الأمانة العامة للجامعة العربية في الذكرى الثمانين لتأسيسها
ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك جامعة الدول العربية: مسيرة عطاء وصمود
أحيت جامعة الدول العربية في 22 مارس/ آذار هذا العام (2025) الذكرى الثمانين لتأسيسها، فهذه المنظمة العريقة أنشئت في العام 1945، وهي بذلك أقدم منظمة إقليمية في العالم، سبقت في وجودها منظمة الأمم المتحدة، إذ جاء إنشاؤها تجاوباً مع تصاعد الدعوة إلى الوحدة العربية والتحرُّر من الإستعمار ومواجهة التحدّيات السياسية التي كانت تعصف في العالم العربي آنذاك، وهدفت إلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، من خلال تنسيق المواقف وتعميق التعاون في مختلف المجالات.
ومنذ تأسيسها إلى اليوم، مرّت جامعة الدول العربية بمحطّات تاريخية متعدّدة، تعرّضت مسيرتها خلالها إلى تحدّيات جسيمة، تركت بصماتها على التاريخ السياسي للدول والشعوب العربية، وعزّزت مسارات التعاون في كافة المجالات الضرورية، لتحقيق التنمية الشاملة والسير قدماً نحو مستقبل زاهر للمواطن العربي.
ولقد قامت الجامعة العربية بأدوار أساسية لحل العديد من القضايا، وساهمت جهودها في تحرُّر عدد من الدول العربية من الإستعمار، وظلّت تلك الجهود مستمرة من أجل توحيد الرؤى والمواقف العربية في المحافل الدولية والدفاع عن المصالح العربية المشتركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تمرُّ في الوقت الراهن في منعطف تاريخي غير مسبوق، وخصوصاً خلال حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة، حيث تسعى الجامعة العربية لتنسيق جهود الدول الأعضاء لبلورة رؤية واضحة وموقف عربي موحّد يخدمان في العمل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية.
وفي إطار هذه الأهداف، تحقّقت إنجازات كبيرة، حيث تكلّل الجهد العربي الجماعي بتبنّي الكثير من المشاريع والإستراتيجيات في كافة المجالات، كما تم إنشاء العديد من منتديات التعاون، وتطوير العلاقات العربية مع القوى الكبرى إقليمياً ودولياً، لخلق التوازن اللازم في مواجهة التحدّيات التي تفرضها الظروف الدولية الراهنة.
وفي المجال الإقتصادي، تحققت إنجازات أساسية وملموسة، فيما كان إطلاق منطقة التجارة العربية الحرّة في العام 2005، لبنة صلبة في بناء التكامل الإقتصادي العربي، وصولاً إلى إطلاق السوق العربية المشتركة للكهرباء في العام 2024، التي تمثل تتويجاً لهذه الرؤية العربية المشتركة الهادفة إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة وفتح آفاق واعدة للتنمية وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. كما إهتمّت الجامعة العربية في تعزيز دور المرأة في بناء وتطور المجتمعات العربية، كذلك إهتمت برعاية الطفولة، وتشجيع التعليم، ومتابعة البرامج الموجهة للشباب والرياضة، كذلك لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على اللغة والثقافة العربيتين، فضلاً عن تعزيز الحضور العربي في المحافل الثقافية الدولية ومساهمته في الحضارة الإنسانية في كل التنوُّع والثراء والأصالة.
وتحرص جامعة الدول العربية في هذا اليوم، على إستذكار الرعيل الأول من المفكرين والسياسيين والدبلوماسيين العرب الذين زرعوا بذرة الوحدة في الوجدان العربي، وأسّسوا أعمدة «بيت العرب» الذي نتحصّن به للسير قدماً نحو تحقيق رؤية واحدة تقودنا جميعاً إلى مستقبل يعمُّه الإزدهار والسلام.
وفي هذا اليوم كذلك، تُبنى محطّة جديدة في هذه المسيرة الطويلة، ويستمر العمل الدؤوب على كافة المستويات، كي تمكث هذه الشعلة متّقدة في القلوب، وكي يظل «بيت العرب» صامداً ومتيناً في وجه العواصف والأخطار.
وفي هذه المناسبة، وجّهت جامعة الدول العربية، دعوة إلى الشباب العربي إلى العمل المثابر لمواصلة المسيرة التي أطلق شعلتها الآباء والأجداد، ومواكبة التطوُّر التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، لتحقيق النقلة النوعية نحو مجتمع المعرفة والتحوُّل الرقمي، كما دعت إلى إدماج الشباب في صناعة القرار، وتمكينهم من المشاركة في مسيرة التنمية والتقدم، مؤكدة أن الإستثمار في تعليم وتدريب الشباب هو الإستثمار الحقيقي الذي يعتمد عليه المستقبل، لإقامة مجتمعات قادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأمة عربية واثقة تستطيع المساهمة في رفد تطور البشرية وإزدهار العالم».
تعزيز التجارة والنقل الإقليميين وتنويع الإقتصاد الكويتي
ميناء مبارك الكبير هو مشروعٌ هامٌّ للبنية التحتية، يقع على جزيرة بوبيان في الكويت، وهو جزءٌ من رؤية الكويت 2035 ومبادرة الحزام والطريق الصينية. يهدف الميناء إلى تعزيز التجارة والنقل الإقليميين، والمساهمة في تنويع اقتصاد الكويت من خلال تقليل إعتمادها على النفط.
ينقسم تطوير الميناء إلى مراحل، وقد بدأت المرحلة الأولى منه في العام 2021، ويُتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع بالكامل في حلول العام 2026. وسيكون للمشروع، عند إكتماله، دور محوري في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي للكويت، ودعم النمو الإقتصادي في المنطقة.
وسنعرض، في ما يلي، أهمية هذا المشروع الحيوي الهام وفوائده المتنوّعة، وتأثيره على النطاق الأوسع على النمو والإستدامة في الدول العربية وآفاقه المستقبلية.
الفوائد الإقتصادية المتوقعة والأهمية الإستراتيجية
يُتوقع أن يحقق ميناء مبارك الكبير فوائد إقتصادية كبيرة للكويت، إذ سيُقلل الميناء من إعتماد الكويت على النفط من خلال تعزيز التجارة، بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035. ويهدف إلى ترسيخ مكانة الكويت كنقطة عبور رئيسية للتجارة الإقليمية، وتعزيز دورها في التجارة العالمية. وسيُوفر تطوير وتشغيل الميناء العديد من فرص العمل، مما يدعم التوظيف المحلي.
ويتمتع ميناء مبارك الكبير بأهمية إستراتيجية بالغة للكويت والمنطقة، إذ يقع الميناء على جزيرة بوبيان، ويهدف إلى ربط وسط وشرق آسيا، ليصبح حلقة وصل رئيسية في إحياء طريق الحرير. ويُعزّز المشروع قدرات الكويت في مجال النقل والخدمات اللوجستية، كما يُعزّز دورها في التجارة العالمية. ويُتوقع أن يجذب إستثمارات أجنبية كبيرة، ويحقق النمو الإقتصادي المحلي.
الإرتباط بمبادرة الحزام والطريق
يرتبط ميناء مبارك الكبير على نحو وثيق بمبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يعكس شراكة إستراتيجية بين الكويت والصين. ويُعدّ الميناء عنصراً أساسياً في مبادرة الحزام والطريق، حيث يُمثل حلقة وصل حيوية في طريق الحرير البحري.
يُسهّل الميناء التجارة بين الشرق والغرب، ويُعزّز التواصل، وقد وقّعت الكويت والصين إتفاقيات لمواءمة تطوير الميناء مع مبادرة الحزام والطريق، مما يُعزّز النمو الإقتصادي المتبادل وفرص الاستثمار.
وبموقعه في جزيرة بوبيان، يُعزّز الميناء شبكة التجارة الصينية في منطقة الخليج، مما يجعله مركزاً حيوياً للتجارة الإقليمية والدولية. ويتضمّن المشروع مرافق وخدمات لوجستية متطوّرة، تدعم الأهداف الأوسع لمبادرة الحزام والطريق لتحسين البنية التحتية للتجارة العالمية.
رؤية الكويت 2035 وديناميكياتها التجارية الإقليمية
رؤية الكويت 2035، المعروفة أيضاً بإسم «الكويت الجديدة»، هي خطة تنمية إستراتيجية تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي. تُركز الخطة على التنويع الإقتصادي، وتقليل الإعتماد على النفط، وتعزيز تنافسية القطاع الخاص. وتتضمّن الخطة مشاريع بنية تحتية كبرى، مثل ميناء مبارك الكبير، الذي يُعزّز ديناميكية التجارة الإقليمية للكويت.
