الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، سيرجيو بيمينتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لشؤون قارة أفريقيا
أعلنت مؤسسة التمويل الدولية عن تعاونها مع الحكومة المصرية لتقديم إستشارات متخصّصة للحكومة المصرية، بهدف دعم شراكات القطاعين العام والخاص في قطاع المطارات، لتحسين البنية التحتية، والربط وخدمات المسافرين.
وفي إطار هذه الشراكة، ستقدم مؤسسة التمويل الدولية استشارات متخصّصة لوزارة الطيران المدني لإعداد إستراتيجية تستهدف تطوير الشراكات مع القطاع الخاص في 11 مطاراً عبر مصر، وهو ما يُمثل جزءاً كبيراً من حركة السفر الجوية المحلية والدولية في البلاد.
كما ستعمل المؤسسة كمستشار رئيسي للصفقات على تقديم الإستشارات الخاصة بمعاملات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مطار الغردقة الدولي، وذلك كمشروع تجريبي، بإعتباره ثاني أكثر المطارات إزدحاماً من حيث حركة المسافرين والطيران على مدار العام في مصر.
وقد تم تحديد قطاع المطارات كقطاع إستراتيجي لتوسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص، وذلك في إطار برنامج الطروحات الذي أطلقته الحكومة المصرية في يونيو/ حزيران 2023 وتدعمه مؤسسة التمويل الدولية.
تعديل إتفاق إنشاء البنك الأوروبي لإعادة الإعمار
للتوسع في أفريقيا جنوب الصحراء والعراق
من جهة أخرى، وافق مجلس النواب في جلسته العامة، على قراري مجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية رقمي (259) و(260) حيال «تعديل إتفاق إنشاء البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية»، لتمكين التوسع الجغرافي لعمليات البنك في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعراق، وإزالة القيود القانونية على رأس المال الخاص بالعمليات العادية.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية والتعاون الدولي، ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، «أن مصر تدعم توسيع نطاق عمليات البنك الأوروبي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعراق».
تأسيس تحالف مصري لإعادة الإعمار
على صعيد آخر، وفي خطوة تهدف إلى التكامل الإقتصادي بين الشركات المصرية وتعزيز حضورها في الأسواق العربية، أعلنت 41 شركة خاصة في مصر عن إتفاقها على تأسيس شركة مساهمة جديدة، تحمل إسم «التحالف العربي للإستثمار الصناعي»، هدفها التوسُّع في الدول العربية والمشاركة الفعّالة في عمليات إعادة الإعمار، ما يُساهم في تعزيز الإستثمارات الصناعية المشتركة، وفتح آفاق جديدة للتعاون الإقتصادي.
مصر تسمح لـ 8 شركات بإستخدام التكنولوجيا المالية في أنشطتها
على صعيد غير متصل، وافقت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر على السماح لثلاث شركات سمسرة في الأوراق المالية بمزاولة نشاطها بإستخدام جميع مجالات التكنولوجيا المالية للمرة الأولى، وهي: تيلدا، وبلتون، وثاندر.
وتشمل مجالات إستخدام التكنولوجيا المالية عمليات التحقق من الهوية، والمصادقة، والتعرُّف على العميل، إضافةً إلى إبرام العقود على المنتجات المالية غير المصرفية إلكترونياً. كما وافقت الهيئة على تمكين خمس شركات مالية غير مصرفية من تقديم خدماتها بإستخدام التكنولوجيا المالية، من بينها: «حالاً للتمويل الإستهلاكي»، و«بي تك للتمويل» و«يو للتمويل الإستهلاكي».
يُذكر أن رؤساء المؤسسات الدولية، ومنظمات الأمم المتحدة، كانت قد أشادت بالخطوة التي إتخذتها الحكومة لإطلاق الإستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر E-INFF، مؤكدة أهميتها في ظل التحديّات العالمية، من أجل وضع نهج مستدام وشامل للآليات التمويلية المختلفة من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وكانت قد أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي مؤخراً، الإستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر، التي تم إعدادها بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
القيادة الديناميكية التي تُشكل مستقبل العالم العربي
الشيخ طحنون بن زايدمن بين أقوى 100 شخصية عربية في 2025
عندما تكون أقوى مئة شخصية عربية لعام 2025 تنتمي إلى مجالات التكنولوجيا والمال والأعمال والطاقة، يُمكن القول عن حق إن المنطقة واعدة وإن قياداتها الشابة تستثمر في المستقبل وتساهم في تشكيل المشهد العالمي، بعيداً من الحروب والنزاعات التي تفتك بمنطقتهم.
يعكس هذا التصنيف الذي أعدته «غلف بزنس» القيادة الديناميكية التي تُشكل مستقبل العالم العربي، فمن خلال الإستثمارات الإستراتيجية، والتقدم التكنولوجي، والقيادة المالية، وإلتزام المساواة بين الجنسين، والفن، لا يُحدث هؤلاء الأفراد تحوّلاً في المنطقة فحسب، بل يُقدمون أيضاً مساهمات كبيرة في التقدم العالمي.
وليس مستغرباً أن يتصدر قائمة الشخصيات التي تستثمر في المستقبل الشيخ طحنون بن زايد، نائب حاكم إمارة أبوظبي ومستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة. فمجلة «تايم» الأميركية صنفته في العام الماضي بين الشخصيات الأكثر تأثيراً في الذكاء الإصطناعي. وبصفته رئيس إمبراطورية تبلغ قيمتها 1,5 تريليون دولار، بما فيها صندوقان للثروة السيادية، يُوجه الشيخ طحنون مليارات الدولارات إلى مبادرات تساعد في تحويل الدولة الخليجية إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
وتشكل شركة G42، وهي تكتل للذكاء الاصطناعي تأسس في العام 2018 وبرز كعملاق تكنولوجي في الشرق الأوسط، بأعمال تتراوح من التكنولوجيا الحيوية إلى المراقبة، جزءاً مهماً من هذه الامبراطورية.
وإستحوذت زيارة الشيخ طحنون لواشنطن بإهتمام إعلامي واسع، لا للقاءات التي عقدها مع الرئيس دونالد ترامب ووزاء أميركيين فحسب، وإنما أيضاً بسبب الإتفاقات التي وقعت خلالها، بما فيها إعلان كل من «القابضة» الإماراتية التي تركز على الإستثمار في البنية التحتية الأساسية وشبكات التوريد، و«إنرجي كابيتال بارتنرز»، أكبر شركة خاصة تعمل في قطاع توليد الطاقة والطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، عن إبرام شراكة بالمناصفة لتأسيس مشروع مشترك مقره الولايات المتحدة، لإستثمار 25 مليار دولار في مشاريع جديدة لتوليد الطاقة.
كذلك، أعلن خلال الزيارة عن إنضمام شركتي «إنفيديا» و«إكس إيه آي» إلى «الشراكة في البنية التحتية للذكاء الإصطناعي»، والتي تهدف إلى دعم وتسريع تطوير الذكاء الإصطناعي والتقنيات المتقدمة.
ومع أن العلاقة الاقتصادية الوثيقة بين واشنطن وأبوظبي تعود إلى أكثر من عقد من الزمان، إلا أن الشيخ طحنون نجح في إعطائها بُعداً إضافياً مع ثورة الذكاء الاصطناعي.
يضم التصنيف أيضاً أسماء فاعلة في مختلف المجالات، منهم وزير الصناعة والتكنولوجيا الإماراتي سلطان الجابر الذي حل في المركز الثاني بالقائمة، ومؤسس شركة «إعمار» الإماراتية محمد العبار (في المركز السابع)، والرئيس التنفيذي لـ «أرامكو السعودية» أمين ناصر (في المركز الثامن)، ورئيس مجلس إدارة جمعية الصحافيين الإماراتية وعضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي للصحافيين محمد الحمادي (في المركز التاسع)، ورجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال (في المركز العاشر)؛ إلى جانب الرئيسة التنفيذية لمجموعة بنك أبوظبي الأول هناء الرستماني (في المركز 15)، ورئيسة مجلس إدارة شركة صناعة الساعات الفخمة “سواتش” نائلة حايك (في المركز 47)، والرئيسة التنفيذية لشركة البترول الوطنية الكويتية وضحة أحمد الخطيب (في المركز 63)، إضافة إلى الرئيسة التنفيذية لموقع “ممز وورلد” منى عطايا (في المركز 66)، والمصمم اللبناني العالمي ايلي صعب (في المركز 73)، وشقيقتين رائدتين في عالم التجميل هما هدى ومنى قطان (في المركز 82)، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي (في المرتبة 99).
