واصلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، استعراض خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل، أمام اللجان النوعية بمجلس النواب، حيث عقدت لقاءً مع أعضاء لجنة الخطة الموازنة، برئاسة النائب فخري الفقي، لمناقشة محاور الخطة والسياق الاقتصادي الحالي على الصعيدين المحلي والعالمي.
وفي البداية، تطرقت الدكتورة رانيا المشاط، إلى الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، حول التعريفات الجمركية، واصفة الاتفاق بالأمر الإيجابي الذي يمكن أن يقلل من التوترات الاقتصادية العالمية وحالة عدم اليقين، والتأثير السلبي على النمو العالمي.
وأضافت «المشاط»، أن الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة مستمرة وهو ما يؤثر على حركة الملاحة بقناة السويس، كما أن هناك تداعيات للحرب الروسية الأوكرانية، رغم احتمالية الوصول إلى تهدئة قريبًا، لافتة إلى أن تلك التوترات أثرت على أسواق المال العالمية، وعززت من توقعات الضغوط التضخمية، حتى أن توقعات التضخم في أمريكا وصلت إلى 6.7% وهي أعلى معدلات منذ الثمانينات، وهو ما يمكن أن يؤثر على التحرك نحو التيسير النقدي من قبل الفيدرالي الأمريكي.
وذكرت أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، رصدت تلك التطورات لمعرفة التأثير المحتمل للتطورات العالمية على توقعات النمو الاقتصادي، لافتة إلى أن صندوق النقد الدولي أعاد توقعاته للنمو الاقتصادي خلال اجتماعات الربيع الماضية بواشنطن، ليخفضها بنحو 0,5% ونحو 1.5% في حالة سيناريوهات مختلفة إن تم استمرار التوترات التجارية أو اتسعت حدتها على مستوى العالم.
وقالت إنه رغم خفض النمو الاقتصادي للعديد من الدول في مناطق العالم المختلفة، من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إلا أن المؤسستين توقعتا ارتفاع النمو الاقتصادي لمصر، في ظل استمرار خطط ضبط المالية العامة، وإصلاحات من شأنها تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي.
وعرضت «المشاط»، آليات تعظيم التنمية الاقتصادية من خلال الدور الذي تقوم به الوزارة، لدفع التنمية البشرية وريادة الأعمال، والتنمية الصناعية، وغيرها من القطاعات، لافتة إلى أنه مع تنفيذ قانون التخطيط الجديد سيتم وضع خطط تنفيذية لكل قطاع من القطاعات بشكل تفصيلي، موضحة أن قانون المالية العامة الموحد سيتم تطبيقه بداية من العام المالي المقبل، ونعمل على إصدار اللائحة التنفيذية لقانون التخطيط العام، بما يتسق مع الرؤية الجديدة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.
وأضافت أنه بوجود اللائحة التنفيذية سيتم تحقيق مستهدفات قانون التخطيط العام للدولة، بما يتسق مع قانون المالية العامة الموحد، ويحقق التناغم والتكامل بين السياسات المالية وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبما يضم تنفيذ منظومة البرامج والأداء.
وتابعت أن خطة العام المالي المقبل تم إعدادها وفقًا لأدوات التخطيط الحالية، ولكن مع بدء إعداد الخطة متوسطة المدى سيتم تحقيق الاستفادة القصوى من القانونين.
وتطرقت إلى التمويل من أجل التنمية سواء من خلال الباب السادس للموازنة، أو التمويلات التنموية الميسرة من الخارج، مشيرة إلى أن الوزارة تستهدف دعم جهود الدولة ليصبح القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للتنمية في الدولة.
ونوهت بأن العديد من المشروعات التنموية التي بدأت أن تؤتي ثمارها في الوقت الحالي ممولة من التمويلات التنموية الميسرة، على سبيل المثال صومعة ميناء غرب بورسعيد التي تم افتتاحها مؤخرًا تم وضع حجر الأساس بشأنها في عام 2021 بتمويل تنموي ميسر، كما أن مشروع نيرك لتصنيع القطارات ممول من الجانب الكوري بتمويل تنموي ميسر لتصنيع 320 عربة قطار للخطين الثاني والثالث لمترو أنفاق القاهرة الكبرى.
وتحدثت عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، ودورها في تغيير نمط النمو الاقتصادي في مصر إلى القطاعات القابلة للتداول والتصدير ذات القيمة المضافة المرتفعة، حيث تتضمن السردية 4 قطاعات رئيسية الأولى تتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي، والثانية الاستثمار الأجنبي المباشر، والثالث التنمية الصناعية، ثم سوق العمل والتشغيل، موضحة أن الوزارة تعمل على مناقشة السردية في محاورها المختلفة مع الوزارات المختلفة لإطلاقها خلال شهر يونيو المقبل.
وانتقلت للحديث حول الإصلاحات الهيكلية والتنسيق المكثف مع الاتحاد الأوروبي من أجل الحصول على المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو.
وذكرت أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل، التي تُقدم إطارًا وطنيًا متكاملاً للاستدامة وتمويل التنمية وتعبئة الموارد بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة في إطار رؤية مصر ٢٠٣٠، وخطة عمل أديس أبابا، وتعزز من تحديد فجوات التمويل وتحسين تخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية، كما تستهدف الاستراتيجيّة مُعالجة الفجوة التمويليّة لسبعة قطاعات رئيسة هي : الصحّة، والتعليم، والحماية الاجتماعيّة، والـمياه والصرف الصحّي، والنقل، وتغيّر الـمُناخ، وتمكين الـمرأة.
ونوهت بأن خطة عام 25/2026 تم إعدادها وفقًا لـمنهجية متكاملة وضعتها الوزارة حديثًا لإعداد الخطة، تنطلق من مُرتكزات أساسيّة تبدأ من مُستهدفات ومُبادرات رؤية مصر 2030، وبما يتسق ويتكامل مع برنامج عمل الحكومة (24/2025-26/2027)، والاستراتيجيّات والخطط الـمكانيّة والقطاعيّة، وفي إطار التطبيق الفاعل للجهود الرامية لتحفيز دور القطاع الخاص في التنمية الـمُستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تفعيلًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأشارت “المشاط”، إلى أن الحكومة ماضية في تنفيذ إجراءات حوكمة الاستثمارات العامة، بهدف توجيه الاستثمارات العامة للمشروعات ذات الأولوية التي تدعم جهود الدولة في تحقيق التنمية المستدامة وفق منظور تنموي شامل، موضحة أن سقف الاستثمارات العامة في العام المالي المقبل تبلغ نحو 1.158 تريليون جنيه، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تطبيق السقف بشكل دقيق ومتابعة الوزارات في التنفيذ لضمان تنفيذ المشروعات المدرجة في الخطة.
واستعرضت مكونات نمو الناتج المحلي للربع الأول والثاني من العام المالي الجاري التي ارتفعت لتسجل 3.5% و4.3%، بدعم قوي من الصناعات التحويلية غير البترولية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة التي من المتوقع أن تسجل أكبر رقم سائحين بنهاية العام المالي الجاري، موضحة أنه حينما ننظر لتلك التطورات نرى أنها تحققت عقب إجراءات التصحيح الاقتصادي التي تم تنفيذها منذ مارس 2024.