وتُسهّل عضوية الكويت في مجلس التعاون الخليجي التجارة الإقليمية من خلال الإتفاقيات والإتحاد الجمركي الموحّد، وقد وقّعت الكويت العديد من الإتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية، مما عزّز علاقاتها الإقتصادية مع دول مثل الصين والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وساعدها في التركيز على القطاعات غير النفطية وتطوير البنية التحتية.
الفوائد
يُتوقع أن يُسهم ميناء مبارك الكبير في دعم مختلف الصناعات في الكويت، حيث ستُسهّل مرافق الميناء المتطوّرة مناولة البضائع وتُحسّن كفاءة سلسلة التوريد، مما يُعزز قطاع الخدمات اللوجستية. وبكونه مركزاً تجارياً إقليمياً، سيُعزّز الميناء أنشطة الإستيراد والتصدير، مما يُفيد الشركات في مختلف القطاعات. وسيدعم تطوير المناطق الصناعية المحيطة بالميناء الصناعات التحويلية والخفيفة، مما يُعزّز النمو الإقتصادي. كما سيدعم دمج محطات الطاقة والمحطّات الفرعية الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة ومشاريع البنية التحتية.
فرص العمل
يُتوقع أن يؤدي مشروع ميناء مبارك الكبير إلى فتح مجموعة واسعة من فرص العمل في مختلف القطاعات منها:
البناء والهندسة: تشمل الوظائف في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك الهندسة المدنية، وإدارة المشاريع، والعمالة الماهرة للبناء.
الخدمات اللوجستية والنقل: تشمل أعمال مناولة البضائع والشحن والتخزين وإدارة سلسلة التوريد.
عمليات الموانئ: تشمل وظائف لعمال الموانئ، ومشغّلي الرافعات، وإدارة الموانئ.
الصناعة: تشمل التوظيف في الصناعات الخفيفة ومناطق التصنيع المخطط لها حول الميناء.
السياحة والضيافة: تشمل الفرص المتاحة في الخدمات المرتبطة بالسياحة مع تطور جزيرة بوبيان إلى وجهة سياحية.
الإدارة البيئية: تشمل وظائف متعلقة بضمان توافق عمليات الميناء مع أهداف الاستدامة.
الأهمية الإقليمية
يتميّز ميناء مبارك الكبير عن موانئ المنطقة بموقعه الإستراتيجي وبنيته التحتية المتطوّرة وأهدافه الطموحة، ويتميّز بأعمق أرصفة بين موانئ الكويت، متجاوزاً موانئ الشويخ والدوحة والشعيبة، وهو مصمّم لإستيعاب سفن أكبر حجماً وأحجام شحن أعلى، مما يجعله محوراً رئيسياً في التجارة الإقليمية.
وعلى عكس العديد من الموانئ الأخرى، يرتبط ميناء مبارك الكبير على نحو وثيق بمبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يُعزّز دوره في شبكات التجارة الدولية. كما أن التوسعة المخطط لها للميناء، التي تشمل مناطق صناعية ومناطق تجارة حرة، بالإضافة إلى تحسين الربط بواسطة سكة حديد الخليج، تجعل ميناء مبارك الكبير مركزاً تجارياً ولوجستياً هاماً. كما أن قرب ميناء مبارك الكبير من ميناء الفاو الكبير في العراق وموانئ إيران يُعزّز تنافسية الميناء، ويؤثر على إستراتيجيات التجارة الإقليمية.
فوائد لمختلف البلدان
سيعود ميناء مبارك الكبير بالنفع على مختلف الدول ومنها:
الكويت: تستفيد الكويت بشكل مباشر من المزايا الإقتصادية والإستراتيجية للميناء، بما يتماشى مع رؤيتها 2035.
العراق: إن قرب ميناء مبارك الكبير من ميناء الفاو الكبير في العراق، يزيد المنافسة ويؤثر على إستراتيجيات التجارة والبنية الأساسية في العراق.
إيران: يُعزّز الميناء طرق التجارة الإقليمية ويؤثر على التجارة البحرية لإيران.
الصين: يعمل الميناء على تعزيز شبكة التجارة الصينية ونفوذها في المنطقة كجزء من مبادرة الحزام والطريق.
دول آسيا الوسطى: إن موقع الميناء يجعله بوابة رئيسية للتجارة مع آسيا الوسطى، مما يعزز الاتصال والتجارة.
البنية التحتية لميناء مبارك الكبير
يتميّز الميناء بمرافق متطورة لمناولة البضائع والخدمات اللوجستية والنقل، مما يجعله مركزاً حيوياً للتجارة الإقليمية والدولية. تضم جزيرة بوبيان، محطّات طاقة ومحطات فرعية لدعم عمليات الميناء. وقد تم بالفعل بناء محطة طاقة بقدرة 5000 ميغاوات في الصبية. وقد صُمّم الميناء ليكون مستداماً بيئياً، ويتماشى مع معايير البنية التحتية الحديثة. ويُعد الميناء جزءاً من مشروع سكة حديد الخليج، الذي يهدف إلى ربط جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست، مما يُعزّز الترابط الإقليمي.
تمويل ميناء مبارك الكبير
يتم تمويل ميناء مبارك الكبير من خلال تعاون بين الكويت والصين، وقد خصّصت الحكومة الكويتية موارد مالية لتطوير الميناء، مؤكدةً أهميته الاستراتيجية في تنويع اقتصاد البلاد. وتُعدّ شركة الصين العامة للإنشاءات والاتصالات المحدودة (CSCC) شريكاً رئيسياً، حيث تُقدّم الخبرة والتصميم وخدمات ما قبل التنفيذ. وتدعم هذه الشراكة إتفاقيات بين حكومتي الكويت والصين. ويُبرز هذا التعاون المنافع المتبادلة لكلا البلدين، حيث تحصل الكويت على بنية تحتية متطورة، بينما تُوسّع الصين شبكتها التجارية.
الآثار الجيوسياسية
إن ميناء مبارك الكبير له آثار جيوسياسية هامة على الصعيد الإقليمي، إذ بموقعه على جزيرة بوبيان، يُعزّز الميناء مكانة الكويت كمركز رئيسي في منطقة الخليج، ويدعم نفوذها في التجارة والنقل الإقليميين. وكونه مركزاً تجارياً رئيسياً، يزيد الميناء من النفوذ الإقتصادي للكويت في المنطقة، ويوطّد علاقاتها مع الدول المجاورة والشركاء العالميين. ويتماشى تطوير الميناء مع جهود الكويت لتعزيز الإستقرار والتعاون داخل مجلس التعاون الخليجي وخارجه. ويُبرز تكامل الميناء مع هذه المبادرة أهميته العالمية، إذ يربط الكويت بشبكات تجارية دولية على نطاق واسع.
الآفاق المستقبلية لميناء مبارك الكبير
في الخلاصة، لا شك في أن مستقبل ميناء مبارك الكبير واعد، مع خطط لتوسيع طاقته الإستيعابية وتأثيره بشكل كبير، ومن المقرر أن تتضاعف مساحة الميناء عشرة أضعاف، لتصل إلى حوالي 116 مليون متر مربع. ويشمل ذلك مناطق للملاحة البحرية، وخدمات الموانئ، والتجارة الحرة، والصناعات الخفيفة، وخطوط الطرق والسكك الحديدية الإقليمية. ويُتوقع أن يبدأ تشغيل الميناء بكامل طاقته في حلول نهاية العام 2026، مما يمثل إنجازاً رئيسياً في رؤية الكويت 2035. ويهدف التوسُّع إلى جذب الإستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع إقتصاد الكويت، وتوفير آلاف فرص العمل. ويُتوقع أن يصبح الميناء حجر الزاوية في التجارة الإقليمية، مما يُعزز دور الكويت في التجارة العالمية.
خمس سنوات مرّت على أزمة القطاع المصرفي اللبناني ولا خطة واضحة لإعادة هيكلته
خبراء يربطون إعادة الهيكلة بإعادة الثقة وتوزيع المسؤوليات
وحلّ عادل للودائع بما يضمن ولادة جديدة له
منذ آذار/ مارس العام 2020، تاريخ دخول لبنان رسمياً في أزمة مالية ومصرفية وإقتصادية، والتي نتج عنها توقفه عن سداد الفوائد على سندات اليوروبوندز، تدور معارك معلنة وخفية بين الجهات المعنية (أصحاب مصارف – سياسيين- مودعين)، حول ضرورة وضع خطة للإصلاح المالي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي للخروج من الأزمة. لكن إلى الآن أي بعد مرور 5 سنوات، لا يزال هناك إختلاف بين المعنيين حول كيفية مقاربة هذه الخطة ومن أي زاوية يجب أن تبدأ.