في الخلاصة، إن تصنيف «غلف بزنس» لأقوى 100 شخصية عربية لعام 2025 مقياس مهم لتطور القيادة العربية وتأثيرها المتنامي على الساحة العالمية، وهو يؤكد أن القادة العرب لا يقودون التنمية في منطقتهم فحسب، بل صاروا لاعبين أساسيين في تشكيل الاقتصاد العالمي والتقنيات المستقبلية.
أرباح أكبر 10 بنوك مصرية تتضاعف إلى 420.5 مليار جنيه خلال عام
ضاعفت أكبر 10 بنوك تجارية مصرية ربحيتها إلى 420.5 مليار جنيه في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024، مقابل 212 مليار جنيه في نهاية العام 2023، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وأظهرت البيانات إستحواذ البنوك العشرة الكبار على 78.6% من إجمالي أرباح بنوك القطاع المصرفي البالغة 534.9 مليار جنيه.
وتشمل البنوك الكبرى كلاً من الأهلي المصري، وبنك مصر، والتجاري الدولي، والقاهرة، والعربي الإفريقي الدولي، والأهلي قطر الوطني، وأبوظبي الأول، وفيصل الإسلامي، والبنك الزراعي، و«إتش إس بي سي».
وعزا محلّل قطاع البنوك في أحد بنوك الإستثمار، النمو الملحوظ في أرباح القطاع المصرفي المصري خلال العام 2024، إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي قفزت بدخول البنوك من العائد.
قفزة في أصول وودائع البنوك الكبرى
وإرتفعت أصول أكبر 10 بنوك إلى نحو 16.5 تريليون جنيه في نهاية العام 2024، مقابل 11.13 تريليون جنيه في نهاية العام 2023، مستحوذة على 78.8% من أصول القطاع المصرفي البالغة 20.8 تريليون جنيه.
وتستحوذ أرصدة قروض البنوك الكبرى على 79.3% من إجمالي قروض القطاع المصرفي خلال العام 2024، لتسجل 6.6 تريليونات جنيه في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024، بحسب البيانات.
كما إرتفعت إستثمارات البنوك الكبرى في الأوراق المالية وأذون الخزانة بنحو 1.35 تريليون جنيه خلال العام الماضي (2024)، لتسجل 5.4 تريليون جنيه في ديسمبر/ كانون الأول 2024، مستحوذة على 80.6% من إجمالي استثمارات القطاع المصرفي في الأوراق الحكومية.
وقفز إجمالي أرصدة ودائع البنوك العشرة الكبار بأكثر من 2.5 تريليون جنيه خلال العام الماضي (2024)، لتسجل 10.427 تريليون جنيه، مستحوذة على 77.3% من إجمالي أرصدة الودائع بالبنوك والبالغة 13.481 تريليون جنيه في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024.
البنوك الكبرى تُصدر 5 ملايين بطاقة إئتمان في نهاية العام 2024
وأصدرت أكبر 10 بنوك 467.733 ألف بطاقة إئتمان خلال العام 2024، لتقفز إلى 5.118 مليون بطاقة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وكشف «المركزي المصري» عن إرتفاع عدد بطاقات الخصم بالبنوك الكبرى خلال العام الماضي (2024) بنحو 22.613 مليون بطاقة، وإرتفاع البطاقات المدفوعة مقدماً في هذه البنوك إلى 26.855 مليون بطاقة في نهاية العام 2024، مقابل 25.367 مليون بطاقة العام السابق له.
وأضافت البنوك العشرة الكبرى 1.196 ألف ماكينة صراف آلي جديدة خلال العام 2024، ليصل إجمالي عدد الماكينات التابعة 19.570 ألف ماكينة في نهاية العام 2024، مقابل 18.374 ألف ماكينة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023.
عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المُنتدب لبنك قناة السويس
تصدّر بنك قناة السويس غلاف مجلة The Business Fame، كأفضل بنك لإدارة الخزانة في مصر في العام 2025، وهو ما جاء تقديراً لجهود البنك المستمرة وإستراتيجياته في تقديم حلول مُبتكرة لإدارة الخزانة.
وقد سلّطت المجلة الضوء على قصة نجاح البنك في مجال إدارة الخزانة، والحرص على تقديم خدمات ومنتجات شاملة تُلبي إحتياجات كافة عملائه، مع تحقيق التوازن في إستخدام التكنولوجيا المتطوّرة، والحفاظ على مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية ESG، وهو ما يُساهم بدوره في دفع عجلة النمو الإقتصادي.
وقد رصدت المجلة نجاح البنك في دمج العديد من التطورات التكنولوجية في مجال إدارة الخزانة مثل تطوير منصات الخزانة الرقمية، بخلاف القيام بتحديث أنظمته الأساسية، وهو ما ساهم بدوره في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتوفير الوقت وتوسيع نطاق العمليات لتلبية احتياجات قاعدة أكبر من العملاء، بالإضافة إلى تحسين عملية اتخاذ القرار.
كما رصدت دور البنك الفعّال في دفع عجلة النمو الإقتصادي من خلال المُساهمة في تمويل المشروعات الكُبرى ومشروعات البنية التحتية، والحرص على دعم القطاعات الإقتصادية الحيوية الأخرى.
وذكرت المجلة حرص البنك على تطبيق المعايير العالمية من خلال مواءمة ممارسات إدارة الخزانة مع الأطر الدولية، مثل بازل 3.
وتعليقًا على ذلك، قال عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المُنتدب لبنك قناة السويس: «إن هذا التكريم يعكس رؤية البنك على الإبتكار والتطوير المُستمر لتلبية إحتياجات السوق المتغيّرة والمتنافسة، بما يُساهم في زيادة حصص البنك السوقية، وتحقيق النمو المُستدام».
يشار إلى أن هذا التكريم يُعد بمثابة إمتداد للإعتراف الدولي بكفاءة البنك في هذا المجال، حيث تمكّن البنك خلال العام الماضي (2024) من الحصول على جائزة «إدارة الخزانة لعام 2024 – مصر» من مجلة الأعمال الدولية International Business Magazine.
المرحلة تتطلّب السعي نحو تحقيق تطلُّعات سوق المال وتعزيز مكانته
أعلنت بورصة الكويت، خلال إجتماع مجلس إدارتها المنعقد عقب جمعيتها العامة العادية للعام 2024، عن قرار المجلس بالإجماع الموافقة على تشكيل مجلس الإدارة ليكون بدر ناصر الخرافي رئيساً لمجلس إدارة الشركة لمدة الثلاث سنوات القادمة من 2025 – 2027. كما تم إختيار بدر عبدالله الكندري نائباً للرئيس للفترة نفسها.
وأعرب مجلس الإدارة عن بالغ شكره وتقديره للسيد حمد مشاري الحميضي، رئيس مجلس الإدارة السابق، والذي كان أول رئيس للبورصة بعد اكتمال المرحلة الأولى من خصخصتها، مشيداً بدوره القيادي البارز وجهوده في تحويل بورصة الكويت إلى ركيزة أساسية في الإقتصاد الوطني وقصة نجاح في المشهد المالي للدولة. وقد شهدت فترة رئاسته محطات مفصلية، كان أبرزها النجاح الكبير لعملية الإكتتاب العام الذي تجاوزت نسبة تغطيته 850%، متبوعاً بإدراج البورصة في السوق «الأول».
ويُعد السيد بدر ناصر الخرافي من القيادات البارزة في الكويت، حيث يمتلك خبرة تمتد لأكثر من 20 عاماً في القطاعات المالية والمصرفية والصناعية وقطاع الإتصالات.
ومنذ خصخصة بورصة الكويت في العام 2019، كان عضواً في مجلس إدارتها، كما ترأس لجنتها التنفيذية وشغل عضوية لجنة الترشيحات والمكافآت، مما أتاح له دوراً محورياً في صياغة إستراتيجياتها وتعزيز حوكمتها.
وقد تجسدت فترة رئاسته لمجلس الإدارة بداية مرحلة جديدة تتميّز بالرؤية الطموحة والمستقبلية، حيث يقود الشركة نحو مزيد من التطوُّر والإبتكار، مع التركيز على تعزيز كفاءة السوق وزيادة جاذبيته الإستثمارية.