كما أشارت إلى التطورات الإيجابية على صعيد تحويلات المصريين بالخارج التي سجلت أكثر من 32 مليار دولار في 11 شهرًا، متوقعة أن يصل الناتج المحلي بالأسعار الجارية بنهاية العام المالي المقبل لنحو 20.4 تريليون جنيه مقابل نحو 17.2 تريليون جنيه بنهاية العام المالي الجاري.
ارتفع الدولار يوم الاثنين، حيث رحب المستثمرون باتفاق بين الصين والولايات المتحدة من شأنه خفض الرسوم الجمركية المتبادلة خلال فترة توقف مدتها 90 يوماً، مما ساعد على تخفيف المخاوف بشأن اندلاع حرب تجارية مدمرة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأوضح وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، للصحافيين أن الجانبين توصلا إلى اتفاق لتعليق الإجراءات التجارية لمدة 90 يوماً بعد مفاوضات مع المسؤولين الصينيين في جنيف خلال عطلة نهاية الأسبوع. وارتفع الدولار الأميركي مقابل عملات الملاذ الآمن، حيث سجل زيادة بنسبة 1.7 في المائة ليصل إلى 147.835 ين، و1.5 في المائة ليصل إلى 0.84405 فرنك سويسري، وفق «رويترز».
كان الدولار، إلى جانب سندات الخزانة الأميركية والأسهم، قد تعرض لضربة قوية منذ فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، رسوماً جمركية شاملة الشهر الماضي، وهو ما أثار حالة من الفوضى وزعزع الثقة بالأصول الأميركية.
وقال كينيث بروكس، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية وأسعار الفائدة في «سوسيتيه جنرال» بلندن: «تأخر الدولار عن الأسواق الأخرى في التعافي من أدنى مستوياته في أبريل (نيسان). والآن، تتهيأ الظروف لتصحيح أعمق وانتعاش أكبر للدولار لمواكبة عوائد الأسهم والسندات».
وبلغ مؤشر الدولار أعلى مستوى له في شهر، رغم أنه لا يزال منخفضاً بنسبة 2.5 في المائة، مقارنةً بالإعلان الذي أطلقه ترمب في 2 أبريل بشأن الرسوم الجمركية العالمية. ويترقب المستثمرون أيضاً أرقام مؤشر أسعار المستهلك الأميركي المقرر صدورها يوم الثلاثاء، للحصول على إشارات حول تأثير الخلاف التجاري على الاقتصاد، وسط توقعات بخفض إضافي لأسعار الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي».
بالإضافة إلى بيانات التضخم الأميركية للشهر الماضي، ستصدر مبيعات التجزئة لشهر أبريل يوم الخميس المقبل، لتقدم أحدث مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي.
كما ارتفع اليوان الصيني إلى أعلى مستوى له منذ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) عند 7.2001 يوان للدولار.
وقال جيسون تشان، كبير استراتيجيي الاستثمار في بنك شرق آسيا: «إذا استطاعت الصين التوصل إلى اتفاق، فإن دولاً آسيوية أخرى مثل اليابان والهند ودول جنوب شرق آسيا قد تحذو حذوها وتُحرز تقدماً في محادثاتها التجارية».
كشفت وزارة الاستثمار السعودية عن العلاقات الاقتصادية بين الرياض وواشنطن التي تقودها الثقة وتدفعها الرؤية المشتركة بين البلدين، ليصل رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر حتى عام 2023 إلى نحو 202 مليار ريال (54 مليار دولار).
وأوضحت وزارة الاستثمار أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في 2023 بلغت 5.5 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، ويشكل الاستثمار الأجنبي في المملكة 23 في المائة.
وقالت إن الأنشطة المالية والتأمين، والمهنية والعلمية والتقنية، إضافةً إلى الصناعة التحويلية، كانت أعلى القطاعات من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقد استحوذت قطاعات النقل والتخزين، والصناعة التحويلية، وتجارة الجملة والتجزئة على النصيب الأكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر.
أعلنت حكومة دبي عزمها تمكين المتعاملين من سداد رسوم الخدمات الحكومية باستخدام العملات الرقمية المشفرة، وذلك في خطوة تأتي في إطار دعم استراتيجية دبي اللانقدية.
وجاء الإعلان بالتزامن مع توقيع دائرة المالية في حكومة دبي مذكرة تفاهم مع منصة «كريبتو.كوم» العالمية، بحضور عبد الله البسطي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، وعبد الرحمن آل صالح، المدير العام لدائرة المالية.
وتهدف الاتفاقية إلى توفير قناة دفع رقمية جديدة على بوابات الدفع الحكومية، تمكّن الأفراد والمؤسسات من استخدام العملات الرقمية المستقرة بطريقة آمنة ومبتكرة، ما يُشكل نقلة نوعية في منظومة المدفوعات الحكومية.
وقال عبد الله البسطي إن الحلول المبتكرة مثل هذه، تسهم في تسهيل حياة الناس وتفعيل الابتكار في الخدمات الحكومية.
بدوره، أوضح عبد الرحمن آل صالح أن الاتفاقية تأتي ضمن جهود مالية دبي لتحقيق أهداف استراتيجية دبي اللانقدية، التي تستهدف تنفيذ أكثر من 90 في المائة من المعاملات المالية بالقطاعين الحكومي والخاص عبر وسائل الدفع الرقمية بحلول عام 2026، مشيراً إلى أن الشراكة مع منصة «كريبتو.كوم» ستُسرّع الوصول إلى هذا الهدف.
من جانبه، أكد إريك أنزياني، الرئيس التنفيذي للعمليات في «كريبتو.كوم»، أن هذه الشراكة تمثل أول تطبيق حكومي شامل لرقمنة المدفوعات باستخدام العملات المشفرة على مستوى العالم.
وسيتيح تفعيل الاتفاقية للمتعاملين سداد الرسوم الحكومية عبر محافظهم الرقمية، حيث تقوم المنصة بتحويل العملات المشفرة إلى الدرهم الإماراتي مباشرة في حسابات مالية دبي، ضمن إطار سداد آمن ومتكامل تقنياً.
ويُنتظر أن تُسهم هذه الخطوة في تعزيز ثقة المتعاملين بالخدمات الحكومية، وخلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي، مع توقعات بأن تضيف استراتيجية دبي اللانقدية أكثر من 8 مليارات درهم سنوياً (2.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد المحلي.
مشاريع مبتكرة تفوز بجائزة البنك الإسلامي للتنمية للإنجاز
الفعال في الاقتصاد الإسلامي لعام 2025م
أعلن البنك الإسلامي للتنمية عن الفائزين بجائزة البنك الإسلامي للتنمية للإنجاز الفعال في الاقتصاد الإسلامي لعام 2025م، بتكريم مشروعين رائدين على إسهاماتهما الإبداعية والمؤثرة في دعم التنمية الاقتصادية المسترشدة بمبادئ الاقتصاد الإسلامي.