الجديد في هذه المعركة الدائرة، هو الضغط الدولي الذي يتعرّض له المعنيون (سياسيون ومصارف) لتنفيذ إصلاحات جدّية، بعد إنتظام عمل مؤسسات الدولة، أي إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة، والتشديد على ألاّ مساعدات دولية للبنان للخروج من الأزمة، وإعادة إعمار ما هدّمه العدوان الاسرائيلي، إلاّ بعد تنفيذ سلسلة إصلاحات من بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
الجدير ذكره، أن هناك محاولات متعدّدة جرت لإقرار خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، أبرزها خطة لازار (حكومة الرئيس حسان دياب) وخطتان في أثناء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وجميعها سقطت في مجلس النواب اللبناني. إذ إن أبرز ما جاءت به خطة «لازار» مثلاً أنه «من المستحيل أن تتمكّن دولة تعاني إنهياراً بهذا الحجم من دون إنجاز برنامج مع صندوق النقد الدولي». علماً أن أهميّة هذا البرنامج لا تنبع من الحاجة لأموال قرض الصندوق فقط، بل في كونها «شهادة حسن سلوك» تمكّن لبنان من التفاوض مع دائنين آخرين، ومن التفاوض مع دائنيه الحاليين لإعادة هيكلة الديون.
وإعتبرت الخطة أيضاً أنه «من المستحيل أن يتمكّن لبنان من التفاهم مع الصندوق، أو مع أي جهة دائنة أخرى من دون سلّة شاملة من الإصلاحات في القطاع المالي، التي تبدأ من الإعتراف بخسائر النظام المالي بشكل صريح وواضح، بالإضافة إلى التدقيق الشامل بميزانيات المصرف المركزي، وصولاً إلى التفاوض لإعادة هيكلة جميع الديون السياديّة والإقتصاص من قيمتها».
وشدّدت الخطة على أنه «لم يعد من الممكن إستخدام الأموال العامة لإنقاذ الأنظمة المصرفيّة المتعثّرة وإطفاء خسائرها. وهذه مسألة أصبحت من المسلّمات في عالم المال على المستوى العالمي، وتالياً، فمعالجة فجوات القطاع المالي ينبغي أن تبدأ من شطب الرساميل المصرفيّة نفسها، والإستعاضة عنها بعمليات إكتتاب من أموال كبار المودعين».
بناء على كل ما تقدم من المفيد البحث، عن الأطر الصالحة في المرحلة الحالية لإعادة هيكلة المصارف بعد مرور 5 سنوات على الأزمة، لذلك إستطلعت مجلة «إتحاد المصارف العربية» آراء بعض المختصين في هذا المجال، فأتت مقارباتهم لهذا الملف من زوايا متعدّدة.
رازي الحاج: إعادة الثقة مفتاح الحل
يرى عضو كتلة «الجمهورية القوية» وعضو لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني النائب رازي الحاج، أن «أي حل لإعادة الإنتظام المالي يحتاج إلى ثقة بالمصارف، وأي خطة توضع، في ظل فقدان المجتمع اللبناني لثقته بالقطاع المصرفي لا جدوى منها، خصوصاً أن الأزمة طالت غالبية شرائحه سواء عبر الودائع أو الوصول إلى تمويل، أي تمويل الإقتصاد».
يضيف الحاج: «إن إستعادة الثقة يكون عبر الإعلان للبنانيين، بأن هناك مسؤولية يجب أن تُحدّد، أي الدولة اللبنانية ومصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية، وبعد تحديد هذه المسؤولية يجب إعطاء الناس الإطمئنان بأن ودائعهم موجودة بقيمتها الحقيقية»، معتبراً أنه «إذا لم نقم بهذه الخطوة، فهذا يعني أن مَن يضع أمواله في المصرف سوف يخسرها، مع الاشارة إلى أن إستعادة الودائع لا تعني عدم تفاعل المودع مع المصارف لاحقاً، فالهدف هو أن تعود ثقته بالقطاع المصرفي وأن يضع أمواله مجدّداً في المصارف، وأن تكون لديه إمكانية لإستخدامها حسب الحاجة».
ويتابع الحاج: «لنكن صريحين، بأنه ليس هناك أيّ نظام مصرفي في العالم لديه سيولة تكفي لكل المودعين، وتالياً يجب أن يكون هناك مرحلتان من الحلول، الأولى هي تأمين السيولة للقطاع المصرفي من بعد إعادة هيكلة المصارف، وإدخال عنصر الثقة أولوية، والثانية هي أن يكون هناك شركاء جدُد على مستوى مصارف أجنبية جديدة تدخل إلى السوق اللبنانية، وتستحوذ على شراكة مع المصارف اللبنانية»، مشدّداً على «أننا نحتاج إلى عوامل ثقة لتعزيز هذه الثقة، وحين نتحدّث عن سيولة، فهذا يعني أننا نحتاج الى نحو 9 مليارات دولار، على المصارف تطبيق خطة لتأمين جزء منها، وأيضاً جزء تؤمّنه الدولة وجزء آخر المصرف المركزي، وجزء يؤمّنه الإتفاق مع صندوق النقد. وهكذا يُمكن القول للمودعين: إن السيولة تأمّنت ضمن سقوف معينة ومقبولة لهم، وبهذه الطريقة يكون المودع لديه الخيار، إما إستخدام وديعته عند الحاجة، أو تجميدها مع فوائد في حال لم يكن بحاجة إليها».
يشير الحاج إلى أن «المرحلة الثانية لحل أزمة القطاع المصرفي هي مرحلة طويلة الأمد، ويجب أن تقوم الدولة اللبنانية بأجهزتها الرقابية، أي لجنة الرقابة على المصارف ولجنة التحقيق الخاصة، بدورها للتمييز بين أموال متأتية من فساد أو تبييض أموال أو مضاربة، وتأخذ قرارات منفصلة قضائية، أي التأكد من كل حالة على حدة، وهذا هو عملهم أصلاً (تبييض أموال، مضاربة على سندات، أو عملية «سواب» بين المصارف ومصرف لبنان ونتجت عنه أرباح غير مشروعة)»، مؤكداً أن «هذه الطريقة لا تطال المودعين، ولا الإقتصاد اللبناني ولا تضرّ بهم، وهذه المقاربة هي الأسلم، والنقطة الأخيرة هي ضرورة إعادة هيكلة الدين العام لنتمكن من أن نكون ضمن المعايير العالمية، لأن المشكلة بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي، تكمن بأن الدين العام بات أكبر من الناتج المحلي بأضعاف، وتالياً تحديد هذا الدين يُمكّن الدولة من معرفة قدراتها لجهة التعامل مع الأزمة ودينها الداخلي والخارجي».
رائد خوري: خطة علمية
يلفت الوزير السابق وعضو مجلس إدارة تنفيذي في «سيدروس أنفست بنك» رائد خوري إلى أنه «ليس هناك توجُّه رسمي حتى وقتنا الحاضر لإعادة هيكلة المصارف، إنما هناك كلام يُنقل بالتواتر من الحكومة حول هذا الموضوع، وكيف ستصدر القوانين؟ والمهم هو الإبتعاد عن الشعبوية التي أدّت الى الوضع الذي نحن عليه الآن، أي مرور السنوات من دون إيجاد حلول»، معتبراً أنه «من المفروض على مَن سيضع خطة إعادة هيكلة المصارف أن يكون علمياً في المقاربة، وأن تكون عادلة ومنطقية.
بمعنى هناك قوانين، وهناك خسارات كبيرة تكبّدها مصرف لبنان، وبحسب قانون النقد والتسليف على الدولة تسديد هذه الخسارات، عدا عن أن الدولة هي من تسبّبت بالأزمة الحالية، نتيجة سياستها المالية حيال تثبيت سعر الليرة وإقرار الدعم، وعدم إصدار قانون «الكابيتال كونترول»، مما أدّى إلى تهريب الأموال الى الخارج، وهي التي لم تقر قوانين لحماية المودعين لجهة تسديد القروض على سعر دولار 1500 ليرة واللولار، وكل ما حصل هو من مسؤولية الدولة، سواء مباشرة أو قانونية وهي واضحة، كذلك مسؤولية مصرف لبنان المركزي والتي لا نقاش فيها لجهة أنه auditor، وأنه مستدين من المصارف بنحو 83 مليار دولار ومعروف كيف صُرفت هذه الأموال».
