تعزيزاً للتعاون الثنائي وطرح برامج تدريبية نوعية وتخصصية في المجالات المصرفية
إتحاد المصارف العربية ومعهد الكويت للدراسات يوقعان مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات
في سياق تعزيز التعاون القضائي والقانوني، وقّع إتحاد المصارف العربية، ومعهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتجارب والدراسات في المجالات القانونية والقضائية، وذلك تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح، والمدير العام للمعهد الكويتي للدراسات القضائية والقانونية المستشار هاني محمد الحمدان يوقعان الإتفاقية
في سياق تعزيز التعاون القضائي والقانوني، وقّع إتحاد المصارف العربية، ومعهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتجارب والدراسات في المجالات القانونية والقضائية، وذلك تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.
وقّع المذكرة عن إتحاد المصارف العربية الأمين العام الدكتور وسام فتوح، وعن المعهد الكويتي للدراسات القضائية والقانونية، المدير العام المستشار هاني محمد الحمدان، وذلك في حضور مندوب دولة الكويت الدائم لدى الجامعة العربية السفير طلال المطيري، والأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية السفير د. علي بن إبراهيم المالكي، ممثلاً الأمين العام للجامعة ومدير إدارة المنظمات والإتحادات العربية في الجامعة د. رائد الجبوري.
وأكد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح في كلمته «أن هذه المذكرة لها أهمية كبيرة لأن العمل المصرفي العربي، الذي يرعى التجارة يحتاج الى القوانين والقضاء»، مشيراً إلى «إمكانية حدوث خلافات بين بعض المصارف أو بين بعض المصارف والعملاء، إذ إن مثل هذه الإتفاقية تجمع بين القوانين والعمل المصرفي»، مؤكداً «أن رعاية الأمين العام للجامعة العربية للتوقيع على مذكرة التفاهم، تعطيها ثقلاً كبيراً».
وأضاف د. فتوح: «نتطلع إلى إعداد دراسات وأبحاث مشتركة حول القوانين والعمل المصرفي بين المعهد الكويتي وإتحاد المصارف العربية»، موضحاً أنه «تم الإتفاق على عقد مؤتمر دولي بتنظيم مشترك بين الجانبين في الكويت في النصف الثاني من العام الحالي 2024، حول موضوع الوساطة والتحكيم وتطوير القوانين التي تدعم العمل المصرفي».
من جهته، أكد المدير العام للمعهد الكويتي للدراسات القضائية والقانونية، المستشار هاني محمد الحمدان «أهمية مذكرة التفاهم لتعزيز التعاون بين الجانبين، حيث يُعد هذا «الاتفاق الإستراتيجي» فرصة مناسبة لتبادل الخبرات والأفكار والرؤى، وتعزيز طرح البرامج التدريبية النوعية والتخصُّصية في المجالات المصرفية»، موضحاً «أن مذكرة التفاهم هذه، تُسهم في رفع كفاءة المتعاملين مع القضايا والإشكاليات التي تفرزها المعاملات المالية الحديثة، وخصوصاً في ظل تنامي تطبيقات الذكاء الإصطناعي، والتعرُّف على أفضل النماذج والممارسات الدولية المثلى في هذا المجال، إضافة الى تبادل المناهج والبرامج والمواد العلمية».
وأضاف الحمدان: «إن مذكرة التفاهم تلحقها خطط تدريبية وعلمية مدروسة ومحددة في الزمان والمكان، وستكون لبنة أساسية في تطوير ودعم خبرات العاملين في المجالات القانونية والقضائية المصرفية، لبناء جيل واع من المتدرّبين، متسلحين بالمعرفة والخبرة، وهما الشرطان الأساسيان للتميُّز والنجاح والإبداع».
السفير المالكي
وأكد الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية السفير د. علي بن إبراهيم المالكي، ممثلاً الأمين العام للجامعة راعي الحفل، «حرص الجامعة العربية على الرعاية والإهتمام بتوقيع مثل هذه المذكرة، للتفاهم بين المعهد الكويتي للدراسات القضائية والقانونية وإتحاد المصارف العربية، بإعتبارها مبادرات مهمة تدعم العمل العربي المشترك»، معرباً عن تطلع جامعة الدول العربية «أن ترى ثمار هذا التعاون بين المعهد والإتحاد قريباً في المجالات القضائية والقانونية والمصرفية بما يخدم العمل العربي المشترك».
السفير المطيري
من ناحيته، أكد مندوب دولة الكويت الدائم لدى الجامعة العربية السفير طلال المطيري «أهمية هذه المذكرة فى تعزيز التعاون بين الجانبين، بما يخدم القطاعات ذات الإهتمام المشترك، سواء كانت قضائية أو قانونية أو مصرفية»، مشيراً إلى «أن هذه المذكرة تعكس المكانة المتميزة التي يتمتع بها المعهد الكويتي للدراسات القانونية والقضائية من سمعة كبيرة في الأوساط القانونية، وما يُقدّمه من خبرات للدارسين والمتعاملين في المسائل القانونية».
وقال المطيري: «إن هذه المذكرة سيكون لها الدور الكبير لما يقوم به معهد الكويت في مجال الدراسات القضائية والقانونية، وسيكون إستفادة أيضاً لإتحاد المصارف العربية من الخبرات التي يضطّلع بها المعهد الكويتي، وخصوصاً في مجال الدراسات القانونية والقضائية المتخصّصة في المجالات المصرفية التي تخدم عمل الإتحاد»، مؤكداً «أن الجانبين سيستفيدان من البرامج والأنشطة التي يتضمنها الإطار العام لمذكرة التفاهم، كما أن هذه المذكرة ستعمل على إضافة خبرات جديدة للجانبين بغية بناء كوادر قانونية متخصّصة في الجوانب المالية، خصوصاً وأن هناك العديد من القضايا التي لديها شق مالي ولا سيما أن الجامعة العربية لديها آليات في هذا الشأن مثل محكمة الإستثمار العربية والمحكمة الإدارية، وهي كلها تُعنى بالجوانب المالية».
التحوُّل الرقمي في الدول العربية والعالم والتداعيات المحتملة على الإستقرار المالي
البنك الدولي: لا يزال نحو ثلاثة مليارات شخص غير متصلين بشبكة الإنترنت
وتتركز الغالبية العظمى منهم في البلدان النامية
يُمثل الإقتصاد الرقمي في المنطقة العربية نحو 4 % من إجمالي الناتج المحلي
أحدثت التكنولوجيا الرقمية تحوّلات جذرية في المجتمعات والإقتصادات حول العالم خلال العقدين الأخيرين. ومع تفشّي جائحة فيروس كورونا في مطلع العام 2020، برز التحوّل الرقمي كطوق نجاة وأصبح دور التقنيات الرقمية في حياتنا اليومية أكثر أهمية من أي وقت مضى. والتحوُّل الرقمي هو عملية تبنّي التقنيات والأدوات الرقمية لتحسين الأنشطة والعمليات في مختلف المجالات، سواء كان ذلك في القطاعين العام أو الخاص. وهو تبنّي التكنولوجيا الحديثة مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الإصطناعي، وإنترنت الأشياء، والتحليلات الضخمة، وغيرها من التقنيات الرقمية بهدف تحسين الكفاءة والأداء.
واقع التحول الرقمي في العالم
تشير بيانات البنك الدولي، أنه لا يزال نحو ثلاث مليارات شخص غير متصلين بشبكة الإنترنت، وتتركز الغالبية العظمى منهم في البلدان النامية. كما لا تزال فجوة الإستخدام تمثل تحدياً كبيراً، حيث إن نحو 43 % من سكان العالم لا يستخدمون الإنترنت المحمول، رغم أنهم يعيشون في مناطق تغطيها خدمات النطاق العريض للهواتف المحمولة. كما لا تزال الفجوة بين الجنسين قائمة، حيث يقل عدد النساء اللواتي يحصلن على خدمات الإنترنت عن الرجال بحوالي 259 مليوناً. كما تبلغ نسبة مستخدمي الإنترنت في المناطق الحضرية نحو ضعفيّ نسبة مستخدمي الإنترنت في المناطق الريفية.
وقد تسارع التغيير الرقمي خلال السنوات الماضية، وهو يستمر بذلك بسرعة في بيئة الأعمال الديناميكية. ويُتوقع أن ينمو سوق التحول الرقمي العالمي إلى 1.1 تريليون دولار في حلول العام 2025، من نحو 470 مليار دولار خلال العام 2020، بمعدل نمو سنوي قدره 16.5 % خلال هذه الفترة. كما يُتوقع أن يصل الإستثمار المباشر في التحوُّل الرقمي إلى 7 تريليونات دولار في نهاية العام 2023، أي بمعدل نمو سنوي قدره 18 % بين عاميّ 2020 و2023. وفق اللمنتدى الإقتصادي العالمي، سوف يتم إضافة 100 تريليون دولار إلى الإقتصاد العالمي من خلال التحوُّل الرقمي في حلول العام 2025.
أما في ما يخص أهمية الرقمنة والإستراتيجية الرقمية، فبحسب بعض الإحصاءات، تشارك 91 % من الشركات حول العالم في شكل ما من أشكال المبادرات الرقمية. ووفقاً لإستبيان أجرته Statista، فإن الأجندتين الرئيسيتين للرؤساء التنفيذيين لمساعدة أعمالهم على الإستمرار وسط جائحة «كوفيد-19»، هما قيادة مشاريع التحول الرقمي وتحسين تجربة العمل عن بُعد.
وتوازياً، حققت مماراسات تطبيق التحوُّل الرقمي فوائد كبيرة على صعيد الإيرادات وإستراتيجيات العمل للمؤسسات، حيث انه بحسب شركة Gartner، فإن 56 % من الرؤساء التنفيذيين يقولون إن التحسينات الرقمية أدت إلى زيادة الإيرادات.
وتُعد التقنيات الرقمية إحدى البنيات الأساسية لتمكين التحوُّل الرقمي في النظام المصرفي من خلال توفير العديد من المزايا مثل الفعالية من حيث التكلفة، والكفاءة التشغيلية، والمرونة، وتحليلات أفضل للبيانات وتسهيل مشاركة تلك البيانات.
وقد ساهمت الابتكارات مثل التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وتقنيات البلوكتشين، والأجهزة المحمولة في تقديم خدمات مالية أسرع وأرخص وأكثر شفافية وسهلة الإستخدام، مما يزيد من آفاق التوسع في الشمول المالي.
ونتيجة تزايد الإهتمام بالتكنولوجيا المالية، شهد سوق التمويل العالمي للتكنولوجيا المالية نموأ مستمراً منذ العام 2015، حيث تضاعف إجمالي حجم
المعاملات تقريباً من 60 مليار دولار في العام 2017 إلى 113.0 مليار دولار في العام 2020.
واقع التحوُّل الرقمي في المنطقة العربية
لقد شهدت المنطقة العربية تحوُّلاً رقمياً مهماً خلال العقد الماضي، فقد إرتفع الإتصال الرقمي بشكل كبير، مع نمو عدد مستخدمي الإنترنت بشكل ملحوظ، من 28.8 % في العام 2012 إلى 70.3 % في العام 2022، ليصل عدد مستخدمي الإنترنت إلى 327 مليوناً. ومع ذلك، لا يزال نحو 30 % من سكان المنطقة مستبعدين من التحوُّل الرقمي.
كما تشهد المنطقة العربية فجوة رقمية بين الجنسين (جدول رقم 1). ورغم أن إستخدام الإناث للإنترنت في 11 دول عربية هو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 64.6 % إلاّ أن إستخدام الإنترنت من قبل الذكور لا يزال أعلى من إستخدام الإنترنت من قبل الاناث في غالبية الدول العربية بإستثناء البحرين، والكويت، وسلطنة عُمان، والسعودية، والإمارات.
جدول رقم 1: الفجوة الرقمية بين الجنسين في الدول العربية – الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت (%)
السنة
ذكور
إناث
الجزائر
2018
55.1
42.9
البحرين
2021
100
100
جيبوتي
2017
59.9
51.6
مصر
2022
79.9
66.2
العراق
2022
84.7
72.3
الكويت
2021
99.6
99.9
الأردن
2021
88.9
82.7
المغرب
2021
89.9
86.4
سلطنة عُمان
2020
94.4
97.2
فلسطين
2022
89.1
88.2
قطر
2020
100
99.3
المملكة العربية السعودية
2022
100
100
السودان
2016
16.9
11
تونس
2019
72.5
61.1
الإمارات العربية المتحدة
2022
100
100
المصدر: قاعدة بيانات الاتحاد الدولي للإتصالات العالمية لمؤشرات الإتصالات/تكنولوجيا المعلومات والإتصالات 2022.
وبالتوازي، يُمثل الإقتصاد الرقمي في المنطقة العربية نحو 4 % من إجمالي الناتج المحلي فقط، مقارنة بمتوسط عالمي يُراوح بين 4.5 % إلى 15.5 %، وتُعتبر المنطقة العربية من أكثر المناطق إختلافاً من حيث مستوى التطوّر الرقمي، حيث تقود دول مجلس التعاون الخليجي المنطقة في العديد من مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وبمستويات متقدمة يُمكن مقارنتها بمستويات الدول المتقدمة، فيما الدول العربية الأخرى الأقل نمواً تواجه تحدّيات كبيرة في مساعيها لتبني وتطوير التكنولوجيا الرقمية. ويعود ذلك إلى عدد من المعوقات الهيكلية المستمرة، ومنها العوامل الإقتصادية والإجتماعية والصراعات، بالإضافة إلى عوائق أخرى مثل الكثافة السكانية وإمكانية الوصول إلى الموارد.
من جهة أخرى، تتمتع الدول العربية بمجموعة من الخصائص الفريدة التي تتيح لها فرصة أن تكون قدوة ومثال في كيفية إستخدام التحوّل الرقمي لمواجهة التحديات الإقليمية الأكثر إلحاحاً، حيث يمثل الشباب نحو 60 % من إجمالي السكان، كما تشهد المنطقة إنتشاراً واسعاً لثقافة الإنترنت وزيادة كبيرة في معدلات إستخدام الهواتف الذكية والتطبيقات الرقمية.
ومن أبرز التحدّيات التي يُمكن للدول العربية مواجهتها من خلال إعتماد التكنولوجيا الرقمية، البطالة المُستشرية ولا سيما بين الشباب، وتفاقم معدّلات الفقر وعدم المساواة، وتباطؤ وتيرة النمو الإقتصادي، والتقدّم البطيء في ما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وجهود تنويع الإقتصادات العربية.
من جهة أخرى، زادت العائلات التي لديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت من 45.5 % في العام 2015 إلى 68.9 % في العام 2022.
علماً أن المنطقة العربية حققت أعلى معدل نمو منذ العام 2015 عبر المناطق، من حيث ملكية أجهزة الكومبيوتر المنزلية، والوصول إلى الإنترنت المنزلي، وإنتشار الإنترنت. وبحسب دراسة أجراها الإتحاد الدولي للإتصالات لعام 2019 حول المساهمة الإقتصادية للنطاق العريض والرقمنة، وتنظيم تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، فإن زيادة بنسبة 10 % في إنتشار النطاق العريض المتنقل والثابت في المنطقة العربية، سيؤدي إلى زيادة بنسبة 1.81 % و0.71 % توالياً في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.
المصدر: إتحاد المصارف العربية بالإستناد إلى تقرير الإتحاد العربي للإقتصاد الرقمي – 2022.
وعليه، تُقسم المنطقة العربية من حيث التطوُّر الرقمي الى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى وتضم دول مجلس التعاون الخليجي، والمجموعة الثانية تضم الأردن، تونس، لبنان، المغرب، مصر، والجزائر، والمجموعة الثالثة تضم الدول الأخرى وهي البلدان العربية الأقل نمواً.
كما تُعتبر المنطقة العربية واحدة من أكثر الأقاليم إستقطاباً من حيث التحوُّل الرقمي، على أساس كل بلد، اذ تُعد دول مجلس التعاون الخليجي رائدة في مؤشراتها لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات والتي تماثل تلك في الدول المتقدمة.
في المقابل، فإن بعض الدول العربية لا تزال تكافح في مجال التنمية الرقمية بسبب العوائق الهيكلية، بما في ذلك المتغيّرات الإقتصادية الأساسية، والهيكل الإجتماعي والإقتصادي والصراعات المستمرة، بالإضافة إلى مستوى التحضُّر والوصول إلى الموارد.
الوضع الحالي لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات في الدول العربية
حقّقت المنطقة العربية خطوات كبيرة في تطوير تكنولوجيا المعلومات والإتصالات على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث تعتبر تكنولوجيا المعلومات والإتصالات العمود الفقري للإقتصاد الرقمي، ومكّنها من إجراء تحوُّلات رقمية ملحوظة عبر إقتصاداتها ومجتمعاتها وقطاعاتها العامة.
ومع ذلك، لا يزال حوالي 31.1 % من سكان المنطقة العربية غير قادرين على الإتصال بالإنترنت، ولا تزال الإمكانات غير المستغلة قائمة في التحوُّل الرقمي للبلدان العربية. وتشير بيانات العام 2022 أنه قد تمّت تغطية 96.4 % من السكان العرب على الأقل من خلال شبكة جوال من الجيل الثالث، مقارنة بـ 74.6 % في العام 2015.
أثر التحوُّل الرقمي على الإستقرار المالي
تزايد الإهتمام العالمي بتوسيع نطاق الشمول المالي، وأصبح ضمن أولويات صانعي السياسات والهيئات الرقابية والمالية ووكالات التنمية خلال الفترة الأخيرة. وإكتسبت التكنولوجيا الرقمية زخماً كبيراً نتيجة الإمكانات التي يُمكن أن توفرها الخدمات المالية الحديثة في تعزيز الشمول المالي، من حيث تسهيل وصول كافة فئات المجتمع للخدمات والمنتجات المالية التي تلبي إحتياجاتهم بسرعة وبتكلفة أقل، وزيادة القدرة على النفاذ لمصادر التمويل، وتعزيز مشاريع العمل الحر، وتمكين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من الإستثمار والتوسع نتيجة لتوافر المزيد من الخيارات للحصول على التمويل، وخفض مستويات الفقر وتحقيق الرفاه والرخاء الإجتماعي بما يساهم في تحقيق النمو الإقتصادي المستدام. وتؤدي التكنولوجيا المالية إلى تغيير هيكل الخدمات المالية التقليدية لقدرتها على جعل الخدمات المالية أسرع، أقلّ كلفة، وأكثر شفافية وإتاحة، خصوصاً للشريحة من السكان التي لا تتعامل مع القطاع المصرفي. وقد شكّل قطاع التكنولوجيا المالية خلال السنوات الماضية ثورةً في الأنظمة المالية العالمية، حيث أثبتت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية نجاحاً في تقديم حزمة متنوّعة من الخدمات المالية تتضمّن خدمات المدفوعات، والعملات الرقمية، وتحويل الأموال، كذلك الإقراض والتمويل الجماعي (Crowdfunding) وإدارة الثروات، بالإضافة إلى خدمات التأمين – وقد أدّى انتشار وباء «كوفيد 19»، حول العالم إلى تسارع غير مسبوق في الإنتقال إلى الإقتصاد الرقمي في مختلف جوانبه. ويُمكن عرض الفرص التي تتيحها التكنولوجيا المالية كالتالي:
– أولاً: تعزيز الشمول المالي: فقد عزّز التمويل الرقمي (Digitalfinance) إمكانية حصول الفئات المحرومة على الخدمات المالية، وذلك بسبب إمكانية وصول التكنولوجيا إلى المناطق النائية في كل بلد.
– ثانياً: توفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر مُلاءمة للعملاء: من خلال تسريع عمليات التحويلات والمدفوعات، كذلك تخفيض تكاليفها.
– ثالثاً: التأثير الإيجابي المحتمل على الإستقرار المالي بسبب تزايد المنافسة: إن دخول لاعبين جدداً ينافسون المصارف القائمة قد يؤدي إلى تقسيم (Fragment) سوق الخدمات المصرفية، وتقليل المخاطر النظامية المرتبطة بالمصارف الكبيرة.
-رابعاً: التكنولوجيا الرقابية (RegTech): يُمكن لإستخدام التكنولوجيا المالية، تحسين عمليات الإمتثال في المصارف والمؤسسات المالية. ومن الملاحظ أن الرقابة والتنظيم يزدادان تعقيداً على الصعيد العالمي، ولكن التطوير الفعال لتطبيقات الـ Regtech أن يخلق فرصاً عبر ما يسمّى الذكاء الإصطناعي –ArtificialIntelligence .
لكن في المقابل، تتزايد المخاطر الناجمة عن التحوُّل المتزايد الى رقمنة العمليات المالية، حيث إن الإعتماد شبه الكامل على شبكة الإنترنت والتطبيقات في عالم المال والأعمال، وبالتوازي مع تطوُّر وتعقّد النشاطات المالية، أصبحت هذه الشبكات هدفاً مغرياً للقراصنة وزادت إحتمالات الهجمات والإختراقات السيبرانية. ولا شك في أن تزايد هذه المخاطر قد يؤدي إلى تحدّيات جدّية للإستقرار المصرفي، مما دفع بلجنة بازل للتركيز على المخاطر السيبرانية كأحد أهم المخاطر التي تُواجه المصارف على مستوى إفرادي وعلى مستوى النظام المالي، وخصّصت لها مجموعة من الأبحاث والتوصيات. وتالياً، فقد أصبحت قضايا الأمن السيبراني شاغلاً يومياً للمؤسسات حول العالم، ومنها تحديداً المصارف، إذ تكشف إحصاءات الأمن السيبراني عن زيادة هائلة في البيانات المخترقة بشكل متزايد.
وبالتوازي، مع إزدياد الإعتماد على التكنولوجيا، زادت الهجمات السيبرانية والخسائر الناجمة عنها. وتشير التقديرات الصادرة عن اهم شركات الحماية الإلكترونية إلى أن الخسائر العالمية الناجمة عن الجرائم الإلكترونية قد وصل الى نحو 950 مليار دولار خلال العام 2020 وحده، مع التوسع في الإعتماد على التكنولوجيا بسبب جائحة كورونا، مقابل 500 مليار دولار في العام 2018. فهناك عدد غير مسبوق من عمليات الإحتيال عبر الإنترنت.
من جهة أخرى، تشير التقديرات إلى أن تصل الخسائر الإقتصادية الناجمة عن الجرائم الإلكترونية حول العالم الى 6 تريليونات دولار خلال العام 2021، وهي تشمل تكاليف تلف البيانات وتدميرها، وسرقة الأموال، وفقدان الإنتاجية، وسرقة الملكية الفكرية، وسرقة البيانات الشخصية والمالية، والإختلاس، والإحتيال، وتعطيل المسار الطبيعي للأعمال.
ونتيجة ذلك، يزداد إهتمام وقلق الجهات الرقابية والتنظيمية حول العالم بالمخاطر السيبرانية، وتقوم بشكل مستمر بتطوير إجراءات الأساليب الإشرافية التي تهدف إلى تقييم سلامة الأمن السيبراني للمصارف، حيث يتم إدراج تقييم الأمن السيبراني إلى حد كبير، كجزء من إطار الإشراف المستمر القائم على المخاطر Risk-based supervision. وبالإضافة إلى إعتماد هذا النهج، دعت لجنة بازل للرقابة على المصارف تعزيز «الحوكمة السيبرانية»، حيث حدّدت التوقعات والممارسات الإشراقية، وشجعت على تركيزها على المجالات التالية ذات الصلة بالحوكمة بخمس نقاط وهي: إستراتيجية الأمن السيبراني، دور ومسؤولية الإدارة العليا، ثقافة التوعية بالمخاطر السيبرانية، الهندسة والمعايير والقوى العاملة في مجال الأمن السيبراني.
تباطؤ النمو العالمي من 3.5% في 2022 إلى 3% في نهاية 2023 و 2.9% في نهاية 2024
يُواصل الإقتصاد العالمي التعافي ببطء من تأثيرات جائحة كورونا، والحرب الروسية -الأوكرانية، وأزمة التضخُّم. ورغم الإضطراب الذي أصاب أسواق الطاقة والغذاء بسبب الحرب، والتشديد غير المسبوق للظروف النقدية العالمية لمكافحة التضخم المرتفع، لم يتوقف النمو الإقتصادي، ولكنه تباطأ، مع تزايد التباينات العالمية. وقد وصل النشاط العالمي إلى أدنى مستوياته في نهاية العام 2022، حين تمّت السيطرة تدريجاً على التضخُّم – سواء الإجمالي أو الأساسي –لكن التعافي الكامل نحو إتجاهات ما قبل جائحة كورونا يبدو بعيد المنال حتى الآن، وخصوصاً في الأسواق الناشئة والإقتصادات النامية.
وفق أحدث التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، يُتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.5% في العام 2022 إلى 3% في نهاية العام 2023 و2.9% في نهاية العام 2024.
وتوجد عوامل عدة تعوّق التعافي الإقتصادي، حيث يعكس بعضها العواقب الطويلة الأجل المترتبة على الجائحة، والحرب في أوكرانيا، والتجزؤ الجيو-إقتصادي المتزايد. من جهة أخرى، يعكس بعضها الآخر العوامل الدورية الطبيعية، بما في ذلك آثار تشديد السياسة النقدية الضروري للحدّ من التضخُّم، وسحب الدعم المالي وسط إرتفاع الديون، والظواهر الجوية المتطرّفة.
وبالنسبة إلى الإقتصادات المتقدمة، فإن التباطؤ المتوقع هو إنخفاض النمو من 2.6% في العام 2022 إلى 1.5% في العام 2023 و1.4% في العام 2024، وسط زخم أقوى من المتوقع في الولايات المتحدة، ولكن نمو أضعف من المتوقع في منطقة اليورو.
توقعات النمو والتضخم العالميين
يُتوقع أن تشهد إقتصادات الأسواق الناشئة والإقتصادات النامية تراجعاً طفيفاً في النمو، من 4.1% في العام 2022 إلى 4.0% في كل من عامي 2023 و2024، وما يعكس جزءاً منها هو أزمة القطاع العقاري في الصين.
ويُتوقع أن ينخفض التضخم العالمي بشكل مطّرد، من 8.7% في العام 2022 إلى 6.9% في العام 2023 و5.8% في العام 2024. ويستمر معدل التضخُّم الأساسي العالمي في التباطؤ، من 9.2% في العام 2022، على أساس سنوي، إلى 5.9% في نهاية العام 2023 و4.8% في نهاية العام 2024. ويُتوقع أيضاً أن ينخفض التضخُّم الأساسي، بإستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة، إلى 4.5% في العام 2024.
لكن إختلافات مهمة بدأت تظهر، ويبدو التباطؤ أكثر وضوحاً في الإقتصادات المتقدمة منه في الأسواق الناشئة والنامية.
العوامل المؤثرة في النمو والتضخم
تلعب ثلاثة عوامل دوراً أساسياً في التأثير على النمو الإقتصادي والتضخُّم خلال العام 2024 وهي:
أولاً، إكتمالُ تعافي قطاع الخدمات، تقريباً. فعلى مدى العام 2022، دعم الطلب القوي على الإقتصادات الموجّهة نحو الخدمات. كما أدى إرتفاع الطلب على الخدمات كثيفة العمالة إلى «تشديد» أسواق العمل، وإرتفاع وإستمرار تضخُّم أسعار الخدمات. لكن نشاط الخدمات بدأ يضعف إلى جانب تباطؤ التصنيع المستمر، مما يشير إلى أن تضخُّم أسعار الخدمات سينخفض في العام 2024 وأن أسواق العمل والنشاط سوف يتراجعان.
ثانياً، يرجع جزء من التباطؤ في التضخُّم (والنمو) إلى تشديد السياسات النقدية المعتمدة لضبط التضخم. كما تؤثر شروط الإئتمان الأكثر تشدداً على أسواق الإسكان والإستثمار والنشاط الإقتصادي، وخصوصاً في البلدان التي تتمتع بحصّة أعلى من القروض العقارية ذات الفائدة القابلة للتعديل أو حيث تكون الأسر أقل رغبة أو قدرة على السحب من مدّخراتها. كما قد تزايدت حالات إفلاس الشركات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، رغم مستوياتها المنخفضة تاريخياً.
ثالثاً، يتشكَّل التضخُّم والنشاط بفعل صدمة أسعار السلع الأساسية في العام 2022، حيث شهدت الإقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة الروسية زيادة حادة في أسعار الطاقة وتباطؤاً أكثر حدة. علماً أنه رغم علامات التباطؤ، تظل أسواق العمل في الإقتصادات المتقدمة مزدهرة، حيث تساعد معدّلات البطالة المنخفضة تاريخياً في دعم النشاط الإقتصادي. وحتى الآن، لا تزال الأجور الحقيقية أقل من مستويات ما قبل الجائحة.
المخاطر المتوقعة خلال العام 2024
في حين أن بعض المخاطر الشديدة، مثل عدم الإستقرار المصرفي، قد تراجعت، إلاَّ أن مخاطر أخرى لا تزال تمثل تحدّيات جدّية للإقتصاد العالمي. وفي ما يلي إضاءة على بعضها:
أولاً، قد تتفاقم أزمة العقارات في الصين، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على الإقتصاد العالمي.
ثانياً، يُمكن أن تصبح أسعار السلع الأساسية أكثر تقلُّباً في ظل تجدد التوترات الجيوسياسية والإضطرابات المرتبطة بتغيُّر المناخ. ومنذ يونيو (حزيران) 2023، إرتفعت أسعار النفط بنحو 25% على خلفية تخفيضات الإمدادات الممتدة من دول أوبك+. كما لا تزال أسعار المواد الغذائية مرتفعة، ومن الممكن أن يتوقف توريد الحبوب بسبب تصعيد الحرب في أوكرانيا، وهو ما يُمثل خطراً جسيماً على إستراتيجيات مكافحة التضخُّم، بالإضافة إلى الخطر على الأمن الغذائي في الدول منخفضة الدخل.
ثالثاً، رغم إنخفاض التضخُّم الأساسي والكلّي، إلاّ أنه يظل مرتفعاً بحسب المنحى التاريخي. فقد إرتفعت توقعات التضخُّم في الأمد القريب بشكل ملحوظ فوق الأرقام المستهدفة. علماً أن خفض توقعات التضخُّم على المدى القريب يُعدُّ أمراً بالغ الأهمية لكسب المعركة ضد التضخُّم. ومع ضيق أسواق العمل، ووفرة المدّخرات الفائضة في بعض البلدان، والتطوُّرات السلبية في أسعار الطاقة، فقد يصبح التضخُّم أكثر رسوخاً.
رابعاً، تآكلت الإحتياطات المالية في العديد من البلدان، مع إرتفاع مستويات الديون، وإرتفاع تكاليف التمويل، وتباطؤ النمو، وزيادة عجز الموازنات.
خامساً، في ظل تشديد السياسات النقدية، تراجعت الأوضاع المالية في العديد من البلدان. ويكمن الخطر في إعادة تسعير المخاطر بشكل حاد، وخصوصاً في الأسواق الناشئة، مما يؤدي إلى إرتفاع قيمة الدولار الأميركي أمام عملات العديد من الدول، وتحفيز تدفقات رأس المال إلى الخارج، وزيادة تكاليف الاقتراض وأزمة الديون.
سادساً، قد يؤدي المزيد من الصدمات المناخية والجيوسياسية إلى إرتفاعات إضافية في أسعار الغذاء والطاقة، حيث يُمكن أن يؤدي تزايد التجزئة الجيو – إقتصادية إلى تقييد تدفُّق السلع عبر الأسواق، مما يتسبّب في تقلُّبات إضافية في الأسعار وتعقيد التحوُّل الأخضر.
خلاصة: الإقتصاد العالمي في مرحلة التعافي
في المحصّلة، بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تعرُّض الإقتصاد العالمي لأكبر صدمة في الأعوام الـ 75 الماضية، لا يزال الإقتصاد العالمي في مرحلة التعافي، وسط إتساع تباينات النمو بين الأقاليم الجغرافية والدول. وبعد إنتعاش أولي قوي من جائحة «كوفيد-19»، أصبحت وتيرة التعافي أخف، مع وجود عوامل عديدة تعوّق التعافي.
وكان أقوى إنتعاش بين الإقتصادات الكبرى قد تم تسجيله في الولايات المتحدة، حيث يُتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023 مساره قبل الجائحة.
وقد تعافت منطقة اليورو، ولكن بشكل أقل قوة – حيث لا يزال الناتج أقل بنسبة 2.2% من توقعات ما قبل الجائحة، مما يعكس زيادة تعرضها للحرب في أوكرانيا، وما يرتبط بها من صدمة التبادل التجاري، فضلاً عن إرتفاع أسعار الطاقة المستوردة. وفي الصين، يُساهم التباطؤ المرتبط بالجائحة في العام 2022 وأزمة القطاع العقاري في خسائر أكبر في الناتج بنحو 4.2%، مقارنة بتوقعات ما قبل الجائحة.
في حين شهدت اقتصادات الأسواق الصاعدة والإقتصادات النامية الأخرى إنتعاشاً أضعف، وخصوصاً في البلدان منخفضة الدخل، حيث تجاوز متوسط خسائر الإنتاج 6.5%، فقد أدى إرتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة عملات عدد من تلك الدول إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها، مما جعل أكثر من نصفها، إما معرّضة بشدّة لمخاطر الضائقة أو تعاني بالفعل من ضائقة. وبشكل عام، يُقدّر الناتج العالمي لعام 2023 بنسبة 3.4% أقل من توقعات ما قبل الجائحة.
حذَّر من آثار التوترات الجيو – استراتيجية الدولية على القارة
صندوق النقد: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الإستقطاب العالمي»
في ظل تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الإقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جرَّاء التوترات الجيو – استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ إندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتوقَّع تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي أخيراً أن «تتعرّض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر، إذا إنقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي في المقابل».
وذكر التقرير، «أن في هذا السيناريو من الإستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد إقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إنخفاضاً دائماً بنسبة تصل إلى 4 % من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال 10 سنوات».
ووفقاً للتقرير، إذا تصاعدت التوترات الجيوسياسية فقد «تتأثر البلدان الأفريقية بإرتفاع أسعار الواردات، أو حتى تفقد الوصول إلى أسواق التصدير الرئيسية، حيث يمكن أن تتأثر نحو نصف قيمة التجارة الدولية في المنطقة».
وأضاف التقرير أن الخسائر يُمكن أن تتضاعف، إذا جرى قطع تدفقات رأس المال بين الكتل التجارية الدولية بسبب التوترات الجيوسياسية، حيث يُمكن أن تخسر المنطقة ما يقدر بنحو 10 مليارات دولار من الإستثمار الأجنبي المباشر وتدفقات المساعدة الإنمائية الرسمية، كما يُمكن أن يؤدي خفض الإستثمار الأجنبي المباشر على المدى الطويل إلى «إعاقة نقل التكنولوجيا التي تشتد الحاجة إليها في تلك الدول».
ورأى التقرير أنه «لإدارة الصدمات بشكل أفضل، تحتاج البلدان الأفريقية إلى بناء قدرتها على الصمود، ويُمكن القيام بذلك عن طريق تعزيز التكامل التجاري الإقليمي الحاصل في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AFCFTA)».
وأوضح التقرير أنه «للإستفادة من التحوُّلات المحتملة في التجارة وتدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر، يُمكن لبلدان المنطقة أن تُحاول تحديد ورعاية القطاعات التي قد تستفيد من تحويل التجارة، بما يشمل مجال الطاقة، حيث يُمكن أن يوفروا بديلاً لتأمين حصة سوق الطاقة الروسية إلى أوروبا».
وقبل الحرب الروسية – الأوكرانية، كانت أوكرانيا وروسيا تزوّدان أفريقيا بأكثر من 40% من إحتياجاتها من القمح. وفي فبراير (شباط) 2023، أورد بيان مشترك صادر عن 11 منظمة إغاثة دولية، أن هناك نحو 27 مليون شخص يُعانون الجوع في منطقة غرب أفريقيا، وقد يرتفع العدد إلى 38 مليون شخص بسبب الحرب.
وتُفيد أميركا وقوى غربية أن الحرب الروسية – الأوكرانية تسبّبت في رفع أسعار الطاقة، وإنعدام الأمن الغذائي في القارة، وخلق عبء غير ضروري على إقتصاداتها. كما تتّهم الصين بأنها تقف «حاجزاً» أمام إعادة هيكلة ديون الدول الأفريقية، وهي إتهامات ترفضها موسكو وبيجينغ.
وفي مواجهة صعود النفوذ الصيني والروسي في القارة، تقود واشنطن جهوداً غربية لمواجهة ذلك النفوذ.
وعقدت واشنطن قمة أميركية – أفريقية في واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، في حضور معظم القادة الأفارقة، وتعهّدت خلالها واشنطن بمليارات الدولارات للقارة، وخلال العام 2023، قام أعضاء بارزون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بجولات أفريقية.
وكانت برلين قد أعلنت عن إستراتيجية جديدة في العام 2022 تجاه القارة، إضافة إلى خطط إستثمارية بالمليارات، كما أعلنت طوكيو عن خطط جديدة للتقارب مع أفريقيا مع
إستثمارات مليارية، فيما يقوم رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا حالياً بجولة أفريقية تشمل مصر وغانا وكينيا وموزمبيق.
وفي المقابل، تواصل روسيا الإهتمام بزيادة نفوذها في القارة، حيث من المقرّر أن تعقد في العام 2023، قمة أفريقية ثانية لتعزيز الشراكة مع القارة السمراء، بما يشمل دعمها عسكرياً ولوجيستياً في مواجهة التهديدات «الإرهابية»، وتقديم نفسها كسلّة غذاء لأفريقيا، كما تتهم موسكو الغرب بإعاقة جهودها في هذه المجالات.
وتبرز الصين كأهم شريك إقتصادي للقارة، واتَّبع وزير الخارجية الصيني الجديد تشين غانغ تقليداً عمره 33 عاماً بجعل أفريقيا أول زيارة رسمية للعام 2023، وكانت زيارته لخمس دول أفريقية هي (إثيوبيا، والغابون، وبنين، وأنغولا، ومصر).
ورأى المحلّل المختص في شؤون الساحل الأفريقي محمد الأمين ولد الداه، أن التقرير إنطوى على دعوة إلى الدول النفطية الأفريقية إلى «سد العجز الناتج عن إستبعاد روسيا من تصدير النفط إلى أوروبا، وهو ما يُمثّل إنجراراً للمنطقة لما تُحذّر منه من إستقطاب عبر إنحيازها التاريخي المعروف للغرب».
وقال الأمين ولد الداه، إنه رغم الإستفادة الأفريقية من تنافس القوى الدولية حالياً فإنه على المدى الطويل، ومع إزدياد الإستقطاب بين القوى الدولية، فإن «القارة ستكون ساحة للحروب الإقتصادية المحتملة والحرب الباردة، وهو ما قد يعصف بأي جهود تنموية وإستثمارات دولية، حيث ستشهد «عسكرة وأدلجة» للإنخراط الإقتصادي للقوى الدولية المتناحرة في القارة».
من جهته، قال أستاذ قانون الأعمال والإقتصاد في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، بدر الزاهر الأزرق: «إن الإستقطاب العالمي الحاد بين القوى الدولية تتّضح تأثيراته بالفعل في دول مثل ليبيا والسودان، علاوة على دول الساحل مثل مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، حيث تغيب الجهود الغربية لتحقيق الإستقرار والسلام في تلك الدول بسبب تقارب حكوماتها مع موسكو».
وأضاف الأزرق إن «على الدول الأفريقية الإعتماد على نفسها، وتعزيز التجارة في ما بينها، وتبنّي أجندات براغماتية غير مُسيَّسة وغير منحازة لشيء سوى مصالح شعوبها».
ماذا عن إمتثال المصارف العربية لقانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الأوروبي؟
د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية
لا شك في أن قانون الذكاء الإصطناعي الذي أقرّه الإتحاد الأوروبي مؤخراً، يهدف إلى وضع إطار منسق يُوازن بين فوائد ومخاطر أنظمة الذكاء الإصطناعي، إذ يُصنّف القانون الأنظمة التي تستخدم الذكاء الإصطناعي وفق درجة مخاطرها. كما يتّخذ الإتحاد الأوروبي تدابير عدة لتنفيذ القانون الذي يطال شركات التكنولوجيا وجميع المؤسسات والمصارف في الإتحاد الأوروبي وخارجه. وفي هذا السياق، يتوجب على المصارف والمؤسسات المالية العربية الإمتثال لهذا القانون، ونحثّها على إتخاذ الخطوات الأساسية في هذا الشأن.
ومن هذه الخطوات الأساسية، ينبغي تقييم مخاطر الأنظمة المالية والمصرفية، إذ يُصّنف قانون الذكاء الإصطناعي الأنظمة التي تستخدمه وفق مخاطرها، ويضعها في فئات مختلفة (الأنظمة ذات المخاطر المحدودة، والأنظمة ذات المخاطر العالية، والأنظمة ذات المخاطر غير المقبولة)، لذا، يتوجب على المصارف والمؤسسات المالية العربية، تقييم مخاطر أنظمتها التي تستخدم الذكاء الإصطناعي وفق مستوى المخاطر المحدّدة في نظام هذا الذكاء.
ويتوجب على المصارف والمؤسسات المالية العربية، إدراك التأثيرات المحتملة لقانون الذكاء الإصطناعي على سير عملها، وإنعكاساته على كيفية التعامل مع العملاء. كما يجب الإستعداد للتعامل مع الإطار التنظيمي العالمي للذكاء الإصطناعي، وذلك بتحديد الأنشطة المتعلقة به، وتقييم المخاطر، وإعتماد الأطر المناسبة للإمتثال للقانون، وتجنّب الغرامات والعقوبات التي يفرضها في حال عدم الإلتزام بالأحكام المفروضة.
وفي سياق رفع مستوى المرونة والخبرة، نشدد على ضرورة بقاء المصارف والمؤسسات المالية العربية، على إطّلاع بآخر التطورات والتشريعات بالذكاء الإصطناعي، ورفع مستوى مرونتها وإكتساب الخبرات التي تساعدها على الإمتثال للأنظمة الجديدة المتعلقة بالذكاء الإصطناعي، وإدراك أبعادها ووضع الخطوات اللازمة لتطبيقها.
أما عن تأثير قانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الأوروبي على المصارف والمؤسسات المالية، فإنه يطال مختلف القطاعات الإقتصادية، بما في ذلك القطاعين المصرفي والمالي، كما يؤثر على المصارف والمؤسسات المالية بوسائل مختلفة، بينها إستخدامها لبرامج تخضع للتنظيم ضمن إطار قانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الأوروبي، ومن هذه البرامج، أدوات تحديد الهوية البيرومترية وأدوات تقييم الإئتمان للأفراد. كما يفرض قانون الذكاء الإصطناعي إلتزامات على مقدمي البرامج المصرفية والمالية والمستوردين والموزعين والمستخدمين.
ويتوجب على المصارف والمؤسسات المالية، أن تحدّد بوضوح أنظمة الذكاء الإصطناعي الخاصة بها، ووضع الإجراءات اللازمة والضوابط لضمان الإمتثال لقانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الاوروبي والذي ينطبق داخل الإتحاد وخارجه، والإستعداد للإمتثال لأحكام قانون الذكاء الإصطناعي والتعديلات المستقبلية له.
ويضع قانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الأوروبي، القواعد الأساسية وآليات التنفيذ لتنظيم مجال الذكاء الإصطناعي، مما يُعزّز الممارسات المسؤولة ويحمي الحقوق الأساسية. علماً أنه يتردد صدى هذا القانون خارج أوروبا، بحيث يضع أسس حوكمة الذكاء الإصطناعي في جميع أنحاء العالم.
في المحصّلة، لا ريب في أن قانون الذكاء الإصطناعي للإتحاد الأوروبي، يهدف إلى حماية الديموقراطية، ودعم سيادة القانون، وحماية الحقوق الأساسية مثل حرية التعبير، وتشجيع الإستثمار والإبداع. كما أن لوائح هذا القانون ترتكز على مستوى المخاطر المرتبطة بتطبيقات الذكاء الإصطناعي. فالإتحاد الاوروبي يهدف أولاً وأخيراً إلى أن يصبح الجهة المنظمة للتكنولوجيا في العالم، من خلال فرض قواعد ملزمة حيال الذكاء الإصطناعي، وقد تؤدي إنتهاكات قانون الذكاء الإصطناعي إلى غرامات تصل إلى 35 مليون يورو أو 7% من الإيرادات العالمية للشركات التي تتطوّر وتستخدم الذكاء الإصطناعي.
