العام الجاري».
وأشار التقرير إلى أن توقعات البنوك التركية تتأثر بتطورات السوق المحلية والرسوم الجمركية العالمية، وكان متوقعاً أن تحظى هوامش فوائدها بدعم مع إستمرار إنخفاض أسعار الفائدة قبل مارس (آذار) 2025، إلاّ أن هذا التوقع تأخر قليلاً بسبب تقلبات السوق المحلية.
وأفاد التقرير: «بدأنا مراقبة جودة أصول البنوك التركية عن كثب خلال النصف الثاني من العام 2025، ونعتقد حالياً أن مخاطر جودة الأصول قابلة للإدارة بالنسبة إلى البنوك، ونحافظ على توقعاتنا المحايدة حيال مستقبلها في بداية العام المقبل (2026)».
وأوضح كيلينتش من جهته أن «تقييم بيئة التشغيل للقطاع المصرفي إيجابي، ونحافظ عليه أيضاً، وقد تكون الربحية أفضل هذا العام (2025). ومع ذلك، نعتقد أن التقلُّبات الأخيرة في السوق قد أثّرت سلباً على هذا الاتجاه الإيجابي. ونتيجة هذا التقلب، إرتفعت علاوة مخاطر الائتمان لـ5 سنوات في تركيا، لكنها إنخفضت مرة أخرى لتصل إلى مستوى 300 نقطة أساس»، مشدّداً على أن زيادة حجم الديون الخارجية قصيرة الأجل للبنوك في تركيا تُبقي خطر إعادة التمويل، وقال: إن هذا ليس جديداً، مؤكداً أهمية الوصول إلى السوق في هذه المرحلة.
وعود من الحكومة
في الوقت ذاته، وعد وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشيك، الأتراك بتحقيق الرفاه وتخطي جميع الصعوبات في العام المقبل (2026).
وقال: إن تركيا نفّذت برنامجاً قوياً رغم الصعوبات الإقتصادية العالمية، و«قد تجاوزنا أصعب فترة، وباتت الصعوبات خلفنا»، مضيفاً: «نرى أن المرحلة التي نمر بها تُمثل فرصةً مهمة ليس فقط لإدارة المخاطر، بل أيضاً لتنفيذ تحوُّلات هيكلية بغية أن تجعل إقتصادنا أكثر تنافسية… نبني الآن أسس نمو مستدام وشامل يتجاوز التقلبات قصيرة الأجل، وسيشهد العام 2026 مزيداً من الإزدهار، وستتسع فيه الفرص، وتتعزز فيه الثقة بالإقتصاد».
لإعمار بفضل أدائها المالي القوي وإيراداتها المتنامية
أعلنت إعمار العقارية، المدرجة في سوق دبي المالي تحت الرمز (EMAAR)، وهي من أبرز شركات التطوير العقاري الرائدة على مستوى العالم، عن قيام كل من وكالتي «ستاندرد آند بورز غلوبال» و«موديز» للتصنيفات الإئتمانية برفع التصنيف الإئتماني طويل الأجل للشركة، ما يرسّخ مكانة إعمار كشركة رائدة في السوق لما تتمتّع به من إستقرار مالي ومرونة إستراتيجية.
ورفعت «ستاندرد آند بورز» التصنيف الإئتماني طويل الأجل لإعمار من درجة BBB إلى درجة BBB+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما رفعت «موديز» التصنيف الإئتماني طويل الأجل للشركة من درجة Baa2 إلى درجة Baa1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس الأسس المالية الراسخة لإعمار، وأداءها المستقر، وتوجُّهها الإستراتيجي السليم. كما شمل هذا التحديث للتصنيف الائتماني لإعمار من وكالتي «ستاندرد آند بورز» و«موديز» الديون الممتازة غير المضمونة للشركة.
الإقتصاد العالمي يتجه نحو أضعف أداء له منذ العام 2008
خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.3 % في العام 2025، أي أقل بنحو نصف نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات السابقة في مطلع العام الحالي (2025)، ليصل إلى أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، بإستثناء فترات الركود؛ وذلك بسبب تصاعد التوترات التجارية وتفاقم حالة عدم اليقين السياسي.
وبحسب أحدث تقرير صادر عن البنك بعنوان «الآفاق الإقتصادية العالمية»، فقد أسفرت الإضطرابات عن خفض توقعات النمو في نحو 70 % من إقتصادات العالم، بغض النظر عن مناطقها الجغرافية أو مستويات دخلها.
ورغم أن خطر الركود العالمي ليس وشيكاً، فإنّ توقعات البنك تشير إلى أن متوسط نمو الإقتصاد العالمي خلال السنوات السبع الأولى من هذا العقد سيكون الأضعف منذ ستينيات القرن الماضي.
وقال إندرميت جيل، كبير الإقتصاديين ونائب الرئيس الأول لإقتصادات التنمية في مجموعة البنك الدولي: «خارج آسيا، يتحوّل العالم النامي إلى منطقة خالية من التنمية، لقد كان هذا يُسوّق لنفسه لأكثر من عقد من الزمان. وقد إنخفض النمو في الإقتصادات النامية بشكل حاد على مدى ثلاثة عقود، من 6 % سنوياً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 5 % في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، إلى أقل من 4 % في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وهذا يُشابه مسار نمو التجارة العالمية، الذي إنخفض من متوسط 5 % في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى حوالي 4.5 % في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، إلى أقل من 3 % في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين. كما تباطأ نمو الإستثمار، لكن الدين إرتفع إلى مستويات قياسية».
ويُتوقع أن يتباطأ النمو في ما يقرب من 60 % من جميع الإقتصادات النامية هذا العام (2025)، ليصل متوسطه إلى 3.8 % في العام 2025، قبل أن يرتفع تدريجاً إلى متوسط 3.9 % خلال عامي 2026 و2027، وهذا أقل بأكثر من نقطة مئوية من متوسط العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
إطلاق مركز عربي – صيني لدعم ريادة الأعمال والإبتكار
الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، الدكتور خالد حنفي خلال ترؤسه لجلسة بعنوان: “المناطق الصناعية الصينية – العربية”
أعلن الأمين العام لإتحاد الغرف العربية، الدكتور خالد حنفي، خلال ترؤسه لجلسة بعنوان: «المناطق الصناعية الصينية – العربية»، في حضور شخصيات عربية وصينية رفيعة المستوى ووفود لعدد كبير من الدول العربية، وذلك ضمن أعمال المؤتمر العربي – الصيني الحادي عشر الذي عقد في مقاطعة هاينان الصينية لمدة ثلاثة أيام، عن تبنّي فكرة إنشاء حدائق صناعية وتكنولوجية صينية – عربية مشتركة في مختلف الدول العربية، تتمتع بمواقع إستراتيجية بالقرب من الموانئ والمراكز اللوجستية، وذلك على غرار ما تنفّذه شركة «تيدا» الصينية ضمن المنطقة الإقتصادية لقناة السويس في مصر»، مشيراً إلى «أنّ هذه المبادرة ترتكز على إحتضان المواهب العربية ودمجها مع الخبرات الصينية في مختلف المجالات، وتعتبر بمثابة البنية التحتية اللازمة لهذه الحدائق».
ولفت الدكتور خالد حنفي إلى أنّه «سيتم تخطيط هذه الحدائق بدقة متناهية، مع وضع خطة رئيسية شاملة لكل موقع، تضم مجموعة متنوّعة من الوحدات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، مترابطة عبر نظام مدخلات ومخرجات، مما يعزّز الروابط الأمامية والخلفية، حيث سيتم ربط كل مجمع بغيره في المنطقة العربية والصين، مما يُنشئ شبكة تعاونية ترتكز في كل مجمع على أربع ركائز أساسية هي: وحدة التدريب والتطوير: تُركز على التأهيل الفني والتوجيه الثقافي لجميع العاملين في المجمع، وحدة إستخبارات السوق: إستخدام البيانات الضخمة والتحليلات لدراسة الأسواق الحالية والمستهدفة، وتحديد احتياجات السوق. وحدة البحث والتطوير: مُخصصة لتكييف المنتجات مع أسواق محددة وتشجيع الإبتكار، وحدة التمويل: إجراء دراسات الجدوى المالية لتسهيل حصول جميع الوحدات داخل المجمع على التمويل».
وأوضح الدكتور خالد حنفي «أنّ هذه الحدائق INDUSTRIAL PARK، ستكون بمثابة مشاريع عربية – صينية مشتركة، مع وحدات صغيرة تعمل كحاضنات لتعاون رواد الأعمال والمبتكرين من كلا المنطقتين»، مشيراً إلى أنّ «إنشاء هذه الحدائق وإنتشارها في جميع أنحاء المنطقة العربية سيُعزز بشكل كبير التجارة والإستثمار والتبادل المستدامين بين الدول العربية والصين، كما يُمكن لهذه المبادرة أن تخفف من العديد من المخاطر المرتبطة بالحروب التجارية، وتسهل الدخول إلى أسواق جديدة».
وإقترح د. حنفي «أن يلعب إتحاد الغرف العربية، بالتعاون مع شركائه، دوراً هاماً في دفع هذا المسعى العربي – الصيني المشترك».
مائدة مستديرة لمنظمات ترويج التجارة العربية الصينية
وكان قد ألقى الدكتور خالد حنفي كلمة في إجتماع المائدة المستديرة لمنظمات ترويج التجارة الصينية العربية، فأكد «أنّ القطاع الخاص الصيني حقق في السنوات الأخيرة نجاحات كبيرة جداً، وقد أصبحت هناك نماذج صينية للقطاع الخاص لم تكن معروفة في السابق، كما أصبحت الآن الصين نقطة جاذبة ومحورية للتجارة الحرة والتعاون الدولي، وهذا أمر بارز وهام جداً، حيث أبدت القيادة السياسية الصينية اليوم مع القطاع الخاص الصيني رغبة كبيرة جدا بتحرير التجارة والانفتاح على جميع دول العالم. ونحن في المنطقة العربية نؤمن تماماً بحرية التجارة والإنفتاح، خصوصاً في ظل الدعوات العالمية اليوم للإنفتاح لا إلى الإنغلاق، ومن هذا المنطلق فإننا نمد أيدينا إلى الصين وإلى القطاع الخاص الصيني لكي نقدم نموذجاً جديداً يُحتذى به في العمل العربي – الصيني المشترك».
وأكّد الدكتور خالد حنفي «أنّ المنطقة العربية هي رابع شريك تجاري بالنسبة إلى الصين بعد الولايات المتحدة ودول الآسيان والإتحاد الأوروبي»، كاشفاً عن «تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين العربي والصيني 400 مليار دولار في العام 2024، وهذا الرقم البارز والمركز جاء نتيجة إرتفاع حجم التبادل التجاري بنسبة 1000 % بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عقدين من الزمن»، لافتاً إلى «أننا في العالم العربي جاهزون ومستعدون لزيادة هذا الرقم إلى مستوى أعلى وأكبر ليتجاوز 600 مليار دولار في السنوات المقبلة، لنصبح الشريك التجاري الأول بالنسبة إلى الصين، مثلما تعتبر الصين الشريك التجاري الأول بالنسبة الى العالم العربي».
الدكتور خالد حنفي إلى جانب شخصيات عربية وصينية رفيعة المستوى ووفود عربية ضمن أعمال المؤتمر العربي – الصيني الحادي عشر الذي عقد في مقاطعة هاينان الصينية
مصرف الإمارات للتنمية يطلق منصّة EDB 360 الرقمية لتمكين رواد الأعمال
في اليوم الأخير من منتدى «إصنع في الإمارات»، أطلق مصرف الإمارات للتنمية، المحرّك المالي الرئيسي لأجندة التنويع الإقتصادي والتحوّل الصناعي في دولة الإمارات، المنصّة المصرفية الرقمية المبتكرة EDB 360، التي تشكل نقلة نوعية في عالم الأعمال المصرفية، وتقدم نموذجاً جديداً في تمكين رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة من النمو والتطور المستمرين.
وتُتيح منصة EDB 360، التي تقدم خدماتها عبر تكامل ذكي مع الجهات الحكومية بشكل مجاني ومن دون الحاجة للحدّ الأدنى من الرصيد، فتح الحسابات خلال دقائق معدودة بدلاً من أيام، لتوفر تجربة مصرفية سهلة وسريعة ومرنة تتجاوز المفاهيم التقليدية، وتمنح أصحاب الشركات الناشئة الوقت والتركيز الكاملين لتطوير أعمالهم، والذي كان ليُهدر في إنجاز المعاملات ومتابعة الإجراءات الخاصة بهم.
وقال أحمد محمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية: «رؤية المصرف الإستراتيجية تقوم على التفكير المستقبلي لتوفير حلول مبتكرة تتجاوز التحديات الآنية، وتمكّن القطاعات من الإرتقاء بأعمالها التي تُسهم في تحقيق النمو المستدام للإقتصاد الوطني».
وأضاف النقبي: «مهمة المصرف لا تقتصر على تقديم التمويل فقط، بل تتعدّاه لإبتكار ممكنات نمو الشركات، عبر مساعدتها لتحويل أفكارها الإبداعية إلى مشاريع ذات عوائد إقتصادية مهمة. ومنصة EDB 360 الرقمية تعكس هذا التوجه، لأنها مصمّمة لتزويد رواد الأعمال بالمشورات الصحيحة لإتخاذ أفضل القرارات، إضافة إلى توفير التمويل والأدوات والدعم الذي يحتاجونه لبناء أعمالهم بثقة وسرعة تتناسب مع طموحاتهم وتطلعاتهم».
وتمكّن المنصّة روّاد الأعمال العاملين في القطاعات الحيوية من أدوات ودعم وخيارات تمويلية مرنة، تُعزّز نموهم وتُسهم في تحقيق رؤية الدولة الإقتصادية، كما تقدم عبر تطبيق موحّد، خدمات مبتكرة تتركز في إدارة شؤون الرواتب، وإصدار الفواتير، والمدفوعات، ومراقبة التدفقات النقدية، إلى جانب باقة متنوّعة من الخدمات ذات القيمة المضافة، بما في ذلك تكاملات ذكية مع منصات التكنولوجيا المالية (فينتك) وخدمة «الكونسيرج من EDB» التي توفّر المشورة الفورية لمرحلتَي التأسيس والنمو، واللتين تعدّان ذات أهمية كبيرة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
جمعية البنوك اليمنية تنتخب قيادة جديدة برئاسة سنكر والهمداني
وتعتمد عدن مقراً رئيسياً لها
شهد المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في مدينة عدن، إنعقاد الإجتماع الإنتخابي الموسّع لجمعية البنوك اليمنية، وذلك لإختيار هيئة إدارية جديدة، في حضور ممثلي البنوك العاملة تحت إشراف البنك المركزي، وبمتابعة من وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل.
وقد أسفرت الإنتخابات عن تشكيل هيئة إدارية جديدة مكوّنة من 11 عضواً، بالإضافة إلى لجنة رقابة وتفتيش ثلاثية، حيث تم إنتخاب الدكتور أحمد علي بن سنكر، المدير العام للبنك الأهلي اليمني، رئيساً للهيئة، وحاشد الهمداني، الرئيس التنفيذي لبنك التسليف التعاوني والزراعي، أميناً عاماً.
وضمّت الهيئة التنفيذية أيضاً عبد السلام الوردي (الرئيس التنفيذي لبنك القطيبي)، مديراً مالياً، وعمرو محمد مهيوب (رئيس قطاع الأعمال ببنك الكريمي)، مسؤول القيد والمتابعة وشؤون الفروع في الجمعية، وبشير سلطان (ممثل بنك التضامن الإسلامي)، مسؤول الشؤون الفنية،
وحسين السري (نائب المدير العام لبنك عدن الأول)، مسؤول الثقافة والعلاقات العامة، ومحمد عبد الولي (ممثل بنك سبأ الإسلامي)، مسؤول التقييم المهني ورعاية حقوق الأعضاء،
بالإضافة إلى أربعة أعضاء آخرين من مختلف البنوك.
كما أقرّ الإجتماع إعادة صوغ النظام الأساسي للجمعية وتقديمه إلى وزارة الشؤون الإجتماعية للمصادقة، إلى جانب خطة لتوسيع العضوية، والعمل المشترك مع البنك المركزي في صوغ السياسات النقدية بما يخدم الإقتصاد الوطني.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتحسين كفاءته التشغيلية، بما يُسهم في تعزيز الإستقرار المالي ودعم التعافي الإقتصادي.
مرشح موريتانيا يفوز برئاسة أكبر مؤسسة مالية للتنمية في أفريقيا
سيدي ولد تاه رئيساً لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية
إنتُخب وزير الاقتصاد الموريتاني السابق سيدي ولد تاه رئيساً للبنك الأفريقي للتنمية، أكبر مؤسسة مقرضة في القارة، خلفًا للنيجيري أكينوومي أديسينا، ومسؤولاً عن معالجة مسألة توقف التمويل الأميركي للمؤسسة.
وخضع أديسينا لست جولات تصويت ليصبح «المصرفي العملاق» في أفريقيا في العام 2015، لكن تاه، البالغ من العمر 60 عاماً، فاز بالمنصب المرموق في ثلاث جولات فقط، محققاً فوزاً كاسحاً بنسبة 76.18 % من الأصوات.
ويُعدّ الإجتماع السنوي لرؤساء الدول والمسؤولين الماليين، الذي عقد هذا العام (2025) في مدينة أبيدجان الإيفوارية، أحد أكبر الإجتماعات المالية في القارة.
وتنافس خمسة مرشحين من جنوب أفريقيا والسنغال وزامبيا وتشاد وموريتانيا على خلافة أديسينا، الذي سيتنحى في سبتمبر/ أيلول 2025، بعد أن قضى فترتين، مدة كل منهما خمس سنوات، وهو الحد الأقصى.
وحلّ الإقتصادي الزامبي صموئيل مايمبو ثانياً بفارق كبير، إذ حصل على 20.26 % من الأصوات، بينما جاء السنغالي أمادو هوت ثالثًا بنسبة 3.55 %.
وكان على الفائز أن يحصل على غالبية أصوات جميع الدول الأعضاء وعددهم 81، وغالبية أصوات الدول الأفريقية الـ54 الأعضاء في البنك الأفريقي للتنمية.
وحصل تاه، الذي ترأس المصرف العربي للتنمية الإقتصادية في أفريقيا لمدة عشر سنوات، على 72.37 % من الأصوات الأفريقية.
4.2 تريليون دولار القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية في نهاية العام 2024
بلغ مجموع القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية في نهاية العام 2024 نحو 4.2 تريليون دولار، وفق ما أظهرت أحدث الإحصاءات الصادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج.
وسجل المؤشر العام المركب لأسواق المال في دول مجلس التعاون لدول الخليج، الذي يقيس أداء أسواق المال الخليجية كتكتل، في العام 2024، نمواً طفيفاً بنسبة 0.7 %.
وشهد مجموع القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية تراجعاً بنسبة بلغت 4.4 % مقارنة بنهاية العام 2023؛ وشكل نحو 3.5 % من إجمالي القيمة السوقية لأسواق المال العالمية في العام 2024.
إرتفاع صفقات الدمج والإستحواذ في المنطقة إلى 46 مليار دولار
من جهة أخرى، سجّلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أداءً قوياً في أسواق الدمج والإستحواذ خلال الربع الأول من العام 2025، بإجمالي 225 صفقة بلغت قيمتها 46 مليار دولار، وفق تقرير صادر عن شركة «إرنست ويونغ» (EY). ويمثل هذا الرقم إرتفاعاً بنسبة 31 % في عدد الصفقات و66 % في القيمة مقارنة بالربع الأول من العام 2024.
وشكّلت الصفقات العابرة للحدود المحرك الرئيسي لنشاط الدمج والإستحواذ في المنطقة، حيث سجلت 117 صفقة بقيمة 37.3 مليار دولار، أي ما يعادل 52 % من إجمالي عدد الصفقات و81 % من القيمة الإجمالية، وهو أعلى مستوى لها خلال خمسة أعوام، مدفوعة برغبة الشركات في التوسع خارج أسواقها المحلية وتنويع مصادر دخلها.
البنك الدولي: رؤية عُمان 2040 نموذج يُحتذى في التنويع والإستدامة
على صعيد غير متصل، أشاد البنك الدولي بتوجهات رؤية عُمان 2040 الرامية إلى تحقيق الإستدامة والتكامل مع الإقتصاد العالمي، معتبراً أن الإصلاحات الإقتصادية التي إنتهجتها سلطنة عُمان تمثل نموذجاً يُحتذى به في مساعي التنويع الإقتصادي.
وأوضح البنك الدولي، أن الرؤية تولي إهتماماً كبيراً بتطوير رأس المال البشري وتحسين جودة التعليم، كما تعمل على ترسيخ ثقافة البحث والإبتكار، حيث أطلقت برامج جديدة لتمويل البحوث وتحويل الأفكار إلى منتجات قابلة للتسويق، وإنشاء مجمعات للإبتكار وحاضنات أعمال لإحتضان المشاريع الناشئة وتحويل مشاريع الطلبة إلى منتجات تجارية. كما يحصل رواد الأعمال الشباب على دعم من خلال مبادرات تمويل وتدريب بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأكد البنك الدولي أن سلطنة عُمان نفّذت إصلاحات تنظيمية كبرى لتحفيز نمو القطاع الخاص وإستقطاب الإستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أنها محورية في جذب الإستثمارات وتعزيز دور القطاع الخاص، كما أولت إهتماماً كبيراً بتحديث الموانئ والمطارات والمناطق الحرة.
البنوك السعودية تُسجل أرباحاً تاريخية غير مسبوقة في الربع الأول من العام 2025
5.94 مليار دولار وبنمو 19 % بدعم من توسع الإقراض و«رؤية 2030»
حققت البنوك السعودية إنجازاً غير مسبوق بتسجيلها أرباحاً ربعية قياسية خلال الربع الأول من العام الحالي 2025، لتصل إلى 5.94 مليار دولار (22.26 مليار ريال). يمثل هذا الرقم نمواً لافتاً بنسبة 19 % مقارنة بالربع المماثل من العام 2024، بزيادة قدرها 965 مليون دولار (3.62 مليار ريال)، مؤكدةً بذلك قوة ومتانة القطاع المصرفي السعودي ودوره المحوري بوصفه محرّكاً للإقتصاد الوطني.
ونما صافي أرباح جميع المصارف العشرة المدرجة في السوق السعودية خلال الربع الأول، مما يعكس الأداء المالي القوي للقطاع بشكل عام.
وتصدَّر «البنك الأهلي» قائمة أعلى صافي الأرباح مسجلاً 6.02 مليار ريال، بنسبة نمو 19.48 % عن الربع الأول من العام الماضي 2024.
وجاء «الراجحي» في المرتبة الثانية من حيث صافي الأرباح، محقّقاً أعلى نسبة نمو بين المصارف بلغت 34 %، حيث تخطت أرباحه 5.9 مليار ريال. بينما حلّ بنك «الرياض» ثالثاً، مسجّلاً أرباحاً بلغت 2.48 مليار ريال بنسبة نمو 19.94 في المائة.
الإيرادات التشغيلية
وعزا محلل الأسواق المالية وعضو «جمعية الإقتصاد» السعودية، الدكتور سليمان آل حميد الخالدي، هذا الأداء الربحي التاريخي إلى أسباب رئيسية عدة، مشيراً أن التوسُّع في الإقراض والتمويل عبر محافظ البنوك، وإرتفاع صافي الدخل من العمولات والإيرادات التشغيلية، بالإضافة إلى تراجع بند المخصصات لدى البنوك، كانت عوامل حاسمة في تحقيق هذه الأرباح.
إرتفاع الإئتمان المصرفي في السعودية إلى 832 مليار دولار
من جهة أخرى، ارتفع إجمالي الائتمان المصرفي في السعودية إلى 3.12 تريليون ريال (832 مليار دولار) في نهاية أبريل (نيسان) 2025، مسجّلاً أعلى مستوى له على الإطلاق، بزيادة نسبتها 16.4 % على أساس سنوي، مقارنة مع 2.68 تريليون ريال (714 مليار دولار)، وذلك وفق بيانات النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي السعودي (ساما).
وعلى أساس شهري، زاد الإئتمان المصرفي بنسبة 4 %، حيث كان قد بلغ 3.1 تريليون ريال (826 مليار دولار) في مارس (آذار) 2025.
وأظهرت البيانات أن قروض الأفراد إستحوذت على الحصّة الأكبر من إجمالي الإئتمان المصرفي حسب النشاط الإقتصادي بمبلغ 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار)، مقارنة مع 1.2 تريليون ريال (320 مليار دولار) في الفترة المماثلة من العام الماضي (2024).
وسجلت الأنشطة العقارية مبلغ 375.2 مليار ريال، وجاء نشاط تجارة الجملة والتجزئة في المرتبة الثالثة بمبلغ 211.8 مليار ريال، تلاه نشاط إمدادات الكهرباء والغاز والمياه بـ189.3 مليار ريال، ثم الصناعات التحويلية بـ187.8 مليار ريال.
كما بلغ حجم الائتمان الموجه إلى الأنشطة المالية وأنشطة التأمين 159.8 مليار ريال، في حين سجّلت الأنشطة الأخرى 154.7 مليار ريال، وسجل نشاط التشييد مبلغ 133.5 مليار ريال.
إحتياطي النقد الأجنبي في العراق يتخطّى حاجز 100 مليار دولار
أعلن البنك المركزي العراقي أن إحتياطي النقد الأجنبي في العراق تجاوز 100 مليار دولار، بالإضافة إلى إمتلاك العراق إحتياطاً كبيراً من الذهب يتجاوز 163 طنًا.
وقال مدير عام دائرة الاستثمارات في البنك المركزي العراقي، محمد يونس: «إن السيولة المالية في العراق متوافرة بالكامل، سواء بالدينار العراقي أو الدولار الأميركي، ولا يوجد أي نقص في هذا الجانب»، مشيراً إلى «أن البنك المركزي ليس جهة إستثمارية، بل يُعنى بإدارة إحتياطات النقد الأجنبي في العراق».
وأشار يونس إلى «أن الهدف من إحتياطات النقد الأجنبي ليس تحقيق الأرباح، بل ضمان تحقيق عوائد معقولة»، مؤكداً «أن الإحتياطي يُدار وفق سياسات مدروسة تستند إلى معايير أمان عالية، ويُستثمر في أدوات مالية آمنة تحقق عوائد مقبولة»، معتبراً «أن العراق يسير في مسار إقتصادي جيد».
مجلّة «كمبريدج» تختار البروفيسور صادق الشمري إختارت مجلة «كمبريدج» البروفيسور صادق راشد الشمري رئيس مجلس إدارة مصرف الناسك الإسلامي للإستثمار والتمويل نائب رئيس تحرير المجلة، الشخصية المصرفية الدولية.
وذكرت رئيسة مجلس إدارة المجلة الدكتورة حفصة محمد الغريب، أن المجلة تعود إلى كلية كامبريدج البريطانية الدولية، «وقد صدر العدد الجديد للمجلة والذي يحمل الرقم 46، وهي الإسم اللامع في سماء العلم والمعرفة، بعدما إستطاع مركزنا «مركز كامبريدج للبحوث والمؤتمرات» أن يُبحر في أعماق التميُّز والتعاون المثمر، وهو يُعبّر عن هويتنا الثقافية والعلمية، التي نفخر بحملها ضمن مراكز بحثية عربية وعالمية، حيث إستطعنا مواكبة هذا التقدُّم العلمي والتكنولوجي الكبيرين لنقوم من خلاله في خدمة الباحثين العرب من أكاديميين وطلبة دراسات عليا بحاجة إلى نشر بحوثهم بغية تحقيق طموحاتهم في رفد المكتبة العربية والعالمية بكل ما هو جديد»، مثنية على «الجهد الذي يبذله كادر المجلة من رئيس تحرير وأعضاء اللجان العلمية الذين كانت جهودهم ملموسة من خلال هذا العطاء المميّز. فتحيّة لكل الباحثين العرب الذين يحرصون على نشر بحوثهم في مجلتنا ومن خلال جهد ملموس من الدكتور إدريس الحمداني رئيس التحرير، الذي عبره تم مدّ جسور التعاون مع الجامعات بهدف خدمة العلم والعلماء وفق الهدف الذي من أجله تأسس مركزنا البحثي».
تسهيلات إئتمانية جديدة بقيمة 4.5 مليارات ريال قطري مع البنوك المحلية القطرية
إتفاقية شراكة مميّزة بين مجموعة QNB والخطوط الجوية القطرية
أبرمت الخطوط الجوية القطرية، للمرة الأولى منذ 28 عاماً، إتفاقية تاريخية مع البنوك القطرية الرائدة، بقيادة مجموعة QNB والتي بموجبها، ستقدم هذه المصارف للناقلة القطرية تمويلاً قدره 4.5 مليارات ريال قطري في تمويل إستراتيجي.
وتولت مجموعة QNB قيادة التسهيل الإئتماني بصفته المدير الحصري لسجل الإكتتاب (Book Runner)، والمنسّق العالمي (Global Coordinator)، والمنظّم الرئيسي المفوّض الأول (Initial Mandated Lead Arranger)، والبنك المُهيكل للصفقة (Structuring Bank). وتشمل المصارف المقرضة البنك الأهلي، وبنك الريان، البنك التجاري القطري، وبنك الدوحة، وبنك دخان، ومصرف قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي.
وفي سياق متصل، يشهد هذا الإتفاق الجديد إتباع نهج مبتكر يتم بموجبه تقديم التسهيلات الإئتمانية من قبل البنوك المحلية بالريال القطري، بالتوافق مع المصارف التجارية والإسلامية، وتماشياً مع جميع الشروط التجارية وفق المعايير الدولية لهذا النوع من إتفاقيات التمويل الإستراتيجي.
وقال بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: «تعكس الشراكة الأخيرة للخطوط الجوية القطرية والقائمة على أهداف إستراتيجية ثقتنا في التميُّز التشغيلي للقطاع المصرفي القطري. كما يشرفنا التعاون مع البنوك الرائدة في قطر مع إستمرارنا في تعزيز إلتزامنا تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030. ونشكر المؤسسات المالية التي لعبت دوراً حيوياً في رسم طريق رحلتنا، مقدّمةً الدعم الذي ساهم في تشكيل مسيرتنا المميزة. ونعتقد أن مثل هذه الشراكات القوية والمرنة تظل ضرورية لدفع عجلة الإبتكار في قطاع الطيران وتعزيز نطاق الربط الجوي العالمي».
وقال عبد الله مبارك آل خليفة، الرئيس التنفيذي لمجموعةQNB : «يسعدنا أن يتم إختيارنا من قبل الخطوط الجوية القطرية لتأدية هذا الدور البارز، حيث يؤكد هذا التعيين خبرة البنك في هيكلة الحلول التمويلية المعقّدة، وإلتزامه دعم أهداف النمو لعملائنا ودعم رؤية قطر الوطنية 2030».