يضيف خوري: «في حال وجود تجاوزات إرتكبتها بعض المصارف في بعض الملفات والحالات، يجب على القضاء تصويب هذه الارتكابات وإعادة الأموال إلى أصحابها، لكن هذه الحالات لا تلغي أن هناك وضعاً عاماً، وأن هناك مسؤوليات مشتركة واضحة للجميع»، معتبراً أنه «بغض النظر عن المسؤوليات، حتى تتمكّن المصارف من إعادة أموال المودعين، يجب أن يتم ذلك بطريقة «إبداعية»، بمعنى أنه يجب ربط رد أموال المودعين الكبار بالإقتصاد من خلال الأخذ بتفاصيل معينة، وهناك أفكار وأساليب مالية عدة يمكن أن تحقق هذا الهدف، وكلّما كبر الاقتصاد بسرعة كلما كان رد هذه الأموال بسرعة».
يضيف خوري: «إن خطة «لازار» لم تكن نافعة في وقتها وهي غير نافعة اليوم أيضاً، وكانت كارثية لأنها كانت تهدف إلى تصفية كل القطاع المصرفي ولأنها لم تأخذ في الإعتبار رد الأموال للمودعين الكبار، كما حرّضت على إيقاف دفع سندات اليوروبندز ولم يتم التوصية بعد صرف أموال المودعين على الدعم».
ويختم خوري: «إنها خطة لا جدوى منها، والخطط التي وُضعت في حكومة الرئيس ميقاتي ولا سيما الأخيرة منها، أفضل من خطة «لازار»، ولكن تحتاج الى تطوير وتكون خطة إنطلاق لوضع خطة جدية لإعادة هيكلة المصارف».
نسيب غبريل: الهدف من تفعيل العمل المصرفي
يرى الخبير المصرفي ورئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل، أن «التركيز على إعادة المصارف بهدف إعادة هيكلتها من دون تفعيل القطاع المصرفي خطأ، لأن الهدف ليس إعادة هيكلة المصارف بل تفعيل العمل المصرفي، وهذا يتطلب إعادة هيكلة القطاع، وهدف إعادة تفعيل القطاع المصرفي هو أمران: الأول، إتاحة الفرصة للمودعين بالتصرُّف بأموالهم، والثاني وإعادة تمويل المصارف للقطاع الخاص تحديداً (شركات ومؤسسات وأفراد)».
يضيف غبريل: «ليس من الواضح إلى الآن، إذا كانت السلطة السياسية تنظر الى إعادة هيكلة المصارف من هذه الزاوية، وهناك عناوين عامة (شطب عبارة شطب الودائع – ولا مجال لشطب الودائع)، ولكن لا تفاصيل ولم تضع الحكومة إلى الآن برنامجاً إصلاحياً متكاملاً من ضمنه معالجة موضوع الودائع، وإعادة تفعيل عمل القطاع المصرفي».
يتابع غبريل: «يزور لبنان وفد موسع من صندوق النقد الدولي لإجراء محادثات مع المعنيين في لبنان، أي القطاعين العام والخاص، وفي صُلب هذه المحادثات هو الملف المصرفي ومعالجة رد الودائع. المهم هو أن لا يتم إهمال الإصلاحات الأُخرى التي لها علاقة بالإقتصاد الموازي والكهرباء، وسوء نوعية الخدمات العامة وإعادة هيكلة القطاع العام، بحجة أنها تحتاج إلى وقت ويتم التركيز على القطاع المصرفي»، آملاً في أن «يتغيّر هذا النمط، لأن الحل لا يكمن فقط بإعادة تفعيل القطاع المصارفي، ونظرية لا إقتصاد من دون مصارف أمر صحيح، والصحيح أيضا أن لا إقتصاد من دون كهرباء وإتصالات وبُنى تحتية وتحسين نوعية الخدمات وتخفيض كلفتها، ووقف التهريب على الحدود وإقفال المعابر غير الشرعية ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتبييض الاموال وتمويل الإرهاب».
ويتابع غبريل: «إن إعادة هيكلة المصارف يجب أن تكون مبنية على أساسين، الأول إيجاد حل عادل ومقنع للمودعين والودائع، والثاني هو الحفاظ على إستمرارية القطاع. الحلول التي طرحت الى الآن هي خطتان وهي خطة «لازار» التي طُرحت في العام 2020 وخطة حكومة الرئيس ميقاتي، والإثنتان غير مقنعتين، ولم تؤديا إلى إجماع حولهما»، معتبراً أنه «يجب أن تكون المقاربة مختلفة جذرياً خصوصاً بعد التطورات التي شهدها لبنان، وبعد إنتظار طويل للمودعين لمعرفة ودائعهم وعدم إمكانية القطاع المصرفي من تمويل الإقتصاد منذ سنوات الأزمة».
ويشير غبريل إلى أن «إعادة تفعيل القطاع المصرفي يحتاج الى ضخّ سيولة في القطاع، والتأكد أنه عندما يسلف القطاع لأي جهة، أنه قادر أن يسترد أمواله بالعملة التي تم إقراضه فيها، وهذا يحتاج الى قوانين من مجلس النواب، كي لا يتكرر الذي حصل منذ إندلاع الأزمة، أي تسديد قروض بالدولار على سعر 1500 أو اللولار أو شيكات بنسبة بسيطة من قيمة القرض»، لافتاً الى أن «المصارف تنتظر صورة واضحة للإصلاح الإقتصادي ككل، للخروج من الأزمة ليكون هناك ثقة عند المساهمين الحاليين والمستثمرين المستقبليين، المهتمين بإعادة هيكلة القطاع وهم بإنتظار قانون يضمن لهم إسترداد أموالهم عند الإقراض حيال العملة التي تمّ الإقراض فيها».
يعتبر غبريل أنه «بالنسبة إلى المودعين، فما يُطرح عن ودائع مؤهلة أو غير مؤهلة، أو لغاية 100 ألف دولار ولفترة 15 عاماً لن يقبلها أحد، وأن جزءاً منها يُمكن أن يتحوّل إلى أسهم بالمصارف لم تلق إجماعاً، ولذلك المقاربة يجب أن تكون مختلفة»، ويرى أن «أي خطة جديدة يجب أن تركز على أن المودعين يحق لهم التصرف بودائعهم للأمور الأساسية من دون أي «هيركات» (طبابة- تعليم – إستشفاء – ضرائب)، وأول 100 ألف دولار يتم تقسيطها شهرياً على 5 سنوات، وفي الوقت نفسه يحق له التصرّف فيها صاحب الحساب للأمور الأساسية داخل لبنان، وبين 100 ألف و500 ألف تصبح على 7 سنوات مثلاً، وأكثر على 10 سنوات الخ، وهذا ما يحرّك الإقتصاد».
د. جو سرّوع: فشل هيكلي لقطاع المصارف
يجزم الخبير الإقتصادي د. جو سرّوع أن «إعادة الهيكلة للمصارف هو تشخيص غير دقيق للقطاع، لأنه يعاني فشلاً هيكلياً، مما يستوجب ترتيب ولادة جديدة له، وتستند هذه الولادة إلى دراسة تدقيقية مالية للقطاع للأصول والمطلوبات، وتقييم وضع المصرف المالي ومدى قابليته للحياة ومدى إستعداد أصحاب المصارف لإعادة بناء رأس المال».
يضيف د. سرّوع: «يحتاج القطاع إلى دراسة إدارية، أي أن هناك شبه طلاق بينها وبين المودعين، وتقلُّص عملها إلى عمل مؤسسات مالية بخدمات محدودة جداً (تحويلات محدودة/ لا فتح لحسابات جديدة)، كما أن مستوى الخدمات الذي يعطى للزبائن تدنّى إلى أقل المستويات، ولذلك يجب أن يحصل تغيير ثقافي عملاني للقطاع، كما يجب إعادة إرساء ثقافة المخاطر المصرفية»، مشدّداً على أنه «يجب فصل الملكية عن الادارة، وفي القوانين العالمية أصحاب المصارف لا يديرونها، وهذا يستوجب تغييراً في قانون النقد والتسليف، إعادة هيكلة المصارف والتي تستلزم إعادة هيكلة المصرف المركزي والادارات الرقابية، لأنه سجل فشلاً أساسُه إدارة المخاطر، لأنه حين يحصل قصور في إدارة المخاطر لدى المصرف المركزي، يجب أن يكون هناك إدارة توقفه عند حدّه وتطبيق القوانين اللازمة لذلك».