وتعليقاً على قرار مجلس الإدارة بإختياره رئيساً للمجلس، شكر بدر ناصر الخرافي، أعضاء مجلس الإدارة على تزكيته لتولّي رئاسة مجلس إدارة شركة بورصة الكويت في هذه المرحلة المفصلية من مسيرتها، والتي تتطلّب السعي نحو تحقيق تطلُّعات سوق المال وتعزيز مكانته، وقال: «كوني قريباً من سوق المال الكويتية، أطمح إلى تسريع عجلة تطوير المنتجات والخدمات والأدوات المالية الحديثة بما يخدم مصلحة السوق ويحقق القيمة المضافة لجميع المتعاملين فيه».
وأضاف الخرافي: «لقد أثبتت تجربة خصخصة بورصة الكويت أن الرؤية الواضحة والإدارة المهنية قادرة على إحداث تحولٍ فعليٍ في بنية الأسواق المالية، وتعزيز مكانة سوق المال الكويتي أمام المستثمر المحلي والدولي على حد سواء، حيث تتمتع بورصة الكويت بفريق عمل ذي كفاءة عالية لتحقيق واستكمال جميع مراحل التطوير، مما يُساهم في تعزيز قدرة البورصة على مواكبة أفضل الممارسات العالمية والارتقاء بمنظومة السوق المالية».
مسيرة مهنية حافلة
إلى جانب دوره الجديد في بورصة الكويت، يشغل الخرافي منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة الإتصالات المتنقلة «مجموعة زين»، كما يشغل عضوية العديد من مجالس الإدارات لمؤسسات مالية وصناعية إقليمية ودولية، من ضمنها نائب رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الوطنية، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للكابلات والصناعات الكهربائية، وشركة دايموند موتورز في مصر.
كذلك هو عضو في مجلس إدارة شركة فولاذ القابضة في البحرين، وعضو في المجلس الإستشاري لمنطقة الشرق الأوسط في بنك كوتس وشركاه في المملكة المتحدة، وجمعية الصداقة الكويتية البريطانية، وعضو في مجلس مفوضية اللاجئين للإستدامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
القانون الجديد يتيح إصدار أدوات مالية بآجال إستحقاق تصل إلى 50 سنة
الكويت تصدر قانوناً جديداً لتنظيم الإقتراض العام مع عودتها لأسواق الدين
صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح
أصدرت الكويت قانوناً جديداً طال إنتظاره، يُحدّد إطار تنظيم الإقتراض العام، وذلك في ظل إستعداد البلاد للعودة إلى أسواق الدين العالمية بعد ثمانية أعوام.
وأفادت وزارة المالية في بيان: «إن القانون الجديد يتيح إصدار أدوات مالية بآجال إستحقاق تصل إلى 50 سنة… ويُحدد المرسوم بقانون سقف الدين العام بمبلغ 30 مليار دينار كويتي (97.36 مليار دولار) حداً أقصى أو ما يعادله من العملات الأجنبية الرئيسية القابلة للتحويل».
وكانت آخر مرة تُصدر فيها الكويت سندات في العام 2017، وتعطّلت عملية إقرار قانون الدين الذي سيسمح لها بالعودة إلى أسواق الدين لسنوات بسبب الصراعات الداخلية بين البرلمانات والوزارات المتعاقبة.
وتولّى أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح السلطة في ديسمبر/ كانون الأول 2023، وحلّ البرلمان بعد أقل من شهرين من توليه منصبه، عازماً على المضي قدماً في الإصلاحات الإقتصادية بعد الجمود الذي طال أمده.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الإقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: «إن هذه علامة مهمة على تزايد القوة الدافعة للإصلاح، إلى جانب تطور مالي حيوي، وبالنسبة إلى المستثمرين، يشير ذلك إلى أن الإصلاحات تتقدم أخيراً».
وأفادت الكويت في وقت سابق، إن الإنفاق الحكومي يجب أن يكون ثابتاً ليتسنّى لها السيطرة على نمو الميزانية.
ويُتوقع أن تسجل ميزانية الكويت عجزاً يبلغ 5.6 مليارات دينار (18.33 مليار دولار) للسنة المالية 2024-2025، مع تقدير النفقات بنحو 24.5 مليار دينار.
وقالت مونيكا مالك: «إن قانون الدين الجديد سيسمح بتنويع التمويل، ما يُخفّف الضغوط على صندوق الإحتياطات العامة»، مشيرة إلى «أن الديون تهدف أيضاً إلى دعم برنامج الإستثمار، وسيكون مهماً للقطاع المصرفي والطلب على الإئتمان»، مؤكدة «أن قانون الرهن العقاري الجديد سيكون هدف الإصلاح التالي».
يُذكر أن الكويت، رابع أكبر منتج للنفط في الشرق الأوسط، هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تخلّت عن ربط عملتها بالدولار، وأنحت باللائمة في إرتفاع التضخُّم على إنخفاض العملة الأميركية من خلال الواردات.
في الذكرى الثامنة لتولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد:
تحوّلات غير مسبوقة وإصلاحات وإنجازات عالمية
في الذكرى الثامنة لتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، جدّد السعوديون مشاعر الولاء والوفاء، بعدما ترسّخ في وجدان السعوديين، أن كل ذكرى سنوية للبيعة تصاحبها خطوات إصلاحية جديدة، وتحوّلات غير مسبوقة في مختلف الأصعدة، وهو ما يأتي في جوهر «رؤية 2030» الطموحة ذات البرامج الإصلاحية، والهادفة إلى تنويع الإقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، وإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتعزيز مكانة المملكة كقوة اقتصادية رائدة في المنطقة والعالم.
وقد وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مصلحة الوطن ورفاهية المواطن وجودة حياته في مقدمة أولوياته، وتمكين الشباب والمرأة، مع حرصه الشديد على حماية الهوية والقيم السعودية الأصيلة التي تمثل إمتداداً لتاريخ الآباء والأجداد وتعكس صورة المملكة المشرقة في العالم.
من بين القطاعات الواعدة في أكبر خطة وطنية للتغيير، برزت قطاعات حيوية تُسهم في تنويع الإقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، فقد إستقطب قطاع السياحة إستثمارات ضخمة وملايين السياح، بفضل المشاريع العملاقة مثل «نيوم» و«البحر الأحمر» و«القدية»، والتأشيرة السياحية الإلكترونية التي سهَّلت الوصول إلى المملكة.
وشهد قطاع التقنية نقلة نوعية في التحوُّل الرقمي ودعم الإبتكار، حيث أصبحت المملكة مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا، وإستثمرت في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. أما قطاع الصناعة، فقد تنوّعت قاعدته وتطوّرت صناعاته، بفضل الإستثمارات في الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة، والتركيز على الصناعات عالية التقنية.
وإستثمر قطاع الخدمات اللوجيستية الموقع الإستراتيجي للمملكة كمركز ربط عالمي، من خلال تطوير المطارات والموانئ وشبكات النقل.
في هذا السياق، أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في العام 2024، تأسيس شركة «آلات»، وهي شركة تابعة لـ «صندوق الإستثمارات العامة»، وتهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً للصناعات المستدامة التي تركز على التقنية المتقدمة والإلكترونيات.
وستعمل الشركة على تطوير وتصنيع المنتجات والحلول التقنية المبتكرة، مثل أشباه الموصلات والروبوتات والطائرات من دون طيار، بهدف تلبية الطلب المحلي والإقليمي والعالمي. ويعكس تأسيس شركة «آلات» إلتزام المملكة بتنويع إقتصادها، وتعزيز مكانتها كقوة صناعية وتكنولوجية رائدة في المنطقة والعالم.
كما أطلق ولي العهد الإستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية في العام 2024، بهدف تعزيز مكانة المملكة دولةً رائدةً في قطاع التقنية الحيوية، وتحسين الصحة الوطنية، وحماية البيئة، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي. أما الإستراتيجية الوطنية لإستدامة البحر الأحمر فتهدف إلى حماية النظام البيئي للبحر الأحمر، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته، ودعم التحوُّل إلى إقتصاد أزرق مستدام.
هي قصة نجاح لم تنتهِ بعد، سطّرها ولي العهد، وعزّزت مكانة المملكة على الصعيد الدولي ودورها في استقرار الاقتصاد العالمي، مما أهّلها للفوز باستحقاقات دولية مهمة، مثل استضافة معرض إكسبو العالمي 2030، وكأس العالم لكرة القدم 2034، وهو ما يعكس ثقة العالم في قدرة المملكة على تنظيم فعّاليات عالمية ناجحة.