بنك الكويت الدولي يتصدّر قائمة أسرع البنوك المدرجة في البورصة الكويتية نمواً
في صافي الأرباح بمعدّل نمو بلغ 19.9 % وبنك وربة يحل ثانياً بمعدّل نمو 16.4 %
كشفت قائمة «First Bank» للبنوك المدرجة في البورصة الكويتية الأسرع نمواً في صافي الأرباح خلال الربع الأول من العام 2025، عن تصدُّر بنك الكويت الدولي للقائمة، بمعدّل نمو بلغ 19.9 %، لتصل أرباحه الصافية إلى 7.37 مليون دينار كويتي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025، مقابل 6.15 مليون دينار كويتي في الفترة عينها من العام 2024.
وأفصحت القائمة التي شملت كافة البنوك المدرجة في بورصة الكويت، والبالغ عددها 9 بنوك، عن تحقيق 5 منها معدّلات نمو إيجابية، في حين شهد 4 بنوك تراجعاً ملحوظاً في صافي أرباحهما خلال الربع الأول من العام 2025.
كذلك حصد بنك وربة المركز الثاني، حيث إرتفع صافي أرباحه بنحو 16.4 %، ليسجل 5.51 مليون دينار كويتي خلال الربع الأول من العام 2025، مقارنة بـ4.74 مليون دينار كويتي خلال الفترة عينها من العام 2024.
وجاء بنك بيت التمويل الكويتي ثالثاً، بفضل صعود صافي أرباحه بنحو 12.6 %، ليبلغ 189.4 مليون دينار كويتي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025، مقابل 168.2 مليون دينار كويتي في الفترة عينها من العام 2024.
كما حلّ بنك بوبيان في المركز الرابع، بعدما إرتفع صافي الربح لديه بحوالي 9.9 %، ليصل إلى 27.06 مليون دينار كويتي خلال الربع الأول من العام 2025، مقابل 24.62 مليون دينار كويتي خلال الفترة عينها من العام 2024.
وحلّ البنك الأهلي الكويتي خامساً، حيث قفز صافي أرباحه بنحو 7.8 %، ليسجل 15.77 مليون دينار كويتي خلال الربع الأول من العام 2025، مقارنة بـ14.64 مليون دينار كويتي خلال الفترة عينها من العام 2024.
يُشار إلى أن جميع القيم ومعدّلات النمو المذكورة، جاءت وفق القوائم المالية المجمّعة المُعلنة لكل بنك في نهاية مارس/آذار 2025.
البنك العربي يرعى فعّاليات النسخة الثالثة من منتدى «تواصل 2025»
قدّم البنك العربي أخيراً رعايته لفعّاليات النسخة الثالثة من منتدى «تواصل 2025» – حوار حول الواقع والتطلُّعات، والذي نظمته مؤسسة ولي العهد في مجمع الملك الحسين للأعمال، تحت رعاية سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد.
وشهد المنتدى حضوراً واسعاً بمشاركة نخبة من صنّاع القرار ورواد الأعمال والنشطاء الشباب والشابات، للمشاركة في حوارات تفاعلية هدفت إلى تبادل الأفكار والرؤى حيال القضايا الوطنية المهمة التي تحاكي واقع وتطلّعات الشباب والمجتمع الأردني.
وتضمّن المنتدى مجموعة من الجلسات الحوارية والتي تغطي مجموعة واسعة من المواضيع التي تهم مختلف فئات المجتمع وفي مقدّمها فئة الشباب، بما في ذلك التعليم المهني والتقني وريادة الأعمال والإقتصاد والفن والثقافة والسياحة. كما أتاح المنتدى الفرصة للشباب للتعبير عن آرائهم وطرح أفكارهم ومقترحاتهم لصنّاع القرار الذين قاموا بدورهم بمشاركة خبراتهم لإثراء النقاشات وتقديم وجهات نظر مختلفة.
وتأتي رعاية البنك العربي لهذا المنتدى في إطار حرصه الدائم على الإهتمام بفئة الشباب، من خلال دعم الفعّاليات والأنشطة التي تُسهم في بناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم القيادية لتعزيز دورهم في المجتمع وتمكينهم من المشاركة الإيجابية في مسيرة التنمية والتطوير.
وشارك البنك العربي في منتدى «تواصل 2025» من خلال جناح خاص بفئة الشباب الذي شمل مجموعة من الأنشطة التفاعلية التي هدفت إلى تحفيز الفكر الإيجابي لدى الشباب، وحثّهم على روح المبادرة والريادة، وشهد الجناح إقبالاً واسعاً من قبل الشباب الذين تفاعلوا مع مختلف الفعّاليات التعليمية والترفيهية.
تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية تصل إلى السياحة في مصر
متوسط إلغاء حجوزات السائحين الوافدين إلى مصر بلغ أكثر من 10 %
أثارت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران إضطرابات في قطاع السياحة المصري، إذ سجلت معدّلات إلغاء الحجوزات ما يزيد عن 10 % في المتوسط، بحسب عدد من مسؤولي كبريات الشركات العاملة في القطاع في مصر، مع شبه توقُّف في حجز الرحلات الجديدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي كانت تأمل فيه الحكومة نمو أعداد السائحين الوافدين إلى مصر بنحو 14 % في نهاية العام الجاري (2025) لتصل إلى 18 مليون سائح، بحسب ما قاله مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري مؤخراً.
وقال مسؤول في إحدى الشركات السياحية إنه «تم إلغاء أكثر من 10 % من الرحلات السياحية الوافدة لمصر من عدد من الأسواق»، مشيراً إلى «أن هذه النسبة مرشحة للإرتفاع الفترة المقبلة مع إستمرار إحتدام الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران».
السياحة الثقافية تتحمّل العبء الأكبر
تسبّبت الهجمات المتبادلة بين البلدين في إلغاء شركة مصر للطيران عدداً من الرحلات الجوية المتجهة إلى بعض من العواصم العربية منها عمّان، وبيروت، وأربيل، وبغداد. كما أدت إلى تعليق بعض شركات الطيران المحلية والإقليمية رحلاتها إلى مطارات أخرى في المنطقة.
ويُعد قطاع السياحة، واحداً من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، وقد قفزت إيرادات مصر السياحية 9 % على أساس سنوي خلال العام 2024 لتسجل مستوى قياسياً جديداً، بلغ 15.3 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.
وقد سجلت مصر، التي تُعد إحدى أفضل أماكن قضاء العطلات في الشرق الأوسط بفضل منتجعاتها الشاطئية ورحلاتها البحرية على نهر النيل، زيادة في عدد السياح الوافدين إلى البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي (2025) بنسبة 25 %، على أساس سنوي، ليبلغ 3.9 مليون سائح، بحسب وزير السياحة والآثار شريف فتحي.
إتحاد بنوك مصر يعيّن عمرو يوسف القلش مديراً جديداً
ويشيد بجهود شريف جامع
أعلن إتحاد بنوك مصر عن تعيين عمرو يوسف القلش مديراً للاتحاد، متمنياً له التوفيق والنجاح في أداء مهامه الجديدة، ومواصلة مسيرة التطوير المؤسسي، ودعم الأهداف الإستراتيجية للإتحاد في تعزيز الإستقرار المالي والنمو المستدام للقطاع المصرفي المصري.
وفي السياق ذاته؛ تقدم الاتحاد بجزيل الشكر والتقدير لللمدير السابق شريف جامع، تقديراً لعطائه المخلص وإسهاماته القيّمة التي أثمرت عن تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات، طوال فترة توليه المنصب، وأسهمت في ترسيخ دور الإتحاد كمظلّة تنسيقية فعّالة للمصارف العاملة في مصر.
تواصل شهادات البنك الأهلي للعام 2025 جذب إهتمام المواطنين الباحثين عن أدوات إدّخارية توفر عائداً ثابتاً أو متغيّراً في ظل إستمرار حالة التذبذب في معدّلات التضخُّم وأسعار الفائدة.
ورغم قرار البنك المركزي المصري الأخير بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1 % خلال الإجتماع الأخير، إلاّ أن شهادات البنك الأهلي لا تزال توفر فرصاً إستثمارية بعوائد مناسبة مقارنة بما هو متاح في السوق.
ما هو أعلى عائد شهادات البنك الأهلي؟
أعلى شهادة إدّخارية يقدمها البنك الأهلي حالياً هي الشهادة البلاتينية ذات العائد المتدرّج السنوي، والتي تمنح عائداً يصل إلى 27 % في السنة الأولى، ثم 22 % في السنة الثانية، و17 % في السنة الثالثة، وهو ما يجعلها من أقوى العوائد التراكمية المتاحة حالياً في السوق.
كذلك، تبرز شهادة العائد المتغيّر بعائد ربع سنوي يصل إلى 24.25 % كأحد الخيارات المتميّزة رغم إرتباط العائد بسعر الفائدة المتغيّر المعلن من البنك المركزي.
ما هي الشهادات المتاحة في البنك الأهلي الآن؟
يعرض البنك الأهلي المصري حزمة متنوّعة من الشهادات الإدّخارية، لتناسب مختلف شرائح المجتمع، ومنها:
الشهادة البلاتينية ذات العائد المتدرج الشهري: في حد أدنى 1000 جنيه، ومدتها 3 سنوات، وتقدم عائداً تدريجياً يبدأ بـ 23 % في السنة الأولى، ثم 19 % في السنة الثانية، و15 % في السنة الثالثة.
الشهادة البلاتينية ذات العائد المتغيّر: توفر عائداً 24.25 % يُصرف ربع سنوي، وهي مرتبطة بتحركات أسعار الفائدة.
شهادة العائد الثابت 18.5 %: تُصرف شهرياً على مدار 3 سنوات، وتُعد من الخيارات المستقرّة للمستثمرين.
شهادة الخمس سنوات بعائد شهري: توفر عائداً سنوياً قدره 14.25 %، وتُعد من الشهادات طويلة الأجل المناسبة للمدّخرين.
شهادة أمان المصريين: تبدأ من فئة 500 جنيه وحتى 2500 جنيه فقط، بعائد 13 %، وتستهدف فئات العمالة غير المنتظمة.
كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك الأهلي في الشهر؟
عند إستثمار مبلغ 100 ألف جنيه في شهادة البنك الأهلي ذات العائد الثابت 18.5 % لمدّة 3 سنوات، فإن العائد الشهري يصل إلى نحو1541 جنيهاً يتم صرفه على مدار 36 شهراً، مما يُوفر مصدر دخل شهرياً إضافياً يُعزّز الميزانية الشخصية للمواطن بجانب الراتب أو المعاش.
ما هي الشهادات المتاحة في البنك الأهلي للعام 2025؟
في العام 2025، أتاح البنك الأهلي المصري مجموعة من الشهادات، أبرزها:
شهادات البنك الأهلي 2025 الثابتة والمتغيّرة.
الشهادات بعائد شهري أو سنوي.
شهادات بالدولار الأميركي.
وهذه التشكيلة الواسعة تؤكد تنوّع البنك في طرح منتجاته بما يتناسب مع إحتياجات مختلف العملاء.
شهادات البنك الأهلي للعام 2025
يُنظر إلى شهادات البنك الأهلي للعام 2025 بإعتبارها من أكثر الأوعية الإدّخارية مرونة وجاذبية في البنوك .
ويقدم البنك الأهلي شهادات بعائد ثابت يصل إلى 18.5 % شهرياً، إلى جانب شهادات متغيّرة لمواكبة تحركات السوق.
أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم
رغم المنافسة الشرسة بين البنوك في تقديم شهادات إدّخارية مرتفعة العائد، تظل شهادات البنك الأهلي للعام 2025 من بين الأعلى، خصوصاً مع وجود شهادة بعائد سنوي تراكمي يصل إلى 27 % في السنة الأولى، فضلاً عن شهادة العائد المتغيّر التي تصل إلى 24.25 %، وهي عوائد تفوق كثيراً من المنتجات المماثلة في بنوك أخرى.
أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم
تراوحت أسعار الفائدة على شهادات البنك الأهلي اليوم بين 13 % (في شهادة أمان المصريين) وحتى 27 % (في الشهادة السنوية المتدرجة)، وذلك وفق مدة الشهادة ونوع العائد، سواء ثابت أو متغيّر أو متدرّج.
ويتيح البنك الحد الأدنى لشراء الشهادات بدءاً من 1000 جنيه فقط، ما يسهّل على جميع فئات المجتمع الدخول في منظومة الإدخار.
شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري
تُعد شهادات العائد الشهري من أكثر الأنواع طلباً بين المواطنين، وتأتي شهادات البنك الأهلي للعام 2025 في مقدّمها، مثل الشهادة ذات العائد الثابت 18.5 %، أو الخماسية بعائد شهري 14.25 %.
شهادات البنك الأهلي بالدولار
يطرح البنك الأهلي المصري أيضًا شهادات ادخار بالدولار الأمريكي، بعوائد دولارية مستقرة، وهي مناسبة للمستثمرين الراغبين في الحفاظ على قيمة أموالهم بالعملة الأجنبية، وتُعد جزءًا مهمًا من تنويع محفظة البنك الإدّخارية.
هل شهادات البنك الأهلي تجدّد تلقائياً؟
تُجدّد شهادات البنك الأهلي تلقائياً بعد إنتهاء مدتها بالشروط عينها في كثير من الأحيان، إلاّ إذا قرّر العميل إيقاف التجديد أو سحب أمواله، ويُمكن تعديل شروط التجديد بناءً على رغبة العميل عند تاريخ الإستحقاق.
شهادات البنك الأهلي 30 %
رغم أن شهادات البنك الأهلي 30 % كانت قد طُرحت مؤقتًا خلال فترات إستثنائية، فإنها لم تعد متاحة حالياً، لكن البدائل المطروحة في شهادات البنك الأهلي للعام 2025 لا تزال تُوفّر عوائد مرتفعة، سواء كانت بعائد ثابت أو متدرّج أو متغيّر.
يؤكد إتجاه الحكومة لبيع بنك القاهرة بعد إنتهاء عمليات التقييم
قال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي: «إن الحكومة تعتزم بدء إجراءات طرح بنك القاهرة للبيع بعد أن تنتهي عمليات التقييم للبنك».
وشهدت الأشهر الماضية موافقة البنك المركزي المصري على قيام بنك الإمارات دبي الوطني بعملية الفحص النافي للجهالة لبنك القاهرة تمهيداً لشراء حصة قد تصل إلى 60 % من البنك.
وتردّدت آراء المحللين الإقتصاديين في السوق، بأن تقييم بنك القاهرة في صفقة البيع يُراوح بين 1 و1.5 مليار دولار، وتشهد السوق إنتقادات لهذه القيمة، رغم أنه لم تؤكد جهة رسمية صحة هذا التقييم من عدمه. وقد تم تقييم بنك القاهرة في العام 2008 من قبل البنك الأهلي اليوناني بملياري دولار.
وسيتباين التقييم بشكل كبير بين عامي 2008، و2025، وفق سعر الصرف البالغ في العام 2008 الذي كان نحو 5.5 جنيهات للدولار، مقابل نحو 50 جنيهاً للدولار حالياً.
وإرتفع صافي ربح بنك القاهرة بنسبة 45 % إلى 3.4 مليارات جنيه في الربع الأول من العام 2025، مقارنة بـ2.4 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي (2024)، نتيجة تحسُّن نتائج أعمال البنك في مختلف القطاعات، من أبرزها قطاعات التجزئة المصرفية، والخزانة، وإئتمان الشركات، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما سجّل البنك أرباحًا قبل الضرائب بلغت 4.9 مليارات جنيه مصري، مقارنة بـ3.6 مليارات جنيه في الربع الأول من العام 2024، بمعدّل نمو سنوي 36 %، وهو ما يعكس الأداء التشغيلي القوي للبنك واستمرارية تحسن مؤشرات الربحية.
وبلغت أرباح بنك القاهرة خلال العام الماضي نحو 12.4 مليار جنيه بنمو 84 %، وإرتفع إجمالي الأصول بنحو 20 % إلى 483 مليار جنيه في نهاية العام الماضي (2024)، ويبلغ رأس ماله المدفوع 19 مليار جنيه والمرخص به 50 مليار جنيه.
للعام الثاني توالياً بنك القاهرة يحتفظ بالصدارة «الأفضل في معاملات الصرف الأجنبي» وفق International Finance
من جهة أخرى، واصل بنك القاهرة للعام الثاني توالياً إحتفاظه بصدارة تصنيف مجلة International Finance البريطانية كـ «أفضل بنك في معاملات الصرف الأجنبي لعام 2025» – «Best Foreign Exchange Bank»، ضمن سلسلة الجوائز التي تمنحها المجلة في مجالات عديدة على المستوى العالمي للبنوك ومؤسسات القطاع المالي.
كما أعلنت مجلة Global Business Outlook تصدّر بنك القاهرة تصنيف «البنك الأسرع نموًا في إدارة الخزانةFastest Growing Treasury Management Bank » وهي الجوائز التى تمنحها المؤسسة في مجالات عديدة على المستوى العالمي للبنوك ومؤسسات القطاع المالي.
وأعرب بهاء الشافعي نائب الرئيس التنفيذي عن إعتزازه بهذا الإنجاز، مؤكداً أن إستمرار البنك في نيل إشادة مؤسسات التصنيف الدولية، يعكس نجاح إستراتيجيته القائمة على التطوير المستدام.
وأضاف الشافعي: «إن البنك سبق له الفوز بجائزة مجلة International Finance في أعوام 2019، 2020، و2024، وهو ما يُجسّد بوضوح نقاط التميُّز والتفوّق التي تتمتع بها قطاعات العمل المختلفة داخل البنك، كما حصد البنك جائزة في مجال الخزانة خلال العام 2024 من Global Business Outlook».
من جانبه، أشار محمد علي رئيس مجموعة الخزانة وأسواق المال إلى «أن حصول البنك على هاتين الجائزتين خلال العام الجاري (2025) في مجال الخزانة ومعاملات الصرف الأجنبي، يمثل إضافة جديدة لسجل النجاحات المتنامي لبنك القاهرة، ويُبرز قدرته على تقديم حلول مالية مبتكرة وخدمات عالية الجودة تلبي تطلعات العملاء، كما يعكس إلتزام البنك رؤية مستقبلية تقوم على الإبتكار المستمر ومواكبة متغيّرات السوق المحلية والعالمية، كما يُعدّ دليلاً على نجاح الإستراتيجية التي تبنّاها البنك، والتي ساهمت في تعزيز أداء عمليات التجارة الخارجية وتنوّع مصادر تدفقات النقد الأجنبي، مما ساهم في تحقيق نمو ملحوظ في الأرباح الناتجة عن تداول العملات الأجنبية».
بنك القاهرة ضمن أقوى 10 علامات تجارية في مصر لعام 2025
وفي السياق عينه، أعلنت مؤسسة Brand Finance العالمية، المتخصّصة في تقييم العلامات التجارية، عن إنضمام بنك القاهرة إلى قائمة أقوى 10 علامات تجارية في مصر لعام 2025، محقّقاً قفزة نوعية في تصنيف العلامات التجارية المحلية. وبلغت قيمة العلامة التجارية للبنك نحو 113 مليون دولار، كما حصل البنك على تصنيف إئتماني A، وهو ما يعكس قوة ومتانة البنك وإستقراره المالي كواحد من أكبر البنوك بالقطاع المصرفي المصري.
وقال حسين أباظة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لبنك القاهرة: «نفخر بإنضمام بنك القاهرة إلى قائمة أقوى العلامات التجارية في مصر لعام 2025. حيث يُعدُّ هذا الإنجاز شهادة دولية على نجاح البنك في بناء علامة تجارية قوية وموثوقة، تعكس إلتزامنا المستمر بتحقيق التميُّز وتقديم قيمة حقيقية لعملائنا».
ويُعدُّ هذا الإنجاز تأكيداً على نجاح إستراتيجية بنك القاهرة في تعزيز حضوره في السوق المصرية، وتطوير بنيته التكنولوجية، وتوسيع نطاق الخدمات المصرفية التنافسية، وتحديث شبكة فروعه لتقديم تجربة مصرفية متكاملة بما يتماشى مع توجهات الدولة نحو التحوُّل الرقمي ودعم الشمول المالي، فضلاً عن حرص البنك على التمويل المستدام ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر كجزء من دوره في تحقيق التنمية الإقتصادية.
يُذكر أن مؤسسة Brand Finance تُعد من أبرز الجهات العالمية المتخصّصة في تقييم العلامات التجارية، وتستند في تصنيفاتها إلى معايير دقيقة تشمل القيمة السوقية للعلامة، الأداء المالي، القوة التسويقية، مستوى ولاء العملاء، والتصنيف الإئتماني. وتضم قائمة هذا العام كبرى الشركات في قطاعات البنوك، الطاقة، الإتصالات، والصناعات التحويلية، ما يجعل التواجد فيها دليلاً على مكانة متميّزة في بيئة تنافسية عالية.
تمّر دولة الإمارات بمرحلة تحوّل حضري واسعة النطاق، آخذة في الإعتبار الإرتفاع في عدد السكان الآتين إلى العمل، وتنامي مستوى العيش الفاره المدعوم ببنية تحتية وشبكة إتصال قلّ نظيرهما في العالم. وفي ظلّ هذا الواقع، يشهد القطاع العقاري تطوراً كبيراً من حيث الرؤية وآليات التطوير العمراني.
وفي السابق، إرتبط تقييم أداء المطوّرين العقاريين بحجم المشاريع المنفّذة. أما اليوم، فقد أصبح التركيز مُنصبّاً على جودة التخطيط، وملاءمته للمتغيّرات المجتمعية، ومدى توافقه مع إحتياجات السكان الفعلية. والنمو الحضري المقبل يتطلّب تطوير بيئات معيشية تركز على الإنسان، وتستند إلى مبادئ الإستدامة، والتصميم الذكي، والتخطيط بعيد المدى.
وقد وضعت خطة دبي الحضرية 2040 إطاراً طموحاً لمدينة مترابطة ومُستدامة، ترتكز على المجتمعات. وتنفيذ هذه الرؤية يستدعي شراكة فعلية مع القطاع الخاص، بما يشمل المطوّرين والمصمّمين والمخطّطين والمشغّلين، الذين تقع عليهم مسؤولية إدماج مفاهيم النمو المتوازن والتصميم الشامل في كل مرحلة من مراحل المشروع.
وتعتمد شركتنا في رؤيتها للتنمية الحضرية على ثلاث ركائز أساسية:
1. أولوية المجتمعات المتكاملة
لم يعد السكان اليوم يبحثون عن مساكن فحسب، بل يتطلّعون إلى أحياء متكاملة يسهل التنقل فيها، وتتميّز بالتنوع والحيوية. وينبغي أن تشمل المشاريع العمرانية مكوّنات تتجاوز السكن والأعمال، لتضم عناصر ثقافية وتعليمية وصحية وترفيهية، بما يضمن نمط حياة متكامل. كما أنه أصبحت قابلية العيش معياراً أساسياً، وليست ميزة إضافية.
2. التكيُّف مع التحوُّلات في أنماط الحياة
تشهد أنماط المعيشة تغيُّراً ملحوظاً نتيجة إنتشار العمل عن بُعد وتغيُّر بنية الأسر. ويتطلّب ذلك من المطوّرين إعتماد نهج مرن في تصميم المساحات والخدمات والمرافق. وسواء تعلق الأمر بمناطق مجتمعية متعددة الاستخدامات أو نماذج خدمية تعتمد على الحلول الرقمية، فإن التخطيط يجب أن يتماشى مع واقع الحياة المتغير.
3. المجتمع السكني كأصل استراتيجي طويل الأمد
إن أنجح المشاريع هي تلك التي توفر بيئة يشعر فيها الأفراد بالإنتماء والمشاركة. ويتطلّب ذلك الإستثمار في بناء هوية مكانية واضحة، تشمل المساحات الخضراء، وحلول التنقل المتقدمة، ودعم الإقتصاد المحلي الذي يتيح للمشاريع الصغيرة ورواد الأعمال النمو والإزدهار. وإن القيمة العقارية أصبحت اليوم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقيمة الإجتماعية التي توفرها للمجتمع.
والقطاع العقاري يشغل موقعاً إستراتيجياً يؤهله للإسهام الفاعل في مسيرة التنمية الشاملة لدولة الإمارات. ومن خلال التخطيط الرشيد والتنفيذ المدروس، يُمكن لهذا القطاع أن يؤدي دوراً جوهرياً في تحسين جودة الحياة وتحقيق الرؤى الوطنية نحو مدن متقدّمة، مستقرة، ومستدامة.
فالمدن التي يتم تطويرها اليوم ترسم ملامح الحياة في المستقبل، والتخطيط الواعي في الحاضر هو ما يصنع جودة المعيشة في الغد.
رأى الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف في إفتتاحية التقرير الشهري للجمعية بعنوان: «مرحلة جديدة في الأفق»، أنه «بات واضحاً أن أي خطة تعافٍ لا يُمكن أن تنجح إلاّ من خلال شراكة مسؤولة بين الأطراف المعنيّة، تقود إلى إستعادة الثقة وحماية حقوق المودعين دون المسّ بمقوّمات إستمرارية القطاع المصرفي. هذه الثوابت لم تعد مجرّد وجهة نظر مصرفية، بل أصبحت محوراً لمواقف رسمية متقدّمة، برزت خلال اللقاءات الأخيرة التي عقدتها جمعية المصارف مع جهات رسمية عدّة، كان آخرها مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد».
وأضاف د. خلف «أن اللقاء مع الحاكم تميّز بالمصارحة ووضوح الرؤية، وبمواقف تستحق التوقّف عندها، لأنها أعادت توجيه النقاش إلى سكّة المنطق والعدالة، ضمن مقاربة يُمكن تلخيصها بالعناوين الآتية:
– إن الإعتراف بالطابع النظامي للأزمة لا يَهدف للتنصّل من المسؤوليات، بل لفهم طبيعة الخلل وبلورة سبل المعالجة.
– لا حلّ ممكن من دون الإقرار بأن المسؤولية ثلاثية الأبعاد: الدولة، مصرف لبنان، والمصارف. فكلّ إختزال أو تحميل أحادي يُعيدنا إلى الحلقة المفرغة.
– إن معالجة الفجوة لا تتحقّق فقط عبر تقليص المطلوبات أو إعادة هيكلة المصارف، بل تبدأ أولاً بتنظيم حسابات مصرف لبنان وتحديد إلتزامات الدولة تجاهه.
– لا يُمكن شطب ديون مصرف لبنان تجاه المصارف، كونها تُعدّ إلتزاماً تجارياً صريحاً بموجب القانون.
أما المصارف من جهتها، فتُعيد التأكيد على المسلّمات الآتية:
– إن الدولة مدعوّة إلى تطبيق قوانينها، بدءاً بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تُحمّلها مسؤولية تغطية خسائر المصرف المركزي.
– إن السياسات التي إستنزفت الإحتياطات الأجنبية، من دعم غير مدروس وتمويل مزمن لعجز الدولة، تشكّل السبب الجوهري للفجوة المالية.
– إن إستبعاد المصارف من النقاش أو اللجان، بحجّة تضارب المصالح، يُشكّل مساساً بمبدأ الشراكة، وإذا كانت مشاركة المصارف موضوع تحفُّظٍ، فكيف بالدولة ومصرف لبنان، وقد تسبَّبا في تبديد الودائع؟
– إن توظيف أموال المودعين لدى مصرف لبنان جاء في غالبيته نتيجة إلتزام المصارف بالتعاميم الصادرة عنه، وبأصول التعامل التي فرضها مصرف لبنان على المصارف.
– بعد أن أجمعت كافة الجهات، المحلية والدولية، على أن الأزمة اللبنانية غير مسبوقة عالمياً، فإنّ أي خطة معالجة يجب أن تراعي خصوصية الواقع اللبناني، لا أن تستنسخ نماذج خارجية لا تُشبهه لا في تركيبته ولا في تعقيدات الأزمة الحالية».
وختم د. خلف قائلاً: «إنه من هذا المنطلق، تُعتَبر المواقف الرسمية المستجدة تصحيحاً لمسار النقاش العام، وفرصة حقيقية لإنقاذ ما تبقّى من مقوّمات، شرط أن تُترجم هذه المبادئ إلى سياسات عملية، وأن تُحوَّل إلى نصوص وتشريعات واضحة قابلة التطبيق».
ينظم إتحاد المصارف العربية، تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، وبالتعاون مع إتحاد بنوك مصر، الملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية في دورته السابعة في مدينة شرم الشيخ ما بين 4 و6 يوليو/ تموز 2025.
يقدم هذا الملتقى رؤى عملية متطوّرة لكيفية التعامل مع المخاطر المرافقة للخدمات المصرفية المعاصرة والحلول التقنية المناسبة التي يجب إعتمادها للإستفادة من هذه الخدمات، كذلك المخاطر الناجمة عن التطورات الجيوسياسية التي تشهدها بعض دول المنطقة، فضلاً عن إستدامة الديون السيادية وآثارها على المخاطر الإئتمانية للبنوك، مما يؤدي إلى تعزيز سلامة المصارف ويؤمن جهوزية مصارفنا العربية للتكيُّف مع كل هذه التطوُّرات، كذلك المتطلّبات الجديدة للجنة بازل، ويُسهم في تأمين العناصر الأساسية للإستقرار المالي المتمثلة برأس المال، السيولة، جودة الأصول والربحية.
ويشكل هذا الحدث منصّة عصف ذهني تجمع بين كبار المسؤولين في الهيئات الرقابية والإشرافية المحلية والدولية ورؤساء إدارات المخاطر في البنوك المحلية والعربية لتبادل الخبرة والمعرفة حول كل هذه القضايا المطروحة ووضع الحلول المناسبة لها وفق متطلّبات لجنة بازل.
ويغطّي الملتقى المحاور والمواضيع الرئيسية التالية: التحديثات الأخيرة في أعمال لجنة بازل، والمرونة التشغيلية في بيئة مصرفية ديناميكية، وثورة الصيرفة الرقمية، وإدارة مخاطر الأمن السيبراني في المصارف – الإبحار بين تهديدات الذكاء الإصطناعي والحوسبة الكمومية، ومخاطر الإئتمان: مواءمة منظور إدارة المخاطر في المصارف مع المتطلّبات المحاسبية والتنظيمية، ومخاطر الإجراءات الحمائية الجمركية وتأثيرها على معدّلات الفوائد والتضخُّم، ومستقبل مخاطر الحوكمة والثقافة المصرفية، ودور الذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي في إدارة المخاطر، وإدارة مخاطر السيولة وديناميكيات الرقمنة، والإبحار في المستقبل: دمج مخاطر المناخ وESG في المهنة المصرفية من أجل النمو المستدام وموازنة الإبتكار والمرونة في المصارف.