ويشدّد د. سرّوع على أن «المصارف تعاني اليوم من تصنيف الدولة اللبنانية بأنها متعثّرة، وهذا يعني أن تطبيق معايير بازل 3 يستوجب وجود كفاءة رأس المال، ومخاطر التصنيف لها قياسات يجب أن تزال، ولها مردود سلبي على رأس المال، بمعنى كل قرض يُمنح للمصارف في ظل هذا التصنيف السيادي يجب أن يؤخذ عليه مؤؤنة»،لافتاً الى أن «هذا يعني بأن دور المصارف في تمويل الإقتصاد ليس متوفراً في المرحلة الحالية، ومن الصعب توفّره في المرحلة المقبلة، أما قدرة المصارف على رد الودائع والامتثال لمتطلبات بازل 3، بما يتعلق بكفاءة رأس المال وإدارة المخاطر فهي غير متوافرة حالياً».
ويوضح د. سرُّوع أنه «لا يمكن دمج المصارف، لأن هذا الدمج لمصارف متعثرة لن يؤدي الى ولادة مصرف سليم، كما أن إستعادة الثقة في لبنان مرتبطة بالقطاع الخاص والمصارف جزء منها، وهذه الثقة لن تعود إلاّ بإستعادة الثقة بالقطاع العام إلى البلد عموماً وإلى القطاعات المالية خصوصاً، وهذا يستدعي التطبيق الكامل لما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري»، معتبراً أن «الأهم هو أن أي خطة مالية في لبنان تتعلق بالمصارف، سواء في المصرف المركزي أو الجهات الرقابية فهي موضوعة تحت المجهر الدولي، ولذلك نخشى أن لا يتمكن القطاع المصرفي اللبناني من القيام بدوره على المدى القصير بعد إعادة هيكلته وتنظيمه. وفي حال تمت الموافقة على أسس هذا التنظيم والجزء الأساسي من إعادة ولادة جدية وقابلة للتطبيق».
يضيف د. سرّوع: «هناك 3 أسس تنظيمية يجب أن تطبقها المصارف، أولها التحوّل الرقمي، وثانيها إعادة النظر بسلاسل الإنتاج والخدمة، وثالثها ديمومة العمل وإستدامة الربح، وهذا يستلزم تغييراً ثقافياً بالعمل المصرفي، حيث أخشى أن الكادر المصرفي الموجود يحتاج إلى إعادة التأهيل وتمكين من هذه الشروط».
ويختم د. سرّوع: «إن كل مصير القطاع المصرفي في لبنان قائم على تحديد مصير الودائع، ومتى سترد وكم نسبتها والمطروح من قبل المصرف المركزي والمصارف بين ودائع شرعية وغير شرعية لم يعد مقبولاً، أما خطة «لازار» فقد إنتهت جدواها وحين طرحت سجلت عليها الكثير من الملاحظات».
المصارف الخليجية نجحت في تجاوز التحدّيات والمطلوب في لبنان
الإستمرار في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش الإقتصاد وتعزيز الثقة
في ظل ما يشهده الإقتصاد العالمي من متغيّرات جذرية، وتنامي التحدّيات الجيوسياسية والضغوط الإقتصادية في مختلف أنحاء العالم، تُبرز أهمية الدور الذي تؤديه المصارف العربية في دعم الإستقرار المالي وتمويل التنمية الإقتصادية.
ويكتسب هذا الدور بُعداً إستراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتفاوت الأوضاع بين دول تشهد إستقراراً وتحقق مؤشرات نمو واعدة، وأخرى تعاني إضطرابات سياسية وأزمات متفاقمة.
في هذا السياق، يقول الدكتور وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، لـ «النهار» اللبنانية: «إن المصارف العربية تشكل ركيزة أساسية في تنمية الإقتصاد، إذ لا تعمل بمعزل عن التحوُّلات العالمية بل تتفاعل بشكل مباشر مع الأوضاع الإقتصادية والسياسية السائدة محيطها».
ويضيف د. فتوح: «أن الإستقرار السياسي والإقتصادي يمثل حجر الأساس لنمو هذا القطاع الحيوي وإزدهاره، إذ ينعكس إستقرار البيئة التشغيلية بشكل إيجابي على أداء المصارف، ويمنحها القدرة على تعزيز عملياتها وتحقيق نتائج مستدامة».
نص الحوار
* بداية، كيف تُقيّم أداء المصارف العربية في ظل المتغيّرات التي يشهدها الإقتصاد العالمي؟
– المصارف العربية لا تعمل في عزلة عن العالم، بل هي جزء لا يتجزأ من المنظومة الإقتصادية العالمية، وتتأثر بشكل مباشر بالأوضاع الإقتصادية والسياسية في محيطها.
فالإستقرار، سواء كان إقتصادياً أو سياسياً، يُعد شرطاً أساسياً لأداء قوي للقطاع المصرفي في أي دولة عربية، وعندما تتوافر بيئة مستقرّة، ينعكس ذلك تلقائياً على أداء المصارف.
* وكيف إنعكست تلك المتغيّرات على أداء المصارف في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية؟
– الوضع متفاوت ويختلف من دولة إلى أخرى، فقد شهدت المصارف في دول الخليج أداء مميزاً خلال العام 2024، مستفيدة من إرتفاع أسعار الفائدة وأسعار النفط، مما عزّز من ربحيتها وقوة مراكزها المالية.
كذلك سجّلت دول مثل المغرب، الجزائر، والعراق أداء جيداً نتيجة حالة من الإستقرار النسبي، في المقابل، تأثّرت المصارف في دول مثل السودان واليمن سلباً نتيجة الأوضاع والتوترات السياسية.
* ما العوامل التي ساعدت المصارف الخليجية على تجاوز التحديات؟
– المصارف الخليجية كانت من أبرز الرابحين خلال الأزمات العالمية، وذلك بفضل النمو الإقتصادي القوي في بلدانها، وهو ما عزز من قدرتها على التوسُّع وتحقيق نتائج إيجابية، خصوصاً مع توافر بيئة تشغيلية مستقرة وموارد مالية وفيرة.
*وما هي أكثر المصارف الخليجية تحقيقاً لأداء قوي خلال الفترات الأخيرة؟
– تحتل دولة الإمارات المرتبة الأولى من حيث حجم الموجودات في القطاع المصرفي، تليها السعودية بفارق طفيف، ثم قطر.
وبشكل عام، تستحوذ الإمارات والسعودية معاً على قرابة 40% إلى 45% من إجمال حجم موجودات القطاع المصرفي العربي.
* وماذا عن أبرز مؤشرات أداء القطاع المصرفي العربي خلال العام 2024؟
– شهد القطاع المصرفي العربي نمواً جيداً في العام 2024، مسجّلاً معدل نمو بلغ 8% مقارنة بالعام 2023.
كذلك إرتفع إجمال الموجودات إلى نحو 4.9 تريليوناتات دولار، في حين بلغت الودائع حوالى 2.9 تريليون دولار، وبالتالي يظل القطاع المصرفي العربي الركيزة الأساسية لتمويل التنمية الإقتصادية في المنطقة.
* كيف ترى وضع القطاع المصرفي في لبنان؟
– هناك تفاؤل حيال مسار الإصلاح الإقتصادي في لبنان، وثمّة مؤشرات إيجابية تدل على أن البلاد تسير في الإتجاه الصحيح، ولكن المطلوب هو الإستمرار في تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية الضرورية لإنعاش الإقتصاد وتعزيز الثقة.
* وما الدور الذي تؤديه المصارف في تحقيق النمو الإقتصادي والتنمية الشاملة؟
– دورها محوري ولا يُمكن إنكاره، لكونها تملك الحصة الكبرى من المدّخرات الوطنية، ولتعزيز هذا الدور، لا بد من وجود أطر قانونية واضحة ومحفّزات حقيقية تُعزّز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يُساهم في تعبئة الموارد لتمويل الإقتصاد بطريقة فعّالة ومستدامة.
* وما أبرز المتطلّبات لتعزيز دور المصارف العربية في دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟
– المعوّق الرئيسي يكمن في القوانين التي تنظم هذه الشراكة، فعلى سبيل المثال، تمويل البنية التحتية يعد من التمويلات الطويلة الأجل، بينما تعتمد المصارف على ودائع قصيرة الأجل، ما يخلق مخاطرة كبيرة.