منذ بداية مسيرتي المهنية في الإقتصاد قبل أكثر من ثلاثة عقود، إعتدتُ دائماً عدم التقليل من شأن الإقتصادات الناشئة. فبقياسها على نحو سليم، وفقاً لأسعار صرف تعادل القوة الشرائية، لحقت الصين بالولايات المتحدة، كأكبر إقتصاد في العالم في العام 2014 (بدقة تصل إلى نقطة مئوية واحدة من حصة كل دولة في إجمالي الناتج المحلي العالمي، بل وتجاوزتها بشكلٍ حاسم في حلول العام 2018).
أعلم أن البعض سيعترض على أسعار صرف تعادل القوة الشرائية، وأن الأمور قد تبدو مختلفة عند إستخدام معدلات الصرف السوقية، ولكن تعادُل القوة الشرائية هو الطريقة الوحيدة الصحيحة لإجراء هذه المقارنة طويلة الأجل.
ولا يزال في إمكان الولايات المتحدة، أن تظل صاحبة أقوى إقتصاد في العالم، رغم إنتاجها الأقل من السلع والخدمات مُقارنة بالصين. وعلى نطاق أوسع، مثّلت الإقتصادات المُتقدمة أكثر 60 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي في العام 1991، لكن هذه النسبة إنخفضت الآن إلى حوالي 40 % ورغم هذه الحقائق الإقتصادية، إلاّ أن فئة قليلة تعتقد أن الإقتصادات المتقدمة أمامها الكثير لتتعلمه من الأسواق الناشئة، في مجالات البنوك المركزية، وإدارة التضخم والإستقرار المالي.
وقال لي روبن بروكس كبير الإقتصاديين في معهد التمويل الدولي: «لقد أدارت الإقتصادات الناشئة الكُبرى السياسات النقدية بشكلٍ أفضل من الأسواق المتقدمة»، موضحاً أنها كانت أسرع في إكتشاف التهديد التضخمي، وأسرع كذلك في رفع أسعار الفائدة. كما حافظت على مصداقيتها أكثر من البنك الإحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا.
لم يكن ذلك رأيه وحده على الإطلاق. فقد ذكر صندوق النقد الدولي (على مضض نوعاً ما)، في تقريره الأخير عن آفاق الإقتصاد العالمي: «إن عملية صنع السياسات النقدية في العديد من (الإقتصادات الناشئة)، أصبحت تمتلك أدوات أفضل بكثير مما كانت عليه قبل 15 عاماً، لتكون ركيزة للإستقرار». ومن المستحيل تقريباً ألّا نتوصَّل لهذا الإستنتاج عندما ننظر إلى إستجابة السياسة النقدية لصدمة التضخم العالمي التي بدأت في نهاية العام 2020.
لقد بدأت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة برفع أسعار الفائدة في أوائل العام 2021، أي بفارق عام تقريباً عن نظيراتها الكُبرى على جانبي المحيط الأطلسي. كما كانت على حق في قلقها حيال سلاسل التوريد العالمية، وحيال التضخُّم المستورد، حيث ضعفت عملاتها مُقابل الدولار الجامح، وإحتمال استمرارية ارتفاعات الأسعار.
ولم تكن البنوك المركزية في الدول الناشئة أسرع في الإستجابة لضغوط التضخم فحسب، بل كانت أسرع في تيسير سياستها بتخفيف أسعار الفائدة في البرازيل وتشيلي وبيرو وكوستاريكا والمجر وبولندا، كذلك في جورجيا وكازاخستان. وهكذا، فإن سرعة إجراءات هذه البنوك المركزية أمرٌ يستحق الثناء، لكن يجب أيضاً على الدواء أن يكون فعّالاً.
وتُظهر بيانات منفصلة من أكسفورد إكونوميكس، أن المعدلات الشهرية للتضخُّم الأساسي، بإستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة، قد إنخفضت بالفعل لتقترب إلى المستويات المرغوبة في الإقتصادات الناشئة الكُبرى في شرق أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا.
وبلا مُنازع، نشر معهد بيترسون للإقتصاد الدولي أكثر الأبحاث تفصيلاً حول ما قامت به البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بشكلٍ صحيح. ويخلص البحث إلى أن بدء الإقتصادات الناشئة لعمليات تشديد السياسات النقدية في وقت مُبكر، سمح بأن تكون العملية أكثر تدريجاً، بحيث تكون مُسيطرة بشكلٍ أفضل على التضخم، وتمنح البنوك التجارية المزيد من الوقت للتكيُّف دون أن تنهار، على عكس بنكي «سيليكون فالي» و«كريدي سويس».ولفتت إلينا ريباكوفا، الباحثة غير المُقيمة في معهد بيترسون للإقتصاد الدولي، وأحد معدّي البحث، إلى أن مُفتاح الأداء الفائق يكمن في أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لم تلتزم توجيهات مُستقبلية صارمة للحفاظ على سياسة نقدية مُتساهلة لفترة طويلة خلال الجائحة، وبالتالي، لم «تكتم إستجابتها للتضخم».والجديد في هذه الورقة البحثية، يتمثل في النظرة المُفصلة للغاية إلى إتصالات البنوك المركزية في الإقتصادات الناشئة، بإستخدام مختلف أشكال الذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي. وإكتشفت الورقة البحثية، أن سلاسة القراءة وشفافية بيانات البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، وغيرها من الإفادات الأُخرى، توازي مستوى الإحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي أو تتجاوزهما.
لكن الإختلاف هو أنه مع إنحسار الجائحة في نهاية العام 2020، إستجابت البنوك المركزية في الإقتصادات الناشئة لتهديد التضخم بشكلٍ أسرع، وكانت واضحة في بياناتها، ولم تعتمد على النماذج الإقتصادية البرّاقة الفاشلة، ولم تتعثر في قضايا جانبية.
وكانت دون مُنحنى التضخم، لكن ليست بعيدة. وبينما كانت البنوك المركزية للإقتصادات الناشئة تميل إلى المراوغة في الماضي، كانت هذه المرة حاسمة ومُتقدمة بشكلٍ كبير عن الإحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي.
وتعتبر إلينا ريباكوفا أنه كان ثمّة قدر من الحظ في هذا التقدُم، لأن العديد من الإقتصادات الناشئة، شهدت موجات تضخم في الآونة الأخيرة، لكنها أضافت أن «وضوح البيانات» والتركيز على ما يُهم فعلاً، كان أفضل بكثير من البنوك المركزية في الإقتصادات المتقدمة. وشدَّدت على أن النقطة الوحيدة التي لا تزال البنوك المركزية في الإقتصادات الناشئة بحاجة حقاً إلى تحسينها، هو إتباع أقوالها بالأفعال.
يُطلق التحوُّل الرقمي لمكافحة تبييض الأموال والقرصنة الإلكترونية
وتسهيل خدمات العملاء بالتعاون مع «أزنشيو» في سنغافورة
الشيخ سالار الحكيم رئيس مجلس ادارة مصرف كوردستان، وهوز فرمان زه ندى نائب الرئيس، وكريش ناراياناسوامي المدير العام لقسم الخدمات المصرفية والخدمات المالية والتأمين في ازنشيو، وزاهر الخطيب نائب رئيس المبيعات في ازنشيو مع فريق العمل المشترك خلال حفل التوقيع
أعلن مصرف كوردستان الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية (KIB)، إنطلاق مرحلة التحوُّل الرقمي لأعمال البنك وخدماته الرقمية، بإعتماد برنامج آيمال من «أزينشيو» وهي من المؤسسات الرقمية الرائدة في مجال التكنولوجيا والتي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، وتملكها بالكامل صناديق إستثمارية تحت اشراف أباكس، وذلك لتوفير أفضل التطبيقات لعملاء المصرف بإعتماد منصّة Omnichannel المتعدّدة القنوات التابعة لبرنامج آيمال.
ومن سنغافورة صدر بيان مشترك عن كل من شركة أزنشيو سوفتوير (أزينشيو) ومصرف كوردستان الإسلامي الدولي للإستثمار والتنمية (KIB)، وأعلنت «أزنشيو» أن هذا التعاون مع مصرف كوردستان الذي هو أحد المؤسسات المالية الإسلامية الرائدة في العراق، وإختيار تنفيذ منصة آيمال للخدمات المصرفية الإسلامية الأساسية والرقمية، «ستُمكن المصرف من تعزيز برامجه التشغيلية في العراق وخارجه، ومدّ عملاء المصرف في العراق، وأنحاء العالم بخدمات سهلة وعالية الجودة، إضافة إلى أن المصرف سيتمكن أيضاً عبر نظام «إدارة جرائم وغسيل الأموال»AMLOCK من مراقبة كافة الأنشطة المالية، والتصدّي للجرائم المالية وفق المتطلبات العالمية الخاصة بمكافحة جرائم غسيل الأموال المعتمدة. كما يُقدم برنامج التحوُّل الرقمي هذا معلومات كافية عن مصادر التحقق من المخاطر، وإستمارة معرفة العميل (KYC)، وفحص العقوبات (Sanction screening)، وإمكانية التنبيه المبكّر عن أي أخطار محتملة، وإدارة مختلف الحالات عن طريق أدوات تحليلية، تساعد في زيادة الكفاءة التشغيلية لإكتشاف أي أنشطة محتملة لغسيل الأموال والتحذير من أي معاملة مشبوهة».
كذلك يتطلَّع مصرف كوردستان الإسلامي الدولي (KIB) إلى إعتماد منظومة متكاملة جديدة من الخدمات المصرفية الاسلامية الرقمية مع برنامج آيمال بنسخته 14.6 مع ما يقدّمه هذا البرنامج من خدمات مصرفية إسلامية شاملة، وفق معايير الشريعة الإسلامية ومعايير المحاسبة المالية الصادرة عن «أيوفي» ما يضمن للعملاء القيام بعمليات مصرفية رقمية متقدمة وفريدة، وتلبّي إحتياجات التمويل الإسلامي كافة، بما في ذلك الإستثمارات والودائع والخزانة والأسواق المالية، كما وينفرد إصدار آيمال R14.6 بالإلتزام بأفضل معايير التشفير والأمان للحماية من القرصنة الإكترونية.
ويقول رئيس مجلس إدارة مصرف كوردستان الإسلامي الدولي (KIB)، الشيخ سالار حكيم: «إننا عازمون على المضي قدماً في خططنا نحو التحوُّل الرقمي، الذي يُعزّز خدمات العملاء في العراق وخارجه، ما يُساهم في تعزيز قدرتنا التنافسية، إضافة الى برامج المصرف الإستثمارية وفي مجالات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمخاطر، وأن شراكتنا مع «أزنشيو» هو لما لها من باع طويل وخبرة واسعة في تنفيذ حلول الخدمات المصرفية الإسلامية، في العديد من المؤسسات المالية والمصارف الكبيرة حول العالم».
التطوُّرات ضد السفن التجارية العابرة للأحمر تتزايد وتؤثر على حركة قناة السويس
هل سيدفع الإقتصاد العالمي وسوق النفط ثمن الأحداث الأمنية في باب المندب؟
Text content
تتصاعد الأحداث الأمنية ضد حركة السفن والملاحة البحرية في البحر الاحمر، وتترك آثارها الواضحة عليه يوماً بعد يوم. فمنذ إستيلاء الحوثيين على سفينة يملكها رجل أعمال إسرائيلي في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ثم إطلاقهم صاروخ كروز تجاه سفينة النقل «ستريندا»، سقط على بُعد حوالي 60 ميلاً بحرياً من شمال مضيق باب المندب، في 12 كانون الاول/ديسمبر 2023، متسبّباً في حريق وأضرار، أخذت شركات الشحن العالمية بتقييم المخاطر المتزايدة المحتملة على السفن التجارية التي تمرُّ عبر هذا المضيق.
رصدُ هذه الأحداث وتأثيرُها، يأتي من باب أن «مضيق باب المندب» والبحر الأحمر، ليس ممرَّاً يُمكن الإستغناء عنه بسهولة، فيما خريطة نقاط الإختناق البحري الرئيسية التي يُمكن ربطُها بباب المندب، هي قناة السويس، كذلك مضيق هرمز، وملقا (ممر مائي يقع في جنوب شرق آسيا بين شبه جزيرة ماليزيا وجزيرة سومطرة الأندونيسية)، ومن الناحية التجارية يمرّ فيه (باب المندب) النفط والغاز الطبيعي المسال، والعديد من المنتجات الأخرى المتجهة إلى أوروبا من الخليج العربي، وتالياً ستتأثر بهذه التهديدات.
وغالباً ما تمرُّ التجارة من أوروبا إلى آسيا عبر هذه النقطة، كما تحتاج شتى السفن ومنها الحربية إلى قناة السويس إلى الإنتقال من الشرق إلى الغرب ذهاباً وإياباً، وعلى وقع هذه الحوادث، سيتم إعاقة حركة المرور في قناة السويس بسبب التهديدات الآتية من باب المندب.
ويرى الباحثون أن «المشاكل في باب المندب، يُمكن أن تنشر الحرب بشكل أكبر، والعالم لا يحتاج ذلك في كل الأوقات، وخصوصاً في هذا التوقيت. فالنفط والغاز الطبيعي المسال وغيرها من المنتجات البترولية التي قد ترتفع أسعارها، وبناء على ذلك، سيتم زيادة أسعار باقي المنتجات المرتبطة بالصناعات البترولية، أو غيرها كنتيجة لزيادة تكاليف الشحن، وستتأثر الدول النامية والإفريقية بصورة أكبر».
يضيف الباحثون:«إذا تصاعدت تلك التهديدات بشكل حقيقي، وتم إغلاق باب المندب، فسيتم حظر التجارة بين آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا. هذا ليس فقط لتجارة الطاقة، بل هو أكثر أهمية بالنسبة إلى الحاويات والمعادن وغيرها من التجارة»، لافتين إلى أن «هناك تأثيرات وتحدّيات جديدة تُضاف إلى التجارة العالمية، جرَّاء التهديدات في منطقة البحر الأحمر. وفي صميم هذه التأثيرات ما يتعلق بإيرادات قناة السويس، التي بالطبع ستتأثر بما يحدث، وهي مصدر مهمّ ورئيسي للعملة الأجنبية التي تعتمد عليه مصر، كما أنها أهم مجرى ملاحي على مستوى العالم. وقد كانت إيرادات قناة السويس قد بلغت 9.4 مليارات دولار في عامي 2022-2023، في حين توقعت السلطات المصرية زيادة الإيرادات الكلية من حركة الملاحة في القناة إلى 10.3 مليارات دولار في نهاية العام 2023».
وبحسب الخبراء فإن «تلك التهديدات، قد تدفع الكثير من السفن إلى إتخاذ طرق بديلة لقناة السويس، كرأس الرجاء الصالح، ومن ثم سيزيد من تكلفة الشحن ومدة وصولها إلى وجهتها النهائية، ويزداد الأمر صعوبة ليس على مصر فقط، لكن على دول المنطقة التي تعتمد في إيراداتها على حركة الملاحة، إضافة إلى التأثير على الواردات بكثير من الدول»، مشدّدين على أن «هذا الوضع يؤدي إلى زيادة تكلفة الشحن واللوجيستيات، وإرتفاع قيمة التأمين، لأن هناك مخاطر على حركة الملاحة، وفي النهاية ينعكس ذلك بمزيد من الإرتفاع على أسعار السلع، وتباعاً على معدّلات التضخُّم العالمي التي باتت في أزمة كبيرة، منذ سنوات نتيجة جائحة كورونا ثم الحرب الروسية – الأوكرانية، لتُضيف الحرب في غزة عبئاً جديداً».
وحدَّد المختصون في شأن الإقتصاد العالمي وأسواق النفط، التداعيات المترتبة على التهديد الحوثي بإستهداف السفن الإسرائيلية العابرة للبحر الأحمر، في التالي:
-التأثير على أسعار النفط، وتوقُّع زيادتها حال استمرار هذه الهجمات، حيث ستعرقل التوترات في مياه البحر الأحمر، عبور الناقلات النفطية إلى مختلف دول العالم، وهو ما سيُؤثر على الإمدادات في موسم الشتاء، الأكثر إستهلاكاً وحاجة للطاقة.
-إرتفاعُ تكلفة التأمين على الشحن واللوجستيات عالمياً، مع الأخذ بالإعتبار أن أهم مسار للسفن في العالم أصبح غير آمن.
-التأثير على إيرادات قناة السويس المصرية، مع تحويل شركات الشحن مساراتها بعيداً عن البحر الأحمر، وتالياً عن قناة السويس، تجنُّباً لعمليات قرصنة أو هجمات مبنيّة على إعتقاد مفاده إرتباط هذه السفن بشكل مباشر أو غير مباشر بشركات أو رجال أعمال إسرائيليين أو يهود.
-زيادة مسافة الطرق البحرية البديلة يعني إستهلاك أكثر للوقود وزيادة مدة الشحن، وهو ما سينعكس مباشرة على زيادة أسعار السلع، وتالياً رفع معدلات التضخُّم عالمياً.
الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي:
شركات شحن ستجنّب سفنها المرور بباب المندب
من جهته، يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «البحر الأحمر تحديداً من خليج العقبة إلى باب المندب، بات منطقة محرَّمة على اسرائيل، لأن الحوثي يُهدّد بالإستيلاء عليها، وقد فعلها، حيال أي سفينة إسرائيلية او تابعة لإسرائيل ويهدّد بقصفها. علماً أن السفن الأخرى آمنة بحسب الحوثي، بمعنى أنها تستطيع أن تمرَّ عبر باب المندب من دون أيّ مخاطرة، ونحن نعرف أن الحوثي يملك مخزوناً كبيراً من الصواريخ المضادة للسفن».
ويضيف د. يشوعي: «إن باب المندب هو ممر ضيّق، ويفصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، وأهميّتُه الإقتصادية تكمن في أنه تعبُر فيه شحنات النفط العالمية، ويُعتبر الممرّ الأكثر إزدحاماً في العالم، لأنه يمرُّ عبره نحو خمس الإستهلاك العالمي للنفط، وتقريبا نحو ستة ملايين برميل يومياً»، لافتاً إلى أن «عدد السفن هناك تقريباً 50 سفينة تجارية تمرُّ يومياً، وهي تشحن البضائع خصوصاً النفط والغاز المسال ويتم نقلها إلى أُوروبا، وبما أن القوى العظمى ترى في باب المندب، مكاناً إستراتيجياً ومهمّاً على أصعدة كثيرة جغرافية وسياسية وإقتصادية وعسكرية، لذلك نرى تلك القوى تُقوّي وجودها العسكري داخل الدول المحيطة».
ويشدّد د. يشوعي على أن «التهديد هناك إذا ما إستمر، يمنع عملياً، إمكانية التمييز والفرز بين سفن تابعة لإسرائيل وأخرى لا علاقة لها بها، لذلك لا يُمكن أن يكون التمييز ناجحاً، وأن يختلط الحابل بالنابل. لذلك، إن السفن والحركة البحرية تعتبر أن باب المندب صار منطقة مهدّدة، وهناك شركات قد تقرّر عدم العبور منها، لكي تعبر قناة السويس وتصل أيضاً إلى منابع النفط الأساسية، مما يزيد من وقت وصول البضائع، فيما كلفته الإقتصادية ستكون أكبر».
ويختم د. يشوعي قائلاً: «هناك كلام عن أن شركات شحن بدأت تفكر بطريقة آمنة لنقل البضائع، من دون مخاطرة، مما يُجنّب سفنها المرور بباب المندب، وتفكّر جدّياً الإبحار حول دول القرن الافريقي. وهذا يعني وقتاً أطول للوصول وزيادة في كلفة الشحن وثمن البضائع والنفط ، وسيكون له تأثير سلبي على النسبة العالمية للتضخُّم وإستقرار العملات الأساسية في العالم».
الخبير الاقتصادي نسيب غبريل:
هذه المنطقة ممر حيوي للشحن العالمي
أما الخبير الاقتصادي نسيب غبريل فيشرح لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، أن «الأحداث العسكرية الجارية في منطقة البحر الاحمر وخصوصاً باب المندب، سيُؤدي إلى إرتفاع كلفة التأمين، بغضّ النظر عن نوعية البضائع، سواء أكانت بضائع تجارية أو نفط»، لافتاً إلى أنه «صحيح أن هناك إستهدافاً لبواخر مملوكة من إسرائيليين، إلاَّ أن هذه الاحداث تضع علامات إستفهام عن إجمالي سلامة العبور للبواخر».
ويضيف غبريل: «إن الأحداث لا تزال محدودة، ولكن تداعياتها إذا ما تكرّرت وزادت وتيرتها، يُمكن أن تؤثر على أسعار النفط وإرتفاع إضافي لكلفة التأمين، كذلك نسبة التضخُّم العالمي، وذلك بسبب إرتفاع أسعار السلع التي يتم شحنها عبر المضيق، مما يُؤثّر على سلسلة العرض، كون باب المندب ممرّاً حيوياً، لكن كل هذه الإفتراضات سابقة لأوانها، بإنتظار حصول تطوُّرات جديدة في ما يتعلق بسلامة السفن».
ويختم غبريل قائلاً: «إن هذه المنطقة ممرّ حيوي للشحن العالمي وخصوصاً النفط، وأعتقد أن البديل مكلف جداً».
الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي:
باب المندب جزء من العناصر التي تحدّد سعر النفط عالمياً
أخيراً، يُوضح الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي لمجلة «اتحاد المصارف العربية» أن «باب المندب هو ممرّ بحري دولي لكافة أنواع السفن التجارية، ومنها السفن المحمّلة بالنفط، ويتميّز بحركة مرور كثيفة تقدّر بـ55 باخرة يوميا كمعدّل عام (دخولاً وخروجاً)، ويُقدّر حجم البراميل التي تحملها الناقلات بنحو 4 ملايين برميل يومياً»، لافتاً إلى أن «باب المندب من الناحية الجغرافية هو ممرّ طبيعي بعرض 26 كلم، والأحداث التي تجري حالياً هي ضمن القواعد المقبولة، ولن تؤدي إلى إقفاله. علماً أن التبعات ستكون مزيداً من الخسائر والكلف المادية، ووقتاً أطول لوصول البضائع وأعباء إضافية على كلفة التأمين البحري، وهذا يعني أسعاراً أعلى للمنتجات».
ويختم د. ياغي قائلاً: «إن أي إقفال لباب المندب، سيكون له تأثير سلبي على إقتصادات الدول الاوروبية والشرق أوسطية أيضاً».
في المحصلة، في حال بقيت الأحداث الجارية مضبوطة، فإن التأثير على أسعار النفط سيبقى محدوداً، لكن بالتأكيد، إن هذه الأحداث هي العناصر السلبية التي تؤثر على الأسعار، لكن هناك عناصر عدة أخرى تلعب دوراً في تحديدها، منها العناصر الجيوسياسية، فالدول المصدّرة للنفط تُحاول تقليص إنتاجها بهدف زيادة الأسعار، في حين أن الولايات المتحدة (أكبر منتج للنفط) وحلفاءها، يريدون أن تبقى وتيرة الإنتاج عالية لخفض أسعار النفط، بالإضافة إلى دور العرض و الطلب في تحديد أسعار النفط العالمية، وتالياً فإن الأحداث في باب المندب هي جزء من العناصر التي تحدّد سعر برميل النفط عالمياً لكنها ليست عنصراً حاسماً في تحديدها».
الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة :
أحداث باب المندب ستؤدي إلى توتر في الإقتصاد العالمي ككل
بدوره، يرى الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «الأهم أن أحداث باب المندب، ستؤدي إلى توتر في الإقتصاد العالمي ككل، وهذا ينعكس على الوضع الدولي، فبالإضافة إلى المشاكل الإقتصادية الناتجة عن الحرب الأوكرانية وحرب غزة، هناك الأحداث الجارية في البحر الأحمر، مما سيؤدي إلى مزيد من التوتر العالمي وربما على نحو أخطر».
ويختم د. حبيقة قائلاً: «إن هذه التأثيرات تطال العالم ككل، لكن ليس بشكل مباشر، كما تطال المنطقة العربية بشكل مباشر. فالبديل عن باب المندب، ستكون كلفته أكبر، وسيستغرق وقتاً أطول، مما يزيد الأسعار على المستهلك».
التباينات والصراعات سيستمر تأثيرها على الإقتصادين العالمي والعربي في 2024
إقتصادات دول الخليج واعدة رغم الضبابية وركود في لبنان وتونس ومصر والمغرب
حمل العام 2023 العديد من التطوُّرات الإقتصادية الإيجابية والسلبية على السواء لدول العالم ومنها الدول العربية، فالقراءة المتأنّية، تُظهر أن ما حصل فيها هي إمتداد لما شهده العقد الماضي من عدم الإستقرار المالي والإقتصادي على مستوى العالم، فقد شهد الإقتصاد العالمي أحداثاً شديدة السلبية، منها إنهيار أسعار النفط في منتصف العام 2014، ثم جائحة فيروس كورونا في نهاية 2019 وبداية 2020، فالتداعيات السلبية للحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، ثم طوفان الأقصى، وما تبعه من إعتداءات إسرائيلية وحرب إبادة في غزة، ومن الطبيعي أن يكون لكل هذه العوامل والأحداث تأثير على إقتصادات العالم والمنطقة العربية في العام 2024.
بلغة الارقام، توقع صندوق النقد الدولي حيال أداء النمو الإقتصادي العالمي في تقريره بعنوان «آفاق الإقتصاد العالمي- أكتوبر/تشرين الأول 2023»، أن يكون النمو الإقتصادي العالمي الحالي هشّاً، وألاّ يتعدّى 3% في العام 2023، و2.9% فقط في العام 2024، مشيراً إلى أن التضخُّم سيصل إلى حدود 5.9% في العام 2023، بينما سيتراجع إلى 4.8% في العام 2024.
بحسب الخبراء، لقد عانى الإقتصاد العالمي خلال العام 2023 مشكلات إقتصادية عدة، منها إستمرار إرتفاع أسعار الفائدة، وخصوصاً في السوق الأميركية، وهو ما أثّر بشكل كبير على أسواق المال، ورفع من تكلفة التمويل في العديد من الدول النامية والصاعدة. وترجع الأزمة في جذورها إلى أحداث الحرب الروسية – الأوكرانية في نهاية فبراير/شباط 2022، وما تبعها من إرتفاع كبير في أسعار النفط والغاز، ثم إرتفاع في تكلفة أسعار الغذاء، وهو ما أثار مخاوف تكرار أزمتي الطاقة والغذاء التي عاشها الإقتصاد العالمي في عامي 2006 و2007. وقد تصاعدت معدّلات التضخُّم إلى مستويات غير مسبوقة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث وصلت المعدلات آنذاك إلى 9.1%، وهو ما جعل صانع السياسة المالية، يُفعّل آلية سعر الفائدة ليمتص التضخُّم المرتفع، حيث إتخذ سعر الفائدة مساراً تصاعدياً حتى وصل الآن إلى نطاق 5.25% – 5.5%، قبل أن يُقرّر المجلس الفدرالي الأميركي تثبيته عند هذا المستوى، في آخر إجتماع له في ديسمبر/كانون الأول 2023.
معدَّلات النفط الغامضة
منذ يناير/كانون الثاني 2023 وأسواق النفط تعيش تقلّبات متكرّرة، تارة بسبب ضعف أداء النمو الإقتصادي، وطوراً بسبب أحداث سياسية متعدّدة الجوانب، إلاَّ أن ما يتعلق ببيانات إقتصادية تخصُّ أميركا أو الصين، كان له أثر السحر في تحريك أسعار النفط صعوداً وهبوطاً. ورغم أن أسعار النفط ما بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2023 كانت متماسكة عند متوسط 85 دولاراً للبرميل، حيال الخام برنت، إلاَّ أنه من مايو/أيار وحتى سبتمبر/أيلول من العام عينه، فقد شهدت تلك الفترة تراجعاً ملحوظاً حتى وصلت إلى 72 دولاراً للبرميل.
واقع الإقتصاد العربي
يرى الخبراء، أن الواقع الإقتصادي للدول العربية، يجعل من الصعب وصفه بأنه إقتصاد متجانس، لا من حيث الأداء، ولا من حيث النتائج، فهناك الدول النفطية – ولا سيما دول الخليج والعراق والجزائر وليبيا – لها بنيتُها وهيكلها الإقتصادي والمالي. وهناك دول غير نفطية لكنها صاحبة إقتصادات متنوّعة مثل مصر، والمغرب، والأردن، وتونس، ولبنان، ودول شديدة الفقر أو أقل نمواً مثل السودان وموريتانيا واليمن، وجيبوتي والصومال وجزر القمر.
وبالنسبة إلى الإقتصادات النفطية، فإن وضعها المالي كان أفضل خلال العام 2023، بسبب أسعار النفط التي مكّنت معظم الدول النفطية من تحقيق فوائض مالية، وتحسين أرصدتها من النقد الأجنبي، كما قلّلت من ظاهرة الإستدانة الخارجية، وإن كانت مشكلات هذه الإقتصادات أزلية، من حيث إعتمادها على النفط الخام بشكل كبير. أما بالنسبة إلى الدول صاحبة الإقتصادات المتنوّعة، التي تُصنّف كذلك بأنها متوسطة الدخل، ففي غالبيتها تعاني أزمة تمويل، يُمكن وصفها بالخانقة في مصر وتونس.
أما في لبنان فيُعد الأمر عصياً عن الحل، رغم حالة التفاؤل، وذلك بعد التوصُّل إلى إتفاق حيال الحدود البحرية، وتمكين إسرائيل من التنقيب عن الغاز في الحدود المشتركة، لكن إلى الآن، لم يتوصَّل لبنان إلى إتفاق مع صندوق النقد الدولي، رغم مطالبة الأخير بتسريع الإصلاحات الإقتصادية في هذا البلد على أكثر من صعيد، كما أن وضعه المالي العام ومستوى معيشة الأفراد لا يزالان شديدي السلبية. وفي المغرب والأردن، نجد أن البلدين يمرّان بمشكلات إقتصادية، لكنهما لا يجدان صعوبات في الحصول على تمويلات من المؤسسات الدولية، خلافاً لما عليه الحال في كل من مصر وتونس ولبنان. وهناك مكوُّن مهم من الإقتصادات العربية، حيث عانى أزمات إقتصادية وإجتماعية خلال العام 2023، بسبب النزاعات المسلحة، وهي ليبيا وسوريا واليمن والسودان والصومال والعراق، وإن كانت حدّة المشكلة تختلف من بلد إلى آخر. علماً أن الجديد بالنسبة إلى السودان، فهو أنه يتَّجه بشدّة نحو تفكُّك الدولة، وخضوع موارده الإقتصادية للأطراف المتنازعة.
«طوفان الأقصى» وتداعياته الإقتصادية
يلفت الخبراء، إلى أن البعض قد يقرأ التداعيات الإقتصادية السلبية لـ «طوفان الأقصى»، على الجانب الإسرائيلي، في شكل توقُّف بعض الأنشطة التجارية والإقتصادية لديه أو إختلال وضعه المالي، بسبب تكلفة الحرب، وخسائره العسكرية في العتاد والموارد البشرية. كما قد يتم حصر قراءة الأوضاع من جانب التأثير على شعب غزة، ولا سيما بما يتعلق بهدم المباني، وتدمير البنية التحتية، وإراقة دماء آلاف الضحايا ما بين قتلى وجرحى، وخصوصاً في صفوف الكوادر العلمية. علماً أن لإعتداءات إسرائيل الدامية والمدمّرة على غزة، تداعيات خطرة ومؤلمة، لن تظهر إلاّ بعد إنتهاء العمليات العسكرية.
إستشراف الأوضاع الإقتصادية في العام 2024
بحسب الخبراء، يدخل الإقتصاد العالمي في العام 2024، وسط ضبابية في كافة القضايا المثارة خلال العام 2023. فلم يتم التوصُّل إلى تسوية في ما بين القوى الإقتصادية الكبرى (أميركا والصين)، كما أن كلا البلدين، لم يتخلَّصا من مشكلاتهما الإقتصادية الداخلية، والتي تُكبّل دور كل منهما في تحقيق حالة رواج أو إنتعاش للنمو الإقتصادي العالمي، وخصوصاً الصين، التي تتفاقم فيها أزمة الديون الداخلية.
وقد تساعد سياسة أميركا الخاصة بسعر الفائدة، وإحتمالات أن تشهد إتجاهاً نزولياً؛ في تخفيف وطأة تكلفة التمويل، وهو ما يُسهم بشكل ما في تخفيف حدّة الأوضاع المالية للدول الصاعدة والنامية.
وعلى الصعيد العربي، لا يلوح في الأفق، أي تعاون إقتصادي عربي، يُمكن أن يزحزح حالة التبعية للمنطقة ككل للخارج، أو يُؤدي إلى إستثمار أفضل للموارد الإقتصادية المتاحة. كما أن دول النزاع في المنطقة العربية، كذلك الدول الأشد فقراً، تنتظر التدخلات الخارجية، في وقت لا تتوافر الإرادات الداخلية لتسوية الأزمات القائمة. في هذا السياق، وجّهت مجلة «إتحاد المصارف العربية» سؤالاً عن مستقبل الإقتصادات العربية في العام 2024، الى كل من الخبير في التنمية والسياسات الإجتماعية ومكافحة الفقر، الدكتور أديب نعمة، وإلى الخبير الإقتصادي ميشال قزح، فكانت قراءتهما متقاربة لجهة أن إقتصادات الدول العربية ستكون إمتداداً لما عاشته على إمتداد السنوات السابقة، سواء لجهة البحبوحة (دول الخليج) أو التعثُّر الإقتصادي (سوريا، لبنان، تونس ومصر).
الخبير الدكتور أديب نعمة: الدول الواقعة تحت حالة حرب وصراع
لا إشارة حيالها بأن وضعها سيتحسَّن في المدى المنظور يرى نعمة، أنه «يجب التمييز في عملية التوقعات بين المديين القصير والبعيد»، مشدّداً على أن «التوقعات هنا، تصبح مختلفة سواء في الموضوع الإقتصادي أو المعيشي- الإجتماعي، ففي العامين 2024 و2025 لن يكون هناك تغيير حيال الوضع الحالي راهناً. ففي المنطقة العربية هناك دول تعاني وضعاً صعباً جداً، فيما دول أخرى تعيش وضعاً أحسن بقليل».
يُضيف نعمة: «إن مجموعة الدول التي تعاني راهناً، حالة حرب وصراع أهلي أو خارجي، لا إشارة حيالها بأن وضعها سيتحسّن في المدى المنظور، إذ نلاحظ (على سبيل المثال لا الحصر)، أن وضع اليمن شديد التدهور، فيما معدّلات النمو الإقتصادي فيها سلبية، ولا يُتوقع أن يتغيَّر هذا الأمر حتى لو حصلت أُعجوبة وتوقفت الحرب، إذ لن يتغيَّر الوضع الإقتصادي والإجتماعي القائم فيها، لأنه يحتاج الى وقت ليتحسّن»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر ينطبق على سوريا والسودان وليبيا، إذ لدى هذه الدول معاناة كبيرة.
علماً أن المؤشّر الإقتصادي يُمكن ألاّ يُعبّر عن حقيقة الوضع الراهن، بمعنى أن دولة مثل ليبيا، لديها معدّلات نمو إقتصادي بنسبة 12.5%، وهي من أعلى المعدّلات في المنطقة العربية. لكن هذا لا يعني أن وضعها الإجتماعي والمعيشي جيد. والتفسير لحالة ليبيا يُفيد أنه، رغم كل ما يحصل، فإن تصدير النفط ودخول العملة الصعبة، ينعكسان إيجاباً على النمو».
ويشير نعمة الى أن «هناك دولاً تعاني مشاكل مختلفة، مثل فلسطين، وتحديداً غزة والضفة، إذ يُتوقع أن الدمار الحاصل سينقشع على نحو أكثر فظاعة وفداحة، ما بعد وقف إطلاق النار، وهذا يعني أن غزة مدمّرة بشكل شبه كامل، والضفة الغربية مجزّأة إلى أكثر من 650 جزيرة بسبب المستوطنات، ولا أفق فيها لأي نمو إقتصادي أو لأي تحسُّن في الوضع المعيشي»، مستدركاً أن «هناك دولاً أخرى تعاني إنهياراً وصعوبات من نوع مختلف، ففي لبنان مثلاً، هناك إنهيار شامل، ومن غير المتوقع أن نشهد تحسُّناً في العام 2024. كذلك تعاني تونس وضعاً متدهوراً، فيما تشهد مصر تضخُّماً متزايداً، ولا مؤشرات على التحسُّن، لذلك فإن معظم الدول العربية والمنطقة ككل ستشهد صعوبات على هذا الصعيد».
ويوضح نعمة أن «الديون هي من المؤشّرات الخارجية التي يُمكن إضافتها إلى ما سبق، وهي مرتفعة في دول عدّة مثل لبنان وتونس ومصر. فعبءُ الديون في هذه الدول، يصل إلى نسبة 150% من الناتج المحلي، فيما الدول التي يُعتبر وضعها مرتاحاً قليلاً، تصل نسبة عبء الديون فيها إلى 60 و70% من الناتج المحلي، كما هي الحال في تونس والمغرب»، معتبراً أنه «حتى دول الخليج، كما هي الحال في مملكة البحرين، فتُعتبر من الدول الشديدة المديونية، إذ تعاني عبء دين قوياً.
في الخلاصة: هناك دول، يُعتبر وضعها الإقتصادي أفضل قليلاً، ولا سيما دول الخليج، رغم أنها تملك موارد، وتحاول القيام بخطط وإستثمارات كبيرة وما شابه ذلك، وهذا يعني في المدى المباشر، سيؤدي إلى تحسُّن. لكن يجب التعمُّق في الخصائص البنيوية لهذه الدول، والنشاط الإقتصادي الخاص بها، كي نتمكَّن من الحكم، فيما إذا كان على المدى المتوسط، أي ما بين 5 و7 سنوات، سيكون هذا التحسن، قابلاً للإستمرار أم لا».
يرى نعمة أنه «يجب أن نراقب إذا كان هذا الإستثمار الذي يحصل، سيُصاحبُه إرتفاع في نسب التضخُّم المعيشي أم لا، لأنها عوامل يجب أن تؤخذ في الإعتبار، إضافة إلى الإعتبار الكبير لحجم العمالة الوافدة. لأن تحليل هذه العوامل السابقة، فضلاً عن العمالة الوافدة، التي يُمكن أن تصل إلى نسبة 50 و70% من القوى العاملة في أي بلد، ولا سيما في قطر والبحرين والكويت والامارات، فإن التقييم حيالها سيكون مختلفاً»، مشدّداً على أنه «على الأقل، في المدى القصير، أي في العام 2024 راهناً سيستمر الوضع المشار إليه في تلك الدول المذكورة، إذ سيحمل علامات لإستثمارات كبيرة، وصورة زاهية عن إزدهار بعض الدول.
لكن غالبية الدول، ستكون إما في وضع أزمات إجتماعية وإقتصادية أو في حالة حرب أو نزاع. أما الدول التي وضعها التي سيكون على نحو أفضل، فإنها ستعاني ثغرات هيكلية، يُمكن أن تمنحنا نتائج سلبية في المديين المتوسط والبعيد».
الخبير الإقتصادي ميشال قزح: هناك غيرة إيجابية بين الدول العربية حيال تنفيذ المشاريع الإستثمارية
يرى الخبير الإقتصادي ميشال قزح لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أنه «بالنسبة إلى مستقبل الإقتصادات العربية، فإن الدولة الأولى في المنطقة، هي المملكة العربية السعودية، وذلك نتيجة المشاريع الإقتصادية والعمرانية التي تنفّذ ضمن رؤية 2030 و2040»، لافتاً إلى أن «هذه المشاريع تُنفّذ في ظل حوكمة ورؤية، تُدعى «إقتصادية، رأسمالية، ليبرالية، حرَّة»، وتُشبه إقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا، وهذا الأمر لم نكن نراه في المنطقة، إلاّ في دولة الإمارات العربية المتحدة التي كانت ولا تزال مثالاً يُحتذى في المنطقة».
يُضيف قزح: «إن طريق الهند نحو الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية، يُعتبر خطاً ممتازاً في المرحلة المقبلة، فيما الدول العربية بدأت توظيف إستثماراتها المالية في بلدانها وليس في الخارج، كما كان يحصل سابقاً، وهذا أمر مهم، أي في مشاريع إستثمارية وبُنى تحتية».
ويختم قزح: «هناك غيرة إيجابية في ما بين الدول العربية، حيال تنفيذ المشاريع الإستثمارية، وهذا أمر جيد، فيما المنطقة العربية مقبلة على إزدهار كبير، ولا شك في أن التحوُّلات العالمية حيال الصين، سيكون لها تأثير على المنطقة، ولكن علينا الإنتظار قليلاً لإستيضاح الصورة على نحو أفضل».
ديناميكيات التجارة العالمية وخارطة الطريق للمصارف العربية
لمواجهة التحديات من الإضطرابات في البحر الأحمر
لا شك في أن الإضطرابات في البحر الأحمر تركت تأثيراً كبيراً على ديناميكيات التجارة الدولية، مما يطرح تحدّيات جديدة أمام الإقتصاد العالمي الذي لا يزال يتعافى من الصدمات منذ العام 2020، مثل جائحة «كوفيد-19»، والغزو الروسي لأوكرانيا، وإرتفاع التضخُّم، وتصاعد توترات الحرب في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، يعتبر الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح «أن الخطر الأكبر على الإقتصاد في العام 2024 يأتي من العوامل الجيوسياسية»، وتوجه الى المصارف العربية بـ «الدعوة إلى إتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التحدّيات الجديدة التي تواجه الإقتصاد العالمي، ووضع إستراتيجية موحَّدة مبنيّة على رؤية واضحة للتطوُّرات العالمية المستجدة ومرتكزة على البيانات الموثوقة».
ويؤكد د. فتوح «أن المنطقة تزخر بالطاقات والموارد الغنية، ولن يتحقق فيها الإستقرار الدائم إلاّ من خلال إيجاد الحلول النهائية للصراع العربي – الإسرائيلي».
وتشير الدراسة التي قام بها صندوق النقد الدولي إلى أن إحتمال حدوث أزمة مصرفية يتزايد، إذا تعرَّض بلد لإضطرابات أمنية وسياسية. وتشير دراسة أعدَّها إتحاد المصارف العربية إلى وجوب تحوُّط السلطات المالية والمصرفية في الدول من مخاطر الصراعات في البلدان المجاورة، لأن الأنظمة المصرفية قد تعاني آثاراً سلبية غير مباشرة نظراً إلى أنها تعمل عبر الحدود. علماً أن الإضطرابات في البحر الأحمر لها تأثير على أسعار الطاقة. وستكون المناطق المستوردة للطاقة، بما في ذلك أوروبا، من المناطق الأكثر معاناة من الإضرابات في التجارة الدولية في البحر الأحمر. وقد يؤدي إرتفاع أسعار النفط والغاز إلى إستمرار التضخُّم مما يزيد من العراقيل أمام جهود البنوك المركزية لخفض التضخُّم.
على المصارف والسلطات في الدول العربية وضع إستراتيجيات مناسبة لمواجهة التحديات المتزايدة الناجمة عن الجغرافيا السياسية العالمية والجغرافيا السياسية للبحر الأحمر، وذلك يشمل:
دعم زيادة الفرص أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم للوصول إلى التجارة الدولية.
الإستثمار في تحسين القدرات اللوجستية للتجارة الدولية وذلك بإنشاء مصرف إقليمي لتطوير البنية اللوجستية الأساسية، على غرار البنك الآسيوي للإستثمار في البنية الأساسية في الصين China’s Asian Infrastructure Investment Bank، لتعزيز القدرات التجارية الوطنية وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
دعم تطوير منطقة البحر الأحمر لتصبح مركزاً عالمياً آمناً ومستقراً ومتميّزاً في مجال تيسير التجارة.
تعزيز العلاقات الإقتصادية في جميع أنحاء المنطقة العربية وإبتكار محرك جديد للنمو المالي بطرح أدوات مالية جديدة مبتكرة ولا سيما في مجال تسوية المدفوعات عبر الحدود.
الإستثمار في مراكز البيانات العالمية وشركات عمالقة التكنولوجيا التي يمكنها توفير المعرفة التي يتم إستقصاؤها من البيانات الضخمة حول التجارة العالمية والمساعدة في رسم إستراتيجية مستقبلية مبنية على رؤية أوضح لآخر التطورات والتحدّيات العالمية.
تطوير قواعد بيانات تدعم المؤسسات في الوصول إلى تحليل المخاطر بطريقة مستقلة ومحايدة مما يساعد في فهم المخاطر وتخفيفها بطريقة فعّالة من حيث التكلفة ومستدامة وآمنة.
بناء قواعد بيانات ضخمة حول الطرق التجارية التي يمكن أن تساعد المؤسسات في إختيار الطريق البحري المناسب لتسيير التجارة To Sea or not to Sea. إن الوصول إلى طرق التجارة الدولية هو التحدّي الأكبر اليوم. وينبغي تطوير المزيد من قواعد البيانات التي تتيح الوصول إلى المعرفة حول طرق التجارة والمخاطر المرتبطة بها.