يتابع بنك بيمو السعودي الفرنسي تأكيد مكانته الريادية في المشهد المصرفي السوري من خلال إطلاق خدمة «نوفا»، أول نظام لخدمة عملاء البنك يعتمد على الذكاء الإصطناعي في سوريا. تأتي هذه المبادرة في إطار استراتيجية شاملة لتحوّل رقمي متكامل، مع تمكين تجربة المستخدم وتلبية تطلعات السوق المحلية عبر أحدث التقنيات، ليمثل البنك بذلك إستثماراً إستراتيجياً في الذكاء الإصطناعي، وهو قرار يؤكد إيمانه بمستقبل التكنولوجيا كعامل رئيسي في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحقيق رضا العملاء.
يأتي هذا الإستثمار في الذكاء الإصطناعي ليدعم رؤية بنك بيمو السعودي الفرنسي في الريادة المالية، حيث يُعتبر الذكاء الإصطناعي المحرك الأساسي لخفض أوقات الإنتظار وتقليل التكاليف التشغيلية، إذ إنه بفضل سرعة الإستجابة ودقتها، لا يضطر العملاء إلى الإنتظار للحصول على حلول لمشكلاتهم، مما يُعزّز الثقة والرضى لدى المستفيدين من خدمات البنك. هذا التوجُّه لا يساهم فقط في تحسين الكفاءة التشغيلية، بل يشكل نقلة نوعية في تقديم الخدمات المصرفية بسرعة وشفافية تتماشى مع التطلعات الرقمية الحديثة.
ويرى خبراء في الإقتصاد، بأن إطلاق «نوفا» يُعتبر خطوة إستراتيجية تتجاوز مجرد تقديم حلول سريعة بل خطوة حاسمة نحو تعزيز بيئة الخدمات المصرفية الذكية، إذ يمكن إعتباره نموذجاً يُحتذى به في المنطقة لتطبيق تقنيات مجال الذكاء الإصطناعي في عالم الصناعة المصرفية.
رحّب الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد يوسف اللحام برفع العقوبات الأميركية عن بنك الشام، ومما جاء في تصريح أدلى به للمناسبة: «بقلوب مليئة بالفرح والتفاؤل، يتشرّف بنك الشام في سورية أن يعلن رسمياً عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وذلك بعد جهود حثيثة وتعاون بنّاء بين المؤسسات المحلية والدولية.
هذا الإنجاز التاريخي يُمثل نقلة نوعية في مسيرة البنك، ويعكس إلتزامه بأعلى معايير الشفافية والإلتزام التنظيمي، حيث إن رفع العقوبات عن بنك الشام هو خبر يُثلج الصدر ويمثل إنتصاراً لثقة عملائنا الكرام وشركائنا الذين وقفوا معنا خلال هذه المرحلة.
اليوم، نفتح صفحة جديدة مليئة بالفرص الواعدة، ونؤكد لكم أن بنك الشام سيُواصل تقديم أفضل الخدمات المالية بأعلى معايير الجودة والكفاءة.
ونتوجه نحن، أُسرة بنك الشام بالشكر الجزيل لعملائنا الكرام على ثقتهم الغالية، ونؤكد إستمرارنا في العمل الجاد لنكون شريكاً مالياً موثوقاً لتحقيق أمانيهم وطموحاتهم.
ونخص بالشكر والتقدير حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عبد القادر حصرية، وللقيادة الحكيمة على مجهودهم وسعيهم ودعمهم، الذي كان له الدور الأهم في تذليل العقبات والوصول إلى هذا الإنجاز الكبير.
فشكراً لكم جميعاً على ثقتكم ودعمكم الذي يدفعنا دوماً للأمام».
ورش عمل مصرفية متخصّصة لإتحاد المصارف العربية في الأردن وسلطنة عُمان وقطر
نظم إتحاد المصارف العربية ورش عمل مصرفية متخصّصة في كل من عمّان – الأردن، ومسقط – سلطنة عُمان، والدوحة – قطر
ورشة متخصّصة في عمّان – الأردن:
«آخر التطوُّرات ذات العلاقة بالعقوبات المالية: التحدّيات والفرص»
في هذا السياق، نظم الإتحاد ورشة متخصّصة في العاصمة الأردنية عمّان بعنوان «آخر التطوُّرات ذات العلاقة بالعقوبات المالية: التحدّيات والفرص»، (ما بين 5 أيار/ مايو و7 منه 2025)، في حضور 16 مشاركاً من المصارف الأردنية، و7 مشاركين من المصارف الفلسطنية و4 مشاركين من المصارف المصرية، ومصرف واحد من العراق و4 مشاركين من المصارف اليمنية. وقد غطّى هذه الورشة على مدى ثلاثة أيام المحاضر عرفات الفيومي، المدير التنفيذي لدائرة الرقابة على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك المركزي الأردني.
هدفت هذه الورشة إلى تقديم رؤية واضحة حول آخر التطورات ذات العلاقة بالعقوبات المالية، وتحديد أنشطة التهرب من العقوبات، وقد غطّت التقنيات والإتجاهات الجديدة التي يُمكن أن يستخدمها الإرهابيون أو التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى أفضل الممارسات المستخدمة في تعقُّب وتجميد ومصادرة أصول الإرهابيين.
كما هدفت الورشة إلى تقديم فهم شامل لتمويل إنتشار التسلُّح واّلياته وفهم وتحديد المخاطر وتقييمها، إلى جانب تقديم رؤى حول الإطار القانوني الدولي الذي يحكم تمويل الإنتشار، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة وتوصيات مجموعة العمل المالي، والإطّلاع على التجارب حيال تطبيق العقوبات المالية المستهدفة، والكشف عن اساليب التهرّب من العقوبات ومؤشرات الإشتباه والأنماط المتّبعة في التهرُّب من العقوبات المالية المستهدفة.
كذلك سلّطت الورشة الضوء على الإطار القانوني والمؤسسي للعقوبات المالية، فضلاً عن العقوبات أحادية الجانب ذات الإختصاص القضائي وخصوصاً الصادرة عن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وكيفية التعامل مع تلك العقوبات.
أما المشاركون المستهدفون في هذه الورشة فهم: الإدارة التنفيذية العليا، والعاملون في دوائر الإمتثال / الإلتزام والتدقيق الداخلي، وإدارة المخاطر ووحدات التحقيق المالي في المؤسسات المالية.
وقد تمكّن المشاركون في نهاية الورشة من الإطلاع على الإتجاهات الحديثة المتعلّقة بالتهرُّب من العقوبات المالية، وتحديد مخاطر العقوبات المالية في العمليات المصرفية، وأهمية الحوكمة في مواجهة مخاطر العقوبات، وفهم أفضل الممارسات في تصميم وتنفيذ الضوابط الداخلية المتعلقة بالعقوبات، وتصميم وتنفيذ إستراتيجيات فعّالة لمكافحة العقوبات المالية وغيرها.
ورشة عمل مصرفية متخصصة في مدينة مسقط – سلطنة عمان:
«إدارة الموجودات والمطلوبات والتسعير المرتكز على مصادر الأموال»
كذلك نظم الإتحاد ورشة عمل مصرفية متخصّصة في مدينة مسقط – سلطنة عمان، (ما بين 25 و27 أيار/ مايو 2025) بعنوان «إدارة الموجودات والمطلوبات والتسعير المرتكز على مصادر الأموال»، في حضور 13 مشاركاً من المصارف العُمانية، ومشارك واحد من مصر، ومشاركين إثنين من المصارف الأردنية. وقد غطّى هذه الورشة على مدى ثلاثة أيام المحاضر فادي فقيه، مستشار سابق ورئيس مجلس إدارة أحد أكبر مصارف اللبنانية لشؤون إدارة المخاطر ما بين أعوام 2020 و2025.
وقد هدفت هذه الورشة إلى تعريف المشاركين على كيفية إدارة المخاطر المالية، وإدارة الموجودات والمطلوبات، وعملية التحديد والقياس والسيطرة على المخاطر المختلفة مثل: مخاطر أسعار الفائدة، مخاطر السيولة، المخاطر الإئتمانية (غيرالمباشرة)، ومخاطر العملات الأجنبية، وتحقيق الربحية من خلال فهم العلاقة بين المخاطر والعوائد المرتبطة بالهياكل المختلفة للميزانية العمومية.
أما المشاركون المستهدفون فهم مديرو ومحلّلو إدارة الموجودات والمطلوبات، ومحترفو الخزينة، ورؤساء الخزينة، ومدراء وموظفو المالية والمحاسبة، والمديرون الماليون ومديرو التقارير، ومدراء وموظفو إدارة المخاطر، ومسؤولو الإمتثال، والمدقّقون الداخليون، ورؤساء الوحدات التجارية، ومدراء المنتجات، ومدراء العلاقات المؤسسية الكبيرة والجهات التنظيمية.
ورشة عمل مصرفية متخصّصة في مدينة الدوحة – دولة قطر:
«الإقراض، القيادة والإمتثال: نظرة شاملة على إتجاهات الإقراض والتنظيم»
ونظم الإتحاد ورشة عمل مصرفية متخصّصة في مدينة الدوحة – دولة قطر، (ما بين 26 و28 أيار/ مايو 2025)، بعنوان: «الإقراض، القيادة، والإمتثال: نظرة شاملة على إتجاهات الإقراض والتنظيم»، في حضور 16 مشاركاً من المصارف القطرية، ومشارك واحد من مصر، و3 مشاركين من المصارف الأردنية. وقد غطّى هذه الورشة على مدى ثلاثة أيام المحاضر شادي رياشي، مدير أول في خدمات الإستشارات في EY في لوكسمبور.
وقد وفّرت هذه الورشة للمشاركين نظرة معمّقة حيال التحدّيات والفرص المتاحة في مجال الإقراض في ظل المشهد التنظيمي المتطوّر، إذ من خلال مراجعة شاملة للأطر التنظيمية ذات الصلة والتطبيقات العملية، إكتسب الحضور رؤى قيّمة حول كيفية التعامل مع بيئة مخاطر الإئتمان والإقراض المتزايدة التعقيد.
وقد إكتشف المشاركون خلال الورشة، أحدث التطوُّرات التنظيمية في مجال الإقراض، وتأثيرها المتنامي على النشاط الإئتماني، ورأس المال، وممارسات إدارة المخاطر، وإختبارات الإجهاد. كما تعرّفوا على أفضل الممارسات لتحسين عملية منح الإئتمان بما يتوافق مع المتطلّبات التنظيمية الجديدة مع الحفاظ على الكفاءة التشغيلية.
كذلك إستفاد المشاركون من المناقشات حيال دور عهود الإئتمان في تخفيف المخاطر، وإستراتيجيات تحسين إدارة الضمانات، كما تعرّفوا على كيفية رصد إشارات الإنذار المبكّر لمخاطر الإئتمان، وكيفية الإستفادة منها لتحسين الإدارة الإستباقية بما يتماشى مع التوقعات التنظيمية.
وقد تناولت ورشة العمل دراسات حالة واقعية من بنوك نجحت في مواجهة هذه التحدّيات، مع تسليط الضوء على الإستراتيجيات الفعّالة، وأفضل الممارسات للإمتثال والربحية.
أما المشاركون المستهدفون فهم إدارة المخاطر، والإمتثال التنظيمي، والتدقيق الداخلي، وقسم الإئتمان، ومحلّلو الإئتمان والمالية، ومتخصّصو إدارة وتخطيط رأس المال، والمستشارون القانونيون في الخدمات المالية.
أُعيد فتح سوق دمشق للأوراق المالية في يونيو/حزيران 2025، بعد إغلاق دام ستة أشهر. وكان تعليق العمل قد فُرض في البداية لتقييم الوضع المالي للشركات المدرجة ومنع التلاعب بالسوق. وتأتي إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية في الوقت الذي تسعى فيه القيادة السورية الجديدة إلى إنعاش الإقتصاد بعد سنوات من الصراع. وستعمل سوق دمشق للأوراق المالية مبدئياً ثلاثة أيام أسبوعياً، مع خطط لتوسيع نطاق التداول وتحديث الأنظمة المالية، بما في ذلك المقاصة والتسوية الإلكترونية. تتزامن هذه الخطوة مع رفع العقوبات الدولية، مما يسمح لسوريا بإعادة التواصل مع الأسواق المالية العالمية ويساعد في جذب الاستثمار الأجنبي ودعم جهود إعادة الإعمار.
ونعرض في ما يلي، آخر المستجدات في سوق دمشق للأوراق المالية، وتأثيرها على مختلف القطاعات الإقتصادية، ونسلّط الضوء على الفرص ومخاطر الإستثمار والآفاق المستقبلية لسوق دمشق للأوراق المالية في ظلّ التحدّيات الجيوسياسية والتنظيمية.
الآثار الإقتصادية
يُتوقع أن يكون لإعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية آثار إقتصادية كبيرة على سوريا، فقد مهّد رفع العقوبات الدولية الطريق أمام الإستثمارات السعودية وغيرها من الإستثمارات الأجنبية في سوريا. ويرى المسؤولون في ذلك خطوة رمزية وعملية نحو إعادة بناء الإقتصاد السوري بعد سنوات من الصراع. ويُتوقع أن تكون سوق دمشق للأوراق المالية مركزاً للتنمية الإقتصادية، مع التركيز على التحديث الرقمي. وقد وقّعت سوريا إتفاقية طاقة بقيمة 7 مليارات دولار مع شركات قطرية وتركية وأميركية لتنشيط شبكة الكهرباء. ويُمكن لسوق دمشق للأوراق المالية أن تُسهّل تمويل مشاريع إعادة الإعمار على نظاق واسع.
إن إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية يُشير إلى الإستقرار والإستعداد للإستثمارات الأجنبية، مما يُتيح لفرص الإستثمار في سوريا، وجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
الآثار على مختلف القطاعات
يُتوقع أن يؤثر إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية على قطاعات رئيسية عدة، بما في ذلك السياحة والزراعة. ومع سعي سوريا لإعادة بناء اقتصادها، هناك مساع عديدة لإنعاش السياحة من خلال ترميم المواقع التاريخية وتحسين البنية التحتية. ويُمكن أن تساهم سوق دمشق للأوراق المالية في جذب الإستثمارات الأجنبية إلى مشاريع سياحية، بما في ذلك تحسين الفنادق وترميم التراث الثقافي. كما أن تخفيف العقوبات الدولية قد يشجع السياحة الإقليمية، ولا سيما من دول الخليج.
لقد واجه القطاع الزراعي السوري تحدّيات كبيرة، جرّاء سنوات من الصراع وعدم الإستقرار الاقتصادي. ومن شأن إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية تسهيل الإستثمار في تقنيات الزراعة الحديثة، ومشاريع الري، والصادرات الزراعية. وتدرس الحكومة السورية إقامة شراكات مع مستثمرين أجانب لتعزيز إنتاج الغذاء وتحسين سلاسل التوريد.
ويُتوقع أن يؤثر إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية على قطاعات عدة إلى جانب السياحة والزراعة ومنها:
الطاقة والبنية التحتية: يُمكن أن تساعد البورصة في جذب المزيد من الإستثمارات في مشاريع الطاقة المتجدّدة وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية.
القطاع المصرفي والمالي: يتزامن إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية مع جهود إعادة تفعيل ربط سوريا بنظام سويفت، مما يسمح بمعاملات دولية. وقد يشجع ذلك البنوك الأجنبية على إعادة التفاعل مع القطاع المالي السوري.
التصنيع والتجارة: مع تخفيف العقوبات الدولية، يتوفر للشركات السورية فرص تصديرية جديدة. ويمكن لسوق دمشق للأوراق المالية أن يُسهّل تمويل تحديث المصانع وتوسيع شبكات التجارة.
التكنولوجيا والإقتصاد الرقمي: تركز سوريا على التحوُّل الرقمي، بهدف تحديث الأنظمة المالية السورية وتشجيع الإستثمارات المعتمدة على التكنولوجيا.
الآثار على نمو الإقتصاد والإستدامة
تلعب إستثمارات سوق دمشق للأوراق المالية دوراً محورياً في دفع عجلة النمو الإقتصادي من خلال توفير رأس المال اللازم للتوسُّع والإبتكار وتحسين الكفاءة. وتتيح هذه الإستثمارات للشركات إكتساب تقنيات جديدة، وتوسيع عملياتها، وتحسين إنتاجيتها، مما يؤدي إلى نمو الإقتصاد. ومع حصول الصناعات على التمويل، يُمكن توظيف المزيد من العمالة، مما يُعزّز فرص العمل والنشاط الاقتصادي.
كما أن الإستثمارات في النقل والطاقة والبنية التحتية الرقمية، تُعزّز كفاءة الإقتصاد وتجذب المزيد من الإستثمارات. ويُمكن للشركات التي تحظى بدعم مالي إستكشاف أسواق جديدة، مما يُعزّز التجارة والتنويع الإقتصادي ويؤدي إلى تطورات تكنولوجية ومزايا تنافسية.
الأسهم المتداولة حالياً في سوق دمشق للأوراق المالية
تُدرج سوق دمشق للأوراق المالية حالياً 28 سهماً موزعة على ستة قطاعات. ومن بين الشركات الأكثر تداولاً:
بنك الأردن – سوريا (BOJS)
شركة التأمين الوطنية (NIC)
البنك الوطني للاستثمار (NIB)
بنك قطر الوطني – سوريا (QNBS)
البنك العربي – سوريا (ABC)
ويشهد سوق دمشق للأوراق المالية نشاطاً متزايداً بعد إعادة الفتح، مع إرتفاع أحجام التداول وإستقرار مؤشرات السوق.
القطاعات الأفضل أداءً في سوق دمشق للأوراق المالية
إعتباراً من منتصف العام 2025، القطاعات الأفضل أداءً في سوق دمشق للأوراق المالية هي:
القطاع المصرفي: يهيمن هذا القطاع على البورصة من حيث القيمة السوقية وحجم التداول. وقد شهدت بنوك مثل بنك الأردن، سوريا (BOJS) وبنك قطر الوطني، سوريا (QNBS) إهتماماً كبيراً من المستثمرين بفضل إصلاحات القطاع المالي وإمكانية الوصول المتجدّد إلى الأنظمة الدولية.
التأمين: تكتسب الشركة الوطنية للتأمين والشركة السورية الكويتية للتأمين زخماً متزايداً، خصوصاً مع إدخال أطر تنظيمية جديدة وإرتفاع الطلب على تغطية المخاطر في مشاريع إعادة الإعمار.
الصناعة والخدمات: رغم صغر حجم هذه القطاعات، فإنها تشهد نمواً مطرداً، وخصوصاً في مواد البناء والخدمات اللوجستية والإتصالات، مع قيام سوريا بإعادة بناء البنية التحتية وتوسيع الخدمات الرقمية. وتستفيد هذه القطاعات من الإستثمار الأجنبي، وتحديث الأنظمة، ورفع العقوبات، مما يُعزّز ثقة المستثمرين.
حجم نشاط سوق دمشق للأوراق المالية
إعتبارا من منتصف العام 2025، يشهد سوق دمشق للأوراق المالية إنتعاشاً تدريجياً في نشاط التداول بعد الاغلاق الذي دام لمدة ستة أشهر. وبينما بلغت القيمة السوقية ذروتها عند أكثر من 19 تريليون ليرة سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إنخفضت إلى الصفر في أبريل/ نيسان 2025 بسبب توقف التداول.
منذ إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية في يونيو/ حزيران 2025، تشير المؤشرات الأولية إلى إرتفاع طفيف في مشاركة المستثمرين، لا سيما في قطاعي البنوك والتأمين.
اللوائح التنظيمية الجديدة لسوق دمشق للأوراق المالية
وضعت سوق دمشق للأوراق المالية عدة لوائح جديدة في العام 2025 كجزء من إستراتيجية الإصلاح الإقتصادي والتعافي الأوسع في سوريا ومنها:
الإمتثال لمكافحة غسل الأموال: تم تنفيذ تدابير جديدة لضمان الشفافية ومنع إساءة إستخدام السوق، بما يتماشى مع المعايير المالية الدولية.
جدول التداول المحدود: في البداية، يقتصر التداول في سوق دمشق للأوراق المالية على ثلاثة أيام في الأسبوع، مما يسمح بإعادة الفتح بشكل تدريجي ومنضبط.
التحديث الرقمي: تخضع سوق دمشق للأوراق المالية لتحديث كبير، بما في ذلك أنظمة المقاصة والتسوية الإلكترونية، والخدمات الرقمية المتطورة، ومنصّات التداول الرقمية.
الإصلاح التشريعي: يجري حالياً مراجعة شاملة للقوانين المالية لسوق دمشق للأوراق المالية لتتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، بهدف جذب المستثمرين الأجانب وتعزيز الثقة.
حملات التوعية العامة: تم إطلاق مبادرات عديدة لتثقيف الجمهور حول عمليات سوق دمشق للأوراق المالية وفرص الاستثمار.
التحوُّل نحو إقتصاد أكثر تحررا: تساعد سوق دمشق للأوراق المالية على التحول نحو اقتصاد أكثر تحرراً وملائمة لتطلعات للمستثمرين.
وتهدف هذه الإصلاحات إلى وضع لسوق دمشق للأوراق المالية كمركز رئيسي للتنمية الإقتصادية ودعم انتقال سوريا إلى إقتصاد السوق الحر.
فرص ومخاطر سوق دمشق للأوراق المالية
إن الإستثمار في سوق دمشق للأوراق المالية يحمل في طياته فرصاً ومخاطر. لقد أدت سنوات الصراع والعقوبات إلى ترك العديد من الأسهم السورية مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية. وتهيمن قطاعات رئيسية، مثل المصارف والتأمين والبنية التحتية، على سوق الأسهم. ومع بدء إعادة الإعمار وتكوين شراكات أجنبية، قد تشهد هذه القطاعات
عوائد قوية. الاّ أن أي حالة من عدم الاستقرار قد تؤثر سلباًعلى أداء السوق أو ثقة المستثمرين. في حين أن الإصلاحات جارية، فإن الأطر القانونية والمالية لا تزال في مرحلة انتقالية، وهو ما قد يشكل تحديات للمستثمرين المؤسسيين.
تداول العملات المشفرة في سوق دمشق للأوراق المالية
لا يُمكن تداول العملات المشفّرة بعد في سوق دمشق للأوراق المالية. ويتم التركيز حالياً على الأسهم التقليدية،
وزيادة الرقمنة لتحسين الشفافية وتسهيل وصول المستثمرين. ولكن بإمكان السوريين المهتمين بالعملات المشفّرة الوصول إلى منصّات عالمية مثل بينانس وكراكن، وهي من بين منصات التداول العاملة في سوريا. وتتيح هذه المنصات للمستخدمين شراء وبيع وتداول العملات المشفّرة بإستخدام طرق دفع متنوّعة، مع أن الوصول قد يعتمد على قيود الإنترنت المحلية واللوائح المالية.
ولم تصدر أي إعلانات رسمية من الجهات التنظيمية السورية أو سوق دمشق للأوراق المالية بشأن السماح بتداول العملات المشفّرة.
التحدّيات الجيوسياسية
تواجه سوق دمشق للأوراق المالية العديد من التحديات الجيوسياسية، فرغم أن سوريا تمر بمرحلة إعادة الإعمار، إلاّ أن البلاد لا تزال عرضة للمخاطر الجيوسياسية المحيطة مما يؤدي الى حالة من عدم اليقين قد تمنع الإستثمار الطويل الأجل. ولا يزال بعض المستثمرين حذرين بسبب المخاوف الجيوسياسية والحروب القائمة. إن الصراعات الإقليمية والخلافات الدبلوماسية يُمكن أن تؤثر بسرعة على قرارات المستثمرين وتدفقات رأس المال عبر الحدود السورية. ورغم الإصلاحات التنظيمية، لا تزال سوق دمشق للأوراق المالية تفتقر إلى آليات حوكمة قوية وإشراف مستقل، وهما أمران ضروريان لجذب المستثمرين المؤسسيين وضمان الشفافية. وتؤكد هذه التحدّيات على الحاجة إلى استمرار الإصلاحات والمشاركة الدولية والإستقرار السياسي لضمان صمود سوق دمشق للأوراق المالية.
الآفاق المستقبلية
إن الآفاق المستقبلية لسوق دمشق للأوراق المالية واعدة رغم المخاطر والتحدّيات. إن إعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية يساعد في الإنتعاش الاقتصادي لسوريا وهو ورمز للنهضة الوطنية، وتحول سوريا الى مركز مالي. ومع رفع العقوبات الدولية، أصبحت سوريا أكثر إنفتاحاً على المستثمرين العرب والدوليين، وهناك فرص عديدة للإستثمار، لا سيما في قطاعات البنية التحتية والطاقة والخدمات المالية.
كما وأن اتفاقية الطاقة التي بلغت 7 مليارات دولار مع شركات قطرية وتركية وأمريكية، تشير إلى إهتمام دولي متزايد، وقد تُحفّز المزيد من الإدراجات وتدفقات رأس المال. وتخضع سوق دمشق للأوراق المالية حالياً لإصلاح تشريعي شامل لمواءمتها مع المعايير المالية العالمية، مما قد يجذب المستثمرين المؤسسيين ويُحسّن استقرار السوق.
إن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية في العام 2025 يقدم العديد من الدروس الرئيسية للإقتصادات والأسواق الناشئة في مرحلة ما بعد الصراعات. إن إعادة إفتتاح سوق دمشق للأوراق المالية ليس مجرد حدث مالي، بل هو رمزاً للتعافي الوطني ونقطة تحوّل نحو الإستقرار والالتزام بإعادة الإعمار.
رغم محدودية الموارد، فإن سوق دمشق للأوراق المالية تعطي الأولوية للتحديثات الرقمية، بما في ذلك أنظمة التداول والتسوية الإلكترونية. وهذا يعكس أهمية البنية التحتية التكنولوجية لاستعادة ثقة المستثمرين. وتسعى سوق دمشق للأوراق المالية لحماية حقوق المستثمرين وضمان العدالة. تُعد هذه الخطوات أساسية لجذب رأس المال المحلي والأجنبي. إن إعادة إفتتاح سوق دمشق للأوراق المالية يوضح كيف يُمكن للمؤسسات المالية أن تتكيّف وتعود إلى الظهور رغم التحدّيات الكبيرة.
يشهد العالم ما يزيد عن 225 مليار هجوم إلكتروني يومياً
تستهدف مستخدمي الحواسيب والأجهزة الذكية
الأمن السيبراني أولوية إستراتيجية في عصر الإتصالات الحديثة
في ظل التحوُّلات الرقمية المتسارعة، أصبحت الإتصالات الحديثة تمثل العمود الفقري لكل قطاعات الحياة، من البُنى التحتية الحيوية إلى الاقتصاد والخدمات الإجتماعية، حيث باتت التقنيات مثل تقنيات إتصالات الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، والذكاء الإصطناعي، وإنترنت الأشياء جزءاً لا يتجزأ من منظومات التشغيل والإدارة على مستوى العالم. إلاّ أن هذا الإعتماد الواسع على التكنولوجيا ترافق مع تصاعد دراماتيكي في التهديدات السيبرانية، التي لم تعد تقتصر على البرمجيات الخبيثة أو عمليات الإختراق التقليدية، بل أصبحت تتخذ أشكالاً أكثر تعقيداً وخطورة، مثل الهجمات الموجهة المدعومة من دول، والتلاعب بالمحتوى عبر تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، والهجمات المستهدفة للبنى التحتية المالية والطبية والطاقة.
وتظهر البيانات حجم التحدّي المتنامي، فبحسب تقرير نشره موقع PC Gamer في مايو/أيار 2025، يشهد العالم ما يزيد عن 225 مليار هجوم إلكتروني يومياً تستهدف مستخدمي الحواسيب والأجهزة الذكية، ما يجعله الرقم الأعلى في تاريخ الأمن السيبراني. كما ذكرت منصّة TechRadar أن أنظمة المسح والهجوم المؤتمتة تقوم بأكثر من 36 ألف عملية مسح في الثانية الواحدة، مما يعكس تسارع وتيرة التهديدات المدفوعة بتقنيات الذكاء الإصطناعي. أما على صعيد الخسائر الإقتصادية، فتشير تقديرات نشرتها Cybersecurity Ventures إلى أن الخسائر الناجمة عن الجرائم السيبرانية مرشحة لتصل إلى 10.5 تريليون دولار خلال العام 2025، مقارنة بـ 3 تريليونات فقط في العام 2015، ما يجعلها أحد أكبر مصادر استنزاف الثروة العالمية.
وفي ما يتعلق بتقنيات التزييف العميق، فقد كشفت تقارير إعلامية أن خسائر الإحتيال الناجم عن إستخدامها تجاوزت 200 مليون دولار خلال الربع الأول من العام 2025، مع توقعات بأن يبلغ عدد المقاطع المزيّفة المنتجة نحو 8 ملايين مقطعفي بنهاية العام الجاري، وسط تحذيرات من تصاعد إستخدامها في الإبتزاز السياسي والإقتصادي. كما رصدت CrowdStrike وIBM Security في تقارير منفصلة أن متوسط تكلفة إختراق البيانات إرتفع إلى 4.88 مليون دولار عالمياً في العام 2024، مع تزايد نسبة الهجمات غير المعتمدة على برمجيات خبيثة إلى نحو 75 % من إجمالي الهجمات، ما يعكس إعتماد القراصنة على الهندسة الإجتماعية وعمليات التصيّد الذكي بدلاً من الوسائل التقنية التقليدية.
كما لم يعد الأمن السيبراني مسألة تقنية تخص أقسام تكنولوجيا المعلومات، بل تحوّل إلى قضية وطنية تمس سيادة الدولة وإستقرار الإقتصاد وثقة المواطنين وأمن الأفراد. ويتطلّب التصدّي لهذه التحدّيات مقاربة شاملة، لا تقتصر على بناء جدران الحماية، بل تمتد إلى تطوير تشريعات وطنية ودولية، وإنشاء وحدات متخصّصة في الذكاء اإاصطناعي لرصد الهجمات وتعزيز الثقافة الرقمية المجتمعية وبناء شراكات عابرة للحدود.
الهجمات الإلكترونية وتطوُّر أدوات التخريب الرقمي
تُعد الهجمات الإلكترونية واحدة من أخطر التهديدات التي تُواجه البنية الرقمية للدول والمؤسسات في العصر الحديث، نظراً إلى تطورها السريع، وتنوع أساليبها، وإتساع نطاق تأثيرها، فقد تحوّلت من مجرد هجمات بدائية تستهدف الأفراد أو الأجهزة إلى عمليات معقّدة تُنفَّذ على مستوى دولي، بإستخدام أدوات متقدمة وتكتيكات خفية يصعب رصدها، لا سيما مع تنامي الإعتماد على التقنيات الذكية والإتصالات الحديثة.