فازت “ميدي كيدز MediKids” بجائزة المركز الأول عن مبادرتها الوقفية المبتكرة التي تُعالج تحديات إدارة الأوقاف في إندونيسيا، حيث تستفيد من عيادات أسنان الأطفال والأسر في توفير تمويل مستدام. ومنذ تأسيسها عام 2018م تمكنت “ميدي كيدز” في غضون ثلاث سنوات من تحقيق استقرار مالي، وأطلقت في عامها الثاني برنامجاً للمنح الدراسية لمتخصصي الرعاية الصحية. كما أنها تُخصص جزءاً من صافي أرباح وقفها لتعزيز أصول الوقف والعديد من مبادرات الرعاية الاجتماعية.
أما جائزة المركز الثاني فقد قررت لجنة التحكيم حجبها لهذا العام.
ومُنحت جائزة المركز الثالث لشركة “بلو فيلتر Blue Filter” على مبادرتها التي استحدثت نموذجًا أوليًا لتنقية المياه عبر التخلص من الملوثات الضارة، كالنترات والكلوريد والمعادن الثقيلة. وتجمع هذه التقنية بين تقنيات الترشيح الطبيعية وأنظمة أتمتة وتحكم متطورة، بشكل يُنتج حلاً مستداماً وفعالاً للغاية. كما يتميز المشروع بأنظمة مراقبة آنية وأنظمة إدارة للخسائر من أجل ضمان الأداء الأمثل وتقليل الهدر المائي.
وسيتم منح الجائزة للفائزين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، المقرر عقدها في الفترة من 19 إلى 22 مايو 2025م في الجزائر العاصمة.
وقد هنأ معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، معالي الدكتور محمد سليمان الجاسر، الفائزين على إنجازاتهم البارزة، وأشاد بإسهاماتهم في تطوير الاقتصاد الإسلامي، متمنيا لهم التوفيق الدائم.
وصرح الدكتور الجاسر قائلا: “إن جائزة البنك الإسلامي للتنمية تشكل محركاً رئيساً ذا أهمية إستراتيجية، حيث تعمل على تعزيز تحويل المعرفة ومبادئ الاقتصاد الإسلامي إلى مبادرات عملية ومشاريع مبتكرة تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة”.
وتم اختيار الفائزين بجائزة البنك الإسلامي للتنمية من قبل لجنة التحكيم المؤلفة من لفيف من الخبراء والعلماء البارزين، ويتولى معهد البنك الإسلامي للتنمية مهمة التنسيق بين أعضائها.
وفيما يلي مقتطفات من شهادات لجنة تحكيم جائزة البنك الإسلامي للتنمية.
عيادة ميديكيدز
تُسهم هذه العيادة في الدور المهم الذي يقوم به وقف المجتمع المدني في دعم رسالة القطاعين الصحي والتعليمي معاً من أجل خدمة الفئات الأقل حظاً في المجتمع.
يُعد نموذج الوقف مستداماً بفضل إطار الحوافز المالية الملائم، الذي يتماشى مع مبادئ الاقتصاد الإسلامي.
بلو فيلتر
تقدّم هذه المبادرة أحد الحلول الممكنة للدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، وتتسم بمواءمتها لأهداف البنك الإستراتيجية، ولا سيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي.
يُركّز النموذج على العناصر الزرقاء والبيولوجية، مما يجعلها أكثر جاذبيةً من الحلول البديلة التي عادةً ما تكون مُلوثة بالمواد الكيميائية.
من الجدير بالذكر أن الجائزة قد تأسست عام 1988م تحت اسم “جائزة البنك الإسلامي للتنمية في الاقتصاد والمصارف والتمويل الإسلامي”. وتقرر توسيعها عام 2020م لتشمل مكافأة الإنجازات المتميزة ضمن فئتين بالتناوب، هما: (1) فئة الإنجازات التنموية، و(2) فئة الإسهامات المعرفية. وتركز الدورة الحالية من الجائزة لعام 1446هـ (2025م) على الإنجازات التنموية، بحيث تتمحور حول المشاريع الناجحة التي تُعالج التحديات التنموية في الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية والمجتمعات المسلمة حول العالم.
Alors que le Bitcoin s’impose de plus en plus comme un acteur incontournable de la finance mondiale, l’initiative du président Trump visant à constituer une réserve stratégique de cryptomonnaies suscite un vif débat. Cette décision marque-t-elle un tournant pour la reconnaissance institutionnelle du Bitcoin, ou expose-t-elle les marchés à une volatilité accrue ? Entre ambitions politiques et enjeux économiques, cet article explore les implications de cette mesure et ses répercussions potentielles sur l’industrie des actifs numériques.
Les ambitions du président américain Donald Trump ne cessent de prendre de l’ampleur, et son second mandat de quatre ans s’annonce riche en rebondissements.
Après avoir imposé sa vision économique à travers des mesures protectionnistes contre plusieurs pays (Chine, Canada, Mexique, Union européenne), contesté les accords environnementaux mondiaux, et œuvré à faire des États-Unis le leader incontesté de la production énergétique fossile, Trump se tourne désormais vers un nouveau défi : positionner son pays comme l’épicentre mondial des cryptomonnaies, avec le Bitcoin en figure de proue.
Autrefois sceptique et même farouche opposant aux monnaies numériques durant son premier mandat, Trump est désormais perçu comme un catalyseur de la flambée du Bitcoin. Ses discours de campagne ont provoqué une envolée spectaculaire de sa valeur, qui a grimpé de plusieurs dizaines de milliers de dollars en un temps record. L’ancien critique est ainsi devenu une référence incontournable dans l’univers des cryptomonnaies.
Le virage stratégique du président américain s’est confirmé avec l’annonce de la création d’une réserve stratégique de Bitcoin, un geste audacieux qui marque un tournant majeur dans sa politique financière. Passant d’adversaire à fervent défenseur des actifs numériques, Trump ne s’est pas arrêté là : il a également lancé sa propre cryptomonnaie, le Trump Coin, en ce début d’année 2025, et exprimé son soutien à la plateforme d’échange World Liberty Financial.
Avec cette nouvelle orientation, Trump façonne une Amérique où le Bitcoin et les cryptomonnaies ne sont plus perçus comme une menace, mais comme un levier de puissance économique et d’innovation financière.
ChatGPT said:
Afin de concrétiser ses ambitions et ses engagements, le président américain a accueilli à la Maison-Blanche, en mars 2025, un sommet inédit consacré aux cryptomonnaies. Son objectif : établir une réserve stratégique garantissant que son pays devienne la capitale mondiale du Bitcoin, conformément à la promesse faite lors de sa campagne électorale. À cette occasion, il a dévoilé plusieurs initiatives visant à renforcer un cadre réglementaire propice au développement des cryptomonnaies aux États-Unis.
Ce sommet a réuni plusieurs figures influentes du secteur des actifs numériques, notamment David Sacks, l’un des leaders de l’industrie, ainsi que de nombreux hauts responsables d’agences fédérales.
Lors de cet événement, le président Trump a vivement critiqué les erreurs de l’administration précédente sous la présidence de Joe Biden. Il a exhorté les experts et les régulateurs à abroger ce qu’il a appelé le « point 2.0 », une réglementation instaurée par l’administration Biden qui, selon lui, empêchait les banques américaines d’offrir des services de conservation d’actifs numériques et d’accorder des services financiers aux entreprises du secteur des cryptomonnaies. À l’issue du sommet, il a été convenu que la suppression de cette restriction serait soutenue par le Bureau du contrôleur de la monnaie.