لذلك، تحتاج المصارف إلى قوانين تحميها، إلى جانب محفّزات وشركاء دوليين مثل البنك الدولي أو البنك الإسلامي للتنمية، للحدّ من تلك المخاطر ودعم التمويل المستدام.
* وما هي توقعاتك لأداء القطاع المصرفي العربي في العام الحالي (2025)؟
– التوقعات لا تحمل تفاؤلاً كبيراً، ليس على مستوى المصارف فحسب، بل على مستوى الإقتصاد العالمي ككل.
فالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والرسوم الجمركية المتبادلة، تزيد من حالة الضبابية، ما قد يقود إلى حالة من الركود إذا إستمر الوضع على ما هو عليه، أما إذا توصلت القوى الإقتصادية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا إلى حلول، فقد يشهد القطاع المصرفي نمواً جيداً.
* وماذا عن معدّلات النمو المتوقعة للقطاع المصرفي العربي؟
– لا تزال الصورة غير واضحة في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، خصوصاً أن إستمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى ركود إقتصادي عالمي، وهو ما سينعكس سلباً على أداء المصارف وربحيتها.
* أخيراً، ما توقعاتك حيال مسار أسعار الفائدة عالمياً؟
– أتوقع أن نشهد خفضاً في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، هذا الخفض سيكون له أثر إيجابي على الإقتصاد العالمي، إذ إن إرتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تراجع حجم التمويل وضعف وتيرة النمو.
إتفاقية تعاون بين إتحاد المصارف العربية ومركز البحوث في الجيش اللبناني
* الأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح:
الأمن والمعرفة ركيزتان أساسيتان للتنمية الشاملة
* مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد علي بوحمدان:
تجسيد حقيقي لارادة مشتركة في العمل لخدمة وطننا
وقّع الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح، ومدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني العميد علي بو حمدان، إتفاقية تعاون بين الإتحاد ومركز البحوث في الجيش، في مقر الأمانة العامة للإتحاد في العاصمة بيروت، في حضور مستشار رئيس الجمهورية الدكتور أنطوان صفير، ورئيس جهاز أمن السفارات العميد موسى كرنيب، وعدد من الضباط والشخصيات المصرفية الإقتصادية والادارية.
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى العميد بوحمدان، كلمة أعرب فيها عن «سروره البالغ لوجودنا معاً في هذه المناسبة التي تجسّد جو التعاون المترافق مع العهد الجديد، الذي أولى أهمية كبرى للتواصل والتنسيق الإقليمي، لا سيما مع الدول العربية، حيث تُعتبر هذه المناسبة محطة مهمة ومشرقة في مسيرة التعاون بين المؤسسات الوطنية والإقليمية».
وقال العميد بوحمدان: «إن توقيع إتفاقية التعاون بين مركز البحوث والدراسات الاستراتبجية في الجيش اللبناني وإتحاد المصارف العربية، ليس مجرّد توقيع على ورقة، بل هو تجسيد حقيقي لإرادة مشتركة في العمل وتكامل في الأدوار، وإستثمار في المعرفة والبحث من أجل خدمة وطننا ومجتمعاتنا».
أضاف العميد بوحمدان: «إن مركزنا، بوصفه الذراع الفكري والإستشاري للجيش اللبناني، يضع نصب عينيه أهمية بناء الشراكات مع المؤسسات الرائدة، خصوصاً تلك التي تلعب دوراً جوهرياً في الإقتصاد والتنمية، كإتحاد المصارف العربية. علماً أن هذه الإتفاقية تفتح أمامنا آفاقا واسعة للتعاون في مجالات البحث والتدريب، وتبادل الخبرات وتحليل التحدّيات المستجدة على المستويين الوطني والإقليمي».
وقال العميد بوحمدان: «نحن ندرك تماماً أن الأمن لم يعد مقتصراً على المفهوم العسكري الضيّق، بل بات يشمل اليوم الأمن الإقتصادي والمالي والإجتماعي، وهذه الجوانب مترابطة لا يُمكن الفصل بينها، من هنا تأتي أهمية الشراكة التي نطمح من خلالها تقديم دراسات وأبحاث تُسهم في دعم صناع القرار وتعزيز الإستقرار وترسيخ التنمية المستدامة».
وتوجّه العميد بوحمدان بالشكر والتقدير إلى إتحاد المصارف العربية، قيادة وإدارة وفريق عمل، على الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة»، مؤكداً «أننا في مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية، سنكون شركاء فاعلين ومخلصين، ملتزمين تحقيق الأهداف التي سنضعها معا».
وختم العميد بوحمدان قائلاً: «أقول بكل ثقة، إن هذا التعاون، بداية لمسار طويل من العمل المشترك، ونأمل في أن يشكل نموذحاً يُحتذى في التعاون بين المؤسسات البحثية والقطاع المالي والمصرفي في عالمنا العربي».
وتحدث الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح، قائلاً: «يسعدني، أن أرحب بكم في مقر الأمانة العامة لإتحاد المصارف العربية في بيروت، لتوقيع مذكرة التفاهم بين الإتحاد ومركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني، التي تهدف الى تعزيز آليات التواصل وتبادل الخبرات والدراسات والمعرفة في المجالات العلمية ذات الإهتمام المشترك، والتعاون في عقد المؤتمرات والبرامج التدريبية وورش العمل والمشاريع المشتركة، هذه المناسبة تحمل أبعاداً رمزية وإستراتيجية، وتعكس عمق الثقة المتبادل بين المؤسستين، وتؤسس لشراكة علمية بناءة ترتكز على تبادل الخبرات وتطوير المعرفة في مجالات إستراتيجية ذات إهتمام مشترك».
أضاف د. فتوح: « يسرّني في هذه المناسبة، أن أقدم لمحة مختصرة عن إتحاد المصارف العربية، وهو منظمة عربية إقليمية منبثقة عن جامعة الدول العربية، وقد تأسس في العام 1974، متخذاً لبنان مقراً رئيسياً له، وهو مسجّل على لائحة البعثات الديبلوماسية والقنصلية لدى وزارة الخارجية اللبنانية، ولدى وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى دعم الروابط بين المؤسسات المالية الأعضاء، وتوثيق أواصر التعاون بينها والتنسيق بين أنشطتها، وإبراز كيانها العربي تحقيقاً لمصالحها المشتركة، ويضم اليوم أكثر من 350 مؤسسة مالية ومصرفية، و16 بنكاً مركزياً عربياً، تتمتع بصفة عضو مراقب، إضافة إلى جمعيات المصارف المحلية».
ولفت د. فتوح إلى أنه «لطالما شكّل الجيش اللبناني صمام أمان الوطن، وهو المؤسسة الوطنية التي توحّد اللبنانيين، وتجسّد أسمى معاني الإلتزام في الدفاع عن السيادة والوحدة والإستقرار، أُعلن أنه في ظل قيادة فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي عرفناه قائداً للجيش ورمزاً للدولة، تأتي هذه الإتفاقية لتُترجم إرادة مشتركة في بناء جسور تعاون نوعي، يستند إلى المعرفة والتخطيط العلمي ويخدم المصالح العليا للبنان».
وأكد د. فتوح «نحن في إتحاد المصارف العربية، نؤمن إيماناً راسخاً بأن الأمن والمعرفة يشكلان ركيزتين أساسيتين للتنمية الشاملة، ونرى في هذه الشراكة نموذجاً يُحتذى، يُسهم في توسيع آفاق البحث، ويُعزّز التكامل بين القطاع المصرفي والمؤسسات الأمنية في خدمة الوطن».
في الختام، وجّه د. وسام فتوح «أسمى آيات التقدير والإعتزاز للمؤسسة العسكرية ولجنودنا الأبطال الذين يسهرون على أمن الوطن وكرامته»، وقال: «حفظ الله لبنان، وحفظ جيشه الباسل، لتبقى راية الوطن عالية».
وختاماً، قدم العميد بوحمدان درعاً تكريمية الى الدكتور وسام فتوح، ثم كانت صورة تذكارية للمناسبة.