الإقتصاد الكلي: مواجهة التحديات
في ظل رياح إقتصادية عالمية عاتية، أثبتت السعودية صلابتها، محققةً نمواً إقتصادياً ملحوظاً بنسبة 1.3% في العام 2024. هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة لجهود دؤوبة في تنويع الاقتصاد، حيث قفزت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي إلى أكثر من 51%، مما يعكس رؤية ثاقبة وسياسات اقتصادية رشيدة.
كما نجحت المملكة في السيطرة على التضخم الذي يشكل تحدياً كبيراً للإقتصادات العالمية، حيث بلغ ما نسبته 1.7% فقط في نهاية العام 2024، لتحتل بذلك المراتب الأولى من ضمن «مجموعة العشرين».
بيئة جاذبة للاستثمار
لقد جعل ولي العهد السعودية من بين الأكثر جذباً للإستثمار، مُدخِلاً تغييرات كبيرة على البيئة الإستثمارية التي تشكل أساساً في تنفيذ مشاريع المملكة العملاقة. ومن بين أبرز هذه الخطوات في العام 2024، كان قانون الإستثمار الجديد الذي يعد خطوة مهمة في مسيرة التنمية الاقتصادية، حيث يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل، وذلك في إطار «رؤية 2030».
الإعلان عن حجم الإستثمارات التقنية في «ليب 25»
وقد عزّزت البيئة الإستثمارية عملية إستقطاب الشركات العالمية لنقل مقراتها إلى المملكة، حيث تخطى عددها الـ600 في العام 2024، بالإضافة إلى إصدار أكثر من 14 ألفاً و454 ترخيصاً جديداً في العام 2025، ليتجاوز إجمالي عدد التراخيص 40 ألف ترخيص استثماري فعَّال. في حين تضاعف رصيد الإستثمار الأجنبي المباشر عمّا كان عليه عند إطلاق «رؤية 2030» ليصل إلى 900 مليار ريال (240 مليار دولار).
الذكاء الإصطناعي: بوابة المستقبل الواعد
«نحن نعيش في زمن الإبتكارات العلمية والتقنيات غير المسبوقة، وآفاق نمو غير محدودة». بهذه الكلمات الملهمة، رسم ولي العهد ملامح مستقبل المملكة في قمة الرياض 2020 في مجال التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي وإنترنت الاشياء، التي يُمكنها «في حال تم إستخدامها على النحو الأمثل أن تجنّب العالم الكثير من المضارّ وتجلب للعالم الكثير من الفوائد الضخمة».
لقد وضعت المملكة الذكاء الاصطناعي في صميم «رؤية 2030»، وجعلته أداة رئيسية لتنويع الإقتصاد وتحقيق التحول الرقمي. وقد إتخذت خطوات جادة لتعزيز البنية التحتية الرقمية، لتكون مركزاً إقليمياً وعالمياً لتطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
وقد أثمرت هذه الجهود نتائج مبهرة، حيث حققت المملكة المركز الرابع عشر عالمياً والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الإصطناعي، وتصدّرت المركز الأول عالمياً في معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الإصطناعي. كما نجحت في جذب إستثمارات ضخمة بقيمة 28.3 مليار دولار في هذا المجال في عامين فقط، مما يؤكد مكانتها الرائدة في هذا القطاع الحيوي.
الإصلاحات الإقتصادية تدفع سوق العمل بالسعودية نحو نمو مستدام
من جهة أخرى، منذ إنطلاق «رؤية 2030»، أدخلت السعودية إصلاحات جذرية على سوق العمل بهدف تحسين البيئات الوظيفية وتعزيز مشاركة المواطنين في مختلف القطاعات، وتحفيز القطاع الخاص، بما يسهم في تحقيق الاستدامة. هذه العملية التي لا تزال مستمرة إلى اليوم، ساهمت في إنخفاض قياسي في معدلات البطالة، التي بلغت 7.1% في العام 2024، وهو المعدّل القريب من مستهدفات الحكومة، وفي تعزيز الأرضية اللازمة لإشراك القطاع الخاص ودفعه ليكون شريكاً رئيسياً في استدامة التوظيف وخلق بيئة عمل جاذبة للكفاءات الوطنية.
وقد دفع بلوغ هدف البطالة قبل سنوات من المدة المحددة في «رؤية 2030»، بالحكومة إلى إعادة النظر بمستهدفاتها وتقليص المعدل من 7% إلى 5%.
في المحصّلة، إن الذكرى الثامنة للبيعة هي مناسبة لإعادة التذكير بمستقبل المملكة المشرق بفضل السياسات الإقتصادية الرشيدة والرؤية الثاقبة لولي العهد.
الأمانة العامة للجامعة العربية في الذكرى الثمانين لتأسيسها
ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك جامعة الدول العربية: مسيرة عطاء وصمود
أحيت جامعة الدول العربية في 22 مارس/ آذار هذا العام (2025) الذكرى الثمانين لتأسيسها، فهذه المنظمة العريقة أنشئت في العام 1945، وهي بذلك أقدم منظمة إقليمية في العالم، سبقت في وجودها منظمة الأمم المتحدة، إذ جاء إنشاؤها تجاوباً مع تصاعد الدعوة إلى الوحدة العربية والتحرُّر من الإستعمار ومواجهة التحدّيات السياسية التي كانت تعصف في العالم العربي آنذاك، وهدفت إلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، من خلال تنسيق المواقف وتعميق التعاون في مختلف المجالات.
ومنذ تأسيسها إلى اليوم، مرّت جامعة الدول العربية بمحطّات تاريخية متعدّدة، تعرّضت مسيرتها خلالها إلى تحدّيات جسيمة، تركت بصماتها على التاريخ السياسي للدول والشعوب العربية، وعزّزت مسارات التعاون في كافة المجالات الضرورية، لتحقيق التنمية الشاملة والسير قدماً نحو مستقبل زاهر للمواطن العربي.
ولقد قامت الجامعة العربية بأدوار أساسية لحل العديد من القضايا، وساهمت جهودها في تحرُّر عدد من الدول العربية من الإستعمار، وظلّت تلك الجهود مستمرة من أجل توحيد الرؤى والمواقف العربية في المحافل الدولية والدفاع عن المصالح العربية المشتركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تمرُّ في الوقت الراهن في منعطف تاريخي غير مسبوق، وخصوصاً خلال حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة، حيث تسعى الجامعة العربية لتنسيق جهود الدول الأعضاء لبلورة رؤية واضحة وموقف عربي موحّد يخدمان في العمل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية.
وفي إطار هذه الأهداف، تحقّقت إنجازات كبيرة، حيث تكلّل الجهد العربي الجماعي بتبنّي الكثير من المشاريع والإستراتيجيات في كافة المجالات، كما تم إنشاء العديد من منتديات التعاون، وتطوير العلاقات العربية مع القوى الكبرى إقليمياً ودولياً، لخلق التوازن اللازم في مواجهة التحدّيات التي تفرضها الظروف الدولية الراهنة.
وفي المجال الإقتصادي، تحققت إنجازات أساسية وملموسة، فيما كان إطلاق منطقة التجارة العربية الحرّة في العام 2005، لبنة صلبة في بناء التكامل الإقتصادي العربي، وصولاً إلى إطلاق السوق العربية المشتركة للكهرباء في العام 2024، التي تمثل تتويجاً لهذه الرؤية العربية المشتركة الهادفة إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة وفتح آفاق واعدة للتنمية وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. كما إهتمّت الجامعة العربية في تعزيز دور المرأة في بناء وتطور المجتمعات العربية، كذلك إهتمت برعاية الطفولة، وتشجيع التعليم، ومتابعة البرامج الموجهة للشباب والرياضة، كذلك لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على اللغة والثقافة العربيتين، فضلاً عن تعزيز الحضور العربي في المحافل الثقافية الدولية ومساهمته في الحضارة الإنسانية في كل التنوُّع والثراء والأصالة.