دعم الإبتكار التكنولوجي في مجالات عدّة مثل الذكاء الإصطناعي والواقع المعزّز لنمذجة طرق التجارة الدولية ومخاطرها.
في ما يلي، لمحة موجزة حول ديناميكيات التجارة العالمية، بما في ذلك طرق وشبكات التجارة الرئيسية، ومصادر بيانات التجارة العالمية، وسياسات التجارة العالمية. ونسلط الضوء على جيوسياسية البحر الأحمر وأهمية البحر الأحمر في التجارة العالمية وتداعيات الإضطرابات الامنية التي شهدها البحر الأحمر والتي وضعت تحديات جديدة أمام الاقتصاد العالمي.
ديناميكيات التجارة العالمية
تقوم التجارة العالمية على تبادل السلع والخدمات بين البلدان، وتتكوَّن من إجمالي الواردات والصادرات لكل دولة مشاركة. وتعتمد على العرض والطلب لتحديد سعر كل منتج أو خدمة يتم بيعها مع التدخل الحكومي في بعض الأحيان. وفقاً لكتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة Central Intelligence Agency CIA World Factbook، فإن السلع الأكثر تداولاً في التجارة العالمية هي:
الآلات الكهربائية – بما في ذلك أجهزة الكومبيوتر (14.8%)
الوقود المعدني –(14.4%)
المفاعلات النووية – (8.9%)
المركبات – (8.9%)
الأجهزة العلمية والدقيقة – (3.5%)
البلاستيك – (3.4%)
الحديد والصلب – (2.7%)
المواد الكيميائية العضوية –(2.6%)
المنتجات الصيدلانية – (2.6%)
الأحجار الكريمة – (1.9%)
التجارة العالمية لها فوائد كثيرة على الإقتصاد العالمي فهي تحفز النمو الإقتصادي على الصعيد العالمي، وتساعد في تحسين الأداء المالي وزيادة المبيعات، وتوزيع المخاطر، وزيادة المنافسة. إلاَّ أن التجارة العالمية تعترضها تحدّيات كبيرة منها المخاطر السياسية، ومخاطر سعر الصرف، وتفاوت ثقافة الدول، ومخاطر سرقة الملكية الفكرية.
تصاعد دور الصين في شبكة التجارة العالمية
في إطار مبادرة الحزام والطريق Belt and Road، شهدت ديناميكيات التجارة الدولية تحوُّلات طويلة المدى مع تصاعد دور بعض الدول ومع تطور شبكات التجارة العالمية. ومن أبرز العوامل التي أدَّت الى هذه التحولات:
تطوُّرات السياسة والإقتصاد العالمي.
تطوير التكنولوجيا الرقمية للتجارة العالمية.
صعود الدول النامية مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. فقد أصبحت هذه البلدان مؤخراً مراكز تجارية إقليمية.
صعود الصين كمركز لأكبر كتلة تجارية عالمية.
شبكات وطرق التجارة العالمية
إن شبكات وطرق التجارة العالمية لها تأثير كبير على التبادلات الإقتصادية للدول. وتتأثر شبكات التجارة العالمية بعوامل هيكلية واقتصادية وجغرافية وسياسية وثقافية. يعتمد جزء كبير من التجارة العالمية على النقل البحري وطرق الشحن. ووفقاً للمنظمة البحرية الدولية International Maritime Organization IMO، يعتمد حوالي 90% من التجارة العالمية على طريق النقل البحري للبضائع.
وأهم خمسة طرق ملاحية للتجارة العالمية هي:
قناة بنما (بين آسيا والولايات المتحدة الولايات المتحدة): تُعد قناة بنما أهم طريق تجاري بين آسيا والولايات المتحدة.
قناة السويس (بين آسيا وأوروبا): تُعد قناة السويس أشهر طريق بحري في العالم، وهي أسرع وأقصر طريق للسفر بين آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر (المحيط الأطلسي والمحيط الهندي).
القناة الإنكليزية (بين أوروبا والمملكة المتحدة البريطانية): تربط القناة الإنكليزية بحر الشمال بالمحيط الأطلسي. إنها حلقة وصل أساسية للتجارة بين أوروبا والمملكة المتحدة البريطانية وأميركا الشمالية.
المضائق الدنماركية (بين روسيا وأوروبا): تربط المضايق الدنماركية بحر البلطيق، وتتكوَّن من ثلاث قنوات. أوريسند، الحزام الكبير، والحزام الصغير هي القنوات الثلاث التي تربط بحر البلطيق ببحر الشمال.
مضيق ملقا Strait of Malacca (من وإلى آسيا): يُعد مضيق ملقا طريقاً ملاحياً هاماً من وإلى آسيا. وهو يشكل الممر الأكثر جوهرية ومركزية بين المحيطين الهندي والهادئ. إنه طريق شحن مهم، لأنه يربط بين العديد من أكبر الإقتصادات في آسيا بما في ذلك الهند والصين واليابان ودول آسيوية أخرى.
أبرز مؤشرات التجارة العالمية
وفقاً للتقرير حول أحدث تطورات التجارة العالمية الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الأونكتاد Global Trade Update by United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD في ديسمبر (كانون الأول) 2023، فقد تقلصت التجارة العالمية بنسبة 5% في العام 2023. وإنخفضت التجارة العالمية في السلع بنحو 2 تريليون دولار في العام 2023، لكن التجارة في الخدمات توسعت بمقدار 500 مليار دولار.
وكان أداء الصادرات من البلدان النامية ضعيفاً، وإنخفضت التجارة بين بلدان الجنوب بشكل حاد، وظلّت التجارة في شرق آسيا أقل من المتوسط. إن الإتجاهات الجيوسياسية، بما في ذلك تراجع الإعتماد التجاري المتبادل بين الصين والولايات المتحدة، لها تأثير متزايد على التجارة العالمية.
ولا يزال نمو التجارة ضعيفاً مما يشير إلى إستمرار التحديات. إن التوقعات لعام 2024 غير مؤكدة ولكنها متشائمة بشكل عام.
سياسة التجارة العالمية
منظمة التجارة العالمية World Trade Organization (WTO) هي المنظمة الدولية العالمية التي تضع قواعد التجارة بين الدول. وفي جوهرها توجد إتفاقيات منظمة التجارة العالمية، التي تم التفاوض في شأنها وتوقيعها من قبل الجزء الأكبر من الدول التجارية في العالم لضمان تدفق التجارة بسلاسة، وبشكل يمكن التنبؤ به وبحرية قدر الإمكان.
تقوم منظمة التجارة العالمية بالعديد من الأدوار فهي تدير نظاماً عالمياً لقواعد التجارة، وتعمل كمنتدى للتفاوض على الاتفاقيات التجارية، وتقوم بتسوية النزاعات التجارية بين أعضائها وتدعم إحتياجات البلدان النامية.
البيانات حول التجارة العالمية
تتوفر مصادر بيانات مختلفة حول التجارة العالمية، وتشمل:
قاعدة بيانات اتجاه إحصاءات التجارة التابعة لصندوق النقد الدولي Direction of Trade Statistics (DOTS) database by the International Monetary Fund (IMF) وهي توفر إحصاءات عن قيمة صادرات وواردات البضائع مصنفة وفقاً للقيمة الأساسية للبلد والشركاء التجاريين.
إحصاءات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الأونكتاد United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD statistics on world trade.
موقع أطلس التجارة Tradeatlas.com الذي يوفر أحدث المعلومات حول المستوردين للشركات التي تهدف إلى إقامة اتصالات تجارية في الأسواق الدولية ومراقبة عملائها ومنافسيها.
موقع حلول التجارة العالمية المتكاملة World Integrated Trade Solutions الذي يُوفر بيانات حول تجارة البضائع (الصادرات والواردات)، والبيانات التعريفية وغير الجمركية tariff and non-tariff (NTM)، ومعلومات حول التعريفات الجمركية، وتحليل القدرة التنافسية التجارية.
جيوسياسية البحر الأحمر
يُعد البحر الأحمر، باتصاله بقناة السويس، أحد أكثر الممرّات الملاحية إزدحاماً في العالم. ويتأثر بالإستقرار السياسي والإقتصادي في العديد من البلدان.
يتمتع البحر الأحمر بأهمية إستراتيجية كبيرة، حيث يقع بين قارتي آسيا وأفريقيا، ويفصل بين الشرق الأوسط والشرق الأقصى، كذلك بين أوروبا وآسيا.
إن الموقع الجيوسياسي للبحر الأحمر مهم لأنه حدود طبيعية بين الساحل الشرقي لإفريقيا والساحل الغربي لشبه الجزيرة العربية وطريق حيوي لنقل النفط غير المسلح عبر باب المندب. ولطالما يظل النفط مصدر الطاقة الرئيسي للعالم، فإن هذا الممر الملاحي سيظل قناة حيوية لنقل النفط من الخليج.
يتمتع البحر الأحمر بأهمية إقتصادية متزايدة نتيجة لإحتياطيات النفط الكبيرة في جميع أنحاء المنطقة وموارد المعادن الثمينة. تم إكتشاف كميات هائلة من الزنك والنحاس والفضة والذهب وعناصر مثل الكادميوم والكوبالت والهيدروكربونات في الأعماق المعزولة للبحر الأحمر. وتًعد الملاحة الحرة عبر البحر الأحمر أمراً بالغ الأهمية للتجارة العالمية والتواصل مع آسيا وأفريقيا.
باعتباره طريقاً للتوابل قبل أن يصبح شرياناً للنفط الخام، كان للبحر الأحمر أهمية إستراتيجية بالنسبة إلى الغرب عبر العصور. وتعتمد الولايات المتحدة على نفط الخليج العربي المنقول عبر البحر الأحمر لتشغيل مصانعها ومنازلها والحفاظ على الإقتصاد الأميركي.
وتُعد قناة السويس أيضاً طريقاً سريعاً وفعَّالاً لروسيا لدعم أصولها العسكرية في المنطقة. ويُعتبر الوصول إلى البحر الأحمر ضرورياً لروسيا، لأنه رابط بحري بين أوروبا وأقصى شرق روسيا. إنه طريق حيوي للتجارة والشحن وصيد الأسماك.
إن البحر الأحمر هو بمثابة مركز رئيسي في العالم العربي على المستويين الوطني والجغرافي. نظراً إلى أن البحر الأحمر هو طريق التصدير الرئيسي للنفط العربي، فهو أيضاً ذو أهمية كبيرة لاقتصاداتها حيث يمثل 93-100% من إجمالي صادرات بعض الدول العربية.
آثار الإضطرابات في البحر الأحمر على سلسلة التوريد العالمية
إن الإضرابات الأمنية في البحر الأحمر تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية. ويشكل غياب البنية اللازمة لإدارة الأولويات الأمنية المشتركة عبر البحر الأحمر تحدياً كبيراً. لقد إتخذت العديد من شركات الشحن الكبرى قراراً بوقف الشحن عبر البحر الأحمر. وتستخدم بعض الشركات طريقاً جديداً لنقل البضائع عبر المحيط الهندي مما يؤدي الى تأخير الشحن ويضيف أكثر من مليون دولار إلى تكاليف النقل. وبالتالي يؤدي الوقت الإضافي والنفقات الإضافية للنقل إلى رفع أسعار الوقود وتوافر السلع.
آثار الإضطرابات في البحر الأحمر على التضخم
إن إرتفاع تكاليف الشحن وتأخير الشحن يشكل خطراً جديداً على التضخُّم العالمي. لقد أدت الإضطرابات الأمنية في البحر الأحمر إلى زيادة مخاوف أكبر شركات الشحن في العالم وشركات النفط العملاقة. إن العواقب الوخيمة للإضطرابات التجارية سيكون لها تأثير كبير على الإقتصاد العالمي وقد تزيد من حجم التضخم في أوروبا وفي جميع أنحاء العالم.
إن الإنعكاسات السلبية على شحنات النفط والغاز الطبيعي السائل وإمدادات الطاقة الأخرى، كذلك المنتجات الغذائية مثل زيت النخيل والحبوب ومعظم المنتجات المصنعة في العالم سيؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع والخدمات وبالتالي رفع مستوى التضخم.
آثار الإضطرابات في البحر الأحمر على القوى الجيوسياسية
نظراً إلى التهديدات الشاملة للإستقرار في البحر الأحمر ودوله الساحلية، تتحرّك القوى الدولية لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة. هناك أكثر من إثنتي عشرة منشأة بحرية تديرها أكثر من 11 دولة في منطقة البحر الأحمر، مع العديد من القوات البحرية الأخرى، بما في ذلك البحرية الروسية، التي تتمتع بحقوق التمركز في موانئ مختلفة.
آثار الإضطرابات في البحر الأحمر على طرق التجارة الدولية
يسعى المصدّرون جاهدين لإيجاد طرق بديلة، سواء عن طريق الجو أو البر أو البحر، لتوصيل السلع الإستهلاكية الرئيسية إلى تجار التجزئة، عقب الإضطرابات الأمنية في البحر الأحمر.
لقد أدت الإضطرابات في البحر الأحمر إلى تعطيل الطريق التجاري الرئيسي الذي يربط أوروبا وأميركا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس، كما إرتفعت تكاليف شحن الحاويات. وتتطلّع الشركات إلى نقل بضائعها عبر طرق بحرية بديلة، أطول في كثير من الأحيان. ويكلف نقل البضائع عن طريق الجو ما يقرب من 5 إلى 15 مرة أكثر من نقلها عن طريق البحر.
إقتصادات المنطقة العربية تتجاوز 3.5 تريليونات دولار في 2024
توقعت المؤسسة العربية لضمان الإستثمار وإئتمان الصادرات (ضمان)، أن تُسجل الإقتصادات العربية أداءً أفضل في العام 2024، ليتخطى الناتج العربي 3.5 تريليونات دولار.
وأوضحت المؤسسة في تقرير، أن الناتج المحلي الإجمالي العربي نما 1.8 % ليبلغ 3.4 تريليونات دولار في العام 2023 وفق تقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ تزامناً مع نمو الإقتصاد العالمي بمعدل 3 % خلال العام نفسه.
وأوضح المدير العام للمؤسسة عبدالله أحمد الصبيح، «أن توقُّعات أداء الإقتصاد العربي في مجملها، جاءت إيجابية بالنسبة إلى العام 2024، بمعدّل نمو متوقع 3.6 % مدفوعاً بالنمو المرجح لتسعة إقتصادات نفطية تُسهم بنحو 78 % من الناتج العربي، والذي يُمكن أن يُعوّض إحتمالات إنكماش إقتصادات أخرى».
وعزا الصبيح ذلك في إفتتاحية النشرة الفصلية الرابعة لعام 2023 إلى «تراجع أداء غالبية مؤشرات الإقتصاد العربي خلال العام 2023 لأسباب عدة، منها تراجع الإنتاج النفطي 5.2 %، وأسعار الخام العالمية بـ16.5 %، وظهور الآثار السلبية لتشديد السياسات النقدية ومعايير الإقراض، وتصاعد تطوُّرات الوضع الجيوسياسي وأزمة المديونية والتغيُّرات المناخية».
مؤشّرات إقتصادية وتوقُّعات مستقبلية
وكشف التقرير، أن متوسط نصيب الفرد من الناتج في الدول العربية، قد إنخفض بمعدّل 4.7 % ليبلغ 7482 دولاراً، مع توقعات بأن يرتفع بمعدّل 1.2 % ليبلغ 7573 دولاراً في المتوسط في العام 2024.
وقد إرتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج، وفق تعادل القوة الشرائية بمعدل 3.2 % ليبلغ 18.1 ألف دولار خلال العام 2023؛ وذلك مع إستمرار التفاوت الكبير في ما بين الدول النفطية والأخرى الأقل دخلاً.
وإزداد عدد السكان في المنطقة العربية بنسبة 2 % ليتجاوز 456 مليون شخص في العام 2023، كما إرتفع متوسط معدل البطالة على المستوى العربي إلى 9.4 % خلال العام نفسه.
كما إرتفع متوسّط معدّل تضخُّم أسعار المستهلك في المنطقة العربية إلى 12.1 % في العام 2023، مع توقُّعات بتراجعه إلى 11.7 % في العام 2024، وتراجع الفائض الإفتراضي المجمّع للموازنات العربية إلى 3.3 مليارات دولار، مع توقعات بتحوُّله إلى عجز بـ26.9 مليار دولار خلال العام 2024 ليمثل 0.8 % من الناتج العربي.
وتحسّنت مؤشرات المديونية العربية، باستقرار نسبة الدين الحكومي عند 47 % من الناتج العربي، مع توقعات بتراجعها إلى 46.1 % خلال العام 2024، كما تراجعت نسبة الدين الخارجي لتبلغ 50.8 % من الناتج العربي في العام 2023، وتوقعات بأن تنخفض إلى 49.6 % من الناتج العربي في العام 2024.
أما في شأن التجارة الخارجية العربية، فقد تراجعت بمعدل 5.7 % إلى أقل من 3 تريليونات دولار خلال العام 2023، كمحصّلة لتراجع الصادرات العربية بمعدل 9.7 %، وتراجع الواردات بمعدّل 0.4 %، ليتراجع فائض الميزان التجاري بمعدل 39 % إلى262 مليار دولار خلال العام نفسه.
وتراجع فائض الحساب الجاري للدول العربية بمعدل 52.3 % في العام المنصرم، ليبلغ 180 مليار دولار؛ بما نسبته 5.3 % من الناتج العربي، مع توقعات بمواصلة الانخفاض إلى 157 ملياراً خلال العام 2024 مع تراجع نسبته إلى 4.4 % من الناتج العربي.
وتجاوزت الإحتياطات العربية من العملات الأجنبية حاجز التريليون دولار؛ بما يكفي لتغطية الواردات العربية من السلع والخدمات لمدة 8.6 أشهر، مع توقعات بمواصلة الإرتفاع لتتجاوز 1.1 تريليون دولار في العام 2024.
وذكر عبدالله الصبيح أنه «رغم التوقعات المتفائلة لصندوق النقد الدولي حيال الإقتصاد العربي، إلاَّ أن هذا التفاؤل يتوقف على سيناريوهات الحرب على غزة وأثرها على كل من أسعار النفط العالمية والأوضاع الإقتصادية والسياسية لدول الجوار».
وأشار الصبيح إلى أن تلك التوقعات «تستند أيضاً إلى تأثير الإنتخابات الرئاسية والتشريعية ذات الأهمية والمقرر إجراؤها في 40 دولة خلال العام 2024، ولا سيما مع إحتمالات التغيير في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى جانب إنعكاسات المستجدات السياسية والإقتصادية والمناخية العالمية على الوضع في المنطقة».
إجتمع الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح في العاصمة الأردنية عمّان، مع محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، وكان بحث في التعاون المستقبلي. كما إلتقى وزيرة الإستثمار خلود السقاف، والرئيس التنفيذي للبنك العربي رندة الصادق، ومسؤولين آخرين في البنك بينهم: الرئيس التنفيذي للمصارف وليد السمهوري، ونائب الرئيس الأول ومدير العلامة التجارية في البنك طارق الحاج حسن، كذلك التقى الأمين العام الرئيس التنفيذي للبنك الإسلامي الأردني الدكتور حسين سعيد.
وإجتمع الدكتور فتوح برئيس جمعية البنوك في الأردن الدكتور ماهر المحروق، ورئيس مجلس إدارة كابيتال بنك باسم السالم، والرئيس التنفيذي لبنك القاهرة عمان، كمال البكري، والرئيس التنفيذي لبنك الإسكان عمار الصفدي، والرئيس التنفيذي للبنك التجاري الأردني، سيزار قولاجن.
وإلتقى الأمين العام أيضاً، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي الأردني، الدكتور أحمد حسين، ورئيس مجلس إدارة بنك الأردن، شاكر فاخوري والمدير العام للبنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي.
المصارف القطرية تُعزّز السيولة في السوق المحلية وتدعمها
الموجودات المجمّعة للقطاع المصرفي القطري
في نهاية الربع الثالث من العام 2023 نحو 527.3 مليار دولار
بزيادة 0.8 % عن نهاية 2022
الصيرفة الإسلامية في قطر
يعمل في قطر أربعة مصارف إسلامية، وهي: بنك دخان، مصرف الريان، بنك قطر الدولي الإسلامي، ومصرف قطر الإسلامي. وقد بلغ مجموع حجم أصول المصارف الإسلامية الأربعة المذكورة في نهاية الربع الثالث من العام 2023 نحو 144 مليار دولار، وحجم الودائع نحو 101 مليار دولار.
أما حجم القروض فبلغ قرابة 95 مليار دولار، ورأسمالها نحو 21 مليار دولار، فيما حقّقت أرباحاً بلغت نحو 1.7 مليار دولار. وإستحوذت المصارف الإسلامية القطرية على قرابة 27 % من إجمالي موجودات القطاع المصرفي القطري، و39 % من الودائع، و27 % من القروض، و41 % من رأس المال في نهاية الربع الثالث من العام 2023.
من جهة أخرى، تستحوذ المصارف الإسلامية القطرية على حصة 87 % من مجمل الأصول الإسلامية في دولة قطر.
أظهرت بيانات مجلةThe Banker الصادرة خلال أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخول تسعة مصارف قطرية ضمن قائمة أقوى 100 مصرف عربي لعام 2022 بحسب متانة رأس المال. وقد بلغت الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي القطري في نهاية الربع الثالث من عام 2023 قرابة 527.3 مليار دولار، بزيادة %0.8 عن نهاية العام 2022. وقد بلغت نسبة موجودات القطاع المصرفي القطري إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر قرابة280% حتى نهاية الربع الثالث من العام 2023 مقابل %241 في العام 2022، مما يدل على الزيادة في الأهمية الإقتصادية النسبية للقطاع المصرفي القطري. وقد بلغ مجموع ودائع القطاع المصرفي القطري نحو 262 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من العام 2023.
هيكل القطاع المصرفي القطري
يبلغ عدد المصارف العاملة في قطر، سبعة عشر مصرفاً تشمل عشرة مصارف محلية، تنقسم إلى ستة مصارف تقليدية وأربعة مصارف إسلامية، بالإضافة إلى خمسة مصارف أجنبية ومصرفين عربيين.
البيانات المجمعة للقطاع المصرفي القطري
بلغت الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي القطري في نهاية الربع الثالث من العام 2023 قرابة 527.3 مليار دولار، بزيادة 0.8% عن نهاية العام 2022.
وقد بلغت نسبة موجودات القطاع المصرفي القطري إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر قرابة 280% حتى نهاية الربع الثالث من العام 2023، مقابل 241% في العام 2022، مما يدل على الزيادة في الأهمية الإقتصادية النسبية للقطاع المصرفي القطري.
وبلغ مجموع ودائع القطاع المصرفي القطري نحو 262 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من العام 2023. أما مجموع الإئتمان المحلي فبلغ نحو 345 مليار دولار، فيما بلغ مجمل حسابات رأسمال المصارف نحو 52.3 مليار دولار.
وبالنسبة إلى التوزع القطاعي للتسهيلات الإئتمانية المقدمة من قبل المصارف التجارية في قطر، نشير إلى أن القطاع العام قد حصل على النسبة الأكبر من القروض في نهاية الربع الثالث من العام 2023 (28.4 %)، تلاه قطاع الخدمات (20.5 %)، فالتجارة العامة (14.1 %)، فالعقارات (14.0 %)، فالإستهلاك (13.7 %)، فالمقاولون (3.2 %)، فالصناعة (1.3 %). أما التسهيلات الإئتمانية الى الخارج فبلغت نسبة (4.4 %)
يُتوقع أن يساهم بنحو 15.7 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي في 2030
الذكاء الإصطناعي يهدف إلى تطوير برامج وأنظمة وإتخاذ قرارات مستقلة
الذكاء الإصطناعي (Artificial Intelligence – AI) هو مجموعة من التقنيات والأنظمة التي تهدف إلى تعزيز الكومبيوترات والأنظمة الأخرى بالقدرة على القيام بمهام تُعتبر عادة من صميم الذكاء البشري. يتمثل هدف الذكاء الإصطناعي في تطوير برامج وأنظمة يمكنها التفكير وإتخاذ قرارات مستقلة بناءً على البيانات والخبرة والتعلّم. وبسبب القدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي، وإستخداماته غير المحدودة في معظم المجالات الإقتصادية، فقد أدى إلى منافع ضخمة للإقتصاد العالمي. فبحسب تقرير صادر عن شركة PWC بحث في التأثير المالي للذكاء الإصطناعي، يُتوقع أن يساهم الذكاء الإصطناعي بنحو 15.7 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي في حلول العام 2030. ومن ضمن هذا المبلغ، فإن 6.6 تريليونات دولار سوف تنتج عن زيادة الإنتاجية، و9.1 تريليون دولار، من المرجّح أن تنتج عن الإستهلاك. كما يعتقد المحلّلون أنه سوف يشهد الناتج المحلي الإجمالي للإقتصادات التي تعتمد على الذكاء الإصطناعي زيادة بنسبة 26 %.
رسم بياني 1: المنافع الإقتصادية للذكاء الإصطناعي على الاقاليم الجغرافية الدولية حتى العام 2023
بحسب الرسم البياني رقم 1، من المتوقع أنه في حلول العام 2030، سوف تحصل الصين ودول أميركا الشمالية على المكاسب الإقتصادية الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تعزيز إستخدامات الذكاء الإصطناعي، بقيمة 10.7 تريليون دولار وبنسبة 40.6 % من الناتج الإجمالي المحلي. كما سوف تحقق أوروبا ودول آسيا النامية على مكاسب إقتصادية كبيرة من إستخدامات الذكاء الإصطناعي، حيث يُتوقع أن يساهم بنسبة 31.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في حلول العام 2023.
وفي ما خصّ المجالات المهنية التي تستخدم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، فتشير التحليلات إلى أن العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، يأتون في المرتبة الاولى من حيث إستخدام الذكاء الإصطناعي.
كما يشير الرسم البياني 2 إلى إنتشار إستخدام تطبيقات للذكاء الإصطناعي في قطاعات عدة ومنها القطاعات الإدارية والمالية.
الإستثمار في مجال الذكاء الإصطناعي في العالم
بلغ الإستثمار الخاص في الذكاء الإصطناعي في العام 2022 حول العالم قرابة 92 مليار دولار، وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الإصطناعي في العام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام 2017.
تأتي الولايات المتحدة والصين في طليعة الدول المستثمرة في مجال الذكاء الإصطناعي، حيث تتصدّر الولايات المتحدة اللائحة منذ العام 2013 بإستثمار ما يقرب من 249 مليار دولار في 4,643 شركة بشكل تراكمي. وفي العام 2022 وحده، تم تأسيس 524 شركة ناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي في الولايات المتحدة، وإجتذبت 47 مليار دولار من التمويل غير الحكومي. وفي الوقت نفسه، تلقت الصين أعلى متوسط إستثمار للشركات في العام 2022، حيث شهدت إنشاء 160 شركة ناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي، وبإستثمار 71 مليون دولار لكل منها في المتوسط. علماً أن تقدم الولايات المتحدة على الصين في سباق الذكاء الإصطناعي، سببُه بشكل أساسي وجود «وادي السيليكون» الذي يُعدّ أكبر بؤرة لريادة الأعمال في العالم.
وضعية الدول العربية ضمن المؤشر العالمي للذكاء الإصطناعي
أدّت التطوُّرات التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة إلى تطوير نماذج الذكاء الإصطناعي في القطاعات العامة والخاصة، بالإضافة إلى تعزيز مسيرة التحوُّل الرقمي. ويصنّف المؤشر الذي كشفت عنه جامعة «ستانفورد» وإستند إلى 111 مؤشراً مشتقاً من 28 مصدراً متنوعاً للبيانات، والمعلومات المقدمة من 62 حكومة، حسب قدراتها في مجال الذكاء الإصطناعي على المستوى العالمي، ويتمحور حول محاور ثلاثة هي: التنفيذ، والإبتكار، والإستثمار. ويعتمد المؤشر على معايير عدة، ينبثق منها سبع ركائز فرعية وهي: تحت «محور التنفيذ»: المواهب، البنية التحتية، والبيئة التشغيلية؛ تحت «محور الإبتكار»: البحث والتطوير؛ وتحت «محور الإستثمار»: الإستراتيجية الحكومية، والتجارة.
وقد إحتلت الامارات المرتبة الأولى بين الدول العربية في مؤشر الذكاء الإصطناعي لعام 2023 وفي المركز 28 عالمياً، تلتها المملكة العربية السعودية التي إحتلت المركز 31 عالمياً. أما قطر فقد إحتلت المرتبة الثالثة عربياً، والمركز 42 عالمياً، ثم مصر في المرتبة الرابعة عربياً، و52 عالمياً، فتونس المرتبة الخامسة عربياً و56 عالمياً، فالمغرب المرتبة السادسة عربياً و57 عالمياً، وأخيراً البحرين المرتبة السابعة عربياً و58 عالمياً. وضمن هذا السياق، فقد أدت الإبتكارات التي ظهرت مؤخراً إلى تنمية مجال الذكاء الإصطناعي على مستوى الدول العربية، حيث سخّرت الحكومات جميع الوسائل لتعزيز مكانتها الرقمية، وكيفية التعامل مع الحلول الجديدة وإدارة المخاطر ومعالجة الهجمات الإلكترونية المحتملة.
تطوُّرات الذكاء الإصطناعي في الدول العربية
في إطار إستعداد الدول العربية المنتجة للنفط لمرحلة ما بعد النفط، تعمد تلك الدول منذ فترة إلى تنويع إقتصادياتها، وتراهن بشكل كبير على الذكاء الإصطناعي. وبحسب دراسات صادرة عن PWC، سوف تُحقق السعودية أكبر المكاسب في مجال الذكاء الإصطناعي في الشرق الأوسط، بمساهمة تتجاوز 135 مليار دولار في الناتج المحلي في حلول 2030. ومنذ إعلان المملكة العربية السعودية عن تنفيذ رؤيتها «السعودية 2030»، والتي هي خطة شاملة لتحويل المملكة إلى قوة إستثمارية عالمية وتماشياً مع ذلك، تم إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الإصطناعي للإشراف على تنفيذ الإستراتيجية والمبادرات ذات الصلة، حيث تهدف إلى تزويد موظفي القطاعين العام والخاص بالمهارات اللازمة لإستخدام الذكاء الصناعي ودمجه في مسؤولياتهم الوظيفية.
كما وضعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الإصطناعي جهدها على تطوير منصّات البيانات الضخمة وأدوات التحليل، بالتعاون مع القطاع الخاص، لدمج تقنيات الذكاء الإصطناعي في مجالات رئيسية منها الحكومة من خلال ربط جميع بيانات المؤسسات العامة والإدارية، وتحسين الوصول إلى هذه البيانات، وإنشاء قطاع حكومي ذكي.
أما في مصر، فقد إنعكس الاهتمام بالذكاء الإصطناعي وتطبيقاته على تصنيفها في التقارير الدولية ذات الصلة. ففي التقرير الخاص بالجاهزية الحكومية لتطبيق تقنيات الذكاء الإصطناعي الذي تُصدره مؤسسة Oxford Insights ومركز أبحاث التنمية الدولية، إحتلت مصر المرتبة الثانية في أفريقيا بعد موريشيوس والمرتبة 56 عالمياً في تقرير العام 2022، وهو تقدم كبير مقارنة بالعام 2019، حيث أتت مصر في المرتبة الثامنة أفريقياً، و111 عالمياً من أصل 194 دولة. كما كشف تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2021 عن تقدمها بـ 55 مرتبة في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الإصطناعي. ووفقاً لمؤشر المعرفة العالمي، تقدمت مصر من المرتبة 72 من أصل 138 دولة في العام 2020، إلى المرتبة 53 من بين 154 دولة في العام 2021. كما أصبحت شركات الذكاء الإصطناعي الناشئة المصرية أو المملوكة لمصريين ضمن الأكثر تطوراً على مستوى العالم.
أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد توقعت دراسات PWC أن يُسهم الذكاء الإصطناعي بأكثر من 96 مليار دولار في الإقتصاد الإماراتي، أي ما يعادل 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2030. وتمتلك دولة الإمارات استراتيجية وطنية للذكاء الإصطناعي تم إطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتحدّد تلك الإستراتيجية مجموعة من المبادرات الحكومية التي سيتم الإنتهاء منها في حلول العام 2031، والتي تهدف – من ضمن مجموعة من المجالات – إلى الإستفادة من الذكاء الإصطناعي لإدارة شبكات المياه بإستخدام البيانات الضخمة لدراسة طرق تحسين إستخدام موارد المياه، وإستخدام هذه التقنيات لإدارة قطاع المرور من خلال تطوير آليات وقائية للتنبؤ بالحوادث المحتملة، والإزدحام المروري بناءً على الإحصاءات اليومية في كل منطقة. كما تسعى الإستراتيجية إلى الإعتماد على الذكاء الإصطناعي لتطوير شبكات الكهرباء التي تعتمد على الطاقة المتجددة من خلال دراسة إنتاجيتها على مدار العام، وتنظيم مشاريع جديدة وفقاً لذلك.
أخيراً في المغرب، ففي أغسطس (آب) 2022 تم إطلاق إستراتيجية جديدة للتحوُّل الرقمي في حلول العام 2030. وتهدف هذه الإستراتيجية بالأساس إلى رقمنة الخدمات العمومية، ووضع أسس إنبثاق إقتصاد رقمي يخلق فرص العمل، ويؤسس لوضع أفضل للمغرب في هذا المجال.
وفي ما خصّ المجالات المهنية التي تستخدم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، فتشير التحليلات إلى أن العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، يأتون في المرتبة الاولى من حيث إستخدام الذكاء الإصطناعي.
كما يشير الرسم البياني 2 إلى إنتشار إستخدام تطبيقات للذكاء الإصطناعي في قطاعات عدة ومنها القطاعات الإدارية والمالية.
الإستثمار في مجال الذكاء الإصطناعي في العالم
بلغ الإستثمار الخاص في الذكاء الإصطناعي في العام 2022 حول العالم قرابة 92 مليار دولار، وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الإصطناعي في العام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام 2017.
التوقُّعات المستقبلية للمصارف العربية وآفاق التمويل
ينبغي على العالم العربي تطوير شركات عمالقة التكنولوجيا
وعلى المصارف الإسلامية تعزيز مكانتها العالمية بتسريع التحوُّل الرقمي
لا شك في أن العام 2024 هو عام الإنتخابات في العالم، حيث ستقوم أكثر من 40 دولة بالتصويت للرئاسات الجديدة. وسوف يُمهّد ذلك الطريق لنظام عالمي جديد ينطوي على تغييرات سياسية كبيرة وقوى جيوسياسية صاعدة جديدة. سنعرض معالم النظام العالمي الجديد في العام 2024 الذي سترسمه الإنتخابات المقبلة والحروب المستمرة وتغيّر المناخ والإبتكار التكنولوجي. كما سنعرض أبرز محرّكات الإقتصاد العالمي التي تشكل التوقعات لعام 2024. وبناءً على ذلك، نضع التوقعات للمصارف العربية والعملات المشفّرة والتمويل والإستثمار في العام 2024. ونختتم بالتوصيات للمصارف والقيادات العليا في الدول العربية لخوض المسار نحو النظام العالمي الجديد لعام 2024.
معالم النظام العالمي الجديد في العام 2024
إن الإنتخابات المقبلة والحروب المستمرة ومواجهة تغيُّر المناخ والإبتكار التكنولوجي سوف تشكل معالم النظام العالمي الجديد في العام 2024 كالتالي:
الإنتخابات المقبلة
«الإنتخابات المقبلة ستُغيّر موازين القوى في العالم مما ينجم عنه نظام عالمي جديد».
عام 2024 هو عام الإنتخابات في العالم، وستكون الإنتخابات الرئاسية في الدول الكبرى عاملاً رئيسياً في تحديد موازين القوى الجديدة في العالم. وهنا قائمة بالإنتخابات الرئاسية المقبلة حول العالم في العام 2024 والنتائج والتأثيرات المحتملة:
الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة
يتقدم العديد من المرشحين من مختلف الأحزاب لرئاسة الولايات المتحدة في العام 2024. إلاّ أن الإختيار النهائي سيظل منحصراً بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.
إلاَّ أنه في ظل التطورات العالمية الأخيرة، والفشل على المستوى الدبلوماسي في وضع حد للحروب، تفقد الولايات المتحدة دورها الريادي في العالم.
الإنتخابات الرئاسية في روسيا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبقى حتى العام 2030 دون منافس.لقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه سيُرشح نفسه للإنتخابات الرئاسية المقررة في مارس/آذار 2024. ومن المؤكد أنه سيفوز بولاية خامسة كرئيس، مما يسمح له بمواصلة قيادة الغزو الروسي لأوكرانيا.
إن الحرب على غزة حوّلت أنظار العالم عن الحرب الروسية على أوكرانيا، والمستفيد هو فلاديمير بوتين.
الإنتخابات الرئاسية في تايوان
سوف تؤثر الصين بشكل كبير على الإنتخابات الرئاسية في تايوان. في 13 يناير/كانون الثاني 2024، سيتم إنتخاب الرئيس التالي لتايوان والمجلس التشريعي في البلاد. إن كيفية التعامل مع الصين هو الموضوع الرئيسي الذي يُحدّد مصير الإنتخابات.
لا تزال الصين تطالب بتايوان، وتعتبرها من أراضيها. والصين على إستعداد لشن هجوم عسكري إذا تدخلت أميركا في ذلك. تُرسل الصين يومياً طائرات حربية إلى مضيق تايوان. وتقوم أميركا أيضاً بتكثيف التدريبات العسكرية مع حلفائها عبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ. سوف تتأثر نتائج الإنتخابات الرئاسية المقبلة في تايوان بشكل كبير بالمنافسة الشديدة بين الصين والولايات المتحدة.
إنتخابات البرلمان الأوروبي
ستُحدث الإنتخابات الأوروبية في العام 2024 تغييراً كبيراً على مختلف الأصعدة، بما في ذلك تغييرات في السياسات الوطنية في الدول الاوروبية وسياسات الإتحاد الأوروبي.
في العام 2024، سيتم تشكيل جديد للبرلمان الأوروبي، وتغيير لمفوضي الإتحاد الأوروبي الحاليين، مع إمكانية تعيين رئيس جديد للمفوضية الأوروبية، وتعيين رئيس جديد للمجلس الأوروبي. ومن المؤكد أن هذا التحوُّل السياسي سيؤدي إلى تغيير جذري في جدول أعمال الإتحاد الأوروبي. إن العوامل الخارجية مثل الحرب في أوكرانيا، والحرب على غزة، والتحوُّل إلى الإقتصاد الأخضر، والتحدّيات الإقتصادية، وخصوصاً تلك المتعلقة بميزانية الإتحاد الأوروبي، سيكون لها تأثير كبير على نتائج الانتخابات المقبلة في العام 2024.
الإنتخابات الرئاسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيتم إجراء إنتخابات رئاسية عدة في العام 2024. بعد الإنتخابات الرئاسية في مصر في ديسمبر/كانون الأول 2023، سيتم إجراء الإنتخابات الرئاسية في العام 2024 في الجزائر وإيران وموريتانيا وتونس.
ولا شك في أن هذه الإنتخابات سيكون لها تأثيرات متفاوتة إيجابية ودون ذلك، إلاَّ أنها ستتأثر بشكل كبير بالحروب المستمرة في المنطقة.
الحروب القائمة
«إن استمرار الحروب القائمة حالياً سيكون لها تأثير على كل القطاعات الاقتصادية في العالم بأسره».
إن إستمرار الحروب سيكون له تأثير كبير على التجارة العالمية، والوصول إلى الموارد العالمية بما في ذلك الغذاء والوقود. كما وسيكون لإستمرار الحروب تأثير كبير على نتائج الإنتخابات المقبلة في العام 2024.
تغيُّر المناخ
«إن تغيّر المناخ له تأثير كبير على العالم وعلى القوى الجيوسياسية».
إن الدول التي تفشل في مواجهة تحدّيات تغيّر المناخ، ستفقد مكانتها على الصعيد الدولي.
إن التحوُّل الأخضر green transition وإنهاء إستخدام الوقود الأحفوري، وتحقيق هدف خفض إنبعاثات الكربون الصافية إلى صفر، أمور أساسية لها أثر كبير في تشكيل السياسات المستقبلية، وصنع القرار وتحديد القدرة التنافسية للمؤسسات على المستوى العالمي.
إن الحروب القائمة والمستمرة، لها أثر كبير في تعطيل مسار التحوُّل إلى الإقتصاد الأخضر إلاّ أن السباق لقيادة تكنولوجيات الطاقة النظيفة سيظل قائماً في المستقبل.
التقنيات المبتكرة
«كفانا إنبهاراً بالذكاء الإصطناعي وآن الأوان للإلتفات نحو التقنيات الرائدة الجديدة».الذكاء الإصطناعي منتشر على نطاق واسع، وله العديد من المزايا ولا يخلو من العيوب. لدينا ما يكفي من الذكاء الإصطناعي، ونحتاج إلى المزيد من الذكاء الدبلوماسي والذكاء السياسي لإنقاذ العالم. هناك حاجة إلى المزيد من التقنيات الرائدة الجديدة.لقد وعد الذكاء الإصطناعي بتقديم الكثير إلاَّ أنه قدّم القليل مع الإفتقار إلى الرقابة والتنظيم.
هنالك تقنيات جديدة مبتكرة مرشحة لتكون أفضل التقنيات في العام 2024 بما في ذلك إنترنت الأشياء والحوسبة الكمومية.
إن الطرق والمركبات الكهربائية ستشكل معالم قطاع النقل في المستقبل، إلاَّ أن ذلك ينطبق على البلدان التي تتمتع ببنية تحتية تقنية رائدة.
آفاق الإقتصاد في العام 2024
سيستمر التضخُّم وإرتفاع أسعار الفائدة واختلال الموازين التجارية، وتباطؤ النمو من أبرز العوامل التي تؤثر على آفاق الإقتصاد العالمي في العام 2024. ومن المتوقع إستمرار الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية في العام 2024.
«إن الإقتصاد العالمي يحتاج إلى علاج بصدمة لميزانية إنفاق الحكومات».
هناك حاجة إلى تخفيضات صارمة في الانفاق الحكومي في مختلف الدول لتفادي الأزمة الإقتصادية العالمية المحتملة والركود المقبل وخفض التضخُّم ولجم إرتفاع أسعار الفائدة.
إن الإنفاق على الحروب وميزانية الدفاع، تضغط على الميزانية المالية في مختلف البلدان. وهناك ضرورة قصوى لتحقيق توازن أكبر، وترشيد الإنفاق المالي الأساسي، وتخفيض الميزانيات المخصصة للحروب في مختلف البلدان، وتحويلها إلى الإنفاق على الأمور الرئيسية مثل الرعاية الصحية ومواجهة تغيُّر المناخ والتعليم.
آفاق المصارف العربية في العام 2024
سيكون العام 2024 عاماً صعباً آخر على المصارف التقليدية والإسلامية في العالم العربي.
ويتوجَّب على المصارف العربية أن تضع الإستراتيجيات الخاصة للإستجابة لنتائج الإنتخابات المقبلة، وتأثير إستمرار الحروب، والتهديدات بالتباطؤ الإقتصادي والركود الإقتصادي التي تلوح في الأفق.
إن التحوُّل الرقمي، وتحقيق الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة Environmental, Social and Governance ESG ومواجهة المنافسة الشرسة من الأنظمة المالية اللامركزية وشركات التكنولوجيا المالية (الفينتك Fintech) من أهم العوامل التي تحدد إستمرارية وإستدامة المصارف في العالم العربي.
لقد غابت المصارف الإسلامية عن الذكر في العام 2023 في خضمّ جهود الرئاسة الفرنسية لوضع ميثاق مالي جديد. ويسعى الميثاق المالي الجديد إلى تحديد ملامح نظام التمويل العالمي الجديد. كما ويهدف إلى تعزيز أهداف الإستدامة، وتلبية إحتياجات البلدان الفقيرة، ووضع أطر جديدة للمؤسسات المالية الدولية، التي كانت وليدة لإتفاقية «بريتون وودز»، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليان.
إن العام 2024 هو عام تعزيز دور المصارف الإسلامية على الصعيد العالمي، وذلك في المساهمة في التنمية العالمية المستدامة، والإستجابة لأزمتي الغذاء والوقود، ومساعدة البلدان الفقيرة.
تبذل المصارف الإسلامية جهوداً كبيرة اليوم، إلاَّ أن النظام المالي الإسلامي، لا يزال النظام المالي الموازي الثانوي وليس النظام الأساسي.