تفخر مجموعة الفارس الدولية بمشاركة الرئيس التنفيذي، السيّد أسامة بن صالح، كمتحدث في جلسة التمويل الإسلامي ضمن فعّاليات المؤتمر المصرفي العربي لعام 2025 بعنوان «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل الإقتصاد»، تحت رعاية معالي محافظ البنك المركزي المصري الأستاذ حسن عبد الله، على مدار يومين، وفي حضور أكثر من 800 شخصية مصرفية وقيادية، وقد نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع كل من: البنك المركزي المصري، والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب وإتحاد بنوك مصر، فضلاً عن تنظيم المعرض المصاحب للمؤتمر، بمشاركة ممثلين من مؤسسات التمويل الدولية EBRD-IFC، البنك الأفريقي للتنمية، لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وحشد واسع من المصارف المصرية والعربية، إضافة إلى كبار الشخصيات المصرفية وشخصيات سياسية.
وقد قدم المؤتمر رؤى إستراتيجية عن القطاع المالي الإسلامي، كما شارك الأستاذ رامي غريزي ممثلًا لمجموعة الفارس الدولية، إلى جانب سعادة الرئيس التنفيذي السيد أسامة بن صالح، في هذا الحدث الإقليمي الهام، تأكيداً للدور الفاعل الذي تضطلع به المجموعة في المشهد المصرفي العربي.
إتحاد المصارف العربية ينعي الإقتصادي العربي الكبير عدنان القصار:
أسس الحضور الإقتصادي العربي في بيروت
نعى إتحاد المصارف العربية، الوزير السابق رئيس الهيئات الإقتصادية عدنان القصار، وجاء في بيان النعي: «بقلوب يعتصرها الحزن والأسى، ينعي إتحاد المصارف العربية، المصرفي والإقتصادي البارز، الوزير السابق عدنان القصار، رئيس مجلس إدارة فرنسبنك، الذي رحل تاركاً إرثاً عظيماً في مسيرة العمل المصرفي والإقتصادي العربي.
برحيله، فقدت الساحة المصرفية شخصية إستثنائية كرّست حياتها للنهوض بالإقتصاد العربي، وتعزيز الحضور المالي والمصرفي في بيروت والعالم العربي. وكان الراحل من أبرز الداعمين لتكامل العمل العربي المشترك، وقد تُوّجت جهوده بتأسيس مبنى عدنان القصار للإقتصاد العربي، الذي أراده أن يكون مقراً دائماً لإتحاد الغرف العربية في بيروت، إيماناً منه بأن بيروت يجب أن تبقى الحاضنة الطبيعية للعمل العربي المشترك، ومركزاً إقتصادياً إقليمياً وعالمياً. تميّز القصار بمسيرة إستثنائية امتدت لسنوات، تولّى خلالها مناصب محورية، أبرزها رئاسة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان وإتحاد الغرف العربية، إلى جانب دوره الرائد في قيادة فرنسبنك، أحد الأعضاء البارزين في إتحاد المصارف العربية، والذي ساهم من خلاله في تطوير القطاع المصرفي وربط الإقتصاد العربي بأسواق عالمية، خصوصاً عبر شراكات متينة مع جمهورية الصين الشعبية».
وخلص البيان إلى «أن إتحاد المصارف العربية إذ يودّع هذه القامة المصرفية والإقتصادية الفذّة، يؤكّد أن إرث الفقيد سيبقى حيّاً في المؤسسات التي أسسها ودعمها، وفي الرؤية الواضحة التي سار بها لترسيخ بيروت عاصمة للإقتصاد العربي المشترك. نتقدّم بأحرّ التعازي من عائلته الكريمة، ومن أسرة فرنسبنك، ومن كافة العاملين في القطاعين المصرفي والاقتصادي، سائلين الله العليّ القدير أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يُلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان».
مؤسسات القطاع الخاص لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية
تُنظم منتدى القطاع الخاص في نسخته الثالثة عشرة
الجزائر – الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية 20– 22 مايو 2025م
يسر المؤسسات التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، بالتعاون مع منتدى الأعمال لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية (ثـــقــــة)، أن تعلن عن النسخة الثالثة عشرة من منتدى القطاع الخاص، الذي سيُعقد في الفترة من 20 إلى 22 مايو 2025 في المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالعاصمة الجزائرية. ينظم هذا المنتدى على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وتحت الرعاية السامية لفخامة الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
يهدف منتدى القطاع الخاص 2025 المنظم تحت شعار ” تنويع الاقتصادات وإثراء الحياة” إلى تعزيز الدور المحوري للقطاع الخاص في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز تدفقات التجارة والاستثمار، وإتاحة فرص الشراكات الاستراتيجية بين الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية. سيتيح المنتدى منصة حصرية لأصحاب المصلحة الرئيسيين لاستكشاف فرص عمل جديدة، وتبادل المعرفة، وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي والدولي.
يسعى منتدى القطاع الخاص 2025 إلى تعزيز الاستثمار والتجارة عبر تسليط الضوء على الفرص الواعدة في القطاعات الرئيسة مثل البنية التحتية، والطاقة، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، والتمويل، إضافةً إلى تيسير العمليات العابرة للحدود. كما يوفّر منصة للتعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال دعم الشراكات الاستراتيجية بين الحكومات والمؤسسات لتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. ويخصص المنتدى مساحة لرواد الأعمال والشركات الناشئة، بهدف تمكينهم عبر التواصل، وبناء القدرات، والحصول على فرص تمويل مبتكرة. كذلك ينظم المنتدى لقاءات بين ممثلي الشركات والحكومات (B2B وB2G) لتعزيز التحالفات الاستراتيجية مع المستثمرين وصانعي السياسات والجهات التمويلية. وفي ختام فعالياته، يعرض المنتدى تجارب ناجحة وأفضل الممارسات، مستندًا إلى رؤى متعمقة من قادة الصناعة والخبراء، لإلهام مسارات جديدة نحو النمو والمرونة والتحول في اقتصادات الدول الأعضاء.
من المتوقع أن يجذب الحدث أكثر من 1500 مشاركا، منهم مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، ورؤساء مجالس إدارات، ورؤساء تنفيذيون لشركات محلية ودولية رائدة، ومؤسسات إنمائية متعددة الأطراف، وغرف تجارة وصناعة، ومجتمع الأعمال، ووكالات ترويج الاستثمار، ومستثمرون أفراد، ورواد أعمال.
بالإضافة إلى حلقات النقاش والمداخلات الرئيسية، سيقدم منتدى القطاع الخاص 2025 معرضًا مخصصًا يمكِّن الشركاء من عرض مشاريعهم وخدماتهم وفرص الاستثمار الخاصة بهم. كما يتضمن مسابقة للشركات الناشئة مصممة لتعزيز الابتكار وتسليط الضوء على أفكار الأعمال الرائدة. وللمرة الثالثة، سيقدم المنتدى جائزة مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، لتكريم المنظمات والأفراد المتميزين لمساهماتهم في التنمية الاقتصادية وتسهيل التجارة.
سيستقبل المنتدى متحدثين بارزين، بمن فيهم الرؤساء التنفيذيون لمؤسسات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، الدكتور خالد خلف الله، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات والرئيس التنفيذي بالإنابة للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمهندس أديب الأعمى، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة. سيشارك هؤلاء القادة، إلى جانب خبراء القطاع الخاص، قصص النجاح والتجارب وأفضل الممارسات لتعزيز الاستثمار والتجارة بين الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية.
البنك الإسلامي للتنمية مؤسسة إنمائية متعددة الأطراف، يعمل على تحسين حياة أولئك الذين يخدمهم من خلال تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وإحداث التأثير على نطاق واسع.
من خلال الشراكات التعاونية بين المجتمعات في الدول الأعضاء البالغ عددها 57 دولة، يسعى البنك إلى تجهيز المجتمعات لدفع التقدم الاقتصادي والاجتماعي الخاص بهم على نطاق واسع، ووضع البنية التحتية في مكانها الصحيح لتمكينهم من تحقيق مقدراتهم.
يساهم نموذج عمل البنك الجديد المتمثل في “جعل الأسواق تعمل من أجل التنمية” في تعزيز القدرة التنافسية لدولنا الأعضاء في الصناعات الإستراتيجية من أجل تحسين المشاركة والارتقاء ضمن سلاسل القيمة العالمية. وذلك في مجال الصناعات الغذائية والزراعية، وصناعة المنسوجات، والملابس، والجلود، والأحذية، وصناعة البتروكيماويات والبترول، وصناعة البناء، والتمويل الإسلامي.
