(البيان)-09/04/2025
كم كنت أتمنى لو كنتُ حاضرة عندما قال إيلون ماسك – الذي أنفق أكثر من 25 مليون دولار في محاولة فاشلة للحصول على منصب قاضٍ في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن خلال الأيام القليلة الماضية – لأهالي غرين باي إن «مصير البشرية بأسرها على المحك في هذا السباق».
إن سكان الغرب الأوسط الأمريكي (وأنا واحدة منهم) متواضعون، ويميلون إلى التشكيك في المتبجحين، خاصةً عندما يبالغون في تصرفاتهم.
وقد فازت سوزان كروفورد، منافسة القاضي المحافظ براد شيميل، بالسباق بعدما قدمت نفسها على أنها شخص عادي من شيبيوا فولز، في مواجهة أغنى رجل في العالم، وقد عزز نجاح الديمقراطيين في السباق، على الرغم من إنفاق ماسك أمواله، من زخم التقدميين، لا سيما في ظل الإجراءات الكارثية المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وعندما كنتُ في واشنطن العاصمة خلال الأسبوع الماضي التقيتُ بسيناتور ديمقراطي رفيع المستوى، وقد أخبرني أن الحزب الديمقراطي يعتقد الآن أن ماسك وسقوطه (خاصة أنه يتردد أن ترامب نفسه بدأ يُهمّشه) قد يكونان مفتاح عودة الحزب. لقد بدأت إجراءات تسريح الموظفين بالحكومة الفيدرالية تُثير غضب الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
وطالب كلا السيناتورين الجمهوريين عن ألاسكا بإلغاء هذه الإجراءات التي يعتقدون أنها ستضرّ بولايتهم. ويقول آخرون إن هناك غياباً تاماً عن المشهد بينما يُحاول ماسك جاهداً التلاعب ببرامج حكومية حيوية، بما في ذلك برامج تكاد تكون «مقدسة» مثل الضمان الاجتماعي، وكما أخبرني السيناتور الديمقراطي الذي التقيتُ به: «بدأت الأمور تتغير خلال الأسبوعين الماضيين. يقول الناس: توقفوا! لا نريد أن نخسر هذه البرامج. نريد معاشاتنا التقاعدية؛ نحتاج إلى الرعاية الصحية».
وفي حين أن عدداً قليلاً للغاية من الجمهوريين قد انفصلوا علناً عن ترامب من حيث التصويت، فإن التعريفات الجمركية، ورد فعل السوق الكارثي عليها، قد يبدأ في تغيير الأمور، حيث يشعر الناخبون بالرعب من فقدان مدخراتهم التقاعدية، كما أن قادة الأعمال يشعرون بالذعر بشأن التضخم. وتعد أسهم التكنولوجيا من بين الأكثر تضرراً.
وفقد سهم تسلا ما يقرب من نصف قيمته منذ أعلى مستوى له بعد الانتخابات في ديسمبر. وحتى قبل إعلان التعريفات الأسبوع الماضي، أدى الانخفاض القياسي في المبيعات (بنسبة 13 % في الأشهر الثلاثة الأولى من العام) إلى هروب المستثمرين.
واستخدم الديمقراطيون المتحالفون مع العمال تسلا كجزء من استراتيجية لتقويض ماسك شخصياً، وأيضاً لتسليط الضوء على الطريقة التي يمكن أن يسقط بها «الأوليغارش» في مركز إدارة ترامب.
وكما نشر قبل بضعة أسابيع، فقد دعا الاتحاد الأمريكي للمعلمين مديري الأموال إلى التدقيق في البيانات المالية للشركة، وبعد ذلك انخفض سعر السهم أكثر مما كان عليه بالفعل.
وأعرف بالفعل عدداً من مستشاري النقابات الذين يتمنون رؤية ماسك مدفوعاً نحو الإفلاس.