وتُظهر الإحصاءات تصاعداً حاداً في حجم هذه الهجمات وخطورتها. ومن بين أكثر الهجمات إنتشاراً وخطورة في الوقت الراهن، تبرز هجمات الفدية (Ransom ware)، التي تعتمد على تشفير بيانات المؤسسات وطلب مبالغ مالية مقابل فك التشفير. وقد شهد العام 2024 وحده تسجيل أكثر من 500 مليون «هجوم فدية» على مستوى العالم، معظمها إستهدف قطاعات حيوية كالصحة والطاقة، وفق تقرير Cybersecurity Ventures. وقد بلغ متوسط قيمة الفدية المطلوبة في هذه الهجمات نحو 2.73 مليون دولار، بزيادة تقدر بمليون دولار عن العام 2023، بينما تجاوزت الخسائر السنوية الإجمالية لهجمات الفدية في الولايات المتحدة وحدها 124 مليار دولار، وذلك بحسبCybersecurity & Infrastructure Security Agency .
والأخطر من ذلك، هو تطوّر نموذج الفدية كخدمة، الذي يُتيح لمهاجمين غير محترفين إستئجار أدوات الجريمة الإلكترونية وتنفيذ هجمات معقدة مقابل إشتراك شهري. ووفق CrowdStrike، ساهم هذا النموذج في مضاعفة عدد الهجمات ورفع متوسط الفدية المفروضة إلى أكثر من 5.2 مليون دولار في النصف الأول من العام 2024. كما تشير الدراسات إلى أن هذه الهجمات تتسبّب غالباً في توقف الأنظمة المستهدفة لمدة 24 يوماً في المتوسط، ما يؤدي إلى خسائر تشغيلية فادحة.
من جهة أخرى، تبرز الهجمات المتقدمة المستمرة، التي تنفذها مجموعات مدعومة من دول لأهداف تجسُّسية أو تخريبية، فقد شهد الربع الأخير من العام 2024 إرتفاعاً ملحوظاً في هذا النوع من الهجمات، حيث إستهدفت مجموعات مثل Sandworm البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا وعدد من المنشآت الصناعية الأوروبية، بحسب تقرير Kaspersky Threat Intelligence. وتشير البيانات إلى أن 78 % من الشركات المتضررة من هذه الهجمات عانت من تعطيل واسع النطاق في عملياتها، في حين إستُخدمت أدوات الإدارة الشرعية مثل PowerShell وPS Exec في أكثر من 48 % من هذه الهجمات، ما صعّب من مهمة كشفها وصدّها.
إن هذا المشهد المتطوّر والمعقّد للهجمات الإلكترونية يؤكد أن أدوات التخريب الرقمي لم تعد تقليدية أو عشوائية، بل باتت تعتمد على تقنيات «شبحية»، وتتكامل مع البنية التقنية للمؤسسات المستهدفة لتفادي الرصد. لذلك، فإن مواجهة هذا النوع من التهديدات يتطلّب إعتماد تقنيات متقدّمة في التحليل والكشف، مثل أنظمة الكشف والإستجابة للنقاط الطرفية (Endpoint Detection and Response)، وتقنيات الإستجابة الموسّعة للتهديدات (Extended Detection and Response)، إلى جانب ضرورة تحديث البنى التحتية وتدريب الكوادر البشرية وتعزيز إستراتيجيات النسخ الإحتياطي وإستعادة البيانات.
التجسُّس الإلكتروني والحروب الخفيّة على البيانات
يمثل التجسس الإلكتروني أحد أخطر أشكال التهديدات السيبرانية في عصر الإتصالات الحديثة، إذ لم يعد محصوراً في محاولات إختراق فردية أو تجارية، بل أصبح يدار على نطاق واسع من قبل أجهزة إستخبارات وشبكات منظمة مدعومة من دول، بهدف جمع معلومات حساسة واستراتيجية قد تشمل بيانات عسكرية وتكنولوجية وإقتصادية، أو حتى صحية. ومع التطوُّر السريع في أدوات الاختراق وتكنولوجيا التخفي، أصبح التجسُّس الرقمي يتم بأدوات غير مرئية، يصعب رصدها بالوسائل التقليدية.
وتُظهر الإحصاءات الحديثة أن أكثر من 85 % من الهجمات السيبرانية الموجهة التي نفّذتها جهات مدعومة من دول كانت تهدف إلى التجسُّس وليس التخريب، بحسب تقرير صادر عن Microsoft Digital Defense Report لعام 2024. كما أشار التقرير إلى أن الهجمات التي تستهدف حكومات ومؤسسات دفاعية قد إرتفعت بنسبة 300 % خلال عامين فقط، مما يعكس تصاعد الإعتماد على الفضاء السيبراني كأداة بديلة للحروب التقليدية.
كما أظهرت دراسة صادرة عن IBM X-Force Threat Intelligence Index أن أكثر من 60 % من الهجمات المتقدّمة الموجّهة تبدأ من خلال رسائل تصيّد إلكتروني (Spear Phishing) موجهة بعناية لإختراق البريد الإلكتروني لموظفين حسّاسين، ومن ثم التدرُّج داخل الشبكة للوصول إلى المعلومات المستهدفة. كما أوضح التقرير أن الوقت الوسيط لإكتشاف هذه الإختراقات يبلغ 204 أيام، ما يعني أن الجهة المهاجمة تحصل على نافذة زمنية طويلة للتجسُّس وسرقة البيانات قبل أن يتم كشف وجودها. ولا يقتصر التجسُّس الإلكتروني على إختراق الأنظمة الداخلية، بل يمتد إلى مراقبة الإتصالات العابرة للقارات، حيث يتم زرع برمجيات خبيثة في نقاط الربط الشبكي بين المؤسسات الكبرى ومزوّدي الخدمة، مما يتيح للجهة المهاجمة التنصّت على البيانات المنقولة بين المستخدمين.
وفي ظل هذا الواقع، أصبح من الضروري إعتماد منظومات دفاعية إستباقية، تشمل تقنيات تحليل سلوك المستخدم والشبكة (User and Entity Behavior Analytics)، وإستخدام التشفير الكامل للبيانات الحساسة، إضافة إلى تطبيق ممارسات صارمة في إدارة الصلاحيات والوصول، وتدريب الموظفين على التعرُّف إلى أساليب التصيد والهندسة الإجتماعية. كما بات التعاون الإستخباراتي السيبراني بين الدول والمؤسسات ضرورة ملحّة لرصد أنماط الهجمات وربطها بجهات محدّدة، بما يتيح إتخاذ إجراءات دبلوماسية أو قضائية ملائمة.
الرقابة الإلكترونية في ظل هيمنة البيانات وتآكل الخصوصية
في زمن الإتصال الشامل والإنتقال إلى العالم الرقمي، لم تعد الرقابة تقتصر على أساليب تقليدية كتتبع الإتصالات أو مراقبة المواقع، بل أصبحت تُمَارس اليوم عبر وسائل رقمية شاملة تتيح تتبع سلوك الأفراد وتحليل بياناتهم الشخصية بدقة متناهية. وتنفّذ الرقابة الإلكترونية إما من قبل الحكومات بدعوى حفظ الأمن القومي، أو من قبل الشركات الكبرى تحت مظلة تحسين تجربة المستخدم، إلاّ أن النتيجة واحدة هي تآكل تدريجي وممنهج لمفهوم الخصوصية الرقمية.
وأشارت تقديرات Freedom House في تقريرها لعام 2024 إلى أن ما يزيد عن 79 دولة حول العالم تستخدم أدوات رقابة إلكترونية لمراقبة الإنترنت والتواصل الرقمي بشكل مباشر، بما يشمل تتبع المحادثات، وتحليل أنشطة وسائل التواصل، ومراقبة التطبيقات المشفرة. وتبيّن البيانات أن نحو 71 % من سكان العالم يعيشون تحت أنظمة تمارس نوعاً من الرقابة الرقمية الممنهجة، وهو رقم يُظهر بوضوح إتساع رقعة التدخل في المساحة الشخصية.
وتُعد الصين من أكثر الدول التي طورت منظومات مراقبة رقمية متقدمة، حيث يُقدّر أن هناك أكثر من 500 مليون كاميرا مراقبة مزودة بتقنية التعرف على الوجوه تعمل في أرجاء البلاد، كما تُستخدم خوارزميات الذكاء الإصطناعي لتحليل أنماط السلوك الإجتماعي، بما في ذلك المشاركات على الإنترنت والمعاملات المالية. أما الشركات العملاقة مثل Meta وGoogle وAmazon، فتمتلك كميات هائلة من البيانات الشخصية للمستخدمين، ويتم جمعها غالباً عبر تتبع Cookies، تحليل نشاط البحث والموقع الجغرافي، وإستخدام المساعدات الذكية مثل Alexa وGoogle Assistant. وبحسب تقرير Mozilla Foundation (2023)، فإن نحو 87 % من التطبيقات الأكثر شيوعاً تجمع بيانات المستخدمين بشكل غير واضح أو تتخطّى الحدّ الأدنى المطلوب للتشغيل، ما يفتح الباب أمام إستغلال هذه البيانات لأغراض تسويقية أو سياسية دون موافقة صريحة.
في هذا السياق، يصبح الأمن السيبراني لا يقتصر فقط على منع الإختراقات والهجمات، بل يشمل أيضاً حماية الحقوق الرقمية للمستخدمين. وقد بدأت العديد من الدول بتطوير أطر تشريعية لحماية الخصوصية، أبرزها اللائحة العامة لحماية البيانات الأوروبية (General Data Protection Regulation)، التي تُعد نموذجاً رائداً في فرض قيود صارمة على إستخدام بيانات الأفراد، وتمنحهم حق معرفة كيفية معالجتها وحق الإعتراض على جمعها أو مشاركتها. كما تسعى تشريعات مثل قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (California Consumer Privacy Act) إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في تعامل الشركات مع البيانات الشخصية.
ومع ذلك، تبقى هذه الجهود غير كافية في ظل تطور أدوات المراقبة وتداخل الحدود الرقمية بين الدول والشركات. لذلك، فإن تعزيز الحماية من الرقابة الإلكترونية يتطلّب تمكين الأفراد من إستخدام أدوات التشفير والتصفح الآمن، مثل الشبكات الخاصة الإفتراضية (Virtual Private Networks – VPN) ومحرّكات البحث غير التتبعية، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بالحقوق الرقمية، وتكثيف الضغط على الحكومات والشركات لإعتماد سياسات أكثر شفافية وعدالة.
التقنيات الذكية وإنترنت الأشياء وتوسيع سطح الهجوم السيبراني
أحدثت التقنيات الذكية وإنترنت الأشياء (Internet of Things) نقلة نوعية في كيفية تفاعل الأفراد والمؤسسات مع البيئة الرقمية، حيث أصبحت الأجهزة المتصلة بالإنترنت جزءاً من الحياة اليومية، بدءاً من المنازل الذكية والسيارات وحتى المدن المتّصلة والمستشفيات الرقمية. إلاّ أن هذا التوسُّع الهائل في الربط الشبكي، ورغم فوائده الكبيرة، أوجد بيئة خصبة للهجمات الإلكترونية، ووسّع بشكل خطير ما يُعرف بـسطح الهجوم السيبراني.
ووفق تقرير صادر عن HP Wolf Security خلال العام 2024، يُتوقع أن يبلغ عدد أجهزة «إنترنت الأشياء» المتصلة بالإنترنت حول العالم أكثر من 75 مليار جهاز في حلول العام 2026، مقارنة بـ 35 مليار فقط في العام 2021. ويشير التقرير إلى أن 68 % من هذه الأجهزة تحتوي على ثغرات أمنية حرجة يُمكن إستغلالها بسهولة من قبل المهاجمين بسبب غياب معايير الحماية الموحدة. وفي العام 2024، رصدت شركة Palo Alto Networks إرتفاعاً بنسبة 107 % في الهجمات التي إستهدفت أجهزة «إنترنت الأشياء»، معظمها عبر الثغرات غير المرئية في أنظمة التحديث، أو من خلال كلمات مرور إفتراضية لم يتم تغييرها.
وتظهر هذه الهجمات بشكل متزايد في قطاعات الرعاية الصحية (مثل الأجهزة المزروعة والمراقبة عن بُعد)، والمصانع (كأنظمة التحكم الصناعية)، والمنازل (مثل كاميرات المراقبة الذكية)، حيث تُمثل هذه النقاط بوابات خلفية تسمح للمهاجمين بإختراق الشبكات الأوسع للمؤسسة أو المنزل. والأخطر في هذا السياق هو أن العديد من الأجهزة الذكية تُصمم بوظائف تقنية عالية لكنها تفتقر إلى البنية الأمنية المناسبة. فعلى سبيل المثال، لا تُوفر غالبية أجهزة إنترنت الأشياء الصغيرة (مثل أجهزة التحكم الحراري أو الأقفال الذكية) دعماً قوياً للتشفير أو آليات تحقق ثنائية، ما يجعلها عرضة للإستغلال دون علم المستخدم.
وفي المقابل، فإن مجابهة هذه التهديدات تتطلب إستراتيجيات أمنية متقدّمة، تبدأ من مرحلة التصميم، ضمن ما يُعرف بمبدأ «الأمن حسب التصميم» (Security by Design)، وتشمل: فرض تحديثات إلزامية للبرمجيات عبر الهواء، وعزل الشبكات الذكية عن الشبكات الأساسية، وإعتماد أدوات مراقبة سلوك الشبكة لإكتشاف الأنشطة الشاذة، وسَنّ تشريعات دولية تُلزم المصنّعين بإعتماد معايير أمان موحّدة.
ومع تطور الذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي، بات من الممكن كذلك تحليل حركة البيانات الصادرة من أجهزة إنترنت الأشياء في الزمن الفعلي، مما يُسهم في كشف الهجمات المحتملة قبل أن تتحوّل إلى كارثة أمنية. ومع ذلك، يبقى العامل البشري (مثل الإهمال في تغيير كلمات المرور أو الجهل بالأخطار) أحد أكبر الثغرات التي تستغلها الجهات المهاجمة.
الخلاصة
في المحصّلة، لم يعد الأمن السيبراني ترفاً تقنياً أو خياراً إدارياً، بل أصبح ضرورة وجودية في عصر تحكمه البيانات والاتصالات الذكية. فالتهديدات السيبرانية تتطوّر بشكل متسارع، وتضرب في العمق الأفراد والمؤسسات والدول، وتتنوّع بين هجمات الفدية، والتجسُّس، والرقابة، وإستغلال الأجهزة الذكية. في هذا السياق، تصبح الحماية الرقمية مسؤولية جماعية تتطلّب تضافر جهود القطاعات العامة والخاصة، إلى جانب وعي المستخدم وتحديث التشريعات. ولضمان بيئة رقمية أكثر أمناً، يتوجب القيام بالتالي:
تبنّي إستراتيجية وطنية شاملة للأمن السيبراني ترتكز على تطوير البنية التحتية، وتعزيز البحث العلمي، وبناء قدرات بشرية متخصّصة.
إلزام المصنّعين معايير أمنية في الأجهزة الذكية تشمل التشفير، والتحديث التلقائي، وحماية بيانات المستخدم.
توسيع التحالفات الإقليمية والدولية لتبادل المعلومات حول التهديدات السيبرانية وربطها بجهات محددة لمساءلتها.
إدراج الأمن السيبراني في المناهج التعليمية لتنشئة جيل واعٍ رقمياً، قادر على حماية نفسه ومجتمعه.
دعم الإبتكار في مجال الذكاء الإصطناعي الدفاعي لرصد التهديدات في الزمن الحقيقي والتصدي للهجمات قبل وقوعها.
وفي النهاية، يبقى الأمن السيبراني الحجر الأساس في إستقرار العالم الرقمي، ومن دون بنية دفاعية متماسكة ورؤية استراتيجية واضحة، لن تتمكّن أي منظومة من الصمود في وجه أمواج التهديدات المتصاعدة. فالمستقبل الآمن لا يُبنى بالتقنية فقط، بل بالثقة، والوعي، والتعاون العابر للحدود.
المصدر: إدارة الأبحاث والدراسات – إتحاد المصارف لعربية
بدءاً من 28 يونيو/ حزيران 2025 يفرض الإتحاد الأوروبي على المؤسسات تطبيق قانون لتعزيز الوصول الرقمي، ويُلزم القانون كل المؤسسات في الإتحاد الأوروبي، في مختلف أحجامها، بضمان إمكانية إستخدام مواقعها الإلكترونية وتطبيقاتها المحمولة وخدماتها الرقمية للجميع وبالأخص المعوّقين.
وسنعرض في ما يلي، النقاط الرئيسية في قانون الإتحاد الأوروبي الجديد لتعزيز إمكانية الوصول الرقمي والخطوات المتوجبة للإمتثال لهذا القانون، كما ونلفت الإنتباه إلى أنه رغم أن الخطوات للإمتثال للقانون الجديد إلزامية في الإتحاد الاوروبي، إلاّ أنه يتوجب أيضاً على المؤسسات في العالم العربي إنتهاج هذه الخطوات وتكييفها وتخصيصها بما يتناسب مع مصالحها.
كما وأن هذا القانون يطال جميع المصارف العربية، ولا سيما المصارف العربية التي لديها مراسلون في الإتحاد الأوروبي والمصارف العربية التي تعمل على الصعيد الدولي. وعلى المصارف العربية الإمتثال لقانون الإتحاد الأوروبي لتعزيز إمكانية الوصول الرقمي وذلك للحفاظ على قدراتها التنافسية على المستوى العالمي.
تعريف الوصول الرقمي
يشير مصطلح الوصول الرقمي إلى تصميم مواقع الويب والتطبيقات والأدوات والواجهات عبر الإنترنت بحيث يمكن إستخدامها من قبل الأشخاص المعوّقين المصابين بالإعاقات السمعية والبصرية والإدراكية والجسدية. ويهدف القانون الى تحقيق قدر أكبر من الشمول ونمو الأعمال.
المتطلّبات القانونية والتنظيمية
إن المتطلّبات القانونية والتنظيمية للوصول الرقمي تشمل الإمتثال لمعايير The Web Content Accessibility Guidelines (WCAG) . وتُحدّد إرشادات إمكانية الوصول إلى محتوى الويب WCAG المعيار العالمي لإمكانية الوصول إلى الويب. ويُوسّع الإصدار الأخير، WCAG 2.1، نطاق تطبيق المبادئ الأساسية لإمكانية الوصول إلى محتوى الويب على أجهزة الكومبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف.
كما وأن قانون الاتحاد الأوروبي الجديد لتعزيز الوصول الرقمي والذي سيدخل حيّز التنفيذ في 28 يونيو/ حزيران 2025، يهدف إلى توحيد متطلّبات إمكانية الوصول في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي لجميع المنتجات والخدمات الرقمية، من أجهزة الصراف الآلي والتجارة الإلكترونية والخدمات المصرفية إلى الهواتف الذكية والإتصالات، ويوضح تصميم هذه المنتجات ووظائفها وتوافر المعلومات فيها.
فوائد تحقيق الوصول الرقمي الشامل
بالإضافة الى ضرورة الإمتثال القانوني لتحقيق الوصول الرقمي الشامل، هناك فوائد وفرص كبيرة يمكن تحقيقها من خلال تحقيق الوصول الرقمي الشامل.
يُوسّع مفهوم الوصول الرقمي الشامل نطاق الوصول الرقمي ليشمل كل شيء، وليس فقط المساحات الرقمية، فهو يتعلق بتطوير بيئات ومنتجات وخدمات يُمكن للجميع، بغض النظر عن قدراتهم، إستخدامها براحة وإستقلالية. ويشمل ذلك المساحات المادية كالمباني ووسائل النقل العام، وحتى الأدوات اليومية كالأثاث واللافتات. على سبيل المثال، تُسهّل منحدرات الكراسي المتحركة والمصاعد الوصول إلى المباني للأشخاص ذوي الإعاقة
الجسدية. كما وتساعد طريقة برايل Braille على أجهزة الصراف الآلي والإعلانات الصوتية في وسائل النقل العام الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. وتساعد أدوات التحكم السهلة وأجهزة التحكم التكيفية في الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية مما يسمح لهم بالتفاعل الكامل مع الأجهزة.
إن الهدف من شمولية الوصول الرقمي هو إزالة الحواجز وتمكين الجميع، بغضّ النظر عن أعمارهم أو قدراتهم البدنية، من المشاركة على قدم المساواة في المجتمع. وبذلك فإن الوصول الرقمي الشامل هو الوصول الرقمي للجميع.
يتيح الوصول الرقمي الشامل الى تحقيق العديد من المزايا منها:
الوصول الشامل إلى السوق: بالنسبة إلى بعض الأشخاص ذوي الإعاقة، قد يكون من الأسهل التعامل مع شركة من خلال منصة رقمية يمكن الوصول إليها. وبالنسبة إلى البعض الآخر، قد يكون هذا خيارهم الوحيد.
تساعد مواقع الويب والتطبيقات المعزّزة بالوصول الرقمي الشامل في تسهيل التواصل مع ملايين العملاء وتلبية احتياجاتهم.
تحسين تجربة المستخدم: تساعد ترجمات الفيديو الأشخاص الذين يعانون ضعف السمع، ويساعد تبسيط التنقل على تحسين تجربة المستخدم.
– إن إعطاء الأولوية لإمكانية الوصول الرقمي الشامل يمكن أن يجعل المنصات الرقمية أكثر سهولة في الإستخدام للجميع وذلك لا يقتصر فقط على الأشخاص ذوي الإعاقة.
تحسين التنافسية: إن الإلتزام بتحقيق الوصول الرقمي الشامل هو إلتزام بالمسؤولية الإجتماعية، فالإعتماد المبكر والمستمر للممارسات الشاملة يُسهم في التميُّز، والبقاء في الطليعة على الصعيد العالمي، وتعزيز الثقة، وترسيخ السمعة.
مبادئ الوصول الرقمي
تضمن مبادئ الوصول الرقمي للجميع، بغضّ النظر عن قدراتهم، إمكانية الوصول إلى البيئات الرقمية والمادية والتفاعل معها. وتشمل المبادئ الأساسية للوصول الرقمي التالي:
سهولة الإدراك: يجب أن تكون المعلومات متاحة لجميع الحواس. تُسهّل بدائل النصوص للصور، وترجمات الفيديوهات، والمحتوى الذي يمكن الوصول إليه من قبل الأشخاص ذوي القدرات المختلفة.
سهولة الإستخدام: يجب أن تكون واجهات الإستخدام سهلة وتجنب المحتوى الذي قد يُسبب نوبات صرع، وضمان سهولة استخدام العناصر التفاعلية للجميع.
سهولة الفهم: يجب أن تكون المعلومات والوظائف واضحة وسهلة التنبؤ. إستخدام لغة بسيطة، وتخطيطات بديهية، وتصميم متناسق يُفيد جميع المستخدمين، بمن فيهم ذوو الإعاقات العقلية.
المتانة: يجب أن يتوافق المحتوى مع مختلف الأجهزة والتقنيات المساعدة، ويجب أن تكون مواقع الويب والتطبيقات متوافقة مع قارئات الشاشة، وأدوات التحكم الصوتي، ومختلف المتصفحات لضمان سهولة الوصول للجميع.
تُشكل هذه المبادئ أساس معايير إمكانية الوصول العالمية، وهي من ضمن إرشادات إمكانية الوصول إلى محتوى الويب (WCAG)، ويساعد تطبيقها في تحقيق تجربة أكثر شمولاً للجميع. تضمن سهولة التشغيل إمكانية تصفح مواقع الويب باستخدام لوحة المفاتيح فقط، مع تجنب إستخدام الادوات التي تتطلب حركة سريعة أو نقراً دقيقاً، وذلك يمنح المستخدمين وقتاً كافياً للتفاعل مع المحتوى، كما تُساعد المتانة على جعل المحتوى الرقمي يعمل على جميع الأجهزة والتقنيات.
خطوات عملية لتحقيق الوصول الرقمي
بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، تتضمّن الخطوات العملية لتحسين الوصول الرقمي وتقديم تجربة رقمية أكثر شمولاً التالي:
فهم إحتياجات الوصول الرقمي: وذلك يتطلب التعرّف على مختلف أنواع الإعاقات وكيفية تأثيرها على التفاعلات الرقمية، مما يساعد في تحديد نقاط الضعف المتعلقة بإمكانية الوصول إلى المواقع الإلكترونية أو التطبيقات أو الخدمات الرقمية التي تقدمها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
إتباع إرشادات الوصول الرقمي: يُمكن إستخدم إرشادات إمكانية الوصول إلى محتوى الويب (WCAG) كمرجع للتأكد من أن المواقع الإلكترونية مصمّمة بحيث تدعم قارئات الشاشة، والتنقل بإستخدام لوحة المفاتيح، ووظائف تحويل النص إلى كلام.
تسهيل فهم المحتوى: على المؤسسات توفير نص بديل للصور ليتمكن ضعاف البصر من فهمها، مما يستوجب ترجمة المحتوى والنصوص واستخدام ألوان متباينة وخطوط واضحة لتحسين الرؤية.
تبسيط التنقل: يجب التأكد من إمكانية الوصول إلى جميع العناصر التفاعلية (الأزرار، الروابط، النماذج) عبر إختصارات لوحة المفاتيح. إن إستخدام عناوين وعلامات واضحة لتوجيه المستخدمين بفعّالية وتجنُّب إستخدام القوائم المنسدلة أو الرسوم المتحركة المعقّدة التي قد يصعب على المستخدمين ذوي الإعاقة فهمها هو أمر ضروري لتعزيز الوصول الرقمي.
تحسين إمكانية الوصول عبر الأجهزة المحمولة: يجب التأكد من إستجابة المواقع الإلكترونية والمحتوى الرقمي وتوافقهما مع الأجهزة المحمولة، وعليه يجب استخدام عناصر تدعم اللمس مع مساحة كافية بين الأزرار واختبار توافق التحكم الصوتي والتقنيات التكيفية.
إستخدام أدوات اختبار: وذلك لإختبار إمكانية الوصول، ومن هذه الأدوات تطبيقات ويف WAVE وأكسي Axe ولايت هاوس Lighthouse لتحديد العوائق، ويجب جمع الملاحظات حول تفاعل الأفراد ذوي الإعاقة وذلك لتحسين سهولة الاستخدام.
التدريب: تثقيف الموظفين حول أفضل ممارسات الوصول الرقمي، مما يشجّع منشئي المحتوى والمصمّمين والمطوّرين على إعطاء الأولوية لتحقيق الوصول الرقمي الشامل.
جعل مهام تحقيق الوصول الرقمي عملية مستمرة: وذلك يتطلب تحديث المواقع الإلكترونية والخدمات الرقمية بانتظام لتلبية معايير إمكانية الوصول المتطورة والتكيُّف المستمر.
التركيز على سهولة الوصول ليس مجرد أمر أخلاقي، بل هو أيضاً عمل تجاري مربح. التجارب الرقمية الشاملة تجذب المزيد من العملاء وتعزز سمعة العلامة التجارية.
الإمتثال لقانون الوصول الرقمي
للإمتثال لقانون إمكانية الوصول الأوروبي (EAA) لعام 2025، يتعيّن على الشركات العاملة في الإتحاد الأوروبي ضمان سهولة وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى منتجاتها وخدماتها الرقمية. وتشمل الإجراءات الرئيسية لتحقيق الإمتثال التالي:
فهم نطاق قانون إمكانية الوصول الرقمي: ينطبق القانون على المواقع الإلكترونية، وتطبيقات الهواتف المحمولة، ومنصّات التجارة الإلكترونية، والخدمات المصرفية، وأنظمة النقل، وأدوات الاتصال الرقمية. يجب على الشركات ضمان إستيفاء عروضها الرقمية لمعايير إمكانية الوصول الموحدة في جميع أنحاء الإتحاد الأوروبي.
تطبيق معايير إمكانية الوصول: إتباع إرشادات إمكانية الوصول إلى محتوى الويب (WCAG) لضمان سهولة إستخدام المواقع الإلكترونية والتطبيقات من قِبل الأشخاص ذوي الإعاقة والتأكد من توافقها مع التقنيات المساعدة، مثل قارئات الشاشة وأدوات التعرف على الصوت.
تقديم بيانات إمكانية الوصول: يجب على الشركات نشر بيانات إمكانية الوصول التي توضح مدى امتثال خدماتها الرقمية لقانون إمكانية الوصول المؤسسي European Accessibility Act (EAA) 2025. يجب أن تكون هذه البيانات واضحة وشفافة، وأن تُحدّث بإنتظام.
تحسين الواجهات الرقمية: تحسين التنقل بإستخدام لوحة المفاتيح وتوفير نصوص بديلة للصور وضمان تباين الألوان، ووضوح الخطوط للمستخدمين ضعاف البصر وتوفير ترجمات ونصوص مكتوبة لمحتوى الوسائط المتعدّدة.
إختبار ومراقبة الإمتثال: إجراء عمليات تدقيق دورية لإمكانية الوصول ووضع إجراءات مراقبة داخلية لضمان الامتثال المستمر.
الإستعداد للتنفيذ: سيتم تطبيق قانون إمكانية الوصول الإلكتروني بالكامل في حلول 28 يونيو/ حزيران 2025، وقد يؤدي عدم الإمتثال إلى عقوبات أو إجراءات قانونية. وينبغي على الشركات التعاون مع خبراء إمكانية الوصول لضمان الامتثال قبل الموعد النهائي.
إعداد بيان إمكانية الوصول: يوضح هذا البيان إلتزام الشركات تحقيق الوصول الرقمي ويتضمن هذا البيان البنود التالية:
مدى إمكانية الوصول الرقمي للجميع.
إجراء عمليات تدقيق للتحقق من إمكانية الوصول الرقمي.
ضمان إمكانية الوصول الرقمي بإستمرار.
الإطلاع على تعديلات القانون وإرشادات الوصول إلى محتوى الويب (WCAG)
وإرشادات هيئة تقييم الوصول الإلكترونيEEA European Accessibility Act والمتطلّبات التنظيمية الأخرى.
السعي نحو الوصول الرقمي الشامل: الهدف ليس الامتثال فحسب، بل تقديم الوصول الرقمي الشامل للمستخدمين.
خارطة الطريق للمصارف العربية
في حين أن الوصول الرقمي أصبح أمراً إلزامياً بموجب القانون، إلاّ أنه يتيح أيضاً فرصة لإعادة تقييم طريقة تعامل المصارف العربية مع الشركات عبر المنصّات الإلكترونية والرقمية.
إن إتخاذ خطوات لإستيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة، سيُحسّن التفاعل مع جميع المستخدمين على نطاق واسع، ويضمن تلبية الخدمات المصرفية لجميع إحتياجاتهم. مع أن تحقيق الإمتثال قد يبدو معقداً، إلاّ أنه ليس أمراً شاقاً. فالبدء بخطوات صغيرة وبسيطة قد يُحدث تأثيراً كبيراً.