وفي العام 2024، ستكون المصارف الإسلامية أكثر تطلُّعاً إلى تعزيز مكانتها إلى جانب النظام المالي التقليدي الحالي، مع تحديد خيارها بين المركزية واللامركزية.
إن التحوُّل الرقمي، سيكون من أبرز عوامل نجاح المصارف في العالم العربي. ويزداد إدراك المصارف العربية لحجم تهديدات الأمن السيبراني، وخصوصاً في فترة الحروب. وستكون المصارف العربية في العام 2024 أكثر حرصاً على تعزيز بنيتها التحتية الرقمية وحمايتها من تهديدات الأمن السيبراني.
إن التشريعات سيكون لها دور كبير في تشكيل مستقبل المصارف العربية. ويكمن التحدّي الأكبر في إمكانية المصارف العربية من الإلتزام بالتشريعات الصادرة عن الغرب، والتي قد لا تتناسب مع إحتياجات المؤسسات في العالم العربي.
وستلجأ بعض المصارف العربية الكبرى الى تغيير نماذجها المصرفية مع التركيز على إمكانية تطبيق اللامركزية. ومن المتوقع أن تكون بعض المصارف العربية الكبرى رائدة في تطوير نماذج مصرفية جديدة.
آفاق التشفير في العام 2024
«في العام 2024، سيشهد العالم المزيد من الإبتكار في حقل العملات المشفرة ودوراً أكبر لها».
سوف تستفيد العملات المشفَّرة من النظام العالمي الجديد في العام 2024. وسيكون للحروب والإنتخابات وتغيُّر المناخ والإبتكار التكنولوجي، تأثير إيجابي على الإستخدام الأوسع وإعتماد العملات المشفّرة.
وهناك توقعات لإرتفاع سعر البيتكوين إذ إنه قد يصل إلى 100000 دولار في العام 2024. ويرى العديد من الخبراء الماليين أن قيمة البيتكوين ستتضاعف في العام 2024.
سوف تستمر العملات المشفرة في تطورها، وسيشهد العام 2024 نمواً غير مسبوق، وابتكاراً تكنولوجياً ومزيداً من الوضوح التنظيمي، وقبولاً متزايداً وإعتماداً أكبر للعملات الرقمية من قبل الأفراد والمؤسسات. وستتبنَّى المؤسسات المالية الكبرى الأصول الرقمية مع إصدار المزيد من التنظيمات لهذه الاصول.
ستقوم العديد من البنوك المركزية حول العالم بتطوير وإستخدام عملاتها الرقمية الخاصة بها في العام 2024، مع قبول ودعم أكبر من السلطات الحكومية.
سيكون حلول التشغيل البيني والحلول التي تقدمها سلسلة الكتل البلوكشين Blockchain محوراً رئيسياً في العام 2024 لنظام بيئي أكثر ترابطاً للعملات المشفرة، مما يؤدي إلى تسهيل الإتصال السلس، ونقل الأصول بين شبكات البلوكشين blockchain المختلفة.
مع إستمرار نموّ صناعة العملات المشفّرة، سوف تتزايد التهديدات السيبرانية. في العام 2024، نتوقّع إجراءات أمنية مكثفة حيال العملات المشفّرة.سوف تستثمر بورصات العملات المشفّرة في تعزيز البنية التحتية الأمنية القوية، وتنفيذ تقنيات التشفير المتقدمة وحلول التخزين اللامركزية لحماية أصول المستخدم.
في العام 2024، سيتم تعزيز تنظيم العملة المشفرة. وسيكون هذا التنظيم أكثر وضوحاً وأكثر تكييفاً مع السوق العالمية. في العام 2024، ستتعامل البلدان المختلفة مع تنظيم العملات المشفرة بطرق متفاوتة وفقاً لمعطياتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وسوف تتبنى بعض الدول العربية العملات الرقمية بإعتبارها شكلاً مشروعاً من أشكال التمويل، في حين ستظل بلدان أخرى حذرة أو حتى متشكّكة.
سيشهد التمويل اللامركزي (Decentralized Finance DeFi) المزيد من الإبتكار في العام 2024، ونتوقع نضوجاً أكبر لنظام التمويل اللامركزي البيني في معالجة المخاوف المتعلقة بالأمان السيبراني، وقابلية التوسُّع وتحسين تجربة المستخدم. وسيتم أيضاُ تحسين إمكانية التشغيل البيني بين منصات التمويل اللامركزي المختلفة.
سوف تتطور الرموز غير القابلة للإستبدال (Non-fungible tokens NFTs) في العام 2024 وسيتم إستخدامها في مجالات مختلفة مثل العقارات والألعاب والملكية الفكرية.
سيتم تحديد مستقبل العملة المشفرة في العام 2024 من خلال النمو والنضج والتكامل غير المسبوق. كما وسيتم معالجة تحديات الأمن السيبراني والإمتثال التنظيمي والتأثير البيني بشكل أفضل في العام 2024.
آفاق التمويل في العام 2024
«هناك حاجة إلى التمويل الضخم للمشاريع الكبرى الناتجة عن الشراكات الجيوسياسية في إطار النظام العالمي الجديد».
مع ظهور قوى جيوسياسية جديدة إثر الحروب والانتخابات في العام 2024، سيتم إنشاء شراكات بين مختلف القوى الصاعدة الجديدة. سوف تُقر هذه الشراكات مشاريع ضخمة وستحتاج إلى تمويل ضخم. وعليه، فإن العام 2024 سيكون عام الابتكار في الأدوات المالية لتمويل مشاريع وشراكات ضخمة GIGA finance.
خوض المسار نحو النظام العالمي الجديد في العام 2024
«يجب أن يكون لدى العالم العربي خارطة طريق واضحة في سيره نحو النظام العالمي الجديد في العام 2024».
بعض التوصيات للمصارف العربية والسلطات في العالم العربي للسير نحو النظام العالمي الجديد في العام 2024:
المزيد من المرونة
على المصارف العربية تعزيز تدابير المرونة لديها، ووضع إستراتيجيات تتكيّف مع جميع النتائج والسيناريوهات المحتملة من الحروب والإنتخابات وتغيُّر المناخ في العام 2024.
إستخدام تكنولوجيا الذكاء الدبلوماسي والسياسي
يجب أن تكون المصارف العربية أكثر ذكاءً من الذكاء الإصطناعي في العام 2024. يفقد الذكاء الإصطناعي (AI) رونقه مع نقص التنظيم واستخدامه في التضليل والمعلومات الخاطئة misinformation and disinformation. ويتوجب على المصارف العربية دعم تطوير وإبتكار التكنولوجيات الجديدة التي تتضمَّن الذكاء الدبلوماسي والسياسي.
تخصيص التمويل الضخم لعمالقة التكنولوجيا في العالم العربي
ينبغي على العالم العربي أن يعمل على تطوير شركات عمالقة التكنولوجيا. ويتوجب على المصارف العربية أن يكون لها دور في هذا المضمار وتدعم هذا المسعى. ولهذا الغرض، ينبغي على المصارف والسلطات في العالم العربي وضع سياسات وإستراتيجيات للإبتكار التكنولوجي والإستثمار لتشجيع تطوير شركات عمالقة التكنولوجيا.
علاوة على ذلك، يتوجب تحديد عوامل النجاح الرئيسية لوضع عمالقة التكنولوجيا العرب في موقع تنافسي رائد في سوق التكنولوجيا العالمية.
رؤية عالمية أكبر للخدمات المصرفية الإسلامية
يتوجب على المصارف الإسلامية والهيئات التنظيمية المالية الإسلامية والبورصات المالية الإسلامية أن تتكاتف لتعزيز مكانتها في العالم ودعم التحوُّل من دور البنوك الموازية إلى البنوك الرائدة وذلك بتسريع التحوُّل الرقمي في المصارف الإسلامية، وتطوير عملة رقمية إسلامية موحدة، ولعب دور أكبر في تحقيق الاستدامة، ورفع مستوى المرونة في مواجهة الأزمات، وتصميم نظام مالي إسلامي جديد مبتكر، يُمكنه أن يقود النظام المالي العالمي، ذلك من شأنه أن يُمهد الطريق أمام ميثاق مالي عالمي جديد وعادل.
أعلن الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح عن توسيع نطاقه العالمي من خلال شراكة رائدة مع الإتحاد الدولي المصرفي IBFed، حيث وقّع إتحاد المصارف العربية رسمياً مذكرة تفاهم مع الـ IBFed، لتعزيز الروابط العالمية المتنوّعة وتعزيز التعاون.
تنضمُّ إلى عضوية إتحاد المصارف العربية بصفة عضو مراقب
أعلنت جمعية مصارف البحرين برئاسة عدنان أحمد يوسف، إنضمامها إلى عضوية إتحاد المصارف العربية، بصفة عضو مراقب، حيث يضم إتحاد المصارف العربية 360 مؤسسة مالية ومصرفية عربية، تشمل المصارف التجارية والإستثمارية والإسلامية العاملة داخل العالم العربي وخارجه، إضافة إلى جمعيات المصارف والبنوك المركزية المنضمّة بصفة عضو مراقب.
وأكد الأمين العام للإتحاد الدكتور وسام فتوح «أن إنضمام جمعية مصارف البحرين إلى أسرة الإتحاد، يُعزّز توجُّهاتنا ويزيدنا ثقة بدورنا وأهدافنا، ويُوسّع آفاق وقوة وموقع القطاع المصرفي العربي، هذا الإتحاد الذي أصبح يحتاج اليوم أكثر فأكثر إلى تدعيم قوّته وفاعليته من خلال إنضمام المزيد من المؤسسات المصرفية العربية إلى أسرته، ليتمكن من القيام بدوره العربي والدولي، وتحقيق الأهداف التي يصبو إليها قطاعنا المصرفي. ونتشرّف بضم صوتكم في صنع القرار المصرفي العربي من خلال أسرة الإتحاد».
إختارته كبرى منظمات المسؤولية الإجتماعية في العالم العربي
ضمن الشخصيات العربية الأكثر تاثيراً في المسؤولية المجتمعية لعام 2023
وثيقة التميُّز الدولية في مجال المسؤولية المجتمعية
للدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية
والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية – لبنان
إختارت الشبكة الإقليمية للمسؤولية الإجتماعية، والأكاديمية الدولية للمسؤولية المجتمعية، وبرنامج سفراء دوليون للمسؤولية الإجتماعية، الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية – لبنان، ضمن الفئة الفخرية للشخصيات العربية الأكثر تأثيراً في مجال المسؤولية المجتمعية لعام 2023، حيث منحته وثيقة التميُّز الدولية في مجال المسؤولية المجتمعية.
KIB يُطلق جهاز الصرّاف التفاعلي لتوفير تجربة مصرفيّة حديثة ومبتكرة
من جهة أخرى، أعلن «الكويت الدولي» (KIB) إطلاق جهاز الصرّاف التفاعلي، وهو حلّ مبتكر مصمّم لتوفير تجربة مصرفيّة متميّزة وسلسة لكافة شرائح العملاء. وتأتي هذه الخطوة في إطار إستراتيجية البنك الشاملة والهادفة إلى مواكبة جهود التحوّل الرقمي المستمرّة ومواصلة تطوير خدماته ومنتجاته.
ويجمع جهاز الصراف التفاعلي بين سهولة الخدمات المقدّمة عبر أجهزة السحب الآلي والطابع الشخصي الذي تضفيه الخدمات المصرفية الشخصية، كما يتيح للعملاء إمكانية تنفيذ مجموعة واسعة من المعاملات المصرفيّة، بما فيها السحب النقدي، الإيداع النقدي، إيداع وصرف الشيكات، إلى جانب الرد على الإستفسارات العامة بمساعدة موظفي خدمة الجهاز من خلال مكالمات فيديو عالية الدقة.
ويقول رئيس مركز الإتصال في KIB، حمد الرضوان: «نفتخر بهذه الخطوة المتقدّمة والمتمثّلة بإضافة جهاز الصراف التفاعلي إلى مجموعة حلولنا المصرفية المبتكرة»، مشيراً إلى «أن هذه المبادرة المتميّزة تعكس إلتزامنا المستمر بتقديم خدمة إستثنائية تضمن راحة وأمان عملائنا، إذ سيُسهم جهاز الصرّاف التفاعلي في تمكينهم من الوصول إلى الخدمات بسهولة أكبر من أجل إنجاز مجموعة كبيرة من العمليات المصرفية بسلاسة على مدار الساعة».
KIB يعلن الرابح في سحب حملة «فتح حساب الدروازة إلكترونياً»
على صعيد آخر، أعلن «الكويت الدولي» (KIB) إسم العميل الرابح في سحب حملة «فتح حساب الدروازة إلكترونياً» خلال ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث فاز العميل يعقوب يوسف السلخدي. ويأتي هذا السحب في إطار الحملة المستمرّة والمصمّمة لتوفير تجربة مصرفيّة رقميّة مميزة، من أجل مكافأة عملائه ممّن فتحوا حساب الدروازة إلكترونياً عبر منصاته الرقمية، سواء من خلال « KIBأونلاين»، أو تطبيق « KIBموبايل».
ويقول مساعد المدير العام في الإدارة المصرفية للأفراد في KIB، نواف الخريّف: «أُهنّئ عميلنا الفائز في السحب الشهري ضمن حملتنا المتواصلة والمصمّمة لمكافأة المزيد من العملاء، وتوفير فرص أكثر لهم للتمتّع بالمزايا والمكافآت التي تناسب أسلوب حياتهم العصري، مقابل فتح حساب الإدخار إلكترونياً، إضافة إلى إبتكار أحدث الحلول المصرفية الرقميّة المبتكرة. ولا يزال حساب الدروازة، الأقوى من نوعه في الكويت، يُواصل إستقطاب المزيد من العملاء المهتمّين بالتوفير والإدّخار والربح، في الوقت ذاته، وذلك بفضل الجهود الدؤوبة التي يبذلها موظفو البنك، إلى جانب الثقة والدعم الدائم من قبل العملاء».
يتحضّر الإقتصاد العالمي لإستقبال مشروع إقتصادي ضخم، تمّ الاعلان عنه في قمّة العشرين التي إنعقدت في أيلول (سبتمبر) 2023 هو«الممر الإقتصادي والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق (IMEC)»، الذي يُتوقع أن تكون له بصمة على الخريطة التجارية العالمية نظراً إلى الحيوية التي سيخلقها في عمليات التبادل التجاري بين الدول، والمكانة السياسية التي ستحتلها هذه الأخيرة، نتيجة مكانتها الإقتصادية عالمياً.
في التوصيف الجغرافي، يتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين، أحدُهما يربط الهند بالخليج العربي، والآخر يربط الخليج العربي بأوروبا. وسيمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يعبر المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل، قبل أن يصل إلى أوروبا.
المشروع يُنظر إليه على أنه منافس لمشروع الحزام والطريق، الذي أطلقته الصين قبل 10 سنوات، بالإضافة الى تأثيره على قناة السويس المصرية التي تستحوذ على 12 % من حركة التجارة العالمية. أما في ميزان الخبراء الإقتصاديين فيعتبرون أن «ما يُؤمّنه المشروع لنقل الطاقة من خلال الممرّات، لا يشكل 1 % مما يُمكن نقله عبر السفن العملاقة التي تمرُّ عبر قناة السويس».
ويرى الخبراء أن «المشروع هو نوع من أنواع تعزيز التجارة البينية لمجموعة من الدول، مثل المحور الذي يربط بين الهند وإيران وروسيا، والذي لا يتجاوز حجم التجارة البينية من خلاله ما بين 6 و12 مليون طن، وهو رقم لا يقارن. لكن إضافة ممرّات نقل جديدة هو أمر ضروري لمواجهة الزيادة السكانية، وزيادة حجم التجارة، ونوع من أنواع التكامل». ويستبعدون «إنجاز المحور أو الممر قبل 15 عاماً، وقد يمتد إلى 20 عاماً. وفي غضون ذلك تعمل مصر على تنمية وتوسعة ممر قناة السويس ومواكبة التطورات الجديدة». في المقابل، يُسجل الخبراء أن «مشروع خط الأنابيب المزمع إنشاؤه بين الإمارات وميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة، ومنه إلى ميناء حيفا، سيُقلّل حركة المرور عبر قناة السويس بنسبة قد تصل إلى 16 % ».
الخوري: لا مقارنة بين ممر الهند ومبادرة الحزام والطريق
يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور بيار الخوري لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «الطريق الذي أُعلن عنه في قمّة العشرين IMEC، حيث يربط بشكل أساسي الهند بأوروبا عن طريق الشرق الأوسط ، هو طريق لإدراج الهند بطريقة أقوى بالتجارة العالمية وخصوصاً نحو أوروبا»، لافتاً إلى أن «الهند تحتاج إلى الممر، لأنها إقتصاد يكبر بسرعة، وتحتل المركز الخامس عالمياً، وقد تمكّنت من إزاحة بريطانيا عن هذا المركز. وبحسب توقعات دولية موثوقة بين عامي 2050 و2075، ستتحوّل الهند إلى ثاني إقتصاد في العالم».
يضيف الخوري: «تملك الهند فرصاً كبيرة ولكنها تحتاج الى ممرّات، لأن أكلاف النقل هي من العوامل الاساسية في التجارة العالمية ( 10 % زيادة) هو من يجعل مناطق إقتصادية تتفوق على مناطق إقتصادية أخرى، ونحن نعلم أن هناك الكثير من الشركات الدولية باتت موجهة أكثر نحو الهند، ويتم تشجيعها على ذلك في ظل الصراع التجاري الكبير القائم بين الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة والصين»، لافتاً إلى أن «الهند تُعتبر ملجأ الإستثمارات في حال تطوّر هذا النزاع إلى نوع من توتر أو حروب او مقاطعة شاملة، لكن في الوقت الحالي، لا يزال حجم الإقتصاد الهندي يشكل معادلة (1 على 5)، من حجم الإقتصاد الصيني، لكن لعبة الممرّات هي لعبة مختلفة، ومبادرة الحزام والطريق كانت أول ممرّ دولي كبير للتجارة، التي ستسمح بتطوير علاقات بين الخليج وأفريقيا وأوراسيا وأوروبا ومصدرها الصين».
ويرى الخوري «أن مبادرة الحزام والطريق هي مشروع كبير جداً، ويتطلب إستثمارات ضخمة. علماً أن الصينيين صرفوا نحو تريليون دولار على هذه الطريق، ويُتوقع أن يصرفوا أيضاً 5 تريليونات أخرى أيضاً، وهذه الطريق تُعالج كل مشاكل البنية التحتية المترهّلة التي ستمرُّ فيها، وتفتح باباً لهذه الدول، كي تسد فجوة الموارد من أجل بناء البنية التحتية فيها، والتي هي غير متوافرة من مصادر تمويل أخرى وتؤمّنها الصين، بينما الممر المطروح من الهند هو طريق أكثر تواضعاً بحجمه، ومعظم الطرق المقترحة له لا تحتاج إلى بناء».
الخوري: حجم الممر الهندي لا يُمكن أن يوازي حجم المشروع الصيني لكنه مشروع عظيم من أجل الهند
هل يضرُّ الحزام والطريق؟
يجيب الخوري: «أعتقد أن ما قام به الصينيون في العام 2013 هو رؤيوي، لأنهم إستشرفوا عالم النقل إلى أين ذاهب؟ وأين هي الإختناقات التي يعانيها؟ وفتحوا الطريق لأمم أُخرى بأن تُفكر بالطريقة نفسها IMECوهو إستكمال لطريقة التفكير التي بدأها الصينيون منذ العام 2013 عن طريق «الحزام والطريق» أكثر مما هو طريق، هدفه قطع المنافذ على الصين»، مشدّداً على أن «هذا الأمر غير مطروح، ولا حجم الممر الهندي يُمكن أن يُوازي حجم المشروع الصيني، لكنه مشروع عظيم من أجل الهند، لأنه يجب أن تأخذ حقها في التجارة العالمية، وهي أمة صاعدة إقتصادياً بقوة، ولديها ممرّات أخرى، وخصوصاً الممر الذي يمر بإيران نحو آسيا الوسطى وروسيا. ولا ننسى أن هذا الممر IMEC يطرح السؤال عمّا إذا كان يُمكنه أن ينافس قناة السويس التي تتميّز بأقل كلفة شحن في العالم، والتي تبلغ 30 % من البضائع التي تمر بالتجارة عبر العالم».
ويختم الخوري قائلاً: «إن هذه الأسئلة حقيقية، لكني أعتقد أننا سنرى ممرّات جديدة بين الأمم، لأن المستقبل هو أن نجد ممرّات تجارية بأقل كلفة ممكنة».
غبريل: الممر الهندي كفكرة هي كبيرة وضمن رؤية ولكن نتائجها تنتظر التطبيق الفعلي
غبريل: علينا إنتظار التطبيق
من جهته، يوضح الخبير الإقتصادي نسيب غبريل لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، أن «المشروع IMEC، يُساعد على التبادل التجاري والإقتصادي للبلدان المشاركة فيه، والافكار جميلة، بإنتظار التطبيق الفعلي والمهل الزمنية التي سيُطبق فيها المشروع. وهناك جزء له علاقة بالبنى التحتية، ومما لا شك فيه أن إرتفاع حجم التبادل التجاري يُخفّض التوترات السياسية والأمنية نظرياً. إجمالاً كفكرة هي كبيرة، وضمن رؤية، ولكن نتائجها تنتظر التطبيق الفعلي».
قزح: قناة السويس سيتقلص دورها جداً ولبنان لن يستفيد من هذا الممر لأنه غير موجود على الخريطة
قزح: الممر بديل عن المشروع الصيني
ويرى الخبير الإقتصادي ميشال قزح لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «هذه الطريق هي بديل عن طريق الحزام والطريق الصيني، ويُقصّر عمليات التبادل التجاري والتسليم والشحن بين الدول المشاركة، ويُصبح تبادل هذه العمليات التجارية بطريقة أكثر فعالية، وبالتأكيد البلدان التي يمرّ فيها هذا الممر تجني الإستفادة الإقتصادية والسياسية وعلى كل الأصعدة».
ويختم قزح قائلاً: «بالإضافة إلى أنه يُقصّر في عمليات الشحن، فإن هذا الخط يحتاج إلى إستقرار أمني، وإسرائيل ستكون محطة من محطاته من خلال ميناء حيفا، وقناة السويس سيتقلص دورها جداً، ولبنان لن يستفيد من هذا الممر، لأنه غير موجود على الخريطة».
سلطة النقد تُطلق مجموعة من المبادرات لتطوير قطاع التكنولوجيا المالية
وتعزيز التحوُّل الرقمي والبنية التحتية لأنظمة الدفع في فلسطين
يبلغ عدد المصارف العاملة في فلسطين 13 مصرفاً، تقسم إلى سبعة مصارف محلية (منها ثلاثة مصارف إسلامية وأربعة تقليدية)، وستة مصارف عربية (خمسة مصارف أردنية ومصرف مصري واحد). وقد بلغ عدد الفروع المصرفية في نهاية الربع الثاني من العام 2023، 382 فرعاً ومكتباً، فيما بلغ عدد أجهزة الصرّاف الآلي 728. يتضمّن الجدول رقم 1 لائحة بالمصارف العاملة في فلسطين ونوعها، ويتضمّن الجدول رقم 2 لائحة بأكبر 10 مصارف عاملة في فلسطين والبيانات المالية الأساسية لها.
مستويات مرتفعة من رأس المال من أعلى النسب في المنطقة العربية
يبلغ عدد المصارف العاملة في الأردن 20 مصرفاً، تشمل 15 مصرفاً محلياً أردنياً، وهي تنقسم إلى 12 مصرفاً تقليدياً، وثلاثة مصارف إسلامية، بالإضافة الى سبعة مصارف أجنبية، وهي تشمل ستة مصارف تقليدية، ومصرف إسلامي واحد. وبحسب آخر بيانات البنك المركزي الأردني، تدير المصارف الأردنية شبكة فروع تبلغ 865 فرعاً.
هيكل القطاع المصرفي الأردني
بالنسبة إلى توزع ملكية هذه الفروع، تمتلك المصارف التقليدية الأردنية 644 فرعاً، والمصارف الإسلامية الأردنية 188 فرعاً، بالإضافة إلى 33 فرعاً تابعة للمصارف الأجنبية. وقد ترافق إرتفاع عدد الفروع المصرفية مع توسع في عدد أجهزة الصراف الآلي لتزيد من 2,113 جهازاً في نهاية العام 2021 إلى 2,202 جهازاً في نهاية العام 2022. ويخطى عدد موظفي المصارف الأردنية عتبة 22 الفاً في نهاية العام .2022
يبيّن الجدول رقم 1 المصارف العاملة في الأردن ونوع نشاطها.
الرئيس التنفيذي المدير العام للبنك الإسلامي الأردني الدكتور حسين سعيد:
نسعى إلى إبتكار وطرح مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصرفية
التي تلبي رغبات متعاملينا وإحتياجات السوق المصرفية الأردنية
يُعد البنك الإسلامي الأردني أقدم وأكبر وحدات مجموعة البركة، وهذا يُعطي ميزة قوية للمصرف بإعتباره مصرفاً محلياً أولاً، ولكن ببعد عالمي من خلال إتاحة الفرصة لمتعامليه الإستفادة من الخدمات والمنتجات المقدمة من بنوك مجموعة البركة، كذلك إستفادة متعاملي بنوك المجموعة من الخدمات والمنتجات المقدّمة من مصرفنا، وذلك بالتنسيق مع إدارة المجموعة.
ويقول الرئيس التنفيذي المدير العام للبنك الإسلامي الأردني الدكتور حسين سعيد «يسعى البنك بإستمرار إلى إبتكار وطرح مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصرفية التي تلبّي رغبات متعاملينا وإحتياجات السوق المصرفية الأردنية، وتُواكب أحدث التطورات التكنولوجية وتتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية مع التوسُّع في الخدمات والقنوات المصرفية الرقمية مثل: («إسلامي موبايل، إسلامي إنترنت، إسلامي صرّاف آلي والبطاقات المصرفية بأنواعها»)، والتي تتماشى مع إحدى الركائز الأساسية لإستراتيجية مصرفنا في التوجُّه نحو التحوُّل الرقمي والتوسُّع بالخدمات المصرفية الرقمية الحديثة، والتي تتماشى مع التوجُّهات العالمية في تسريع الإنتقال لنظم المدفوعات الرقمية المتطورة وتقليل الإعتماد على النقد».
في ما يلي الحوار مع الرئيس التنفيذي المدير العام للبنك الإسلامي الأردني الدكتور حسين سعيد:
* البنك الإسلامي الأردني من أوائل المؤسسات المالية التي طبّقت أحكام التمويل المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، هذا الموروث ما يعني لكم؟
– يُعتبرالاردن من أوائل دول العالم على خريطة العمل المصرفي الاسلامي بتأسيس البنك الإسلامي الأردني في العام 1978 ليكون أول بنك يعمل وفق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وأحد ركائز الجهاز المصرفي الأردني وهو من إنجازات المئوية الأولى للمملكة الأردنية الهاشمية في المجال الإقتصادي، محقّقاً السبق بين العديد من دول العالم في هذا المجال، وحصل على العديد من الجوائز العالمية ولمرات متتالية، كأفضل بنك إسلامي في الأردن وغيرها من الجوائز، إلى جانب حصوله على تصنيفات إئتمانية وشرعية مميزة، تؤكد سلامة النهج والإستراتيجية التي يسير عليها، وما حققه مصرفنا من إنجازات عبر مسيرته التي إمتدت إلى حوالي 44 عاماً يضعنا أمام مسؤولية كبيرة في الحفاظ على النجاحات والإنجازات المختلفة، وبذل المزيد لتنفيذ إستراتيجية البنك القائمة على مواجهة مختلف المخاطر والتحدّيات وتعميق وتطوير مبادئ الحوكمة المؤسسية والمحافظة على متانة المركز المالي والحفاظ على سلامة وجودة الأصول، وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الكفاءة التشغيلية، والإستمرار في تنفيذ خطة التحوُّل الرقمي وإدخال خدمات إلكترونية جديدة وتحسين الخدمات عبر القنوات الإلكترونية المختلفة وتحسين جودة الخدمات وطرح منتجات تمويلية وخدمات مصرفية جديدة.
* ما هي التطورات التي شهدتها المنتجات المالية التي يقدمها البنك؟
– يسعى البنك بإستمرار إلى إبتكار وطرح مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصرفية التي تلبّي رغبات متعاملينا وإحتياجات السوق المصرفية الأردنية وتواكب أحدث التطورات التكنولوجية وتتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية مع التوسُّع في الخدمات والقنوات المصرفية الرقمية مثل («إسلامي موبايل، إسلامي إنترنت، إسلامي صراف آلي والبطاقات المصرفية بأنواعها»)، والتي تتماشى مع إحدى الركائز الأساسية لإستراتيجية مصرفنا في التوجُّه نحو التحوُّل الرقمي والتوسُّع بالخدمات المصرفية الرقمية الحديثة والتي تتماشى مع التوجهات العالمية في تسريع الإنتقال لنظم المدفوعات الرقمية المتطوِّرة وتقليل الإعتماد على النقد.
كما وسَّع البنك في إصدار بطاقاته المصرفية في مختلف أنواعها (فيزا بأنواعها، بلاتينيوم، سيغنتشر، الذهبية، الفضية، الخضراء وفيزا كلاسيك) و(الماستر كارد بأنواعها، ستاندرد، وتيتانيوم، وماستر الذهبية وورلد) والتي تعتمد تقنية الدفع من دون تلامس عبر تقنية الإتصال قريب المدى لتنفيذ حركات الشراء، من خلال نقاط البيع المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة وخارجها، مع إستمرارية تنفيذ حملات تسويقية وتقديم جوائز لمستخدمي بطاقات البنك في مختلف أنواعها، وتوجيه متعاملي البنك للإستفادة منها الى جانب عروض وإمتيازات إضافية أخرى.
بالإضافة إلى توفير منتجات تمويلية لمواجهة مشكلة الطاقة، التي تُعد أهم التحدّيات التي تواجه الإقتصاد الأردني، وطرح مبادرات تمويلية جديدة مثل تمويل عيادات الأطباء بالإجارة المنتهية بالتمليك، وإطلاق منتج إجارة الأراضي للشركات الخاص بتوفير حلول تمويلية لأعمال تأجير الأراضي لغايات بناء إسكانات ومجمعات تجارية وفرزها، إلى جانب الإستمرار بالمبادرات التمويلية التي سبق وطرحها البنك، مثل مبادرة تملك الشقق والمنازل، وفق صيغة الإجارة المنتهية بالتمليك، ومبادرة تمويل مطبخ في حال تمويل شقة أو منزل ومبادرة تمويل لشراء السيارات الهجينة أو الكهربائية بأسعار مرابحة تفضيلية، ومُدد سداد مُيسّرة، وذلك إلى جانب العديد من المنتجات التي يُوفرها مصرفنا لتحفيز مختلف القطاعات الأخرى، ومنها منتجات إقرأ لتمويل التعليم وشفاء للعلاج، ولبيك لتمويل رحلات الحج والعمرة، ومنتج زفافي لتمويل تكاليف الزفاف، ومنتج تمويل العقارات بصيغة الإجارة المنتهية بالتمليك، الخ. وسنستمر بالسعي إلى طرح المزيد من المنتجات والخدمات التي تتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الاسلامية.
* كون البنك الاسلامي الاردني عضو في مجموعة البركة، ما هي القيمة المضافة لهذه العلاقة؟
– تُعد مجموعة البركة من روّاد العمل المصرفي والإستثمار الإسلامي على مستوى العالم، والتي تعمل بترخيص من مصرف البحرين المركزي، ومدرجة في بورصة البحرين، ويبلغ رأسمالها المصرح به 2.5 مليار دولار. وتقدم المجموعة خدمات مالية ومصرفية مميزة للأفراد والشركات والإستثمارات وفقاً لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وتتميز بإنتشار جغرافي واسع من خلال وحدات مصرفيّة تابعة ومكاتب تمثيل في 14 دولة وأكثر من 600 فرع تخدم حوالي مليار شخص، حيث تتواجد في كلّ من الأردن، مصر، تونس، البحرين، السودان، تركيا، جنوب أفريقيا، الجزائر، باكستان، لبنان، سوريــة، وألمانيا، بالإضافة إلى فرعين في العراق ومكتب تمثيلي في ليبيا.
ويُعدُّ البنك الإسلامي الأردني أقدم وأكبر وحدات مجموعة البركة، وهذا يُعطي ميزة قوية لمصرفنا بإعتباره مصرفاً محلياً أولاً، ولكن ببعد عالمي من خلال إتاحة الفرصة لمتعامليه الإستفادة من الخدمات والمنتجات المقدمة، من بنوك مجموعة البركة، كذلك إستفادة متعاملي بنوك المجموعة من الخدمات والمنتجات المقدمة من مصرفنا، وذلك بالتنسيق مع إدارة المجموعة، إلى جانب اللقاءات المستمرة والدورية التي تجمع بين وحدات المجموعة لتقديم كل ما هو جديد لديها من منتجات وخدمات وإنجازات يتم عرضها وتبادل الآراء حولها، لتعم الفائدة على الجميع، إلى جانب أهم لقاء سنوي يجمع وحدات المجموعة، وهي ندوة البركة للإقتصاد الإسلامي التي تعقد بصورة دورية من كل عام، حيث تعرض المسائل المصرفية المستجدة لمناقشتها وإبداء الرأي فيها من الناحية الشرعية والفنية، من قبل العلماء والفقهاء والخبراء في مجال المال والأعمال والمصرفية والتمويل الإسلامي، بهدف الوصول إلى فتاوى وتوصيات تُثري العمل المصرفي الإسلامي، وتطرح حلولاً ناجعة للمعضلات التي تواجهه، حتى أصبحت الفتاوى والتوصيات التي صدرت عنها مرجعاً علمياً أساسياً، وقاعدة بيانات ومعلومات للأبحاث والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، والمجامع الفقهية، والهيئات والمنظمات المختلفة في جميع أنحاء العالم.
* هناك تنام كبير في الطلب على الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية ليس فقط على المستوى العربي، بل على المستوى الدولي، كيف تقرأون هذا الطلب، وإلى أي مدى يُمكن للكيانات المصرفية التي تعمل بأحكام ومبادئ الشريعة تلبية هذا الطلب؟
– لقد إستطاعت خدمات ومنتجات الصيرفة الإسلامية، إثبات وجودها وقدرتها على النجاح والنمو والتطور على المستوى العربي والدولي، ولاقت إقبالاً مميزاً تأكيداً على قدرتها في تلبية حاجات المواطنين، الذين وجدوا في الخدمات المالية المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية الملاذ الآمن من الأزمات المختلفة التي تمكّنت البنوك الإسلامية من تلافي تداعياتها، محقّقة نمواً واضحاً خلال السنوات الماضية، مؤكدة قدرة النظام المصرفي الاسلامي أخذ دور مميّز ضمن النظام المالي العالمي، فالنمو المستمر في مؤشرات البنوك الاسلامية يُعتبر تأكيداً على سلامة مسيرتها ورسالتها، وإستمرار سيرها على نهج التطور والتقدم إلى مستقبل مشرق يوجب بذل المزيد من الجهود للحفاظ على ما تم تحقيقه، وما ينشده جميع القائمين على العمل المصرفي الإسلامي مستقبلاً لتبقى المصرفية الإسلامية في الصدارة دائماً وفي مواجهة مختلف التحديات .
* باتت المنافسة قوية في السوق المحلية، ولا سيما بعد دخول بنوك عربية ومحلية على قطاع الصيرفة الإسلامية، كيف ترون المنافسة في السوق؟ وما هي حصة البنك الإسلامي الأردني من مجمل عمليات التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة؟
– لقد تطورت المصارف في الأردن ونضجت ونمت مع نمو الاقتصاد المحلي حتى أصبحت من أهم روافد الإقتصاد الوطني، حيث يتكوّن القطاع المصرفي الأردني حالياً من 22 مصرفاً، أربعة منها إسلامية، وهو أمر إيجابي في إيجاد بيئة منافسة والإرتقاء بمستوى العمل، وتوفير خدمات وإبتكار منتجات متوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتلبي إحتياجات المتعاملين، وقد شهد مصرفنا خلال مسيرته تطوراً ملموساً و نمواً مستمراً في مختلف المؤشرات المالية، ليستحوذ على حصة سوقية جيدة في القطاع المصرفي الأردني من حيث الموجودات، وودائع العملاء والتمويل والإستثمار بنسب 9.5 %، 12.8 % و15.5 % توالياً، كما في نهاية العام 2022. ويحتل المرتبة الأولى بين المصارف الإسلامية بحصة سوقية تُراوح بين 47 % و50 % للمؤشرات المذكورة سابقاً، ومحققاً معدّلات نمو جيدة رغم المنافسة الشديدة.
كما حقق البنك في نهاية العام 2022 ، أرباحاً صافية قبل الضريبة حوالي 95.5 مليون دينار، وبلغت موجوداته حوالي 6.190 مليار دينار، وأرصدة الأوعية الإدخارية حوالي 5.533 مليار دينار، وأرصدة التمويل والإستثمار حوالي 5.199 مليار دينار. وبلغت حقوق المساهمين حوالي 521 مليون دينار.
* إتجهت البنوك إلى المزيد من الإستثمارات بعيداً عن العمل المصرفي التقليدي، منها الإستثمار العقاري، والإستثمار في صناديق الإستثمار المشترك، أو رأس المال المغامر، هل أنتم مع التوسع في هذا الاتجاه؟
– يسعى مصرفنا إلى تنويع إستثمارته، وتنمية الأموال والمدّخرات ضمن قنوات الإستثمار والتنمية، وتوجيه الإستثمارات والسيولة نحو المشاريع التنموية والإلتزام بالأحكام والضوابط الشرعية مع عدم التركيز على قناة واحدة، لتصبح سلة إستثماراته تشمل قنوات عديدة، سواء في الإستثمار العقاري أو المحافظ الإستثمارية أو الصكوك أو إنشاء أو المساهمة في رأس مال شركات إلخ، مع الإلتزام بدراسات الجدوى الإقتصادية والتحوطات التمويلية التي ينتهجها مصرفنا ليساهم في تثبيت دعائمه في مواجهة مختلف التحديات، الى جانب تقديم الخدمات والتمويلات المصرفية المختلفة. وهذا يُعزّز من تواجده ودوره في تحمل مسؤولياته الإقتصادية والإجتماعية وتحريك عجلة التنمية الإقتصادية.
* تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من ضعف الوصول الى مصادر التمويل، ما هي إجراءات البنك للوصول إلى هذا النوع من التمويل؟
– يُعد إهتمام مصرفنا المباشر بقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، القائمة منها أو الناشئة من أهم أولوياته. علماً بأن 90 % من خدمات البنك الاسلامي الأردني التمويلية، تستهدف بشكل خاص الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقد إتخذ مصرفنا العديد من الإجراءات لتقديم التمويلات لهذه الفئة والوصول إليها، وتذليل مختلف الصعوبات التي قد تُواجه طالبي التمويل، سواء أفراداً أو شركات، وبما يضمن تسهيل الحصول على التمويل وسداده والضمانات المتاحة والمقدّرة على السداد، وجميع هذه التشريعات منظمة وواضحة من خلال العقود المعتمدة لدى البنك، ولدى المصارف الأردنية الأخرى، وبمتابعة وإشراف من البنك المركزي الأردني لضمان حقوق الجميع، سواء الجهة المانحة للتمويل أو الحاصلة عليه.
كما يتبنّى مصرفنا مبادرات، منها تطوير مجموعة من الخدمات والمنتجات والحلول المصرفية التي تلائم إحتياجات مختلف فئات المجتمع، منها تطبيق البرنامج الخاص بتمويل مشاريع ومتطلبات أصحاب المهن والحرف المختلفة بصيغة المرابحة. ومنذ العام 1994 إستحدث البنك برنامجاً خاصاً لتمويل هذه الفئة بأسلوب المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، حيث يتم تسديد التمويل من الإيرادات الذاتية للمشروع المموّل، كما يقدم البنك الدعم للمؤسسات الصَّغيرة والمتوسِّطة بتقديم التمويلات لها من أموال «الإستثمار المشترك أو من أموال حسابات الوكالة بالإستثمار (المحافظ الإستثمارية)»، أو من خلال الإتفاقيات الموقعة مع البنك المركزي الأردني بالخصوص، ولإعطاء المزيد من الإهتمام لهذه المشاريع أسس مصرفنا شركة تابعة له (شركة السماحة للتمويل والاستثمارالاسلامي) متخصّصة بتمويل المشاريع والشركات والحرفيين ومشاريع قطاع المرأة، وذلك للحد من البطالة والمحافظة على فرص العمل القائمة وتوفير فرص عمل جديدة.
ولتوسيع مظلة المستفيدين من الخدمات المالية، وقَّع البنك إتفاقيات مع الشركة الأردنية لضمان القروض لكفالة تمويل المشاريع الإقتصادية الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاعات المستهدفة، لسد الفجوة في الطلب على الإئتمان في المملكة وتوسيع نطاق التمويل الإسلامي ليشمل المزيد من شرائح المجتمع بكفالة الشركة، وذلك لتسهيل عملية الحصول على التمويل، ومعالجة عدم توافر الضمانات الكافية لدى هذه الشريحة من المتعاملين.
ودور مصرفنا في دعم الأفراد لا يتوقف عند التمويل، الذي يقدمه بشكل مباشر لهذه المشاريع مقابل عائد، وإنما يتعدّى ذلك إلى تقديم التمويل لها من دون عائد وبطريقة غير مباشرة، وذلك من خلال القروض الحسنة التي يقدمها البنك لغايات اجتماعية مبررة، وفي السياق عينه، فإن التبرُّعات التي يقدمها مصرفنا وخصوصاً للجمعيات والهيئات الخيرية، يذهب جزء منها إلى تمويل مشاريعها التي هي صغيرة حُكماً وموزعة على عدد كبير من الجمعيات والهيئات الخيرية في الأردن.
* يشجع البنك المركزي الأردني سياسة الشمول المالي للأفراد، ما مستوى تجاوب البنوك مع هذه السياسة، وما هي حال البنك الإسلامي الأردني؟
– يسعى مصرفنا بإستمرار لتعزيز الشمول المالي والذي يحظى بإهتمام كبير في توظيفات البنك المالية المتوافقة مع سياسات البنك المركزي الأردني في هذا الشأن، وذلك من خلال توسيع مظلة المستفيدين من الخدمات المالية بجودة عالية، للمساهمة في التنمية المستدامة والإستقرار المالي والإجتماعي في المجتمع وزيادة الأيدي العاملة وتخفيض معدلات الفقر وتمكين المرأة، وذلك من خلال التوسع في منح تمويل الأفراد والشركات ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) للمساهمة في توفير فرص عمل مدعومة من البنك، والتوسع في شبكة فروع البنك التي وصلت إلى 111 فرعاً ومكتباً من خلال الإستمرار بتطبيق إستراتيجية البنك في التوسع الجغرافي من خلال إفتتاح فروع ومكاتب جديدة أو تحويل مكاتب الى فروع صغيرة (Mini Branches) إلى جانب ثلاثة زوايا للخدمات الذاتية الرقمية (إسلامي ديجيتال) لتقديم الخدمات المصرفية الرقمية وتوفير 316 صرافاً آلياً منتشرة في مختلف أنحاء المملكة، حيث يتصدّر مصرفنا المركز الأول بأكبر عدد من أجهزة الصرّاف الآلي بين البنوك العاملة على مستوى المملكة.
كما إتخذ مصرفنا العديد من الإجراءات التي تعزّز الشمول المالي، وتسهل على المواطنين الحصول على التمويلات المختلفة، سواء للأفراد أو الشركات في مختلف القطاعات، من خلال تعزيز الخدمات المصرفية الرقمية في هذا المجال، وتوفير الوقت والجهد عليهم، حيث يُمكن للعميل تقديم طلب التمويل إلكترونياً من خلال منصّات البنك الرقمية إسلامي موبايل، وإسلامي إنترنت، ليتم الرد عليه مباشرة برسالة قصيرة حول تسلم طلبه، ودراسة وتحديد جميع المتطلبات، ثم دعوته مباشرة لاقرب فرع له لإتمام إجراءات الحصول على التمويل، كما وفّر مصرفنا قنوات إتصال وعلى مدار الساعة، تُمكن متعامليه من الحصول على أي معلومات، سواء للحصول على التمويلات أو غيرها من الخدمات، من خلال الموقع الإلكتروني للبنك و«إسلامي ماسنجر» (المساعد الرقمي) أو مركز الإتصال المباشر وعلى مدار 24 ساعة، أو خدمة البنك الناطق، أو البريد الإلكتروني الرسمي للبنك وخدمة العملاء، أو مراجعة أي من فروع ومكاتب مصرفنا، والتي تستقبل المواطنين طوال أيام الأسبوع، وبعضها أيام الجمعة والسبت، والعطل الرسمية، بالإضافة إلى صفحات البنك على منصات التواصل الإجتماعي.