كما يعزز البنك الحلول المبتكرة والمستدامة لأكبر تحديات التنمية في العالم، والإستفادة من الإمكانات العلمية في التكنولوجيا والابتكار كمحركات استراتيجية للنمو الاقتصادي، ونعمل أيضاً لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
لمحة عن المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC
أنشئت المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات عام 1994 بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ودعم التجارة البينية والاستثمارات من خلال توفير أدوات وحلول مالية لتخفيف المخاطر. وتنفرد المؤسسة بكونها مؤسسة التأمين الإسلامية الوحيدة متعددة الأطراف في العالم. وقد احتلت مركز القيادة والصدارة في تقديم مجموعة شاملة من الحلول للشركات والأطراف في دولها الأعضاء. وقد حصلت المؤسسة بجدارة، وللسنة السابعة عشرة على التوالي، على تصنيف “Aa3” من حيث قوة ائتمان التأمين المالي من وكالة موديز التي وضعت المؤسسة في طليعة صناعة تأمين المخاطر السياسية والائتمان. وتتعزز قدرة المؤسسة على الصمود بفضل سياساتها وممارساتها السليمة الخاصة بالتأمين وإعادة التأمين وإدارة المخاطر. وبصورة تراكمية قامت المؤسسة منذ إنشائها بتغطية تأمينية تزيد قيمتها عن 121 مليار دولار أمريكي في حقلي التجارة والاستثمار. وقد توجهت أنشطتها نحو قطاعات محددة مثل الطاقة والتصنيع، والبنية التحتية والرعاية الصحية والزراعة.
تأسست المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في نوفمبر 1999 في جدة (المملكة العربية السعودية)، عضو في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، مؤسسة تمويل إنمائي متعددة الأطراف. تتمثل مهمة المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في استكمال الدور الذي يلعبه البنك الإسلامي للتنمية من خلال (أ) تعزيز تنمية القطاع الخاص كوسيلة لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام؛ (ب) تعبئة الموارد الإضافية للقطاع الخاص في البلدان الأعضاء؛ (ج) تطوير التمويل الإسلامي و(د) تعزيز ريادة الأعمال في الدول الأعضاء.
يبلغ رأس مال المؤسسة المصرح به 4 مليارات دولار، ويضم في مساهميه البنك الإسلامي للتنمية، و56 دولة ، وخمس مؤسسات مالية عامة.
لمزيد من المعلومات،
الموقع الالكتروني: icd-ps.org
مواقع التواصل الاجتماعي:
Twitter: @ICDArabi
LinkedIn: ICD_PS
Facebook: @icdps
YouTube: ICD_PS _TV
نبذة عن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة ITFC
أُنشئت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، بهدف النهوض بالتجارة فيما بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الأمر الذي يسهم في نهاية المطاف في تحقيق الهدف الشامل المتمثل في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعوب في جميع أنحاء العالم. وقد بدأت المؤسسة عملياتها التشغيلية في يناير 2008، وقدمت المؤسسة أكثر من 83 مليار دولار أمريكي كتمويلات تراكمية لصالح تمويل التجارة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مما جعلها مؤسسة رائدة في مجال توفير الحلول التجارية لاحتياجات الدول الأعضاء. وانطلاقا من رسالة المؤسسة في أن تكون محفِّزاً لتنمية التجارة البينية للدول وما هو أبعد من ذلك، تساعد المؤسسة الكيانات في هذه الدول على زيادة فرصها للحصول على تمويل تجاري وتوفر لها الأدوات اللازمة لبناء القدرات المتصلة بالتجارة والتي تمكنها من المنافسة بنجاح في الأسواق العالمية.
اتصلوا بنا على:
Twitter: @ITFCCORP
Facebook: @ITFCCORP
LinkedIn: International Islamic Trade Finance Corporation (ITFC)
نبذة عن منتدى الأعمال لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية – ثـــقــــة (THIQAH)
منتدى الأعمال لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية “ثـــقــة” هو نافذة مجموعة البنك التي تُيسر الاتصال والتنسيق بين مؤسساتها المعنية وشركات القطاع الخاص والمؤسسات ذات الصلة في الدول الأعضاء. ويتمثل الهدف الرئيسي المنشود من “ثقة” في إنشاء منبر فريد للحوار الفعال والتعاون والشراكة الشاملة لقادة الأعمال الملتزمين بالشراكة في الفرص الاستثمارية الواعدة. وسيستفيد منتدى “ثقة”، من خلال أداء دوره باعتباره ميسراً ومحفّزا، من موارد مجموعة البنك لمدّ المستثمرين بالخدمات الضرورية والثقة، وإقامة شراكات استراتيجية مع قادة القطاع الخاص. وسينصب التركيز في المقام الأول على تعزيز الاستثمار عبر الحدود بين الدول الأعضاء بدعم من منتجات مجموعة البنك وخدماتها المالية. (www.idbgbf.org).
الواقع والآفاق الإقتصاد الفلسطيني تحت ضغوط كبيرة خلال العام 2025
في ظل إستمرار التحدّيات المرتبطة بالتوترات السياسية والقيود الاقتصادية
شهد الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2024 بأكمله، وتحديداً خلال الربع الثالث منه، تراجعاً حاداً في الأداء نتيجة إستمرار العدوان الإسرائيلي وما نتج عنه من أضرار مباشرة وغير مباشرة على القطاعات الاقتصادية المختلفة، فقد إنخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 30.9% على أساس سنوي، مع تراجع إقتصاد الضفة الغربية بنسبة 19.5% وإقتصاد قطاع غزة بنسبة 86.8%، مما يعكس التأثير الكارثي للأحداث الجارية. ورافق هذا الإنكماش الإقتصادي إرتفاع كبير في معدّلات التضخُّم، حيث وصل إلى 55% على المستوى الوطني، مع تسجيل الضفة الغربية معدل تضخم بلغ 2.7%، بينما شهد قطاع غزة إرتفاعاً حاداً بنسبة 258.4%، متأثراً بشح الإمدادات والقيود المفروضة على دخول السلع الأساسية.
وفي ما يتعلق بسوق العمل، فقد إرتفع معدّل البطالة إلى 48% على المستوى الوطني، حيث بلغ في الضفة الغربية 30.7%، في حين وصلت البطالة في غزة إلى قرابة 80%، وهو ما يعكس توقف معظم الأنشطة الإقتصادية وإنعدام فرص العمل. كما شهدت الأجور تفاوتاً ملحوظاً، حيث إرتفع متوسط الأجر اليومي في الضفة الغربية بنسبة 2.4%، في حين ظل معدّل الأجور في غزة غير متوفر بسبب توقف غالبية النشاط الإقتصادي.
وعلى صعيد المالية العامة، سجّلت الإيرادات العامة والمنح تراجعاً بنسبة 16%، وذلك بسبب تراجع إيرادات الجباية المحلية بنسبة 39.8%، إضافة إلى إستمرار الإقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة. في المقابل، إرتفع رصيد الدين الحكومي بنسبة 30.7% ليصل إلى 4.1 مليار دولار، مما يعكس الضغوط المالية المتزايدة على السلطة الفلسطينية. أما في ما يتعلق بالتجارة الخارجية، فقد سجّل العجز في الحساب الجاري إرتفاعاً حاداً ليصل إلى 6.24% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة إنخفاض تعويضات العمال الفلسطينيين في إسرائيل وصافي الدخل المحوّل من الخارج، حيث إنخفض الأخير بنسبة 79.3% ليبلغ 275 مليون دولار، كما تراجع إجمالي الصادرات والواردات، مما أدى إلى تفاقم العجز التجاري بنسبة 45.2%.
ويُتوقع أن يظل الإقتصاد الفلسطيني تحت ضغوط كبيرة خلال العام 2025، حيث تشير التقديرات إلى إستمرار التحدّيات المرتبطة بالتوترات السياسية والقيود الإقتصادية، فمن المرجّح أن يستمر النمو الإقتصادي في الإنكماش، خصوصاً في ظل غياب إستثمارات جديدة وعدم إستقرار سوق العمل، كما يُتوقع إستمرار معدّلات التضخُّم المرتفعة، خصوصاً في قطاع غزة، نتيجة إستمرار شح الإمدادات.
واقع الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في فلسطين
تُعتبر الحوكمة البيئية والإجتماعية والمؤسسية إطاراً مهماً لضمان إستدامة القطاع المصرفي، حيث تُركز على الإلتزامات البيئية، والمسؤوليات الإجتماعية، ومعايير الحوكمة الرشيدة. وفي فلسطين، أُجريت دراسات لتقييم مدى تطبيق هذه المبادئ في المصارف المحلية، حيث أشارت دراسة بعنوان «مدى تطبيق مبادئ الحوكمة المؤسسية في المصارف الفلسطينية» وفق مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومبادئ لجنة