في الخلاصة، إن وضع الإستراتيجيات للتكيّف مع القانون الجديد، يُمكن أن ينقذ المصارف العربية العاملة على المستوى العالمي، من المشاكل القانونية الناجمة عن عدم الإمتثال لقانون الوصول الرقمي، ويُحسّن تجربة المستخدم. كما ينبغي على المصارف العربية أن يوضع الخطوات للإمتثال للقانون، وأن تُبنى هذه الخطوات تدريجاً، وأن تُساهم في كسر الحواجز أمام الوصول الرقمي الشامل.
تعدّد أشكال المخاطر الجيوسياسية والنزاعات العسكرية
وعدم الإستقرار السياسي والعقوبات الإقتصادية
الصمود المصرفي والإقتصادي في ظل المتغيّرات الجيوسياسية
تتسارع التغيُّرات الجيوسياسية في العالم بصورة غير مسبوقة، حيث تشهد الساحة الدولية إضطرابات متعددة تشمل النزاعات المسلحة والتوترات الجيوسياسية والعقوبات الإقتصادية والحروب التجارية وتغيُّرات موازين القوى الإقليمية. وفي ظل هذه التقلُّبات، تبرز أهمية الصمود الإقتصادي والمصرفي كضرورة إستراتيجية تمكّن الدول من الحفاظ على إستقرارها المالي وضمان إستمرارية النشاط الإقتصادي، رغم التحدّيات الخارجية. علماً أن المصارف، بإعتبارها العصب الرئيسي للأنظمة المالية، تقع في صلب هذه المعادلة، إذ يُعهد إليها مسؤولية إدارة رأس المال وتوفير التمويل وتأمين المدفوعات والحفاظ على ثقة المستثمرين والعملاء، وبالتالي، فإن قدرتها على الصمود أمام الأزمات الجيوسياسية تمثل ركيزة حاسمة للإستقرار الإقتصادي الشامل.
المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على القطاعات المصرفية والمالية
تتعدّد أشكال المخاطر الجيوسياسية، وتشمل على سبيل المثال النزاعات العسكرية، وعدم الإستقرار السياسي، والعقوبات الإقتصادية، والقرارات أحادية الجانب من القوى الكبرى، وإضطرابات سلاسل التوريد العالمية.
تؤدي هذه المخاطر إلى تقلُّبات حادّة في الأسواق المالية وإنخفاض ثقة المستثمرين وتراجع في مستويات السيولة والإئتمان. كما تؤثر بشكل مباشر على بيئة الإمتثال المصرفي، حيث تصبح المصارف أكثر عرضة للمخاطر التنظيمية والعقوبات الثانوية، ما يُضعف قدرتها على إقامة علاقات مستقرّة مع المصارف المراسلة ويُعقّد تعاملاتها الخارجية.
وإلى جانب ذلك، تفرض التطورات الجيوسياسية ضغوطاً كبيرة على سياسات المصارف المركزية، خصوصاً في الإقتصادات النامية، التي تجد نفسها مضطرّة إلى تعديل أسعار الفائدة بشكل متكرّر، أو التدخل في أسواق العملات للحفاظ على إستقرار العملة الوطنية. كما تؤثر هذه الإجراءات بدورها على البيئة التشغيلية للمصارف التجارية وتزيد من كلفة التمويل وتحدّ من قدرة المصارف على منح القروض وتحفيز الإقتصاد.
كذلك، فإن تأثير هذه المخاطر يتجاوز القطاع المصرفي ليشمل منظومة الإقتصاد الكلي، إذ تؤدي إلى تقلُّص في تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر وتباطؤ النمو الإقتصادي وإرتفاع مستويات التضخُّم نتيجة إضطرابات التجارة العالمية وإرتفاع أسعار المواد الأولية. ويزداد الأمر تعقيداً عندما تؤثر هذه المخاطر على إستقرار العملات الوطنية أو الإحتياطات الأجنبية، ما قد يضع المصارف أمام تحدّيات إضافية في إدارة السيولة وتوفير العملة الصعبة.
ولا يُمكن إغفال الدور المتزايد للمخاطر السيبرانية المرتبطة بالهجمات الرقمية المدعومة من أطراف دولية في ظل النزاعات الجيوسياسية، والتي قد تستهدف الأنظمة المصرفية والبُنى التحتية المالية الحيوية، وهو ما يفرض على المصارف أن تضيف بُعد الأمن السيبراني كجزء لا يتجزأ من إدارة المخاطر الجيوسياسية، مع تعزيز نظم الحماية وتحديثها بشكل دائم.
وعليه، تصبح الحاجة إلى فهم عميق ومتكامل للمخاطر الجيوسياسية ضرورة ملحة لصنّاع القرار المصرفي، وهو ما يتطلّب أدوات تحليلية متقدّمة، ولجان متخصّصة تتابع التطورات العالمية وتترجمها إلى مؤشرات إستباقية داخل المؤسسات المالية. كذلك، فإن تأثير هذه المخاطر يتجاوز القطاع المصرفي ليشمل منظومة الإقتصاد الكلي، إذ تؤدي إلى تقلُّص في تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر وتباطؤ النمو الإقتصادي وإرتفاع مستويات التضخُّم نتيجة إضطرابات التجارة العالمية وإرتفاع أسعار المواد الأولية.
ويزداد الأمر تعقيداً عندما تؤثر هذه المخاطر على إستقرار العملات الوطنية أو الإحتياطات الأجنبية، ما قد يضع المصارف أمام تحدّيات إضافية في إدارة السيولة وتوفير العملة الصعبة.
إستراتيجيات الصمود وإدارة المخاطر لضمان صمودها
تعتمد المصارف على مجموعة من الإستراتيجيات، تشمل تنويع المخاطر الجغرافية والإستثمارية، وتعزيز إحتياطاتها من السيولة، وتبنّي أطراً حديثة لإدارة المخاطر تعتمد على التحليل الإستباقي والتنبؤ بالمخاطر المستقبلية. كما تركّز على بناء أنظمة إمتثال صارمة تتماشى مع المعايير الدولية وتحد من التعرُّض للعقوبات أو القرارات التنظيمية المفاجئة.
من جهة أخرى، تشكل الرقمنة والتحوُّل التكنولوجي أداة حيوية للصمود، حيث تسمح للمصارف بتطوير نماذج أعمال مرنة، وتقوية قنواتها الرقمية، وتوسيع قاعدة عملائها خارج الحدود التقليدية. ويُسهم إعتماد تقنيات الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في تحسين القدرة على التنبؤ بالتقلُّبات الإقتصادية وتحديد مكامن الخطر في مراحل مبكرة. ولا يقل أهمية عن ذلك الإستثمار في العنصر البشري، إذ إن تعزيز كفاءة الموظفين وتدريبهم على التعامل مع البيئات غير المستقرّة يمثل خط دفاع أساسياً. ومن الإستراتيجيات المحورية أيضاً تطوير خطط إستمرارية الأعمال، التي تضمن المحافظة على العمليات الحيوية للمصرف في حالات الطوارئ أو الكوارث الجيوسياسية، بما في ذلك توفير بدائل تشغيلية عبر فروع دولية أو نظم إحتياطية لتقنية المعلومات. كما تُسهم عمليات المحاكاة الدورية لإختبار الجاهزية التشغيلية في تقوية المنظومة المؤسسية للصمود.
إضافة إلى ذلك، يُمكن للمصارف تعزيز حضورها في الأسواق الإقليمية الأقل تأثراً بالأزمات الجيوسياسية، بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الإعتماد على أسواق شديدة الحساسية. هذا النوع من التوسع الخارجي يجب أن يتم وفق دراسات جدوى دقيقة تراعي البيئة التنظيمية والسياسية والمالية في تلك الأسواق.
ولا بد أيضاً من بناء شبكات تواصل فعّالة مع السلطات الرقابية والجهات الدولية، بهدف تبادل المعلومات حول الأخطار المحتملة وتعزيز التعاون في مجال الإمتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي مجالات أصبحت شديدة الترابط مع الإعتبارات الجيوسياسية المعاصرة.
في ضوء ما تقدم، فإن بناء ثقافة مؤسسية مرنة تتقبل التغيير، وتستوعب الديناميكيات الجديدة، وتُشجع على إتخاذ قرارات سريعة ومدروسة، يُعدّ من صلب إستراتيجيات الصمود، بما يضمن الحفاظ على ثقة المودعين والمستثمرين في كافة الأوقات. من جهة أخرى، تشكل الرقمنة والتحوُّل التكنولوجي أداة حيوية للصمود، حيث تسمح للمصارف بتطوير نماذج أعمال مرنة، وتقوية قنواتها الرقمية، وتوسيع قاعدة عملائها خارج الحدود التقليدية. ويُسهم إعتماد تقنيات الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في تحسين القدرة على التنبؤ بالتقلُّبات الإقتصادية وتحديد مكامن الخطر في مراحل مبكرة. ولا يقل أهمية عن ذلك الإستثمار في العنصر البشري، إذ إن تعزيز كفاءة الموظفين وتدريبهم على التعامل مع البيئات غير المستقرّة يمثل خط دفاع أساسياً.
خطط العمل المستقبلية لتمكين المصارف
تتطلّب البيئة الجيوسياسية المتغيّرة من المصارف ليس فقط التفاعل مع التحدّيات الآنية، بل أيضاً إعتماد نهج إستباقي يستند إلى رؤية إستراتيجية واضحة وخطط تنفيذية مرنة تُمكّنها من تعزيز مرونتها المؤسسية وتحقيق أهدافها المالية والتنموية. وتُمثل هذه الخطط ركيزة مركزية لضمان قدرة المصارف على مواصلة تقديم خدماتها بفعّالية، وحماية مصالح أصحاب المصلحة، والإضطلاع بدور فعّال في دعم الإستقرار الإقتصادي الوطني والإقليمي.
في ما يلي إضاءة على بعض آليات التمكين:
حماية المحافظ الإستثمارية: تتمثل أبرز الأدوات في تنويع المحافظ الإستثمارية عبر أصول وأسواق متعدّدة، وتحديد نسب المخاطر المقبولة ضمن حدود محدّدة، وإستخدام أدوات التحوُّط المالي مثل المشتقات والعقود المستقبلية. كما يجب تعزيز الإستثمارات في الأصول الدفاعية مثل الذهب أو السندات السيادية منخفضة المخاطر، وضمان وجود تقييم دوري للمخاطر المرتبطة بكل أصل. ويُستحسن أيضاً بناء آليات إستجابة سريعة عند حدوث تغيُّرات مفاجئة في البيئة الإقتصادية، بما في ذلك خطط الطوارئ لإعادة توزيع الأصول أو تعديل السياسات الإستثمارية وفق المستجدات. ويُعدّ تطوير أدوات تقييم المخاطر الديناميكية عاملاً حاسماً في هذا المجال، إذ تُمكّن المؤسسات من قراءة متغيّرة للأسواق والتفاعل الفوري مع التحوُّلات.
الإستجابة لتوقعات العملاء المتزايدة: يتطلّب الأمر تعزيز تجربة العملاء من خلال الرقمنة، وإطلاق منتجات مالية مخصصة تلبي الإحتياجات المتغيّرة، مثل حلول الدفع الإلكتروني والقروض المرنة ومنتجات الإستثمار المستدام. كما يتعيّن على المصارف توفير خدمات إستشارية دقيقة حيال التغيُّرات في الأسواق العالمية وتأثيراتها على قرارات العملاء. ويُشكل التواصل الفعّال والشفّاف مع العملاء عنصراً مهماً في الحفاظ على الثقة، لا سيما في فترات الأزمات، حيث تزداد الحاجة إلى الطمأنة والمعلومات الدقيقة. كما ينبغي تعزيز أدوات التحليل السلوكي للزبائن لتحديد أنماطهم الإستهلاكية وإبتكار حلول مالية ملائمة تعكس إحتياجاتهم المتجددة.
الحفاظ على التنافسية: يتم ذلك من خلال الإبتكار المستمر، وتبنّي تقنيات الذكاء الإصطناعي في العمليات التشغيلية وتحليل البيانات، وتعزيز الكفاءة التشغيلية من خلال أتمتة الإجراءات وتقليل التكاليف. كما يُعد الإنفتاح على الشراكات مع شركات التكنولوجيا المالية عاملاً أساسياً في بناء نماذج أعمال أكثر مرونة وإستجابة للتحدّيات.
ولا بد من تعزيز الإستثمارات في البحث والتطوير داخل المصارف نفسها، لضمان إنتاج حلول مالية تتناسب مع الديناميكيات الجديدة في الأسواق العالمية. وفي هذا الإطار، يجب أن تنظر المصارف إلى الإبتكار كمصدر استراتيجي للميزة التنافسية، لا كعامل تقني فقط، مما يتطلّب تفعيل حوكمة الإبتكار وتخصيص ميزانيات مستدامة لهذا الغرض.
في الخلاصة
بناءً على ما تقدم، لم يعد الصمود المصرفي والإقتصادي خياراً نظرياً، بل أصبح ضرورة إستراتيجية محورية لتمكين المصارف من التعامل مع واقع دولي بالغ التعقيد، يتّسم بتشابك الأزمات وتسارع التغيُّرات الجيوسياسية والإقتصادية. فالمؤسسات المصرفية التي تتبنّى إستراتيجيات متعدّدة المستويات، وتفعّل آليات الحوكمة الرشيدة، وتستثمر بشكل ذكي في الرقمنة والإبتكار المالي، أثبتت قدرتها على الإستمرار بل وتحقيق النمو حتى في أكثر البيئات تقلباً.
إن مواجهة التحدّيات الجيوسياسية تفرض تحوُّلاً نوعياً في التفكير المصرفي، من عقلية رد الفعل إلى عقلية الإستباق والإستشراف، بحيث تُرى المخاطر لا كمجرّد تهديدات بل كنوافذ لإعادة التموقع وتحقيق فرص جديدة. فالمصرف القادر على الصمود هو ذاك الذي يمتلك بنية تنظيمية مرنة، وثقافة مؤسسية مرنة منفتحة على التحوُّل، وأدوات تشغيلية قابلة للتكيُّف مع التحوُّلات العنيفة في الأسواق الدولية.
وضمن هذا الإطار، يتطلّب الواقع الجديد إرساء وحدات تحليل إستراتيجية داخل المصارف، تُعنى برصد التطورات الجيوسياسية وربطها بالقرارات التمويلية والإستثمارية، بما يتيح إستجابة أسرع وأكثر دقة للتغيُّرات المفاجئة. كما ينبغي تعزيز البنية التحتية الرقمية والقدرات السيبرانية لضمان إستمرارية الأعمال في وجه التهديدات السيبرانية والإختراقات، والتي أصبحت جزءاً من حروب غير تقليدية تستهدف المؤسسات المالية.
بالإضافة الى ما سبق، يُعدُّ بناء شراكات استراتيجية مع منظمات دولية وهيئات رقابية موثوقة، خطوة محورية لتعزيز قدرة المصارف على التكيُّف، وتبادل المعرفة، وتحقيق التوازن بين الإمتثال الصارم والمرونة التشغيلية. ويُمثل دعم البحوث التطبيقية في مجالات إدارة المخاطر الجيوسياسية، وتحليل السيناريوهات والإمتثال المتقدّم رافعة معرفية لا غنى عنها في عالم يتغيّر بوتيرة غير مسبوقة. كما يجب أن تُولي المؤسسات إهتماماً بتصميم برامج تدريبية مستدامة تُعنى ببناء قدرات الكوادر المصرفية في فهم وتحليل المخاطر السياسية والإقتصادية العابرة للحدود، بما يُسهم في ترسيخ مناعة مؤسسية حقيقية، بدلاً من الإكتفاء بالإجراءات الشكلية.
في المحصّلة، إن قدرة القطاع المصرفي على الصمود والتقدم لا تُبنى فقط على الإجراءات الآنية، بل تتطلّب إرادة جماعية وقيادة إستراتيجية واعية، تتجاوز منطق ردود الفعل إلى تبنّي رؤية متكاملة تعيد صوغ العلاقة بين المال والسيادة والسياسة، وتؤسس لمرحلة جديدة من الإستقرار المالي والتأثير الإقليمي والدولي.
(المصدر: إدارة الأبحاث والدراسات – إتحاد المصارف العربية)
* د. وسام فتوح: التعاون والتكامل الحجر الأساس في معركتنا المستمرة ضد الجرائم المالية
* مايكل ماتوسيان: المجموعة أحدثت تغييرات جوهرية نحو بيئة أكثر أماناً وشفافية في المنطقة
جاء إنطلاق فعّاليات الإجتماع العام لمجموعة الإمتثال لمكافحة الجرائم المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA FCCG) برئاسة الدكتور وسام فتوح مساء الأربعاء 14 مايو/ أيار 2025، بإقامة حفل عشاء ترحيبي رسمي، تم خلاله تكريم السيد آدم فامولارو، الرئيس التنفيذي لشركة WorkFusion، الذي ألقى كلمة رئيسية تناول فيها مستقبل وظيفة مكافحة الجرائم المالية لعام 2025. وقد مثّل هذا الحفل إنطلاقة رمزية لسلسلة إجتماعات جمعت نخبة من صانعي السياسات وخبراء الإمتثال من مختلف أنحاء المنطقة والعالم.
في صباح الخميس 15 مايو/ أيار 2025، إفتتحت السيدة رندة الصادق، الرئيس التنفيذي للبنك العربي، الإجتماع بكلمة أثنت فيها على جهود الأعضاء ومساهماتهم البارزة، لمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس المجموعة، التي تركت أثراً جماعياً ملموساً في المنطقة.
وقالت السيدة الصادق: «في ظل التحدّيات المتزايدة، من التهديدات السيبرانية إلى تطور أساليب الجرائم المالية، لم يعد التعاون خياراً بل ضرورة»، مشيرة إلى «أن الحوار وتبادل المعرفة الذي سيجري اليوم يلعب دوراً محورياً في رسم ملامح مستقبل جهودنا المشتركة. معاً، يُمكننا تطوير حلول مبتكرة، وتبادل أفضل الممارسات، وتعزيز إلتزامنا المشترك بأعلى معايير الإمتثال والنزاهة».
من جانبه، عبّر الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية ورئيس مجموعة MENA FCCG، عن فخره بما حققته المجموعة منذ تأسيسها في العام 2016، مشيراً إلى «إرتفاع أصول البنوك الأعضاء من 800 مليار إلى 1.3 تريليون دولار، ما يعكس الثقة المتزايدة بالأداء الإقليمي والدولي للمجموعة»، عارضاً أبرز إنجازاتها، «منها إصدار أدلّة مرجعية مهمة، وتأسيس فرع أوروبي، وإطلاق برامج شهادات مهنية بالشراكة مع الجامعة الأميركية في بيروت».
كما دعا الدكتور فتوح إلى «توسيع نطاق الإمتثال ليشمل القطاعات غير المالية، مثل العقارات، التأمين، الفن، والمعادن الثمينة، وتعزيز الشراكة مع الحكومات والجهات التنظيمية لبناء منظومة مالية أكثر شفافية وتكاملاً»، معلناً عن «مؤتمر مرتقب في بغداد حول مكافحة غسل الأموال بالشراكة مع الحكومة العراقية ووزارة الخزانة الأميركية، إضافة إلى مشروع إستراتيجي لإعادة دمج القطاع المصرفي السوري في النظام المالي العالمي، يتم عبر حوار بنّاء مع السلطات الأوروبية والفرنسية».
وأشار د. فتوح إلى «قمّة مصرفية دولية ستُعقد في فرنسا تحت رعاية الرئيس إيمانويل ماكرون، تُخصّص لإعادة هيكلة القطاع المصرفي في الدول المتأزمة مثل سوريا، لبنان، العراق، اليمن، والسودان»، مؤكداً في كلمته على أهمية ما جاء في كلمة السيدة رندة الصادق، مشدداً على «ضرورة العمل المشترك من أجل تعزيز التوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وبناء منطقة شرق أوسط وشمال إفريقيا أكثر أماناً»، وقال: «لتعزيز ما حقّقته المجموعة من إنجازات ملموسة، لا بد من التحلّي بالمرونة الإستراتيجية، وإستشراف المستقبل، والوفاء بمسؤولياتنا تجاه أصحاب المصلحة»، مؤكداً «أنّ التعاون والتكامل بيننا يظل الحجر الأساس في معركتنا المستمرة ضد الجرائم المالية».
وختم الدكتور وسام فتوح كلمته بالتأكيد على إستمرار MENA FCCG في دورها القيادي، موجّهاً الشكر للشركاء الدوليين على دعمهم الثابت وإلتزامهم المشترك.
من جانبه، أشاد السيد مايكل ماتوسيان، مؤسس المجموعة ونائب الرئيس، خلال كلمته الإفتتاحية، بالإنجازات الأخيرة التي حققتها المجموعة، مثنياً على جهود الأعضاء التي منحت المجموعة مكانة مرموقة وإعترافاً واسعاً من قبل الجهات التنظيمية والمنظمات الدولية، داعياً إلى «الإستفادة من هذه الإنجازات وتعميمها على نطاق أوسع، عبر تعزيز التواصل مع المجتمع الدولي، بما يضمن تحقيق أهداف المجموعة في بناء القدرات ونشر المعرفة داخل القطاع المصرفي وخارجه».
وقال السيد مايكل: «من خلال التعاون المثمر، والإبتكار، والقدرة على الصمود، تمكّنا من إحداث تغييرات جوهرية وقطعنا خطوات كبيرة نحو بيئة مالية أكثر أماناً وشفافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وما بعدها. لقد تميّزت جهودنا بالشراكة والوحدة والعزيمة، ما يذكّرنا بالأثر الإستثنائي الذي يمكن أن نُحدثه حين نعمل معاً».
محطات بارزة من الإجتماع
إستضاف الإجتماع سعادة السيدة سمية أبو شريف، رئيسة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب FIU )– الأردن) ورئيسة مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، خلال جلسة بعنوان: «مستقبل مكافحة الجرائم المالية: تسخير الإستراتيجيات المدفوعة بالإستخبارات»، أدارها السيد شي سيدانيوس، الرئيس العالمي لمكافحة الجرائم المالية والشؤون المؤسسية في مجموعة بورصة لندن (LSEG) ومؤسس التحالف العالمي لمكافحة الجرائم المالية (GCFFC).
كما شاركت في الإجتماع السيدة كاثلين بوزيس، الملحقة الإقليمية لدى شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) في وزارة الخزانة الأميركية، حيث قدّمت عرضاً حول التوجهات الإقليمية للوزارة في مجال مكافحة الجرائم المالية، موضحة أبرز أولويات FinCEN، والتي تشمل التصدّي لتجارة المخدّرات، تقويض قدرات إيران على تطوير أسلحة دمار شامل، ودعم جهود إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري.
إنجازات تُحدث فرقاً: مساهمات نوعية لمجموعة MENA FCCG
شهد الإجتماع عرضاً لأبرز الإنجازات الحديثة التي حققتها مجموعة الامتثال لمكافحة الجرائم المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA FCCG)، ولا سيما من خلال فرق العمل المتخصّصة التابعة لها، والتي ساهمت في ترسيخ مكانة المجموعة كمحور إقليمي رائد في مجال الإمتثال ومكافحة الجرائم المالية. ومن بين هذه الإنجازات البارزة، تم تقديم ورقة بحثية متقدمة بعنوان: «نموذج تقييم المخاطر لإدارة معاملات غسل الأموال»، أعدّتها أكاديمية ربدان بالتعاون مع فريق العمل المعني بالذكاء الإصطناعي التابع للمجموعة ومركز الأبحاث التابع لأكاديمية سوق أبوظبي العالمي (ADGM Academy Research Centre). تعرض الورقة نتائج تطبيق نموذج قائم على تقنيات التعلم الآلي لتقييم درجة المخاطر المرتبطة بالتنبيهات الخاصة بغسل الأموال، وتُبرز الدور الفعّال لهذا النموذج في رفع كفاءة العمليات التشغيلية وتعزيز دقّة قرارات الإمتثال في المؤسسات المالية.
كما قدم خلال الإجتماع كل من السيد باتريك فيتزجيرالد، مدير برنامج الماجستير التنفيذي في إدارة الأعمال ورئيس قسم التعلم الإلكتروني في كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال – الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، والسيدة لما سهلي، مديرة البرامج الإلكترونية في AUB Online، عرضاً شاملاً حول التقدم المحرز في برنامج الشهادة المتخصّص في الجرائم المالية القائمة على التجارة (Trade-Based Financial Crime – TBFC)، المنفّذ بالتعاون مع فريق العمل المختص بـTBFC في مجموعة MENA FCCG والفصل الإقليمي للتحالف العالمي لمكافحة الجرائم المالية (GCFFC – MENA Chapter).
مبادرة نوعية لمكافحة الفساد والرشوة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
وفي خطوة إستراتيجية لتعزيز الشفافية وترسيخ ثقافة الإمتثال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أعلنت مجموعة MENA FCCG، بالتعاون مع الفصل الإقليمي للتحالف العالمي لمكافحة الجرائم المالية (GCFFC – MENA Chapter)، عن إطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى دعم جهود المنطقة في مكافحة الفساد والرشوة، وذلك من خلال محورين تكميليين يعكسان إلتزاماً راسخاً بإرساء بيئة أعمال نزيهة ومسؤولة.
المحور الأول، يتمثل في لوحة مؤشرات MENA لمكافحة الرشوة والفساد ABC Dashboard، وهي أداة تحليلية متقدّمة تم تطويرها بإستخدام منصّة تصنيف مخاطر الدول التابعة لمجموعة بورصة لندن (LSEG)، المعروفة بمصداقيتها العالية على المستوى الدولي. وقد تم تكييف هذه الأداة لتراعي الخصوصيات الإقليمية لدول المنطقة، حيث تُتيح رؤى قائمة على البيانات حول توزيع مخاطر الرشوة والفساد، مما يساعد الحكومات، والقطاع الخاص، والمستثمرين على رصد التحدّيات، وإستشراف الإتجاهات، وتوجيه الإصلاحات المؤسسية بشكل فعّال.
أما المحور الثاني، فيتجسّد في أداة التقييم الذاتي للقطاع الخاص في مجال مكافحة الرشوة والفساد، والتي تهدف إلى تمكين الشركات العاملة في المنطقة من تقييم برامجها الداخلية وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية. وتوفر هذه الأداة إطاراً عملياً يساعد المؤسسات على قياس أدائها، وتحديد مجالات التحسين، وتعزيز التزامها بمبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة.
تُعد هذه المبادرة نموذجاً رائداً للتعاون الإقليمي في مجال مكافحة الفساد، وتعكس الدور المتنامي لمجموعة MENA FCCG في توفير أدوات معرفية وعملية تُسهم في إحداث تغيير مستدام وبناء مستقبل اقتصادي أكثر نزاهة واستقراراً في المنطقة.
MENAFCCGتعزّزالتعاونالدوليفيمكافحةالجرائمالمالية
شارك السيد توماس نون، رئيس الفصل الأوروبي لمجموعة MENA FCCG، في إجتماع المجموعة، مقدّماً عرضاً حول إنجازات الفصل وخططه لعام 2025، مؤكداً أن الأولوية ستكون لتعزيز التعاون مع المصارف العربية في أوروبا، ونشر أفضل ممارسات الإمتثال، وتوسيع الحضور لدى الهيئات الرقابية، مشيراً إلى أهمية الإستعداد لتطبيق قانون الجرائم الإقتصادية الجديد في المملكة المتحدة، والذي يستحدث جريمة «الإخفاق في منع الإحتيال»، إعتباراً من سبتمبر/أيلول 2025.
كما قدّمت السيدة شيلا سادات، مديرة الشراكات في GASA، مداخلة حول الجهود المشتركة في دعم برامج الامتثال وبناء القدرات. وقد تناول كل من تشيب بونسي، وسارة رونج أبرز التحديثات المتعلقة بالعراق والعقوبات الدولية، بإدارة السيد أنطوان حبيش، المستشار الإستراتيجي لإتحاد المصارف العربية.
وتضمّن الإجتماع جلستين تقنيتين أدارهما السيد ديفيد شيبرد من مجموعة LSEG، تناولتا مستقبل مكافحة الجرائم المالية في ظلّ التحوّل الرقمي، والتحدّيات المرتبطة بحماية البيانات وإستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول. وشارك فيها خبراء بارزون مثل آدم فامولارو، ماركوس شولتز، نيشانث نوتاث، وجون والش، مؤكدين أهمية الإبتكار الرقمي في بناء أطر رقابية مرنة وفعّالة.
أولوياتالمجموعةلعامي 2025/2026
ناقش أعضاء مجموعة MENA FCCG أولويات العمل المقررة للعامين 2025/2026، مؤكدين أهمية نقل المعرفة وبناء القدرات كشرط أساسي لتفعيل العمل الجماعي في مواجهة التحدّيات المتزايدة للجرائم المالية. وشدّد الأعضاء على ضرورة توسيع عضوية المجموعة لتشمل بلدان شمال إفريقيا، بهدف ترسيخ حضورها الإقليمي وتعزيز الإستجابة الجماعية.
كما دعا الأعضاء إلى تعزيز الإنخراط مع الهيئات الرقابية، لا سيما في ما يتعلق بإحتضان التكنولوجيا المتقدمة، وضمان مواءمة الأولويات بين القطاعين العام والخاص. وشملت المناقشات قضايا جوهرية مثل استخدام تقنيات الحوسبة السحابية لتطوير حلول ذكية، مع مراعاة التركيز التنظيمي على سيادة البيانات وحمايتها.
وفي هذا السياق، أعلن السيد شي سيدانيوس عن تنظيم القمة السنوية المقبلة للتحالف العالمي لمكافحة الجرائم المالية (GCFFC) تحت عنوان «مكافحة الجرائم المالية في عالم أكثر تعقيداً»، وذلك بشراكة مع مجموعة MENA FCCG، على أن تُعقد القمة يومي 10 و11 سبتمبر/أيلول 2025، وتستضيفها سوق أبوظبي العالمي (ADGM) في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي ختام الإجتماع، صرّح السيد مايكل ماتوسيان قائلاً: «التغيير أصبح واقعاً دائماً، ويجب على القطاع المالي أن يكون قادراً على التكيّف والتحوّل في الوقت المناسب، بما يواكب التحوُّل الرقمي، ويُواجه إستغلال المجرمين للأنظمة المتقدمة المصمّمة لمكافحة الجرائم المالية، وحده التعاون العابر للقطاعات والحدود هو ما يُمكّننا من أداء دورنا كحماة للنظام المالي العالمي».
وقد ختم الأعضاء الإجتماع بالإتفاق على عقد الإجتماع العام المقبل حضورياً في مايو/أيار 2026، على أن يُحدّد الموقع في وقت لاحق.
مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دورته الثانية في بغداد
«تحدّيات المصارف العربية في الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية وسبل تلبية متطلّبات البنوك المراسلة»
العراق يعمل جاهداً لتطوير آلية عمل المصارف وفق المعايير الدولية
يكتسب مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دورته الثانية تحت شعار «تحدّيات المصارف العربية في الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية، وسبل تلبية متطلّبات البنوك المراسلة»، والذي نظمه إتحاد المصارف العربية في العاصمة العراقية بغداد، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أهمية إستثنائية في ظل التحدّيات المتصاعدة التي تواجه المصارف العربية، ولا سيما العراقية، وسط بيئة إقتصادية وأمنية معقّدة تؤثر بشكل مباشر في علاقاتها بالنظام المالي العالمي. وقد أكدت الحكومة العراقية خلال المؤتمر، أنها تعمل «على تطوير آلية عمل المصارف لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق المعايير الدولية».
وقد أجمع المشاركون في المؤتمر على ضرورة التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، في ظل الدعم الحكومي الكبير الهادف إلى النهوض بواقع المصارف العراقية وفق المعايير الدولية، ورغبة الأمم المتحدة بعودة العراق إلى ساحة العمل والتأثير الدولي، في حين عدّ الشركاء الدوليون للعراق نظام البيع النقدي للعملات الأجنبية للمستفيدين الأمثل عالمياً.
ونظّم المؤتمر إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي العراقي، ورابطة المصارف الخاصة العراقية، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينافاتف»، وبمشاركة المعهد الأميركي لمكافحة الفساد، والبنك العربي الأفريقي، ومنظمة التعاون الألمانية، وممثلون عن البنوك المركزية المصرية والأردنية واللبنانية، وبمشاركة واسعة من قيادات القطاع المصرفي وممثلي الهيئات الرقابية.
وقد ناقش المؤتمر على مدى يومين، بحوثاً ودراسات في مجالات التحدّيات والصعوبات التي تواجه المصارف العراقية، لفتح حسابات مع المصارف المراسلة الأميركية، وتعزيز التعاون والشراكات مع المؤسسات الدولية والإقليمية، نحو منظومة مصرفية عربية متكاملة ومتوافقة والتكنولوجيا المالية، والذكاء الإصطناعي، لتعزيز منظومات الإمتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية والدولية، ودور المصارف المركزية لضمان الإمتثال المستدام، وتعزيز الوعي المصرفي، وبناء ثقافة الإمتثال.
النفط لا يزال لاعباً قوياً في ملعب الإقتصاد العالمي
مرّة جديدة يقول البترول لمن يُحاول الإلتفاف عليه والتخلّي عنه شيئاً فشيئاً لصالح الطاقة النظيفة، ها أنا ما زلتُ حاضراً مع كل صغيرة وكبيرة ومع كل هبّة ساخنة وأخرى باردة.
فالمشهد الذي تمّ عرضه على مسرح أسواق الطاقة العالمية صبيحة 13 حزيران/يونيو 2025 من إرتفاع كبير وسريع في عقود أسعار النفط خير دليل على ذلك. فالغارات الإسرائيلية على مواقع نووية إيرانية ومقتل عدد من العلماء والمسؤولين، قد رفعت أسعار العقود إلى أكثر من 12 %، وقد تكون مرشّحة للإرتفاع أكثر في حال باتت الصواريخ الإسرائيلية تطال منصّات آبار البترول الرئيسية في إيران، وفي حال باتت الإمدادات مهدّدة لقطاع النفط ككل.
ما هو مؤكد اليوم، أن قطاع النفط الإيراني ليس المستهدف بالقصف الإسرائيلي، لكن يكفي التعرّض لبلد نفطي مثل إيران والنووي الإيراني، لكي تلتهب أسعار النفط، وتُطلق رسالة لإقتصادات صناعية بأن تكون على أهبّة الإستعداد لتحمّل التبعات.
مما لا شك فيه أيضاً، أن الخضّة التي تلقّتها الأسواق العالمية، وقد أثّرت على أسواق المال، تُعيدنا إلى ظروف مشابهة عبر التاريخ وفي مراحل كان فيها الإقتصاد العالمي يترنّح تحت وطأة الأزمات. فإيران بلد نفطي بإمتياز، وعضو في منظمة أوبك، وهي من بين أكبر عشر دول نفطية في العالم، إذ تأثرت إلى حدٍ بعيد بالعضويات الدولية لسنوات، كما تضرّر قطاع الطاقة الإيراني نتيجة العقوبات على التصدير، حتى تحصل إنفراجة في أسواقها مؤخراً، مع تخفيض حدّة العقوبات عليها مع عودتها للتفاوض على مشروعها النووي.
إرتفاع أسعار عقود البترول نتيجة الغارات الإسرائيلية على إيران، يشكّل حاجزاً أمام تقدّم إقتصاد عالمي بات يبحث عن مخرج لتفادي تداعيات قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيادة الرسوم التجارية على شركائه التجاريين. فدول كثيرة حول العالم وضعت في أجندتها حسابات للإلتفاف على زيادة التعريفة على سلعها الداخلة للسوق الأميركية، أولها الصين، رغم بدء مفاوضات بين واشنطن وشركائها الأساسيين كالصين والإتحاد الأوروبي. نتيجة هذا النزاع التجاري، تراجعت أسعار النفط على مدى أشهر آذار/ مارس – نيسان/ أبريل – أيار/ مايو، بإعتبار أن الإقتصادات الكبرى بما فيه الإقتصاد الأميركي ستتأثر والصناعات أيضاً، مما يؤثر على الطلب على البترول. فجاءت الأحداث الأخيرة بين إسرائيل وإيران لتمحي الخسائر التي سجلتها عقود النفط.
الأسباب تختلف
* من المعلوم، أن أسعار النفط تتأثر نتيجة أسباب عدة ناجمة عن ظروف مختلفة، وكل سبب له وقعه على سلع النفط الإستراتيجية، إذ إن الإرتفاع الحديث في أسعار النفظ مردّه الحروب والتغييرات الجيوسياسية، وليس لسبب آخر.
من هنا، فإن معالجة هذه الظاهرة تتطلّب تهدئة وتفاوض ورسم خريطة للتعاطي مع المستقبل السياسي والإستراتيجي والإقليمي، إنما إرتفاع أسعار النفط أو إنخفاضها لأسباب محض سياسية وإقتصادية، نشهده مثلاً عندما يدخل إقتصاد ما كبير في حالة ركود أو إنكماش، فيتأثر الطلب على البترول ويتراجع أمام معروض وفير، فيُحدث تراجعاً للسعر، فتتأثر الأسعار سلباً أيضاً عندما تقرّر منظمة أوبك زيادة الإنتاج وبالتالي المعروض وتتأثر إرتفاعاً في حال العكس.
هنا أيضاً العلاج يُمكن أن يتوفر، ويؤدي إلى ضبط تقلّب الأسعار، إنما في حالة الحروب تسود الضبابية على السوق، والأسعار ستكون عرضة لكل صاروخ يتم إطلاقه من هنا وهناك، وهذا عندما يكون أحد طرفي النزاع بلداً نفطياً كإيران في حالتنا التي ندرسها. فلنتخيّل بأن النزاع اليوم هو بين إسرائيل وبلد غير نفطي، كما كنا قد رأينا ما نشهده منذ إنطلاق الشرارة في 13 حزيران/يونيو 2025.
ما يحصل اليوم يذكّرنا بمجريات أحداث حفرت الأيام ذكراها على جدار التاريخ، ولعبت بأسعار النفط صعوداً لفترة طويلة.
عودة إلى الوراء
* البترول كان ولا يزال سلاحاً إستراتيجياً له وزنه السياسي والإقتصادي، حيث يلعب أيضاً دور البديل عن إستثمارات عديدة في ظروف إقتصادية عالمية بعيدة عن الحروب، فإذا عدنا إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وتاريخ العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 بقيادة فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، نرى أن هذا العدوان وأحداث قناة السويس، رفعَ سعر البرميل من النفط من مستويات لا تقل عن 20 دولاراً إلى نحو 34 دولاراً في زمن كان الإقتصاد العالمي فيه يُعيد ترميم ما خسره من الحرب العالمية الثانية، وأزمة الثلاثينيات المالية. تداعيات هذا العدوان على أسواق الطاقة والمال دفع بالولايات المتحدة للتدخّل والدعوة إلى التهدئة.
في التسعينيات وفي بداية حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973
* أدّى ذلك إلى إتخاذ الدول العربية النفطية قراراً بحظر تصدير النفط إلى الغرب، ما أدّى إلى إرتفاع جنوني لأسعار البترول من 24 دولاراً تقريباً إلى أكثر من 66 دولاراً، كما تخطّت الأسعار حاجز الـ73 دولاراً في الأزمة النفطية الثانية في العام 1977 مع فارق القيمة السوقية للدولار بين اليوم والأمس.
الأزمات تكرّرت والأحداث أيضاً
* في العام 1978 ومع إنطلاق الثورة الإيرانية، وقلب نظام الشاه، تأثرت الصادرات بشدّة وخصوصاً مع التوتر العنيف بين طهران وواشنطن.
* في خضمّ الثورة الإيرانية، إندلعت الحرب بين عملاقين نفطيين، العراق وإيران وكلاهما عضو في أوبك، فقفزت الأسعار من نحو الـ80 دولاراً إلى 147 دولاراً، في سعر لم تشهده الأسواق العالمية قبل الحرب العراقية – الإيرانية.
ومع نهاية النزاع بين بغداد وطهران، والذي قضى على بُنى تحتية بين البلدين، عادت الأسعار إلى مستوى الـ 30 دولاراً في العام 1988.
في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، تاريخ الغزو العراقي للكويت، عادت الأسعار وإلتهبت إلى ما فوق الـ90 دولاراً للبرميل.
هذا الإرتفاع في أسعار النفط نتيجة الغزو العراقي للكويت، وجد تهدئة له نتيجة التدخل الأميركي العسكري، وقد هدأت الأسعار لسنوات عدة، لكن هذا الهدوء تحوّل في العام 1997 إلى إنهيار في سعر النفط ليصل إلى 40 دولاراً مع بداية أزمة المال الآسيوية، كذلك إلى 120 دولاراً مجرّد أن المخاوف من تداعيات الأزمة الآسيوية قد خيّمت على النشاط الإقتصادي العالمي، وبالتالي على الطلب العالمي على البترول.
* في العام 2000، كلُّنا يذكر أزمة التكنولوجيا وإنهيار أسهم الشركات الإلكترونية والتكنولوجية، ما دفع المستثمرين للجوء إلى عقود النفط والإستثمار فيها، حيث رفع سعر البرميل إلى أكثر من 100 دولار، قبل أن تستقر في فترة إستراحة، تحضيراً للتحليق مجدّداً مع أزمة الرهن العقاري في العام 2008 لتسجل الأسعار قمّة تارخية جديدة أكثر من 145 دولاراً، حيث بات برميل النفط والذهب أفضل إستثمار للعملاء بعيداً عن أسهم المصارف والعقارات والدولار.
* محطة أخرى لكن سلبية بالنسبة إلى البترول، سجّلتها الأسواق في فترة الكوفيد، مع تدنّي أسعار النفط إلى أرضية سلبية، بعدما إستراحت المصانع والتجارة والتعاملات والناقلات وحركة الإقتصاد بين نهاية العام 2019 والعام 2021 لتعاود الأسعار تتنفّس الصعداء لتصل إلى مستوى بين 60 و70 دولاراً تارةً متأثرة بقرارات أوبك + مع تخفيض أو زيادة المعروض، وطوراً برسوم ترامب التجارية واليوم بالصراع الإيراني – الإسرائيلي.
* ويبقى حالة أخرى لا تقل أهمية عن سعر عقود النفط نتيجة تأثّرها بهذا الصراع، ألا وهي مضيق هرمز في منطقة الخليج، والذي تعبره يومياً كميات لا تقل عن 20 مليون برميل من النفط ومكثّفات الوقود. هذا الممر الذي كانت إيران مراراً تهدّد بإغلاقه في حال تضرّرت مصالحها، وخصوصاً صادراتها النفطية، ليس من مصلحتها الإقتصادية والتجارية اليوم أن تغلقه.
إنما قدومُها على ذلك، قد يكون لزياد الضغط على الدول المستفيدة منه للتدخل وفرض تسوية وحلول للملف العسكري والنووي، وبالتالي لتبقى المصلحة الإقتصادية سيّدة الموقف.
فأي زيادة في سعر عقود النفط اليوم ستؤدي إلى أسعار غير منضبطة، يُمكن أن تعيد خلط الأوراق في الساحة الإقتصادية الدولية وليس من مصلحة أميركا ولا أوروبا ولا الصين، أن تصعّد الأسعار إلى مستويات قد تضرّ بالإنتعاش الإقتصادي.
فعلى سبيل المثال، أي زيادة غير مبرّر بها في أسعار الطاقة، ستؤدي في منطقة اليورو إلى خسارة النمو الإقتصادي ما بين 1 % و2 %، في وقت تشتاق فيه هذه المنطقة لمعدّلات نمو تُعيدها إلى أيام المجد. لكن أي تحسّن في سعر اليورو أمام الدولار قد يُخفف من عبء إرتفاع سعر النفط على دول العملة الموحّدة، لسبب أن النفط مُسعّر بالدولار الأميركي.
أما بالنسبة إلى الصين، فهي أكبر مستورد للبترول في العالم، وكل مصانعها ترقص على إيقاع سعر البرميل، من هنا سيكون للصين دور في تهدئة التداعيات على أسواق الطاقة، لا سيما أنها من أكبر زبائن طهران النفطيين.
وبالنسبة إلى اللاعب الأكبر في العالم الولايات المتحدة، فإن زيادة الأسعار في عقود البترول ستزيد من سعر الليتر في المحطات، رغم تبوُّء أميركا الدرجة الأولى بين الدول النفطية في العالم، وإرتفاع أسعار الطاقة، حيث سيدخل ضمن مؤشر الأسعار، وبالتالي ستعود معدّلات التضخُّم إلى الإرتفاع، وهذا سيُخفف من الضغط الذي يمارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على رئيس الإحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) جيروم باول، ومطالبته له بتخفيض الفائدة المصرفية. فمع زيادة في التضخُّم سيضطر رئيس الاحتياطي إلى رفع الفائدة من جديد، وستدخل الولايات المتحدة في حلقة القروض غالية الثمن، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى بطء في حركة الإستهلاك والإستثمار، ما يعني تراجعاً للنمو. فإذا ربطنا كل هذه التطوُّرات الإقتصادية نتيجة أداء سوق النفط العالمية، نكون قد أكّدنا بأن النفط لا يزال سيّد اللعبة، فيما الدول المستهلكة سترحب بكل إنخفاض للأسعار، على عكس ما ترغب به الدول النفطية المنتجة.
برز في النصف الثاني من القرن العشرين مصطلح المصارف الإسلامية كنظام مصرفي له أصوله ومبادؤه وقواعده المستقلة، وأصبحت الصناعة المالية الإسلامية اليوم واقعاً ماثلاً للعيان، تحتل مكانة متميّزة في النظام المالي العالمي، وقد تميّزت المصارف الإسلامية عن المصارف التجارية بفلسفتها وأساليبها الإستثمارية التي واكبت النظام المالي الحديث وبما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث قامت بتوظيف الأموال وإستثمارها بإشراك العميل بالربح والخسارة، وممارسة المتاجرة مباشرة، بخلاف المصارف التجارية.
وقد حظيت المصارف الإسلامية بإهتمام العديد من دول العالم المتقدم، نتيجة لما حققته من نجاحات كبيرة في إدارة الأموال بما يحقق التنمية الإجتماعية وإعادة توزيع الدخول وبشكل يتوافق مع متطلّبات الإستقرار النقدي والإقتصادي.
إن الكثير من المسلمين رفضوا التعامل مع البنوك التجارية التي يركز أسلوب عملها على المتاجرة في الديون بالإقتراض والإقراض إعتماداً على آلية سعر الفائدة التي حرّمها الدين الإسلامي بشكل لا يقبل النقاش، إلى جانب عدم إكتراث البنوك التجارية بما تقوم بتمويله من مشروعات وما تقدمه من خدمات وإن كانت مخالفة لقناعات المسلمين، لذلك فإن تأسيس البنوك الإسلامية جاء من منطلق الدعوة إلى إيجاد مصارف بديلة للمصارف التجارية تقوم بتقديم الخدمات المصرفية بطرق وأساليب موافقة للشريعة الإسلامية، كما برزت الحاجة الى تأسيس مصارف تقوم بتشجيع الإستثمار وعدم الإكتناز وجذب المدّخرات المعطلة التي إمتنع أصحابها عن توظيفها في البنوك التجارية، وتقديمها كتمويلات لتأخذ مسارها الصحيح في الدورة الإقتصادية.
وتركّز المصارف الإسلامية على توظيف المال في مسار قائم على مشروعات حقيقية وليس في عقود خيارات ومشتقات او بيع وتأجير النقد، الذي يُعتبر حراماً في نظر المسلمين وهو مسبب رئيسي لتفاقم المديونيات واختلال الاقتصاد ووقوع الأزمات.
تتميّز المصارف الإسلامية عن المصارف التجارية في 3 محاور رئيسية هي أسلوب الوساطة القائم على المشاركة بالربح والخسارة، فهي تعامل أصحاب الفائض المالي على أنهم شركاء في عائد إستثمار أموالهم وتعيد تقديمها لأصحاب العجز المالي على أنهم شركاء في عائد إستثمارها وليس وساطة مديونية قائمة على المتاجرة بالديون. والأمر الثاني بأن طبيعة النشاط المستهدف هو الإقتصاد الحقيقي القائم على السلع والخدمات وليس النشاط المالي الذي لا يخلق ثروة حقيقية.
والأمر الأهم هو أن إستحقاق العائد في المصارف الإسلامية مقترن بالمخاطرة وفق قاعدة الغنم بالغرم وليس بضمان رأس المال وتأجيره وفق سعر ثابت.
وقد ظهرت المصارف الإسلامية في سبعينات القرن الماضي، حيث تأسس بنك دبي الإسلامي في العام 1975، ثم بنك فيصل المصري وبيت التمويل الكويتي في العام 1977، ثم البنك الإسلامي الأردني في العام 1978 ثم توالت المصارف الإسلامية، وفي ثمانينيات القرن الماضي ظهرت محاولات رائدة لأسلمة النظام المصرفي من قبل الحكومات، حيث قامت حكومات (إيران، باكستان، السودان) بتحويل بنوكها المركزية للعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، وظهرت مجاميع دولية إسلامية أبرزها مجموعة البركة ومجموعة بنوك فيصل.
وفي مطلع القرن الحالي، إنتشرت ظاهرة التحوُّل من البنوك التجارية إلى البنوك الإسلامية، مثل بنك الشارقة في العام 2002 وبنك الجزيرة السعودي في العام 2005، وتم تأسيس هيئة المحاسبة والمراجعة، المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وهي مؤسسات دولية داعمة للصناعة المالية الإسلامية ذات طابع إشرافي تهدف الى زيادة التنظيم وتوحيد المعايير للإرتقاء بمستوى البنوك الإسلامية.
وقد ركّزت المصارف الإسلامية على أسس وقواعد أبرزها (النقود وسيلة وليست سلعة، لا قيمة للزمن إذا لم يصاحبه عمل أو إنتاج، الربح مشاع % وغير مضمون، الدين لا يباع). ويُعتبر المصرف الإسلامي شاملاً لأنه يقدم تمويلاته وخدماته لكافة القطاعات (التجارية، العقارية، الصناعة والزراعة) وتتصف تمويلاته بالتنوّع ما بين تمويل نقدي وتمويل سلعي وتتعدد آجال تمويلاته ما بين القصير ومتوسط وطويل الأجل، مما يُضفي عليه صفة مؤسسة تمويلية. وتخضع كل عملياته وتعاملاته المالية الى هيئة الرقابة الشرعية للمصرف التي تكون مستقلة عن الإدارة، إلى جانب أن المصرف يخضع أيضاً لهيئة الرقابة الشرعية في البنك المركزي للدولة التي يعمل بها.
من الجدير بالذكر، أن البنوك الإسلامية تختلف عن البنوك التجارية في تكوين (الإحتياطات) وهي أموال مقتطعة من الأرباح لتدعيم رأس المال، حيث يقوم المصرف الإسلامي بخلط أموال المساهمين مع أموال المودعين وتوظيفها معاً، وعندما تتحقق الأرباح سيتم توزيعها على الطرفين (المساهمين وأصحاب حسابات الإستثمار) والإحتياطات طالما أنها تستخدم لتدعيم رأس المال، ورأس المال يخص المساهمين فقط، ولا يشارك فيه أصحاب حسابات الإستثمار، فهذا يعني أن تؤخذ الإحتياطات من أرباح المساهمين فقط وليس من أرباح المصرف ككل، بحيث لا تُقتطع من أرباح أصحاب حسابات الإستثمار، لأنهم شركاء مع المصرف في الربح الذي نجم عن تشغيل أموالهم، أما الإحتياطات فبما أنها ستُوجّه لتدعيم رأس المال فهي تخص المساهمين وحدهم وتُعتبر حقاً من حقوقهم لذلك تؤخذ من أرباحهم.
كذلك ينطبق الحال نفسه على الأرباح المحتجزة التي تدخل ضمن حقوق المساهمين، لذلك يتم اقتطاعها حصراً من أرباح المساهمين وليس من أرباح حسابات الاستثمار، بينما تكون عملية تكوين المخصّصات من إجمالي أرباح المصرف (أرباح المساهمين وحسابات الاستثمار معاً) لان هذه المخصّصات يتم تكوينها لغرض مواجهة الأعباء والخسائر التي قد تحصل مستقبلاً، وتُعتبر حساباً مشتركاً ما بين المساهمين وأصحاب حسابات الإستثمار (المودعين) لأنها تُعتبر تكلفة أو إنفاقاً لم يُصرف بعد. وإذا ما أُتيح توظيفها لحين الحاجة إليها، فإن الأرباح التي قد تتولّد عنها لا تُضاف الى المساهمين وحدهم، ولكنها تُضاف الى مجمل أرباح المصرف وتوزّع بين المساهمين والمودعين أصحاب حسابات الإستثمار.
د. وهبه: الثقة بالمصارف الإسلامية تتطلّب شفافية وحوكمة
وتطويراً للمنتجات بما يتماشى مع إحتياجات العملاء
إستطاعت المصارف الإسلامية في الدول العربية والعالم إثبات جدارتها في التعامل مع أموال مودعيها، بعد مثابرة وتأن في خطواتها، مما منحها الكثير من المكانة في أسواق المال، رغم طغيان الصيرفة التقليدية على المداولات المالية العالمية. ويعود السبب إلى أن مفاهيم العمل المصرفي الإسلامي وأدواته، أدّت إلى الوصول إلى بناء قاعدة مؤسساتية متينة البنيان، لذلك باتت الصناعة المصرفية الإسلامية، تحظى بأهمية كبيرة من قبل الجهات المصرفية الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي.
ولا شك في أن هناك إختلافاً في طبيعة الصيرفة الإسلامية، يُميّزها عن الصيرفة التقليدية، فالأولى تتبع أحكام الشريعة الإسلامية، التي تحظّر إستيفاء الفائدة أخذاً أو عطاءً، ولا يُمكن أن تقدم خدمات تتعارض وأحكام الشريعة، كما أن العمل المصرفي الإسلامي قائم أصلاً على مبدأ المشاركة في الأعمال، بين البنك من جهة والمودع من جهة أخرى، وهذا ما يستتبع تقاسم الأرباح والخسائر.
المصارف الإسلامية موجودة منذ 50 عاماً
وما يُسجل للمصارف الإسلامية أيضاً أنها إستقطبت منذ بداية نشاطها، في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، صغار الحرفيين والمودعين، فالمصارف الإسلامية تعتمد في أساس فلسفتها على البُعد الإجتماعي، وليس البُعد الإقتصادي أو المصرفي الذي يقتصر على الربح وحسب، أما محظوراتها فهي عدم الإقراض، فالمتعامل الذي يرغب في إيداع أمواله في بنك اسلامي، يختار صيغة معينة من الصيغ المتعدّدة في نظام المصارف الإسلامية، كالمشاركة، والمرابحة، والمضاربة، والمقاولة، والإيجارة، والإستصناع. وفق ذلك، يتم درس صيغة مشروع ما، من قبل المودع ومن قبل البنك على حدٍ سواء. وبناءً على الدراسات التي يقوم بها خبراء ومختصون، تُوقّع عقود تحدّد كيفية توزيع الأرباح والخسائر. علماً أن المصارف الإسلامية تُطبّق معايير «بازل 1 و2»، لأنها تسعى الى أن تكون جزءاً من المنظومة المصرفية العالمية.
خصوصية لبنان
في لبنان، لطالما كانت المصارف الإسلامية بطيئة النمو، لأسباب وظروف ترتبط بنقص التشريعات، وبالنظام المصرفي اللبناني، الذي لم يتح لها التقدّم والتوسع على غرار المصارف التجارية، فالمصارف الإسلامية المتواجدة في لبنان، كانت قبل الأزمة (في العام 2019) خمسة مصارف، ولم تتعامل بالأدوات المالية التي تتعامل بها المصارف التقليدية، مما جنّبها العديد من الأزمات في وقت سابق. لكن تفجّر الأزمة المالية والنقدية في لبنان، وتداعي القطاع المصرفي، وضع المصارف الإسلامية أمام تحدّي الإستمرار أو الإنسحاب من السوق اللبنانية وهذا ما فعلته.
في هذا الاطار يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور محمد وهبه لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «السمعة والثقة في المصارف الإسلامية في لبنان لهما مكانتهما، حيث إستعاد مجمل المودعين فيها ودائعهم، بعكس ما حصل في المصارف التقليديةـ ومع ذلك، فإن أصول المصارف الإسلامية في لبنان لا تتجاوز1 % من إجمالي أصول البنوك التجارية البالغة حوالي 102.8 مليار دولار (ديسمبر/ كانون الأول 2024)، أي ما يعادل نحو 1.0–1.1 مليار دولار، حيث يوجد في لبنان خمسة مصارف إسلامية متخصّصة، إضافة إلى عدد من «النوافذ الإسلامية» داخل المصارف التقليدية».
يضيف د. وهبه: «كذلك بالنسبة إلى مجموع فروع المصارف الإسلامية، فهي أقل من 1 % من إجمالي فروع القطاع، كما أن حصّة الودائع والتي توازي عادة حصّة الأصول؛ تشكل أيضاً نحو 1 % من إجمالي ودائع القطاع. أما على صعيد قياس حجم محفظة القروض الإسلامية الممنوحة للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، فهي لا تتجاوز 0.5 % -1 %، مقارنة بمعدّلات تُراوح بين 15 % و30 % في بعض دول الخليج»، لافتاً إلى أن «حجم الإستثمار الضئيل يرتبط بطبيعة الواقع الإجتماعي والسياسي والأمني في لبنان، والعديد من المواطنين الذين يخافون المقاربة الإسلامية لوضعية أموالهم، مما يعني ضرورة طرح مفاهيم الصيرفة الإسلامية على جانب الفقه الاسلامي لناحية المخاطر والعائد، كما تبرز الحاجة في لبنان إلى إصلاحات تنظيمية ودعم مؤسسيّ وإعلامي لزيادة تأثيرها وموثوقيتها».
الصيرفة الإسلامية في البلدان العربية
في المقابل، يشرح د. وهبه أن «المصارف الإسلامية في البلدان العربية، تُعد جزءاً مهماً من النظام المالي في العديد منها، حيث تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحرّم الفائدة (الربا)، وتعتمد على التمويل بالمشاركة وتقاسم المخاطر. وكمقياس لحجمها ودورها في تمويل الإقتصاد الحقيقي، يُستخدم عادة حجم التمويلات (القروض) الممنوحة من قبل المصارف الإسلامية إلى القطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي»، لافتاً إلى أنه «وفق بيانات العام 2024 لمجلس الخدمات المالية الاسلامية IFSB، فقد حقّق رصيد التمويلات الإسلامية العالمية نمواً بنحو5.97 % على أساس سنوي ليصل إلى 1.88 تريليون دولار في القطاعات السكنية، والعقارية، والإنشائية، والصناعية .وتشير دراسات أكاديمية إلى أن قروض المصارف الإسلامية تشكّل في بعض بلدان الخليج ما بين 15 % و30 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس دورها المحوري في تمويل المشروعات الإنتاجية والخدماتية وتقوية الشمول المالي».
ويضيف د. وهبه: «بإختصار، إن إنخراط المصارف الإسلامية في الواقع الإقتصادي يتمثل في تمويل المنشآت الخاصة، وقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة بقروض تُمثّل نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي، مع نمو سنوي ثابت للتمويل يناهز 6 %»، موضحاً أنه «مع إشتداد الأزمات الاقتصادية والمالية في المنطقة، مثل تداعيات جائحة كورونا، والتضخُّم، وأزمات العملات، والحروب، وإنخفاض الثقة بالأنظمة المالية التقليدية، برزت تساؤلات عديدة حول مستوى الثقة في المصارف الإسلامية».
ويوضح وهب أنه «بتفصيل تلك العوامل، نرى في الإيجابيات التي تُحفّز الثقة هي الشفافية الشرعية، وأطر الرقابة التي تولّد ثقة لدى الجمهور المتديّن، وخصوصاً عند وجود هيئة مستقلة للفتوى والرقابة، ومن ثم البُعد عن الفوائد، في ظل رفض فئات واسعة للفائدة المصرفية، حيث يلجأ البعض إلى المصارف الإسلامية كبديل آمن. كذلك الإستقرار النسبي، حيث أظهرت بعض المصارف الإسلامية أداءً أكثر إستقراراً خلال الأزمات المالية، كونها أقل إنكشافاً على الأدوات المالية عالية المخاطر».
ماذا عن موقع المصارف الإسلامية في الدول العربية؟
يجيب د. وهبه: «يتحدّد موقع المصارف الإسلامية في البلدان العربية، كونها عنصراً فاعلاً إقتصادياً ومميّزاً، حيث يملأ الفراغ الذي يعانيه التمويل التقليدي في المجتمع المحافظ، إذ يُمكن أن يتمثل دورها في تعزيز التنمية الإقتصادية، وتحقيق الشمول المالي، وتوفير بدائل تمويلية تراعي القيم المجتمعية والدينية، غير أن تعزيز هذا الدور يتطلّب إصلاحات مؤسسية وتشريعية، وتطوير أدوات رقابة وإبتكار مالي يواكب التحوُّلات الإقتصادية والتقنية في العالم العربي»، مؤكداً أن «المصارف الإسلامية تشكل أحد المكوّنات الجوهرية للقطاع المالي العربي، إذ تجمع بين البُعد الديني والإقتصادي، مما يمنحها موقعاً إستراتيجياً في عدد من الدول العربية، لا سيما الخليجية منها. ويُمكن تحديد موقعها من خلال أبعاد عدة، أهمها البُعد المالي في النظام المصرفي، حيث تشكل نسبة أصول المصارف الإسلامية ما بين 15 % و60 % من إجمالي الأصول المصرفية، حسب البلد. أما على صعيد الإنتشار المؤسسي، فالمصارف الاسلامية تتواجد في معظم الدول العربية، إما كمصارف متخصّصة أو كنوافذ إسلامية داخل مصارف تقليدية. وأخيراً حيال دورها على صعيد الإندماج في السياسات الوطنية، يُلاحظ أنه في بعض الدول مثل السودان، تُعدّ الصيرفة الإسلامية، النظام المصرفي الوحيد».