كما يُولي مصرفنا إهتماماً بذوي الإحتياجات الخاصة، والإعاقات المختلفة (الحركية والسمعية والبصرية) وتعزيز الشمول المالي لهذه الفئات، من خلال العمل على تهيئة ما نسبته 10 % من فروع البنك، من حيث المداخل والكاونترات، وتوفير النشرات التعريفية واللافتات، وأجهزة الصراف الآلي التي تراعي إحتياجات ذوي الإعاقات في مختلف أنواعها.
* كيف تقيِّمون التعاون المصرفي العربي عموماً، وفي ما يتصل بالبنوك الإسلامية على نحو خاص؟
– إن المصارف العربية عموماً والمصارف الإسلامية على نحو خاص، تلعب دوراً مهماً في عمليات التنمية والتقدم، ودعم الإقتصادات العربية، لإعتمادها على إستراتيجيات هادفة إلى دعم الإستثمار والنهوض بالمجتمع، من خلال تمويل مشاريع إنتاجية وتنموية، تعود بالفائدة على المجتمع والإقتصاد المحلي والعربي، والتعاون بين المصارف العربية عموماً والبنوك الاسلامية على نحو خاص وجيد، ولكنه لم يصل بعد إلى الحد المأمول منه وتحديداً في مواجهة الأزمات المختلفة التي تعصف بالعديد من الدول، ولا سيما منها غير المستقرة سياسياً وإقتصادياً. فالسياسات والإجراءات التي ينتهجها القطاع المصرفي العربي والإسلامي، تحتاج إلى المزيد من الإهتمام والعناية والتعاون المشترك لينعكس دوره بإيجابية على الجميع.
المدير العام للبنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي:
المصرفية الإسلامية تشهد تطوّراً على المستوى التشريعي
الطلب على منتجات التمويل الإسلامي كان معتمدا بالأساس على رغبة العملاء
بالحصول على منتجات مصرفية تتفق وأحكام الشريعة
قال المدير العام للبنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي: «لقد شهد قطاع المصرفية الإسلامية تطوراً على المستوى التشريعي، من حيث إقرار جملة من التشريعات التي صبّت في صالح القطاع ككل، ومنها قانون صكوك التمويل الإسلامي، وصندوق ضمان ودائع البنوك الإسلامية»، مشيراً إلى «أن البنك العربي الإسلامي الدولي، مؤسسة مالية وطنية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ويهدف في المقام الأول إلى تقديم الأثر الإيجابي على عناصر التنمية المستدامة، وتحديداً المجتمع، الإقتصاد، والبيئة من خلال خدماته المصرفية».
في ما يلي الحوار مع المدير العام للبنك العربي الإسلامي الدولي إياد العسلي:
* البنك العربي الإسلامي الدولي تبنّى مفاهيم متطوّرة للتمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومن ضمنها مفهوم المسؤولية الإجتماعية الفاعلة، ما هو هذا المفهوم وكيف يؤثر على أعمال البنك؟
– إن البنك العربي الإسلامي الدولي مؤسسة مالية وطنية متوافقة مع الشريعة الإسلامية ويهدف في المقام الأول إلى تقديم الأثر الإيجابي على عناصر التنمية المستدامة، وتحديداً المجتمع، الإقتصاد، والبيئة من خلال خدماته المصرفية، ولهذا فقد ركّز البنك خلال السنوات الماضية على تقديم نموذج عمل خاص يستند إلى المسؤولية الإجتماعية الفاعلة والتي تُعنى بتقديم الحلول المصرفية في الشكل الذي يُحقق مصلحة العملاء وقيمة مضافة للإقتصاد، ومن دون الإضرار بالبيئة، علاوة على ذلك الحرص بأن تكون خدمات البنك مستدامة ومسؤولة.
* هل ترون أن هناك نضوجاً في السوق لجهة «الفهم الأعمق» لمزايا التمويل الإسلامي، وإنعكاس ذلك على الطلب؟
– يُمكن القول، إن الطلب على منتجات التمويل الإسلامي كان معتمداً بالأساس على رغبة العملاء بالحصول على منتجات مصرفية تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، ولكن مع تطوُّر الصناعة المصرفية الإسلامية وتحديداً في صيغ المنتجات وتكيُّفها مع التطوُّرات الإقتصادية أصبحت الصناعة تقدم مزايا جديدة تفوق في بعض جوانبها ما تقدمه المصرفية التقليدية وبهذا فإن الطلب يزداد على منتجات التمويل الإسلامي، سواء لتمويل الشركات والمشاريع الكبرى أو لتمويل إحتياجات الأفراد.
* هل إكتملت المتطلبات التشريعية التي تدعم التمويل الإسلامي، أم أن السوق بحاجة إلى تشريعات جديدة؟
– خلال السنوات الماضية شهد قطاع المصرفية الإسلامية تطوراً على المستوى التشريعي، من حيث إقرار جملة من التشريعات التي صبّت في صالح القطاع ككل، ومنها قانون صكوك التمويل الإسلامي، صندوق ضمان ودائع البنوك الإسلامية، ولا يسعني في هذا الصدد إلاّ أن أشير إلى جهود البنك المركزي الأردني الذي ساهم من خلال إدارته الحصيفة وتشريعاته التي تراعي خصوصية البنوك الإسلامية في تطوير الإطار التنظيمي الخاص بها الذي إنعكس إيجاباً على المنتجات والخدمات المقدمة من خلال تلك البنوك.
* كيف تُقيّم وضع البنك العربي الإسلامي الدولي في السوق المحلية؟ وماهي فرص النمو في السوق في ظل الظروف الإقتصادية التي يمر فيها العالم؟
– يُعتبر البنك العربي الإسلامي الدولي من البنوك الرائدة في القطاع المصرفي بحجم أصول يتجاوز 4 مليارات دولار، وبقاعدة عملاء قوية تشمل كافة المحافظات في المملكة في مختلف الفئات العمرية وفئات الدخل، كما يفخر البنك بدوره في تقديم الحلول المصرفية للمشاريع والأنشطة الإقتصادية في كافة أحجامها سواء الصغير والمتوسطة منها أو المشاريع الكبرى وغيرها. وأرى بأن السوق المحلية في الأردن يُعتبر من الأسواق الواعدة، من حيث تنوع الفرص ومجالات النمو وخصوصاً مع زيادة الشمول المالي لدى كافة شرائح المجتمع، بالإضافة إلى فرص التمويل الأخضر وخصوصاً لحلول الطاقة الشمسية، والتي تُعد فرصاً كبيرة لتحقيق منافع إقتصادية وبيئية في الوقت عينه.
* هل واجه البنك تحدّيات حيال إرتفاع أسعار الفائدة؟
– إن تشديد السياسات النقدية لدى البنوك المركزية حول العالم، كان هدفه الأول هو كبح جماح التضخُّم الذي وصل إلى أرقام قياسية في الكثير من الدول، الأمر الذي أدى بدوره إلى إرتفاع تكاليف التمويل المقدم من كافة البنوك، ولا أستطيع القول إن البنك العربي الإسلامي كان بمعزل عن هذا المشهد، ولكن الإجراءات الحصيفة التي إتخذها البنك جعلته يتعامل مع هذه المعطيات بشكل متوازن مع العملاء، سواء أصحاب الودائع أو المتموّلين، كذلك زيادة الإستفادة من برامج البنك المركزي الأردني التي ساهمت في تقديم تمويل مخفض التكاليف، وبعائد ثابت وتحديداً للمشاريع ذات القيمة المضافة للإقتصاد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
* ماهي الرسالة التي توجّهها للمستثمرين والمتعاملين مع البنوك حول عمليات التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية؟
– إن تطوُّر الصناعة المصرفية الإسلامية، قد جاء بناء على عقود من تراكم الخبرات، وأنها قد أثبتت نفسها من حيث قدرتها على توفير الحلول المالية، سواء للإحتياجات الحالية والمستقبلية، بل وأنها قادرة على تقديم خدمات تواكب التحوُّلات الرقمية.
* ما هي خطط البنك لمواكبة الطلب على التطبيقات التي يحتاجها المتعاملون مع البنوك؟
– منذ أعوام عدة، بدأ البنك العربي الإسلامي الدولي في خطته الإستراتيجية الطموحة للتحوُّل الرقمي، والتي تستند إلى محاور عدة، ومنها تقديم الخدمات الرقمية، تحسين تجربة العملاء، والإستفادة من قدرات الذكاء الصناعي في تقديم الحلول والخدمات مصرفية، والتي بدأ العملاء يلمسون أثارها بشكل ملموس من حيث تطوُّر العمليات، وتقديم مستوى خدمات يفوق توقعاتهم.
* كون البنك العربي الإسلامي الدولي شركة إنبثقت من البنك العربي، أقدم المؤسسات المالية العربية، ماذا يعني ذلك للبنك وإدارته؟
– إننا نفخر في البنك العربي الإسلامي الدولي بأن نكون إمتداداً لمسيرة النجاح التي يحققها البنك العربي منذ عقود طويلة، ليكون مؤسسة مالية رائدة ومرموقة على المستوى الإقليمي والعالمي، والذي يجعلنا دائماً تواقين لتقديم الأفضل، لنكون دائماً من المؤسسات المالية الإسلامية الرائدة في المنطقة والعالم العربي.
يُعدُّ بنك الأردن من أوائل البنوك التي تأسست في الأردن، وذلك في العام 1960، حاملاً إسم الأردن، وهادفاً ليكون شريكاً في تقديم خدمات ومنتجات مصرفية متنوعة، وتلبية إحتياجات عملائه من الأفراد وقطاعات الأعمال.
ويقول مدير عام بنك الأردن صالح حماد: «إن بنك الأردن يتطلّع إلى تحقيق مزيد من التطوير مع خطط ترمي لفتح المزيد من آفاق الإنجاز المصرفي والتنموي، ويطمح البنك ليظلّ الشريك المصرفي الأقرب لكافة الأطراف المعنية وأصحاب العلاقة، بالتماشي مع الحاكمية السليمة التي تبنّاها قبل غيره، ويستهدف البنك البناء على مسيرة تمتد لأكثر من ستة عقود، وتحقيق الريادة المصرفية والتنموية في الدول التي يتواجد ضمنها، من خلال توسيع نطاق تواجده الإقليمي، والمواكبة المستمرّة للمستجدّات التشغيلية والمصرفية والتكنولوجية، والإبداع في تقديم أفضل تجربة عصرية للعملاء، وللطاقات البشرية، وكافة الأطراف المعنية بأعماله، مع قنوات ومنصات متقدمة وخدمات مبتكرة، من دون إغفال مسؤولياته المجتمعية».
في ما يلي الحوار مع مدير عام بنك الأردن صالح حماد:
* يُعد بنك الأردن من أعرق البنوك العاملة في المملكة، وحقق إنتشاراً واسعاً على مدى السنوات الماضية، كيف تقيّمون تطوُّر البنك تاريخياً؟ وما هو الطموح الذي تصبون له لمستقبل بنك الأردن؟
– يُعد بنك الأردن من أوائل البنوك التي تأسست في الأردن، وذلك في العام 1960، حاملاً إسم الأردن، وهادفاً ليكون شريكاً في تقديم خدمات ومنتجات مصرفية متنوعة وتلبية إحتياجات عملائه من الأفراد وقطاعات الأعمال. وهو مؤسسة مصرفية مالية وطنية ذات إرث عريق مع مساهمات تنموية اقتصادية وإجتماعية فاعلة، كما أنه يُعدُّ قصة نجاح يُحتذى بها، ونموذجاً مصرفياً وتشغيلياً وإدارياً رافق المملكة في مراحل مهمة ومحورية في تاريخها المعاصر، حتى بات صرحاً إقتصادياً قوياً ومتيناً، مع حضور جغرافي واسع يغطي رقعة واسعة من أنحاء المملكة بشبكة متنامية من الفروع وأجهزة الصراف الآلي والخدمات المصرفية الرقمية، بالإضافة إلى التغطية الخارجية التي تشمل فلسطين التي أرسى وجوده الأول فيها في وقت مبكر، وتحديداً في العام 1963.
ومن هذا المنطلق، عمد البنك منذ البداية لإنتهاج التحسين والتوسيع المستمر في كافة عملياته وأنشطته ومجالات عمله المصرفية وغير المصرفية، محدثاً سلسلة متواصلة من التغييرات الجوهرية، ومسجّلاً العديد من النقلات النوعية والتطويرات الجذرية التي إشتدّت ذروتها في الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك بإنضمام رئيس مجلس الإدارة، الراحل توفيق شاكر فاخوري، لعائلة البنك، كمساهم بالنسبة الأكبر.
في تلك الفترة، تركزت الجهود على إرساء نموذج مصرفي متفرد في مقوماته ومزاياه التنافسية، ومتألق بإنجازاته وتأثيرات أعماله المصرفية والتنموية، مع رؤية طامحة للريادة والتفوق في كل ما يتم القيام وبه وما يتم تقديمه.
وقد أثمرت هذه الجهود جميعها عن إرساء وترسيخ الركائز الأساسية في التسعينيات من القرن الماضي للإنطلاق نحو آفاق جديدة. شمل ذلك: صياغة السياسات الجديدة المرنة والإستراتيجيات الكفوءة، والخطط المتينة، مع أنظمة وتعليمات مدروسة، ومبادئ توجيهية لا حياد عنها، لتسهيل بلوغ التفوق.
هذا الأمر ترافق مع ضخ الإستثمارات الكبيرة التي عزّزت القاعدة الرأسمالية للبنك، إلى جانب إطلاق برامج التحوّل الإستراتيجي المتنوّعة والتي تراوحت ما بين برامج التحوُّل الإداري والتشغيلي والمالي والتنظيمي والوظيفي، فضلاً عن برامج التحول الإلكتروني، والتي أسفرت بمجملها عن إعادة تشكيل البنية التحتية المصرفية.
وعلى ذلك، فقد تحوّل البنك للصفة المؤسسية، وإرتقت منظومة العمل الداخلي والمصرفي، وتعزّزت مصادر الأموال، كما تنوّعت الأنشطة، وإتسعت محفظة الخدمات، وإزدادت الفروع التي غطّت رقعة جغرافية أوسع لخدمة قاعدة العملاء التي تنامت، وذلك على يد طاقات بشرية بعدد أكبر، إلى جانب زيادة عدد أجهزة الصراف الآلي والمكاتب والبنوك المراسلة، فضلاً عن معاودة العمل في فلسطين وتحديداً في العام 1994 بعد إنقطاع لسنوات في ظل الإحتلال.
وإذ لم يقف البنك بتطوره عند هذا الحد، فقد حرص على الإستمرار في مواكبة الصناعة المصرفية العالمية، مجدداً في بداية الألفية الثالثة، هويته المؤسسية الموحّدة. كما قام بتعزيز قطاعاته البنكية، إلى جانب إطلاق باقة من الخدمات المصرفية عبر القنوات الإلكترونية المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة والإبداع التقني، وعلى أنظمة بنكية على غرار تلك العالمية، والتي كان البنك سبّاقاً في إطلاقها لإثراء تجربة العملاء الذين تم تخصيص نظام متطوّر لإدارة العلاقة معهم بالإعتماد على نهج الجودة الشاملة وبخيارات أكثر تنوعاً وغنى، وبممارسات إدارية وتقنية متطورة ومعاصرة.
ولمزيد من الإرتقاء والتوسُّع، أسّس البنك مجموعة من الشركات والمؤسسات التابعة داخل الأردن وخارجه، بما في ذلك شركة تفوّق للإستثمارات المالية والتي تُعنى بتقديم الخدمات المالية النوعية على المستوى المحلي والإقليمي، وشركة الأردن للتأجير التمويلي المختصة بتقديم أفضل خيارات وبدائل التمويل الإسلامي، وذلك لإستيعاب حجم العمليات والطلب المتنامي، بالإضافة إلى بنك الأردن – سورية، حيث تبلغ حصة بنك الأردن فيه 49 % وذلك إستهدافاً منه لتوسيع تواجده الإقليمي.
وإثر تسلُّم رئاسة مجلس الإدارة من قبل السيد شاكر توفيق فاخوري، فقد توالت التغييرات والتطويرات التي أثمرت عن المزيد من الإنجازات، التي كان من أبرزها: الإرتقاء بأداء البنك، وتطوّر أعماله، وتنوّع مصادر إيراداته، وتعزّز مركزه التنافسي على المستويين المحلي والإقليمي، نظراً إلى تنفيذ مشاريع إستراتيجية عدّة إرتقت بالخدمات المصرفية، وأسفرت عن المزيد من التوسع الإقليمي، وتقديم المزيد من الحلول المالية والمصرفية الشاملة المواكبة للتكنولوجيا، ومن أبرزها تأسيس فرع Wholesale في مملكة البحرين في العام 2018، وتحقيق التفوق في كافة جوانب الأعمال والعمليات على الصعيدين الداخلي والخارجي، تبعه إفتتاح فرع في جمهورية العراق الشقيق في العام 2022، وتوّجت هذه التفرُّعات من خلال حصول البنك على رخصة مزازلة الأعمال المصرفية في المملكة العربية السعودية، حيث سيُباشر أعماله من خلال فرع الرياض في القريب العاجل.
إن بنك الأردن يتمتع بسمعة طيبة تتوجت بقاعدة مالية قوية، فضلاً عن سمعته ومكانته كشريك مصرفي وداعم تنموي يعمل كمحرك ومحفز للنمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛ إذ كان وسيظل من المشاركين بفعالية في تطوير القطاع المصرفي ودعم الإستقرار المالي ورفد خزينة الدولة، فضلاً عن دعم تطور مختلف القطاعات الإقتصادية في الأردن من خلال توفير التمويل اللازم لإستدامتها ونموها، إلى جانب تمكين المجتمعات المحلية وأبنائها من خلال توفير المئات من فرص العمل وعبر توسيع نطاق الشمول المالي، وتنفيذ المزيد من نشاطاته للمسؤولية المؤسسية المجتمعية.
وأما عن تطلُّعاتنا المستقبلية فإن بنك الأردن يتطلع لتحقيق مزيد من التطوير مع خطط ترمي إلى فتح المزيد من آفاق الإنجاز المصرفي والتنموي، ويطمح البنك ليظل الشريك المصرفي الأقرب لكافة الأطراف المعنية وأصحاب العلاقة، بالتماشي مع الحاكمية السليمة التي تبنّاها قبل غيره، ويستهدف البنك البناء على مسيرة تمتد لأكثر من ستة عقود، وتحقيق الريادة المصرفية والتنموية في الدول التي يتواجد ضمنها، من خلال توسيع نطاق تواجده الإقليمي، والمواكبة المستمرة للمستجدات التشغيلية والمصرفية والتكنولوجية، والإبداع في تقديم أفضل تجربة عصرية للعملاء، وللطاقات البشرية، وكافة الأطراف المعنية بأعماله، مع قنوات ومنصات متقدمة وخدمات مبتكرة، دون إغفال مسؤولياته المجتمعية.
* يقوم العمل المصرفي على قواعد أساسية، البيئة التشريعية؛ القوانين والأنظمة والتعلميات، والبنية التحتية؛ شبكات وتجهيزات؛ كوادر بشرية وتطبيقات فنية: هل تعتقدون ان البيئة التشريعية ناضجة لضمان أفضل الخدمات المصرفية؟
– كون البيئة التشريعية ناضجة هو عامل مهم لضمان توفير أفضل الخدمات المصرفية، حيث تُحدّد القوانين والتشريعات المصرفية الإطار القانوني الذي يُنظم عمل البنوك ويحمي حقوق العملاء ويضع قواعد وضوابط للأنشطة المصرفية، إذا كانت البيئة التشريعية قوية وشاملة وتتوافق مع المعايير الدولية، فإنها ستُساهم في تعزيز الثقة في النظام المصرفي وتحقيق الإستقرار المالي. كما تُوفر البيئة التشريعية الناضجة إطاراً قوياً لحماية حقوق العملاء، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتنظيم العمليات المصرفية والمالية. ومع ذلك، يجب أن يتم تقييم البيئة التشريعية بشكل دوري وتحديثها لمواكبة التطورات في القطاع المصرفي وتلبية إحتياجات العملاء المتغيرة، حيث لا بد أن تكون التشريعات مرنة ومبتكرة لتمكين الإبتكار والتطوُّر في الخدمات المصرفية وتعزيز المنافسة الصحيحة بين البنوك. إضافة إلى البيئة التشريعية الناضجة، يلعب الإشراف المصرفي والرقابة القوية دوراً حاسماً في ضمان توفير أفضل الخدمات المصرفية وحماية المستهلكين؛ من خلال إيجاد آليات فعالة لمراقبة ومراجعة أعمال البنوك وضمان الإمتثال للقوانين والتشريعات المصرفية.
وقد قطعت البيئة التشريعية في الأردن شوطاً كبيراً من حيث سن القوانين والتشريعات التي تنظم العمل المصرفي، وذلك بفضل حصافة التشريعات البنكية التي يعكف البنك المركزي الأردني على تطويرها بإستمرار، ساعياً للوصول لأفضل بيئة تشريعية في المنطقة العربية. وضمن هذا السياق، فقد وضع البنك المركزي الأردني الضوابط اللازمة لتنظيم القطاع والمتمثّلة بالأطر التشريعية والتنظيمية المناسبة لخدمات الدفع والتحويل الإلكتروني للأموال، بالشكل الذي يلبي إحتياجات وترتيبات أنظمة المدفوعات القائمة والجديدة ونماذج الأعمال ومنتجات وأدوات وقنوات الدفع المبتكرة، بما في ذلك التشريعات اللازمة لضمان كفاءة وفاعلية عملية الإشراف والرقابة. ويهدف البنك المركزي من الإستمرار في عملية تنظيم قطاع المدفوعات الوطني إلى ضمان معالجة التطورات السريعة في هذا المجال وإلى تحقيق الشفافية والكفاءة والتنافسية وحماية المستهلكين الماليين وتعزيز الشمول المالي في المملكة. كما عمل البنك المركزي على إخضاع الجهات التي تمارس أي من أنشطة خدمات الدفع والتحويل الإلكتروني للأموال لتنظيم ورقابة، وإشراف البنك المركزي. وتبقى الحاجة إلى تطوير التشريعات والأنظمة، بما يواكب سرعة التطوُّرات في عالم الصناعة المصرفية التكنولوجية.
* وكيف تقيّم الكوادر البشرية؟ وماذا يقدم البنك لضمان تسليحهم بأحدث المهارات اللازمة لأداء المهام المصرفية؟
– يمتلك بنك الأردن كادراً على درجة عالية من الكفاءة والخبرات المتنوّعة التي تتواكب مع التطورات الكبيرة الحاصلة في قطاع المؤسسات المالية والمصرفية، وإن تطوير وتمكين المواهب هو أمر جوهري لتحقيق النجاح على المدى البعيد. لذلك يعمل بنك الأردن على تطوير مهارات العاملين لديه بشكل دوري، من خلال خطط و برامج تدريبية لتسليح موظفيه بأحدث المهارات المصرفية والتكنولوجية التي تواكب مختلف التطورات الحاصلة في القطاع المصرفي المحلي والعالمي، باعتبإرهم المحور الرئيس لتحقيق أهداف البنك الإستراتيجية، حيث يقوم بنك الأردن بتقديم برامج تدريبية، يتم إعدادها وتصميمها بناء على إحتياجات الأعمال ومواكبةً للتطورات التكنولوجية والمصرفية.
* هل لديكم تفكير بزيادة رأس المال الحالي البالغ 200 مليون دينار- سهم؟
– تعمل البنوك على زيادة رأس مالها لأسباب عدّة، منها تحسين مؤشرات الكفاية الرأسمالية والتي تعكس قدرة البنوك على تحمل المخاطر، والتصدّي للصدمات الإقتصادية، كما تساعد في توفير السيولة وتمويل المشروعات والتوسع في نطاق الأعمال. إضافةً إلى مواكبة إرتفاع الطلب على القروض والإئتمان، ولذلك فإن بنك الأردن يدرس ويقيّم بإستمرار فرص تفرعات جديدة في المنطقة العربية، ودول الإقليم وكل الخيارات مطروحة لغايات الحصول على التمويل المناسب الذي يُواكب خطط التوسع ومن ضمنها رفع رأس مال البنك البالغ حالياً 200 مليون دينار أردني/سهم.
* حقق البنك نتائج ايجابية في نصف السنة الأول من العام الحالي فاقت العام 2022، هل تتوقع مواصل نمو الأرباح؟
– نعم إستطاع بنك الأردن تحقيق أداء متميز في النصف الأول من العام 2023 وبما يفوق أداء الفترة ذاتها من العام 2022، حيث حقق البنك نمواً في مختلف بنود الميزانية، فبلغت الأرباح في النصف الأول من العام 2023 ما قيمته 22.4 مليون دينار، وبنسبة نمو 31.5 % عن الفترة ذاتها من العام 2022، وبلغ العائد على حقوق المساهمين ما نسبته 8.4 % والعائد على الموجودات 1.5 % وهي من أعلى النسب في القطاع المصرفي الأردني. كذلك بلغت نسبة كفاية رأس المال 23 %، وهي أرقام تفوق متطلبات السلطات الرقابية العالمية والمحلية. كما بلغت ودائع العملاء حوالي 2 مليار دينار، ومحفظة التسهيلات الإئتمانية حوالي 1.5 مليار دينار في نهاية النصف الأول لعام 2023، وبلغت حقوق مساهمي البنك حوالي 518 مليون دينار أردني.
كل هذه الإنجازات جاءت بفضل السياسة الإئتمانية الحصيفة التي ينتهجها بنك الأردن والقائمة على التوظيف المدروس والموجهة نحو مختلف القطاعات الإقتصادية الواعدة، وهو ما سيؤمّن للبنك أداءاً مالياً مستداماً والمزيد من الإنجازات المالية النوعية في السنوات المقبلة.
* ما هي الدروس المستفادة من تعامل البنك مع الأزمات التي شهدتها المنطقة والعالم، وآخرها الأزمة الأوكرانية الروسية وقبلها كورونا؟ وهل وصلنا إلى مرحلة التعافي؟
– يُمكن القول، إن الأزمات العالمية التي شهدتها المنطقة والعالم في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية الروسية وجائحة كورونا، قد أنتجت مزيداً من التحدّيات الإقتصادية للبنوك الأردنية والعالمية. لكن في ظلّ هذه الأزمات، إستطاعت البنوك الأردنية خلال فترة زمنية قصيرة، أن تتجاوز المنعطفات الإقتصادية ومواجهة تلك التحدّيات. فقد أثبتت السياسات والإجراءات التي إتخذها البنك المركزي الأردني جدارتها في المحافظة على مكانة البنوك في المنطقة والعالم، مما يجعلنا اليوم قادرين على قيادة دفة تعافي الإقتصاد. وفي خصوص تداعيات الأزمة الأوكرانية – الروسية، فقد أثّر هذا الصراع على إقتصادات منطقة أوروبا وآسيا الوسطى وفقًا للبنك الدولي، ومن المرجّح أن تظل الأنشطة الإقتصادية في المنطقة مكتوفة الأيدي هذا العام، بسبب التداعيات المستمرة للأزمة الأوكرانية – الروسية والتضخُّم المرتفع والظروف المالية الأكثر تشدُّداً.
في ما يخص إقتصاد الأردن، فإنه يشهد تحسناً تدريجياً؛ فقد شهدت بعض المؤشرات إرتفاعاً حسب توقعات صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن يُسجل الإقتصاد الأردني نمواً بنسبة 2.7 % في العام 2024. ومع نهاية العام 2023 نمواً بنسبة 2.6 %. وقد سجلت إحتياطات المملكة من العملات الأجنبية 12.8 مليار دولار تكفي لتغطية مستودرات المملكة لحوالي 7 شهور.
أما على صعيد الصناعة المصرفية، وبسبب ما تشهده من تطوُّر متسارع، وجهود بنك الأردن في ذلك الشأن؛ فقد تمكّن بنك الأردن من التحديث المستمر على خطط إدارة الأزمات لديه وتفعيل خطط الطوارئ، والتي مكّنت البنك من ديمومة إستمرار تقديم خدماته ومنتجاته لعملائه بسلاسة، إضافةً إلى تسريع وتيرة التطور التكنولوجي في منتجات وخدمات البنك، حيث يُوفر تطبيق BOJ MOBILE حزمة واسعة من المنتجات والخدمات التي تعفي العميل من زيارة الفرع، إضافةً إلى تطوير المنصة الإلكترونية لعملاء الشركات BOJ Business banking التي تقدم مجموعة من الخدمات الرقمية المبتكرة، مثل خدمات الحسابات، المدفوعات، التجارة الخارجية وغيرها الكثير بأقل وقت وجهد مطلوبين.
* كان للرفع المتواصل لأسعار الفائدة على أدوات الدينار الأردني أثر مباشر على المقترضين، كيف تعامل البنك مع هذا التحدّي؟
– نتيجة تأثير جائحة «كوفيد-19» التي بدأت في نهاية العام 2019، وتداعيات مشاكل سلاسل التوريد، بالإضافة إلى تبعات سياسة التيسير الكمي، وضخ كميات كبيرة من السيولة في الإقتصاد، جنباً إلى جنب مع الحرب الروسية – الأوكرانية، التي إندلعت في 24 فبراير (شباط) 2022، شهدنا إرتفاعاً ملحوظاً في أسعار الأغذية والطاقة والمعادن خلال الفترة الأخيرة. وتماشياً مع جهود مكافحة التضخم وللحفاظ على إستقرار العملات، وإستجابة لقرارات البنك الإحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل مستمر خلال عامي 2022 و2023، إتخذت البنوك المركزية حول العالم إجراءات لرفع معدلات الفائدة مرات عدة.
وحرصاً من بنك الأردن على الوقوف مع عملائه ودعمهم، فقد قام البنك بدراسة تحليلية للقطاعات الإقتصادية، ولمحفظة عملاء التجزئة من حيث أسعار الفوائد وأثرها على الأقساط، وتدارس كافة الحلول والسيناريوهات الواحب إتخاذها، بما يضمن مساندة عملائه والتخفيف عليهم من حدّة إرتفاع أسعار الفوائد، ومن الأعباء المترتبة عليهم نتجية ذلك. فقام البنك وبعد دراسة كافة السيناريوهات بتنفيذ مبادرة بتحمُّل جزء من أعباء إرتفاع الفوائد عن عملائه، مما إنعكس إيجاباً عليهم وخفف من إرتفاعات الفوائد.
الرئيس التنفيذي للبنك الأردني الكويتي هيثم البطيخي:
شركات التمويل الأصغر تلعب دوراً هاماً في الإقتصاد الأردني
ونسعى لتطبيق إجراءات تدعم تمويل وتطوير قطاع التمويل الأخضر في الأردن
يُعتبر الإستقرار النقدي والمحافظة على إستقرار سعر الصرف وجاذبية الدينار الأردني من المهام الرئيسية للبنك المركزي الاردني، حيث نجحت سياسات البنك المركزي تاريخياً في إدارة هذا الدور بإمتياز من خلال تمتُّع «المركزي الأردني» بالإستقلالية التامة في إدارة السياسة النقدية للمملكة، من دون أيّ تدخلات من قبل السلطة التنفيذية، مع مراعاة التنسيق المستمر مع الحكومة ووزارة المالية حيال الموازنة، بين الهدف الرئيسي للبنك المركزي في الحفاظ على الإستقرار النقدي وإستقرار وجاذبية الدينار الأردني من جهة، ومتطلّبات إدارة السياسة المالية للدولة من جهة أخرى، بهدف تحقيق الأهداف المرجوة للإقتصاد الأردني بشكل عام، ومن دون الإخلال بأهداف البنك المركزي الأساسية والمصلحة الوطنية للإقتصاد الوطني.
ويقول الرئىس التنفيذي للبنك الأردني الكويتي هيثم البطيخي: «لا شك في أن شركات التمويل الأصغر تلعب دوراً هاماً في الإقتصاد الأردني؛ بإعتبارها مصدراً هاماً من مصادر التمويل والشمول المالي، وبشكل خاص للمشاريع الصغرى، الصغيرة والمتوسطة MSME فهي موجّهة بشكل أساسي إلى تلك المشاريع المتواجدة في المحافظات والأقاليم البعيدة عن العاصمة عمّان، فتخدم بذلك شريحة واسعة من الأفراد والمؤسسات والشركات التي غالباً ما يكون لديها وصول محدود إلى التمويل اللازم، بالإضافة إلى الخدمات المالية الأخرى un-bankable؛ كونها تفتقر إلى القدرة على تلبية العديد من متطلّبات السياسات الإئتمانية والتنظيمية للبنوك. ويؤكد هذه الأهمية حجم القروض الممنوحة من هذا الشركات وعددها 9 شركات في الأردن، إذ بلغ إجمالي رصيد محفظة التسهيلات الممنوحة من قبل شركات التمويل الأصغر MFIs حسب بيانات الربع الثاني من العام 2023 ما قيمته 318 مليون دينار موجّهة لعملاء بلغ عددهم 465 ألف عميل بمعدّل 685 ديناراً للقرض الواحد».
في ما يلي الحوار مع الرئيس التنفيذي للبنك الأردني الكويتي هيثم البطيخي:
* كيف تُقيّمون الإجراءات التي إتخذها البنك المركزي الأردني في المحافظة على الإستقرار النقدي والمحافظة على جاذبية الدينار كوعاء إدخاري؟ وكيف توازنون بين هذا الهدف الرقابي وتلبية متطلّبات العملاء الذين غالباَ ما يشتكون التذبذب والتغيُّر في أسعار الفائدة؟
– قام البنك المركزي الأردني ومنذ بداية سياسة التشدُّد النقدي، بعكس الإرتفاعات التي تمّت على سعر فائدة الدولار على أدوات السياسة النقدية المحلية، والمعدل عينه، وذلك لمواكبة سياسات البنوك المركزية العالمية في الحدّ من نسب التضخُّم، كذلك للحفاظ على جاذبية الدينارالأردني مقابل العملات الأجنبية، من خلال الإبقاء على هامشٍ مجدٍ لسعر الفائدة على الدينار الأردني عن أسعار الفائدة على العملات الأجنبية، مما ساهم بإستمرار جاذبية الدينارالأردني كوعاء إدخاري أساسي، وساهم في زيادة ونمو حجم الحوالات الخارجية للمغتربين الأردنيين والذي أدّى بدوره لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات، مما إنعكس بالإيجاب على زيادة حجم الودائع لدى البنوك الأردنية والإحتفاظ بإحتياطي نقدي مريح من العملات الأجنبية، يصل الى 17,5 مليار دولار، والذي يُغطي قيمة مستوردات المملكة لمدة تزيد عن 7 أشهر والذي يُعتبر جيداً ومريحاً.
في المقابـــــل، وللتخفيف من آثار إرتفاع سعر الفائدة على المقترضين والمستثمرين، وفّر البنك المركزي الأردني عدداً من برامج التمويل الميسّرة، وبأسعار فائدة تشجيعية وذلك لدعم وتمويل عدد من القطاعات الإقتصادية الرئيسية مثل الصناعة والتجارة والسياحة والطاقة النظيفة وغيرها، حيث ساهمت تلك البرامج في الحفاظ على ديمومة وإستمرارية نشاط تلك الشركات ومساعدتها في تجاوز التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا، والحدّ من آثار إرتفاع كلف الإقتراض.
* زاد الإقبال على عمليات التمويل الأصغر، ولا سيما بعدما أصبحت منظمة، وتحت رقابة البنك المركزي الأردني، كيف تنظرون الى هذا النوع من التمويل؟ وما مدى إهتمام البنك بالتمويل الأصغر؟
– لا شك في أن شركات التمويل الأصغر، تلعب دوراً هاماً في الإقتصاد الأردني؛ بإعتبارها مصدراً مهماً من مصادر التمويل والشمول المالي، وبشكل خاص للمشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة MSMEs، فهي موجّهة بشكل أساسي إلى تلك المشاريع المتواجدة في المحافظات والاقاليم البعيدة عن العاصمة عمّان، فتخدم بذلك شريحة واسعة من الأفراد والمؤسسات والشركات التي غالباً ما يكون لديها وصول محدود إلى التمويل اللازم، بالإضافة إلى الخدمات المالية الأخرى un-bankable؛ كونها تفتقر إلى القدرة على تلبية العديد من متطلبات السياسات الإئتمانية والتنظيمية للبنوك. ويؤكد هذه الأهمية حجم القروض الممنوحة من هذه الشركات، وعددها 9 شركات في الأردن، إذ بلغ إجمالي رصيد محفظة التسهيلات الممنوحة من قبل شركات التمويل الأصغر MFIs حسب بيانات الربع الثاني من العام 2023 ما قيمته 318 مليون دينار، موجّهة لعملاء بلغ عددهم 465 ألف عميل بمعدل 685 ديناراً للقرض الواحد.
ومن المعروف أن الإقتراض من البنوك ومؤسسات التمويل المحلية والدولية يُعتبر أحد أهم مصادر الأموال لشركات التمويل الأصغر لتمويل عملياتها وأصولها، وقد منح شمول هذه الشريحة بمظلة البنك المركزي التشريعية والتنظيمية منذ العام 2015 ثقةً أكبر في هذه الشركات تجاه مؤسسات التمويل المختلفة، كونها أصبحت مراقبة وعن كثب من قبل البنك المركزي الأردني، وضمن أسس ومعايير مالية تضمن مراقبة الوضع المالي لها، ضمن أفضل الممارسات والنسب المقبولة في هذا القطاع، وبهذا تستطيع مؤسسات التمويل والبنوك المحلية والدولية إقراض هذه الشركات MFIs بأسعار فائدة منافسة، تُمكنها من إعادة إقراض هذه الأموال لعملائها بهوامش أرباح معقولة ومقبولة.
وحسب سياسة البنك الأردني الكويتي، وخطته الإستراتيجية الهادفة إلى التوسع في محفظة التسهيلات الممنوحة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فقد إرتأينا أن شركات التمويل الاصغر تُعتبر من القنوات المهمة للوصول إلى أكبر عدد من شريحة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل غير مباشر، فقد تم تخصيص محفظة تتجاوز قيمتها 20 مليون دينار، لتمويل جميع شركات التمويل الاصغر العاملة في المملكة والمرخصة من قبل البنك المركزي الأردني، بهدف إعادة إقراضها لعملائها، وبهذا يكون البنك قد وصل من خلال هذه الشركات إلى أكبر عدد من العملاء ممّن لا يستطيع الوصول إليها بشكل مباشر، نظراً إلى ما تتمتع به هذه الشركات من تفرُّع وخصوصاً في الأقاليم البعيدة عن العاصمة، بالإضافة إلى قدرتها وتخصُّصها في إدارة القروض التي يتم منحها بمبالغ صغيرة نسبياً. كما يسعى البنك بإستمرار إلى دعم هذه الشركات، من خلال تخصيص نسبة من القروض التي يحصل عليها البنك، ضمن برامج البنك المركزي المتنوّعة والموجّهة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كما قمنا مؤخراً بتطوير منصّة رقمية يستطيع عملاء الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلالها التقدُّم بطلبات التمويل في مختلف فئاته، وتتبع طلباتهم بكل سهولة ويسر، مما سيُسهل لهذه الشركات آلية التقدم للحصول على التمويل المطلوب وخاصة من المحافظات المختلفة.
* ما هي أبرز التطوُّرات على صعيد خدمات التكنولوجيا المالية Fintech التي يُقدّمها البنك؟
– يسعى البنك الأردني الكويتي دائماً للبقاء في طليعة الإبتكار في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech)، و قد أظهر ذلك من خلال الخدمات المتطوّرة التي يقدمها. فقد قام البنك بتطوير وإطلاق مساعد الذكاء الإصطناعي المالي MASA، الأول من نوعه في السوق الذي يتعرّف على اللهجة العربية العامية، ويقوم بإجراء الحركات المالية وغير المالية على التطبيق البنكي JKB Mobile، بما في ذلك: التحويل بين الحسابات، خدمة كليك (CliQ)، دفع الفواتير، عرض الحركات التي تمت مسبقاً، عرض البطاقات، عرض الرصيد والـ IBAN وغيرها.
تتضمّن الخطّة الإستراتيجية للبنك الأردني الكويتي، العديد من المبادرات المتعلقة في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech)، والتي تهدف الى تحقيق تحوُّل رقمي كامل، وتعزيز تجربة العملاء، مما يُتيح لنا الوقوف في مصاف الرواد في هذا المجال المتقدم، منها: خدمة فتح الحساب الرقمي عن طريق التطبيق البنكي JKB Mobile، خدمة إصدار بطاقة إئتمانية عبر التطبيق البنكي JKB Mobile، الخدمات المالية المفتوحة بالتعاون مع أطراف ثالثة (الشركات المتخصصة بالتكنولوجيا المالية Fintech)، وذلك في إطار الشراكة التي جمعت بين البنك الأردني الكويتي والشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (JoPACC)، وأعلنا عن تعاونهما للعمل في مركز التكنولوجيا المالية (FINCUBATOR JOIN )، لدعم الإبتكارات المالية للقطاع المصرفي الأردني، بغية أن يُمكّن البنك الأردني الكويتي لدعم وتطوير الشركات الناشئة في مجال الإبتكارات المالية، والمساعدة في تسريع عمليات التحول الرقمي التي يشهدها القطاع في الأردن، بإعتباره الراعي الذهبي لمركز التكنولوجيا المالية، حيث سيعمل البنك من خلال مركز التكنولوجيا المالية، بشكل مباشر مع مبتكري التكنولوجيا المالية، وغيره من المؤثرين في هذا المجال، لخلق فرص جديدة للنمو والنجاح من جهة، والإستفادة من قدرات البنك وخبراته الرقمية في دعم تطوير وتوسيع نطاق منتجات وخدمات التكنولوجيا المالية الجديدة من جهة أخرى، مع التركيز على تحسين تجربة العملاء وزيادة مستويات الشمول المالي.
* التوجهات العالمية أصبحت حثيثة تجاه الإقتصاد الأخضر، كيف ترون الطلب على هذا النوع من التمويل، وما هو وضع الأردن مقارنة بأفضل الممارسات عربياً ودولياً؟
– الطلب على التمويل الأخضر عالمياً شهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات العشر الأخيرة، لكنه يتركَّز في الدول المتقدِّمة بشكل رئيسي بسبب عوامل عدة، أهمُّها وجود معايير واضحة لتصنيف وتحديد الأصول الخضراء، وهو ما يعرف بالـ taxonomy بالإضافة إلى التوعية المستمرة للقطاع الخاص والتزايد المستمر لدى المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الذين يفضلون الإستثمار في مشاريع خضراء.
بما يخص التمويل الأخضر في الأردن، نلاحظ تطوراً واضحاً على مستويات عدة، حيال المؤسسات والجهات الحكومية، القطاع الخاص، والدور الذي تمثله المؤسسات الدولية المالية وغير المالية في تطوير البنية التحتية للتمويل الأخضر في الأردن بما يتناسب مع أفضل الممارسات عالمياً.
على مستوى القطاع العام، تقوم حالياً مؤسسات عدة بما فيها البنك المركزي الأردني بتطوير منظومة تمويل أخضر متكاملة من خلال «إستراتيجية التمويل الأخضر» بالتعاون مع جهات خارجية عدة، هدفها تقييم المخاطر المتعلقة بالتغيُّر المناخي ووضع إستراتيجية واضحة للمضي بتوفير بيئة مناسبة لتنمية التمويل الأخضر ودور البنوك الأردنية في هذا الجانب. علماً أنه وفقاً للإحصاءات المتوافرة، هنالك فرص تمويل أخضر في الأردن تقارب الـ 10 مليارات دولار في قطاعات إقتصادية مختلفة.
من جانبه، سعى البنك الأردني الكويتي جاهداً، بل وكان سبَّاقاً في تطبيق إجراءات تدعم تمويل وتطوير قطاع التمويل الأخضر في الأردن منذ سنوات عدة، حيث تم:
– إعتماد شروط تمويلية تتناسب مع إحتياجات مشاريع التمويل الأخضر.
– إنشاء محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية لتغطية إحتياجات البنك.
– تطبيق نظام توفير الطاقة والمياه في مبنى الإدارة العامة للبنك والحصول على شهادة LEED الذهبية.
– إصدار تقرير الإستدامة الثالث خلال العام 2022.