وتحرص جامعة الدول العربية في هذا اليوم، على إستذكار الرعيل الأول من المفكرين والسياسيين والدبلوماسيين العرب الذين زرعوا بذرة الوحدة في الوجدان العربي، وأسّسوا أعمدة «بيت العرب» الذي نتحصّن به للسير قدماً نحو تحقيق رؤية واحدة تقودنا جميعاً إلى مستقبل يعمُّه الإزدهار والسلام.
وفي هذا اليوم كذلك، تُبنى محطّة جديدة في هذه المسيرة الطويلة، ويستمر العمل الدؤوب على كافة المستويات، كي تمكث هذه الشعلة متّقدة في القلوب، وكي يظل «بيت العرب» صامداً ومتيناً في وجه العواصف والأخطار.
وفي هذه المناسبة، وجّهت جامعة الدول العربية، دعوة إلى الشباب العربي إلى العمل المثابر لمواصلة المسيرة التي أطلق شعلتها الآباء والأجداد، ومواكبة التطوُّر التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، لتحقيق النقلة النوعية نحو مجتمع المعرفة والتحوُّل الرقمي، كما دعت إلى إدماج الشباب في صناعة القرار، وتمكينهم من المشاركة في مسيرة التنمية والتقدم، مؤكدة أن الإستثمار في تعليم وتدريب الشباب هو الإستثمار الحقيقي الذي يعتمد عليه المستقبل، لإقامة مجتمعات قادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأمة عربية واثقة تستطيع المساهمة في رفد تطور البشرية وإزدهار العالم».
تعزيز التجارة والنقل الإقليميين وتنويع الإقتصاد الكويتي
ميناء مبارك الكبير هو مشروعٌ هامٌّ للبنية التحتية، يقع على جزيرة بوبيان في الكويت، وهو جزءٌ من رؤية الكويت 2035 ومبادرة الحزام والطريق الصينية. يهدف الميناء إلى تعزيز التجارة والنقل الإقليميين، والمساهمة في تنويع اقتصاد الكويت من خلال تقليل إعتمادها على النفط.
ينقسم تطوير الميناء إلى مراحل، وقد بدأت المرحلة الأولى منه في العام 2021، ويُتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع بالكامل في حلول العام 2026. وسيكون للمشروع، عند إكتماله، دور محوري في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي للكويت، ودعم النمو الإقتصادي في المنطقة.
وسنعرض، في ما يلي، أهمية هذا المشروع الحيوي الهام وفوائده المتنوّعة، وتأثيره على النطاق الأوسع على النمو والإستدامة في الدول العربية وآفاقه المستقبلية.
الفوائد الإقتصادية المتوقعة والأهمية الإستراتيجية
يُتوقع أن يحقق ميناء مبارك الكبير فوائد إقتصادية كبيرة للكويت، إذ سيُقلل الميناء من إعتماد الكويت على النفط من خلال تعزيز التجارة، بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035. ويهدف إلى ترسيخ مكانة الكويت كنقطة عبور رئيسية للتجارة الإقليمية، وتعزيز دورها في التجارة العالمية. وسيُوفر تطوير وتشغيل الميناء العديد من فرص العمل، مما يدعم التوظيف المحلي.
ويتمتع ميناء مبارك الكبير بأهمية إستراتيجية بالغة للكويت والمنطقة، إذ يقع الميناء على جزيرة بوبيان، ويهدف إلى ربط وسط وشرق آسيا، ليصبح حلقة وصل رئيسية في إحياء طريق الحرير. ويُعزّز المشروع قدرات الكويت في مجال النقل والخدمات اللوجستية، كما يُعزّز دورها في التجارة العالمية. ويُتوقع أن يجذب إستثمارات أجنبية كبيرة، ويحقق النمو الإقتصادي المحلي.
الإرتباط بمبادرة الحزام والطريق
يرتبط ميناء مبارك الكبير على نحو وثيق بمبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يعكس شراكة إستراتيجية بين الكويت والصين. ويُعدّ الميناء عنصراً أساسياً في مبادرة الحزام والطريق، حيث يُمثل حلقة وصل حيوية في طريق الحرير البحري.
يُسهّل الميناء التجارة بين الشرق والغرب، ويُعزّز التواصل، وقد وقّعت الكويت والصين إتفاقيات لمواءمة تطوير الميناء مع مبادرة الحزام والطريق، مما يُعزّز النمو الإقتصادي المتبادل وفرص الاستثمار.
وبموقعه في جزيرة بوبيان، يُعزّز الميناء شبكة التجارة الصينية في منطقة الخليج، مما يجعله مركزاً حيوياً للتجارة الإقليمية والدولية. ويتضمّن المشروع مرافق وخدمات لوجستية متطوّرة، تدعم الأهداف الأوسع لمبادرة الحزام والطريق لتحسين البنية التحتية للتجارة العالمية.
رؤية الكويت 2035 وديناميكياتها التجارية الإقليمية
رؤية الكويت 2035، المعروفة أيضاً بإسم «الكويت الجديدة»، هي خطة تنمية إستراتيجية تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي. تُركز الخطة على التنويع الإقتصادي، وتقليل الإعتماد على النفط، وتعزيز تنافسية القطاع الخاص. وتتضمّن الخطة مشاريع بنية تحتية كبرى، مثل ميناء مبارك الكبير، الذي يُعزّز ديناميكية التجارة الإقليمية للكويت.
وتُسهّل عضوية الكويت في مجلس التعاون الخليجي التجارة الإقليمية من خلال الإتفاقيات والإتحاد الجمركي الموحّد، وقد وقّعت الكويت العديد من الإتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية، مما عزّز علاقاتها الإقتصادية مع دول مثل الصين والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وساعدها في التركيز على القطاعات غير النفطية وتطوير البنية التحتية.
الفوائد
يُتوقع أن يُسهم ميناء مبارك الكبير في دعم مختلف الصناعات في الكويت، حيث ستُسهّل مرافق الميناء المتطوّرة مناولة البضائع وتُحسّن كفاءة سلسلة التوريد، مما يُعزز قطاع الخدمات اللوجستية. وبكونه مركزاً تجارياً إقليمياً، سيُعزّز الميناء أنشطة الإستيراد والتصدير، مما يُفيد الشركات في مختلف القطاعات. وسيدعم تطوير المناطق الصناعية المحيطة بالميناء الصناعات التحويلية والخفيفة، مما يُعزّز النمو الإقتصادي. كما سيدعم دمج محطات الطاقة والمحطّات الفرعية الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة ومشاريع البنية التحتية.
فرص العمل
يُتوقع أن يؤدي مشروع ميناء مبارك الكبير إلى فتح مجموعة واسعة من فرص العمل في مختلف القطاعات منها:
البناء والهندسة: تشمل الوظائف في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك الهندسة المدنية، وإدارة المشاريع، والعمالة الماهرة للبناء.
الخدمات اللوجستية والنقل: تشمل أعمال مناولة البضائع والشحن والتخزين وإدارة سلسلة التوريد.
عمليات الموانئ: تشمل وظائف لعمال الموانئ، ومشغّلي الرافعات، وإدارة الموانئ.
الصناعة: تشمل التوظيف في الصناعات الخفيفة ومناطق التصنيع المخطط لها حول الميناء.
السياحة والضيافة: تشمل الفرص المتاحة في الخدمات المرتبطة بالسياحة مع تطور جزيرة بوبيان إلى وجهة سياحية.
الإدارة البيئية: تشمل وظائف متعلقة بضمان توافق عمليات الميناء مع أهداف الاستدامة.
الأهمية الإقليمية
يتميّز ميناء مبارك الكبير عن موانئ المنطقة بموقعه الإستراتيجي وبنيته التحتية المتطوّرة وأهدافه الطموحة، ويتميّز بأعمق أرصفة بين موانئ الكويت، متجاوزاً موانئ الشويخ والدوحة والشعيبة، وهو مصمّم لإستيعاب سفن أكبر حجماً وأحجام شحن أعلى، مما يجعله محوراً رئيسياً في التجارة الإقليمية.
وعلى عكس العديد من الموانئ الأخرى، يرتبط ميناء مبارك الكبير على نحو وثيق بمبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يُعزّز دوره في شبكات التجارة الدولية. كما أن التوسعة المخطط لها للميناء، التي تشمل مناطق صناعية ومناطق تجارة حرة، بالإضافة إلى تحسين الربط بواسطة سكة حديد الخليج، تجعل ميناء مبارك الكبير مركزاً تجارياً ولوجستياً هاماً. كما أن قرب ميناء مبارك الكبير من ميناء الفاو الكبير في العراق وموانئ إيران يُعزّز تنافسية الميناء، ويؤثر على إستراتيجيات التجارة الإقليمية.