Dans la foulée, le Bureau du contrôleur de la monnaie a publié un communiqué officiel annonçant que les banques américaines seraient désormais autorisées à conserver une variété d’actifs numériques, y compris les stablecoins.
Enfin, au cours de ce sommet dédié aux cryptomonnaies, le président américain a réaffirmé que, sous son administration, le gouvernement ne vendrait aucune de ses réserves de Bitcoin. Il a précisé que ces actifs seraient intégrés dans une réserve stratégique nationale, conformément à son décret exécutif signé la veille de l’événement, le 7 mars 2025, à la Maison-Blanche.
Ce que le président Trump met en place aujourd’hui en matière de législations encadrant le Bitcoin, une monnaie qui lui est désormais chère, revêt une dimension politique en plus de ses implications techniques et économiques. En abrogeant certaines réglementations de l’administration précédente, il expose l’avenir de cette monnaie virtuelle à une instabilité accrue, notamment en raison des changements d’administration et des décisions politiques qui pourraient en découler.
À l’origine, le Bitcoin est une monnaie hautement volatile, connaissant des fluctuations spectaculaires à la hausse comme à la baisse, souvent avec des variations extrêmes. Ses transactions échappent au contrôle des banques centrales et ne sont soumises à aucune réglementation bancaire qui permettrait d’amortir ses baisses de valeur. La réserve stratégique constituée par le président Trump, comprenant environ 200 000 Bitcoins (soit l’équivalent d’environ 17 milliards de dollars aux cours actuels), a été acquise par le biais de saisies judiciaires antérieures.
Le leader du secteur des cryptomonnaies, David Sacks, a déclaré : « Cette réserve publique de Bitcoin s’apparente en bien des points aux réserves d’or des États-Unis. Il s’agit d’une avancée historique visant à renforcer la stabilité financière du pays et à protéger les actifs numériques. »
Mais ces mesures sont-elles suffisantes pour garantir la stabilité d’une telle monnaie, tant que la banque centrale ne l’adosse pas ? Le Bitcoin nécessite une régulation financière, un cadre législatif structurant son usage futur et définissant les modalités de paiement associées. De plus, la période à venir exigera l’adoption de lois et de décisions visant à protéger la monnaie nationale, le dollar, et à éviter que les secteurs économiques et commerciaux ne subissent les conséquences des initiatives et ambitions de Trump, qui, en tant qu’homme d’affaires, cherche à exploiter les opportunités et à maximiser les profits.
En complément de la création de cette réserve stratégique de Bitcoin, Trump a nommé Paul Atkins, un fervent partisan des cryptomonnaies, à la tête de l’Autorité de régulation des marchés financiers.
Le président américain adopte une approche unilatérale sur la question du Bitcoin, ignorant les autres plateformes mondiales de cryptomonnaies qui régissent le volume des transactions et l’évolution de cette monnaie. Cette stratégie pourrait s’avérer risquée pour son projet, notamment en ce qui concerne la gestion de la réserve stratégique qu’il a mise en place. Par ailleurs, il a mandaté les départements du Trésor et du Commerce pour explorer de nouveaux moyens d’accroître les réserves en Bitcoin, renforçant ainsi son pari sur l’avenir des actifs numériques aux États-Unis.
L’une des principales caractéristiques du Bitcoin, que le président Trump semble méconnaître, est que sa flexibilité ne repose ni sur une reconnaissance officielle, ni sur la constitution d’une réserve stratégique, ni sur l’ambition de faire des États-Unis la capitale mondiale des cryptomonnaies.
Les détenteurs de Bitcoin à long terme savent que sa véritable valeur ne réside pas dans ses fluctuations à court terme, mais plutôt dans son rôle d’instrument ultime de couverture contre l’incertitude monétaire. Il ne fait aucun doute que l’annonce du président américain sur la création d’une réserve stratégique en Bitcoin attirera davantage d’investisseurs vers ce marché. Mais qui peut garantir la stabilité de cette monnaie face aux variations extrêmes ? Et où sont les réglementations protégeant ceux qui la détiennent?
Les grands investisseurs que Trump cherche à séduire et à intégrer dans l’arène des transactions et du trading veulent un engagement clair et structuré en faveur du Bitcoin, en tant qu’élément clé de la stratégie économique américaine, et non une simple opération spéculative. Aujourd’hui, la capitalisation boursière mondiale des cryptomonnaies dépasse les 3 000 milliards de dollars et continue de croître.
Le président américain a identifié cinq cryptomonnaies pour constituer cette réserve stratégique, plaçant le Bitcoin en tête, suivi de l’Ethereum, ainsi que de trois cryptomonnaies de moindre envergure : XRP, Solana et Cardano. Toutefois, cette initiative place Trump dans une position où il devient directement responsable des fluctuations de ces actifs, qu’elles soient haussières ou baissières, l’exposant ainsi aux risques liés à l’instabilité de ces marchés.
Il est important de souligner que le retard du président Trump dans l’annonce de la constitution de la réserve stratégique a entraîné des pertes significatives pour les cryptomonnaies, faute de visibilité sur cette initiative au moment opportun. Pour rappel, le prix du Bitcoin est passé d’environ 50 000 dollars à 75 000 dollars dès que Trump a pris l’avantage sur son adversaire, le président Biden, lors du débat télévisé. Il a ensuite bondi à près de 110 000 dollars après sa victoire à l’élection présidentielle, avant de redescendre sous la barre des 100 000 dollars. Cette volatilité a été alimentée par l’impression laissée par le président américain que la plus grande puissance économique mondiale se positionnerait comme un garant des cryptomonnaies, perçues comme les monnaies du futur.
La mise en place d’une réserve stratégique de cryptomonnaies aux États-Unis, qui est désormais une réalité, pourrait contribuer à démocratiser davantage ces actifs numériques. D’autant plus que plusieurs figures politiques européennes, notamment en République tchèque, en Pologne et en Allemagne, manifestent leur intérêt pour suivre l’exemple de Donald Trump en intégrant les cryptomonnaies comme un levier stratégique pour renforcer leur économie. La gestion des réserves de Bitcoin aux États-Unis est ainsi devenue un enjeu majeur pour les acteurs économiques du monde entier, qui, à compter du 7 mars 2025, considèrent le pays comme la première grande nation à officialiser son engagement dans les cryptomonnaies.
Si l’initiative du président Trump est indéniablement audacieuse, elle nécessite une régulation extrêmement rigoureuse, capable d’anticiper et de réagir rapidement aux fluctuations de marché, qui pourraient entraîner des pertes considérables pour la réserve stratégique. En effet, l’un des traits caractéristiques du Bitcoin reste son extrême volatilité, une tendance qui persiste depuis plus de 17 ans. Créé par un individu anonyme sous le pseudonyme de Satoshi Nakamoto, le Bitcoin a vu le jour en 2009 en tant que monnaie numérique. En 2021, le Salvador est devenu le premier pays à l’adopter officiellement comme monnaie légale, ouvrant ainsi la voie à une intégration progressive des cryptomonnaies dans les systèmes économiques traditionnels.