– إصدار أول سند أخضر في الأردن خلال العام 2023 بمبلغ 50 مليون دولار، سيتم إستغلاله لتمويل مشاريع خضراء في الأردن.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى البنك جاهداً في تطبيق المعايير العالمية بما يخص التمويل المستدام ودعم المشاريع والشركات الصديقة للبيئة والتمويل الشمولي لدعم جميع شرائح المجتمع ويقوم البنك على هذا الصعيد بالتعاون مع المؤسسات الدولية لتوفير منتجات بنكية خضراء وشمولية، هدفها دعم والنهوض بالمجتمع المحلي وتالياً الأثر الإيجابي على الإقتصاد المحلي.
* البيانات المالية نصف السنوية للبنك، تشير إلى تحسن كبير في الأداء، إقتربت من 49 مليون دينار، في مقابل نحو 7.6 مليون دينار للفترة نفسها من العام 2022، ما هي العوامل التي أدت إلى تحسُّن الأداء في هذا المستوى القياسي؟
– شهد النصف الأول من العام 2023 العديد من الأحداث والتي أثّرت جوهرياً على حجم البنك وأدائه المالي، ومن أبرزها:
– الإنتهاء من صفقة الإستحواذ على 53.4 % من رأسمال مصرف بغداد، حيث يُعد المصرف من أكبر المصارف التجارية في العراق، وقد نتج عن ذلك تسجيل أرباح من العمليات بحوالي (27) مليون دينار، بالإضافة إلى حوالي (8.9) مليون دينار كأرباح من الصفقة نتيجة إرتفاع القيمة العادلة مقارنة بسعر الشراء.
– بيع 19.5 مليون دينار من محفظة العقارات المستملكة إلى الشركة الإحترافية للتطوير العقاري، محققاً أرباحاً من عملية البيع بحوالي 1.4 مليون دينار.
– إصدار أول سندات خضراء بقيمة 50 مليون دولار لغايات دعم المشاريع الخضراء (الإستدامة)، حيث تم الإكتتاب من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) وشركائها الإستراتيجيين Canada-IFC Blended Climate Finance Program وDutch-Funded MENA Private Sector Development Facility.
– إصدار أول سندات دائمة محلية بقيمة إجمالية تعادل 125 مليون دولار، وجاء الهدف الأساسي من الإصدار تحقيق أهداف البنك الإستراتيجية في التوسُّع من خلال الإستثمارات الخارجية وذلك لتنويع مصادر الإيرادات.
– أنهى البنك صفقة الإستحواذ على 76.972 % من رأسمال شركة بي إتش ام كابيتال، وتُعتبر من أكبر شركات الوساطة المالية في دولة الامارات العربية المتحدة، وقد نتج عن تلك العملية أرباحاً إضافية بحوالي (7.1) مليون دينار منها 6.5 مليون دينار أرباح الصفقة، وتمثل الفرق بين القيمة العادلة وقيمة الشراء.
كذلك، فقد بذل فريق الإدارة جهوداً كبيرة، على صعيد عمليات البنك في الأردن وقبرص، مما كان له مساهمة في ذلك التطور. وفي عرض أهم المؤشرات المالية، نبدأ ببنود المركز المالي، فقد بلغ إجمالي الموجودات حوالي (4.69) مليار دينار بنمو 32.1 %، كما إرتفع صافي التسهيلات المباشرة بنسبة (9.1 %) ليبلغ رصيدها حوالي 2.1 مليار دينار. في المقابل إرتفعت ودائع العملاء والتأمينات النقدية بنسبة (27.5 %) لتبلغ (3.23) مليار دينار، وإرتفع إجمالي حقوق الملكية بنسبة (45.2 %) ليصبح (693.4) مليون دينار.
أما على صعيد قائمة الدخل، فقد بلغ صافي الربح للستة أشهر حوالي 49 مليون دينار وبنمو 544.8 % عن الفترة عينها من العام الماضي، لتصبح نسبة العائد على حقوق الملكية (16.7 %). أما على مستوى جودة الأصول، فقد تم التركيز على التحوط ضد أيّة أمور يُمكن أن تؤدي إلى خسائر مستقبلية، وذلك من خلال رصد المزيد من المخصصات، حيث وصلت نسب تغطية الديون ضمن المرحلة الثالثة إلى نسبة 77 % و17.4 % للمرحلة الثانية ونسبة 1.47 % للمرحلة الأولى.
وقد إنعكست الإنجازات على سعر السهم السوقي ليصل الى 2.45 دينار، كما في 30 حزيران (يونيو) 2023 مقارنة بـ 1.65 دينار في نهاية العام 2022 أي بنمو 48.5 %.
* تعرّضت بعض البنوك في الوطن العربي إلى أزمات، طالت القطاع المصرفي في عدد من الدول، كيف تُقيّمون تعامل البنوك الأردنية مع تداعيات هذه الأزمات؟ وهل إستفدتم من تجاربها؟
– إستطاع الجهاز المصرف الأردني التعامل بكل حصافة ومهنية، مع كافة الأزمات وتداعياتها، بداية من الأزمة المالية العالمية في العام 2008 مروراً بجائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، وما تلاه من التضخُّم العالمي، وإرتفاع أسعار الفوائد، وذلك بتبنيه لنموذج أعمال قائم على التنوع في الموجودات. مع التركيز على جوهر العمل الرئيسي للبنوك القائم على الإقراض والإقتراض borrowing and lending بعيداً عن الإستثمار بالموجودات مرتفعة المخاطر، مع وجود إدارة مخاطر كفوءة وأنظمة رقابة داخلية فاعلة، ومن دون إغفال الدور الأساسي والرئيسي للبنك المركزي الأردني، من خلال توجيهاته وتشريعاته النافذة والتي ساهمت بالمحافظة على متانة وسلامة المركز المالي للبنوك، وصولاً إلى تتويج تلك الجهود، وفق ما أشارت إليه الورقة البحثية الصادرة عن منتدى الإستراتيجيات بتصنيف القطاع المصرفي الأردني كثاني أفضل الدول إستقراراً من بين 165 دولة بعد لوكسمبورغ، وذلك إستناداً إلى البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، وبإستخدام منهجية Z-Score على أساس المقارنة بين الدول على أساس كفاية رأس المال، ونسبة العائد، ومستوى تقلب تلك العوائد.
* رأسمال البنك 150 مليون دينار، وهو من البنوك متوسطة الحجم في الأردن، هل هناك نية لزيادة رأس المال؟ وإذا هناك نية للزيادة، ما هي التوسُّعات التي ينوي البنك تنفيذها؟
– نقوم في البنك، بمراقبة وإدارة رأس المال بشكل دوري، وبما يضمن إستمرارية العمليات والتوسعات، ويُحقّق أفضل عائد ممكن على حقوق المساهمين. وفي سبيل تلك الغاية، لا يتم الإعتماد على رأس المال المصرّح به والمدفوع فقط، حيث يُعتبر رأس المال التنظيمي هو المؤشر الأهم ويتكوّن من: رأس المال الأساسي لحملة الأسهم العادية بالإضافة إلى الشريحة الأولى والثانية من رأس المال، مع إجراء بعض التعديلات الرقابية، وليتم مقارنته بحجم الأصول المرجّحة بالمخاطر للوصول إلى نسبة كفاية رأس المال التنظيمي، والتي بلغت 17.95 % كما في 30 حزيران (يونيو) 2023 وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالحد الأدنى المطلوب، وفقاً لتعليمات البنك المركزي الأردني والبالغ 14 %. ومع ذلك فإن البنك منفتح على أيّة فرص وشراكات إستراتيجية تهدف إلى المزيد من النمو مستقبلاً، وبما فيه مصلحة المساهمين.
* البنك الأردني الكويتي من أبرز البنوك التي إستثمرت في مجال التأجير التمويلي، هل نجح هذا التوجّه؟ وهل السوق نضجت بشكل كافٍ للتحوُّل إلى التأجير التمويلي كمنتج بديل عن التمويل المباشر؟
– نعم، لقد كنّا من أوائل البنوك التي إستثمرت في قطاع التأجير التمويلي، وذلك في العام 2011 من خلال تأسيس شركة تابعة ومملوكة بالكامل من قبلنا، وهي شركة إجارة للتأجير التمويلي. ويمكنني القول، وبعد مرور 13 عاماً على هذه التجربة، أنها كانت ولا تزال مرضية وناجحة إلى حد كبير، حيث إستطعنا من خلال شركة إجارة الإستحواذ على حصة سوقية ممتازة، وضعت الشركة في مصاف كبرى الشركات العاملة في هذا القطاع والتي سبقتها في التأسيس، رغم أن السوق الأردنية في رأيي لم تصل إلى مرحلة النضوج الكافي، في مجال التأجير التمويلي. وهنا أتكلم عن قطاع الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، لأن نظام التأجير التمويلي مفيد وناجح جداً في قطاع الشركات الكبرى، وخصوصاً قطاع الإسكان، والذي يتم من خلاله شراكة وتعاون تضمن نجاح القطاعين على حد سواء، وبسبب ما ذكرته سابقاً لا أزال أتوقع أن التأجير التمويلي بحاجة إلى المزيد من الوقت ليُصبح أحد الخيارات التمويلية للأفراد، وخصوصاً حتى في حال نضوج السوق بالشكل الكافي، لا يُمكن التحوُّل بشكل كامل إلى التأجير التمويلي كبديل عن التمويل المباشر نظراً إلى خصوصية هذا التمويل والأنظمة والقوانين التي يعمل في ظلّها والتي تتيح له تمويل الأصول الثابتة حصراً. ونأمل في أن يتحوّل قطاع التأجير إلى مرحلة النضوج بشكل أسرع، ولا سيما بعد خضوع شركات التأجير التمويلي تحت مظلّة البنك المركزي.
نبحث في كل الوسائل المتاحة لنا بغية تحقيق مصرف رقمي
على درجة عالية من المعايير الرقمية العالمية
الإمارات العربية المتحدة – تحدّث الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار أحمد أبوعيدة لمجلة «إتحاد المصارف العربية» عن أهمية إعادة تحديث البنك على أُسس مصرفية رقمية على مستوى عالمي وفق أعلى المعايير الدولية، وقال: «حولنا التحديات السابقة في البنك إلى فرص مستقبلية، مما يساعد في حماية الإقتصاد الإماراتي، ورفدنا إمارة الشارقة بخبرات مصرفية عالية على مستوى دولي، بحيث أصبح بنك الاستثمار مؤسسة مصرفية ذات قيمة رفيعة، وذلك من خلال البحث وإيجاد الحلول المناسبة، بغية تحقيق مصرف رقمي على درجة عالية من المعايير الرقمية العالمية، والتي تضاهي أعلى المستويات في الدول المتقدّمة، أكان في آسيا أو في أوروبا، أو في أميركا.
كما أن المردود الذي نتوخّاه من إمارة الشارقة الحبيبة، هو السند الأكيد من حكومة الشارقة، من أجل تطوير البنك في ظل أعلى المواصفات العالمية، والذي سيمد الإمارة بالعائدات المطلوبة لسداد رأس المال. علماً أنه من المعروف عن إمارة الشارقة، بأنها العاصمة الثقافية لدولة الإمارات، وفيها العديد من مراكز الأبحاث والاستثمارات والابتكار».
في ما يلي الحديث مع الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار أحمد أبو عيدة:
– كونكم تملكون خبرات مصرفية غنيّة ومتنوّعة، وتعملون حالياً في بنك إماراتي مرموق، كيف توظّفون هذه الخبرة لخدمة الإقتصاد الإماراتي بشكل عام، وإقتصاد إمارة الشارقة بشكل خاص؟
– مما لا شك فيه أنني كونت على مدى سنوات طويلة في العمل المصرفي في مؤسسات عالمية خبرة مكنتني من التركيز في عملي الحالي راهناً على تحوّل إعادة الهيكلة، أكان التحول الرقمي أو التحول الاستراتيجي بما يكفل أداءً مهنياً رفيعاً.
بالنسبة إلى إعادة الهيكلة، لا يُخفى على أحد، فقد كان بنك الاستثمار في الإمارات يحتاج إلى إعادة الهيكلة بشكل كامل، نتيجة الظروف السابقة للبنك. وقد أنجزنا موضوع إعادة الهيكلة بشكل كامل منذ نحو عام ونصف العام، وصولاً إلى رفع رأس المال، حيث قامت حكومة الشارقة بضخ رأس المال اللازم، وزيادة ملكية الحكومة للبنك إلى نسبة 88.11 %.
في سياق إعادة الهيكلة للبنك، قمنا بإعادة هيكلة الإدارات، كما أعدنا صوغ كامل الإجراءات والشروط، والكادر الوظيفي، وقد إستعدنا دور المصرف حيال الإقراض، بعدما توقفت هذه الخدمة منذ مدّة، كذلك أضفنا خدمات لم تكن موجودة في البنك، وأوجدنا دائرة الخزينة، والخدمات المصرفية للأفراد، بعدما كانت عبارة عن خدمات تتعلق بالشركات.
كما أوجدنا إدارة الحلول المصرفية، وخدمات المؤسسات المالية، إضافة إلى إتخاذنا قراراً إستراتيجياً مفاده تغيير نظام البنية التحتية التكنولوجية (Core Banking System) وهو حل مصرفي أساسي شامل وآمن عبر الأنظمة السحابية المتكاملة التي تتبنى نموذج ساس “SAAS” والذي يُركز على تلبية المتطلبات المتزايدة للعملاء وخاصة جيل الألفية، وموجّه نحو الأعمال، ويغطي بشكل شامل أنشطة المكاتب الأمامية والخلفية للبنوك والمؤسسات المالية، والشركات، والاستثمار، والخدمات المصرفية الخاصة. ويُعتبر هذا المشروع من المشاريع المعقدة بطبيعتها، والذي يتطلب موافقة البنك المركزي. علماً أن النظام الحالي لا يواكب متطلبات المرحلة الحالية.
في الخلاصة، إن أي مؤسسة مصرفية في أي دولة، في حال واجهت أي مشكلة، فإنها ستؤثّر على النظام العام، لذا فإنه بفضل الخبرات التي يتمتَّع بها فريقنا، فقد حوّلنا المشكلات السابقة إلى فرص مستقبلية.
– أكثر ما يهمُّ حالياً التحوُّل الرقمي في الخدمات المقدمة للعملاء، ماذا يقدم بنك الاستثمار في هذا الجانب؟ وما هي الخطة والمنتجات المصرفية الإلكترونية التي سيتم تقديمها؟
– لقد تحدثنا بإسهاب عن خدمات التحوُّل الرقمي في البنك. أما بالنسبة إلى الخدمات المصرفية للشركات، فهناك الخدمات الرقمية والتي تتمحور حول دفعات الحوالات، أكانت محلية (داخلية) أو عالمية (مع الدول الأخرى). علماً أن الشركات باتت بحاجة إلى رقمنة الخدمات التجارية، وهي فتح الإعتمادات وإصدار الحوالات. وسنكون من أول البنوك في الشارقة وخارجها حيال إنجاز الدفعات الفورية (من بلد إلى آخر)، بالشراكة مع ماستركارد. كما نعمل على إنجاز مشروع التحوُّل الرقمي حيال الأفراد.
– كيف تقيّمون التعاون المصرفي العربي؟ وما هو الدور المطلوب من إتحاد المصارف العربية لزيادة التعاون؟
– إن إتحاد المصارف العربية هو صلة الوصل في ما بين المصارف العربية على نحو كبير. كما أنني أرى أن ثمّة مجالاً واسعاً لتطوير هذا التعاون، في ما بين هذه المصارف، ولا سيما على الصعيد الإستراتيجي، وعلى كل المستويات. وأرى أن هذا التعاون يُمكن أن يكون أكثر بكثير مما هو في الوقت الحالي. علماً أن التعاون في ما بين المصارف العربية هو قائم نتيجة وجود إتحاد المصارف العربية ومهنيته، والذي يُنسق العلاقات المصرفية العربية، ويعمل على تطويرها نحو الأفضل، وفق أعلى المعايير العالمية.
– ما هي التحدّيات التي تُواجه البنوك العربية، وخصوصاً ما يتصل منها في معايير الإمتثال للمتطلبات الدولية التي تفرضها الدول الكبرى، مثل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؟
– ثمّة تحدّيات تواجه المصارف العربية، يا للأسف الشديد، إن واقعنا العربي اليوم مؤلم، إذ إن دولاً عربية معيّنة كانت في قوائم متطلّبات الامتثال والعقوبات، وقد أُزيلت عنها. كما أن ثمّة دولاً عربية أخرى لا تزال في قوائم العقوبات العالمية، علماً أن هذا الأمر يتحدّد نتيجة المعايير الدولية للامتثال. كما أن هذه المعايير تكون عادة تحت مراقبة مشدّدة من الجهات العالمية. لكن البنوك المركزية العربية تتبع أعلى المعايير المصرفية العالمية، وهي بدورها تطلب من البنوك العربية أن تطبق هذه المعايير، ولا مجال للتهاون في هذا الشأن.
الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو:
انتشار خدمات التكنولوجيا المالية يُعزّز نسبة الشمول المالي
وينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادّخار ومصادر التمويل للأفراد
تقول الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو: «إن انتشار خدمات التكنولوجيا المالية يُعزّز نسبة الشمول المالي، مما ينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادّخار ومصادر التمويل للأفراد. وهناك ارتباط وثيق بين ارتفاع معدّلات الشمول المالي والنمو الاقتصادي والاجتماعي. كما وهنالك علاقة قوية بين رقمنة الخدمات المالية ورفع مؤشرات كفاءة عمل الجهاز المالي والمصرفي، وتقليل التكاليف التشغيلية، مما تنعكس إيجاباً على ربحية هذا القطاع الهام، وعلى كلف الخدمات المالية للمستهلكين، ولا ننسى الأثر البيئي والتقليل من التنقل وهدر الوقت والجهد جرّاء الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية على الاقتصاد الوطني».
في ما يلي الحديث مع الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص – «جوباك» – مها البهو:
*كيف تقيّمون تفاعل كل من الأفراد والمؤسسات مع خدمات التكنولوجيا المالية؟
– نحن نشهد تطوراً ملحوظاً في استخدام خدمات التكنولوجيا المالية من جانبي الأفراد والمؤسسات، مما انعكس بشكلٍ إيجابي على نسبة الشمول المالي في المملكة والتي ارتفعت من 42 % في العام 2017 إلى 47 % في العام 2021 بحسب قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي الخاصة بالبنك الدولي (Global Findex Database). رافقت هذه الفترة تطوُّرات عديدة على أنظمة الدفع في الأردن، نذكر منها إطلاق نظام الدفع الفوري – كليك في العام 2020 والذي تبعه ترقية نظام جوموبي (البدالة الوطنية للدفع بواسطة الهاتف النقال) لنفس معيار آيزو الخاص بنظام كليك (ISO20022) الأمر الذي مكّن التشغيل البيني بين النظامين، فأصبحت الحوالات الفورية متاحة بين البنوك وبين المحافظ الإلكترونية وفيما بينهما. ناهيك عن نظام إي فواتيركم الذي شهد تنامٍ في عدد الخدمات التي يقدمها لتصل اليوم إلى أكثر من 1,600 خدمة تضم كافة القطاعات في المملكة، والتي تحتل فيها فئات الخدمات الحكومية والمياه والكهرباء المرتبة الأعلى من ناحية عدد وقيمة الحركات التي يتم دفعها.
على نحو أكثر تفصيلاً وبالنظر إلى الأرقام الأحدث – والتي تمتد من منذ تأسيس الأنظمة وحتى أيلول (سبتمبر) من العام الحالي، شهدت كافة أنظمة الدفع لدينا تنامٍ في عدد مستخدميها من أفراد ومؤسسات، والذي يتمثل بوصولنا لمليون مستخدم لخدمة كليك ومليوني مستخدم للمحافظ الإلكترونية و3.9 مليون مستخدم لنظام عرض وتحصيل الفواتير إلكترونياً (إي فواتيركم).
فضلاً عن الإقبال في الانضمام إلى الخدمات، فمؤشرات الاستخدام مبشرة أيضاً، نحن نتحدث عن أكثر من 43 مليون عملية تمّت على هذه الأنظمة الثلاثة قاطبة في الربع الثالث من العام 2023 وبقيمة عمليات تجاوزت الـ 7 مليار دينار أردني.
أيضاً، نحن نشهد إقبال كبير للمؤسسات على استخدام أنظمة الدفع، يتمثل أولها بقيام شركاؤنا في القطاع المالي من بنوك وشركات محافظ بالربط على أنظمة الدفع التي نديرها وتعاونهم معنا في مراحل إطلاق الخدمات واختبارها. بالإضافة إلى ذلك، فحركات المؤسسات والتجار في نمو على نظامي كليك وجوموبي، وكذلك المفوترون على نظام إي فواتيركم والذين بلغ عددهم 488 مفوتراً حتى شهر أيلول (سبتمبر) من العام الحالي يقدمون مئات الخدمات. واليوم، تعتمد مؤسسات حكومية وغير حكومية عديدة مثل صندوق المعونة الوطنية، بالإضافة إلى العديد من وكالات الأمم المتحدة المحافظ الإلكترونية لتحويل الرواتب والمساعدات المالية، والتي كانت إحدى التداعيات الإيجابية لجائحة كورونا التي أسهمت بدفع عجلة التحوُّل الرقمي.
لم تكن بطاقات الدفع والتجارة الإلكترونية بمنأى عن هذا النمو الكبير في خدمات التكنولوجيا المالية في الأردن، فقد بلغت قيمة الحركات التي تمّت باستخدام بطاقات الدفع 5.3 مليار دولار في العام 2022 وبإجمالي عدد حركات وصل 100 مليون حركة، مما حقّق نمواً بنسبة 30 % في قيمة الحركات المنفذة، و50 % في عدد الحركات في العام 2022 مقارنةً بالعام 2021. أما التجارة الإلكترونية فتشهد نمواً بنسبة 100 % عاماً تلو عام.
* في ظل التطور السريع في المجال التكنولوجي، هل هناك مواكبة لهذه التطوُّرات وعكسها على المنتجات والتطبيقات التي تحاكي التكنولوجيا المالية؟
– بالطبع، هناك تطورات نصفها بالهائلة على بنية وخدمات الدفع الرقمي في الأردن، نذكر أولها الحوالات الفورية التي أصبحت متاحة بين كافة الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية في المملكة، بفضل التشغيل البيني الذي تم بين نظامي كليك وجوموبي. لم تقتصر هذه التطورات على خدمات الدفع بل آلية ومزايا خدمات الدفع أيضاً. تشير المؤشرات إلى تنامي خدمات الدفع من خلال رمز الاستجابة السريع (QR Code)، فكل شركات المحافظ تتيح الدفع للتجار من خلال هذه الخدمة، ونشهد تنامي توفيرها من قبل البنوك لعملائهم.
ليس ذلك فحسب، فنحن نعمل دوماً على تحديث أنظمتنا لتواكب آخر التطورات والمعايير العالمية من حيث خصائص الأمان ونوعية ومزايا الخدمات المقدمة. نذكر من هذه الخدمات خاصية تأكيد المستلم (Payee Confirmation) والتي تُظهر اسم المستلم الكامل للحوالة الفورية قبل إتمام عملية التحويل والتي قلّلت مجمل الحوالات الخاطئة. وفي السياق عينه، أطلقت جوباك أيضاً خدمة تأكيد الآيبان (IBAN Confirmation) للتأكد من اسم مستلم التحويل، حتى وإن لم تكن آلية إرسال الحوالة فورية.
تتعاون جوباك أيضاً مع المؤسسات والمنظمات المالية المحلية والعالمية لتبادل الخبرات في هذا المجال، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو توقيعنا مذكرة تفاهم مع صندوق النقد العربي لتوسيع نطاق خدمات الدفع الفوري عبر الحدود بين الأردن والأسواق العربية والعالمية، مستفيدين من نجاح تجربتنا في نظام كليك للدفع الفوري، والذي فاق عدد مستخدميه المليون مستخدم في السنة الثالثة من إطلاقه.
وضمن كافة التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا المالية، وهو مجال سريع التطور، قمنا مؤخراً، وبالتعاون مع البنك المركزي الأردني، بإطلاق مركز التكنولوجيا المالية «جوين» لاحتضان الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية. يُوفر المركز برامج الاحتضان والإشراف والتوجيه للشركات الناشئة، يُقدمها نخبة من خبراء القطاع المالي والتكنولوجيا المالية. علاوةً على ذلك، يعقد المركز جلسات تشاركية لأصحاب المصلحة في القطاع تجتمع فيها الخبرات لتبادل الآراء، وتعزيز القدرات والعمل على إيجاد حلول لمشكلات متعلقة في مجال التكنولوجيا المالية. كما يُنظم المركز تحديات للشركات وأخرى للشركاء في القطاع المالي ولاسيما رعاة المركز من البنوك لحل مشكلات قائمة والتي تنطوي على حوافز ومكافآت. ويستهدف المركز أيضاً تعزيز القدرات في مجال التكنولوجيا المالية من خلال عقد البرامج المتخصصة لطلاب الجامعات. نأمل من خلال هذا المركز في أن يكون الأردن منصّة لريادة وتطوير الخدمات المالية الرقمية في المنطقة والعالم.
ومن ضمن المشاريع التي نعمل عليها في الوقت الحالي، والتي ستكون بمثابة نقلة نوعية للخدمات المالية الرقمية، هو نظام اعرف عميلك إلكترونياً، والذي سيتيح الانضمام إلى المؤسسات المالية في الأردن بشكل رقمي، وتقليل عبء إعادة إدخال البيانات الشخصية عند فتح الحسابات لدى أكثر من مؤسسة مالية.
* كيف انعكس انتشار خدمات التكنولوجيا المالية على النشاطات الاقتصادية، وهل هناك دراسات في هذا الخصوص أو مؤشرات تخص الاقتصاد الأردني؟
– إن انتشار خدمات التكنولوجيا المالية، يُعزّز نسبة الشمول المالي، مما ينعكس على سرعة دوران النقد في الاقتصاد وزيادة الادخار ومصادر التمويل للأفراد. وهناك ارتباط وثيق بين ارتفاع معدّلات الشمول المالي والنمو الاقتصادي والاجتماعي. كما وهنالك علاقة قوية بين رقمنة الخدمات المالية ورفع مؤشرات كفاءة عمل الجهاز المالي والمصرفي، وتقليل التكاليف التشغيلية، مما تنعكس إيجاباً على ربحية هذا القطاع الهام وعلى كلف الخدمات المالية للمستهلكين، ولا ننسى الأثر البيئي والتقليل من التنقل وهدر الوقت والجهد جرّاء الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية على الاقتصاد الوطني.
بحسب رؤية التحديث الاقتصادي، يُسهم قطاع الأسواق والخدمات المالية بما نسبته 7.6 % من الناتج المحلي الإجمالي (2.3 مليار دينار أردني) ويؤدي دوراً رئيسياً بوصفه عاملاً ممكناً للنمو الاقتصادي. ورغم انخفاض نسبة مساهمة هذا القطاع في إجمالي عدد العمالة، إلاّ أنه يُوفر واحداً من أعلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي لكل عامل، إذ يبلغ 88.6 ألف دينار أردني للعامل. وربطت الرؤية النمو الاقتصادي بالشمول المالي، وتضمّنت قطاع «التقنيات المالية» كإحدى الفئات الاستراتيجية الواجب التركيز عليها.
يقوم البنك المركزي الأردني بنشر التقارير والمؤشرات حول الخدمات المالية الرقمية والمؤشرات الاقتصادية السنوية التي نعتمد عليها في المملكة. تقوم جوباك أيضاً بإصدار التقارير النوعية والكمية المتخصصة حول الخدمات المالية الرقمية وتفاعلها مع العديد من القطاعات، وارتباطها ببعض التغيُّرات التي تطرأ على الاقتصاد. فعلى سيبل المثال، أصدرت جوباك تقريرها الشامل عن أثر جائحة كورونا على الخدمات المالية الرقمية في العام (2020) والذي حلّل الجائحة بكافة تداعياتها، بما فيها تلك التي انعكست على الأنشطة الاقتصادية في المملكة. وفي العام 2023، أصدرت جوباك تقريرها الأحدث حول رقمنة الخدمات الحكومية في الأردن والذي تطرّق إلى العديد من المؤشرات العالمية حول الخدمات الحكومية الرقمية مثل «تصنيف اعتماد المدفوعات الإلكترونية الحكومية (GEAR)» والذي يأخذ السياق الاجتماعي والاقتصادي ضمن معاييره، وتمت مقارنة هذا التصنيف بمؤشرات متعلقة بمستوى الرفاهية عالمياً مثل مؤشر التنمية البشرية (HDI).
وعلى الصعيد العالمي، نحن نعتمد على البيانات التي تتيحها المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وبوابة «الشمول المالي من أجل التنمية – FinDev» والتي تعنى بالمؤشرات الاقتصادية وتلك المتعلقة بالتكنولوجيا المالية مثل مؤشرات التنمية العالمية (World Development Indicators) وقاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي (Global Findex Database).
* هل ساهم انتشار خدمات التكنولوجيا المالية في تحقيق الهدف الوطني بزيادة نسبة المشمولين في خدمات المالية؟
– بالطبع، وخير دليل على ذلك – كما ذكرت سابقاً – هو زيادة نسبة الشمول المالي في المملكة من 42 % في العام 2017 إلى 47 % في العام 2021 بحسب بيانات قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي (Global Findex Database) والتي واكبها في تلك الفترة تطورات عديدة على خدمات الدفع الرقمي في المملكة.
أحدُ الأمثلة التي تؤكد ارتباط انتشار خدمات التكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي، هو فتح 1.2 مليون محفظة إلكترونية في العام 2020 في الأردن مقارنة بـ 608,344 محفظة في نهاية العام 2019، والسببُ في ذلك هو سماح البنك المركزي الأردني للمرة الأولى بفتح المحافظ الإلكترونية عن بُعد بدلاً من زيارة فروع مقدمي خدمات المحافظ الإلكترونية أو وكلائهم لاستكمال إجراءات «اعرف عميلك شخصياً»، وذلك استجابة لتداعيات جائحة كورونا في آذار (مارس) من العام 2020.
* هناك متطلّبات تشريعية ليكون هناك توافق بين الأنظمة والقوانين مع بيئة خدمات التكنولوجيا المالية، مثال ذلك نظام الفوترة الذي لم يصل مرحلة التنفيذ ويواجه معارضة من بعض القطاعات الاقتصادية، برأيكم هل وصلت البيئة التشريعية في هذا المجال مرحلة النضوج؟
– يضطلع البنك المركزي الأردني بدور رائد في سنّ التشريعات المتعلقة بالخدمات المالية والمصرفية بما فيها خدمات التكنولوجيا المالية. أحد الأمثلة على ذلك، ومواكبةً لهذا التطور، هو إطلاق المركزي الأردني لتعليمات «تنظيم إجراءات عمل الخدمات المالية المفتوحة» في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2022. بشكلٍ عام، وفي كل دول العالم، نرى أن سرعة التطوُّر التكنولوجي تسبق سرعة تطوير القوانين والتشريعات، لكننا نشهد أيضاً أن المركزي الأردني سبّاق في أخذ زمام الأمور من الناحية التشريعية لضمان مواكبة سرعة التطور هذه. واستجابةً لرؤية التحديث الاقتصادي، أنشأ المركزي الأردني وحدة متخصصة في التكنولوجيا المالية وقام بإعادة هيكلة المختبر التنظيمي الرقمي (Regulatory Sandbox) ليواكب هذا التطور. وبشكل عام، يأتي دور البنك المركزي الأردني في حماية المنظومة المالية دون الانغماس في التفاصيل الفنية والتقنية والتي يتركها للمؤسسات المالية، تعزيزاً لدورها الريادي وإفساحاً للابتكار في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بنظام الفوترة الوطني، فهو مشروع تم وضعه على خارطة عمل الحكومة مسبقاً، ونَصِفَه بنظام محاسبي ضريبي متعلق بإصدار وإدارة الفواتير لخدمة المكلفين ضريبياً في جميع قطاعاتهم وتسريع حصولهم على الخدمات الضريبية بما فيها خدمات الدفع، وهو نظام مكمل للمنظومة المالية في المملكة يتوجه أكثر نحو خدمات الفوترة.
وبالرغم من التقدم الحاصل في الخدمات المالية الرقمية في السنوات الأخيرة، لا يُمكننا إنكار تحيّز المجتمع الأردني نحو استخدام الكاش ومقاومة التحول الرقمي، ولا يخلو الأمر من معارضة، أو بالأحرى – وكما أحب أن أصفها بـ «المقاومة» للأنظمة الحديثة بما فيها نظام الفوترة الوطني، وذلك لما يضفيه من تعزيز للحوكمة وتسهيل للتتبع ومكافحة للاحتيال. ولكن إرادة الحكومة واضحة جداً وصارمة في ما يتعلق بنظام الفوترة الوطني مما سيؤدي إلى تطبيقه ونعتقد أن الحكومة سوف تنجح في ذلك، كما نجحت سابقاً بفرض دفع مستحقات الحكومة إلكترونيا.
* يرافق التطور التكنولوجي متطلبات لحماية المستهلك المالي، وهناك العديد من الملاحظات رافقت عملية التطبيق، هل هناك تعديلات تضمن تقليل الملاحظات أو شكاوى المتعاملين؟
– بالطبع، فحماية المستهلك المالي وثقته في استخدام الخدمات المالية هو حجر الأساس لدعم انتشارها وتبنّيها. يضع البنك المركزي الأردني حماية المستهلك المالي نصب عينيه، فهناك وحدة متكاملة في البنك المركزي لحماية المستهلك المالي تستقبل شكاوى المستخدمين على المؤسسات المالية مباشرة. كما يصدر المركزي الأردني تقاريراً بخصوص شكاوى المستهلكين الماليين التي ترد إليه مباشرة أو التي ترد إلى المؤسسات المالية. علاوةً على ذلك، يقوم البنك المركزي بالتشاور مع المؤسسات المالية في القطاع لمعرفة التحديات التي تواجه العملاء والتغذية الراجعة حول الخدمات والمنتجات. كما تقوم جوباك، وبصفتها كمشغل للعديد من أنظمة الدفع، بتحديث مزايا وخدمات أنظمة الدفع بحسب ما يردها من تغذية راجعة من تفاعلها مع المستخدمين أو من المؤسسات المالية التي تقوم بالربط على أنظمتها. كما تعمل جوباك أيضاً بنهج تشاركي مع المؤسسات المالية في القطاع بدءاً من المراحل الأولى لإطلاق الخدمة واختبارها وصولاً إلى إطلاقها بشكل رسمي وإجراء التحديثات عليها، ولدينا خطوط اتصال مفتوحة مع كافة الشركاء على أنظمتنا نتلقّى فيها المشكلات والشكاوى ونعمل على تحديثها وحلها والتعديل عليها بما يتواءم مع التجربة الأفضل للمستخدم. كما تترك جوباك مساحة للمؤسسات المالية التي تقوم بالربط على أنظمتها لتخصيص مزايا الخدمات المالية بحسب احتياجات مستخدميها.
ومن أهم خطوط الدفاع في حماية المستهلك المالي هو زيادة الثقافة المالية ونشر الوعي حول الخدمات المالية الرقمية بحيث يتمكّن المستخدمون من اتخاذ قرارات مدروسة عند تفاعلهم مع هذه الخدمات. اليوم أصبحت مادة الثقافة المالية، وبجهود البنك المركزي الأردني، تُدرّس في مدارسنا. وتضافراً لهذه الجهود، نقوم في جوباك أيضاً بإجراء برامج متخصصة لتعزيز الوعي المالي ونشر المعرفة حول الخدمات المالية الرقمية لطلاب الجامعات والفئات الأقل حظاً، ناهيك عن دور البنك المركزي الأردني في وضع سقوف عليا للعمولات حمايةً للمستهلكين الماليين وتعليماته بقيام المؤسسات المالية بالإفصاح عن هذه العمولات بشفافية.
* كيف تصنفين الأردن من حيث مستوى الخدمات الإلكترونية المالية؟
– أصف الخدمات المالية الرقمية في المملكة، بأنها على قدر من التطور وتضاهي الخدمات المالية المتقدمة على مستوى العالم، بل وتتفوق عليها في بعض الأحيان. على سبيل المثال، باتت تجربة «كليك» في الأردن والتشغيل البيني بينه وبين نظام جوموبي للمحافظ الإلكترونية محط أنظار الكثير من دول العالم، حتى وصفه خبراء ماليون من حول العالم بـ «فيراري سوق الخدمات المالية». نحن نمشي بخطوات ثابتة في رحلة تحقيق شمول مالي رقمي كلي في المملكة بقيادة البنك المركزي الأردني. ولا شك في أن البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية في الأردن متينة وقادرة على استيعاب هذا التقدم يساندها في ذلك تطوّر البنية التحتية الإلكترونية في المملكة من حيث شبكات الإنترنت والهواتف.
علاوةً على ذلك، أصبحت كافة المؤسسات المالية في الأردن اليوم تتيح خدماتها بشكل رقمي، بل وأصبح العملاء يتركون المؤسسات المالية التي لا تواكب هذه الثورة في رقمنة الخدمات. بهذه المؤشرات، نستشرف مستقبلاً واعداً للأردن وتطوراً ملحوظاً في الخدمات المالية الرقمية خلال العقد المقبل.
* كان هناك اهتمام من بعض الدول العربية والأجنبية بتجربة الأردن في مجال الخدمات المالية، هل هناك تعاون لنقل التجربة الأردنية لهذه الدول؟
– بالطبع، نحن نستضيف زيارات من العديد من المؤسسات والبنوك المركزية في دول العالم للاطلاع على نموذج عمل جوباك وتجربتها كمشغل لأنظمة الدفع نشارك فيها خبراتنا في هذا المجال، ونستفيد من تجارب الدول أيضاً وأنماط عملها. أحدُ الأمثلة الحيّة على ذلك أيضاً هو تعاوننا مع صندوق النقد العربي، والذي تم من خلاله توقيع مذكرة تفاهم لتوسيع نطاق خدمات الدفع الفوري عبر الحدود بين المملكة الأردنية الهاشمية والأسواق العربية والعالمية.
تشارك جوباك أيضاً في لقاءات وورش عمل المنظمات الإقليمية والعالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتحالف الشمول المالي وغيرها من المؤسسات الرائدة عالمياً والتي تشكل فرصة ذهبية لتبادل التجارب والخبرات والدروس المستفادة. وقد عزّز انضمام جوباك لتحالف الشمول المالي AFI)) من تواصلنا ولقائنا مع صانعي القرارات وواضعي السياسات من البنوك المركزية في أكثر من 80 دولة من حول العالم.
د. المحروق: جمعية البنوك داعم رئيسي ومساند في خدمة الجهاز المصرفي
خدمات ومعلومات ودورات تدريبية مالية متخصصة على مدار العام
إطلاق عدد من المبادرات المالية المعنية بالخدمات المصرفية والنشاطات المالية
أكد مدير عام جمعية البنوك في الأردن الدكتور ماهر المحروق أن الجمعية تلعب دورا وثيقا ومساندا في خدمة القطاع المصرفي وبالتنسيق مع البنك المركزي الأردني الذي يشكل الأساس الاستراتيجي للسياسة النقدية والاستقرار النقدي في المملكة.
وأضاف الدكتور المحروق بحديث شامل مع مجلة اتحاد المصارف العربية ان الجمعية على تواصل دائم مع مختلف شرائح المجتمع باتجاه نشر الثقافة المالية التي تعتبر احد عناصر الشمول المالي، وقد باتت الجمعية مصدرا رئيسيا للمعلومات وطبيعة الخدمات التي يقدمها الجهاز المصرفي وأخر المستجدات المالية حسب تطورات أوضاع السوق المصرفية.
وأكد الدكتور المحروق على العلاقة القوية التي تجمع بين الجمعية وباقي المؤسسات الاهلية لا سيما غرف الصناعة والجمعيات المعنية ومراكز الدراسات المتخصصة بالشؤون الاقتصادية.
في ما يلي الحوار مع المدير العام لجمعية البنوك في الأردن الدكتور ماهر المحروق:
– تساهم جمعية البنوك في الأردن في خدمة القطاع المصرفي، ما هي الخدمات التي تقدمها للبنوك، وهل هنالك قياس لأثر هذه الخدمة؟
– تُعتبر جمعية البنوك مؤسسة وفقاً لقانون البنوك الأردني رقم 28 لسنة عام 2000، والتي تتولى التنسيق بين البنوك وتحقيق التعاون بينها. وقد حدّد نظام جمعية البنوك وتعديلاته رقم (35) لسنة 2005 والصادر بموجب قانون البنوك الأهداف الرئيسية للجمعية لتتضمّن رعاية مصالح البنوك الأعضاء والتنسيق في ما بينها تحقيقاً لمنفعتها المشتركة، وتطوير أساليب أداء الخدمات المصرفية، بالإضافة إلى ترسيخ مفاهيم العمل المصرفي وأعرافه وإتباع نظم وإجراءات موحّدة لهذه الغاية.
وفي سبيل تحقيق أهدافها، تتولى الجمعية مجموعة من المهام والواجبات والتي تتضمّن تقديم الخدمات الإستشارية للأعضاء في مجال عملهم، وبحث القضايا المشتركة المتعلقة في مختلف أوجه أنشطة الأعضاء وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تواجههم، والتعاون مع البنك المركزي لتحقيق أهداف السياسة النقدية وتبادل وجهات النظر في مختلف القضايا المصرفية، وتقديم الإقتراحات لتطوير التشريعات المصرفية والاقتصادية بالتنسيق مع البنك المركزي، وعقد الإتفاقيات الجماعية بين أعضائها لتوحيد شروط التعامل المصرفي بعد موافقة البنك المركزي على ذلك، إضافة إلى عقد الندوات والمحاضرات التثقيفية والدورات التدريبية المتعلقة بالقضايا المصرفية والإقتصادية، وتبادل الخبرات المتعلقة بالعمل المصرفي وتزويد الأعضاء بالمعلومات المتوافرة لديها، والتعاون مع مؤسسات القطاعين العام والخاص ذات العلاقة بأهداف الجمعية، وإقامة علاقات تعاون مع الهيئات والجمعيات المصرفية العربية والدولية، والسعي إلى توحيد المصطلحات والنماذج والإجراءات المصرفية، وجمع المعلومات والوثائق والإحصاءات المتعلقة بالعمل المصرفي، وإعداد الدراسات والبحوث في هذا الشأن وتعميمها على الأعضاء، وإصدار النشرات والمطبوعات الدورية التي تتعلق بمختلف الأنشطة المصرفية.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول: إن الخدمات الرئيسية التي تقدمها الجمعية للبنوك الأعضاء تتركز في ثلاثة محاور رئيسية هي:
– التنسيق بين البنوك ورعاية مصالحها والتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص.
– التدريب وتطوير الموارد البشرية في البنوك من خلال مختلف الفعاليات التدريبية وورش العمل والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.
– إصدار الدراسات والتقارير المصرفية وأوراق العمل والإحصائيات المتنوعة التي تتعلق بالبنوك.
وفي ما يتعلق بقياس الأثر للخدمات التي تقدمها الجمعية، فلا بد من الإشارة إلى أن التغذية الراجعة التي تحصل عليها الجمعية، تشكل جوهر العملية التقييمية لقياس الدور والأثر الذي تحققه أنشطتها. فعلي سبيل المثال، تقوم الجمعية بتقييم مختلف الفعاليات التدريبية التي تنفذها بشكلٍ مباشر. وعلى المستوى الإجمالي تقوم الجمعية بإستطلاع آراء ورغبات البنوك الأعضاء بشكلٍ مستمر وتستخدمها كمدخل رئيسي لإعداد خططها واستراتيجياتها. علماً أن الجمعية تعمل وفقاً لإستراتيجية مقرّة من مجلس الإدارة مدتها ثلاث سنوات، ويتم عمل تقييم ومتابعة لمستوى الإنجاز بشكلٍ دوري.
– تلوح لدى المواطنين العديد من الأسئلة، لا سيما بعد صدور أي قرار مصرفي، هل تقدم الجمعية خدمات مباشرة للرد على إستفسارات المواطنين؟
– إن بناء علاقات مباشرة مع المجتمع والتواصل المستمر معه هو عنصر رئيسي لنجاح أي مؤسسة. وفي هذا الصدد، فإن الجمعية تستهدف بشكلٍ رئيسي ضمن مهامها توضيح مختلف الحقائق المتعلقة بالبنوك وتعمل بشكلٍ مستمر على نشر التوضيحات إزاء كل التطورات الحاصلة في القطاع المصرفي، فضلاً عن التواصل المباشر مع المواطنين من خلال مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. ويُمكن هنا أن نشير إلى الظهور اللافت للجمعية في وسائل الإعلام في جميع المناسبات التي تستلزم ذلك، ومنها مثلاً جهود الجمعية خلال العامين الأخيرين في توضيح أسباب إرتفاع أسعار الفائدة وإتجاهاتها ومبرّراتها، والمشاركة في مختلف اللقاءات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية لتوضيح كل ما يتعلق بالتطوُّرات والمستجدات في الساحة المصرفية المحلية، وإصدار البيانات الصحفية حينما لزم ذلك.