فوائد لمختلف البلدان
سيعود ميناء مبارك الكبير بالنفع على مختلف الدول ومنها:
الكويت: تستفيد الكويت بشكل مباشر من المزايا الإقتصادية والإستراتيجية للميناء، بما يتماشى مع رؤيتها 2035.
العراق: إن قرب ميناء مبارك الكبير من ميناء الفاو الكبير في العراق، يزيد المنافسة ويؤثر على إستراتيجيات التجارة والبنية الأساسية في العراق.
إيران: يُعزّز الميناء طرق التجارة الإقليمية ويؤثر على التجارة البحرية لإيران.
الصين: يعمل الميناء على تعزيز شبكة التجارة الصينية ونفوذها في المنطقة كجزء من مبادرة الحزام والطريق.
دول آسيا الوسطى: إن موقع الميناء يجعله بوابة رئيسية للتجارة مع آسيا الوسطى، مما يعزز الاتصال والتجارة.
البنية التحتية لميناء مبارك الكبير
يتميّز الميناء بمرافق متطورة لمناولة البضائع والخدمات اللوجستية والنقل، مما يجعله مركزاً حيوياً للتجارة الإقليمية والدولية. تضم جزيرة بوبيان، محطّات طاقة ومحطات فرعية لدعم عمليات الميناء. وقد تم بالفعل بناء محطة طاقة بقدرة 5000 ميغاوات في الصبية. وقد صُمّم الميناء ليكون مستداماً بيئياً، ويتماشى مع معايير البنية التحتية الحديثة. ويُعد الميناء جزءاً من مشروع سكة حديد الخليج، الذي يهدف إلى ربط جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست، مما يُعزّز الترابط الإقليمي.
تمويل ميناء مبارك الكبير
يتم تمويل ميناء مبارك الكبير من خلال تعاون بين الكويت والصين، وقد خصّصت الحكومة الكويتية موارد مالية لتطوير الميناء، مؤكدةً أهميته الاستراتيجية في تنويع اقتصاد البلاد. وتُعدّ شركة الصين العامة للإنشاءات والاتصالات المحدودة (CSCC) شريكاً رئيسياً، حيث تُقدّم الخبرة والتصميم وخدمات ما قبل التنفيذ. وتدعم هذه الشراكة إتفاقيات بين حكومتي الكويت والصين. ويُبرز هذا التعاون المنافع المتبادلة لكلا البلدين، حيث تحصل الكويت على بنية تحتية متطورة، بينما تُوسّع الصين شبكتها التجارية.
الآثار الجيوسياسية
إن ميناء مبارك الكبير له آثار جيوسياسية هامة على الصعيد الإقليمي، إذ بموقعه على جزيرة بوبيان، يُعزّز الميناء مكانة الكويت كمركز رئيسي في منطقة الخليج، ويدعم نفوذها في التجارة والنقل الإقليميين. وكونه مركزاً تجارياً رئيسياً، يزيد الميناء من النفوذ الإقتصادي للكويت في المنطقة، ويوطّد علاقاتها مع الدول المجاورة والشركاء العالميين. ويتماشى تطوير الميناء مع جهود الكويت لتعزيز الإستقرار والتعاون داخل مجلس التعاون الخليجي وخارجه. ويُبرز تكامل الميناء مع هذه المبادرة أهميته العالمية، إذ يربط الكويت بشبكات تجارية دولية على نطاق واسع.
الآفاق المستقبلية لميناء مبارك الكبير
في الخلاصة، لا شك في أن مستقبل ميناء مبارك الكبير واعد، مع خطط لتوسيع طاقته الإستيعابية وتأثيره بشكل كبير، ومن المقرر أن تتضاعف مساحة الميناء عشرة أضعاف، لتصل إلى حوالي 116 مليون متر مربع. ويشمل ذلك مناطق للملاحة البحرية، وخدمات الموانئ، والتجارة الحرة، والصناعات الخفيفة، وخطوط الطرق والسكك الحديدية الإقليمية. ويُتوقع أن يبدأ تشغيل الميناء بكامل طاقته في حلول نهاية العام 2026، مما يمثل إنجازاً رئيسياً في رؤية الكويت 2035. ويهدف التوسُّع إلى جذب الإستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع إقتصاد الكويت، وتوفير آلاف فرص العمل. ويُتوقع أن يصبح الميناء حجر الزاوية في التجارة الإقليمية، مما يُعزز دور الكويت في التجارة العالمية.
خمس سنوات مرّت على أزمة القطاع المصرفي اللبناني ولا خطة واضحة لإعادة هيكلته
خبراء يربطون إعادة الهيكلة بإعادة الثقة وتوزيع المسؤوليات
وحلّ عادل للودائع بما يضمن ولادة جديدة له
منذ آذار/ مارس العام 2020، تاريخ دخول لبنان رسمياً في أزمة مالية ومصرفية وإقتصادية، والتي نتج عنها توقفه عن سداد الفوائد على سندات اليوروبوندز، تدور معارك معلنة وخفية بين الجهات المعنية (أصحاب مصارف – سياسيين- مودعين)، حول ضرورة وضع خطة للإصلاح المالي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي للخروج من الأزمة. لكن إلى الآن أي بعد مرور 5 سنوات، لا يزال هناك إختلاف بين المعنيين حول كيفية مقاربة هذه الخطة ومن أي زاوية يجب أن تبدأ.
الجديد في هذه المعركة الدائرة، هو الضغط الدولي الذي يتعرّض له المعنيون (سياسيون ومصارف) لتنفيذ إصلاحات جدّية، بعد إنتظام عمل مؤسسات الدولة، أي إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة، والتشديد على ألاّ مساعدات دولية للبنان للخروج من الأزمة، وإعادة إعمار ما هدّمه العدوان الاسرائيلي، إلاّ بعد تنفيذ سلسلة إصلاحات من بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
الجدير ذكره، أن هناك محاولات متعدّدة جرت لإقرار خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، أبرزها خطة لازار (حكومة الرئيس حسان دياب) وخطتان في أثناء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وجميعها سقطت في مجلس النواب اللبناني. إذ إن أبرز ما جاءت به خطة «لازار» مثلاً أنه «من المستحيل أن تتمكّن دولة تعاني إنهياراً بهذا الحجم من دون إنجاز برنامج مع صندوق النقد الدولي». علماً أن أهميّة هذا البرنامج لا تنبع من الحاجة لأموال قرض الصندوق فقط، بل في كونها «شهادة حسن سلوك» تمكّن لبنان من التفاوض مع دائنين آخرين، ومن التفاوض مع دائنيه الحاليين لإعادة هيكلة الديون.
وإعتبرت الخطة أيضاً أنه «من المستحيل أن يتمكّن لبنان من التفاهم مع الصندوق، أو مع أي جهة دائنة أخرى من دون سلّة شاملة من الإصلاحات في القطاع المالي، التي تبدأ من الإعتراف بخسائر النظام المالي بشكل صريح وواضح، بالإضافة إلى التدقيق الشامل بميزانيات المصرف المركزي، وصولاً إلى التفاوض لإعادة هيكلة جميع الديون السياديّة والإقتصاص من قيمتها».
وشدّدت الخطة على أنه «لم يعد من الممكن إستخدام الأموال العامة لإنقاذ الأنظمة المصرفيّة المتعثّرة وإطفاء خسائرها. وهذه مسألة أصبحت من المسلّمات في عالم المال على المستوى العالمي، وتالياً، فمعالجة فجوات القطاع المالي ينبغي أن تبدأ من شطب الرساميل المصرفيّة نفسها، والإستعاضة عنها بعمليات إكتتاب من أموال كبار المودعين».
بناء على كل ما تقدم من المفيد البحث، عن الأطر الصالحة في المرحلة الحالية لإعادة هيكلة المصارف بعد مرور 5 سنوات على الأزمة، لذلك إستطلعت مجلة «إتحاد المصارف العربية» آراء بعض المختصين في هذا المجال، فأتت مقارباتهم لهذا الملف من زوايا متعدّدة.