En 2009, la valeur d’un Bitcoin ne s’élevait qu’à quelques centimes de dollar. Partie de débuts modestes, cette cryptomonnaie a connu une ascension fulgurante jusqu’à devenir un acteur majeur du paysage financier mondial. Pourtant, de nombreuses banques centrales restent réticentes à l’idée de l’adopter ou de lui accorder une couverture comparable à celle des monnaies traditionnelles.
L’initiative de Donald Trump visant à constituer une réserve stratégique de Bitcoin parviendra-t-elle à envoyer un signal fort à l’industrie des cryptomonnaies et, plus largement, aux marchés financiers ? Pourra-t-elle renforcer la crédibilité de ces actifs numériques, régulièrement critiqués pour leur volatilité extrême, leur nature spéculative et l’absence de taux d’intérêt, notamment dans le cadre des transactions et des échanges commerciaux ?
5 خطوات لمواجهة التحديات المرتبطة بعدم نُضج أو جاهزية البيانات
عرضت شركة F5، من خلال محمد أبوخاطر، نائب الرئيس للمبيعات لشركة F5 في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، مجموعة من الخطوات التي تساعد المؤسسات على التعامل مع التحدّيات المرتبطة بعدم نُضج البيانات.
والمقصود بعدم نُضج أو جاهزية البيانات في سياق الذكاء الإصطناعي هو ممارسات البيانات غير المتطورة أو غير الملائمة والتي تحد من القدرة على توظيف الذكاء الإصطناعي بفعّالية. ويشمل هذا الأمر المشاكل المتعلّقة بجودة البيانات، وإمكانية الوصول إليها، والحوكمة، والبُنى التحتية مثل: ضعف جودة البيانات، وتوافرها المحدود، وضعف حوكمة البيانات، والبُنى التحتية غير الملائمة للبيانات، وإستراتيجية بيانات غير واضحة.
ويشير كل إستطلاع حول الذكاء الإصطناعي التوليدي، ومن ضمنها هذا الإستطلاع، إلى إستنتاج حتمي مفاده: أن عدم نُضج البيانات سيؤدي إلى إعاقة تحقيق الإستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي.
وعن السؤال حول التحدّيات التي تُواجه إعتماد الذكاء الإصطناعي وذلك في تقرير إستراتيجية حالة التطبيقات 2024، فإن الجواب الأول الذي تقدم به 56% من الذين شملهم الإستطلاع كان «عدم نُضج البيانات».
ويعوّق عدم نُضج البيانات المؤسسات من تحقيق الإستفادة القصوى من الذكاء الإصطناعي، لأن البيانات النوعية عالية الجودة والمُدارة جيداً والتي يُمكن الوصول إليها، تُعتبر أساسية لتطوير أنظمة ذكاء إصطناعي موثوقة وفعّالة.
وعليه، ثمّة خمس خطوات لمعالجة عدم نُضج البيانات وتمكين القدرات المتقدمة للذكاء الإصطناعي كالتالي:
وضع إستراتيجية بيانات واضحة
توفيق جمع البيانات وإدارتها ومعايير جودتها مع الأهداف المؤسسية من أجل ضمان دعم البيانات لمشاريع الذكاء الإصطناعي بفعّالية.
تطبيق معايير حوكمة صارمة للبيانات
وضع سياسات حول ملكية البيانات والإمتثال والأمن والخصوصية من أجل تحسين جودة البيانات وبناء الثقة في الأفكار المتعلّقة بالذكاء الإصطناعي.
الاستثمار في بنى تحتية للبيانات قابلة للتطوير
إعتماد بُنى تحتية حديثة مثل التخزين السحابي ومجموعات البيانات، من أجل دعم المعالجة الفعّالة والتدريب على الذكاء الإصطناعي القابل للتطوير.
تحسين معايير البيانات
تحديد معايير لدقة البيانات واتساقها وكمالها، مع الحرص على القيام بالمراقبة والفلترة الدورية لها.
تعزيز المعرفة المتعلّقة بالبيانات والتعاون
تعزيز ثقافة معرفة البيانات والعمل الجماعي بين وحدات البيانات والأعمال من أجل تحسين إمكانية الوصول إلى البيانات وتأثيرها.
في الخلاصة، يُمكن للمؤسسات من خلال إعتماد هذه الممارسات وضع أسس راسخة متعلّقة بالبيانات تعود بالفائدة على الذكاء الإصطناعي، وتؤدي إلى تحسين سير العمل، وتقليل المخاطر، وتوفير المزيد من الوقت الذي يُمكن الإستفادة منه في أداء مهام إستراتيجية.
مع الهدوء النسبي في النزاع الجمركي بين أميركا وشركائها التجاريين الأساسيين في عصر الرئيسي دونالد ترامب الثاني بإستثناء الصين، بات النزاع اليوم منحصراً بشكل أساسي في الولايات المتحدة أكبر إقتصاد في العالم والصين المنافسة الرئيسية للعم سام.
هذا النزاع بين عملاقين عالمين لن يمرّ من دون ترك بصمات موجعة على كافة الإقتصادات التي تتأثر لتقلُّب هذين الإقتصادين، بعد أن يضرب أكبر إقتصادين أميركا والصين في العمق الإقتصادات المرشحة لركوب قطار المخاطر، وهي إقتصادات آسيا الكبرى والشرق الأوسط وأفريقيا وشمالها وجنوبها، في عالم يشهد خلط أوراق في نظام تجاري مهدّد بالرقابة والحمائية.
شهر نيسان/ أبريل 2025 سيبقى محفوراً في روزنامة التاريخ الحديث، بعد أزمات آسيا في التسعينيات من القرن الماضي، والرهن العقاري الأميركي 2008 وكورونا 2020، وألأزمة التي خلّفتها رسوم ترامب الجمركية والتي قد ينجم عنها تداعيات أسوأ مما شهدناه في أزمات أخرى سابقة.
الرئيس الأميركي خلال حملته الإنمائية وعد بإعادة النظر في الرسوم التجارية على غالبية سلع شركائه التجاريين الإستهلاكية الواردة إلى السوق الأميركية في مختلف أنواعها، وبحسب البلد الواردة منه والمتخصّصة في إنتاج هذه السلع. بعد فوزه بالرئاسة، حدّد ترامب النسب والتي تراوحت بين 10% و40% على غالبية شركائه، وعددهم يفوق الـ70 بلداً، في طليعتهم كندا وأوروبا والصين. وفي مطلع نيسان/ أبريل 2025 دخل تطبيق رفع الرسوم حيز التنفيذ، وقد بادرت الدول التي طالتها الزيادات بالمثل، وفرضت زيادة في رسومها على سلع الولايات المتحدة. لكن الفتيل إشتعل بين بيجينغ وواشنطن، لأن الرئيس ترامب إستمر في زياده التعريفة على السلع الصينية لتصل الى 145%، وقد بادرت الصين إلى رفع رسومها في وجه الواردات الاميركية لتصل إلى 125%.