وفي هذا المجال، فإن دور الجمعية في التواصل مع المواطنين، ينبع أيضاً من إهتمامها الكبير بنشر الثقافة المالية، والتي تُعتبر أحد عناصر الشمول المالي، كما أن الثقافة المالية تُساعد في فهم طبيعة المنتجات المصرفية المقدمة وطرق المفاضلة بينها، وتحديد المنتج الملائم، وتعزز من ثقافة الإدخار لدى الشباب، وتساهم في تطوير قدرات لهم لإتخاذ القرارات المالية السليمة، ناهيك عن آثارها على تطوير عمل الريادين ودراسة المشاريع في الجانب المالي بالطرق الصحيحة. ولهذا فقد عملت الجمعية على إطلاق منصة متخصّصة لنشر الوعي والثقافة المالية، وهي أول منصّة تُعنى بشرح الخدمات المالية المقدمة من قبل البنوك، وتستهدف تقديم تثقيفية وتعريفية في مختلف المواضيع المالية ولمختلف الفئات بما فيها الشباب والنساء ورياديو الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الفئات.
– هل تُعد جمعية البنوك مصدراً للمعلومات حول الخدمات التي يُقدمها الجهاز المصرفي؟ وهل يتم تحديث هذه البيانات لضمان مواكبتها للمتغيّرات في السوق المصرفية؟
– تقوم الجمعية بجمع المعلومات والوثائق والإحصاءات المتعلقة بالعمل المصرفي واعداد الدراسات والبحوث في هذا الشأن وتعميمها على الأعضاء، وهي مصدر رئيسي للمعلومات الإحصائية المتعلّقة بعمل القطاع المصرفي، جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الأردني، كما تُعتبر الجمعية مقصداً للباحثين والدارسين للقطاع المصرفي للحصول على البيانات اللازمة لهم في تحليلهم للقطاع المصرفي الأردني.
وفي هذا المجال، فإن الجمعية تقوم بشكلٍ سنوي بجمع معلومات مالية وغير مالية من جميع البنوك الأعضاء والتي تشمل مختلف مجالات العمل المصرفي، بما في ذلك الإنتشار الجغرافي والفروع وأجهزة الصراف الآلي، والموارد البشرية في البنوك، ومؤشرات الإقراض للأفراد وللشركات الصغيرة والمتوسطة، ومؤشرات المتانة المالية، والمؤشرات المالية الرئيسية، ومؤشرات الدخل والربحية، والخدمات المصرفية الجديدة، وتقوم الجمعية بتحليل تلك البيانات ونشرها من خلال دراسات الأداء المقارن، وتقارير أبرز التطورات المصرفية والتقارير السنوية للجمعية. علماً بأن الجمعية تقوم بنشر تلك البيانات بشكلٍ سنوي وتعمل على تحديثها بإستمرار.
وتقوم الجمعية كذلك بنشر أسعار الجوديبر والتي تمثل أسعار الاقراض بين البنوك، كما تقوم الجمعية بنشر مجموعة من المطبوعات الشهرية مثل مجلة البنوك، وهي مجلة شهرية متخصصة بالشأن المصرفي وبشكلٍ شهري بإعداد النشرة المصرفية، والنشرة المصرفية الشهرية، والتقرير الإقتصادي الشهري، وغيرها. ويتم نشر جميع التقارير والمطبوعات والدراسات الصادرة عن الجمعية بشكلٍ مباشر على الموقع الإلكتروني لجمعية البنوك. علماً أن الجمعية تعمل حالياً على إطلاق منصّة الكترونية متخصّصة (Dashboard) تهدف إلى تسهيل جميع البيانات من البنوك، والتي ستدخل حيّز العمل الفعلي إعتباراً من بداية العام المقبل.
– كيف تقيّم علاقة الجمعية بالمؤسسات الاهلية الأخرى، ولا سيما غرف الصناعة والتجارة والجمعيات المعنية ومراكز الدراسات التي تُعنى بالنواحي الإقتصادية، كون أعضاء هذه المؤسسات يمثلون القطاع الخاص، وغالباً ما يُواجهون مشكلات تتصل بالعمل المصرفي؟
– تحرص الجمعية على بناء علاقات قوية مع مختلف فعّاليات القطاع الخاص في الأردن، بما في ذلك غرف الصناعة والتجارة والجمعيات والنقابات المهنية وممثلي مختلف القطاعات الإقتصادية في المملكة، حيث إن إدامة التواصل مع فعّاليات القطاع الخاص وإستمرار التنسيق معهم، يساهم في الحد من أي تحديات قد تنشأ ويساعد في إبقاء قنوات إتصال مفتوحة مع جميع تلك الجهات.
وفي هذا المجال، فقد قامت الجمعية بتأطير العديد من علاقاتها مع تلك الأطراف من خلال إبرام مذكرات تفاهم وتعاون. مثلاً وقّعت الجمعية مذكرة تفاهم مع غرفة صناعة الأردن، وغرفة صناعة عمّان. كما قامت الجمعية بتنفيذ العديد من الفعاليات المشتركة مع جمعية إنتاج وهي المعنية بقطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في الأردن، فضلاً عن التواصل والتنسيق المستمر مع مختلف الفعاليات الخاصة في الأردن مثل الإتحاد الأردني لشركات التأمين، وجميعة الصرّافين، ونقابة المهندسين، والمقاولات والمكاتب الهندسية، وجميعة وكلاء السياحة، ومختلف الجمعيات والمنظمات القطاعية.
كذلك تحرص الجمعية بشكلٍ مستمر على التعاون مع مراكز الدراسات في المملكة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وقعت الجمعية إتفاقية تعاون مع مركز الدستور للدراسات الإقتصادية. وتحرص الجمعية بشكلٍ مستمر على تنمية علاقاتها مع مختلف فعاليات القطاع الخاص من خلال المشاركة في الفعّاليات التي تنفذها تلك الجهات أو من خلال دعوتهم للمشاركة في الفعاليات التي تنفذها الجمعية.
إن حرص الجمعية على بناء علاقات قوية مع مختلف القطاعات نابع من التشابك الكبير بين القطاع المصرفي، وتلك القطاعات من جهة، فضلاً عن علاقات التشاركية النابعة من دور تلك القطاعات في الإقتصاد الوطني.
– البنوك تقوم بدورها في خدمة المجتمع، ما هي البرامج التي تقدمها جمعية البنوك بإسم القطاع المصرفي الأردني؟
– تعمل الجمعية على مجموعة من البرامج والمشاريع التي تستهدف الجانب الإجتماعي. ويأتي هذا التركيز من الدور الاجتماعي الذي تلعبه البنوك لخدمة المجتمع المحلي، والقناعات مشتركة للقطاع المصرفي حول القضايا المحورية التي تهم جميع أطياف المجتمع، وهو ما دفع البنوك إلى العمل الدؤوب في تطوير مبادرات اجتماعية تضم في ثناياها كافة البنوك، ومن أبرز تلك المبادرات، مساهمات البنوك في مركز الحسين للسرطان، وصندوق الأمان لرعاية الأيتام والصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية، ومنحة الشهيد معاذ الكساسبة، ودعم وزارة الصحة، ودعم صندوق همّة وطن ووقفية القدس، والمبادرات الرياضية، وغيرها من المبادرات التي تتم بشكل مباشر من خلال مظلة ورعاية الجمعية لها.
خلال الأعوام 2018-2022، بلغ إنفاق البنوك على المسؤولية المجتمعية حوالي 150 مليون دينار أي قرابة 30 مليون دينار سنوياً، ويمثل هذا الإنفاق ما بن 5-6 % من صافي أرباح البنوك. وفي الفترة الماضية، قامت البنوك من خلال الجمعية بتقديم دعم سخي لوزارة التنمية الإجتماعية بهدف دعم مبادرات ومشاريع الوزارة، وتمكينها من تنفيذ خططها على أرض الواقع. حيث تضمّنت المبادرة تقديم الدعم المالي لمجموعة من المشاريع التي تهدف إلى التخفيف من حدّة الفقر ودعم الأسر الإنتاجية، وتعزيز التمكين الإقتصادي للمرأة، والمساهمة في مكافحة البطالة من خلال تمويل البرامج التدريبية لتطوير مهارات الشباب وتمكينهم من دخول سوق العمل.
وفي ظل الدور الكبير للبنوك في مجال المسؤولية المجتمعية، فقد قامت الجمعية إستجابةً لذلك بتشكيل وإطلاق لجنة المسؤولية المجتمعية والإستدامة في جمعية البنوك وهي اللجنة المعنية في كل ما يتعلق بمساهمات البنوك في المسؤولية الإجتماعية، وتتولى توجيه وإقتراح توجهات المسؤولية المجتمعية الجماعية، ووضع سياسة خاصة للمسؤولية الإجتماعية تتضمّن القطاعات المستهدفة والأثر المنشود.
– ما مدى التعاون بين جمعية البنوك في الأردن، والجمعيات النظيرة لها عربياً واقليمياً؟ وكيف ينعكس هذا التعاون على البنوك العاملة في المملكة؟
– من وجهة نظرنا، يُعتبر التعاون مع الجمعيات المصرفية العربية، إحدى أهم وسائل تطوير وتبادل الخبرات المصرفية في المنطقة، ويساهم أيضاً في تعزيز العلاقات بين البنوك العربية وزيادة مستويات الشراكة بين الدول نفسها.
وفي هذا الصدد، وباعتبار أن الجمعية عضو في إتحاد المصارف العربية، فإن الجمعية تحرص دوماً على تعزيز أواصر العلاقة مع الإتحاد، خصوصاً وأنه يمثل المظلة الرئيسية للقطاعات المصرفية في الدول العربية. وتقوم الجمعية بالمشاركة في مختلف الفعاليات التي ينظمها إتحاد المصارف العربية في مختلف الدول، كما تقوم الجمعية بالتعاون مع الإتحاد في جميع الفعاليات التي ينظمها داخل الأردن.
أما عن العلاقة مع جمعيات البنوك العربية، فقد قامت الجمعية مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم مع رابطة المصارف الخاصة العراقية، بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين، وبما يخدم مصالح القطاعين المصرفيين في البلدين.
كما سبق وأن وقعت الجمعية مذكرة تفاهم مع جمعيات البنوك في العديد من الدول ومنها فلسطين، لبنان وتركيا ورومانيا ورابطة المصارف المغربية. وتسعى الجمعية دائماً إلى التعاون مع جمعيات البنوك في مختلف الدول العربية، وتتطلّع دائماً إلى بناء علاقات متميّزة مع تلك الجمعيات.
وفي المجال عينه، فإن الجمعية تعمل على تعزيز وتنمية علاقاتها الدولية مع مختلف المنظمات والهيئات الدولية ذات العلاقة، وبما يُحقق أقصى فائدة ممكنة للبنوك الأعضاء من خلال تنفيذ فعّاليات تدريبية وأنشطة وورش عمل يشارك فيها خبراء دوليون، وتنفيذ مشاريع نوعية داعمة لتوجهات القطاع المصرفي في مختلف المجالات، ومنها على سبيل المثال التمويل الأخضر والتكنولوجيا المالية وغيرها.
– تصدر جمعية البنوك العديد من الدراسات، ما هي أهم الدراسات التي أطلقتها العام الحالي، وما هي خطتها في هذا المجال؟
– كما تحدّثنا سابقاً عن دور الجمعية كمصدر للمعلومات والبيانات للقطاع المصرفي، تقوم الجمعية بإعداد الدراسات والأبحاث والتقارير الخاصة بعمل القطاع المصرفي الأردني، وخصوصاً الدراسات التي تسلّط الضوء على دور القطاع المصرفي في الإقتصاد الأردني وعلاقته مع القطاعات الإقتصادية الأخرى، بهدف توضيح الفرص المتاحة في هذه القطاعات للقطاع المصرفي، وإعطاء القطاع المصرفي تصوراً عاماً عن دور هذه القطاعات في الإقتصاد الأردني.
وفي هذا الجانب، فقد قامت الجمعية خلال العام الحالي بإعداد دراسة حول دور القطاع الصناعي في الإقتصاد الأردني، ودراسة أبرز تطورات السوق العقارية الأردنية، كما تم إطلاق دراسة شمولية حول إسهامات القطاع المصرفي في النشاط الإقتصادي الأردني، وتقديم تحليل واضح لهذه المساهمة وأثرها على الإقتصاد. وكافة الدراسات التي تقوم بها الجمعية منشورة على موقع الجمعية ويمكن للجميع الاطلاع عليها.
وأصدرت الجمعية التقرير السنوي لجمعية البنوك لعام 2022، ودراسة الأداء المقارن للبنوك العاملة في الأردن، إضافة إلى الإستمرار في إصدار مجلة البنوك الشهرية، والتقرير الإقتصادي الشهري، والنشرة المصرفية الشهرية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فقد قامت الجمعية بإعداد مجموعة من أوراق العمل المتخصّصة والأوراق المفاهيمية والتي كانت في معظمها لأغراض داخلية وتتناول مواضيع محددة.
نحرص على المواءمة بين ضمان سلامة عمل القطاع المصرفي وإستمرارية تقديم مختلف الخدمات المصرفية
نولي إهتماماً متزايداً في مجال التحوُّل الرقمي والتكنولوجيا المالية
المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل الغالبية العظمى في الإقتصاد الفلسطيني
محافظ سلطة النقد الفلسطينية الدكتور فراس ملحم
تأسّست سلطة النقد الفلسطينية، التي تُعد بمثابة البنك المركزي لدولة فلسطين، في نهاية العام 1994، كمؤسسة عامة تتمتّع بالشخصية الإعتبارية المستقلة، والأهلية القانونية الكاملة لمباشرة جميع الأعمال التي تكفل لها تحقيق المهام التي قامت من أجلها.
وتتمثل المهام الرئيسة لسلطة النقد في ضمان سلامة العمل المصرفي، من خلال الإشراف على المصارف والمؤسسات المالية، وعلى أنظمة الدفع، وتعزيز الشمول المالي، والحفاظ على الإستقرار النقدي، ودعم وتشجيع النمو الإقتصادي في فلسطين.
وقد إستطاعت سلطة النقد خلال مسيرة عملها، وضع أسس ثابتة ورصينة لتنظيم القطاع المصرفي، ومؤسسات الإقراض المتخصص، وشركات الدفع الإلكتروني، والصرّافين، وفق أفضل الممارسات التي تستهدفها المؤسسات الدولية. ومع ذلك، فخصوصية الوضع الفلسطيني أضفت طابعاً خاصاً على سلطة النقد، وعلى بعض جوانب عملها ومهامها، على وجه التحديد في المجال النقدي، إذ تُعتبر سلطة النقد في هذا السياق، بنكاً مركزياً فريداً، فهي لا تتولى إصدار وإدارة عملة وطنية، ويُستعاض عنها في الوقت الراهن بنظام نقدي متعدّد العملات، يتم فيه تداول ثلاث عملات أجنبية: الشيكل الإسرائيلي، والدولار الأميركي، والدينار الأردني، بالإضافة إلى اليورو ضمن نطاق محدود.
في هذا السياق يقول محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. فراس ملحم: «لا شك في أن سياسات وإجراءات سلطة النقد، وأداءها المتّزن، قد لعب دوراً محورياً في المحافظة على الإستقرار المالي، بإعتباره ركيزة أساسية للتنمية، والمحافظة على مقوّمات الإقتصاد الفلسطيني، وبما يُمهّد السبيل للوصول إلى تحقيق الإستقرار الإقتصادي»، مشيراً إلى «أن سلطة النقد قد أولت في السنوات الأخيرة إهتماماً متزايداً لمتابعة القضايا المتعلقة بالتحوُّلات الجذرية في مجال التحوُّل الرقمي والتكنولوجيا المالية، وأخذت على عاتقها مهمة تسريع وتيرة الجهود في هذا المجال، من خلال مزيد من الإستثمار في تعزيز البنية التحتية للتكنولوجيا المالية، وإتخاذ مزيد من الخطوات والإجراءات الإستباقية، وتعزيز ثقافة وخدمات الدفع الإلكتروني، وبناء وتطوير أنظمة مصرفية ومالية تتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وتُسهم في خفض حجم المخاطر التي قد يتعرّض لها القطاع المصرفي بشكلٍ خاص، والنظام المالي بشكلٍ عام، وتساعد في الوصول إلى التحوُّل الرقمي المنشود بنجاح».
في ما يلي الحوار مع محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. فراس ملحم:
* سلطة النقد الفلسطينية من أحدث أجهزة الرقابة والتنظيم للنشاط النقدي في الوطن العربي، كيف تصف المؤسسة التي مضى على تأسيسها نحو 26 عاماً؟
– إن غياب العملة الوطنية حدّ من قدرة سلطة النقد على وضع سياسة نقدية متكاملة وتنفيذها، مما أفقد سلطة النقد المرونة اللازمة للتحكُّم في المعروض النقدي وأسعار الفائدة، كما حدّ من قدرتها في التحكُّم بالصدمات الناتجة عن تغيُّرات الأسعار المحلية وأسعار الصرف للعملات المتداولة في السوق الفلسطينية.
لكن في المقابل، وبالإتساق مع أحد أهم أهدافها الرئيسة، والمتمثل في تأمين إستقرار النظام المالي (المصرفي وغير المصرفي)، فقد حرصت سلطة النقد على الدوام إلى تهيئة بيئة مؤسسية وتنظيمية مناسبة تحكم عمل هذا القطاع، وإكسابه المرونة اللازمة لمواكبة أحدث التطوُّرات المصرفية العالمية.
ورغم كل التحدّيات والمعوّقات التي أحاطت بالإقتصاد الفلسطيني، إلاَّ أن سلطة النقد مضت بخطى راسخة ومدروسة للقيام بالمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقها بموجب القانون، وقواعد الشفافية، ووفق أفضل الممارسات المعمول بها في البنوك المركزية. ولهذه الغاية، قامت بتنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع بغية تعزيز رؤيتها ورسالتها ودورها في مجال الحفاظ على الإستقرار المالي والإقتصادي، فضلاً عن متابعة المستجدات المتعلقة بعمل البنوك المركزية، وخصوصاً في مجال الإقتصاد الرقمي والتكنولوجيا المالية.
* كيف تستطيع سلطة النقد تحقيق الأهداف المنوطة بها من سلامة القطاع المصرفي، وتحقيق النمو الإقتصادي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الإقتصاد الفلسطيني نتيجة إجراءات سلطات الإحتلال؟
– يُمثل الحفاظ على سلامة القطاع المصرفي الفلسطيني، أحد الوظائف الأساسية لسلطة النقد، والتي حرصت على الدوام على إبقاء هذا القطاع الحيوي آمناً سليماً معافى، قادراً على مسايرة حجم الأعباء الملقاة على عاتقه في ظل الظروف والأوضاع التي تعيشها فلسطين، وبما يُسهم في مزيد من التفعيل لدوره في تحفيز الإقتصاد وتشجيع النمو الإقتصادي المستدام.
ومع تزايد التحدّيات والمخاطر التي تحيط بالنظام المالي بشكلٍ خاص، وبالإقتصاد بشكلٍ عام، كما في الحالة الفلسطينية، تزداد أهمية المحافظة على سلامة القطاع المصرفي، وما يتطلّبه ذلك من مراقبة ومتابعة حثيثة ومستمرة لهذه التحديات والمخاطر، للتخفيف من تأثيراتها المحتملة على كفاءة العملية المصرفية، والنشاط الإقتصادي، وبما يُسهم في الحفاظ على حالة من الإستقرار المالي تضمن إنسيابية الأعمال المصرفية والمالية.
وشكّلت الرقابة المصرفية الحصيفة التي تنتهجها سلطة النقد، صمام الأمان لهذا القطاع. وبفضل هذه الرقابة إستطاعت الصناعة المصرفية المحافظة على متانتها وإستقرارها رغم الظروف الإقتصادية والمالية الصعبة، ومواجهة تداعيات العديد من المخاطر والتحدّيات، وتخفيف تأثيراتها المحتملة على أصوله وأنشطته ومؤشراته الرئيسة، والمحافظة على سلامته وسلامة أموال المودعين، وبما يُمهد السبيل لمواصلة دوره في تقدم الإقتصاد.
ويُضاف إلى ذلك، التقييم الدوري المستمر الذي تقوم به سلطة النقد للمخاطر التي تُهدد إستقرار هذا القطاع، والتخفيف من آثارها وتداعياتها، وتعزيز مبادئ الرقابة المصرفية الفعّالة المبنية على المخاطر، وتحديث الأطر التنظيمية والإشرافية من خلال تطبيق معايير بازل III، وتوفير بنية مدفوعات وائتمان قويتين، ومراقبة الإمتثال للقوانين والأنظمة، وخصوصاً تعليمات الحوكمة، وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإستخدام مجموعة واسعة من السقوف التحوطية، بما في ذلك نسب الإحتياطات المطلوبة، والحدّ الأدنى لمتطلبات رأس المال، ونسب السيولة المثلى، والقيود المفروضة على تُركز الإئتمان، وتقلبات العملة، والتعليمات المتوافقة مع مبادئ وتوصيات لجنة بازل، والممارسات الفضلى ذات العلاقة.
كما وضعت سلطة النقد أيضاً جملة من الإجراءات والتدابير موضع التنفيذ العملي، بما في ذلك تعزيز إستخدام إختبارات التحمُّل بإعتبارها أداة رئيسة وجزءاً لا يتجزأ من إدارتها الشاملة للمخاطر، وترتيبات إستمرارية العمل والتعافي من الكوارث، ورفع الحدّ الأدنى من رأس المال إلى 75 مليون دولار، إلى جانب إلزام المصارف الإحتفاظ بإحتياطات كافية لمواجهة التقلبات الدورية، والقيود على التوظيفات الخارجية، ومخاطر التركز، ومخاطر الطرف المقابل، ومخاطر الدولة، وتعزيز إستخدام سجل معلومات الإئتمان، لمساعدة القطاع المصرفي على إجراء تقييم أفضل للجدارة الإئتمانية للمقترضين.
وقد حرصت سلطة النقد من خلال تطبيق هذه الإجراءات، على المواءمة بين ضمان سلامة وإستمرارية عمل القطاع المصرفي من جهة، والإستمرار في تقديم مختلف الخدمات المصرفية ودعم مختلف الأنشطة والقطاعات الإقتصادية وقطاع الأعمال والجمهور المحلي من جهة أخرى، ورفدها بالسيولة المطلوبة بمختلف العملات وبالآجال، وبشروط وتكاليف ميسرة، مما أسهم في التخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الإقتصاد الفلسطيني، ومكَن القطاع الخاص وقطاع الأعمال والشباب والنساء والرياديين من الإستثمار، وخلق مزيد من فرص العمل، وتحفيز النمو.
ومما لا شك فيه أن سياسات وإجراءات سلطة النقد وأداءها المتزن قد لعب دوراً محورياً في المحافظة على الإستقرار المالي، بإعتباره ركيزة أساسية للتنمية، والمحافظة على مقوّمات الإقتصاد الفلسطيني، وبما يُمهّد السبيل للوصول إلى تحقيق الإستقرار الإقتصادي.
* هل هناك تنسيق بين سلطة النقد الفلسطينية والأجهزة النظيرة لها في الدول العربية، وخصوصاً التي ترتبط على نحو مباشر بالإقتصاد الفلسطيني مثل الأردن ومصر؟
– لقد عملت سلطة النقد على مدار السنوات الماضية، على بناء وتعزيز منظومة علاقاتها المحلية والإقليمية والدولية، في المجالات ذات الإهتمام المشترك، وذلك من خلال التوقيع على العديد من مذكّرات التفاهم، التي شملت بعض المنظمات الدولية (CHF, UNRWA، القنصلية الإيطالية في القدس)، والبنوك المركزية (البنك المركزي السويدي، والبوليفي، والتونسي، والعراقي، والعماني، وبنك المغرب، وبنك الجزائر، والبنك المركزي الأردني والمصري)، وذلك في إطار العمل على ربط القطاع المصرفي الفلسطيني بالمنظومة المصرفية العالمية، وبما يُمهّد السبيل للإرتقاء والتطوُّر في الخدمات المقدّمة من قبل هذا القطاع.
كما قامت سلطة النقد بتوقيع مذكّرات تفاهم مع البنوك المركزية، التي لديها تواجد مصرفي في السوق الفلسطينية، فتم توقيع مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الأردني في العام 2009، وتم تعديلها في العام 2014. كما وقّعت سلطة النقد مذكّرة تفاهم مثيلة مع البنك المركزي المصري في العام 2010.
وبشكل عام، ركّزت مذكّرات التفاهم مع البنك المركزي الأردني، والبنك المركزي المصري على تبادل المعلومات والخبرات في مجال الرقابة المصرفية، والإشراف على المصارف، والتشريعات الرقابية بما يتفق مع مقررات لجنة بازل للرقابة المصرفية، وذلك بهدف تسهيل التعاون في مجال الرقابة الشاملة على المؤسسات المصرفية الأردنية والمصرية والفلسطينية التي لديها تواجد مصرفي خارجي في كل من الأردن ومصر وفلسطين، وتسهيل قيام هذه الأطراف بدورها في ضمان سلامة ومتانة أوضاع المؤسسات المصرفية العاملة في هذه الدول.
ورغم خصوصية الوضع في فلسطين، يبقى القطاع المصرفي الفلسطيني جزءاً من المنظومة المصرفية الإقليمية والعالمية. كما أن إنضباطه وفقاً لأعلى المعايير والممارسات المصرفية العالمية، أكسبه درجة كبيرة من المرونة والمهنية العالية، التي ساهمت في الحفاظ على سلامته ومتانته، مدعوماً بالإجراءات التي قامت بها سلطة النقد في مجال الرقابة والإشراف والتحوُّل الرقمي، وأسهمت في سرعة إندماج القطاع المصرفي الفلسطيني مع محيطه الإقليمي والدولي، ومواكبة أحدث التطورات المصرفية العالمية.
* واكب القطاع المصرفي العربي عملية التحوُّل الرقمي في الخدمات المصرفية، ما هو الواقع حيال البنوك في فسطين؟ وما خطط سلطة النقد للوصول إلى المستويات المستهدفة في عمليات التحول؟
– لقد أولت سلطة النقد في السنوات الأخيرة، إهتماماً متزايداً لمتابعة القضايا المتعلقة بالتحوُّلات الجذرية في مجال التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية، وأخذت على عاتقها مهمة تسريع وتيرة الجهود في هذا المجال، من خلال مزيد من الإستثمار في تعزيز البنية التحتية للتكنولوجيا المالية، وإتخاذ مزيد من الخطوات والإجراءات الإستباقية، وتعزيز ثقافة وخدمات الدفع الإلكتروني، وبناء وتطوير أنظمة مصرفية ومالية تتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وتُسهم في خفض حجم المخاطر التي قد يتعرّض لها القطاع المصرفي بشكلٍ خاص، والنظام المالي بشكلٍ عام، وتساعد في الوصول إلى التحول الرقمي المنشود بنجاح.
وفي هذا السياق يُمكن القول إن سلطة النقد قد إتخذت خطوات ملموسة، وذلك من خلال تنفيذ وإطلاق مجموعة من البرامج التطويرية، التي يمكن الإشارة إلى أبرزها بالآتي:
– إطلاق نظام المقاصة الإلكترونية، الذي عمل على أتمتة عمليات مقاصة الشيكات بالكامل، من خلال تبادل صور الشيكات ومعلوماتها إلكترونياً، كبديل عن تبادل أصل الشيكات الورقية، لأغراض تنفيذ عمليات التقاص بين المصارف العاملة في فلسطين، وتحصيلها لصالح المواطنين، مما أسهم في سرعة دوران النقود في الإقتصاد المحلي.
– التحديث المتواصل لنظم التصنيف الإئتماني ومعلومات الإئتمان، بهدف خفض محاولات الإحتيال والتزوير، والمساعدة في تمكين الشباب والرياديين والنساء وأصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، من الوصول والنفاذ إلى مصادر التمويل بكل سهولة ويسر.
– تحديث نظام المفتاح الوطني (National Switch)، للسماح بإضافة عضوية شركات خدمات الدفع للنظام، والقيام بعمليات تقاص حركات نقاط البيع المحلية، مما أسهم في خفض التكاليف وزيادة الإستخدام.
– السماح لشركات خدمات الدفع الإلكتروني بالعمل في السوق الفلسطينية، إلى جانب إستقطاب بعض شركات الدفع العالمية للعمل في السوق الفلسطينية، بهدف تعزيز التنافسية وتنويع قنوات الدفع الإلكتروني والإستفادة من الأجهزة الذكية مثل أجهزة الهاتف المحمول. وتالياً، أصبح بإمكان المصارف تقديم هذه الخدمة لعملائها الذين يمتلكون أجهزة ذكية وتمكينهم من إتمام عمليات الشراء دون بطاقات وعملات نقدية وبطريقة سهلة وآمنة.
– إطلاق المختبر التنظيمي (Regularity Sandbox) لإختبار التطبيقات التكنولوجية في مجال الخدمات المالية، وبما يُتيح لأصحاب الأفكار والمنتجات ونماذج الأعمال الخاصة بالمبتكرين والرياديين من إختبار تطبيقاتهم في بيئة آمنة، وبرعاية وإشراف من قبل سلطة النقد، ودعم تنظيمي وإرشادي لأصحاب هذه التطبيقات.
– تشكيل فريق إستشاري للتكنولوجيا المالية، لمناقشة القضايا ذات العلاقة بقطاع التكنولوجيا المالية، وآليات الإستفادة من الحلول التكنولوجية ودعم الرياديين وأصحاب الأفكار الإبتكارية والشركات الناشئة، وبما يُسهم في تطوير ودعم قطاع التكنولوجيا المالية، وتعزيز التحوُّل الرقمي، وتعزيز البنية التحتية لأنظمة الدفع في فلسطين.
– إطلاق عمليات نقاط البيع (P.o.S) على المفتاح الوطني، لتمكين المتعاملين من تنفيذ عملياتهم المالية عبر البطاقات بغضّ النظر عن المصارف المصدرة لها، وبما يُسهم في خفض التكاليف وزيادة الإستخدام.
– تحديث نظام المعلومات الجغرافي (GIS)، الذي يربط البيانات الديموغرافية والإحصائية مع البيانات المكانية للمؤسسات الخاضعة لرقابة سلطة النقد وإشرافها، من خلال قاعدة بيانات مركزية تفاعلية، وبما يتيح للجمهور والمستثمرين وأصحاب المشاريع إمكانية الإستفادة من البيانات التي يُوفرها هذا النظام في اتخاذ القرارات والتخطيط الإستراتيجي الخاص برسم سياسات التفرّع وتحديد إحتياجات المناطق حيال الخدمات المالية والمصرفية، وبما يُسهم في تعزيز عملية الشمول المالي.
– العمل مع الحكومة على إطلاق بوابة الدفع الإلكترونية، لتقديم الخدمات للجمهور الفلسطيني إلكترونياً، من دون الحاجة إلى التوجه إلى المكاتب الحكومية، وبإستخدام أدوات الدفع الإلكترونية المناسبة.
– إطلاق نظام الإستعلام للأفراد (تطبيق إلكتروني على الأجهزة المحمولة)، لإتاحة خدمة إستعلام الأفراد عن تصنيف مصدري الشيكات من خلال نظام الشيكات المعادة قبل التعامل معهم، مما يُسهم في حماية حقوق الأفراد والشركات المتعاملين بالشيكات، وتالياً الحد من ظاهرة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد، والحدّ من إساءة إستخدام الشيكات، وخصوصاً أن الشيكات تُعتبر أداة دفع رئيسة في السوق الفلسطينية بعد النقد الكاش.
وقد ترافقت هذه الجهود مع إطلاق سلسلة مكثفة من الحملات التوعوية والتثقيفية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية، وإستخدام أدوات الدفع الإلكتروني، ودعم الرياديين، بهدف تعريف المواطنين بخدمات الدفع الإلكتروني وأهميتها، وتشجيعهم على مواكبة التطور التكنولوجي في الخدمات المالية، وبما يساعد فئات عديدة من المجتمع وخصوصاً غير المشمولين مصرفياً من الوصول إلى خدمات الدفع الإلكتروني وإستخدامها من أي مكان، من دون الحاجة للتعامل بالنقد الكاش.
أما عن الخطط والتطلُّعات المستقبلية في مجال التحول الرقمي، فسلطة النقد ماضية قُدماً وبخطى حثيثة نحو إستكمال متطلّبات الوصول إلى التحوُّل المنشود. فبالإضافة إلى المبادرات والمشاريع التي تم إنجازها، أو التي يجري العمل عليها في الوقت الراهن، تتضمّن أجندة سلطة النقد للمرحلة المقبلة، العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات بغية تسريع إستخدام التكنولوجيا المالية الحديثة. ويُمكن الإشارة إلى أهم التطلُّعات المستقبلية لسلطة النقد من خلال التالي:
– العمل على إستكمال البنية التحتية للمدفوعات الإلكترونية، المتعلقة بالتعرُّف على العميل إلكترونياً «e-KYC»، والهوية المالية الرقمية «Digital ID»، التي تُعتبر متطلّبات أساسية للتحوُّل الرقمي، بالإضافة إلى أتمتة إجراءات العناية الواجبة، وتعزيز قدرات أمن المعلومات (الأمن السيبراني) والحوسبة السحابية، وحمايتها من الجرائم والقرصنة الإلكترونية وفق أفضل الممارسات، وغيرها من المشاريع التي تخدم إستراتيجية الحدّ من الإستخدام النقدي (الكاش).
– العمل على زيادة التنافسية في القطاع المصرفي الفلسطيني، وزيادة عدد اللاعبين من خلال مزيد من الإنفتاح على العالم الخارجي، والسماح لبنوك التمويل الأصغر والبنوك الرقمية بالعمل في السوق الفلسطينية، وما يتطلّبه ذلك من تعزيز للأطر القانونية والتشريعية، وتوفير الخبرات والكفاءات البشرية وتعزيز قدراتها، وخصوصاً في مجال تقنية المعلومات، فضلاً عن تهيئة المجتمع والعملاء لتقبُّل مثل هذا النوع من المصارف وأهدافها والغايات المنشودة منها.
– العمل على إدماج التكنولوجيا المالية في الصناعة المصرفية الإسلامية، وتشجيع المصارف الإسلامية على الإستثمار وتبني إستراتيجيات التحوُّل الرقمي، والعمل على تطوير مجموعة من الحلول لضخ السيولة الإسلامية قصيرة الأجل لمساعدة مقدمي الخدمات المالية الإسلامية في إدارة السيولة، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وتطوير دور الهيئة العليا للرقابة الشرعية لتمكينها من المراجعة والمصادقة على المنتجات الجديدة، وتقديم الإرشاد حيال هذه المنتجات.
– التحضير لإطلاق نظام الدفع الفوري لمدفوعات التجزئة الإلكترونية والحوالات الدائنة بشكل لحظي/فوري، وعلى مدار الساعة (من خلال تطبيقات الهاتف المحمول). ويأتي هذا النظام في سياق تعزيز البنية التحتية المركزية لأنظمة المدفوعات في فلسطين وفق أحدث التوجهات العالمية، وبما يُسهم في تحقيق الترابط والإتصال في منظومة عمل خدمات الدفع الإلكترونية على المستوى المحلي والدولي. وسيعمل هذا النظام على خفض الإستخدام النقدي عبر توفيره لقنوات دفع متصلة ومترابطة وأوسع إنتشاراً وأقل تكلفة، مما سيُعزّز من عملية الشمول المالي، فضلاً عن رفع مستوى التنافسية بين المؤسسات المالية المختلفة العاملة في فلسطين، وتوجيهها بشكل فعّال نحو إستهداف فئات جديدة من المجتمع المصرفي وغير المصرفي. كما سيُتيح هذه النظام لعملاء شركات خدمات الدفع والمصارف إمكانية الإستفادة الفورية من الأموال المحولة/المستلمة.
* طبّقت سلطة النقد نظام عرض وسداد الفواتير الوطني، كيف كان تعامل القطاع الخاص والمؤسسات العامة والبنوك مع هذا النظام؟ وما هي المزايا التي سيُحقّقها على مستوى الإقتصاد الكلي؟
– يُعتبر نظام عرض وسداد الفواتير من النظم المركزية الخاضعة لإشراف ورقابة سلطة النقد، الذي أطلقته بغية توفير قنوات إلكترونية مختلفة لعرض وسداد الفواتير، وتحفيز الإستخدام الأوسع لخدمات الدفع الإلكتروني، وتحفيز قطاع المفوترين في فلسطين، بما يشمل القطاعين العام والخاص والهيئات المختلفة، لتبنّي التحوُّل التكنولوجي في تقديم الخدمات للمواطنين، ودمج هذا القطاع بشكل فعّال في منظومة التكنولوجيا المالية، إلى جانب إسهامه في دعم منظومة الدفع الخاصة ببوابة الدفع الإلكتروني الحكومية.
فالنظام يُوفر خدمة عرض وسداد الفواتير إلكترونياً عبر قنوات الدفع الإلكترونية المختلفة، بإستخدام تقنيات الإيصال والطلب Push & Pull، مع الحفاظ على سرّية البيانات من خلال تطبيق أعلى معايير الأمان والخصوصية، عبر ربط كافة مزودي خدمات الدفع (بنوك، شركات خدمات الدفع) مع مفوتري القطاع الخاص والبوابة الحكومية، ويُسهم في زيادة الثقة والأمان بالمدفوعات الإلكترونية في فلسطين. كما يُتيح إمكانية الإستفادة من كافة الخدمات عبر التطبيق المصرفي والإنترنت البنكي والمحافظ الإلكترونية والبوابة الحكومية الإلكترونية. وخدماتُه متاحة على مدار الساعة، بما في ذلك سداد رسوم الحكومة والبلديات والأقساط الجامعية وفواتير المنفعة العامة وقطاعات الإتصالات والإنترنت والإستعلام عنها، وهي خدمات متاحة لكافة عملاء المصارف وشركات خدمات الدفع الإلكترونية المرخصة للعمل في فلسطين.
ومما لا شك فيه أن هذا النظام يتضمّن العديد من المزايا، التي تعود بالنفع على المتعاملين فيه بشكل خاص وعلى الإقتصاد بشكل عام، لعلّ أهمّها:
– خفضُ فترة تحصيل الأموال المرتبطة بالفواتير.
– حصرُ التعامل في نقطة ارتباط وحيدة، وبما يؤدي الى خفض تكاليف الإستثمار والتطوير في أنظمة وبرمجيات متعددة والناشئة عن الربط مع مزودي خدمات المدفوعات.
– توفير فرص تسويقية وقنوات دفع إضافية ومساحة واسعة لتحسين جودة ونوعية الخدمات المقدمة للعملاء.
– توفيرُ نظام موحد لإجراء المطابقات الإلكترونية مع كافة مقدمي خدمات الدفع الإلكتروني (المصارف، مقدمي خدمات المدفوعات).
* كيف تصف علاقة القطاع المصرفي الفلسطيني مع البنوك العاملة في الأردن، وخصوصاً في ظلّ وجود عدد من فروع البنوك الأردنية التي تعمل في الداخل الفلسطيني؟
– يتكوّن القطاع المصرفي الفلسطيني من 13 مصرفاً، 7 منها محلية، تعمل من خلال 251 فرعاً ومكتباً، و6 مصارف وافدة ، 5 منها أردنية، تعمل من خلال 131 فرعاً ومكتباً منتشرة في كافة المحافظات الفلسطينية. علماً أنه منذ العام 2019 قام بنك القدس بإفتتاح مكتب تمثيل له في المملكة الأردنية، والذي يُعتبر أول تمثيل رسمي لمصرف فلسطيني في الأردن.
ويخضع هذا التواجد المصرفي في البلدين إلى العديد من إتفاقيات التعاون الإقتصادي الموقعة بين الجانبين، ومنها إتفاقية التعاون في مجال شؤون النقد والمصارف الموقعة بتاريخ 26/1/1995، وذلك لضمان عدم إتخاذ أيّة قرارات يُمكن أن تؤثر على الأوضاع النقدية في البلدين، من دون التوافق المسبّق عليها، بالإضافة إلى مذكّرة التفاهم الموقعة بين سلطة النقد الفلسطينية والبنك المركزي الأردني في العام 2009، وتعديلاتها في العام 2014، بهدف تبادل المعلومات والخبرات في مجال الرقابة المصرفية، والإشراف على المصارف.
وقد شكّلت موجودات المصارف الأردنية العاملة في فلسطين حوالي 38 % من إجمالي موجودات القطاع المصرفي الفلسطيني، كما إستحوذت على حوالي 38 % من ودائع العملاء، في حين ساهمت في تقديم نحو 33 % من إجمالي محفظة التسهيلات الإئتمانية الممنوحة من قبل الجهاز المصرفي الفلسطيني في نهاية الربع الثاني من العام 2023.
كما يُعتبر الدينار الأردني من بين العملات الرئيسة المستخدمة في الإقتصاد الفلسطيني في مختلف شرائحه وقطاعاته، ومكوّن أساسي في موجودات القطاع المصرفي، والذي شكل نحو 20 % من موجودات القطاع المصرفي الفلسطيني البالغ قيمتها 21.8 مليار دولار، وحوالي 10 % من محفظة التسهيلات البالغ قيمتها 11.7 مليار دولار، ونحو 19 % من ودائع العملاء البالغ قيمتها حوالي 16.8 ملياراً في نهاية الربع الثاني من العام 2023.
وبشكل عام يمكن القول: إن حجم التواجد المصرفي الأردني في فلسطين، يعكس مدى عمق ومتانة العلاقة بين المنظومتين المصرفيتين. كما يدعم هذا التواجد التوجه نحو زيادة التجارة مع الأردن، كذلك من خلالها.
* عند تحليل عمليات التمويل التي تنفذها البنوك العاملة في فلسطين، ما هي الحصة التي توجه لقطاع تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر؟ وهل هناك تمويل أو إقراض متخصّص ضمن القطاع المصرفي الفلسطيني؟
– تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الغالبية العظمى من المشاريع العاملة في الإقتصاد الفلسطيني (نحو 95 % من المنشآت العاملة في الاقتصاد الفلسطيني، وتوظف أكثر من 80 % من العمالة الفلسطينية)، وتحظى بإهتمام كبير، بإعتبارها محوراً أساسياً لتحفيز النمو، وتوليد وتنويع مصادر الدخل، والتخفيف من وطأة البطالة والفقر، وتشجيع الريادة، إلى جانب دورها في تحسين مستوى التنمية الإجتماعية وتعزيز الشمول المالي.
وقد عملت المصارف العاملة في فلسطين على إتاحة تمويل لهذه المشاريع بقيمة 1.4 مليار دولار، أو ما نسبته 12.4 % من إجمالي المحفظة الائتمانية للقطاع المصرفي في نهاية العام 2022. توزّعت بين قطاعات التجارة بنحو 56 %، والإنشاءات بحوالي 21 %، والخدمات بنحو 11 %، والصناعة بنحو 7 %، والزراعة بحوالي 3 %، وبقية الأنشطة الأخرى بحوالي 2 %.
كما عزّزت سلطة النقد من جهودها الرامية إلى تمكين هذا القطاع من الوصول إلى مصادر التمويل الميسّر (من حيث الشروط والتكاليف)، وخصوصاً مع إطلاقها للمرحلة الثانية من صندوق إستدامة، التي تضمّنت برنامجاً صُمّم خصّيصاً لهذا القطاع، من دون أن يترتب عليه أية فوائد/هامش أرباح، إلى جانب تضمين الصندوق لبرنامج آخر صمم لمؤسسات الإقراض المتخصّص، لتمكينها من تمويل المشاريع الصغيرة والمشاريع متناهية الصغر.
وضمن جهود سلطة النقد الرامية إلى توفير بيئة عمل سليمة لقطاع المنشآت، تُسهم في تمكين وتطوير وتنمية هذا القطاع، شاركت سلطة النقد بالتعاون مع وزارة الإقتصاد وهيئة سوق رأس المال، في إطلاق التعريف الوطني الموحّد لقطاع المنشآت المتناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة، والكبيرة، وتضمينه في قواعد بيانات أنظمة معلومات الائتمان لدى سلطة النقد، مما أسهم في تعزيز القدرات المالية لهذه المنشآت، ومن فرصها في النفاذ والوصول إلى الخدمات المالية، وتالياً عزّز من إمكانات نمو هذا القطاع الواعد.