رازي الحاج: إعادة الثقة مفتاح الحل
يرى عضو كتلة «الجمهورية القوية» وعضو لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني النائب رازي الحاج، أن «أي حل لإعادة الإنتظام المالي يحتاج إلى ثقة بالمصارف، وأي خطة توضع، في ظل فقدان المجتمع اللبناني لثقته بالقطاع المصرفي لا جدوى منها، خصوصاً أن الأزمة طالت غالبية شرائحه سواء عبر الودائع أو الوصول إلى تمويل، أي تمويل الإقتصاد».
يضيف الحاج: «إن إستعادة الثقة يكون عبر الإعلان للبنانيين، بأن هناك مسؤولية يجب أن تُحدّد، أي الدولة اللبنانية ومصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية، وبعد تحديد هذه المسؤولية يجب إعطاء الناس الإطمئنان بأن ودائعهم موجودة بقيمتها الحقيقية»، معتبراً أنه «إذا لم نقم بهذه الخطوة، فهذا يعني أن مَن يضع أمواله في المصرف سوف يخسرها، مع الاشارة إلى أن إستعادة الودائع لا تعني عدم تفاعل المودع مع المصارف لاحقاً، فالهدف هو أن تعود ثقته بالقطاع المصرفي وأن يضع أمواله مجدّداً في المصارف، وأن تكون لديه إمكانية لإستخدامها حسب الحاجة».
ويتابع الحاج: «لنكن صريحين، بأنه ليس هناك أيّ نظام مصرفي في العالم لديه سيولة تكفي لكل المودعين، وتالياً يجب أن يكون هناك مرحلتان من الحلول، الأولى هي تأمين السيولة للقطاع المصرفي من بعد إعادة هيكلة المصارف، وإدخال عنصر الثقة أولوية، والثانية هي أن يكون هناك شركاء جدُد على مستوى مصارف أجنبية جديدة تدخل إلى السوق اللبنانية، وتستحوذ على شراكة مع المصارف اللبنانية»، مشدّداً على «أننا نحتاج إلى عوامل ثقة لتعزيز هذه الثقة، وحين نتحدّث عن سيولة، فهذا يعني أننا نحتاج الى نحو 9 مليارات دولار، على المصارف تطبيق خطة لتأمين جزء منها، وأيضاً جزء تؤمّنه الدولة وجزء آخر المصرف المركزي، وجزء يؤمّنه الإتفاق مع صندوق النقد. وهكذا يُمكن القول للمودعين: إن السيولة تأمّنت ضمن سقوف معينة ومقبولة لهم، وبهذه الطريقة يكون المودع لديه الخيار، إما إستخدام وديعته عند الحاجة، أو تجميدها مع فوائد في حال لم يكن بحاجة إليها».
يشير الحاج إلى أن «المرحلة الثانية لحل أزمة القطاع المصرفي هي مرحلة طويلة الأمد، ويجب أن تقوم الدولة اللبنانية بأجهزتها الرقابية، أي لجنة الرقابة على المصارف ولجنة التحقيق الخاصة، بدورها للتمييز بين أموال متأتية من فساد أو تبييض أموال أو مضاربة، وتأخذ قرارات منفصلة قضائية، أي التأكد من كل حالة على حدة، وهذا هو عملهم أصلاً (تبييض أموال، مضاربة على سندات، أو عملية «سواب» بين المصارف ومصرف لبنان ونتجت عنه أرباح غير مشروعة)»، مؤكداً أن «هذه الطريقة لا تطال المودعين، ولا الإقتصاد اللبناني ولا تضرّ بهم، وهذه المقاربة هي الأسلم، والنقطة الأخيرة هي ضرورة إعادة هيكلة الدين العام لنتمكن من أن نكون ضمن المعايير العالمية، لأن المشكلة بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي، تكمن بأن الدين العام بات أكبر من الناتج المحلي بأضعاف، وتالياً تحديد هذا الدين يُمكّن الدولة من معرفة قدراتها لجهة التعامل مع الأزمة ودينها الداخلي والخارجي».
رائد خوري: خطة علمية
يلفت الوزير السابق وعضو مجلس إدارة تنفيذي في «سيدروس أنفست بنك» رائد خوري إلى أنه «ليس هناك توجُّه رسمي حتى وقتنا الحاضر لإعادة هيكلة المصارف، إنما هناك كلام يُنقل بالتواتر من الحكومة حول هذا الموضوع، وكيف ستصدر القوانين؟ والمهم هو الإبتعاد عن الشعبوية التي أدّت الى الوضع الذي نحن عليه الآن، أي مرور السنوات من دون إيجاد حلول»، معتبراً أنه «من المفروض على مَن سيضع خطة إعادة هيكلة المصارف أن يكون علمياً في المقاربة، وأن تكون عادلة ومنطقية.
بمعنى هناك قوانين، وهناك خسارات كبيرة تكبّدها مصرف لبنان، وبحسب قانون النقد والتسليف على الدولة تسديد هذه الخسارات، عدا عن أن الدولة هي من تسبّبت بالأزمة الحالية، نتيجة سياستها المالية حيال تثبيت سعر الليرة وإقرار الدعم، وعدم إصدار قانون «الكابيتال كونترول»، مما أدّى إلى تهريب الأموال الى الخارج، وهي التي لم تقر قوانين لحماية المودعين لجهة تسديد القروض على سعر دولار 1500 ليرة واللولار، وكل ما حصل هو من مسؤولية الدولة، سواء مباشرة أو قانونية وهي واضحة، كذلك مسؤولية مصرف لبنان المركزي والتي لا نقاش فيها لجهة أنه auditor، وأنه مستدين من المصارف بنحو 83 مليار دولار ومعروف كيف صُرفت هذه الأموال».
يضيف خوري: «في حال وجود تجاوزات إرتكبتها بعض المصارف في بعض الملفات والحالات، يجب على القضاء تصويب هذه الارتكابات وإعادة الأموال إلى أصحابها، لكن هذه الحالات لا تلغي أن هناك وضعاً عاماً، وأن هناك مسؤوليات مشتركة واضحة للجميع»، معتبراً أنه «بغض النظر عن المسؤوليات، حتى تتمكّن المصارف من إعادة أموال المودعين، يجب أن يتم ذلك بطريقة «إبداعية»، بمعنى أنه يجب ربط رد أموال المودعين الكبار بالإقتصاد من خلال الأخذ بتفاصيل معينة، وهناك أفكار وأساليب مالية عدة يمكن أن تحقق هذا الهدف، وكلّما كبر الاقتصاد بسرعة كلما كان رد هذه الأموال بسرعة».
يضيف خوري: «إن خطة «لازار» لم تكن نافعة في وقتها وهي غير نافعة اليوم أيضاً، وكانت كارثية لأنها كانت تهدف إلى تصفية كل القطاع المصرفي ولأنها لم تأخذ في الإعتبار رد الأموال للمودعين الكبار، كما حرّضت على إيقاف دفع سندات اليوروبندز ولم يتم التوصية بعد صرف أموال المودعين على الدعم».
ويختم خوري: «إنها خطة لا جدوى منها، والخطط التي وُضعت في حكومة الرئيس ميقاتي ولا سيما الأخيرة منها، أفضل من خطة «لازار»، ولكن تحتاج الى تطوير وتكون خطة إنطلاق لوضع خطة جدية لإعادة هيكلة المصارف».
نسيب غبريل: الهدف من تفعيل العمل المصرفي
يرى الخبير المصرفي ورئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل، أن «التركيز على إعادة المصارف بهدف إعادة هيكلتها من دون تفعيل القطاع المصرفي خطأ، لأن الهدف ليس إعادة هيكلة المصارف بل تفعيل العمل المصرفي، وهذا يتطلب إعادة هيكلة القطاع، وهدف إعادة تفعيل القطاع المصرفي هو أمران: الأول، إتاحة الفرصة للمودعين بالتصرُّف بأموالهم، والثاني وإعادة تمويل المصارف للقطاع الخاص تحديداً (شركات ومؤسسات وأفراد)».
يضيف غبريل: «ليس من الواضح إلى الآن، إذا كانت السلطة السياسية تنظر الى إعادة هيكلة المصارف من هذه الزاوية، وهناك عناوين عامة (شطب عبارة شطب الودائع – ولا مجال لشطب الودائع)، ولكن لا تفاصيل ولم تضع الحكومة إلى الآن برنامجاً إصلاحياً متكاملاً من ضمنه معالجة موضوع الودائع، وإعادة تفعيل عمل القطاع المصرفي».