لذلك، توجهت إلى كاتبنا المتخصص في التكنولوجيا في سان فرانسيسكو، ريتشارد ووترز، بعدد من الأسئلة عن تأثير كل هذه الاضطرابات على إيلون ماسك، وهل سيؤثر طرد ترامب له من وزارة الكفاءة الحكومية «دوج» على مستقبله؟ وهل يمكن أن تُعاني تسلا من انهيار مُفاجئ؟ أم أن استمرار دعم العديد من الديمقراطيين والجمهوريين لجهود ماسك لوضع العملات المشفرة في قلب النظام المالي سينقذه بطريقة ما؟ ولو كان إيلون ماسك سهماً، فهل ستبيعه أم تحتفظ به أم تشتريه بخصم؟
وقال ريتشارد ووترز إن الأمور تزداد تعقيداً، لكن يبدو أن فترة «الصدمة والرعب» التي أحدثتها إجراءات وزارة الكفاءة الحكومية ستنتهي بطريقة أو بأخرى.
وقد واجه ماسك خصماً من الرصيد نتيجة هجومه المباشر على الحكومة الفيدرالية، لذلك، فقد تزايدت المقاومة (السياسية والقانونية). وفي الوقت نفسه، تسبب ماسك في تشكيل جبهة من الأعداء الأقوياء. وإلى جانب الغضب الذي أثاره لدى الجمهوريين في الكونغرس، فقد أثار حفيظة أعضاء مجلس الوزراء بتخفيضات الإنفاق التي تُشكّل تحدياً مباشراً لقواعد نفوذهم.
من ناحية أخرى، أوضح ريتشارد ووترز أن التقليل من أهمية إجراءات «دوج»، أو أي وفورات تُحققها، سيكون خطأً فادحاً. وسيكون من الحكمة أن يتبنى الديمقراطيون بأنفسهم قضية الإصلاح الحكومي الجاد، لكنني لا أعلق آمالاً على ذلك. كما أنني ما زلت أعتقد أن هذا الأمر لن ينتهي بانقسام شخصي بين ماسك وترامب، فلكل منهما مصالح كبيرة معاً. ترامب بحاجة إلى أموال ماسك، كما لا يرغب ماسك بالمرة في خسارة نفوذه في المكتب البيضاوي ورأس المال السياسي القيّم الذي راكمه لأعماله.
وبالنسبة إلى ماسك، رجل الأعمال، فإن مستثمري تسلا يتوقون لاستعادة اهتمامه، وسيرحبون بإعادة ترتيب أولوياته بشكل مفاجئ. لكن السؤال الأهم هو ماسك نفسه. فهل سيكون من السهل عليه إعادة توجيه طاقته نحو تسلا؟ وعلى الرغم من ارتفاع أسهمها بعد الانتخابات، كانت الشركة تواجه بالفعل أزمة منتصف العمر حقيقية. ولن يُسهم الضرر الذي لحق بعلامتها التجارية جراء مغامرة ماسك في واشنطن في تحسين الوضع.
في أماكن أخرى، تتمتع إمبراطوريته التجارية بوضع جيد، ورغم أن لدى سبيس إكس وستارلينك منافسين في الأفق، لكن تفوقهما الهائل في الفضاء سيستغرق سنوات حتى يُضاهيه الآخرون.
ولا تزال قدرة ماسك على حشد رأس المال والمواهب في وادي السيليكون لا تُضاهى. أضف إلى ذلك شهيته اللامتناهية للمخاطرة، فلن تجد من يُضاهيه.
إننا يجب أن تذكر أنه قبل أكثر من عامين بقليل، عندما استحوذ على تويتر كل اهتمامه، بدا وكأنه قد أضاع فرصة ذهبية في مجال الذكاء الاصطناعي.
لكنه سرعان ما عاد وأسس شركة ذكاء اصطناعي من الصفر، وفي بعض النواحي، نافس أفضل الشركات في هذا المجال (وخلال الأسبوع الماضي، استحوذت شركته للذكاء الاصطناعي على إكس، تويتر سابقاً).
ومن السابق لأوانه الجزم بما إذا كان هذا سيكون التوسع الكبير القادم لإمبراطوريته التجارية. وعموماً، فإنني أعتقد أننا لم نشهد ذروة ماسك بعد حتى نبدأ في الحديث عن سقوطه.