في هذه الاثناء عمد الرئيس الأميركي إلى تعليق رسومه على كل شركائه لمدة ثلاثة أشهر، تاركاً مهلة للتفاوض بإستثناء الصين. هذه الخطوة ساهمت في عودة غالبية أسواق المال للنشاط وإستعادة خسائر بمئات المليارات تكبّدتها مطلع الشهر ذاته، وفي طليعتها بورصة هونغ كونغ التي خسر مؤشرها أكثر 13% خسارة لم تعرفها البورصة منذ العام 1997.
نتابع بإهتمام التطورات الإقتصادية والمالية المتسارعة بعد إعلان الرئيس ترامب فرض ضرائب إضافية على دول العالم، وما أشعلته من حروب خاصة بعد قيام عدد من الدول وخصوصاً الصين بإتخاذ إجراءات مماثلة.
لقد أحدثت هذه التطورات إضطرابات كبيرة في العلاقات التجارية الدولية وإلى زيادة التكاليف على الشركات والمستهلكين حول العالم، حيث واجهت بعض الصناعات صعوبةً في التكيّف مع التحديات الجديدة على صعيد التجارة العالمية.
كما أسهمت الرسوم الجمركية أيضاً في تقلّبات السوق، مع خسائر فادحة في قيمة الأسهم العالمية ومخاوف من ركود محتمل. وبينما تتفاوض بعض الدول على إعفاءات أو تخفيضات للرسوم الجمركية، كان التأثير الإجمالي مزيجاً من الضغوط الاقتصادية وإعادة تقييم الإستراتيجيات. وتؤدي هذه التأثيرات المتتالية إلى إعادة تشكيل ديناميكيات التجارة الدولية، حيث تقوم البلدان بإعادة تقييم سياساتها الإقتصادية وتحالفاتها.
وما يهمنا في هذه المقالة إلقاء نظرة أولية على تأثير هذه التطورات على الإقتصادات العربية، فقد تم فرض على رسوم جمركية على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين بنسبة 10% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وهي رسوم منخفضة نسبياً مقارنةً بالمناطق الأخرى.
في المقابل، فُرضت على دول مثل سوريا والعراق والجزائر رسوم جمركية أعلى بكثير، تراوحت بين 30% و41%، بسبب اختلالات تجارية ملحوظة.
بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وفّر إعفاء صادرات النفط والغاز من الرسوم الجمركية إرتياحاً لها، لما لهذه القطاعات من أهمية حيوية لإقتصاداتها. ومع ذلك، واجهت القطاعات غير المرتبطة بالطاقة، مثل الألومنيوم والبتروكيماويات والإلكترونيات والسيارات والسلع الإستهلاكية، إرتفاعاً في التكاليف، مما قد يُضعف قدرتها التنافسية. في المقابل، عانت الدول التي فُرضت عليها رسوم جمركية مرتفعة، مثل الأردن وتونس، من إرتفاع التضخُّم وتباطؤ النمو الإقتصادي.
وإستجابت الدول العربية للرسوم الجمركية الجديدة بمزيج من التفاوض والتكيّف الإستراتيجي. ولكون دول مجلس التعاون الخليجي واجهت رسوماً جمركية منخفضة نسبياً، فقد قلّل ذلك من التأثير الإقتصادي المباشر. ومع ذلك، ركّزت هذه الدول على الحفاظ على علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة، مستفيدة من صادراتها من النفط والغاز، التي كانت معفاة من الرسوم الجمركية. لكن التأثير الأكبر سيكون ما سوف ينجم عن إنخفاض أسعار النفط وانخفاض قيمة الدولار من تأثير مباشر على الإيرادات النفطية المقومة بالدولار. كما واجهت دول عربية أخرى، مثل الأردن وتونس، رسوماً جمركية أعلى، على سلع معينة، ما أدى إلى ضغوط اقتصادية وتضخمية. وتسعى الدول العربية إلى تنويع الشراكات التجارية وتعزيز التعاون الإقليمي للتخفيف من الآثار. بشكل عام، كانت الاستجابة عملية، حيث وازنت الدول العربية بين المصالح الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية.
ويضع إتحاد المصرف العربية في دراسة أصدرها حديثًا خريطة طريق لمواجهة تحدّيات الرسومات الجمركية الجديدة، تشمل مزيجًا من التعديلات الاستراتيجية والتدابير الإستباقية كالتالي:
تنويع سلاسل التوريد: يجب على الشركات في الدول العربية تحويل مصادرها من المناطق ذات التعريفات الجمركية المرتفعة مثل الصين إلى أسواق بديلة في جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية، مما يُقلل الإعتماد على منطقة واحدة ويُخفف المخاطر.
نقل الإنتاج إلى مناطق قريبة وداخلية: ينبغي على الشركات في الوطن العربي نقل إنتاجها إلى مناطق أقرب إلى موطنها أو داخل بلدانها ما يُقصّر سلاسل التوريد، ويُخفّض تكاليف النقل، ويُحسّن الامتثال للوائح التنظيمية.
إدارة التكاليف: ينبغي على الشركات في العالم العربي إستكشاف سبل إستيعاب أو تعويض إرتفاع التكاليف، ويشمل ذلك إعادة تصنيف المنتجات لتأهيلها لتخفيض التعريفات الجمركية، أو تحميل المستهلكين التكاليف عند الإمكان، أو استخدام الأدوات المالية للتحوط من ارتفاع الأسعار.
التفاوض على إتفاقيات التجارة: ينبغي على الدول العربية الدخول في مفاوضات ثنائية للحصول على إعفاءات أو خفض الرسوم الجمركية. يُسهم هذا النهج الدبلوماسي في الحفاظ على العلاقات التجارية مع الحدّ من الآثار الإقتصادية.
الإستثمار في الإنتاج المحلي: تعمل بعض الصناعات على تكثيف التصنيع المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات. هذا لا يُجنّب الرسوم الجمركية فحسب، بل يدعم أيضاً الإقتصادات المحلية.
إستكشاف أسواق جديدة: ينبغي على الشركات في العالم العربي التوسع في أسواق جديدة لتعويض الخسائر في المناطق المتأثرة بالرسوم الجمركية. يُسهم هذا التنوع في الحفاظ على تدفقات الإيرادات.
وتمثل هذه الإستراتيجيات محكاً للدول العربية لإظهار قدرتها على التكيُّف والإبتكار في التعامل مع التحدّيات التي تفرضها الرسوم الجمركية الجديدة.
النزاع الجمركي بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين:
دونالد ترامب ينعش سياسته الحمائية ويُهدّد العولمة ويضع الإقتصاد العالمي على المحك
مع الهدوء النسبي في النزاع الجمركي بين أميركا وشركائها التجاريين الأساسيين في عصر الرئيسي دونالد ترامب الثاني بإستثناء الصين، بات النزاع اليوم منحصراً بشكل أساسي في الولايات المتحدة أكبر إقتصاد في العالم والصين المنافسة الرئيسية للعم سام.