ويشدّد د. وهبه على أن «للمصارف الإسلامية دوراً تنموياً يبرز عبر تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً عبر صيغ المشاركة والمضاربة، وفي دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة، الزراعة، الخدمات) من خلال أدوات تمويل متوافقة مع الشريعة، وفي الحدّ من الفقر عبر أدوات مثل التمويل الأصغر الإسلامي»، مشيراً إلى دورها في تعزيز الاستقرار المالي، «إذ إن هذه المصارف تتبنّى نماذج تمويل قائمة على تقاسم المخاطر لا على الضمانات الربوية، مما يقلّل من الإنكشافات الخطرة، فتساهم في تنويع النظام المالي وتوسيع قاعدة الشمول المالي، ولا سيما في البيئات المحافظة دينياً».
دور إستراتيجي في مواجهة الصيرفة التقليدية
يذكّر د. وهبه أنه «برز للمصارف الاسلامية وخلال الأزمات دور إستراتيجي، ومن خلال التجربة فقد حافظت على ثقة نسبية خلال الأزمات نظراً إلى الضوابط الشرعية وإلتزامها الأخلاقي. كما ساهمت في فترات الأزمات (مثل أزمة العام 2008 أو أزمات العملة) في إمتصاص بعض الصدمات مقارنة بالبنوك التقليدية»، مشدّداً على أن «للمصارف الإسلامية دوراً قيمياً وإجتماعياً، حيث تروّج لمبدأ الإقتصاد الأخلاقي القائم على العدل والتكافل والشفافية، وتلعب دوراً في تعزيز ثقافة المسؤولية الإجتماعية عبر أدوات مثل الزكاة والوقف والتمويل غير الربحي».
ويختم د. وهبه: «رغم التحدّيات، تبقى المصارف الإسلامية خياراً إستراتيجياً للعديد من العملاء الباحثين عن تمويل آمن ومتوافق مع الشريعة، ولا تزال المصارف الإسلامية تحظى بثقة نسبية مقبولة، خصوصاً في المجتمعات المحافظة والبلدان التي تحترم البنية الشرعية والتنظيمية، لكن الثقة فيها ليست مطلقة. فإستدامة هذه الثقة تتطلّب شفافية أكبر، حوكمة أقوى، وتطويراً مستمراً للمنتجات والخدمات بما يتماشى مع إحتياجات العملاء المعاصرين، بالإضافة إلى الحاجة إلى توحيد المعايير الشرعية بين الدول، وضرورة تطوير الكفاءات المصرفية والشرعية، والإستجابة السريعة للتغيُّرات الإقتصادية العالمية كالعملات الرقمية والتضخُّم على سبيل المثال وليس الحصر.
ثلاثة بنوك إسلامية قطرية في قائمة «غلوبال فاينانس»
لأكثر 10 بنوك إسلامية أماناً في الخليج لعام 2023
تطورات سريعة شهدتها الصناعة المالية الإسلامية على المستوى العالمي
حقق قطاع الصيرفة الإسلامية في دولة قطر نتائج بارزة على المستوى العربي، حيث حصد المركز الرابع بين البنوك الإسلامية العربية، إذ بلغت موجودات البنوك الإسلامية الأربعة 549.7 مليار ريال قطري في نهاية العام 2024.
وقد حقق بنك دخان نمواً في إجمالي الموجودات، في نهاية العام 2024، ليصل إلى 117.9 مليار ريال قطري، بينما إرتفعت الموجودات التمويلية إلى 86.2 مليار ريال قطري، بنمو نسبته 11 % مقارنة بعام 2023.
بينما بلغ إجمالي إيرادات بنك قطر الدولي الإسلامي 3,519 مليون ريال قطري في العام 2024 مقابل 3,055 مليون ريال قطري في نهاية العام الذي سبق، بنسبة نمو 15.2 %، وبلغ إجمالي الموجودات 60 مليار ريال قطري في نهاية العام 2024. فيما إرتفع إجمالي حقوق الملكية لتصل إلى 9.6 مليارات ريال قطري مقابل 9.5 مليارات ريال قطري في نهاية العام 2023 بنسبة نمو 1 %.
وبلغت الإيرادات التشغيلية لمصرف قطر الإسلامي 11.8 مليار ريال، وبلغ إجمالي الموجودات نحو 200.8 مليار ريال قطري، كما بلغ إجمالي إيرادات بنك الريان في العام 2024 نحو 8481 مليون ريال، وبلغت الموجودات 171 مليار ريال.
كما حلّت 3 بنوك إسلامية قطرية في قائمة «غلوبال فاينانس» لأكثر 10 بنوك إسلامية أماناً في الخليج للعام 2023 وضمّت قائمة البنوك القطرية كلًا من: مصرف قطر الإسلامي «المصرف» وبنك دخان والدولي الإسلامي، وتُعتبر التصنيفات السنوية لأكثر البنوك أماناً في العالم من مجلة «غلوبال فاينانس» الأميركية معياراً موثوقاً للأمان المالي منذ أكثر من 25 عاماً، حيث يتم إختيار أفضل البنوك بناءً على تقييم تصنيفات العملات الأجنبية طويلة الأجل، من وكالات التصنيف الائتماني العالمية: «موديز» و«ستاندرد آند بورز» و«فيتش»، فضلًا عن جودة الأداء المالي للبنوك وحجم الأصول.
نمو الأصول
وذكر إتحاد المصارف العربية في دراسة أصدرها حديثًا، أن قطاعات الصيرفة الإسلامية في قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات والكويت سجّلت نمواً سنوياً في الأصول بلغ 32.9 %، 10.8 %، 6.6 %، و6.6 % توالياً في نهاية العام 2023، وتعود تلك الزيادات في دول مجلس التعاون الخليجي لأسباب عدة، من بينها تغلغل الخدمات المصرفية الإسلامية عبر الرقمنة والبيئة التنظيمية الداعمة التي تتوافق مع رؤية التنويع الإقتصادي للحكومات في المنطقة. وقد إستفاد قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية في دول الخليج من التقدم في التكنولوجيا والإبتكارات والبنية التحتية الداعمة والتنظيم، بالإضافة إلى عمليات الإندماج والإستحواذ في القطاع المصرفي.
أفضل المصارف الإسلامية
وقد أظهرت بيانات مجلة The Banker الصادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والمتضمّنة لائحة «أفضل المصارف الإسلامية في العالم» للعام 2024، دخول 77 مصرفاً عربياً في اللائحة المذكورة. وقد بلغ مجموع الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لتلك المصارف نحو 1,410 مليار دولار، فيما بلغت موجوداتها الإجمالية نحو 2,659 مليار دولار.
وقد سجّل العراق أكبر عدد من المصارف الإسلامية التي دخلت ضمن اللائحة المذكورة بإدراج 19 مصرفاً عراقيًا فيها، تلاه الإمارات (12 مصرفًا)، فالسعودية (9 مصارف)، فالبحرين (9 مصارف)، فسلطنة عُمان (7 مصارف)، وقطر (5 مصارف)، فالكويت (4 مصارف)، ثم فلسطين وسوريا (3 مصارف لكل منهما)، فالأردن ومصر (مصرفان لكل منهما)، وأخيرًا كل من تونس والسودان (مصرف واحد لكل منهما). وتصدّرت المصارف السعودية من حيث مجموع الأصول المتوافقة مع الشريعة للمصارف المدرجة ضمن اللائحة والذي بلغ نحو 732 مليار دولار، تلتها المصارف الإماراتية (225 مليار دولار)، فالكويتية (161 مليار دولار)، فالقطرية (147 مليار دولار).
ورغم التحدّيات، شهدت الصناعة المالية الإسلامية تطورات سريعة على المستوى العالمي، حيث حققت نمواً سنوياً بنحو 4 % بحسب تقرير مجلس الخدمات المالية الإسلامية لعام 2023، ليبلغ حجم الصناعة المالية الإسلامية نحو 3.38 تريليون دولار في نهاية العام المذكور، مقابل نحو 3.25 تريليون دولار في نهاية العام 2022. وضمن الصناعة المالية الإسلامية، إحتفظ قطاع الصيرفة بالهيمنة وإستحواذه على نسبة 70.2 % من أصول صناعة الخدمات المالية الإسلامية العالمية خلال العام 2023، كما سجل نمواً سنوياً بنسبة 7.2 % في الأصول و7.9 % في التمويل و 6.0 % في الودائع.
دول الخليج
وذكرت الدراسة أنه على الصعيد الإقليمي، فقد تركز الجزء الأكبر من الأصول المالية في نهاية العام 2023 في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت قيمة الأصول 1,847 مليار دولار (مقابل 1,740 مليار دولار في نهاية العام 2022) أي ما نسبته 52.50 % من الأصول الإسلامية العالمية، وحافظت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ على مركزها الثاني من حيث حصة السوق الإقليمية في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، حيث سجّلت أصولاً بقيمة 769 مليار دولار في العام 2023 (مقابل747 مليار دولار في العام 2022)، أي ما نسبته 21.8 % من الأصول الإسلامية العالمية، أما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإستثناء دول مجلس التعاون الخليجي، فبلغت قيمة الأصول المالية الإسلامية قرابة 428 مليار دولار في العام 2023. ورغم أن حصة منطقة إفريقيا من القيمة العالمية لصناعة الخدمات المالية الإسلامية ظلت صغيرة، إلاّ أنها إنخفضت أيضاً إلى 0.7 % في العام 2023.
تركز كبير لموجودات المصارف الاسلامية العربية في دول الخليج العربي الست
مصرف الراجحي يحتل المرتبة الأولى
من بين أكبر 20 مصرفاً إسلامياً عربياً من حيث حجم الموجودات
إجمالي موجودات أكبر 20 مصرفاً اسلامياً عربياً
نحو 988 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2025
تُظهر البيانات المالية المتوفرة للمصارف الإسلامية العربية أن إجمالي موجودات أكبر 20 مصرفاً اسلامياً عربياً، قد بلغ قرابة 988 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام 2025، كما أن إجمالي ودائعها قد بلغ نحو 664 مليار دولار، بينما إجمالي القروض الممنوحة من قبلها قرابة 627 مليار دولار والقاعدة الرأسمالية بلغت قرابة 132 مليار دولار. كما سجلت هذه المصارف صافي أرباح مجمّعة قرابة 5 مليارات دولار في نهاية الفترة ذاتها.
الإنتشار الجغرافي
أما من حيث الإنتشار الجغرافي، فتتوزّع هذه المصارف على عدد من الدول العربية، حيث تتصدّر كل من السعودية، الإمارات، قطر، والبحرين بعدد 4 مصارف إسلامية لكل منها ضمن قائمة العشرين الأكبر، تليها الكويت التي تضمّ مصرفين إسلاميين، في مقابل وجود مصرف إسلامي واحد في كل من سلطنة عُمان والأردن، ضمن القائمة المذكورة.
وتشير البيانات الى تركز كبير لموجودات للمصارف الاسلامية العربية في دول الخليج العربي الست، حيث تضم قرابة 980 مليار دولار من موجودات أكبر عشرين مصرفاً اسلامياً عربياً، وهي تُشكل نسبة 99 % من المجموع.
المشاريع الطلابية بكلية الهندسة في الجامعة السورية الخاصة SPU
وذلك بتشريف السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وحضور معاوني الوزير ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الرزاق الحسين، وبتنظيم كلية الهندسة بالتعاون مع مؤسسة إدارة الموارد البشرية يوم 24/6/2025
وقد سُر فريق بنك الشام بلقاء مباشر مع المواهب الواعدة في مجال الهندسة والتقانة والاطلاع على أحدث الأفكار التطبيقية، بالإضافة الى تقديم فرص تدريبية ووظيفية للخريجين المتميزين في القطاع المصرفي والتكنولوجيا المالية.
نؤمن في بنك الشام بدور الشباب في بناء المستقبل، ونسعى لتمكينهم من خلال فرص عمل حقيقية وتدريبات متخصصة.
خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية
في إطار المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، عقدت مجموعة التنسيق العربية مائدة مستديرة رفيعة المستوى، وأصدرت بيانًا مشتركًا قويًا جدّدت فيه التزامها بتمويل تنموي عادل، تقوده المنطقة.
وبمناسبة مرور خمسين عامًا على الشراكة والتأثير في عام 2025، اعتمدت المجموعة خطة عمل مشتركة جديدة للفترة 2025–2030، تهدف إلى مواءمة جهودها مع محطات عالمية رئيسية، من بينها مؤتمر الأطراف الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP30) وقمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2026.
سلط المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية الضوء على اتساع الفجوة السنوية في التمويل التي تتجاوز 4 تريليونات دولار أمريكي، وتصاعد الصدمات المناخية المتزايدة، وتفاقم أزمة الديون. وفي هذا السياق، دعت مجموعة التنسيق العربية إلى ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية عاجلة ووضع استراتيجيات استثمار طويلة الأمد تلبي احتياجات الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات والمعرضة لتغير المناخ.
جسور التعاون بين المناطق عبر التعاون جنوب-جنوب
كما استضافت مجموعة التنسيق العربية مائدة مستديرة استراتيجية بعنوان:
“جسور بين المناطق: مجموعة التنسيق العربية وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي”، بالتعاون مع صندوق أوبك للتنمية الدولية وبنك التنمية لأمريكا اللاتينية والكاريبي.
وجمع الحدث وزراء المالية، وقادة مجموعة التنسيق العربية، ومسؤولين من بنك التنمية لأمريكا اللاتينية والكاريبي، وممثلين عن البنك المركزي الأمريكي للتكامل الاقتصادي وبنك التنمية في الكاريبي.
سلّطت النقاشات الضوء على القوة المتنامية للتعاون جنوب-جنوب في دفع التنمية المشتركة عبر تبادل المعرفة، وتنسيق السياسات، والاستثمار المشترك. وشملت المجالات الرئيسية المناخ والتكيف معه، والتحول في قطاع الطاقة، والأمن الغذائي، والبنية التحتية، وتنويع الاقتصاد.
عام قياسي من التأثير
تستند رؤية مجموعة التنسيق العربية للمستقبل إلى زخم كبير. في عام 2024، صرفت المجموعة 19.6 مليار دولار أمريكي عبر نحو 650 عملية في أكثر من 90 دولة، مما يجعلها ثاني أكبر مجموعة لتمويل التنمية في العالم.
استهدفت هذه الاستثمارات أولويات جوهرية تشمل: البنية التحتية المستدامة، التجارة العالمية، وحلولًا للتحديات النظامية مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، خلال الاجتماع السنوي العشرين للمجموعة في فيينا، أكد قادة مجموعة التنسيق العربية مجددًا التزامهم بتعزيز الدعم للتنمية المستدامة والمجتمعات الضعيفة حول العالم.
رسم نظام مالي عالمي أكثر شمولية
يحدد البيان المشترك لمجموعة التنسيق العربية التزامات تشمل: توسيع الاستثمار المقاوم للمناخ، ودعم الدول الهشة، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتفعيل رأس المال الخاص، وتعزيز التمويل الابتكاري، وتعميق التعاون جنوب-جنوب.
مع استعداد المجموعة للاحتفال بمرور خمسين عامًا على تأسيسها في أكتوبر 2025، تتطلع بعزم متجدد لسد فجوات التمويل، وتعزيز النمو الشامل، وتقديم حلول ملموسة للتحديات العالمية.
نبذة عن مجموعة التنسيق العربية:
مجموعة التنسيق العربية هي تحالف إستراتيجي يهدف إلى تقديم حلول منسَّقة وفعَّالة للتمويل التنموي. ومنذ تأسيسها في عام 1975، لعبت المجموعة دورًا محوريًا في تطوير الاقتصادات والمجتمعات من أجل مستقبل أفضل، حيث قدمت أكثر من 13,000 قرض تنموي لأكثر من 160 دولة حول العالم.
وتتألف المجموعة من عشرة صناديق تنموية، مما يجعلها ثاني أكبر مجموعة لمؤسسات تمويل التنمية في العالم، وتعمل على مستوى العالم لدعم الدول النامية وتحقيق تأثير إيجابي مستدام. وتضم المجموعة:صندوق أبوظبي للتنمية والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي للتنمية وصندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية وصندوق قطر للتنمية والصندوق السعودي للتنمية.
نحن رؤساء مؤسسات مجموعة التنسيق العربية، المجتمعين في مدينة إشبيلية خلال انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، نؤكد من جديد التزامنا الجماعي بتقديم حلول تمويلية للتنمية تتسم بالمرونة والعدالة والنظرة المستقبلية. وبينما نحتفل بمرور خمسين عامًا من العمل المشترك، نستمد قوتنا من إرثنا الغني، ونتطلع إلى المستقبل بعزم على تقديم مساهمات جريئة وتحويلية في المشهد التمويلي العالمي.
يأتي انعقاد المؤتمر في ظل أزمات غير مسبوقة ومتشابكة، تتمثل في اتساع فجوات التمويل التنموي، وتصاعد الصدمات المناخية، وتزايد أعباء الديون، واستمرار مظاهر الهشاشة، إلى جانب نظام مالي دولي لا يزال يعاني من التفاوت والتجزئة.
ورغم أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية قد سلّط الضوء على تحديات وطموحات جوهرية، فإن الطريق نحو إصلاح فعّال وشامل لا يزال غير واضح، لا سيما فيما يتعلق بتمويل المناخ، وتفعيل دور رأس المال الخاص، والاعتراف بالدور الاستراتيجي الذي تضطلع به مؤسسات مجموعة التنسيق العربية.
نلتزم بما يلي:
1. تعزيز دور مجموعة التنسيق العربية في الهيكل المالي العالمي
الدعوة إلى إدماج مؤسسات مجموعة التنسيق العربية كمشاركين دائمين في منظومة الحوكمة العالمية، وآليات التمويل، والمنتديات السياسية، ومنصات معالجة الديون.
ضمان انعكاس الأولويات والواقع الإقليمي في تقارير المتابعة والمخرجات النهائية للمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية.
2. توسيع التمويل التنموي المقاوم لتغير المناخ
توسيع التمويل الجماعي للمشروعات المرتبطة بالتكيف مع تغير المناخ، والبنية التحتية المقاومة، والمبادرات المناخية العابرة للحدود في قطاعات الزراعة، والمياه، والطاقة، والنقل.
دعم أدوات التمويل المناخي المبتكرة، بما في ذلك الصكوك الخضراء والمرافق التمويلية المختلطة المخصصة للتكيّف.
3. دعم الدول الهشّة والمتأثرة بالنزاعات
تعزيز التمويل المبكر للتعافي وإعادة الإعمار، باستخدام نماذج قائمة على المناطق يقودها المجتمع المحلي، بما يدعم الاستقرار وبناء المؤسسات.
الدخول في شراكات مبتكرة لتوفير أدوات الحماية المالية وبناء المرونة للفئات السكانية الأكثر هشاشة.
إعطاء الأولوية لنماذج التمويل التي تعترف بأن توسيع الفرص الاقتصادية يشكل أساسًا لتحقيق الاستقرار طويل الأمد.
4. معالجة تدهور الأراضي
توظيف أدوات تمويلية متنوعة لدعم مشروعات طويلة الأمد تُعنى باستعادة الأراضي المتدهورة، ومنع تدهورها مستقبلًا، وتحسين صحة التربة، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
5. تفعيل رأس المال الخاص وتعزيز تقاسم المخاطر
توسيع استخدام الضمانات والهياكل التمويلية المختلطة، إلى جانب الشراكات بين القطاعين العام والخاص، من أجل جذب استثمارات خاصة مسؤولة في القطاعات الحيوية المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة.
إطلاق منصات استثمار مشترك بالتعاون مع الصناديق السيادية الإقليمية والمستثمرين الدوليين في مجال التأثير.
6.عزيز التمويل الإسلامي والابتكار المالي
ترسيخ التمويل الإسلامي كإطار تنموي شامل، يرتكز على الحلول المدعومة بالأصول.
دمج الحلول الرقمية، والنهج القائمة على البيانات، والذكاء الاصطناعي في العمليات الممولة من قبل المجموعة، بهدف تعزيز الشفافية، وتحسين الاستهداف، ورفع كفاءة المتابعة والتقييم.
7. دعم التعاون المالي بين بلدان الجنوب
تعزيز التعاون العابر للأقاليم وتبادل المعرفة في مجالات التكيف المناخي، والأمن الغذائي، والإدماج الرقمي.
8. تنسيق العمل وتعزيز الحضور الاستراتيجي
اعتماد خطة عمل مشتركة لمجموعة التنسيق العربية للفترة 2025–2030، بما يضمن اتساق العمليات المستقبلية مع محاور المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، والتحضير للمحافل العالمية القادمة، بما في ذلك مؤتمر الأطراف COP30، وقمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2026.
ندعو إلى:
أن تتعاون المؤسسات متعددة الأطراف مع مؤسسات مجموعة التنسيق العربية كشركاء في تصميم هيكل مالي عالمي أكثر شمولًا، وليس فقط كمجرد منفذين، يعكس أصوات واحتياجات وابتكارات بلدان الجنوب.
أن يعمل المجتمع الدولي على تحويل طموحات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية إلى نتائج قابلة للتنفيذ تُجسد القيادة الإقليمية والإصلاح المنهجي.
نبذة عن مجموعة التنسيق العربية:
مجموعة التنسيق العربية هي تحالف إستراتيجي يهدف إلى تقديم حلول منسَّقة وفعَّالة للتمويل التنموي. ومنذ تأسيسها في عام 1975، لعبت المجموعة دورًا محوريًا في تطوير الاقتصادات والمجتمعات من أجل مستقبل أفضل، حيث قدمت أكثر من 13,000 قرض تنموي لأكثر من 160 دولة حول العالم.
وتتألف المجموعة من عشرة صناديق تنموية، مما يجعلها ثاني أكبر مجموعة لمؤسسات تمويل التنمية في العالم، وتعمل على مستوى العالم لدعم الدول النامية وتحقيق تأثير إيجابي مستدام. وتضم المجموعة:صندوق أبوظبي للتنمية والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي للتنمية وصندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية وصندوق قطر للتنمية والصندوق السعودي للتنمية.
Un Élan Régional pour l’Inclusion Financière des Femmes
Lancé officiellement le 18 mars 2025 par Revue UAB en collaboration avec l’Union pour la Méditerranée, le concours InspireHer : Transformer l’accès au financement et l’entrepreneuriat dans le monde arabe connaît un succès croissant à travers la région. Ce concours innovant vise à promouvoir l’autonomisation économique des femmes entrepreneures dans huit pays arabes méditerranéens, en mettant l’accent sur l’inclusion financière, l’innovation, et la durabilité.
À ce jour, plus de 160 candidatures ont été reçues, illustrant l’enthousiasme des femmes entrepreneures à participer à cette initiative régionale. Le processus d’évaluation a déjà débuté : un comité spécialisé a présélectionné 30 projets les plus éligibles, désormais transmis aux membres du jury pour évaluer leur potentiel selon des critères liés à l’innovation, l’impact social, et la viabilité financière. À l’issue de cette évaluation, 11 finalistes seront retenues pour concourir à la phase finale.
Le concours comporte trois catégories principales:
InspireHer – New Venture (Nouveaux projets),
InspireHer – Established Business (Entreprises établies entre 1 et 3 ans),
InspireHer – Women Entrepreneur Award, une distinction spéciale pour une femme inspirante sélectionnée parmi toutes les candidates, y compris celles n’ayant pas postulé aux deux catégories précédentes.
L’UAB se félicite du soutien de nombreux partenaires internationaux tels que l’ONUDI, le SANAD Fund, Plug and Play, Bank of Africa, Seedstars, et d’autres institutions de premier plan. Des discussions sont également en cours avec des acteurs privés pour soutenir les différentes catégories du concours à travers des parrainages.
La cérémonie de sélection des lauréates se tiendra les 16 et 17 juillet 2025 à Palerme, en Italie, dans le cadre du Women business forum organisé par l’Union pour la Méditerranée (UpM). Cette session spéciale marquera un moment fort de reconnaissance et de valorisation des femmes entrepreneures les plus prometteuses de la région euro-méditerranéenne.
Mot du Secrétaire Général de l’UAB, Dr. Wissam Fattouh:
« InspireHer n’est pas simplement un concours, c’est un message d’espoir et d’opportunité. En donnant une voix, une visibilité et un soutien concret aux femmes entrepreneures de la région, nous semons les graines d’un développement inclusif et durable pour les générations à venir. »
Réuni en mai 2025, le Groupe MENA FCCG a renforcé son rôle de plateforme régionale d’excellence en matière de conformité et de lutte contre la criminalité financière. Sous la présidence du Dr Wissam Fattouh, les discussions ont mis l’accent sur l’innovation, la coopération interrégionale et la transparence, avec des initiatives majeures annoncées pour relever les défis d’un environnement financier en mutation.
La réunion générale du Groupe de Conformité pour la Lutte contre la Criminalité Financière au Moyen-Orient et en Afrique du Nord (MENA FCCG) s’est ouverte le mercredi 14 mai 2025 par un dîner officiel de bienvenue, marqué par la remise d’une distinction à M. Adam Famularo, PDG de WorkFusion, qui a prononcé un discours d’ouverture sur l’avenir des fonctions de lutte contre la criminalité financière à l’horizon 2025. Cet événement inaugural a donné le ton à une série de sessions réunissant des décideurs politiques et des experts de la conformité de la région et au-delà.
Le jeudi 15 mai, Mme Randa Sadek, Directrice Générale de la Banque Arabe, a ouvert la réunion en saluant les efforts des membres du groupe à l’occasion du neuvième anniversaire de sa création. Elle a souligné l’importance croissante de la coopération face aux défis que représentent les cybermenaces et l’évolution des techniques de criminalité financière. « Le dialogue et le partage des connaissances que nous aurons aujourd’hui joueront un rôle clé dans la définition de l’avenir de notre action collective », a-t-elle déclaré.
Pour sa part, Dr Wissam Fattouh, Secrétaire Général de l’Union des Banques Arabes et Président du MENA FCCG, a exprimé sa fierté des progrès réalisés depuis 2016, citant l’augmentation des actifs des banques membres de 800 milliards à 1,3 trillion de dollars. Il a mis en lumière les réalisations du groupe, telles que la publication de guides de référence, la création d’un chapitre européen, et le lancement de certifications professionnelles en partenariat avec l’Université Américaine de Beyrouth.
Dr Fattouh a également appelé à l’élargissement de la conformité aux secteurs non financiers -immobilier, assurance, art, métaux précieux -et à un renforcement des partenariats avec les gouvernements pour bâtir un système financier plus transparent. Il a annoncé la tenue prochaine d’une conférence à Bagdad sur la lutte contre le blanchiment d’argent, en partenariat avec le gouvernement irakien et le Département du Trésor des États-Unis, ainsi qu’un projet stratégique pour réintégrer le secteur bancaire syrien dans le système financier mondial, avec le soutien des autorités européennes et françaises.
Par ailleurs, il a évoqué un sommet bancaire international à venir en France, placé sous le haut patronage du Président Emmanuel Macron, qui sera consacré à la restructuration du secteur bancaire dans les pays en crise : Syrie, Liban, Irak, Yémen et Soudan.
Dans son discours, Dr Fattouh a souligné l’importance de l’adoption de pratiques internationales exemplaires et de la responsabilité collective, déclarant :
« Pour renforcer les résultats tangibles obtenus, il est impératif d’adopter une flexibilité stratégique, anticiper les évolutions et assumer pleinement nos responsabilités envers nos parties prenantes. La coopération reste notre meilleur levier contre les crimes financiers. »
De son côté, M. Michael Matossian, fondateur du groupe et vice-président, a salué les récents succès du MENA FCCG et appelé à les diffuser à plus grande échelle, notamment par un dialogue renforcé avec les acteurs internationaux.
« Grâce à une collaboration fructueuse et à l’innovation, nous avons franchi des étapes majeures vers un environnement financier plus sûr au Moyen-Orient et au-delà. »
Moments forts de la réunion
La réunion a été marquée par une session de haut niveau animée par S.E. Mme Soumaya Abou Chreif, Présidente de l’Unité de lutte contre le blanchiment d’argent et le financement du terrorisme (FIU – Jordanie) et Présidente du Groupe d’Action Financière du Moyen-Orient et d’Afrique du Nord (MENAFATF). La session, intitulée « L’avenir de la lutte contre la criminalité financière : exploiter les stratégies basées sur le renseignement », a été modérée par M. Che Sidanius, Directeur mondial de la lutte contre la criminalité financière au sein du London Stock Exchange Group (LSEG) et fondateur du GCFFC.
Mme Kathleen Bozis, attachée régionale du FinCEN (Département du Trésor américain), a présenté les priorités stratégiques de la lutte contre la criminalité financière du Trésor américain, en insistant notamment sur la lutte contre le trafic de stupéfiants, la prévention du développement d’armes de destruction massive par l’Iran, et l’appui humanitaire au peuple syrien.
Réalisations notables: MENA FCCG comme catalyseur régional
Les membres ont présenté des projets clés tels qu’un rapport de recherche élaboré par l’Académie Rabdan, en collaboration avec le groupe de travail sur l’IA et le Centre de recherche de l’ADGM. Cette étude met en lumière un modèle d’évaluation des risques basé sur le machine learning pour améliorer la détection des transactions suspectes de blanchiment d’argent.
De plus, M. Patrick Fitzgerald (Université Américaine de Beyrouth – AUB) et Mme Lama Sahli (AUB Online) ont exposé les avancées du programme de certification spécialisée sur les crimes financiers liés au commerce (TBFC), conçu en partenariat avec le GCFFC et la MENA FCCG.
Une initiative régionale ambitieuse contre la corruption
Le groupe MENA FCCG a lancé, avec le soutien du GCFFC, une initiative structurée autour de deux volets pour lutter contre la corruption et la fraude dans la région. Le premier repose sur un tableau de bord analytique basé sur la plateforme de LSEG, adapté aux spécificités régionales, fournissant une lecture précise des risques de corruption. Le second est un outil d’autoévaluation pour les entreprises privées, leur permettant de mesurer l’efficacité de leurs dispositifs de conformité.