كما سبق لسلطة النقد، أن أطلقت بالتعاون مع إتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الإطار الوطني لإسناد وتطوير المنشآت متناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة «منشأتي» لتحفيز قدرة هذه المنشآت على التكيُّف وتعزيز قدرتها على الصمود والإنتعاش، وذلك من خلال توفير خدمات دعم متكاملة لهذه المنشآت وحصولها على المعلومات التي تُساعدها في إتخاذ قرار الإستثمار، وتطوير الخدمات وعمليات الإنتاج وخدمات التسويق والإدارة المالية، وفرص التمويل، والخدمات الإستشارية القانونية.
وبالتزامن مع ذلك، قامت سلطة النقد بإطلاق تطبيق منصة «منشأتي» عبر الهاتف المحمول، والتي تُعتبر المنصّة الأولى من نوعها في فلسطين، وترتبط بشبكة كبيرة من الجهات الفاعلة في مجال تطوير القطاع الخاص ونخبة من الخبراء لتقدم خدمات نوعية لدعم القدرات المالية والإدارية لأصحاب هذه المنشآت، وتمكنهم من الوصول لمصادر التمويل.
كما أطلقت سلطة النقد، بالتعاون مع الصندوق الفلسطيني للتشغيل، برنامج «إبدأ الآن»، بقيمة 10 ملايين دولار، لمساعدة أصحاب/صاحبات المشاريع على تطوير مشاريعهم وبناء قدراتهم. ويُتيح هذا البرنامج لأصحاب المشاريع فرصة الحصول على تمويل بقيمة 10,000 دولار كحد أقصى، من دون تكلفة (فائدة صفرية)، ولفترة سماح تصل إلى 12 شهراً، وفترة سداد تصل إلى 48 شهراً.
ويستهدف هذا البرنامج بدرجة أساسية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، القائمة والجديدة، وخصوصاً المشاريع التي تمتلكها أو تديرها أو ترغب في إنشائها النساء، و/أو الأشخاص ذوي الإعاقة، و/أو خريجي نظام التعليم والتدريب المهني والتقني.
المؤشرات الإقتصادية تعكس الثقة بأساسيات الإقتصاد الوطني
ومصداقية «المركزي الأردني» في الحفاظ على الإستقرار النقدي
نسعى نحو استغلال ثمار التكنولوجيا والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة والإبتكارات الناتجة عنها
أطلقنا الإستراتيجية الوطنية المدفوعات الإلكترونية 2023 – 2025 ترجمة لإلتزام «المركزي» والبنوك والمؤسسات المالية بتنفيذ رؤية التحديث الإقتصادية
يقول محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس: «تلعب البنوك للبنوك دورٌاً هامٌاً في الإقتصادالاقتصاد الوطني، فهي تُعد بمثابة ذراع البنك المركزي لنقل التغيُّرات في موقف السياسة النقدية إلى السوق وصولاً إلى تحقيق أهداف البنك المركزي في بسط دعائم الإستقرار النقدي، فضلاً عن دورها الأساسي في حشد المُدّخرات وتوفير التمويل اللازم للنشاط الإقتصادي»، مشيراً إلى «أن السياسات الإقتصادية، ومنها السياسة النقدية، وُجدت لمعالجة أي إختلالات قد تنشأ في الإقتصاد، ولإعادة وضعه على مساره الصحيح بأسرع وقت ممكن، وليس لتعقيد المشهد الإقتصادي، وتالياً وبالتالي فإن وجود السياسات النقدية التشددية، كما هي هو الحال في المرحلة الحالية، هو أمر فرضته دورات أسعار الفائدة وفقاً لمُتطلبات المرحلة. وإنطلاقاً من ذلك، فإن قرارات السياسة النقدية التشدُّدية للبنك المركزي الأردني، بأبعادها المتوخاة، تصبُّ في مصلحة الإقتصاد الكلي، على المديين المتوسط والطويل، وذلك من خلال الحفاظ على الإستقرار النقدي، الذي يُعد ركناً رئيسياً من أركان الإستقرار الإقتصادي الكلي، وشرطاً مُسبقاً لتحقيق النمو الإقتصادي وجذب الإستثمارات، وهو ما يتماشى مع الأدبيات الإقتصادية».
في ما يلي الحديث مع محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس:
في ظل الموجة التضخُّمية التي يشهدها العالم مُنذ قرابة العامين، والتقلُّبات في أسواق العملات الأجنبية، وخصوصاً في الدول الناشئة والتي شهدت العديد منها تراجعاً في أسعار صرف عملاتها خلال هذه المرحلة، كيف أدار البنك المركزي الأردني مشهد السياسة النقدية وتمكّن من الحفاظ على سعر صرف الدينار؟
– لا شك في أن الموجة التضخمية، التي لا يزال العالم يواجه بقاياها حتى اليوم، أثبتت بعد مرور قرابة العامين على ظهورها أنها موجة غير إعتيادية، لم يشهد لها مثيل مُنذ ثمانينات القرن الماضي، سواء من حيث مستويات التضخُّم المرتفعة التي تم تسجيلها في العديد من الدول خلالها، والتي تجاوزت 9 % في العام 2022، أو من حيث مُسبّباتها والتي كانت نتيجة تضافر مزيج من العوامل التي أثّرت على جانبي الطلب والعرض في وقتٍ واحد، يأتي في مقدمها الزيادة في الطلب الذي أعقب التعافي من تداعيات جائحة كورنا، وقابله إستمرار الإختلالات في جانب العرض ونقص سلاسل الامداد بسبب تأثر العملية الإنتاجية بالإغلاقات الإقتصادية خلال الجائحة، كما عمّقت الأحداث الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية – الأوكرانية في بداية العام 2022 الإختلال في سلاسل الإمداد وفاقمت من هذه الموجة.
وقد تصدّرت مواجهة الضغوط التضخُّمية في طليعة إهتمامات البنوك المركزية، خلال العامين الماضيين، وكان على رأس أولوياتها ضمان ألاّ يكون هذا التضخُّم راسخاً في الإقتصاد، والعودة به إلى المستويات المستهدفة، وذلك بالنظر إلى السلبيات التي تُرافق الإرتفاع في التضخم، لا سيما في تراجع القوة الشرائية للعملة، وما يترتب على ذلك من تخفيض لقيمة المدّخرات، وزيادة التفاوت في الدخل، والتأثير سلباً على التوقعات والتخطيط للإستثمار. لذلك إتجهت البنوك المركزية نحو التشدد في السياسة النقدية، والذي تجلّى برفع أسعار الفائدة باعتبارها أهم الأدوات التقليدية التي تستخدمها البنوك المركزية لتحقيق أهدافها في إحتواء التضخُّم. فعلى سبيل المثال قام الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة 11 مرة مُنذ نهاية الربع الأول من العام 2022 وحتى بداية تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، وبمقدار بلغ 525 نقطة أساس، وتبعه في ذلك العديد من البنوك المركزية في العالم والمنطقة، كما قام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة 10 مرات وبواقع 450 نقطة أساس.
وسط هذه البيئة، أدار البنك المركزي الأردني سياسته النقدية وفقاً لما يتطلّبه هدف المحافظة على الإستقرار النقدي في المملكة، والذي يُمثل الهدف الرئيسي للبنك المركزي الأردني المُحدد في قانونه، وبما يتناسب مع سياسات البنوك المركزية في الإقليم والعالم، مُستنداً في ذلك على المهنية والمصداقية العالية التي يتمتع بها، والإستقلالية في قراراته، حيث تم رفع أسعار الفائدة 11 مرة مُنذ الربع الأول من العام 2022 وحتى الآن، بمقدار إجمالي بلغ 525 نقطة أساس. وهذه السياسة تم مُعايرتها لتحقيق هدفين أساسين:
– الهدف الأول: الحفاظ على هامش فائدة ملائم لصالح الإيداع بالدينار مقارنة بالإيداع بالدولار وبالعملات الأخرى، وبما يُسهم في الحفاظ على جاذبية الدينار كعملة إدخارية. وهذا الامر تُرجم بإستمرار التراجع في معدل الدولرة الذي بلغ 18.3 % في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) 2023، بالمقارنة مع 18.7 % في نهاية العام 2022، و19.0 % في نهاية العام 2021، إلى جانب المحافظة على مستويات آمنة ومريحة من الإحتياطات الأجنبية للبنك المركزي، تبلغ حالياً نحو 17.4 مليار دولار، وهي تُغطي ما يزيد عن سبعة أشهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات.
– الهدف الثاني: إحتواء الضغوط التضخمية الناجمة عن عوامل مرتبطة بالطلب المحلي، حيث ساهمت هذه الإجراءات في بقاء معدل التضخم في المملكة ضمن مستويات مقبولة بلغت 4.2 %في العام 2022، وإنخفض إلى 2.3 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023، وهو من بين أقل معدلات التضخم المُسجلة في المنطقة والعالم، مع توقعات بأن يشهد إنخفاضاً عن هذا المستوى حتى نهاية العام 2023.
وسيواصل البنك المركزي الأردني متابعته الدقيقة للمستجدات النقدية والمصرفية والاقتصادية، محليًّاً وإقليميّاً وعالمياً، وإتخاذ ما يلزم من إجراءات لتعزيز الإستقرار النقدي والمصرفي والمالي في المملكة.
كيف إستجابت البنوك لقرارات السياسة النقدية التشددية الصادرة عن البنك المركزي في هذه المرحلة؟ وما هي العوامل التي أثّرت في هذه الإستجابة؟
– كما هو معروف، تلعب البنوك دوراً هاماً في الإقتصاد الوطني، فهي تُعد بمثابة ذراع البنك المركزي لنقل التغيُّرات في موقف السياسة النقدية إلى السوق، وصولاً إلى تحقيق أهداف البنك المركزي في بسط دعائم الإستقرار النقدي، فضلاً عن دورها الأساسي في حشد المُدّخرات وتوفير التمويل اللازم للنشاط الإقتصادي.
لكن المُتتبع لإستجابة البنوك الأردنية لقرارات البنك المركزي، برفع أسعار الفائدة بواقع اجمالي بلغ 525 نقطة أساس، يلحظ أن هذه الإستجابة لم تنعكس بشكل كامل، بل كانت أقل من نصف قيمة عمليات الرفع هذه، سواء على الودائع أو التسهيلات الممنوحة للعملاء، إذ إرتفع الوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض والسلف بمقدار 216 نقطة أساس (41.1 % من إجمالي عمليات الرفع) حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) 2023 بالمقارنة مع نهاية العام 2021 ليبلغ 8.99 %، فيما إرتفع الوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع لأجل بمقدار 242 نقطة أساس (46.1 % من إجمالي عمليات الرفع) عن نهاية العام 2021 ليبلغ 5.875.87 % في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) من العام 2023. وبذلك يبلغ هامش أسعار الفائدة (مقاساً بالفرق بين سعر الفائدة على القروض والسلف، وسعر الفائدة على الودائع لأجل) 3.12 % في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) 2023، منخفضاً بنحو 26 نقطة أساس عن نهاية العام 2021، أي قبل قرارات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة. أما من حيث إنعكاس هذه القرارات على أسعار الفائدة على العملاء، فلا بد من الإشارة إلى أن نحو 62 % من عدد قروض التجزئة منحتها البنوك بأسعار فائدة ثابتة، وهذا يعني أن ما يزيد عن 770 ألف عميل لم يتأثروا بإرتفاع أسعار الفائدة.
أما من حيث العوامل التي أثّرت في إستجابة البنوك لقرارات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، فلعلّ أبرزها ما يتعلق بالمنافسة القوية بين البنوك، والتي دفعت البنوك للتنافس في أسعار الفائدة لإستقطاب العملاء، وهي من السمات الجيدة التي يتمتع بها القطاع المصرفي في الأردن، وهذا أمر صحّي يعكس مقومات ومنعة الإقتصاد الوطني، والبنوك على حدٍ سواء. إلى جانب إمتثال البنوك للسياسات المصرفية والرقابية التي ينتهجها البنك المركزي، والأدوات الإحترازية الكلية والجزئية التي يطبقها، والتي كان لها دور هام في تمتع البنوك بالقوة والصلابة تجاه مختلف التحديات التي تعرض لها الإقتصاد الوطني في السابق، وتجاه المرحلة التشددية الحالية، والمخاطر التي أفرزتها على صعيد تأثيراتها على الإستقرار المالي. ويضاف إلى ذلك ايضاً، أن الإجراءات التي إتبعها البنك المركزي خلال هذه المرحلة ساهمت، في جانب منه، في عدم العكس الكامل لقرارات رفع أسعار الفائدة في السوق المصرفية، حيث وازنت هذه السياسة بين هدف الحفاظ على الإستقرار النقدي، من جهة، وبين هدف دعم وتحفيز النمو الإقتصادي، من جهة أخرى، وكان ذلك عبر تثبيت أسعار الفائدة سواء ضمن «برنامج البنك المركزي لدعم القطاعات الإقتصادية الحيوية» الذي يبلغ حجمه 1.4 مليار دينار، ويضم حالياً عشرة قطاعات، لتبقى عند مستويات منخفضة تبلغ 1.0 % للمشاريع المستفيدة داخل محافظة العاصمة عمان و0.5 % للمشاريع المستفيدة في باقي المحافظات، وذلك وفقاً لسعر الفائدة الثابت طوال مدة القرض الذي يمتد لعشر سنوات، أو ضمن «برنامج البنك المركزي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين ومستوردي قطاع تجارة الجملة من السلع الأساسية» والذي إستحدثه البنك المركزي خلال جائحة كورونا بقيمة 700 مليون دينار وتم استغلاله بالكامل، لتبقى أسعار الفائدة ضمنه في حدها الأقصى 2 % للمقترضين، حيث تم منح القرض وفقًا لسعر فائدة ثابت لأجل 54 شهراً، من ضمنها فترة سماح مدتها 12 شهراً.
كيف تُقيّمون أثر قرارات السياسة النقدية التشددية للبنك المركزي الاردني على أداء الإقتصاد الوطني، وتالياً على أداء القطاع المصرفي الأردني، وما هي أبرز المؤشرات المالية والمصرفية للقطاع؟
– قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإشارة إلى أن السياسات الإقتصادية، ومنها السياسة النقدية، وُجدت لمعالجة أي إختلالات قد تنشأ في الإقتصاد، ولإعادة وضعه على مساره الصحيح بأسرع وقت ممكن، وليس لتعقيد المشهد الإقتصادي، وبالتالي فإن وجود السياسات النقدية التشددية، كما هي هو الحال في المرحلة الحالية، هو أمر فرضته دورات أسعار الفائدة وفقاً لمُتطلبات المرحلة. وإنطلاقاً من ذلك، فإن قرارات السياسة النقدية التشددية للبنك المركزي الأردني، بأبعادها المتوخاة، تصبُّ في مصلحة الإقتصاد الكلي، على المديين المتوسط والطويل، وذلك من خلال الحفاظ على الإستقرار النقدي، الذي يُعد ركناً رئيسياً من أركان الإستقرار الإقتصادي الكلي، وشرطاً مُسبقاً لتحقيق النمو الإقتصادي وجذب الإستثمارات، وهو ما يتماشى مع الأدبيات الإقتصادية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن أداء المؤشرات الإقتصادية اليوم يعكس الثقة بأساسيات الإقتصاد الوطني وبمصداقية البنك المركزي الأردني في الحفاظ على الإستقرار النقدي. إذ سجل الدخل السياحي ارتفاعًا بنسبة 37.7 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023، وإرتفع حجم الإستثمار الأجنبي المباشر الداخل الى المملكة بنسبة 20.9 % خلال النصف الأول من العام 2023 ليبلغ 776 مليون دولار. كما إرتفعت حوالات الأردنيين العاملين في الخارج بنسبة 0.9 % لتصل إلى 1.8 مليار دينار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي. كما إستقرت الصادرات الوطنية السلعية عند مستواها المُسجل في العام 2022 لتبلغ 5.6 مليارات دينار خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي. وقد إنعكس ذلك على النمو الإقتصادي الذي سجّل إرتفاعاً بنسبة 2.7 % خلال النصف الأول من العام الحالي، بعد أن سجل نمواً نسبته 2.4 % خلال العام 2022، وذلك بالمقارنة مع معدّلات نمو تراوحت حول 2 % قبل تداعيات جائحة كورونا.
وعلى نحو مُماثل، تُظهر مؤشرات القطاع المصرفي ارتفاع الودائع لدى البنوك (على أساس سنوي) بمقدار 1.5 مليار دينار خلال شهر أيلول (سبتمبر) من العام 2023، وبنمو نسبته 3.5 % لتبلغ 43.3 مليار دينار. كما إرتفعت التسهيلات الإئتمانية الممنوحة بالدينار من قبل البنوك (على أساس سنوي) بنحو 1.3 مليار دينار، وبنمو نسبته 4.7 %. وتكشف مؤشرات المتانة المالية عن قوة الجهاز المصرفي الأردني، وقدرته على تحمل الصدمات على أنواعها، لا سيما حيازته مستويات مرتفعة من رأس المال تُعد من أعلى النسب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ بلغت 17.4 % في نهاية النصف الأول من العام 2023، وهي، بالمناسبة، أعلى من الحدّ الأدنى المقرر من البنك المركزي الأردني، البالغ 12 %، والحد الأدنى المقرر من لجنة بازل III، البالغ 10.5 %، بالإضافة إلى تمتع القطاع المصرفي بمستويات مريحة من السيولة القانونية بلغت حوالي 135.4 %، متجاوزةً حاجز الـ 100 % المقررة من البنك المركزي. وفيما يتعلق بنسبة الديون غير العاملة، فرغم التحديات التي مر بها الإقتصاد الوطني، وبلغت نسبة الديون غير العاملة 5.0 % في نهاية النصف الأول من العام 2023، وهي نسبة متدنية، وضمن مستويات يمكن إدارتها. كما بلغت نسبة تغطية المخصصات لهذه الديون 78.4 % في نهاية النصف الأول من العام 2023.
وبيّنت إختبارات الأوضاع الضاغطة التي يجريها البنك المركزي، التي تستخدم لقياس قدرة البنوك على تحمل الصدمات، إن جهازنا المصرفي مرن وقادر بشكل عام على تحمُّل الصدمات والمخاطر المرتفعة، بإفتراض أسوأ السيناريوهات، وذلك بفضل تمتعه برأس مال مرتفع وبجودة أصوله. وقد بيّنت الإختبارات أيضاً أن نسبة كفاية رأس المال لقطاعنا المصرفي ستبقى أعلى من الحد الأدنى المطبق في الأردن، وللجنة بازل. وهذا التقييم يتفق مع ما خلص إليه برنامج تقييم القطاع المالي (FSAP) في الأردن، والذي يجريه صندوق النقد والبنك الدوليان، الذي إنتهى في شهر نيسان (إبريل) من العام الحالي، والذي أشاد بصمود القطاع المالي في الأردن أمام العديد من الصدمات (كالأزمة المالية العالمية، والربيع العربي، والإضطرابات الأمنية في بعض دول الجوار، وتداعيات جائحة كورونا) التي تعرض لها الإقتصاد الأردني مُنذ آخر تقييم للقطاع المالي في الأردن خلال الفترة (2009-2008)، وذلك بفضل التدابير والإجراءات التي نفذها البنك المركزي لتعزيز مرونة النظام المالي والإشراف عليه، لا سيما في ضوء تطبيق العناصر الرئيسية من معيار بازل III، والمعيار الدولي المُحاسبي للإبلاغ المالي (9) IFRS، والبنوك المحلية ذات الأهمية النظامية (D-SIB).
في ظل التقدم التكنولوجي اليوم، يشهد العالم قفزات مُتسارعة نحو الاقتصاد الرقمي، ولا شك في أن القطاع المصرفي يُعد عنصراً أساسياً لعملية التحوُّل الرقمي، ما هي توجهات البنك المركزي في تعزيز بيئة الإقتصاد الرقمي؟
– يسعى البنك المركزي الأردني نحو إستغلال ثمار التكنولوجيا، والإستفادة من التقنيات المالية الحديثة والإبتكارات الناتجة عنها والتي تساهم بشكل مباشر ورئيسي في الإرتقاء بالبنية التحتية للنظام المالي الأردني، ورفع كفاءته وفاعليته، بما في ذلك التمكين من الوصول للخدمات المالية والمصرفية لجميع شرائح المجتمع الأردني والمساهمة في تعزيز الشمول المالي. وفي سبيل ذلك قام البنك المركزي الأردني وبالتعاون مع الأطراف ذات العلاقة إلى إتخاذ العديد من الإجراءات بالخصوص، والتي توجت بإطلاق إستراتيجية لدعم التحول الرقمي في القطاع المالي للأعوام (2023-2025) لتوفير بيئة ملائمة للنهوض بالتقنيات المالية وإبتكارها كهدف إستراتيجي له، من خلال تحقيق أهداف تشغيلية عدة، أهمُّها تعزيز البنية التحية للمدفوعات الإلكترونية وتهيئة وتعزيز البنية التحتية والتنظيمية الداعمة لخدمات التكنولوجيا المالية والإبتكار.
كما أطلق البنك المركزي في شباط (فبراير) الماضي الإستراتيجية الوطنية للمدفوعات الإلكترونية 2023-2025، والتي تأتي ترجمة لإلتزام البنك المركزي والبنوك والمؤسسات المالية الخاضعة لرقابته بتنفيذ رؤية التحديث الإقتصادي؛ بهدف إطلاق الإمكانات الوطنية في مختلف المجالات، ومنها قطاع الخدمات المالية، سعياً لتحقيق النمو الشامل المستدام الذي يكفل توفير فرص العمل للأردنيين والأردنيات، وضمان نوعية حياة أفضل للمواطنين.
وتتبنّى هذه الإستراتيجية كامل مستهدفات البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الإقتصادي للأعوام 2023-2025 والمرتبطة بمبادرات قطاع الخدمات المالية وأبرزها:
– تكثيف العمل نحو التحول الرقمي في القطاع المالي.
– توفير بيئة ملائمة للنهوض بالتقنيات المالية وإبتكاراتها.
– تعزيز الإشتمال المالي.
– تطوير قدرة القطاع الصيرفي على تقديم خدمات رقمية مميزة.
كما تسعى هذه الإستراتيجية إلى تمهيد الوصول إلى المستهدفات الخاصة بالنمو وخلق فرص العمل والاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص، وصولاً إلى المساهمة في تحقيق التوجهات العامة لرؤية التحديث الاقتصادي والمتضمنة؛ تعزيز التحول الرقمي والاقتصاد الرقمي، وتعزيز التحول إلى مجتمع رقمي وبلا نقد حقيقي من خلال الاستفادة من الخدمات المالية الرقمية، وأن يصبح الأردن مركزًا إقليمياً رائداً ووجهة إستثمارية للتقنيات المالية.
وحرص البنك المركزي على تضمين الإستراتيجية الوطنية للمدفوعات الإلكترونية بالمنطلقات الرئيسية لرسم خارطة طريق واضحة المعالم لمستقبل نظام المدفوعات الوطني في المملكة، يكون فيها للشركاء الرئيسيين من مؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة الدور المحوري ،في دعم وتيرة التحول للمدفوعات الإلكترونية، وعمادها إيجاد بنية تحتية متينة ومحفزة للتحوُّل إلى إقتصاد رقمي شامل ومتطور، وذلك بالإستناد إلى نهج التخطيط الإستراتيجي المنسجم مع الإستراتيجيات الوطنية الأخرى ذات الصلة، وعلى رأسها رؤية التحديث الإقتصادي وبرنامجها التنفيذي للأعوام 2023-2025، وإستجابة لمتطلبات التطور التقني والنمو المتسارع في إستخدام ابتكارات التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية والمصرفية.
ودعني وأؤكد هنا أن البنك المركزي يحرص على أن يتم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للمدفوعات الإلكترونية ضمن نطاق التشاركية مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق رؤيتها المتمثلة بـ «الإستمرار في الحفاظ على نظام مدفوعات وطني آمن وكفؤ، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة في المملكة»، وذلك من خلال إستنادها على خمس أهداف رئيسة هي:
– تسهيل ودعم التحول إلى إقتصاد رقمي غير نقدي في المملكة.
– تعزيز وتمكين بيئة الإبتكار في نظام المدفوعات الوطني.
– تعزيز الوصول والإندماج في نظام المدفوعات الوطني.
– تعزيز سلامة وكفاءة البنية التحتية لنظام المدفوعات الوطني.
علاوة على ذلك، قام البنك المركزي الأردني بإعادة هيكلة وتنظيم بيئة التكنولوجيا المالية والإبتكار في القطاع المالي والمصرفي (FinTech) وذلك ضمن نطاق التشاركية بين القطاعين العام والخاص، والتي جاءت منسجمة مع مبادرة توفير بيئة ملائمة للنهوض بالتقنيات المالية ضمن رؤية التحديث الإقتصادي وبرنامجها التنفيذي 2023-2025؛ وذلك للمساهمة في التوجه الإستراتيجي بأن يكون الأردن مركزاً إقليمياً ورائداً ووجهه إستثمارية للتقنيات المالية.
أعلنت مجموعة العمل المالي (FATF) مؤخراً عن رفع إسم الأردن من قائمة الدول تحت المتابعة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أو ما يُعرف بالقائمة الرمادية، ما هي الإجراءات التي قام بها الأردن لتحقيق هذا الإنجاز؟ وما هو أصداء وإنعكاسات هذا القرار على الأردن؟
– يأتي اعلان مجموعة العمل المالي (FATF) عن رفع إسم الأردن من قائمة الدول تحت المتابعة المتزايدة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أو ما يعرف بـ «القائمة الرمادية» كإعتراف من المجموعة بفعالية المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومطابقتها للمعايير الدولية ذات الصلة، ووجود اجراءات كفيلة بمكافحة الجرائم المالية والجرائم العابرة للحدود في المملكة. وهذا الإعلان كان نتيجة لثمرة نجاح للجهود الكبيرة التي بذلها البنك المركزي الأردني وجميع المؤسسات الوطنية ذات الصلة، مُنذ أن تم وضع أسم المملكة على القائمة الرمادية، حيث تم إعداد خطة وطنية شاملة للتعامل مع خطة مجموعة العمل المالي (FATF) للخروج من القائمة الرمادية، والتي تكوّنت من (24) بنداً، ووفّرت الحكومة واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب الدعم والإلتزام السياسي لتنفيذ جميع بنود هذه الخطة. ومن أبرز ما تم إنجازه على هذا الصعيد في الجانب التشريعي، إصدار قانون جديد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي دخل حيّز التنفيذ في أيلول (سبتمبر) 2021، وتعديل قانون الشركات في جزئية هامة تتعلق بشفافية معلومات المستفيد الحقيقي والذي دخل حيّز التنفيذ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021. بالإضافة الى ذلك، تم إصدار تعليمات تتضمن إجراءات رقابية تُكمل الجانب التشريعي، وتم إقرار تعليمات لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالإرهاب وتمويله وتمويل إنتشار أسلحة الدمار الشامل في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2021. وتم تعزيز فعالية التطبيق للتشريعات أعلاه وإثباتها من خلال بناء منظومة المستفيد الحقيقي، وتعزيز الشفافية في المجالات المتعلقة بمعلومات الأشخاص الإعتبارية والمستفيد الحقيقي، وتعزيز الملاحقات القضائية لجرائم غسل الأموال في الجرائم التي تدر متحصّلات جرمية وتعزيز منظومة التصريح عن الأموال المنقولة عبر الحدود.
وأيضاً عملنا على تعزيز منهج الرقابة المبني على المخاطر على مؤسسات القطاع المالي والقطاع غير المالي وقطاع الجمعيات، ورفع القدرات والتوعية في مجال الإجراءات الوقائية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تعزيز منظومة تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالإرهاب وتمويله وتمويل إنتشار أسلحة الدمار الشامل. وتم أيضاً الإنتهاء من التقييمات المتخصصة بخصوص مخاطر الأشخاص الإعتبارية والترتيبات القانونية والجمعيات والعملات الإفتراضية، ونشر وتعميم نتائج هذه التقييمات على الجهات الوطنية والقطاع الخاص، إلى جانب الإنتهاء من التقييمات الذاتية لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، وتعزيز أنظمتها الداخلية وأنظمة الرقابة لدى المؤسسات المالية في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإصدار عدد من الأدلة الإرشادية للمؤسسات المالية وغير المالية لتعريفها بإلتزاماتها.
أما في ما يتعلق بأصداء وانعكاسات هذا القرار على الأردن، فلا شك في أن خروج المملكة من القائمة الرمادية يُعدُّ حماية للنظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية بالدرجة الأولى، ويؤكد إلتزام الأردن بالتشريعات والاتفاقيات الدولية. ويزيد، بكل تأكيد، من ثقة المجتمع الدولي والمُستثمرين بالإقتصاد الأردني، ويدعم القوة التفاوضية للأردن مع الدول المانحة والمؤسسات الإقليمية والدولية. كما يُمهّد الطريق أمام المؤسسات المالية المحلية للوصول إلى الأسواق الخارجية، ويُسهل اجراءات التعامل مع المؤسسات المصرفية والمالية الخارجية.
وسيُواصل الأردن تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والحفاظ على وضع الأردن كدولة مُلتزمة بإستمرار في المعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF).
مع بدء الأردن في تنفيذ رؤية التحديث الإقتصادي للسنوات العشر المقبلة، والتي يُعّول عليها للنهوض بالأداء الإقتصادي، وخلق المزيد من فرص العمل من خلال تنفيذ العديد من الإجراءات والممكنات التي تُغطي 35 قطاعاً، ما هي الصورة التي ترسمها الرؤية للقطاع المالي الأردني، والذي تُشكل البنوك غالبيته في الأردن، خلال السنوات العشر المقبلة؟
– تُعد رؤية التحديث الإقتصادي، والتي بدأ العمل بها مطلع العام الحالي، بمثابة خطة عمل إقتصادية عابرة للحكومات للسنوات العشر المقبلة حتى العام 2033. وتشمل هذه الرؤية ثلاث ركائز رئيسية تتعلق بإطلاق كامل الإمكانات لتحقيق تسارع في معدل النمو الإقتصادي، والنهوض بجودة الحياة، وتعزيز الإستدامة من خلال رفع تنافسية الأردن في مؤشر تنافسية الإستدامة العالمية. وتستند الرؤية في تحقيق هذه الركائز على ثمانية محركات للنمو الإقتصادي، تشمل تحسين البيئة الإستثمارية، والتركيز على الصناعات عالية القيمة، مثل الصناعات الدوائية والكيماوية والغذائية، وتطوير القطاعات الخدمية، والتركيز على السياحة، وتعزيز الريادة والإبداع، وتحسين إستخدام الموارد الطبيعية، إلى جانب سرعة التحول نحو الإقتصاد الأخضر، وتحسين نوعية الحياة في المملكة.
ولا شك في أن للقطاع المصرفي والمالي دوراً أساسياً في تنفيذ الرؤية، فلطالما كان هذا القطاع داعماً أساسياً للاقتصاد في كل الظروف، وشريكاً اساسياً في تعزيز النمو الإقتصادي وخلق فرص العمل، إذ تشكل التسهيلات الممنوحة من البنوك حوالي 97 % من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تُشكل الودائع 124 % من الناتج. وسيبقى هذا الدور عنواناً للمرحلة المقبلة مع بدء العمل في تنفيذ رؤية التحديث الإقتصادي. حيث سيتم تنفيذ 9 مبادرات رئيسية في الرؤية تغطي جميع مؤسسات القطاع المالي، وتشمل هذه المٌبادرات: تعزيز الاشتمال المالي، وتنظيم وتطوير قطاع التأمين، وتمكين وتوسيع قاعدة التأجير التمويلي، وتطوير قدرة القطاع الصيرفي على تقديم خدمات رقمية مميزة، وتعزيز وصول المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة للتمويل، وتعميق وتوسيع الأسواق المالية الأردنية، وتطوير التشريعات الناظمة للقطاع المالي، وتوفير بيئة ملائمة للنهوض بالتقنيات المالية وابتكاراتها، والتحول الرقمي في القطاع المالي.
إلى جانب ذلك، سيكون من ضمن أولوياتنا في الفترة المقبلة، ضمان إستمرارية المحافظة على مستوى وكفاءة وتنافسية بنوكنا في المنطقة والعالم، من خلال مراجعة منظومة التشريعات المصرفية الصادرة عن البنك المركزي للبنوك، وتبنّي أحدث الممارسات الدولية والتكنولوجيا الرقمية، ومن ضمنها تنظيم البنوك الرقمية المتكاملة. كما سنعمل على إطلاق إستراتيجية جديدة للشمول المالي (2024-2027) تستهدف رفع نسبة الشمول المالي، وتطوير وتعزيز دور قطاع التامين في مواجهة الحالات الطارئة ومواكبة أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، والعمل على إدخال أسس التمويل الأخضر والمستدام. أيضاً سنعمل على تسهيل ودعم التحوُّل إلى إقتصاد رقمي غير نقدي في المملكة، بالإضافة إلى تعزيز وتمكين بيئة الإبتكار في قطاع نظم خدمات الدفع الإلكترونية، وتعزيز الوصول والإندماج في نظام المدفوعات الوطني، وتعزيز أطر الحوكمة الرشيدة، تطوير سوق رأس المال لدعم الاستثمار والتمويل.
المصارف الأردنية والفلسطينية النموذج بالمعايير والإلتزام
لا شك في أن المصارف الأردنية والفلسطينية تُعتبر من رواد العمل المصرفي المهني في العالم، من حيث المحافظة على إتباع المعايير الدولية والإلتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد، وإستقرار سعر الصرف والتعامل في ما بينها ومع المصارف العربية والأجنبية، من خلال المحافظة على متطلّبات العملاء وتلبية حاجاتهم، وتحقيق المصلحة الوطنية وإدارة السياسات المالية للدولة.
وقد شكّل الإستقرار النقدي، السمة الأساسية للبنك المركزي الأردني، من خلال تمتعه بالإستقلالية في إدارة السياسة النقدية للأردن، إستناداً إلى هدف السياسة النقدية لـ «المركزي الأردني» وهو الحفاظ على الإستقرار النقدي في المملكة. ويُقصد بالإستقرار النقدي؛ إستقرار المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، وإستقرار سعر صرف الدينار الأردني، حيث يُعتبر نظام سعر الصرف الثابت مع الدولار الأميركي الركيزة الأساسية للسياسة النقدية.
ورغم المعوّقات والتحديات التي تواجهها المصارف الأردنية، فقد واكبت الأخيرة سياسة البنك المركزي الأردني، والذي سار في نهج سياسات البنوك المركزية العالمية حيال الحدّ من نسب التضخُّم، كذلك الحفاظ على جاذبية الدينار الأردني مقابل العملات الأجنبية، رغم أن المنطقة تشهد أخيراً تباطؤاً في التمويل لأسباب عدّة، أهمُّها إرتفاع أسعار الفائدة التي قام بها «الفيدرالي الأميركي» ثم تبعته البنوك المركزية العربية. وبات من المعروف راهناً، أن المصارف العربية، بينها المصارف الأردنية لديها ملاءة مالية عالية.
أما على صعيد المصارف الفلسطينية، فتتزايد التحدّيات والمخاطر التي تحيط بالنظام المالي على نحو خاص، وبالإقتصاد عموماً، فيما تزداد أهمية المحافظة على سلامة القطاع المصرفي، وما يتطلبه ذلك من مواجهة التحدّيات والمخاطر للتخفيف من تداعياتها المحتملة على كفاءة المصارف، والنشاط الإقتصادي.
وقد وضعت سلطة النقد المواءمة بين ضمان سلامة وإستمرارية العمل المصرفي، والإستمرار في تقديم مختلف الخدمات المصرفية، ودعم مختلف الأنشطة والقطاعات الإقتصادية وقطاع الأعمال والجمهور المحلي، ورفدها بالسيولة المطلوبة في مختلف العملات وبالآجال وبشروط وتكاليف ميسرة، مما أسهم في التخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الإقتصاد الفلسطيني، ومكّن القطاع الخاص وقطاع الأعمال والشباب والنساء الرياديين من الإستمرار، وخلق مزيد من فرص العمل وتحفيز النمو.
وفي السياق المصرفي عينه، تعمل المصارف العاملة في فلسطين على إتاحة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز جهودها الرامية إلى تمكين هذا القطاع من الوصول إلى مصادر التمويل الميسّر، وتوفير بيئة عمل سليمة لقطاع المنشآت والتي تُسهم في تطوير وتنمية هذا القطاع.
في المحصّلة، رغم بوادر التعافي التي شهدها الإقتصاد الفلسطيني في العام 2022، إلاَّ أن النمو لا يزال يتسم بالحساسية، في ظل إستمرار القيود المفروضة على التنقل والعبور والتجارة. ومن أجل تحقيق رفع مستويات المعيشة، وتحسين إستدامة حسابات المالية العامة، وخفض البطالة بطريقة هادفة، فإن كل ذلك يحتاج إلى تحقيق معدّلات نمو أعلى بكثير. علماً أن الدور المؤثر الذي تقوم به البنوك من خلال فعالياتها المستمرة ضمن مسؤوليتها المجتمعية الهادفة إلى خدمة المجتمع وكافة مكوناته، يجعل هذه البنوك رافداً هامّاً ليس فقط للتنمية الإقتصادية وحسب، بل وللتنمية الإجتماعية في فلسطين. وكل الأمل يبقى في إستمرار مصارف فلسطين وصمودها وإزدهارها في سبيل مجتمع أفضل.
الشيخ عبد الله بن سليمان الراجحي الشخصية المصرفية العربية لعام 2023
د. فتوح: نُكرّم نخبة القيادات صنّاع الإنجازات
كرَّم إتحاد المصارف العربية، الشيخ عبدالله بن سليمان الراجحي، رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي في المملكة العربية السعودية بجائزة «الشخصية المصرفية العربية لعام 2023». علماً أن الإتحاد سبق له أن إختار الشخصية المصرفية العربية لكل من نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنك بوبيان عادل الماجد للعام 2021 ليكون بذلك أول مصرفي كويتي يتم إختياره للتكريم الذي يُعتبر الأعلى والذي يمنحه الإتحاد لأصحاب الإنجازات المتميزة في القطاعين المالي والمصرفي العربي، وعبدالعزيز الغرير، رئيس إتحاد مصارف الإمارات، الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، للعام 2016 .
وإختيار الشخصية المصرفية العربية يستند إلى معايير أساسية تتعلق بدور هذه الشخصية بالواقع المصرفي والإقتصادي عموماً وفي دوره من خلال منصبه في التنمية الإقتصادية والإجتماعية وخلق مشاريع وإستثمارات تتيح تأمين فرص العمل ودعم القطاعات الإنتاجية.
وقد أكَّد د. وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية «أن هذه الجائزة السنوية تشكل مناسبة هامة لتكريم النخبة من القيادات – صناع الإنجازات، الذين كان لهم الفضل الكبير في الإرتقاء بالمهنة المصرفية العربية، وتحقيق إنجازات مهمة شكلت نموذجاً يُحتذى به في قطاعنا المصرفي العربي والعالم، وكان لها الفضل الكبير في دعم اقتصاداتها الوطنية».
وتحدث د. فتوح عن سيرة المكرّم الشيخ الراجحي ومسيرته المشرّفة الحافلة بالنجاح والعطاء والانجازات المضيئة في تاريخ المهنة المصرفية العربية، مشيراً الى «أن جائزة الشخصية المصرفية العربية لعام 2023 التي يمنحها مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية لمعالي الشيخ عبدالله سليمان الراجحي، هي عرفان بجميل مَن أنار أمام المهنة المصرفية الطريق بأفكاره وتوجيهاته، وتقديراً لمسيرته المشرّفة ودوره الفاعل في تطوير الصناعة المصرفية السعودية على وجه الخصوص والعربية بشكل عام والإرتقاء بها إلى أفضل المواقع».
ثم تمّت مراسم التكريم، حيث تسلم الشيخ الراجحي الجائزة من محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، في حضورسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهوربة فرنسا فهد الرويلي، وعبد المحسن الفارس نائب رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، ود. وسام فتوح الأمين العام للإتحاد، والعديد من السفراء العرب المعتمدين في فرنسا، بالإضافة الى قيادات من المؤسّسات المالية والمصرفية والدبلوماسية يمثلون 27 دولة عربية وأوروبية.
من جهته، رد الشيخ عبد الله الراجحي، فشكر إتحاد المصارف العربية على إختياره «الشخصية المصرفية العربية لعام 2023»، وتحدث عن أبرز مراحل حياته المهنية، ودور مصرف الراجحي في تعزيز التنمية الإجتماعية في المملكة العربية السعودية، وتطلُّعه إلى تحقيق إنجازات مالية ومصرفية أخرى، تتلاءم ومستقبل الأعمال والإستثمار في المملكة.
نظّمها إتحاد المصارف العربية برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
وبمشاركة أكثر من 300 شخصية من 27 دولة
القمة الإقتصادية المصرفية الأورو – متوسطية 2023
«نحو علاقات إقتصادية أوروبية – متوسطية مستدامة»
شكّل إنعقاد القمّة الإقتصادية المصرفية الأورو – متوسطية 2023 التي نظّمها إتحاد المصارف العربية، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في العاصمة الفرنسية باريس، تحت عنوان «نحو علاقات اقتصادية أوروبية – متوسطية مستدامة»، وبالتعاون مع جمعية المصارف الفرنسية، والفدرالية المصرفية الأوروبية، وغرفة التجارة الدولية، باريس، وإتحاد المصارف الفرنكفونية، والغرفة التجارية العربية الفرنسية، قفزة نوعية في العلاقات المصرفية العربية – الأوروبية، وخصوصاً أن هذه القمة باتت المنصّة العربية – الأوروبية للتعاون الإقتصادي والمصرفي، حيث يعمل الإتحاد على ترسيخها بالتعاون مع شركائه الاوروبيين منذ أكثر من 15 عاماً.
وقد تميّزت أعمال القمّة، بحضور أكثر من 300 شخصية مصرفية ومالية، عربية ودولية، من 27 دولة يُشكلون أكبر تجمع مصرفي عربي، لتعزيز العلاقات المصرفية والإقتصادية والتجارية بين الشعوب.
تقدَّم الحضور محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، ود. وسام فتوح الأمين العام للإتحاد، والدكتور محمد الجاسر رئيس مجلس إدارة مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وبيار دوكين السفير الفرنسي المكلّف بتنسيق الدعم الدولي للبنان، وكريم أملال، سفير فرنسا لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وفريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وناصر كامل الأمين العام للإتحاد من أجل المتوسط، ومايا أتيغ المديرة العامة لجمعية المصارف الفرنسية، وفانسان رينا رئيس الغرفة التجارية العربية – الفرنسية، وهيلين لوغال المدير العام لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيئة العمل الخارجي في الإتحاد الأوروبي، وماجالي تشيزانا رئيسة الخدمة في المديرية العامة للخزانة، والهادي شايب عينو الأمين العام لجمعية المصارف الفرنكوفونية، ونخبة من صُنّاع القرار الإقتصادي والمموّلين الأورومتوسطيين ووزراء ودبلوماسيين، أجمعوا في القمّة على أهمية وضع خارطة طريق لدول المنطقة لإقامة علاقات دائمة ومثمرة.
وخلال إفتتاح أعمال القمة، كرّم إتحاد المصارف العربية، رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي، المملكة العربية السعودية، الشيخ عبد الله الراجحي، الشخصية العربية المصرفية لعام 2023. كما أقام الإتحاد حفل عشاء رسمياً على شرف المصرفيين المشاركين، في حضور وفد دبلوماسي رفيع المستوى.
وفي سياق القمة المصرفية، إنعقد مؤتمر مشترك بين مركز الوساطة والتحكيم التابع لإتحاد المصارف العربية، وغرفة التجارة الدولية ICC، بعنوان: «التحكيم: عدالة حديثة تحمي الإستثمارات المصرفية والتجارية الدولية» في مقر الغرفة في باريس.
يُذكر أنه قبل نحو 15 عاماً، كان أطلق اتحاد المصارف العربية، بدعم من شركائه المميزين، الحوار الإقتصادي والمالي الأورومتوسطي، من خلال تنظيم مؤتمرات سنوية تجمع بين المجتمع الإقتصادي والمالي من ضفتي البحر الأبيض المتوسط حول موضوعات إخبارية. وقد إنعقدت نسخة هذا العام للمرة السادسة في باريس تحت عنوان: القمة المصرفية الإقتصادية الأورو – متوسطية 2023: «من أجل علاقات إقتصادية أوروبية متوسطية مستدامة».
ويُعتبر هذا الحوار راهناً منبراً حقيقياً لتعزيز وتوطيد التعاون والعلاقات العربية الأوروبية في المجالين الاقتصادي والمالي. وبالفعل، إستطاع هذا الحوار أن يحقق أحد أهدافه، وهو التقارب بين الفاعلين الدوليين المعنيين في هذا النقاش، وإقامة روابط بينهم بشكل أوثق وبناء.