هذا النزاع بين عملاقين عالمين لن يمرّ من دون ترك بصمات موجعة على كافة الإقتصادات التي تتأثر لتقلُّب هذين الإقتصادين، بعد أن يضرب أكبر إقتصادين أميركا والصين في العمق الإقتصادات المرشحة لركوب قطار المخاطر، وهي إقتصادات آسيا الكبرى والشرق الأوسط وأفريقيا وشمالها وجنوبها، في عالم يشهد خلط أوراق في نظام تجاري مهدّد بالرقابة والحمائية.
شهر نيسان/ أبريل 2025 سيبقى محفوراً في روزنامة التاريخ الحديث، بعد أزمات آسيا في التسعينيات من القرن الماضي، والرهن العقاري الأميركي 2008 وكورونا 2020، وألأزمة التي خلّفتها رسوم ترامب الجمركية والتي قد ينجم عنها تداعيات أسوأ مما شهدناه في أزمات أخرى سابقة.
الرئيس الأميركي خلال حملته الإنمائية وعد بإعادة النظر في الرسوم التجارية على غالبية سلع شركائه التجاريين الإستهلاكية الواردة إلى السوق الأميركية في مختلف أنواعها، وبحسب البلد الواردة منه والمتخصّصة في إنتاج هذه السلع. بعد فوزه بالرئاسة، حدّد ترامب النسب والتي تراوحت بين 10% و40% على غالبية شركائه، وعددهم يفوق الـ70 بلداً، في طليعتهم كندا وأوروبا والصين. وفي مطلع نيسان/ أبريل 2025 دخل تطبيق رفع الرسوم حيز التنفيذ، وقد بادرت الدول التي طالتها الزيادات بالمثل، وفرضت زيادة في رسومها على سلع الولايات المتحدة. لكن الفتيل إشتعل بن بيجينغ وواشنطن، لأن الرئيس ترامب إستمر في زياده التعريفة على السلع الصينية لتصل الى 145%، وقد بادرت الصين إلى رفع رسومها في وجه الواردات الاميركية لتصل إلى 125%.
في هذه الاثناء عمد الرئيس الأميركي إلى تعليق رسومه على كل شركائه لمدة ثلاثة أشهر، تاركاً مهلة للتفاوض بإستثناء الصين. هذه الخطوة ساهمت في عودة غالبية أسواق المال للنشاط وإستعادة خسائر بمئات المليارات تكبّدتها مطلع الشهر ذاته، وفي طليعتها بورصة هونغ كونغ التي خسر مؤشرها أكثر 13% خسارة لم تعرفها البورصة منذ العام 1997.
الرئيس الأميركي علّق تطبيق الرسوم على شركائه بإستثناء الصين، بعد أن أدرك ما نصحه به الجزاء من أن يكون حذراً من المواصلة بسياسته لأنها ستصيب إقتصاده الوطني قبل أن تصيب إقتصادات شركائه.
إن إصرار الرئيس الأميركي في المضي برفع الرسوم بحجة أن ميزان بلاده التجاري في عجز كبير مقارنة مع موازين أكثر شركائه وأن هؤلاء الشركاء لا يشترون سلعاً متعدّدة من أميركا، سيرفع سعر السلع المستوردة ويزيد من التضخُّم المستورد بنسبة 2.6% حالياً في الولايات المتحدة إلى نحو 5 %، مما سيُجبر الاحتياطي الفيدرالي للجوء إلى رفع الفائدة المصرفية تدريجاً في مسعى لجذب الإيداع والتقليل من الإقتراض للحد من الطلب، مما يُسهم بتهدئة الأسعار ويعيد مستوى الاسعار إلى نسب معقولة يسعى البنك المركزي الأميركي أو أي بنك مركزي آخر في البلدان الصناعية الكبرى إلى الحفاظ على نسبة متوسطة عند 2%.
إن خطوة البنك المركزي في رفع الفائدة لإحتواء التضخُّم ستُصيب سياسة الإقراض في الصميم للشركات والأفراد، مما يحدّ من الإستهلاك أو الإستثمار، وبالتالي سيُصاب النمو بالتباطوء والركود، وربما يصل إلى مرحلة الإنكماش مع معدّلات نمو سلبية. وهذا السيناريو يصح في الإقتصاد الأميركي، ويصح أيضاً في منافسة الإقتصاد الصيني مع فارق أن إقتصاد الصين متقدّم بنسب النمو على الإقتصاد الأول، وبالتالي سيصاب أكبر إقتصادين في العالم، وعندئذ ستنشأ تحالفات حول العالم لتقوية العصب الإقتصادي، فضلاً عن تحرّك كيانات إقتصادية كبرى نحو تحالفات وإتفاقيات مع وجهات إقتصادية أخرى، كما هي الحال اليوم مع بدء الإتحاد الأوروبي توقيع إتفاقيات للتبادل الحر مع دول آسيوية وأخرى عربية كالإمارات، في مسعى لإيجاد بديل عن الشريك الأميركي، حيث إن السوق الأوروبية تُعتبر الوجهة الأولى للسلع الأميركية. فالرئيس ترامب كان يرغب بإجراء مفاوضات مع كل دولة أوروبية في الإتحاد على حدة، إلا أن المفوّضية الأوروبية قرّرت التحدّث بصوت واحد هذه المرة بعدما أجرى ترامب خلال ولايته الأولى مفاوضات ثنائية مع دول الإتحاد. أضف إلى ذلك، من المحتمل أن تقوم الصين أيضاً بتوجيه بضائعها الهاربة من رسوم ترامب إلى الداخل الأوروبي وبأسعار متدنية، في قرار قد يغيظ الرئيس الأميركي، لكن قد يدفع إلى هبوط كبير للأسعار داخل السوق الأوروبية وهذه الظاهرة غير مستحبة Deflation.
فالسوق الأوروبية تشكّل نسبة 20% من الواردات الأجنبية للسوق الأميركية، تشكل فرنسا حوالي 4% في سلع مختلفة. المنتجات الأوروبية معظمها منتجات الحليب ومشتقاته، النبيذ، السيارات، منتجات التجميل وأدوات لتصنيع الطائرات تخضع للزيادة الأميركية، في الوقت الذي تتوعّد فيه الصين السلع الأميركية بزيادة جمركية بقرابة 125%.
فالصين تُعتبر الوجهة التجارية الثالثة في نوع معين من البضائع بالنسبة إلى أميركا بعد كندا والمكسيك، وتستورد معدّات إلكترونية وكهربائية وأخرى إلكترومغناطيسية لتصنيع السيارات الكهربائية، كما تستورد الصين النفط من أميركا ومحروقات أخرى، إضافة إلى أن الشعب الصيني أكبر مستهلك للحبوب الأميركية والفاكهة المجفّفة، وهذه السلع جميعها ثمنها يقل عن عن الحجم الذي تصدّرها الصين للولايات المتحدة كاللحوم والصويا ومأكولات أخرى، إضافة إلى خدمات التكنولوجيا والكومبيوتر والألعاب.
الإتحاد الأوروبي من جهته، يتوعد رفع الرسوم على كل ما هو معلوماتية وتكنولوجيا أميركيا، مثل شركات «غوغل»، و«آبل»، و«نت فليكس»، و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«تسلا»، وهذه المنتجات والخدمات سيزيد ثمنها على المستهلك الأوروبي.