يتابع غبريل: «يزور لبنان وفد موسع من صندوق النقد الدولي لإجراء محادثات مع المعنيين في لبنان، أي القطاعين العام والخاص، وفي صُلب هذه المحادثات هو الملف المصرفي ومعالجة رد الودائع. المهم هو أن لا يتم إهمال الإصلاحات الأُخرى التي لها علاقة بالإقتصاد الموازي والكهرباء، وسوء نوعية الخدمات العامة وإعادة هيكلة القطاع العام، بحجة أنها تحتاج إلى وقت ويتم التركيز على القطاع المصرفي»، آملاً في أن «يتغيّر هذا النمط، لأن الحل لا يكمن فقط بإعادة تفعيل القطاع المصارفي، ونظرية لا إقتصاد من دون مصارف أمر صحيح، والصحيح أيضا أن لا إقتصاد من دون كهرباء وإتصالات وبُنى تحتية وتحسين نوعية الخدمات وتخفيض كلفتها، ووقف التهريب على الحدود وإقفال المعابر غير الشرعية ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتبييض الاموال وتمويل الإرهاب».
ويتابع غبريل: «إن إعادة هيكلة المصارف يجب أن تكون مبنية على أساسين، الأول إيجاد حل عادل ومقنع للمودعين والودائع، والثاني هو الحفاظ على إستمرارية القطاع. الحلول التي طرحت الى الآن هي خطتان وهي خطة «لازار» التي طُرحت في العام 2020 وخطة حكومة الرئيس ميقاتي، والإثنتان غير مقنعتين، ولم تؤديا إلى إجماع حولهما»، معتبراً أنه «يجب أن تكون المقاربة مختلفة جذرياً خصوصاً بعد التطورات التي شهدها لبنان، وبعد إنتظار طويل للمودعين لمعرفة ودائعهم وعدم إمكانية القطاع المصرفي من تمويل الإقتصاد منذ سنوات الأزمة».
ويشير غبريل إلى أن «إعادة تفعيل القطاع المصرفي يحتاج الى ضخّ سيولة في القطاع، والتأكد أنه عندما يسلف القطاع لأي جهة، أنه قادر أن يسترد أمواله بالعملة التي تم إقراضه فيها، وهذا يحتاج الى قوانين من مجلس النواب، كي لا يتكرر الذي حصل منذ إندلاع الأزمة، أي تسديد قروض بالدولار على سعر 1500 أو اللولار أو شيكات بنسبة بسيطة من قيمة القرض»، لافتاً الى أن «المصارف تنتظر صورة واضحة للإصلاح الإقتصادي ككل، للخروج من الأزمة ليكون هناك ثقة عند المساهمين الحاليين والمستثمرين المستقبليين، المهتمين بإعادة هيكلة القطاع وهم بإنتظار قانون يضمن لهم إسترداد أموالهم عند الإقراض حيال العملة التي تمّ الإقراض فيها».
يعتبر غبريل أنه «بالنسبة إلى المودعين، فما يُطرح عن ودائع مؤهلة أو غير مؤهلة، أو لغاية 100 ألف دولار ولفترة 15 عاماً لن يقبلها أحد، وأن جزءاً منها يُمكن أن يتحوّل إلى أسهم بالمصارف لم تلق إجماعاً، ولذلك المقاربة يجب أن تكون مختلفة»، ويرى أن «أي خطة جديدة يجب أن تركز على أن المودعين يحق لهم التصرف بودائعهم للأمور الأساسية من دون أي «هيركات» (طبابة- تعليم – إستشفاء – ضرائب)، وأول 100 ألف دولار يتم تقسيطها شهرياً على 5 سنوات، وفي الوقت نفسه يحق له التصرّف فيها صاحب الحساب للأمور الأساسية داخل لبنان، وبين 100 ألف و500 ألف تصبح على 7 سنوات مثلاً، وأكثر على 10 سنوات الخ، وهذا ما يحرّك الإقتصاد».
د. جو سرّوع: فشل هيكلي لقطاع المصارف
يجزم الخبير الإقتصادي د. جو سرّوع أن «إعادة الهيكلة للمصارف هو تشخيص غير دقيق للقطاع، لأنه يعاني فشلاً هيكلياً، مما يستوجب ترتيب ولادة جديدة له، وتستند هذه الولادة إلى دراسة تدقيقية مالية للقطاع للأصول والمطلوبات، وتقييم وضع المصرف المالي ومدى قابليته للحياة ومدى إستعداد أصحاب المصارف لإعادة بناء رأس المال».
يضيف د. سرّوع: «يحتاج القطاع إلى دراسة إدارية، أي أن هناك شبه طلاق بينها وبين المودعين، وتقلُّص عملها إلى عمل مؤسسات مالية بخدمات محدودة جداً (تحويلات محدودة/ لا فتح لحسابات جديدة)، كما أن مستوى الخدمات الذي يعطى للزبائن تدنّى إلى أقل المستويات، ولذلك يجب أن يحصل تغيير ثقافي عملاني للقطاع، كما يجب إعادة إرساء ثقافة المخاطر المصرفية»، مشدّداً على أنه «يجب فصل الملكية عن الادارة، وفي القوانين العالمية أصحاب المصارف لا يديرونها، وهذا يستوجب تغييراً في قانون النقد والتسليف، إعادة هيكلة المصارف والتي تستلزم إعادة هيكلة المصرف المركزي والادارات الرقابية، لأنه سجل فشلاً أساسُه إدارة المخاطر، لأنه حين يحصل قصور في إدارة المخاطر لدى المصرف المركزي، يجب أن يكون هناك إدارة توقفه عند حدّه وتطبيق القوانين اللازمة لذلك».
ويشدّد د. سرّوع على أن «المصارف تعاني اليوم من تصنيف الدولة اللبنانية بأنها متعثّرة، وهذا يعني أن تطبيق معايير بازل 3 يستوجب وجود كفاءة رأس المال، ومخاطر التصنيف لها قياسات يجب أن تزال، ولها مردود سلبي على رأس المال، بمعنى كل قرض يُمنح للمصارف في ظل هذا التصنيف السيادي يجب أن يؤخذ عليه مؤؤنة»،لافتاً الى أن «هذا يعني بأن دور المصارف في تمويل الإقتصاد ليس متوفراً في المرحلة الحالية، ومن الصعب توفّره في المرحلة المقبلة، أما قدرة المصارف على رد الودائع والامتثال لمتطلبات بازل 3، بما يتعلق بكفاءة رأس المال وإدارة المخاطر فهي غير متوافرة حالياً».
ويوضح د. سرُّوع أنه «لا يمكن دمج المصارف، لأن هذا الدمج لمصارف متعثرة لن يؤدي الى ولادة مصرف سليم، كما أن إستعادة الثقة في لبنان مرتبطة بالقطاع الخاص والمصارف جزء منها، وهذه الثقة لن تعود إلاّ بإستعادة الثقة بالقطاع العام إلى البلد عموماً وإلى القطاعات المالية خصوصاً، وهذا يستدعي التطبيق الكامل لما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري»، معتبراً أن «الأهم هو أن أي خطة مالية في لبنان تتعلق بالمصارف، سواء في المصرف المركزي أو الجهات الرقابية فهي موضوعة تحت المجهر الدولي، ولذلك نخشى أن لا يتمكن القطاع المصرفي اللبناني من القيام بدوره على المدى القصير بعد إعادة هيكلته وتنظيمه. وفي حال تمت الموافقة على أسس هذا التنظيم والجزء الأساسي من إعادة ولادة جدية وقابلة للتطبيق».
يضيف د. سرّوع: «هناك 3 أسس تنظيمية يجب أن تطبقها المصارف، أولها التحوّل الرقمي، وثانيها إعادة النظر بسلاسل الإنتاج والخدمة، وثالثها ديمومة العمل وإستدامة الربح، وهذا يستلزم تغييراً ثقافياً بالعمل المصرفي، حيث أخشى أن الكادر المصرفي الموجود يحتاج إلى إعادة التأهيل وتمكين من هذه الشروط».
ويختم د. سرّوع: «إن كل مصير القطاع المصرفي في لبنان قائم على تحديد مصير الودائع، ومتى سترد وكم نسبتها والمطروح من قبل المصرف المركزي والمصارف بين ودائع شرعية وغير شرعية لم يعد مقبولاً، أما خطة «لازار» فقد إنتهت جدواها وحين طرحت سجلت عليها الكثير من الملاحظات».