Vers un renforcement de la coopération internationale
M. Thomas Nunn, président du chapitre européen du MENA FCCG, a insisté sur l’importance du dialogue avec les banques arabes opérant en Europe et la préparation à l’entrée en vigueur de la nouvelle loi britannique sur les crimes économiques, notamment l’infraction de « défaut de prévention de la fraude » dès septembre 2025.
Les interventions de Mme Sheila Sadat , Directrice des Partenariats Stratégiques – ,(GASA), de Chip Poncy, Responsable Globale de l’Intégrité Financière ,de Sara Runge, Directrice Générale Exécutive chez K2 Integrity et Ancienne Responsable du Trésor des États-Unis auprès du GAFI (Groupe d’Action Financière) ,et de M. Antoine Habib (conseiller stratégique de l’UAB), ont complété les échanges avec des mises à jour sur les sanctions internationales et la situation en Irak.
La réunion a également comporté deux sessions technologiques animées par M.David Shepherd, Responsable mondial de la stratégie client en matière de risque chez LSEG, portant sur « L’avenir de la lutte contre la criminalité financière » et « Gérer les risques financiers à l’ère numérique ». Parmi les intervenants figuraient M.Adam Famularo (CEO WorkFusion), M.Markus Schulz (CTO K2 Integrity), M.Nishanth Nottath (Président du groupe technologique PPP EAU), et M. John Walsh (Président/CEO SightSpan Inc.).
Perspectives 2025–2026
Les membres ont défini les priorités des deux prochaines années : transfert de connaissances, renforcement des capacités, intégration accrue des pays d’Afrique du Nord, développement de solutions basées sur le cloud computing et respect des souverainetés numériques. M. Che Sidanius a annoncé que le prochain sommet GCFFC se tiendra les 10–11 septembre 2025 à Abu Dhabi, sous le thème « Lutter contre la criminalité financière dans un monde de plus en plus complexe ».
En conclusion de la réunion, M. Matossian a souligné : « Le changement est désormais notre constante. Le secteur financier doit être capable de se transformer et de s’adapter au rythme des évolutions vers un monde numérique, tout en restant conscient que les criminels exploitent parfois les mécanismes de lutte contre la criminalité financière les plus avancés. Ce n’est qu’en travaillant ensemble, entre secteurs et au-delà des frontières, que nous pourrons remplir efficacement notre rôle de gardiens du système financier. » Les membres ont clôturé la réunion en convenant de tenir la prochaine réunion plénière en présentiel, provisoirement prévue pour mai 2026 – le lieu restant à confirmer.
Un Pont Stratégique entre Secteurs Public et Privé
Sous le haut patronage du Gouverneur de la Banque Centrale d’Égypte, la Conférence Bancaire Arabe 2025 sous le theme: « La Partenariat Public-Privé pour Financer l’Économie » s’est tenue au Caire les 27 et 28 avril. Réunissant plus de 800 participants, l’événement a exploré le rôle stratégique des partenariats public-privé dans le financement de l’économie arabe. Au programme : mécanismes de financement innovants, finance islamique, cadre réglementaire et rôle des institutions internationales. Des distinctions majeures ont été décernées à des figures influentes du secteur. Une rencontre marquante pour l’intégration économique régionale et la transformation durable.
Le Caire a accueilli, les 27 et 28 avril 2025, la Conférence Bancaire Arabe annuelle organisée par l’Union des Banques Arabes (UBA) sous le haut patronage de Son Excellence M. Hassan Abdallah, Gouverneur de la Banque Centrale d’Égypte. Placée sous le thème stratégique « Le partenariat entre les secteurs public et privé pour financer l’économie », cette édition a rassemblé plus de 800 personnalités financières, économiques et politiques, consolidant ainsi sa position comme l’un des principaux rendez-vous de la sphère bancaire arabe et internationale.
M. TAREK EL – KHOLY
vice-gouverneur de la Banque Centrale d’Égypte
Le mot d’ouverture a été prononcé par M. Tarek El-Kholy, vice-gouverneur de la Banque Centrale d’Égypte, représentant le Gouverneur. Il a souligné la nécessité de mécanismes de financement plus flexibles et novateurs dans le contexte géopolitique incertain que traverse la région. Il a insisté sur l’importance d’un cadre juridique robuste pour garantir la transparence, l’équité des risques et attirer davantage d’investissements dans les projets de développement à long terme.
M. Mohamed El Etrebi
Président de l’Union des Banques Arabes et PDG de la Banque Nationale d’Égypte,
Mohamed El-Etreby, Président de l’Union des Banques Arabes et PDG de la Banque Nationale d’Égypte, a pour sa part mis en lumière le rôle stratégique des banques dans la réduction du déficit de financement à travers des solutions mixtes de financement, incluant les PME et les chaînes d’approvisionnement, tout en appelant à renforcer les partenariats avec le secteur public. Il a été reconduit à l’unanimité pour un second mandat à la tête de l’Union.
Dr. Maitha Al Shamsi
la Ministre d’État des Émirats Arabes Unis
Parmi les interventions marquantes, la Ministre d’État des Émirats Arabes Unis, Dr. Maitha Al Shamsi, a présenté les réalisations des Émirats en matière de durabilité, soulignant que le pays est désormais le premier émetteur arabe et le deuxième émetteur mondial de sukuks verts en 2024, représentant 47 % des sukuks environnementaux du CCG.
Lors de la conférence
Dr. Emad Boukhamseen
PDG du groupe Boukhamseen Holding (Koweït), s’est vu décerner le prix de la Personnalité Bancaire et d’Investissement Arabe 2025. Ce prix honore une trajectoire exceptionnelle dans les domaines bancaire et entrepreneurial.
Au cœur du programme figuraient six sessions de haut niveau couvrant des sujets majeurs :
– Le rôle des PPP dans la croissance éco
nomique : expériences de l’Égypte, de la Jordanie, du Maroc et des Émirats.
– La finance islamique et le développement durable: synergies croissantes entre banques islamiques et gouvernements.
– Les mécanismes de financement innovants: intégration du financement vert, des sukuks, du blended finance et du financement multilatéral.
– Les institutions financières internationales (IFC, BERD, BAD, ESCWA): leur rôle clé pour réduire les risques liés aux projets PPP.
– Le cadre réglementaire : nécessité d’une réforme législative pour faciliter les projets à long terme.
– Les recommandations stratégiques: création de cellules PPP nationales, renforcement des capacités, incitations fiscales et cadre harmonisé.
Par ailleurs
le Gouverneur de la Banque Centrale d’Égypte
Hassan Abdallah
a été élu « Gouverneur de l’Année 2025 » pour sa vision réformatrice et sa capacité à piloter la stabilité monétaire dans un contexte régional difficile
Un salon professionnel a accompagné les travaux, réunissant les principales banques égyptiennes, arabes et institutions financières internationales, offrant ainsi une plateforme dynamique d’échange de solutions innovantes.
Le sommet a formulé une série de recommandations concrètes, notamment:
– Créer une unité dédiée aux PPP dans chaque pays arabe pour accélérer les procédures contractuelles et les fermetures financières.
– Développer des structures hybrides de financement islamique adaptées aux projets à long terme.
– Lancer des fonds d’investissement régionaux pour attirer les capitaux privés dans des projets d’impact.
– Mettre en place une agence arabe de notation pour faciliter l’accès des projets PPP aux marchés de capitaux.
En réunissant gouverneurs de banques centrales, ministres, PDG de banques et représentants d’institutions multilatérales, la Conférence Bancaire Arabe 2025 s’est imposée comme un carrefour stratégique pour l’intégration économique régionale, le financement durable et l’innovation financière. Son succès témoigne du rôle croissant que peuvent jouer les banques arabes dans la transformation économique de la région à travers des partenariats public-privé solides, inclusifs et durables.
La Mauritanie confirme son projet de création d’une bourse
de valeurs mobilières avec l’appui de la Bourse
de Casablanca au Maroc
Un protocole d’accord visant à accompagner la création de la Bourse de Nouakchott en Mauritanie a été signé le 17 avril 2025, entre la Banque centrale de Mauritanie et la Bourse de Casablanca.
Ce partenariat prévoit à la fois un appui technique à la mise en place de la future bourse et un programme de renforcement des capacités pour les institutions mauritaniennes concernées. La Bourse de Casablanca du Maroc, forte de son expérience dans la région, jouera un rôle d’appui dans les aspects techniques, institutionnels et de formation liés à ce projet.
Une initiative relancée, après la tentative de 2014
Ce projet de marché boursier n’est pas nouveau. En 2014 déjà, la Banque centrale de Mauritanie avait annoncé sa volonté de créer une bourse locale afin de capter l’épargne nationale au service du financement des entreprises.
La même année, l’Assemblée nationale a adopté une loi portant sur la création d’un marché financier, avec l’ambition d’établir quatre institutions : la Bourse de Nouakchott, une autorité de régulation, un dépositaire central et un fonds de garantie. Malgré ce cadre légal, le projet n’a pas été mis en œuvre. Le protocole signé avec la Bourse de Casablanca marque donc une tentative de relance concrète de cette initiative restée sans suite pendant plus d’une décennie.
Une plateforme financière aux multiples enjeux pour l’économie
La mise en place d’un marché boursier en Mauritanie vise plusieurs objectifs. Il s’agit d’abord de permettre aux entreprises locales, y compris les PME, d’accéder à des financements à long terme via l’émission d’actions ou d’obligations. Ensuite, la bourse pourrait servir de canal de financement pour l’Etat à travers l’émission de titres publics, réduisant ainsi la dépendance aux emprunts extérieurs.
Enfin, pour les épargnants, elle offrirait une nouvelle option d’investissement, ce qui encouragerait une meilleure mobilisation de l’épargne nationale.
A plus large échelle, la Mauritanie entend suivre l’exemple d’autres pays africains disposant déjà de marchés boursiers fonctionnels comme l’Afrique du Sud, le Maroc, le Nigeria, le Kenya ou encore les pays membres de la BRVM.
La Banque extérieure d’Algérie s’implante en France
avec 5 nouvelles agences
La Banque extérieure d’Algérie (BEA) a obtenu l’autorisation officielle d’exercer en France et en Europe. Cette décision marque une étape importante dans l’internationalisation du secteur bancaire algérien. La BEA prévoit ainsi l’ouverture de cinq agences en France, destinées principalement à servir la diaspora algérienne et à faciliter les échanges financiers entre les deux rives de la Méditerranée.
La Banque Extérieure d’Algérie (BEA) a franchi une étape majeure dans son expansion internationale en obtenant l’agrément officiel pour opérer en France. Cette autorisation, délivrée par l’Autorité de Contrôle Prudentiel et de Résolution (ACPR) et validée par la Banque Centrale Européenne (BCE) le 16 janvier 2025, permet à la BEA d’ouvrir cinq agences sur le territoire français, marquant ainsi une première pour une banque algérienne dans l’espace européen
Objectifs de l’implantation
L’ouverture de ces agences vise principalement à répondre aux besoins spécifiques de la diaspora algérienne en France, estimée à plusieurs millions de personnes. Les services proposés incluront l’ouverture de comptes en devises et en dinars algériens, les transferts de fonds vers l’Algérie, le versement des pensions de retraite, le paiement des cotisations à la Caisse de sécurité sociale, ainsi que l’accès à des crédits bancaires, y compris des prêts immobiliers classiques et islamiques.
Emplacement stratégique des agences
Les cinq agences seront implantées dans des villes françaises à forte concentration de ressortissants algériens, telles que Paris, Marseille et Lyon. Cette stratégie vise à faciliter l’accès aux services bancaires pour la communauté algérienne et à renforcer les liens économiques entre la France et l’Algérie.
Perspectives d’avenir
L’implantation de la BEA en France s’inscrit dans une démarche plus large de modernisation et d’internationalisation du secteur bancaire algérien. Elle pourrait également servir de modèle pour d’autres banques maghrébines souhaitant étendre leurs services en Europe. Cette initiative est perçue comme un pas significatif vers une meilleure inclusion financière de la diaspora et un renforcement des échanges économiques entre les deux rives de la Méditerranée.
شهد العالم في العقود الزمنية الأخيرة ثورةً هائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات غيَّرت مجرى حياتنا، وأدَّت بالطبع إلى إحداث تطوراتٍ كبيرة في العمل المالي والمصـرفي، وأحدثت خلق ما يُسمّى بالنقود الإلكترونية، ووسائل الدفع الإلكتروني، بهدف تسهيل التعاملات والمبادلات المالية في جميع قطاعات الحياة، عبر منظومةٍ متكاملةٍ أُطلق عليها مصطلح «الشمول المالي»، الذي يقوم على توفير الوصول الآمن إلى الخدمات المالية والمصـرفية، كالإقراض والإدخار، وخدمات الدفع والتأمين، وإدارة الحسابات البنكية بطرقٍ كفوءةٍ وسلسلة، وبشكلٍ عادلٍ وشفاف، وبتكاليف مالية أيضاً معقولة، وفي ضوء هذه التطورات كانت بلادنا من أوائل الدول العربية التي بدأت في استخدام الأنظمة الإلكترونية في الأعمال المصـرفية، حيث صدر قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصـرفية الإلكترونية رقم (40) في عام 2006م؛ ورغم تلك البداية المُبكرة؛ إلاّ أن تجربة التعامل بالنقود الإلكترونية لا تزال خجولةً ومحصورة ضمن إطارٍ ضيق؛ ففي بلدٍ يُعاني من حروبٍ مستمرة منذ العام 2015 وحتى الآن، ومن تفتتٍ مؤسسـي وإقتصادٍ منكسـر؛ تـمثل في سياستين إقتصاديتين، ومصرفين مركزيين، وقيمتين مختلفتين للعملة اليمنية الواحدة.. وغيرها، جعله يتوقف أو يتعثّر أو يهرول نحو الخلف بصورةٍ مرعبة؛ لذلك فإن السبب بالنسبة إلى هذه التجربة يرجع بالأساس إلى تلك الظروف الصعبة؛ وبالتالي فإن محاولات تبنّي التقنيات المالية الحديثة تعدُّ أشبه بالمجازفة الكبيرة، فما بالكم بإعتماد النقد الإلكتروني وتعميمه على شتّى نواحي الحياة؟!، رغم مزاياه الرائعة كونه أحد الأدوات الحيوية التي تساعد في تسهيل المعاملات المالية وتوسيع الوصول إلى الخدمات المصـرفية في مختلف المناطق اليمنية الريفية منها أو الحضـرية، وفي تحديث النظام المالي في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة والقيود التي تواجهها البلاد بشكلٍ عام.
ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة مسارعة البنوك نحو تعزيز الشمول المالي، وذلك عبر تقديمها خدماتٍ إلكترونية كالمحافظ الإلكترونية وتطبيقات الدفع الإلكتروني تقوم على التحويلات والمدفوعات عبر الإنترنت أو عبر الهواتف المحمولة بشكلٍ تدريجي لما فيه تقليل الحاجة إلى الإعتماد الكامل على النقد التقليدي أو البنوك التقليدية؛ ولكن هذه المُبادرة اصطدمت بتحدّياتٍ بنيويةٍ وسياسيةٍ وإجتماعية حدَّت وأعاقت إنتشارها.. وفي هذا المقال سنحاول قراءة وتحليل واقع النقود الإلكترونية في اليمن، مقارنتها مع تجاربٍ عربيةٍ ودولية ناجحة لكي يتسنّى لنا الإجابة على ذلك السؤال المُلح والمهم: لماذا لا زالت تجربتنا في التعامل بالنقود الإلكترونية خجولةٌ وضعيفة؟!
تحليل الواقع: النظر من قُرب
تُعرف النقود الإلكترونية بأنها قيمةٌ نقديةٌ مُخزنة في وسيلةٍ إلكترونية تُستخدم كأداة دفعٍ أو سحبٍ نقدي، أو تسوية مدفوعات.. وغيرها، دون الحاجة إلى وجود حسابٍ بنكي تقليدي، وتُعد بديلاً عن النقود الورقية، وتساهم في الحفاظ على العملة الوطنية، وتحدُّ من التلاعب بقيمتها صعوداً وهبوطاً، ولها العديد من المزايا، كتكلفة تداولها الزهيدة، ولا حدود للزمان والمكان لإستخدامها، وتُسـرع الدورة النقدية للبلد، وذات بساطةٍ وسهولةٍ في الاستخدام، وبوسائل أمانٍ عالية الدقة، كما أنها وسيلةٌ فعَّالةٌ وممتازة لإيصال الخدمات المالية إلى الكثير من الفئات المحرومة منها وخصوصاً في المناطق الريفية والبعيدة عن مراكز المدن.
وكدراسة حالةٍ عن واقع النقود الإلكترونية في بلادنا؛ تبلغ عدد الجهات المُزوِّدة لها حوالي (52) جهة ما بين بنكٍ ومؤسسةٍ مالية، وشـركة إتصالات؛ منها (32) بنكاً عاملاً؛ سواءً البنوك المخضـرمة أو البنوك الجديدة والمرخص لها حتى نهاية العام 2024، وهي (4) بنوك تقليدية حكومية، (6) بنوك تقليدية تجارية، (13) بنوك تـمويل أصغر، (5) بنوك إسلامية، (4) فروع لبنوك عربية وأجنبية، و(20) محفظة نقودٍ إلكترونية هي الأخرى مرخص لها من قبل البنك المركزي اليمني؛ وهي: (أم فلوس، فلوسك، بيس، موبايل موني، جوالي، ون كاش، كاش، محفظتي، جيب، يمن والت، ريال موبايلي، شامل موني، سبأ كاش، وي كاش، الدولي موني، الريال الإلكتروني، محفظة المتكاملة، وينت، سداد)، وقد حققت هذه الجهات تطوراً لا بأس فيه في هذا المجال، إلا أنها تحتاج إلى إنشاء منصّةً واحدةً مفتوحةً وعادلة تسمح للبنوك وشـركات مقدمي الخدمات غير المصـرفية على حدٍّ سواء بتقديم خدمات النقود الإلكترونية عبر الهاتف المحمول، كما أنه يجب القيام بتعميم استخدام هذه النقود من قبل الجهات ذات العلاقة، وتحقيق المتطلبات التقنية اللازمة لها عبر وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات؛ الأمر الذي سيحقق نمواً متسارعاً في قطاع الخدمات المصـرفية الرقمية في اليمن، مدفوعاً بزيادة استخدام الهواتف الذكية، وإنتشار خدمة الإنترنت، حيث يبلغ عدد مستخدمي الهواتف الذكية حوالي (16) مليوناً، ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت (7) ملايين مستخدم؛ وهذا الأمر يجعل من تقديم هذه الخدمات لكل هذه البنوك والمؤسسات نقلةً نوعية في المشهد المالي اليمني؛ إذ يوفر راحةً وسهولة غير مسبوقتين من خلال تبسيط المعاملات وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية.
وقد أوصت تقارير صندوق النقد الدولي بلادنا بضـرورة تنظيم مُصدري النقود الإلكترونية، وحماية أموال العملاء عبر فصلها عن أصول الجهات الأخرى؛ ولكن في ظل إنعدام الإستقرار السياسـي في البلد، تبدو هذه التوصيات بعيدة المنال، وأنها ستظل حبراً على ورق، أضف إلى ذلك التهديدات الدولية المستمرة بقطع التعامل مع البنوك اليمنية المنقسمة تُزيد من تعقيدات المشهد اليمني برمته، برزت آثارها الكارثية عقب إخضاع البعض منها لعقوباتٍ أميركية كـ «بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار»، و«بنك اليمن الدولي».
وبالمجمل فإن واقع النقود الإلكترونية الحالي متعثّراً وغير ملموس لدى المواطن اليمني الذي لا يزال بعيداً كل البعد عن الإستفادة من النقود الإلكترونية من جهة، ومن جهةٍ أخرى من إستخدام الخدمات الإلكترونية، وكل ذلك يتأتى بالعديد من الأسباب والمسببّات التي تقف كحجر عثرة أما تطور هذا المجال؛ ومنها:
إستمرار الحرب الأهلية اليمنية؛ حيث أدّى الصـراع بين حكومتي صنعاء وعدن إلى إنقسامٍ للنظام النقدي للبلد الواحد؛ هذا الإنقسام عطَّل أية جهودٍ لتوحيد السياسات النقدية والبنية التحتية المالية الرقمية في اليمن، مما جعل تبنّي إستخدام النقود الإلكترونية غير مجدٍ دون إطارٍ تنظيميٍّ مُوحَّد، كما أن حظر التعامل القائم بين البنوك التابعة للسلطتين المتنازعتين أعاق تحويل النقود الإلكترونية بين المناطق الخاضعة لهما.
ضعف البنية التحتية؛ فبلادنا تُعاني أسوأ بنية اتصالاتٍ في الشـرق الأوسط بسبب تضـرُّر الكابلات البحرية المُزوِّدة للإنترنت، ليفقد (80 %) من سعتها، أضف إلى ذلك الهجمات العسكرية المتكررة من مختلف الأطراف على شبكات ومراكز الاتصالات؛ لتفاقم الوضع وتعمل على تدميره.
ضعف الثقافة المالية؛ حيث توضح دراسةٌ بحثية لـ«البنك الدولي» بأن بلادنا تتسم بأحد أدنى مستويات الشمول المالي في منطقة الشـرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن (6 %) فقط من البالغين لديهم حساباتٍ بنكية، منها (27 %) حسابات نقودٍ إلكترونية بالتحديد، وأن (1 %) من عموم اليمنيين فقط يدخرون أموالهم في مؤسساتٍ ماليةٍ رسمية، كما أن (79 %) من سكان المناطق الريفية يفضلون التعامل النقدي على التعامل الإلكتروني، أما بالمجمل العام فإن (80 %) من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر المُدقع؛ وبالتالي فإنه يحدُّ من قدرتهم على امتلاك هواتف ذكية أو تحمُّل تكاليف الخدمات الإلكترونية.
ومن هذه الأسباب وغيرها يتضح لنا واقع النقود الإلكترونية في اليمن؛ وهو واقعٌ سـيءٌ بكل المقاييس؛ يتوجب على المعنيين من دولةٍ وحكومةٍ وجهاتٍ مختصة الإسـراع في تلافيه، وحلحلة كل تلك الأسباب التي تعيق تطوره وتقدمه.
وسائل الدفع الإلكترونية المشهورة: قراءة تحليلية
في سياق دراستنا لواقع النقود الإلكترونية في اليمن، كان ولا بد من الرجوع لتقارير البنك المركزي عن أوائل الجهات التي رُخِصَ لها وسُمِحَ لها بالتداول بالنقود الإلكتروني؛ حيث كانت خدمة (أم فلوس – M floos) التابعة لبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي هي أول محفظة نقدية إلكترونية يتم الترخيص لها في العام 2015، وإن تم تدشين العمل بها فعلياً في يونيو/ حزيران 2016، تلاها (محفظتي – Mahfathati) التابعة لبنك التضامن الدولي الإسلامي، و(بيس – Pyes) التابعة لبنك الأمل للتمويل الأصغر في العام 2017، وبعدهما محفظتا (فلوسك – Floosak) التابعة لبنك اليمن والكويت للتجارة والإستثمار، و(موبايل موني – Mobile Money) بنك التسليف التعاوني والزراعي «كاك بنك» في العام 2018، ثم توالت بعدها إطلاق العديد من المحافظ الإلكترونية؛ سواءً التابعة للبنوك أو التابعة لشـركات الإتصالات أو شـركات تقديم الخدمات الإلكترونية لتتجاوز الـ(20) أضف إليها العشـرات من التطبيقات الإلكترونية؛ ولكننا نجد بأن نوعية الخدمات التي تقدمها هذه المحافظ والتطبيقات الإلكترونية تكاد تكون مُتشابهة ومحدودة؛ أي أن لا فوارق كبيرة بينها؛ اللهم إلا في بعض التفاصيل فقط؛ كإستثمار الذهب في بنك اليمن والكويت، وتوفير فيزا افتراضية في بنك التضامن الدولي، وتسديد المدفوعات الحكومية «الضـرائب والجمارك» في بنك التسليف التعاوني والزراعي (كاك بنك)؛ وبالتالي فلا زالت هذه المحافظ تعتمد على فروع البنوك وعلى شبكة الوكلاء عند إجراء عمليات السحب النقدي، بالإضافة إلى قيودٍ أخرى كثيرة، ولو استطعنا الحصول على أرقام عدد العمليات المُقدَّمة من كل محفظةٍ على حدها، وأيضاً عدد عملائها، وأعداد الحسابات الإلكترونية المرتبطة بها؛ لنجد بأنها بالمئات أو على أبعد تقدير بالآلاف في شعبٍ يتجاوز عدد سكانه الـ(40) مليون نسمة؛ وهذا ما يجعل تجربة بلادنا في استخدام النقود الإلكترونية ووسائل الدفع الإلكتروني خجولةً وضعيفةً جداً أمام التجارب الناجحة للدول العربية والأجنبية.
المقارنة مع تجارب عربية ودولية
إتبعت العديد من الدول العربية والأجنبية إستراتيجياتٍ وطنية وخططٍ مرحلية لتعزيز الشمول المالي، وحقَّقت خطواتٍ واسعة في مجال إنتشار وإستخدام الخدمات المالية والمصـرفية، وعلى رأسها التعامل أو بالأحرى التداول بالنقود الإلكترونية؛ بينما بلادنا وللأسف الشديد هي بلا استراتيجياتٍ أو خططٍ في شتى شؤون أعمالها؛ فما بالكم بهذا المجال؟!!؛ ولهذا تأتي دائماً في مراتب متأخرة جداً بين الدول العربية والعالمية في مؤشـر الشمول المالي، والنقود الإلكترونية، حيث لا يتعامل (45 %) من السكان مع أية مؤسسةٍ ماليةٍ أو مصـرفية، كما أن مؤشـر نظم المدفوعات الإلكترونية أيضاً تعتبرها الأدنى على المستوى العربي والإقليمي؛ وكمقارنةٍ حقيقيةٍ مع بعض هذه الدول، نجد بأن السعودية تعدُّ أحد النماذج العربية الناجحة، حيث تحتل مراكز متقدمة عربياً وتصل نسبة استخدام الخدمات المالية الرقمية فيها إلى (70 %) من تعداد سكانها، ويعود الفضل إلى توفر بنيةٍ تحتيةٍ متطورة، وإطارٍ تنظيميٍّ مُوحَّد، ورخاءٍ اقتصادي، وإستقرارٍ سياسـي، وتنبنٍ لرؤيةٍ واستراتيجية طموحة، كما أن دولتي الإمارات ومصـر تتبنيان استراتيجياتٍ وطنية لتعزيز التحول الرقمي في جميع خدماتها، وتقدمان دعماً حكومياً سخياً لشـركات التكنولوجيا المالية (FinTech)، يعود حتماً بالفائدة العظمى على هذين البلدين الشقيقين.
وعلى المستوى الدولي؛ فالمقارنة أيضاً ستكون مُجحفة وذات فجوةٌ واسعة؛ أي أنها تفوق بلادنا بمراحل عديدة؛ فمثلاً (الصين والهند) تستخدمان تقنياتٍ متقدمة في مجال الشمول المالي والنقد الإلكتروني والتجارة الإلكترونية كوسائل الدفع عبر (QR Code) مثلاً، كما أن (كينيا وأوغندا) قد حققتا شمولاً مالياً بنسبة (75 %) عبر إحدى خدماتها؛ وهي خدمة (M-Pesa)، والتي تعتمد على شبكة وكلاء غير بنكية (Nonbank-led models) لتصل إلى المناطق النائية والبعيدة.
بينما فشلت بلادنا في تبنّي نموذجٍ مماثل بسبب الصـراع والانقسام السياسـي وغياب الإطار التنظيمي المُوحَّد لهذه الجهود، وضعف البنية التحتية، وأن ما تقدمه حالياً من خدمات النقد الإلكتروني يظل في بعض الحلول الأساسية مثل سداد الفواتير، والتحويلات الصغيرة، والشـراء عبر نقاط البيع فقط!!!؛ لذا فبلادنا بعيدةٌ جداًَ عن المقارنة وبالتالي عن المنافسة، حيث لا يمكن للنقد الإلكتروني في اليمن أن يُوازي هذه التجارب العربية أو الدولية في المدى المنظور؛ فالتحديات تفوق الإمكانات، والصـراع المستمر يُعمق الفجوة.
لو توافرت الظروف: هل سنحقق مستوياتٍ عالية؟!
وكواقع مرير؛ وكما سبقت وأن أشـرت إلى أن بلادنا تحتل المراكز المتأخرة عالمياً، فعلى سبيل المثال «مؤشـر الجاهزية الرقمية» الذي يُصنفه بين الدول الأضعف بسبب إنعدام الإستقرار السياسـي وتدنّي الاستثمار في التكنولوجيا؛ ولكن يجب ألا نفقد الأمل!!؛ فماذا لو توفرت الظروف والبيئة المناسبة هل ستكون النقود الإلكترونية حلاً لمشكلاتٍ كثيرة يعانيها البلد كشح السيولة النقدية بسبب طباعة العملة غير المنضبطة، وتعزيز الشمول المالي للبنوك، وتسهيل التحويلات الدولية التي تُشكِّل شـريان حياة للاقتصاد اليمني، بل وتعتمد عليها الأسـر اليمنية في مأكلها ومشـربها، والمُقدَّرة بمليارات الدولارات سنوياً؟!
والإجابة نعم؛ بل وستسعى بلادنا إلى إنقاذ تجربتها في التعامل بالنقود الإلكترونية لتحقق مستوياتٍ عالمية؛ وبالطبع فهذا لن يتحقق ولا يمكن للنقود الإلكترونية أن تزدهر دون وقفٍ للحرب، وتوحيدٍ للنظام النقدي، وضخٍ للإستثمارات الدولية في البنية التحتية للإتصالات والطاقة، وتنفيذٍ لحملاتٍ توعوية لتعزيز ثقة المواطنين بالبنوك أولاً وبالخدمات الرقمية وعلى رأسها النقود الإلكترونية ثانياً، وقيام تعاونٍ وتكاملٍ بين البنوك المحلية وشـركات الاتصالات لتبني نماذج غير بنكية (Nonbank-led models)، ومن ثم التكامل مع المنصات العالمية ذات الشأن بالتحويلات الدولية بالعملات الأجنبية كـ «ويسترن يونيون»، و«موني جرام»، و«PayPal»، وغيرها.
وفي الأخير.. فعند توافر الإرادة السياسية الصحيحة والإدارة الكفوءة والسليمة سيتم تلافي كل هذه الإشكالات في بلادنا، وحتماً ستحقق مستوياتٍ عالية في جميع المؤشـرات التنموية والإقتصادية، وعلى رأسها الجانب المصـرفي بشكلٍ عام، وعملية التحول الرقمي والشمول الرقمي والنقود الإلكترونية بشكلٍ أخص، عندها سيكون المستقبل أكثر إشـراقاً وأكثر ابتكاراً وإبداعاً في مختلف مجالاته.