فالرئيس الأميركي يتّبع منهج الضغط في سياسته الحمائية ليُجبر شركائه على الإنصياع لرغباته الإقتصادية، فهو يأمل من زيادة الرسوم في خفض العجز والديون في بلاده، وأيضاً في تحقيق أحد وعوده الإنتخابية: تخفيض الضرائب. فعائدات الزيادة في الرسوم تحلّ محل أي رفع في الضريبة على الدخل أو الشركات.
فإذاً، الرئيس ترامب يريد من سياسة الضغط على شركائه إجبارهم على المجيء إلى طاولة المفاوضات، إلاّ أنه يُعرّض إقتصاد بلاده ومستهلكي بلاده للمخاطر، من رفع سعر المواد الإستهلاكية وضرب القدرة الشرائية، والحدّ من حرية الشركات الصناعية الكبرى في إختيار واردات أجبنيه ضرورية لصناعة الطائرات كشركة «بوينغ» التي تستورد قطعاً من شركة «سافران» – Safra الفرنسية ضرورية في التصنيع، كلّها منتجات ستخضع للزيادة الجمركية، وبالتالي سترفع كلفة الإنتاج، وتقلل من تنافسية شركة راية كلياً، المصنّعة في الأسواق العالمية.
فسياسات ترامب الجمركية الجديدة تضع مستقبل السوق الأميركية في مهب الريح، وتجعله عرضة لأي عاصفه، كما تضعف أساسات هذه السوق أمام أي أزمة جديدة قد تحصل في العالم اليوم.
على أية حال، عن قصد أو عن غير قصد، يعيدنا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سياسته الحمائية، ويغلق الباب على إقتصاد بلاده أمام الإنفتاح. فالحمائية التجارية نظرية للإقتصادي الألماني فريدريشر لیست (1846 – 1789)، والتي ترتكز على مبدأ أن تتبّع الدولة سياسة تجارية تهدف إلى حماية الإنتاج المحلي وتعطيه الأولوية في وجه أي منتج غريب يدخل السوق الوطنية. الإقتصادي الألماني قدم نظريته من وجهة نظر قومية تعمل لمصلحة الإتحاد الجمركي الألماني، كما دافع عن فرض التعريفات على البضائع المستوردة، مع دعم التجارة الحرة، لكن لصالح البضائع المحلية، معتبراً أن تكلفة التعريفة يجب أن يُنظر إليها على أنها إستثمار في إنتاج البلاد المستقبلي.
أما العولمة والتي شقّت طريقها مطلع التسعينيات من القرن الماضي، مع تمدّد إقتصاد السوق ورفع مستوى التعاون بين إقتصادات العالم، فأصبحت اليوم رهن مزاج الرئيس ترامب الإقتصادي والتبادلي.
فالعولمة الإقتصادية تدعو إلى الإنفتاح وحرية التبادل في المنتجات والخدمات والتكنولوجيا وتدفق الإستثمار والمعلومات. فإذاً، السياسة الجمركية الجديدة للرئيس ترامب تدفع بالكيانات الكبرى إلى العزلة والبحث عن تحالفات أخرى تضمن تسيير الإنتاج مع تحقيق الربح للجميع. فهل سياسة الرئيس ترامب الجمركية اليوم هي فتيل أزمة قادمة تُعيدنا عشرات السنين إلى الوراء؟
رسوم ترامب الجمركية هي المسمار الأخير في نعش النظام الاقتصادي
المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية د. محمود محيي الدين:
النظام الاقتصادي الدولي ينهار.. والدولار يفقد هيبته تدريجاً
أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، «أن الإجراءات الإقتصادية الأخيرة التي إتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعلى رأسها الحروب التجارية وفرض الرسوم الجمركية، وضعت النظام الإقتصادي العالمي في مأزق حقيقي»، واصفاً ما يحدث بأنه «المسمار الأخير في نعش النظام الإقتصادي الدولي» الذي ظل قائماً لعقود على قواعد التعاون والتجارة الحرة.
وأوضح د. محيي الدين، «أن النظام الذي تأسس منذ الحرب العالمية الثانية، مروراً بإتفاقيات «الغات» ثم منظمة التجارة العالمية، بدأ يتآكل بشكل ملحوظ، بعدما جرى العبث بتقاليده وقواعده الجوهرية»، معتبراً «أن هذه التطورات لا يُمكن أن تُفهم فقط كتحوّلات عابرة مرتبطة بدورة سياسية، بل هي إنعكاس لتوجُّه عالمي أكثر عمقاً نحو الحمائية والإنكفاء الإقتصادي».
وحذّر د. محيي الدين من «أن تداعيات هذه السياسات تمتد إلى الدولار نفسه»، مشيراً إلى «أن «المسمار الثاني» في نعش الدولار بدأ يُدق بالفعل، حيث تراجعت الثقة العالمية بالعملة الأميركية، ليس بسبب قوة عملات أخرى، بل نتيجة تآكل مصداقية السياسات الإقتصادية الأميركية، وإستخدام الدولار كسلاح سياسي وإقتصادي في أكثر من مناسبة».
وأضاف د. محيي الدين: «أن قوة الدولار لم تكن في يوم من الأيام قراراً سياسياً، بل هي إنعكاس لثقة السوق في المؤسسات الأميركية وعمق الأسواق المالية، لكن إستخدام العملة كسلاح، سواء في العقوبات أو السياسات الجمركية، بدأ يزعزع هذه الثقة».
وشدّد د. محيي الدين على «أن العالم دخل فعلياً في حالة «حرب تجارية عالمية»، لا يمكن وصفها بأقل من ذلك»، مضيفاً «أن عدد القيود المفروضة على التجارة الدولية قد تجاوز 3400 قيد، حتى قبل الإجراءات الأخيرة»، مشيراً إلى «أن المنظمات المالية والإقتصادية الدولية أصبحت اليوم محل مراجعة شاملة، ما يُهدّد النظام القائم بأكمله».
فرص للدول الصاعدة
رغم المشهد القاتم، يرى د. محيي الدين «أن هذه المرحلة الإنتقالية تُمثل فرصة تاريخية للدول الصاعدة، خصوصاً تلك التي تمتلك مرونة إقتصادية وإستعداداً تقنياً للرقمنة والتكامل الإقليمي»، وقال: «إن دولًا مثل تلك المنضوية في رابطة «آسيان» أثبتت قدرة إستثنائية على التعامل البراجماتي مع المتغيّرات العالمية»، مشيراً إلى «دعوة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم إلى قمة تجمع دول آسيان مع الصين ودول الخليج، بوصفها خطوة واعدة نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر تنوعًا وتوازناً».
وأفاد د. محيي الدين: «المستقبل لا ينتمي لمن يملك القوة وحدها، بل لمن يستطيع قراءة المتغيّرات والتكيّف معها بذكاء. التعاون الإقليمي، التحول الرقمي، وتنويع الاقتصاد أصبحت الأدوات الأساسية لبناء مكانة في النظام العالمي المقبل»، ذاكراً أن «النتائج اليوم باتت أكثر وضوحاً من النوايا»، مشيراً إلى «أن النظام الإقتصادي العالمي لن يعود كما كان، وعلى الدول الإستعداد لعالم جديد بمعادلات جديدة».